يقدمون امواتهم طعاما للنسور
ليس جميع الشعوب تقوم بدفن موتاها في الارض، كما تعتقد الغالبية منا اليوم، على خلفية الاية القرآنية التي تقول : (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ) سورة المائدة 31. وانما هناك العديد من الطرق التي تحكمها العادات والتقاليد والطقوس الدينية منها مثلا اكل جثة الميت من قبل اقربائه واصدقائه احتراما له ولعائلته، او تقديم الجثة طعاما للطيور الجارحة النبيلة عوضا عن تركها ليرقات الذباب والبكتريا المهينة.
في جبال التيبت تسود عادة تقديم جثث الاموات الى الطيور الكاسرة في قمم الجبال، حيث ان إطعام الجسد للطيور النبيلة اكثر تشريفاً من تركه طعاما لديدان الارض المهينة. هذا الامر يسمى الدفن السماوي. كان الجسد يجري تعريته ويوضع في مكان خاص يجري تجهيزه في قمة الجبال، حيث مسكن الطيور الكاسرة. هذه العادة تسمى sky burial وباللغة المحلية للتيبت تسمى: Wylie bya gtor وتعني " إعطاء الوعاء للطيور".
غالبية اهل التيبت ينتمون الى الديانة الهندوسية التي تعتقد بأزلية الروح وعودتها في صورة جديدة. لهذا السبب فإن الجسد بعد الموت لايزيد عن ان يكون وعاء فارغ لامبرر للحغاظ عليه. من هنا كان الخيار اما إعطائه للطيور النبيلة او تركه لديدان الارض، ولذلك يفضلون تقديمه طعاما للطيور تعبيرا عن الاحترام. إضافة الى ذلك فإن اراضي التيب في اغلبها ذات تربة غير عميقة وصلبة او من الصخور الجبلية او المناطق الدائمة التجمد وبالتالي من الصعب حفرها، كما ان البلاد فقيرة بالاشجار مما يمنع إمكانية حرق الجثة كما هو الحال في الهند مثلا، مما يجعل فكرة الدفن السماوي اكثر عملية.
هذا النوع من الدفن ويسمى Jhator يعتبر متطابقا مع المضمون الانساني للديانة الهندوسية التي تقوم على الانسجام والتكافل بين مكونات الطبيعة، حيث يكون الناس سعيدين ان يتكرموا بجعل جسدهم طعاما لاستمرار الحياة عوضا عن العمل على تحنيطه وحفظه. بالمفهوم الهندوسي يكون الجسد بعد ان غادرته الروح مجرد لحم فقط، لم يعد له وظيفة اخرى. بعد احتلال الصين للتيبت في الستينات، قامت السلطات الصينية بمنع هذا النوع من الدفن، الا انها عادت وسمحت به في الثمانينات، غير ان هذا النوع من الطقوس يجري فقط في اماكن محددة. هذه الاماكن يمكن ان تكون بسيطة للغاية لاتزيد عن المنحدرات الجبلية ذاتها او يمكن ان يكون هناك معبد خصيصا لها، مثل معبد Drigung Monastery. طقوس المعابد غالية، للك فمن لايملك المال يختار وضع الجثة في اعالي الجبال مباشرة
في المعبد يجري تبخير الجثة بالبخور قبل يوم من تركها في قمم الجبل. والشخص الذي يقوم بتحضير الجثة يمارس عمله وهو يضحك تماما كما لو ان الجثة لشخص حي. ذلك انهم يعتقدون ان الشخص في روحه وهي لاتموت وانما انتقلت الى مستوى اخر في إنتظار لحظة التجسد في جسد جديد. كما ان التعامل الطبيعي يساعد الروح على الاطمئنان والانتقال الى مكانتها التالية.
في اغلب الاحيان يجري تقديم الجسم كاملا للطيور الكبيرة. عندما لايبقى الا العظام يكون الهيكل محطما بمخالب الطيور الكبيرة القوية. العظام يجري بعد ذلك سحقها وخلطها مع بودرة الحليب والزبدة وتقديمها الى الطيور الاصغر. في بعض الاحيان يجري نزع اللحم عن العظام وتقديمهم على حده او يجري سحق العظام وخلطه باللحم قبل تقديمهم للطيور.
في بعض المناطق التي يجري فيها تقديم الكثير من الجثث يوميا للطيور يحدث احيانا تقديم طقوس رقص من اجل تحفيز الطيور على الاكل، إذ يعتقد ان عدم اكل الطيور الطيور للجثة او ترك قسم منها هو اشارة غير طيبة. في اماكن اخرى حيث يقدم جثث اقل تكون الطيور اكثر تنافسا ويحتاج الخدم الى استخدام العصا للسيطرة على الموقف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق