الاثنين، 30 مايو 2011

معلقة عمرو بن كلثوم


معلقة عمرو بن كلثوم
ألا هُـبـي بصحـنـك فاصبحيـنـا ... و لاُ تبـقـي خـمـور الأنـدريـنـا
مشعشـةً كـأن الجُـص فيهـا ... إذا مـا المـاءُ خالطـهـا سخيـنـا
تجـورُ بـذي اللُبـانـة عــن هــواهُ ... إذا مــا ذاقـهـا حـتـى يليـنـا
تـرى اللحـز الشحيـح إذا أُمـرت ... علـيـه لمـالـه فيـهـا مُهيـنـا
صنبت الكأس عنا أم عمرو ... و كان الكـأسُ مجراهـا اليمينـا
و مـا شـرُ الثـلاثـة أم عـمـروٍ ... بصاحـبـك الــذي لا تصبحيـنـا
و كأسٍ قد شربـتُ ببعلبـك ... و أخـرى فـي دمشـق و قاصرينـا
و أنـــا ســـوف تـدركُـنـا المـنـايـا ... مـقــدرةً لـنــا و مـقـدريـنـا
قـفـي قـبـل التـفـرق يــا ظعيـنـا ... نخـبـرك اليقـيـن و تُخبـريـنـا
قفي نسألك هل أحدثت صرماً ... لوشـك البيـن أم خنـت الأمنيـا
بـيـومٍ كريـهـةٍ ضـربـاً و طعـنـاً ... أمــر بــه مـوالـيـك العُـيـونـا
و إن غــداً و إن الـيـوم رهــن ... و بـعـد غــدٍ بـمـا لا تعلمـيـنـا
تُريـك إذا دخلـت علـى خـلاءٍ ... و قـد أمنـت عيـون الكاشحينـا
ذراعـي عيطـلٍ أدمـاء بكـرٍ ... هـجـان الـلـون لــم تـقـرأ جنيـنـا
وثـديـاً مـثـل حُــق رخـصـاً ... حصـانـاً مـــن أكـــف اللامسـيـنـا
و متنـي كدنـةٍ سمقـت و طالـت ... روادفُـهُـا تـنُـوءُ بـمـا وليـنـا
ومأكمةً يضيـقُ البـابُ عنهـا ... و كشحـاً قـد جُننـتُ بهـا جنونـا
وساريـتـي بلـنـطٍ أو رُخــامٍ ... يــرنُ خـشـاشُ حليـهـمـا رنـيـنـا
فـمـا وجــدت كـوجـدي أمُ سـقـبٍ ... أضلـتـه فـرجـعـت الحنـيـنـا
ولا شمطـاءُ لــم يـتـرك شقـاهـا ... لـهـا مــن تسـعـةٍ إلا جنيـنـا
تذكـرتُ الصبـا و اشتقـتُ لمـا ... رأيـتُ حموكهـا أصــلاً حُديـنـا
فأعرضـت اليمامـةُ واشمخـرت ... كأسـيـافٍ بـأيـدي مُصليتـنـا
أبــا هـنـدٍ فـــلا تـعـجـل علـيـنـا ... و أنـظـرنـا نـخـبـرك اليقـيـنـا
بأنـا نــوردُ الـرايـات بيـضـاً ... و نصـدرُهُـن حُـمـرا قــد رويـنـا
و أيــامٍ لـنـا غُــرٍ طــوالٍ ... عصـيـنـا الـمـلـك مـنـهـا أن نـديـنـا
وسيـد معشـرٍ قـد تـوجـوهُ ... بـتـاج المـلـك يحـمـي المحجريـنـا
تـركـنـا الـخـيـل عـاكـفـةً عـلـيـه ... مـقـلـدةً أعـنـتـهـا صـفـونــا
و أنزلنا البيوت بذي طُلـوح ... إلـى الشامـات تنفـي الموعدينـا
و قـد هــرت كــلابُ الـحـي مـنـا ... و شذبـنـا قـتـادة مــن يليـنـا
متـى ننقـل إلـى قـومٍ رحانـا ... يكونـوا فـي اللقـاء لـهـا طحيـنـا
يـكـونُ ثفالُـهـا شـرقـي نـجـدٍ ... و لهوتُـهـا قُـضـاعـةُ أجمعـيـنـا
نزلتُـم منـزل الأضيـاف مـنـا ... فأعجلـنـا الـقـرى أن تشتمـونـا
قرينـاكـمُ فعجـلـنـا قـراكــم ... قـبـيـل الـصُـبـح مـــرداةً طـحُـونـا
نـعُـمُ أُناسـنـا و نـعـفُ عنـهُـم ... و نحـمـلُ عنـهُـمُ مــا حمـلـونـا
نُطاعنُ ما تراخى الناسُ عنا ... و نضربُ بالسُيُوف إذا غُشينـا
بسُـمـرٍ مــن قـنـا الخـطـي لُــدنٍ ... ذوابــل أو ببـيـضٍ يختلـيـنـا
كــأن جمـاجـم الأبـطـال فيـهـا ... و سُــوقٌ بالأمـاعـز يرتمـيـنـا
نشُـقُ بهـا رُؤوس القـوم شـقـاً ... و نختـلـبُ الـرقـاب فتختليـنـا
و إن الضغن بعد الضغن يبدُو ... عليك و يُخـرجُ الـداء الدفينـا
ورثنـا المجـد قــد علـمـت مـعـدٌ ... نطـاعـنُ دونــهُ حـتـى يبيـنـا
و نحنُ إذا عمادُ الحي خرت ... عن الأحفـاض نمنـعُ مـن يلينـا
نـجـذُ رؤوسـهـم فــي غـيـر بــر ... فـمـا يــدرون مــاذا يتـقـونـا
كـــأن سُيُـوفـنـا مـنــا و مـنـهُـم ... مـخـاريـقٌ بـأيــدي لاعبـيـنـا
كــأن ثيـابـنـا مـنــا و مـنـهُـم ... خُـضـبـن بـأُرجــوانٍ أو طلـيـنـا
إذا ماعـي بالأسنـاف حــيُ ... مــن الـهـول المشـبـه أن يكـوُنـا
نصبـنـا مـثـل رهــوة ذات حــدٍ ... محـافـظـةً و كـنــا السابقـيـنـا
بُشبـانٍ يـرون القتـل مجـداً ... و شيـبٍ فـي الـحـروب مُجربيـنـا
حُـديـا الـنـاس كلـهـم جميـعـاً ... مُقـارعـةً بنـيـهـم عـــن بنـيـنـا
فـأمـا يــوم خشيتـنـا عليـهـم ... فتُصـبـحُ خيلـنُـا عُـصـبـاً بثُـيـنـا
و أمــا يـــوم لا نـخـشـى علـيـهـم ... فنُـمـعـنُ غـــارةً مُتلببـيـنـا
برأسٍ من بني جُشم بن بكـرٍ ... نـدُفُ بـه السُهولـة و الحُزُونـا
ألا لا يـعـلـمُ الأقـــوامُ أنـــا ... تضعضـعـنـا و أنـــا قــــد ونـيـنــا
ألا لا يجهـلـن أحــدٌ عليـنـا ... فنجـهـل فــوق جـهـل الجاهلـيـنـا
بــأي مشيـئـةٍ عـمـر بــن هـنـدٍ ... نـكـونُ لقيلـكـم فيـهـا قطـيـنـا
بـأي مشيئـةٍ عمـر بـن هنـدٍ ... تُطـيـعُ بـنـا الـوُشـاة و تزدريـنـا
تـهـددُنـا و أوعـدنــا رُويـــداً ... مــتــى كُــنــا لأمــــك مُقـتـويـنـا
فـإن قناتنـا يـا عمـرُو أعيـت ... علـى الأعـداء قبـلـك أن تليـنـا
إذا عـض الثقـاف بـهـا اشـمـأزت ... وولـتـهُ عشـوزنـةً زبُـونـا
عشوزنـةً إذا انقلبـت أرنـت ... تـشـجُ قـفـا المُثـقـف و الجبيـنـا
فهـل حُدثـت فـي جُشـم بـن بكـرٍ ... بنقـصٍ فـي خُطـوب الأولينـا
ورثنا مجد علقمـة بـن سيـفٍ ... أبـاح لنـا حُصـون المجـد دينـا
ورثـتُ مُهلهـلاً و الخيـر منـهُ ... زُهـيـراً نـعـم ذُخــرُ الذاخريـنـا
و عتـابـاً و كلثـومـاً جمـيـعـاً ... بـهــم نـلـنـا تُـــراث الأكرمـيـنـا
و ذا البُرة الذي حُدثـت عنـهُ ... بـه نُحمـى و نحمـي المُححرينـا
و مـنـا قبـلـهُ السـاعـي كلـيـبٌ ... فــأيُ الـمـجـد إلا قـــد ولـيـنـا
مـتـى نعـقـد قرينتـنـا بجـبـلٍ ... تـجـذ الحـبـل أو تـقـص القـريـنـا
و نوجـدُ نحـنُ أمنعـهُـم ذمــاراً ... و أوفـاهُـم إذا عـقـدُوا يميـنـا
و نحـن غـداة أُوقـد فـي خـزارى ... رفدنـا فـوق رفـد الرافدينـا
و نحنُ الحابسُون بذي أراطى ... تسـفُ الجلـةُ الخُـورا الدرينـا
و نحـنُ الحاكمُـون إذا أُطعنـا ... و نحـنُ العازمُـون إذا عُصينـا
و نحنُ العاركون لما سخطنـا ... و نحـنُ الآخـذُون لمـا رضينـا
و كُـنـا الأيمنـيـن إذا التقيـنـا ... و كــان الأيسـريـن بـنُـو أبـيـنـا
فصالُـوا صولـةً فيمـن يليهـم ... و صُلـنـا صـولـةً فيـمـن يليـنـا
فـآبُــوا بالـنـهـاب و بالسـبـايـا ... و إبـنــا بالـمُـلـوك مُصفـديـنـا
إليـكُـم يــا بـنـي بـكــرٍ إلـيـكُـم ... ألـمــا تـعـرفُـوا مـنــا اليقـيـنـا
ألـمــا تعـلـمـوا مـنــا و مـنـكُـم ... كـتـائـب يـطـعـن و يرتـمـيـنـا
علينـا البيـضُ و اليلـبُ اليمانـي ... و أسيـافٌ يقُمـن و ينحنيـنـا
علينـا كُـلُ سابغـةٍ دلاصٍ ... تـرى فـوق النـطـاق لـهـا غُضُـونـا
إذا وُضعت عن الأبطال يومـاً ... رأيـت لهـا جلـود القـوم جُونـا
كـأنً غُضُونـهُـن مـتـونُ غــدرٍ ... تُصفقُـهـا الـريـاحُ إذا جريـنـا
و تحملُنـا غــداة الــروع جُــروٌ ... عُـرفـن لـنـا نفـائـذ وافتُليـنـا
و ردن دوارعـاً و خرجـن شُعثـاً ... كأمثـال الرصائـع قـد بليـنـا
و رثنـاهُـن عــن آبــاء صـــدقٍ ... و نُـورثُـهـا إذا مُـتـنـا بنـيـنـا
عـلـى آثـارنـا بـيـضٌ حـسـانُ ... تُـحــاذرُ أن تـقـسـم أو تـهـوُنـا
أخــذن عـلـى بُعُولتـهـن عـهـداً ... إذا لاقــوا كـتـائـب مُعلمـيـنـا
ليستلبُـن أفـراسـاً و بيـضـاً ... و أُســرى فــي الحـديـد مُقرنيـنـا
تـرانـا بـارزيـن و كــلُ حـــيٍ ... قـــد اتـخــذوا مخافـتـنـا قـريـنـا
إذا ما رُحنا يمشين الهُوينى ... كما اضطربت مُتُـونُ الشاربينـا
يـقُـتـن جـيـادنـا و يـقُـلـن لـسـتُـم ... بُعُولـتـنـا إذا لـــم تمنـعـونـا
ظعائن من بنـي جُشـمٍ بـن بكـرٍ ... خلطـن بميسـم حسبـاً و دينـا
و ما منع الظعائن مثلُ ضـربٍ ... تـرى منـهُ السواعـد كالقلينـا
كـأنـا و السُـيُـوف مُسـلـلاتٌ ... ولـدنـا الـنـاس طُـــراً أجمعـيـنـا
يُدهـدون الـرُؤوس كمـا تُدهـدي ... حـزاورةٌ بأبطحـهـا الكُريـنـا
و قــد عـلـم القبـائـلُ مـــن مـعــدٍ ... إذا قُـبــبٌ بأبطـحـهـا بنـيـنـا
بـأنـا المطعـمُـون إذا قـدرنـا ... و أنـــا المُهـلـكـون إذا ابتُلـيـنـا
و أنـا المانعـوُن لـمـا أردنــا ... و أنــا النـازلـون بحـيـثُ شيـنـا
و أنــا التـاركـون إذا سخطـنـا ... و أنــا الآخــذون إذا رضـيـنـا
و أنـا العاصمـون إذا أُطعـنـا ... و أنــا العـازمـون إذا عُصيـنـا
و نشربُ إن وردنا الماء صفواً ... و يشربُ غيرُنا كدراً و طينا
ألا أبلـغ بـنـي الطـمـاح عـنـا ... و دُعمـيـاً فكـيـف وجــد يمـوُنـا
إذا مـا الملـكُ سـام النـاس خسفـاً ... أبينـا أن نُـقـر الــذل فيـنـا
ملأنـا البـر حتـى ضــاق عـنـا ... ومــاءُ البـحـر نمـلـؤه سفيـنـا
إذا بـلـغ الفـطـام لـنـا صـبـيٌ ... تـخـرُ لـــهُ الجـبـابـرُ ساجـديـنـا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا وسهلا

رحـلات وجـولات ورسائل لا تنـتهى للعقـل والـروح وأحـيانا للجـسـد عــبر نـوافــذ الادراك المعـروفـة والمجهولة تتـخطـى المكان والـزمان تـخـوض بحـار العـلم و تـكشـف أسـرار المـعرفة حربـا علـى الظــلام والتحاقا بالنـور بحـثا عـن الخيــر والجـمـال ووصــولا الى الـحـق