الاثنين، 30 مايو 2011

المتنبي في مصر


من مذكرات المتنبي في مصر
 للشاعر أمل دنقل
أكره لون الخمر فى القنينة
لكننى ادمنتها استشفاءا
لأننى منذ أتيت هذه المدينة
وصرت فى القصور ببغاءا
عرفت فيها الداءا
أمثل ساعة الضحى بين يدى كافور
ليطمئن قلبه ، فما يزال طيره المأسور
لا يترك السجن ولا يطير
أبصر تلك الشفة المثقوبة
 ووجهه المسود والرجولة المسلوبة
أبكى على العروبة
يومئ ، يستنشدنى أنشده عن سيفه الشجاع
وسيفه فى غمده ياكله الصدأ
وعندما يسقط جفناه الثقيلان وينكفئ
أسير مثقل الخطى فى ردهات القصر
أبصر أهل مصر
ينتظرونه ليرفعوا إليه المظلمات والرقاع !
جاريتى من حلب تسألنى متى نعود؟
قلت : الجنود يملأون نقط الحدود
ما بيننا وبين سيف الدولة .
قالت : سئمت من مصر ، ومن رخاوة الركود
فقلت : قد سئمت ـ مثلك ـ القيام
 بين يدى أميرها الأبله

لعنت كافورا
ونمت مقهورا
 (خولة ) تلك البدوية الشموس
لقيتها بالقرب من أريحا
سويعة ، ثم افترقنا دون أن نبوحا
لكنها كل مساء فى خواطرى تجوس
يفطر بالشوق وبالعتاب ثغرها العبوس
أشم وجهها الصبوحا
أضم صدرها الجموحا ......
سألت عنها القادمين فى القوافل
فأخبرونى أنها ظلت بسيفها تقاتل
فى الليل تجار الرقيق عن خبائها
حين أغاروا ثم غادروا شقيقها ذبيحا
والأب عاجزا كسيبحا
واختطفوها بينما الجيران يرنون من المنازل
يرتعدون جسدا وروحا
لا يجرؤون أن يغيثوا سيفها الطريحا ....
سألنى كافور عن حزنى
فقلت إنها تعيش الآن فى بيزنطة
شريدة كالقطة
تصيح واكافوراه ... واكافوراه ...
فصاح فى غلامه أن يشترى جارية رومية
تجلد كى تصيح واروماه ... واروماه
لكى يكون العين بالعين
والسن بالسن
فى الليل فى حضرة كافور أصابنى السأم
فى جلستى نمت ولم أنم
حلمت لحظة بكا
وجندك الشجعان يهتفون سيف الدولة
وأنت سيف تختفى فى هالة الغبار عند الجولة
ممتطيا جوادك الأشهب شاهرا حسامك الطويل المهلكا
تصرخ فى وجه جنود الروم
بصيحة الحرب فتسقط العيون فى الحلقوم
تخوض لا تبقى لهم إلى النجاة مسلكا
تهوى فلا غير الدماء والبكا
ثم تعود باسما.... ومنهكا
والصبية الصغار يهتفون فى حلب
يامنقذ العرب
يامنقذ العرب
حين تعود باسما ومنهكا
حلمت لحظة بكا
حين غفوت
لكننى حين صحوت
وجدت هذا السيد الرخوا
تصدر البهوا
يقص فى ندامة عن سيفه الصارم
وسيفه فى غمده يأكله الصدأ
وعندما يسقط جفناه الثقيلان وينكفئ
يبتسم الخادم
تسألنى جاريتى أن أكترى للبيت حراسا
فقد طغى اللصوص فى مصر بلا رادع
فقلت هذا سيفى القاطع
ضعيه خلف الباب متراسا
ما حاجتى للسيف مشهورا
ما دمت قد جاورت كافورا
 (عيد بأية حال عدت ياعيد)
بما مضى أم لأرضى فيك تهويد
 (نامت نواطير مصر عن عساكرها)
وحاربت بدلا منها الأناشيد
ناديت يا نيل هل تجرى المياه دما
لكى تفيض ويصحو الأهل إذ نودوا
عيد بأية حال عدت ياعيد 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا وسهلا

رحـلات وجـولات ورسائل لا تنـتهى للعقـل والـروح وأحـيانا للجـسـد عــبر نـوافــذ الادراك المعـروفـة والمجهولة تتـخطـى المكان والـزمان تـخـوض بحـار العـلم و تـكشـف أسـرار المـعرفة حربـا علـى الظــلام والتحاقا بالنـور بحـثا عـن الخيــر والجـمـال ووصــولا الى الـحـق