أبو فِراس الحَمَداني
320 - 357 هـ / 932 - 967 م
الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي الربعي، أبو فراس.
شاعر أمير، فارس، ابن عم سيف الدولة. له وقائع كثيرة، قاتل بها بين يدي سيف الدولة، وكان سيف الدولة يحبه ويجله ويستصحبه في غزواته ويقدمه على سائر قومه، وقلده منبج وحران وأعمالها، فكان يسكن بمنبج ويتنقل في بلاد الشام.
جرح في معركة مع الروم، فأسروه وبقي في القسطنطينية أعواماً، ثم فداه سيف الدولة بأموال عظيمة.
قال الذهبي: كانت له منبج، وتملك حمص وسار ليتملك حلب فقتل في تدمر، وقال ابن خلّكان: مات قتيلاً في صدد (على مقربة من حمص)، قتله رجال خاله سعد الدولة.
القصيدة
أراكَ عــصــيَّ الــدَّمْــعِ شـيــمَــتُــكَ الــصَّــبْــرُ أمــــا لِــلْــهَــوى نَــهْـــيٌ عــلــيــكَ و لا أمْــــرُ؟
بَـــلـــى، أنـــــا مُــشْـــتـــاقٌ وعـــنــــديَ لَـــوْعَــــةٌ ولـــكــــنَّ مِـــثْـــلـــي لا يُـــــــذاعُ لـــــــهُ سِـــــــرُّ!
إذا الـلّـيــلُ أَضْـوانــي بَـسَـطْــتُ يَــدَ الــهــوى وأذْلَــلْـــتُ دمْـــعـــاً مـــــن خَــلائــقِـــهِ الــكِــبْـــرُ
تَــكـــادُ تُــضِـــيْءُ الــنـــارُ بـــيـــن جَــوانِــحـــي إذا هـــــي أذْكَــتْـــهـــا الــصَّــبــابَـــةُ والــفِـــكْـــرُ
مُـعَــلِّــلَــتــي بــالــوَصْـــلِ، والـــمَــــوتُ دونَــــــهُ إذا مِـــــتُّ ظَــمْــآنـــاً فـــــلا نَـــــزَلَ الــقَـــطْـــرُ!
حَـــفِـــظْـــتُ وَضَـــيَّـــعْـــتِ الــــمَــــوَدَّةَ بــيْــنـــنـــا وأحْـسَــنُ مــن بـعــضِ الـوَفــاءِ لـــكِ الــعُــذْرُ
ومــــــــا هـــــــــذه الأيـــــــــامُ إلاّ صَـــحــــائــــفٌ ِلأحْــرُفِــهـــا مـــــن كَـــــفِّ كــاتِــبِــهــا بِـــشْـــرُ
بِـنَـفْـســي مــن الـغـاديــنَ فــي الـحــيِّ غـــادَةً هَـــــوايَ لـــهـــا ذنْـــــبٌ، وبَـهْــجَــتُــهــا عُــــــذْرُ
تَـــــروغُ إلـــــى الــواشــيـــنَ فـــــيَّ، وإنَّ لــــــي لأُذْنـــــاً بـــهـــا عـــــن كــــــلِّ واشِـــيَــــةٍ وَقْــــــرُ
بَـــــدَوْتُ، وأهـــلــــي حـــاضِــــرونَ، لأنّـــنــــي أرى أنَّ داراً، لــســـتِ مــــن أهــلِــهــا، قَــفْـــرُ
وحــارَبْـــتُ قَـــوْمـــي فـــــي هـــــواكِ، وإنَّـــهُـــمْ وإيّــــايَ، لــــو لا حُــبُّـــكِ الــمـــاءُ والــخَــمْـــرُ
فـــإنْ يــــكُ مــــا قــــال الــوُشـــاةُ ولــــمْ يَــكُـــنْ فــقــدْ يَــهْـــدِمُ الإيــمـــانُ مــــا شَــيَّـــدَ الــكــفــرُ
وَفَــيْـــتُ، وفـــــي بـــعـــض الـــوَفـــاءِ مَـــذَلَّـــةٌ، لإنـســانَــةٍ فـــي الــحَـــيِّ شـيـمَــتُــهــا الــغَـــدْر
وَقــــــورٌ، ورَيْـــعــــانُ الــصِّـــبـــا يَــسْــتَــفِــزُّهـــا، فَـــتَــــأْرَنُ، أحْـــيـــانـــاً كــــمــــا، أَرِنَ الـــمُـــهْـــرُ
تُـسـائــلُــنــي مــــن أنـــــتَ؟ وهـــــي عَــلــيــمَــةٌ وهــل بِـفَــتــىً مِـثْــلــي عــلــى حــالِــهِ نُــكْــرُ؟
فـقـلــتُ كـمــا شـــاءَتْ وشـــاءَ لــهــا الــهــوى: قَــتــيــلُــكِ! قـــالــــت: أيُّـــهــــمْ؟ فَـــهُــــمْ كُـــثْــــرُ
فـقــلــتُ لــهـــا: لــــو شَــئْـــتِ لــــم تَـتَـعَــنَّــتــي، ولــم تَـسْـألــي عَــنّــي وعــنــدكِ بـــي خُــبْــرُ!
فـقــالــتْ: لــقــد أَزْرى بـــكَ الــدَّهْـــرُ بَــعــدنــا فـقــلــتُ: مــعــاذَ اللهِ بــــل أنــــتِ لا الــدّهـــر
ومــــا كــــان لِــلأحْـــزان، ِ لــــولاكِ، مَــسْــلَــكٌ إلـى الـقـلــبِ، لـكــنَّ الـهــوى لِـلْـبِـلــى جِـسْــر
وتَــهْــلِــكُ بـــيـــن الـــهَـــزْلِ والـــجِـــدِّ مُــهْــجَـــةٌ إذا مـــا عَــداهــا الــبَــيْــنُ عَــذَّبــهــا الــهَــجْــرُ
فـأيْــقَــنْــتُ أن لا عِـــــزَّ بَـــعْـــدي لِــعــاشِـــقٍ، و أنّ يَـــــدي مـــمّـــا عَــلِــقْـــتُ بـــــهِ صِـــفْـــرُ
وقـــلَّـــبْـــتُ أَمـــــــري لا أرى لـــــــيَ راحَـــــــة،ً إذا الــبَــيْــنُ أنْــســانــي ألَــــحَّ بــــيَ الــهَــجْــرُ
فَــعُـــدْتُ إلــــى حُــكـــم الـــزّمـــانِ وحُــكــمِــهــا لـهــا الــذّنْــبُ لا تُــجْــزى بـــهِ ولـــيَ الــعُــذْرُ
كَــــأَنِّــــي أُنـــــــادي دونَ مَـــيْـــثـــاءَ ظَـــبْـــيَــــةً عــلـــى شَــــرَفٍ ظَــمْــيــاءَ جَـلَّــلَــهــا الـــذُّعْـــرُ
تَـــجَـــفَّـــلُ حـــيـــنـــاً، ثُـــــــمّ تَــــرْنــــو كـــأنّـــهــــا تُــنــادي طَـــلاًّ بــالــوادِ أعْــجَــزَهُ الـحَُــضْــرُ
فـــــلا تُــنْــكِــريــنــي، يــابْـــنَـــةَ الـــعَــــمِّ، إنّــــــهُ لَـيَــعْــرِفُ مـــن أنْـكَــرْتــهِ الــبَــدْوُ والــحَــضْــرُ
ولا تُــنْــكِــريــنــي، إنّـــنــــي غــــيــــرُ مُـــنْـــكَـــرٍ إذا زَلَّــــتِ الأقْـــــدامُ، واسْــتُــنْـــزِلَ الــنّــصْـــرُ
وإنّـــــــــــي لَــــــجَـــــــرّارٌ لِــــــكُـــــــلِّ كَـــتــــيــــبَــــةٍ مُــــعَــــوَّدَةٍ أن لا يُــــخِــــلَّ بــــهــــا الـــنَّـــصـــر
وإنّـــــــــــي لَــــــنَـــــــزَّالٌ بِــــــكـــــــلِّ مَــــخـــــوفَـــــةٍ كَــثــيـــرٍ إلـــــى نُــزَّالِــهـــا الــنَّـــظَـــرُ الـــشَّــــزْرُ
فَـأَظْــمَــأُ حــتـــى تَــرْتَـــوي الــبــيــضُ والــقَــنــا وأَسْــغَــبُ حــتــى يَـشــبَــعَ الــذِّئْــبُ والــنَّــسْــرُ
ولا أًصْـــبَــــحُ الـــحَــــيَّ الـــخُـــلُـــوفَ بــــغــــارَةٍ و لا الـجَـيْــشَ مــا لــم تـأْتِــهِ قَـبْـلِــيَ الــنُّــذْرُ
ويـــــا رُبَّ دارٍ، لــــــم تَــخَــفْــنـــي، مَــنــيــعَـــةً طَـلَــعْــتُ عـلـيــهــا بــالــرَّدى، أنــــا والــفَــجْــر
وحَــــــيٍّ رَدَدْتُ الــخَـــيْـــلَ حـــتّــــى مَــلَــكْــتُـــهُ هَـــزيـــمـــاً ورَدَّتْــــنــــي الـــبَـــراقِـــعُ والـــخُـــمْـــرُ
وســاحِـــبَـــةِ الأذْيــــــالِ نَـــحْــــوي، لَــقــيــتُــهـــا فـــلَـــم يَــلْــقَــهــا جـــافـــي الــلِّــقـــاءِ ولا وَعْــــــرُ
وَهَــبْـــتُ لــهـــا مــــا حـــــازَهُ الــجَــيْـــشُ كُـــلَّـــهُ ورُحْــــتُ ولــــم يُــكْــشَــفْ لأبْــيــاتِــهــا سِـــتْـــر
ولا راحَ يُــطْــغــيـــنـــي بـــأثـــوابِــــهِ الـــغِـــنــــى ولا بــــاتَ يَـثْـنــيــنــي عــــن الـــكَـــرَمِ الــفَــقْـــرُ
ومـــــا حــاجَــتـــي بــالــمـــالِ أَبْـــغـــي وُفــــــورَهُ إذا لـــم أَفِـــرْ عِــرْضــي فــــلا وَفَــــرَ الــوَفْـــرُ
أُسِـرْتُ ومـا صَـحْـبـي بـعُـزْلٍ لَـدى الـوَغـى، ولا فَــــرَســــي مُــــهْـــــرٌ، ولا رَبُّــــــــهُ غُــــمْـــــرُ
ولــكـــنْ إذا حُــــمَّ الــقَــضــاءُ عــلـــى امـــــرئٍ فـــلـــيْـــسَ لَـــــــهُ بَـــــــرٌّ يَـــقـــيـــهِ، ولا بَــــحْـــــرُ
وقــــال أُصَـيْــحــابــي: الــفِـــرارُ أو الــــرَّدى؟ فــقــلــتُ:هــمــا أمـــــــرانِ، أحْـــلاهُـــمـــا مُـــــــرُّ
ولــكــنّــنــي أَمْـــضـــي لِـــمــــا لا يَــعــيــبُــنــي، وحَـسْــبُــكَ مـــن أَمْــرَيــنِ خَـيــرُهــمــا الأَسْــــر
يَـقــولــونَ لـــي: بِــعْــتَ الـسَّــلامَــةَ بــالـــرَّدى فــقُــلْــتُ: أمــــا و اللهِ، مــــا نــالــنــي خُــسْـــرُ
وهــــلْ يَـتَــجــافــى عَــنّـــيَ الــمَـــوْتُ ســاعَـــةً إذا مــا تَـجــافــى عَــنّــيَ الأسْـــرُ والــضُّــرُّ؟
هــو الـمَــوتُ، فـاخْـتَــرْ مــا عَــلا لــكَ ذِكْـــرُهُ فــلــم يَــمُــتِ الإنــســانُ مـــا حَــيِـــيَ الــذِّكْـــرُ
ولا خَـــيْــــرَ فــــــي دَفْــــــعِ الــــــرَّدى بِــمَـــذَلَّـــةٍ كــمـــا رَدَّهـــــا، يـــومـــاً، بِــسَــوْءَتِـــهِ عَـــمْـــرُو
يَـــمُـــنُّـــونَ أن خَــــلُّـــــوا ثِـــيـــابــــي، وإنّــــمـــــا عـــلــــيَّ ثِـــيــــابٌ، مــــــن دِمــائِـــهِـــمُ حُـــمْــــرُ
وقـــائِـــمُ سَـــيْـــفٍ فــيــهِـــمُ انْـــــدَقَّ نَــصْـــلُـــهُ، وأعْــقـــابُ رُمْــــحٍ فــيــهُــمُ حُـــطِّـــمَ الـــصَّـــدْرُ
سَــيَــذْكُــرُنـــي قـــومــــي إذا جَــــــدَّ جِــــدُّهُــــمْ، وفــــي الـلّــيــلــةِ الـظَّــلْــمــاءِ يُـفْــتَــقَــدُ الـــبَـــدْرُ
فـــإنْ عِــشْــتُ فـالـطِّــعْــنُ الــــذي يَـعْــرِفــونَــهُ وتِـلْــكَ الـقَـنــا والـبـيــضُ والـضُّـمَّــرُ الـشُّــقْــرُ
وإنْ مُــــــــتُّ فـــالإنْـــســــانُ لابُــــــــدَّ مَـــــيِّـــــتٌ وإنْ طـــالَـــتِ الأيـــــامُ، وانْــفَــسَـــحَ الــعُــمْـــرُ
ولــو سَــدَّ غـيــري مــا سَـــدَدْتُ اكْـتَــفــوا بـــهِ ومـا كـان يَـغْـلــو الـتِّـبْــرُ لــو نَـفَــقَ الـصُّـفْــرُ
ونَــــحْــــنُ أُنـــــــاسٌ، لا تَــــوَسُّــــطَ عـــنـــدنـــا، لــنــا الــصَّــدْرُ دونَ الـعـالــمــيــنَ أو الــقَــبْــرُ
تَــهـــونُ عـلــيــنــا فــــي الـمــعــالــي نُـفــوسُــنــا ومـن خَـطَـبَ الـحَـسْـنـاءَ لـم يُـغْـلِـهــا الـمَـهْــرُ
أعَــزُّ بَــنــي الـدُّنــيــا وأعْــلــى ذَوي الــعُــلا، وأكْـــــرَمُ مَـــــنْ فَــــــوقَ الـــتُّــــرابِ ولا فَـــخْــــر
320 - 357 هـ / 932 - 967 م
الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي الربعي، أبو فراس.
شاعر أمير، فارس، ابن عم سيف الدولة. له وقائع كثيرة، قاتل بها بين يدي سيف الدولة، وكان سيف الدولة يحبه ويجله ويستصحبه في غزواته ويقدمه على سائر قومه، وقلده منبج وحران وأعمالها، فكان يسكن بمنبج ويتنقل في بلاد الشام.
جرح في معركة مع الروم، فأسروه وبقي في القسطنطينية أعواماً، ثم فداه سيف الدولة بأموال عظيمة.
قال الذهبي: كانت له منبج، وتملك حمص وسار ليتملك حلب فقتل في تدمر، وقال ابن خلّكان: مات قتيلاً في صدد (على مقربة من حمص)، قتله رجال خاله سعد الدولة.
إضغط لمشاهدة الأغنية |
القصيدة
أراكَ عــصــيَّ الــدَّمْــعِ شـيــمَــتُــكَ الــصَّــبْــرُ أمــــا لِــلْــهَــوى نَــهْـــيٌ عــلــيــكَ و لا أمْــــرُ؟
بَـــلـــى، أنـــــا مُــشْـــتـــاقٌ وعـــنــــديَ لَـــوْعَــــةٌ ولـــكــــنَّ مِـــثْـــلـــي لا يُـــــــذاعُ لـــــــهُ سِـــــــرُّ!
إذا الـلّـيــلُ أَضْـوانــي بَـسَـطْــتُ يَــدَ الــهــوى وأذْلَــلْـــتُ دمْـــعـــاً مـــــن خَــلائــقِـــهِ الــكِــبْـــرُ
تَــكـــادُ تُــضِـــيْءُ الــنـــارُ بـــيـــن جَــوانِــحـــي إذا هـــــي أذْكَــتْـــهـــا الــصَّــبــابَـــةُ والــفِـــكْـــرُ
مُـعَــلِّــلَــتــي بــالــوَصْـــلِ، والـــمَــــوتُ دونَــــــهُ إذا مِـــــتُّ ظَــمْــآنـــاً فـــــلا نَـــــزَلَ الــقَـــطْـــرُ!
حَـــفِـــظْـــتُ وَضَـــيَّـــعْـــتِ الــــمَــــوَدَّةَ بــيْــنـــنـــا وأحْـسَــنُ مــن بـعــضِ الـوَفــاءِ لـــكِ الــعُــذْرُ
ومــــــــا هـــــــــذه الأيـــــــــامُ إلاّ صَـــحــــائــــفٌ ِلأحْــرُفِــهـــا مـــــن كَـــــفِّ كــاتِــبِــهــا بِـــشْـــرُ
بِـنَـفْـســي مــن الـغـاديــنَ فــي الـحــيِّ غـــادَةً هَـــــوايَ لـــهـــا ذنْـــــبٌ، وبَـهْــجَــتُــهــا عُــــــذْرُ
تَـــــروغُ إلـــــى الــواشــيـــنَ فـــــيَّ، وإنَّ لــــــي لأُذْنـــــاً بـــهـــا عـــــن كــــــلِّ واشِـــيَــــةٍ وَقْــــــرُ
بَـــــدَوْتُ، وأهـــلــــي حـــاضِــــرونَ، لأنّـــنــــي أرى أنَّ داراً، لــســـتِ مــــن أهــلِــهــا، قَــفْـــرُ
وحــارَبْـــتُ قَـــوْمـــي فـــــي هـــــواكِ، وإنَّـــهُـــمْ وإيّــــايَ، لــــو لا حُــبُّـــكِ الــمـــاءُ والــخَــمْـــرُ
فـــإنْ يــــكُ مــــا قــــال الــوُشـــاةُ ولــــمْ يَــكُـــنْ فــقــدْ يَــهْـــدِمُ الإيــمـــانُ مــــا شَــيَّـــدَ الــكــفــرُ
وَفَــيْـــتُ، وفـــــي بـــعـــض الـــوَفـــاءِ مَـــذَلَّـــةٌ، لإنـســانَــةٍ فـــي الــحَـــيِّ شـيـمَــتُــهــا الــغَـــدْر
وَقــــــورٌ، ورَيْـــعــــانُ الــصِّـــبـــا يَــسْــتَــفِــزُّهـــا، فَـــتَــــأْرَنُ، أحْـــيـــانـــاً كــــمــــا، أَرِنَ الـــمُـــهْـــرُ
تُـسـائــلُــنــي مــــن أنـــــتَ؟ وهـــــي عَــلــيــمَــةٌ وهــل بِـفَــتــىً مِـثْــلــي عــلــى حــالِــهِ نُــكْــرُ؟
فـقـلــتُ كـمــا شـــاءَتْ وشـــاءَ لــهــا الــهــوى: قَــتــيــلُــكِ! قـــالــــت: أيُّـــهــــمْ؟ فَـــهُــــمْ كُـــثْــــرُ
فـقــلــتُ لــهـــا: لــــو شَــئْـــتِ لــــم تَـتَـعَــنَّــتــي، ولــم تَـسْـألــي عَــنّــي وعــنــدكِ بـــي خُــبْــرُ!
فـقــالــتْ: لــقــد أَزْرى بـــكَ الــدَّهْـــرُ بَــعــدنــا فـقــلــتُ: مــعــاذَ اللهِ بــــل أنــــتِ لا الــدّهـــر
ومــــا كــــان لِــلأحْـــزان، ِ لــــولاكِ، مَــسْــلَــكٌ إلـى الـقـلــبِ، لـكــنَّ الـهــوى لِـلْـبِـلــى جِـسْــر
وتَــهْــلِــكُ بـــيـــن الـــهَـــزْلِ والـــجِـــدِّ مُــهْــجَـــةٌ إذا مـــا عَــداهــا الــبَــيْــنُ عَــذَّبــهــا الــهَــجْــرُ
فـأيْــقَــنْــتُ أن لا عِـــــزَّ بَـــعْـــدي لِــعــاشِـــقٍ، و أنّ يَـــــدي مـــمّـــا عَــلِــقْـــتُ بـــــهِ صِـــفْـــرُ
وقـــلَّـــبْـــتُ أَمـــــــري لا أرى لـــــــيَ راحَـــــــة،ً إذا الــبَــيْــنُ أنْــســانــي ألَــــحَّ بــــيَ الــهَــجْــرُ
فَــعُـــدْتُ إلــــى حُــكـــم الـــزّمـــانِ وحُــكــمِــهــا لـهــا الــذّنْــبُ لا تُــجْــزى بـــهِ ولـــيَ الــعُــذْرُ
كَــــأَنِّــــي أُنـــــــادي دونَ مَـــيْـــثـــاءَ ظَـــبْـــيَــــةً عــلـــى شَــــرَفٍ ظَــمْــيــاءَ جَـلَّــلَــهــا الـــذُّعْـــرُ
تَـــجَـــفَّـــلُ حـــيـــنـــاً، ثُـــــــمّ تَــــرْنــــو كـــأنّـــهــــا تُــنــادي طَـــلاًّ بــالــوادِ أعْــجَــزَهُ الـحَُــضْــرُ
فـــــلا تُــنْــكِــريــنــي، يــابْـــنَـــةَ الـــعَــــمِّ، إنّــــــهُ لَـيَــعْــرِفُ مـــن أنْـكَــرْتــهِ الــبَــدْوُ والــحَــضْــرُ
ولا تُــنْــكِــريــنــي، إنّـــنــــي غــــيــــرُ مُـــنْـــكَـــرٍ إذا زَلَّــــتِ الأقْـــــدامُ، واسْــتُــنْـــزِلَ الــنّــصْـــرُ
وإنّـــــــــــي لَــــــجَـــــــرّارٌ لِــــــكُـــــــلِّ كَـــتــــيــــبَــــةٍ مُــــعَــــوَّدَةٍ أن لا يُــــخِــــلَّ بــــهــــا الـــنَّـــصـــر
وإنّـــــــــــي لَــــــنَـــــــزَّالٌ بِــــــكـــــــلِّ مَــــخـــــوفَـــــةٍ كَــثــيـــرٍ إلـــــى نُــزَّالِــهـــا الــنَّـــظَـــرُ الـــشَّــــزْرُ
فَـأَظْــمَــأُ حــتـــى تَــرْتَـــوي الــبــيــضُ والــقَــنــا وأَسْــغَــبُ حــتــى يَـشــبَــعَ الــذِّئْــبُ والــنَّــسْــرُ
ولا أًصْـــبَــــحُ الـــحَــــيَّ الـــخُـــلُـــوفَ بــــغــــارَةٍ و لا الـجَـيْــشَ مــا لــم تـأْتِــهِ قَـبْـلِــيَ الــنُّــذْرُ
ويـــــا رُبَّ دارٍ، لــــــم تَــخَــفْــنـــي، مَــنــيــعَـــةً طَـلَــعْــتُ عـلـيــهــا بــالــرَّدى، أنــــا والــفَــجْــر
وحَــــــيٍّ رَدَدْتُ الــخَـــيْـــلَ حـــتّــــى مَــلَــكْــتُـــهُ هَـــزيـــمـــاً ورَدَّتْــــنــــي الـــبَـــراقِـــعُ والـــخُـــمْـــرُ
وســاحِـــبَـــةِ الأذْيــــــالِ نَـــحْــــوي، لَــقــيــتُــهـــا فـــلَـــم يَــلْــقَــهــا جـــافـــي الــلِّــقـــاءِ ولا وَعْــــــرُ
وَهَــبْـــتُ لــهـــا مــــا حـــــازَهُ الــجَــيْـــشُ كُـــلَّـــهُ ورُحْــــتُ ولــــم يُــكْــشَــفْ لأبْــيــاتِــهــا سِـــتْـــر
ولا راحَ يُــطْــغــيـــنـــي بـــأثـــوابِــــهِ الـــغِـــنــــى ولا بــــاتَ يَـثْـنــيــنــي عــــن الـــكَـــرَمِ الــفَــقْـــرُ
ومـــــا حــاجَــتـــي بــالــمـــالِ أَبْـــغـــي وُفــــــورَهُ إذا لـــم أَفِـــرْ عِــرْضــي فــــلا وَفَــــرَ الــوَفْـــرُ
أُسِـرْتُ ومـا صَـحْـبـي بـعُـزْلٍ لَـدى الـوَغـى، ولا فَــــرَســــي مُــــهْـــــرٌ، ولا رَبُّــــــــهُ غُــــمْـــــرُ
ولــكـــنْ إذا حُــــمَّ الــقَــضــاءُ عــلـــى امـــــرئٍ فـــلـــيْـــسَ لَـــــــهُ بَـــــــرٌّ يَـــقـــيـــهِ، ولا بَــــحْـــــرُ
وقــــال أُصَـيْــحــابــي: الــفِـــرارُ أو الــــرَّدى؟ فــقــلــتُ:هــمــا أمـــــــرانِ، أحْـــلاهُـــمـــا مُـــــــرُّ
ولــكــنّــنــي أَمْـــضـــي لِـــمــــا لا يَــعــيــبُــنــي، وحَـسْــبُــكَ مـــن أَمْــرَيــنِ خَـيــرُهــمــا الأَسْــــر
يَـقــولــونَ لـــي: بِــعْــتَ الـسَّــلامَــةَ بــالـــرَّدى فــقُــلْــتُ: أمــــا و اللهِ، مــــا نــالــنــي خُــسْـــرُ
وهــــلْ يَـتَــجــافــى عَــنّـــيَ الــمَـــوْتُ ســاعَـــةً إذا مــا تَـجــافــى عَــنّــيَ الأسْـــرُ والــضُّــرُّ؟
هــو الـمَــوتُ، فـاخْـتَــرْ مــا عَــلا لــكَ ذِكْـــرُهُ فــلــم يَــمُــتِ الإنــســانُ مـــا حَــيِـــيَ الــذِّكْـــرُ
ولا خَـــيْــــرَ فــــــي دَفْــــــعِ الــــــرَّدى بِــمَـــذَلَّـــةٍ كــمـــا رَدَّهـــــا، يـــومـــاً، بِــسَــوْءَتِـــهِ عَـــمْـــرُو
يَـــمُـــنُّـــونَ أن خَــــلُّـــــوا ثِـــيـــابــــي، وإنّــــمـــــا عـــلــــيَّ ثِـــيــــابٌ، مــــــن دِمــائِـــهِـــمُ حُـــمْــــرُ
وقـــائِـــمُ سَـــيْـــفٍ فــيــهِـــمُ انْـــــدَقَّ نَــصْـــلُـــهُ، وأعْــقـــابُ رُمْــــحٍ فــيــهُــمُ حُـــطِّـــمَ الـــصَّـــدْرُ
سَــيَــذْكُــرُنـــي قـــومــــي إذا جَــــــدَّ جِــــدُّهُــــمْ، وفــــي الـلّــيــلــةِ الـظَّــلْــمــاءِ يُـفْــتَــقَــدُ الـــبَـــدْرُ
فـــإنْ عِــشْــتُ فـالـطِّــعْــنُ الــــذي يَـعْــرِفــونَــهُ وتِـلْــكَ الـقَـنــا والـبـيــضُ والـضُّـمَّــرُ الـشُّــقْــرُ
وإنْ مُــــــــتُّ فـــالإنْـــســــانُ لابُــــــــدَّ مَـــــيِّـــــتٌ وإنْ طـــالَـــتِ الأيـــــامُ، وانْــفَــسَـــحَ الــعُــمْـــرُ
ولــو سَــدَّ غـيــري مــا سَـــدَدْتُ اكْـتَــفــوا بـــهِ ومـا كـان يَـغْـلــو الـتِّـبْــرُ لــو نَـفَــقَ الـصُّـفْــرُ
ونَــــحْــــنُ أُنـــــــاسٌ، لا تَــــوَسُّــــطَ عـــنـــدنـــا، لــنــا الــصَّــدْرُ دونَ الـعـالــمــيــنَ أو الــقَــبْــرُ
تَــهـــونُ عـلــيــنــا فــــي الـمــعــالــي نُـفــوسُــنــا ومـن خَـطَـبَ الـحَـسْـنـاءَ لـم يُـغْـلِـهــا الـمَـهْــرُ
أعَــزُّ بَــنــي الـدُّنــيــا وأعْــلــى ذَوي الــعُــلا، وأكْـــــرَمُ مَـــــنْ فَــــــوقَ الـــتُّــــرابِ ولا فَـــخْــــر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق