الثلاثاء، 24 مايو 2011

قدم امير اشعراء احمد شوقي قصيدته نهج البرده عارض بها قصيدة البرده للبصيري ...واليكم الاثنتان


البـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــرده



للبوصيري





مولاي صلــــي وسلــــم دائمـــاً أبــــدا

علـــى حبيبــــك خيــر الخلق كلهـم



أمن تذكــــــر جيــــــرانٍ بذى ســــــلم

مزجت دمعا جَرَى من مقلةٍ بـــــدم



َمْ هبَّــــت الريـــــحُ مِنْ تلقاءِ كاظمــةٍ

وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضم



فما لعينيك إن قلت اكْفُفاهمتـــــــــــــــا

وما لقلبك إن قلت استفق يهـــــــــم



أيحسب الصب أن الحب منكتـــــــــــم

ما بين منسجم منه ومضطــــــــرم



لولا الهوى لم ترق دمعاً على طـــــللٍ

ولا أرقت لذكر البانِ والعلــــــــــمِ



فكيف تنكر حباً بعد ما شـــــــــــــهدت

به عليك عدول الدمع والســـــــــقمِ



وأثبت الوجد خطَّيْ عبرةٍ وضــــــــنى

مثل البهار على خديك والعنــــــــم



نعم سرى طيف من أهوى فأرقنـــــــي

والحب يعترض اللذات بالألــــــــمِ



يا لائمي في الهوى العذري معـــــذرة

مني إليك ولو أنصفت لم تلــــــــــمِ



عدتك حالي لا سري بمســــــــــــــتتر

عن الوشاة ولا دائي بمنحســـــــــم



محضتني النصح لكن لست أســـــمعهُ

إن المحب عن العذال في صــــــممِ



إنى اتهمت نصيح الشيب في عـــــذلي

والشيب أبعد في نصح عن التهـــتـمِ



في التحذير من هوى النفس



مولاي صلــــي وسلــــم دائمـــاً أبــــدا

علـــى حبيبــــك خيــر الخلق كلهـم



فإن أمارتي بالسوءِ ما أتعظــــــــــــــت

من جهلها بنذير الشيب والهــــرم



ولا أعدت من الفعل الجميل قــــــــــرى

ضيف ألم برأسي غير محتشــــــم



لو كنت أعلم أني ما أوقــــــــــــــــــــره

كتمت سراً بدا لي منه بالكتــــــــمِ



من لي برِّ جماحٍ من غوايتهـــــــــــــــا

كما يردُّ جماح الخيلِ باللُّجـــــــــُم



فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتهــــــــــا

إن الطعام يقوي شهوة النَّهـــــــــم



والنفس كالطفل إن تهملهُ شبَّ علــــى

حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطــــم



فاصرف هواها وحاذر أن توليــــــــــه

إن الهوى ما تولى يصم أو يصـــــم



وراعها وهي في الأعمالِ ســــــــائمةٌ

وإن هي استحلت المرعى فلا تسم



كم حسنت لذةً للمرءِ قاتلــــــــــــــــــة

من حيث لم يدرِ أن السم فى الدسم



واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبع

فرب مخمصةٍ شر من التخـــــــــــم



واستفرغ الدمع من عين قد امتـــلأت

من المحارم والزم حمية النـــــــدمِ



وخالف النفس والشيطان واعصهمــا

وإن هما محضاك النصح فاتَّهِـــــم



ولا تطع منهما خصماً ولا حكمـــــــــاً

فأنت تعرف كيد الخصم والحكـــــم



أستغفر الله من قولٍ بلا عمـــــــــــــلٍ

لقد نسبتُ به نسلاً لذي عُقــــــــــُم



أمْرتُك الخير لكن ما ائتمرت بــــــــــه

وما اســـــتقمت فما قولى لك استقمِ



ولا تزودت قبل الموت نافلــــــــــــــةً

ولم أصل سوى فرض ولم اصـــــم



في مدح سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم





مولاي صلــــي وسلــــم دائمـــاً أبــــدا

علـــى حبيبــــك خيــر الخلق كلهـم



ظلمت سنة من أحيا الظلام إلــــــــــى

أن اشتكت قدماه الضر مــــــن ورم



وشدَّ من سغب أحشاءه وطــــــــــوى

تحت الحجارة كشحاً متـــــرف الأدم



وراودته الجبال الشم من ذهــــــــــبٍ

عن نفسه فأراها أيما شـــــــــــــــمم



وأكدت زهده فيها ضرورتـــــــــــــــه

إن الضرورة لا تعدو على العصــــم



وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة مـــن

لولاه لم تخرج الدنيا من العـــــــــدمِ



محمد ســـــــــــــــيد الكونين والثقليـ

ن والفريقين من عرب ومن عجـــــمِ



نبينا الآمرُ الناهي فلا أحـــــــــــــــــدٌ

أبر في قولِ لا منه ولا نعـــــــــــــــــم



هو الحبيب الذي ترجى شــــــــفاعته

لكل هولٍ من الأهوال مقتحـــــــــــــــم



دعا إلى الله فالمستسكون بــــــــــــه

مستمسكون بحبلٍ غير منفصـــــــــــم



فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلــــــــُقٍ

ولم يدانوه في علمٍ ولا كـــــــــــــــرم



وكلهم من رسول الله ملتمـــــــــــسٌ

غرفاً من البحر أو رشفاً من الديـــــمِ



وواقفون لديه عند حدهـــــــــــــــــم

من نقطة العلم أو من شكلة الحكـــــم



فهو الذي تـ ــــــم معناه وصورتـــــــه

ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النســــــــــــم



منزهٌ عن شريكٍ في محاســـــــــــنه

فجوهر الحسن فيه غير منقســـــــــم



دع ما ادعثه النصارى في نبيهـــــم

واحكم بماشئت مدحاً فيه واحتكــــــم



وانسب إلى ذاته ما شئت من شــرف

وانسب إلى قدره ما شئت من عظــــم



فإن فضل رسول الله ليس لـــــــــــه

حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفــــــــــــــــــم



لو ناسبت قدره آياته عظمـــــــــــــاً

أحيا اسمه حين يدعى دارس الرمــم



لم يمتحنا بما تعيا العقول بــــــــــــه

حرصاً علينا فلم نرْتب ولم نهــــــــمِ



أعيا الورى فهم معناه فليس يـــــرى

في القرب والبعد فيه غير منفحـــــم



كالشمس تظهر للعينين من بعُـــــــدٍ

صغيرةً وتكل الطرف من أمـــــــــــم



وكيف يدرك في الدنيا حقيقتــــــــــه

قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحلــــــــــــــمِ



فمبلغ العلم فيه أنه بشـــــــــــــــــــرٌ

وأنه خير خلق الله كلهــــــــــــــــــمِ



وكل آيٍ أتى الرسل الكرام بهـــــــــا

فإنما اتصلت من نوره بهـــــــــــــم



فإنه شمس فضلٍ هم كواكبهـــــــــــا

يظهرن أنوارها للناس في الظلـــــم



أكرم بخلق نبيّ زانه خلــــــــــــــــقٌ

بالحسن مشتمل بالبشر متســـــــــم



كالزهر في ترفٍ والبدر في شــــرفٍ

والبحر في كرمٍ والدهر في همــــــم



كانه وهو فردٌ من جلالتـــــــــــــــــه

في عسكر حين تلقاه وفي حشــــــم



كأنما اللؤلؤ المكنون فى صـــــــدفٍ

من معدني منطق منه ومبتســــــــم



لا طيب يعدل تُرباً ضم أعظمــــــــــهُ

طوبى لمنتشقٍ منه وملتثــــــــــــــمِ



في مولده عليه الصلاة والسلام



مولاي صلــــي وسلــــم دائمـــاً أبــــدا

علـــى حبيبــــك خيــر الخلق كلهـم



أبان موالده عن طيب عنصـــــــــره

يا طيب مبتدأ منه ومختتــــــــــــــم



يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهـــــــــــــم

قد أنذروا بحلول البؤْس والنقـــــــم



وبات إيوان كسرى وهو منصــــدعٌ

كشمل أصحاب كسرى غير ملتئـــم



والنار خامدة الأنفاس من أســــــفٍ

عليه والنهر ساهي العين من سـدم



وساءَ ساوة أن غاضت بحيرتهـــــا

ورُد واردها بالغيظ حين ظمــــــــي



كأن بالنار ما بالماء من بــــــــــــلل

حزناً وبالماء ما بالنار من ضــــرمِ



والجن تهتف والأنوار ساطعـــــــــةٌ

والحق يظهر من معنى ومن كلــــم



عموا وصموا فإعلان البشائر لـــــم

تسمع وبارقة الإنذار لم تُشــــــــــَم



من بعد ما أخبره الأقوام كاهِنُهُـــــــمْ

بأن دينهم المعوجَّ لم يقــــــــــــــــمِ



وبعد ما عاينوا في الأفق من شهـب

منقضةٍ وفق ما في الأرض من صنم



حتى غدا عن طريق الوحى منهــزمٌ

من الشياطين يقفو إثر منـــــــــهزم



كأنهم هرباً أبطال أبرهــــــــــــــــــةٍ

أو عسكرٌ بالحصى من راحتيه رمـى



نبذاً به بعد تسبيحٍ ببطنهمــــــــــــــا

نبذ المسبِّح من أحشاءِ ملتقـــــــــــم



في معجزاته صلى الله عليه وسلم



مولاي صلــــي وسلــــم دائمـــاً أبــــدا

علـــى حبيبــــك خيــر الخلق كلهـم



جاءت لدعوته الأشجار ســــــاجدة

تمشى إليه على ساقٍ بلا قــــــــــدم



كأنَّما سطرت سطراً لما كتــــــــــبت

فروعها من بديع الخطِّ في اللقـــــم



مثل الغمامة أنَّى سار سائـــــــــــرة

تقيه حر وطيسٍ للهجير حَـــــــــــم



أقسمت بالقمر المنشق إن لــــــــــه

من قلبه نسبةً مبرورة القســــــــــمِ



وما حوى الغار من خير ومن كــرم

وكل طرفٍ من الكفار عنه عــــــــم



فالصِّدْقُ في الغار والصِّدِّيقُ لم يرما

وهم يقولون ما بالغار مــــــــن أرم



ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت علــى

خير البرية لم تنسج ولم تحــــــــــم



وقاية الله أغنت عن مضاعفـــــــــةٍ

من الدروع وعن عالٍ من الأطـــــُم



ما سامنى الدهر ضيماً واستجرت به

إلا ونلت جواراً منه لم يضـــــــــــم



ولا التمست غنى الدارين من يــــده

إلا استلمت الندى من خير مســـتلم



لا تنكر الوحي من رؤياه إن لـــــــه

قلباً إذا نامت العينان لم ينــــــــــــم



وذاك حين بلوغٍ من نبوتــــــــــــــه

فليس ينكر فيه حال محتلـــــــــــــم



تبارك الله ما وحيٌ بمكتســــــــــــبٍ

ولا نبيٌّ على غيبٍ بمتهـــــــــــــــم



كم أبرأت وصباً باللمس راحتــــــــه

وأطلقت أرباً من ربقة اللمـــــــــــم



وأحيتِ السنةَ الشهباء دعوتـــــــــه

حتى حكت غرة في الأعصر الدهـم



بعارضٍ جاد أو خلت البطاح بهـــــا

سيبٌ من اليم أو سيلٌ من العــــرمِ



في شـــــرف الــــقرآن ومدحــــــــــــــــه



مولاي صلــــي وسلــــم دائمـــاً أبــــدا

علـــى حبيبــــك خيــر الخلق كلهـم



دعني ووصفي آيات له ظهـــــــرت

ظهور نار القرى ليلاً على علـــــم



فالدُّرُّ يزداد حسناً وهو منتظــــــــــمٌ

وليس ينقص قدراً غير منتظــــــم



فما تطاول آمال المديح إلــــــــــــى

ما فيه من كرم الأخلاق والشِّيـــــم



آيات حق من الرحمن محدثــــــــــةٌ

قديمةٌ صفة الموصوف بالقــــــدم



لم تقترن بزمانٍ وهي تخبرنــــــــــا

عن المعادِ وعن عادٍ وعــــن إِرَم



دامت لدينا ففاقت كلَّ معجــــــــــزةٍ

من النبيين إذ جاءت ولم تـــــــدمِ



محكّماتٌ فما تبقين من شبــــــــــــهٍ

لذى شقاقٍ وما تبغين من حكــــم



ما حوربت قط إلا عاد من حَـــــــرَبٍ

أعدى الأعادي إليها ملقي الســلمِ



ردَّتْ بلاغتها دعوى معارضهــــــــا

ردَّ الغيور يد الجاني عن الحـــرم



لها معانٍ كموج البحر في مــــــــددٍ

وفوق جوهره في الحسن والقيـمِ



فما تعدُّ ولا تحصى عجائبهــــــــــــا

ولا تسام على الإكثار بالســـــــأمِ



قرَّتْ بها عين قاريها فقلت لـــــــــه

لقد ظفرت بحبل الله فاعتصـــــــم



إن تتلها خيفةً من حر نار لظـــــــى

أطفأت حر لظى من وردها الشــم



كأنها الحوض تبيض الوجوه بـــــه

من العصاة وقد جاؤوه كالحمـــــم



وكالصراط وكالميزان معدلـــــــــــةً

فالقسط من غيرها في الناس لم يقم



لا تعجبن لحسودٍ راح ينكرهــــــــــا

تجاهلاً وهو عين الحاذق الفهـــــم



قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد

وينكر الفم طعم الماءِ من ســــــقم



في إسرائه ومعراجه صلى الله عليه وسلم



مولاي صلــــي وسلــــم دائمـــاً أبــــدا

علـــى حبيبــــك خيــر الخلق كلهـم



يا خير من يمم العافون ســــــــاحته

سعياً وفوق متون الأينق الرســــم



ومن هو الآية الكبرى لمعتبــــــــــرٍ

ومن هو النعمةُ العظمى لمغتنـــــم



سريت من حرمٍ ليلاً إلى حــــــــــرمٍ

كما سرى البدر في داجٍ من الظـلم



وبت ترقى إلى أن نلت منزلــــــــــةً

من قاب قوسين لم تدرك ولم تــرم



وقدمتك جميع الأنبياء بهـــــــــــــــا

والرسل تقديم مخدومٍ على خـــــدم



وأنت تخترق السبع الطباق بهــــــم

في مركب كنت فيه صاحب العلــــم



حتى إذا لم تدع شأواً لمســـــــــتبقٍ

من الدنوِّ ولا مرقى لمســــــــــــتنم



خفضت كل مقامٍ بالإضـــــــــــافة إذ

نوديت بالرفع مثل المفردِ العلــــــم



كيما تفوز بوصلٍ أي مســـــــــــتترٍ

عن العيون وسرٍ أي مكتتــــــــــــم



فحزت كل فخارٍ غير مشـــــــــــتركٍ

وجزت كل مقامٍ غير مزدحــــــــــم



وجل مقدار ما وليت من رتــــــــــبٍ

وعز إدراك ما أوليت من نعــــــــمِ



بشرى لنا معشر الإسلام إن لنـــــــا

من العناية ركناً غير منهــــــــــدم



لما دعا الله داعينا لطاعتــــــــــــــه

بأكرم الرسل كنا أكرم الأمــــــــــم



في جهاد النبي صلى الله عليه وسلم



مولاي صلــــي وسلــــم دائمـــاً أبــــدا

علـــى حبيبــــك خيــر الخلق كلهـم



راعت قلوب العدا أنباء بعثتــــــــــه

كنبأة أجفلت غفلا من الغنــــــــــمِ



ما زال يلقاهمُ في كل معتـــــــــــركٍ

حتى حكوا بالقنا لحماً على وضـم



ودوا الفرار فكادوا يغبطون بــــــــه

أشلاءَ شالت مع العقبان والرخــم



تمضي الليالي ولا يدرون عدتهـــــا

ما لم تكن من ليالي الأشهر الحُرُم



كأنما الدين ضيفٌ حل ســــــــاحتهم

بكل قرمٍ إلى لحم العدا قــــــــــــرم



يجر بحر خميسٍ فوق ســــــــــابحةٍ

يرمى بموجٍ من الأبطال ملتطـــــم



من كل منتدب لله محتســـــــــــــــبٍ

يسطو بمستأصلٍ للكفر مصــــطلمِ



حتى غدت ملة الإسلام وهي بهــــم

من بعد غربتها موصولة الرحـــم



مكفولةً أبداً منهم بخــــــــــــــير أبٍ

وخير بعلٍ فلم تيتم ولم تئـــــــــــمِ



هم الجبال فسل عنهم مصادمهــــــم

ماذا رأى منهم في كل مصــــطدم



وسل حنيناً وسل بدراً وسل أُحـــــداً

فصول حتفٍ لهم أدهى من الوخم



المصدري البيض حمراً بعد ما وردت

من العدا كل مسودٍ من اللمـــــــمِ



والكاتبين بسمر الخط ما تركـــــــت

أقلامهم حرف جسمٍ غير منعجــمِ



شاكي السلاح لهم سيما تميزهــــــم

والورد يمتاز بالسيما عن الســلم



تهدى إليك رياح النصر نشرهـــــــم

فتحسب الزهر في الأكمام كل كــم



كأنهم في ظهور الخيل نبت ربـــــــاً

من شدة الحَزْمِ لا من شدة الحُزُم



طارت قلوب العدا من بأسهم فرقـــاً

فما تفرق بين الْبَهْمِ وألْبُهــــــــــُمِ



ومن تكن برسول الله نصــــــــــرته

إن تلقه الأسد فى آجامها تجــــــمِ



ولن ترى من وليٍ غير منتصـــــــرٍ

به ولا من عدوّ غير منفصــــــــم



أحل أمته في حرز ملتـــــــــــــــــــه

كالليث حل مع الأشبال في أجـــــم



كم جدلت كلمات الله من جــــــــــدلٍ

فيه وكم خصم البرهان من خصـم



كفاك بالعلم في الأُمِّيِّ معجــــــــــزةً

في الجاهلية والتأديب في اليتـــــم



في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم



مولاي صلــــي وسلــــم دائمـــاً أبــــدا

علـــى حبيبــــك خيــر الخلق كلهـم



خدمته بمديحٍ استقيل بـــــــــــــــــه

ذنوب عمرٍ مضى في الشعر والخدم



إذ قلداني ما تخشي عواقبـــــــــــــه

كأنَّني بهما هديٌ من النعـــــــــــــم



أطعت غي الصبا في الحالتين ومـــا

حصلت إلا على الآثام والنــــــــــدم



فياخسارة نفسٍ في تجارتهــــــــــــا

لم تشتر الدين بالدنيا ولم تســـــــم



ومن يبع آجلاً منه بعاجلـــــــــــــــهِ

يَبِنْ له الْغَبْنُ في بيعٍ وفي ســــــلمِ



إن آت ذنباً فما عهدي بمنتقـــــــض

من النبي ولا حبلي بمنصـــــــــرم



فإن لي ذمةً منه بتســــــــــــــــميتي

محمداً وهو أوفى الخلق بالذمـــم



إن لم يكن في معادي آخذاً بيــــــدى

فضلاً وإلا فقل يا زلة القــــــــــــدمِ



حاشاه أن يحرم الراجي مكارمــــــه

أو يرجع الجار منه غير محتــــرمِ



ومنذ ألزمت أفكاري مدائحــــــــــــه

وجدته لخلاصي خير ملتـــــــــــزم



ولن يفوت الغنى منه يداً تربــــــــت

إن الحيا ينبت الأزهار في الأكـــــم



ولم أرد زهرة الدنيا التي اقتطفــــت

يدا زهيرٍ بما أثنى على هــــــــــرمِ



في المناجاة وعرض الحاجات



يــــارب بالمصطفى بلغ مقاصدنـــا

واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم



يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ بــــــه

سواك عند حلول الحادث العمـــــم



ولن يضيق رسول الله جاهك بــــــي

إذا الكريم تحلَّى باسم منتقــــــــــم



فإن من جودك الدنيا وضرتهـــــــــا

ومن علومك علم اللوح والقلـــــم



يا نفس لا تقنطي من زلةٍ عظمـــــت

إن الكبائر في الغفران كاللمـــــــــم



لعل رحمة ربي حين يقســـــــــــمها

تأتي على حسب العصيان في القسم



يارب واجعل رجائي غير منعكـــسٍ

لديك واجعل حسابي غير منخــــرم



والطف بعبدك في الدارين إن لـــــه

صبراً متى تدعه الأهوال ينهــــــزم



وائذن لسحب صلاةٍ منك دائمــــــــةٍ

على النبي بمنهلٍ ومنســـــــــــــجم



ما رنّحت عذبات البان ريح صـــــبا

وأطرب العيس حادي العيس بالنغم



ثم الرضا عن أبي بكرٍ وعن عمــــرٍ

وعن عليٍ وعن عثمان ذي الكــرم



والآلِ وَالصَّحْبِ ثمَّ التَّابعينَ فهــــــم

أهل التقى والنقا والحلم والكـــــرمِ



يا رب بالمصطفى بلغ مقاصـــــــدنا

واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم



واغفر إلهي لكل المسلميـــــــن بمــــا

يتلوه في المسجد الأقصى وفي الحرم



بجاه من بيتـــــه في طيبـــــــةٍ حرمٌ

واسمُهُ قسمٌ من أعظــــــم القســــم



وهذه بُــــردةُ المُختــــار قد خُتمــــت

والحمد لله في بــــدء وفي ختـــــم



أبياتها قـــــد أتت ستيــــن مع مائــــةٍ

فرِّج بها كربنا يا واسع الكــــــــرم



---------------------------------------------------------------------------





نهــــــــــــــــــــــــج البــــــــــــــــــــــــــــــرده



احمد شوقي





ريمٌ عَلـى القـاعِ بَيـنَ البـانِ وَالعَلَـمِ

أَحَلَّ سَفكَ دَمـي فـي الأَشهُـر الحُـرُمِ



رَمـى القَضـاءُ بِعَينَـي جُـؤذَرٍ أَسَـداً

يـا ساكِـنَ القـاعِ أَدرِك ساكِـنَ الأَجَـمِ



لَمّـا رَنـا حَدَّثَتنـي النَـفـسُ قائِـلَـةً

يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهـمِ المُصيـبِ رُمـي



جَحَدتُهـا وَكَتَمـتُ السَهـمَ فـي كَبِـدي


جُـرحُ الأَحِبَّـةِ عِنـدي غَيـرُ ذي أَلَـمِ




رُزِقتَ أَسمَحَ ما في النـاسِ مِـن خُلُـقٍ

إِذا رُزِقتَ اِلتِمـاسَ العُـذرِ فـي الشِيَـمِ



يـا لائِمـي فـي هَـواهُ وَالهَـوى قَـدَرٌ

لَو شَفَّـكَ الوَجـدُ لَـم تَعـذِل وَلَـم تَلُـم



ِلَقَـد أَنَلتُـكَ أُذنــاً غَـيـرَ واعِـيَـةٍ

وَرُبَّ مُنتَصِـتٍ وَالقَلـبُ فـي صَـمَـمِ



يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقـتَ الهَـوى أَبَـداً

أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفـظِ الهَـوى فَنَـمِ



أَفديـكَ إِلفـاً وَلا آلـو الخَيـالَ فِــدىً

أَغـراكَ باِلبُخـلِ مَـن أَغـراهُ بِالكَـرَمِ



سَـرى فَصـادَفَ جُرحـاً دامِيـاً فَأَسـا

وَرُبَّ فَضـلٍ عَلـى العُـشّـاقِ لِلحُـلُـمِ



مَـنِ المَوائِـسُ بانـاً بِالرُبـى وَقَـنـاً

اللاعِبـاتُ بِروحـي السافِحـاتُ دَمــي



السافِـراتُ كَأَمثـالِ الـبُـدورِ ضُـحـىً

يُغِرنَ شَمسَ الضُحـى بِالحَلـيِ وَالعِصَـمِ



القـاتِـلاتُ بِأَجـفـانٍ بِـهـا سَـقَــمٌ

وَلِلمَنِـيَّـةِ أَسـبـابٌ مِــنَ السَـقَـمِ



العاثِـراتُ بِأَلـبـابِ الـرِجـالِ وَمــا

أُقِلنَ مِـن عَثَـراتِ الـدَلِّ فـي الرَسَـمِ



المُضرِمـاتُ خُـدوداً أَسفَـرَت وَجَـلَـت

عَـن فِتنَـةٍ تُسلِـمُ الأَكـبـادَ لِلـضَـرَمِ



الحامِـلاتُ لِـواءَ الحُـسـنِ مُختَلِـفـاً

أَشكالُـهُ وَهـوَ فَـردٌ غَـيـرُ مُنقَـسِـمِ



مِـن كُـلِّ بَيضـاءَ أَو سَمـراءَ زُيِّنَـتـا

لِلعَيـنِ وَالحُسـنُ فـي الآرامِ كَالعُصُـمِ



يُرَعنَ لِلبَصَـرِ السامـي وَمِـن عَجَـبٍ

إِذا أَشَـرنَ أَسَــرنَ اللَـيـثَ بِالغَـنَـمِ



وَضَعتُ خَـدّي وَقَسَّمـتُ الفُـؤادَ رُبـيً

يَرتَعـنَ فـي كُنُـسٍ مِنـهُ وَفـي أَكَـمِ



يـا بِنـتَ ذي اللَبَـدِ المُحَمّـى جانِـبُـهُ

أَلقاكِ في الغـابِ أَم أَلقـاكِ فـي الأُطُـمِ



مـا كُنـتُ أَعلَـمُ حَتّـى عَـنَّ مَسكَنُـهُ

أَنَّ المُنـى وَالمَنايـا مَضـرِبُ الخِـيَـمِ



مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِـن صَمصامَـةٍ ذَكَـر

وَأَخـرَجَ الريـمَ مِـن ضِرغامَـةٍ قَـرِمِ



بَيني وَبَينُـكِ مِـن سُمـرِ القَنـا حُجُـبٌ

وَمِثلُـهـا عِـفَّـةٌ عُـذرِيَّـةُ العِـصَـمِ



لَم أَغشَ مَغناكِ إِلّا فـي غُضـونِ كِـرىً

مَغنـاكَ أَبـعَـدُ لِلمُشـتـاقِ مِــن إِرَمِ



يـا نَفـسُ دُنيـاكِ تُخفـى كُـلَّ مُبكِيَـةٍ

وَإِن بَـدا لَـكِ مِنهـا حُسـنُ مُبتَـسَـمِ



فُضّـي بِتَقـواكِ فاهـاً كُلَّمـا ضَحِـكَـت

كَمـا يَفُـضُّ أَذى الرَقـشـاءِ بِالـثَـرَمِ



مَخطوبَـةٌ مُنـذُ كـانَ النـاسُ خاطِـبَـةٌ


مِن أَوَّلِ الدَهـرِ لَـم تُرمِـل وَلَـم تَئَـمِ



يَفنـى الزَمـانُ وَيَبقـى مِـن إِساءَتِهـا

جُـرحٌ بِـآدَمَ يَبكـي مِنـهُ فــي الأَدَمِ



لا تَحفَـلـي بِجَنـاهـا أَو جِنايَـتِـهـا

المَـوتُ بِالزَهـرِ مِثـلُ المَـوتِ بِالفَحَـمِ



كَـم نائِـمٍ لا يَراهـا وَهــيَ سـاهِـرَةٌ

لَـولا الأَمانِـيُّ وَالأَحـلامُ لَــم يَـنَـمِ



طَـوراً تَمُـدُّكَ فـي نُعـمـى وَعافِـيَـةٍ

وَتـارَةً فـي قَـرارِ البُـؤسِ وَالوَصَـمِ



كَـم ضَلَّلَتـكَ وَمَـن تُحجَـب بَصيرَتُـهُ

إِن يَلـقَ صابـا يَـرِد أَو عَلقَمـاً يَسُـمُ



يـا وَيلَتـاهُ لِنَفسـي راعَـهـا وَدَهــا

مُسـوَدَّةُ الصُحـفِ فـي مُبيَضَّـةِ اللَمَـمِ



رَكَضتُها فـي مَريـعِ المَعصِيـاتِ وَمـا

أَخَـذتُ مِـن حِميَـةِ الطاعـاتِ لِلتُخَـمِ



هامَـت عَلـى أَثَـرِ اللَـذّاتِ تَطلُبُـهـا

وَالنَفسُ إِن يَدعُها داعـي الصِبـا تَهِـمِ



صَـلاحُ أَمــرِكَ لِـلأَخـلاقِ مَرجِـعُـهُ

فَقَـوِّمِ النَـفـسَ بِـالأَخـلاقِ تَستَـقِـمِ



وَالنَفسُ مِن خَيرِهـا فـي خَيـرِ عافِيَـةٍ

وَالنَفسُ مِن شَرِّهـا فـي مَرتَـعٍ وَخِـمِ



تَطغـى إِذا مُكِّنَـت مِـن لَـذَّةٍ وَهَــوىً

طَغيَ الجِيـادِ إِذا عَضَّـت عَلـى الشُكُـمِ



إِن جَلَّ ذَنبي عَـنِ الغُفـرانِ لـي أَمَـلٌ

في اللَـهِ يَجعَلُنـي فـي خَيـرِ مُعتَصِـمِ



أَلقـى رَجائـي إِذا عَـزَّ المُجيـرُ عَلـى

مُفَـرِّجِ الكَـرَبِ فـي الدارَيـنِ وَالغَمَـمِ



إِذا خَفَضـتُ جَـنـاحَ الــذُلِّ أَسـأَلُـهُ

عِزَّ الشَفاعَـةِ لَـم أَسـأَل سِـوى أُمَـمِ



وَإِن تَـقَـدَّمَ ذو تَـقـوى بِصـالِـحَـةٍ

قَدَّمـتُ بَيـنَ يَـدَيـهِ عَـبـرَةَ الـنَـدَمِ



لَزِمـتُ بـابَ أَميـرِ الأَنبِيـاءِ وَمَــن

يُمسِـك بِمِفتـاحِ بـابِ الـلَـهِ يَغتَـنِـمِ



فَـكُـلُّ فَـضـلٍ وَإِحـسـانٍ وَعـارِفَـةٍ

مـا بَيـنَ مُستَـلِـمٍ مِـنـهُ وَمُلـتَـزِمِ



عَلَّقـتُ مِـن مَدحِـهِ حَبـلاً أُعَـزُّ بِـهِ

فـي يَـومِ لا عِـزَّ بِالأَنسـابِ وَاللُحَـمِ



يُزري قَريضـي زُهَيـراً حيـنَ أَمدَحُـهُ

وَلا يُقـاسُ إِلـى جـودي لَـدى هَـرِمِ



مُحَمَّـدٌ صَـفـوَةُ الـبـاري وَرَحمَـتُـهُ

وَبُغيَـةُ اللَـهِ مِـن خَلـقٍ وَمِـن نَسَـمِ



وَصاحِبُ الحَوضِ يَـومَ الرُسـلِ سائِلَـةٌ

مَتى الـوُرودُ وَجِبريـلُ الأَميـنُ ظَمـي



سَنـاؤُهُ وَسَـنـاهُ الشَـمـسُ طالِـعَـةً

فَالجِرمُ فـي فَلَـكٍ وَالضَـوءُ فـي عَلَـمِ



قَـد أَخطَـأَ النَجـمَ مـا نالَـت أُبُـوَّتُـهُ

مِـن سُـؤدُدٍ بـاذِخٍ فـي مَظهَـرٍ سَنِـمِ



نُموا إِلَيهِ فَـزادوا فـي الـوَرى شَرَفـاً

وَرُبَّ أَصـلٍ لِفَـرعٍ فـي الفَخـارِ نُمـي



حَـواهُ فـي سُبُحـاتِ الطُهـرِ قَبلَـهُـمُ

نـورانِ قامـا مَقـامَ الصُلـبِ وَالرَحِـمِ



لَـمّـا رَآهُ بَحـيـرا قــالَ نَـعـرِفُـهُ

بِمـا حَفِظنـا مِـنَ الأَسمـاءِ وَالسِـيَـمِ



سائِل حِراءَ وَروحَ القُـدسِ هَـل عَلِمـا

مَصـونَ سِـرٍّ عَــنِ الإِدراكِ مُنكَـتِـمِ



كَـم جيئَـةٍ وَذَهـابٍ شُـرِّفَـت بِهِـمـا

بَطحـاءُ مَكَّـةَ فـي الإِصبـاحِ وَالغَسَـمِ



وَوَحشَـةٍ لِاِبـنِ عَبـدِ اللَـهِ بينَهُـمـا

أَشهى مِنَ الأُنـسِ بِالأَحسـابِ وَالحَشَـمِ



يُسامِـرُ الوَحـيَ فيهـا قَبـلَ مَهبِـطِـهِ

وَمَـن يُبَشِّـر بِسيمـى الخَيـرِ يَتَّـسِـمِ



لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقـونَ مِـن ظَمَـإٍ

فاضَـت يَـداهُ مِـنَ التَسنيـمِ بِالسَـنَـمِ



وَظَلَّلَـتـهُ فَـصـارَت تَستَـظِـلُّ بِــهِ

غَمـامَـةٌ جَذَبَتـهـا خـيـرَةُ الـدِيَـمِ



مَحَـبَّـةٌ لِـرَسـولِ الـلَـهِ أُشرِبَـهـا

قَعائِـدُ الدَيـرِ وَالرُهبـانُ فـي القِـمَـمِ



إِنَّ الشَمائِـلَ إِن رَقَّـت يَـكـادُ بِـهـا

يُغـرى المـادُ وَيُغـرى كُـلُّ ذي نَسَـمِ



وَنـودِيَ اِقـرَأ تَعالـى الـلَـهُ قائِلُـهـا

لَم تَتَّصِـل قَبـلَ مَـن قيلَـت لَـهُ بِفَـمِ



هُـنـاكَ أَذَّنَ لِلـرَحَـمَـنِ فَـاِمـتَـلَأَت

أَسمـاعُ مَكَّـةَ مِـن قُدسِـيَّـةِ النَـغَـمِ



فَلا تَسَل عَـن قُرَيـشٍ كَيـفَ حَيرَتُهـا

وَكَيـفَ نُفرَتُهـا فـي السَهـلِ وَالعَلَـمِ



تَساءَلواعَـن عَظيـمٍ قَـد أَلَــمَّ بِـهِـم

رَمـى المَشايِـخَ وَالـوِلـدانِ بِاللَـمَـمِ



ياجاهِليـنَ عَلـى الـهـادي وَدَعـوَتِـهِ

هَـل تَجهَلـونَ مَكـانَ الصـادِقِ العَلَـمِ



لَقَّبتُمـوهُ أَميـنَ القَـومِ فــي صِـغَـرٍ

وَمـا الأَميـنُ عَلـى قَــولٍ بِمُتَّـهَـمِ



فـاقَ البُـدورَ وَفـاقَ الأَنبِيـاءَ فَـكَـم

بِالخُلقِ وَالخَلقِ مِن حُسـنٍ وَمِـن عِظَـمِ



جـاءَ النبِيّـونَ بِالآيـاتِ فَاِنصَـرَمَـت

وَجِئتَـنـا بِحَكـيـمٍ غَـيـرِ مُنـصَـرِمِ



آياتُـهُ كُلَّمـا طــالَ الـمَـدى جُــدُدٌ

يَزينُـهُـنَّ جَــلالُ العِـتـقِ وَالـقِـدَمِ



يَكـادُ فـي لَفـظَـةٍ مِـنـهُ مُشَـرَّفَـةٍ

يوصيـكَ بِالحَـقِّ وَالتَقـوى وَبِالـرَحِـمِ



يــا أَفـصَـحَ الناطِقـيـنَ الـضــادَ

قاطِبَةً=حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِـقِ الفَهِـمِ



حَلَّيـتَ مِـن عَطَـلٍ جيـدَ البَيـانِ بِـهِ

فـي كُـلِّ مُنتَثِـرٍ فـي حُسـنِ مُنتَظِـمِ



بِكُـلِّ قَــولٍ كَـريـمٍ أَنــتَ قائِـلُـهُ

تُحـيِ القُلـوبَ وَتُحـيِ مَيِّـتَ الهِـمَـمِ



سَـرَت بَشائِـرُ باِلـهـادي وَمَـولِـدِهِ

في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ



تَخَطَّفَـت مُهَـجَ الطاغيـنَ مِـن عَـرَبٍ

وَطَيَّـرَت أَنفُـسَ الباغيـنَ مِـن عُجُـمِ



ريعَت لَها شَـرَفُ الإيـوانِ فَاِنصَدَعَـت

مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِـن صَدمَـةِ القُـدُمِ



أَتَيـتَ وَالنـاسُ فَوضـى لا تَمُـرُّ بِهِـم

إِلّا عَلـى صَنَـمٍ قَـد هـامَ فـي صَنَـمِ



وَالأَرضُ مَملـوءَةٌ جَــوراً مُسَـخَّـرَةٌ

لِكُـلِّ طاغِيَـةٍ فـي الخَـلـقِ مُحتَـكِـمِ



مُسَيطِرُالفُـرسِ يَبغـي فــي رَعِيَّـتِـهِ

وَقَيصَرُالـرومِ مِـن كِبـرٍأَصَـمُّ عَــمِ



يُعَذِّبـانِ عِبـادَ الـلَـهِ فــي شُـبَـهٍ

وَيَذبَـحـانِ كَـمـا ضَحَّـيـتَ بِالغَـنَـمِ



وَالخَلـقُ يَفتِـكُ أَقـواهُـم بِأَضعَفِـهِـم

كَاللَيـثِ بِالبَهـمِ أَو كَالـحـوتِ بِالبَـلَـمِ



أَسـرى بِـكَ اللَـهُ لَـيـلاً إِذ مَلائِـكُـهُ

وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلـى قَـدَمِ



لَمّـا خَطَـرتَ بِـهِ اِلتَـفّـوا بِسَيِّـدِهِـم

كَالشُهـبِ بِالبَـدرِ أَو كَالجُنـدِ بِالعَـلَـمِ



صَلّـى وَراءَكَ مِنهُـم كُـلُّ ذي خَـطَـرٍ

وَمَـن يَفُـز بِحَبـيـبِ الـلَـهِ يَأتَـمِـمِ



جُبتَ السَمـاواتِ أَو مـا فَوقَهُـنَّ بِهِـم

عَـلـى مُـنَـوَّرَةٍ دُرِّيَّـــةِ الـلُـجُـمِ



رَكوبَـةً لَـكَ مِـن عِـزٍّ وَمِـن شَـرَفٍ

لا في الجِيـادِ وَلا فـي الأَينُـقِ الرُسُـمِ





مَشيئَـةُ الخالِـقِ البـاري وَصَنعَتُـهُ

وَقُدرَةُ اللَـهِ فَـوقَ الشَـكِّ وَالتُهَـمِ



حَتّى بَلَغـتَ سَمـاءً لا يُطـارُ لَهـا

عَلى جَناحٍ وَلا يُسعـى عَلـى قَـدَمِ



وَقيـلَ كُـلُّ نَبِـيٍّ عِـنـدَ رُتبَـتِـهِ

وَيا مُحَمَّـدُ هَـذا العَـرشُ فَاِستَلِـمِ



خَطَطـتَ لِلديـنِ وَالدُنيـا عُلومَهُمـا

يا قارِئَ اللَوحِ بَل يـا لامِـسَ القَلَـمِ



أَحَطـتَ بَينَهُمـا بِالسِـرِّ وَاِنكَشَفَـت

لَكَ الخَزائِنُ مِـن عِلـمٍ وَمِـن حِكَـمِ



وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِـن مِنَـنٍ

بِلا عِـدادٍ وَمـا طُوِّقـتَ مِـن نِعَـمِ



سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً

لَـولا مُطـارَدَةُ المُختـارِ لَـم تُسَـمَ



هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعـوا

هَمسَ التَسابيحِ وَالقُـرآنِ مِـن أُمَـمِ



وَهَل تَمَثَّـلَ نَسـجُ العَنكَبـوتِ لَهُـم

كَالغابِ وَالحائِماتُ وَالزُغبُ كَالرُخَـمِ



فَأَدبَـروا وَوُجـوهُ الأَرضِ تَلعَنُـهُـم

كَباطِلٍ مِـن جَـلالِ الحَـقِّ مُنهَـزِمِ



لَولا يَدُ اللَـهِ بِالجارَيـنَ مـا سَلِمـا

وَعَينُهُ حَولَ رُكـنِ الديـنِ لَـم يَقُـمِ



تَوارَيـا بِجَنـاحِ الـلَـهِ وَاِستَـتَـرا

وَمَن يَضُـمُّ جَنـاحُ اللَـهِ لا يُضَـمِ



يا أَحمَدَ الخَيرِ لـي جـاهٌ بِتَسمِيَتـي

وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسـولِ سَمـي



المادِحـونَ وَأَربـابُ الهَـوى تَبَـعٌ

لِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحـاءِ ذي القَـدَمِ



مَديحُهُ فيـكَ حُـبٌّ خالِـصٌ وَهَـوىً

وَصادِقُ الحُبِّ يُملـي صـادِقَ الكَلَـمِ



اللَـهُ يَشهَـدُ أَنّــي لا أُعـارِضُـهُ

من ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ



وَإِنَّما أَنـا بَعـضُ الغابِطيـنَ وَمَـن

يَغبِـط وَلِيَّـكَ لا يُـذمَـم وَلا يُـلَـمِ



هَذا مَقـامٌ مِـنَ الرَحمَـنِ مُقتَبَـسٌ

تَرمـي مَهابَتُـهُ سَحبـانَ بِالبَـكَـمِ



البَدرُ دونَكَ في حُسنٍ وَفـي شَـرَفٍ

وَالبَحرُ دونَكَ في خَيـرٍ وَفـي كَـرَمِ



شُمُّ الجِبـالِ إِذا طاوَلتَهـا اِنخَفَضَـت

وَالأَنجُمُ الزُهرُ مـا واسَمتَهـا تَسِـمِ



وَاللَيثُ دونَـكَ بَأسـاً عِنـدَ وَثبَتِـهِ

إِذا مَشَيتَ إِلى شاكي السِـلاحِ كَمـي



تَهفـو إِلَيـكَ وَإِن أَدمَيـتَ حَبَّتَهـا

في الحَربِ أَفئِـدَةُ الأَبطـالِ وَالبُهَـمِ



مَحَبَّـةُ الـلَـهِ أَلقـاهـا وَهَيبَـتُـهُ

عَلى اِبنِ آمِنَـةٍ فـي كُـلِّ مُصطَـدَمِ



كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقـعِ بَـدرُ دُجـىً

يُضـيءُ مُلتَثِمـاً أَو غَيـرَ مُلتَـثِـمِ



بَـدرٌ تَطَلَّـعَ فـي بَــدرٍ فَغُـرَّتُـهُ

كَغُرَّةِ النَصـرِ تَجلـو داجِـيَ الظُلَـمِ



ذُكِرتَ بِاليُتـمِ فـي القُـرآنِ تَكرِمَـةً

وَقيمَةُ اللُؤلُـؤِ المَكنـونِ فـي اليُتُـمِ



اللَـهُ قَسَّـمَ بَيـنَ النـاسِ رِزقَهُـمُ

وَأَنتَ خُيِّرتَ فـي الأَرزاقِ وَالقِسَـمِ



إِن قُلتَ في الأَمرِ لا أَو قُلتَ فيهِ نَعَـم

فَخيرَةُ اللَـهِ فـي لا مِنـكَ أَو نَعَـمِ



أَخوكَ عيسى دَعـا مَيتـاً فَقـامَ لَـهُ

وَأَنتَ أَحيَيـتَ أَجيـالاً مِـنَ الزِمَـمِ



وَالجَهلُ مَوتٌ فَـإِن أوتيـتَ مُعجِـزَةً

فَاِبعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَاِبعَث مِنَ الرَجَمِ



قالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ مـا بُعِثـوا

لِقَتـلِ نَفـسٍ وَلاجـاؤوا لِسَفـكِ دَمِ



جَهـلٌ وَتَضليـلُ أَحـلامٍ وَسَفسَطَـةٌ

فَتَحتَ بِالسَيفِ بَعـدَ الفَتـحِ بِالقَلَـمِ



لَمّا أَتى لَكَ عَفـواً كُـلُّ ذي حَسَـبٍ

تَكَفَّـلَ السَيـفُ بِالجُهّـالِ وَالعَـمَـم



ِوَالشَرُّ إِن تَلقَهُ بِالخَيـرِ ضِقـتَ بِـهِ

ذَرعـاً وَإِن تَلقَـهُ بِالشَـرِّ يَنحَسِـمِ



سَلِ المَسيحِيَّةَ الغَـرّاءَ كَـم شَرِبَـت

بِالصابِ مِن شَهَـواتِ الظالِـمِ الغَلِـمِ



طَريدَةُ الشِـركِ يُؤذيهـا وَيوسِعُهـا

في كُلِّ حيـنٍ قِتـالاً ساطِـعَ الحَـدَمِ



لَـولا حُمـاةٌ لَهـا هَبّـوا لِنُصرَتِهـا

بِالسَيفِ ما اِنتَفَعَت بِالرِفـقِ وَالرُحَـمِ



لَولا مَكـانٌ لِعيسـى عِنـدَ مُرسِلِـهِ

وَحُرمَةٌ وَجَبَت لِلـروحِ فـي القِـدَمِ



لَسُمِّرَ البَدَنُ الطُهرُ الشَريـفُ عَلـى

لَوحَينِ لَم يَخشَ مُؤذيـهِ وَلَـم يَجِـمِ



جَلَّ المَسيـحُ وَذاقَ الصَلـبَ شانِئُـهُ

إِنَّ العِقـابَ بِقَـدرِ الذَنـبِ وَالجُـرُمِ



أَخو النَبِـيِّ وَروحُ اللَـهِ فـي نُـزُلٍ

فَوقَ السَماءِ وَدونَ العَـرشِ مُحتَـرَمِ



عَلَّمتَهُم كُـلَّ شَـيءٍ يَجهَلـونَ بِـهِ

حَتّى القِتالَ وَمـا فيـهِ مِـنَ الذِمَـمِ



دَعَوتَهُـم لِجِهـادٍ فيـهِ سُـؤدُدُهُـم

وَالحَربُ أُسُّ نِظـامِ الكَـونِ وَالأُمَـمِ



لَولاهُ لَم نَـرَ لِلـدَولاتِ فـي زَمَـنٍ

ما طالَ مِن عُمُدٍ أَو قَـرَّ مِـن دُهُـمِ



تِلـكَ الشَواهِـدُ تَتـرى كُـلَّ آوِنَـةٍ

في الأَعصُرِ الغُرِّ لا في الأَعصُرِ الدُهُمِ



بِالأَمسِ مالَت عُروشٌ وَاِعتَلَت سُـرُرٌ

لَولا القَذائِفُ لَـم تَثلَـم وَلَـم تَصُـمِ



أَشياعُ عيسى أَعَـدّوا كُـلَّ قاصِمَـةٍ

وَلَم نُعِـدُّ سِـوى حـالاتِ مُنقَصِـمِ



مَهما دُعيتَ إِلى الهَيجاءِ قُمـتَ لَهـا

تَرمي بِأُسدٍ وَيَرمـي اللَـهُ بِالرُجُـمِ



عَلـى لِوائِـكَ مِنهُـم كُـلُّ مُنتَـقِـمٍ

لِلَّـهِ مُستَقتِـلٍ فـي اللَـهِ مُعـتَـزِمِ



مُسَبِّـحٍ لِلِقـاءِ الـلَـهِ مُضـطَـرِمٍ

شَوقاً عَلى سابِخٍ كَالبَـرقِ مُضطَـرِمِ



لَوصادَفَ الدَهرَ يَبغـي نَقلَـةً فَرَمـى

بِعَزمِهِ في رِحـالِ الدَهـرِ لَـم يَـرِمِ



بيضٌ مَفاليلُ مِن فِعلِ الحُـروبِ بِهِـم

مِن أَسيُفِ اللَـهِ لا الهِندِيَّـةُ الخُـذُمُ



كَم في التُرابِ إِذا فَتَّشتَ عَـن رَجُـلٍ

مَن ماتَ بِالعَهدِ أَو مَن ماتَ بِالقَسَـمِ



لَولا مَواهِبُ في بَعـضِ الأَنـامِ لَمـا

تَفاوَتَ الناسُ فـي الأَقـدارِ وَالقِيَـمِ



شَريعَةٌ لَـكَ فَجَّـرتَ العُقـولَ بِهـا

عَن زاخِرٍ بِصُنـوفِ العِلـمِ مُلتَطِـمِ



يَلوحُ حَولَ سَنـا التَوحيـدِ جَوهَرُهـا

كَالحَليِ لِلسَيـفِ أَو كَالوَشـيِ لِلعَلَـمِ



غَرّاءُ حامَت عَلَيهـا أَنفُـسٌ وَنُهـىً

وَمَن يَجِد سَلسَلاً مِـن حِكمَـةٍ يَحُـمِ



نورُ السَبيلِ يُسـاسُ العالِمـونَ بِهـا

تَكَفَّلَـت بِشَبـابِ الدَهـرِ وَالـهَـرَمِ



يَجري الزَمانُ وَأَحكامُ الزَمـانِ عَلـى

حُكمٍ لَها نافِـذٍ فـي الخَلـقِ مُرتَسِـمِ



لَمّا اِعتَلَت دَولَةُ الإِسـلامِ وَاِتَّسَعَـت

مَشَت مَمالِكُـهُ فـي نورِهـا التَمَـمِ



وَعَلَّمَـت أُمَّــةً بِالقَـفـرِ نـازِلَـةً

رَعيَ القَياصِرِ بَعـدَ الشـاءِ وَالنَعَـمِ



كَم شَيَّدَ المُصلِحـونَ العامِلـونَ بِهـا

في الشَرقِ وَالغَربِ مُلكاً باذِخَ العِظَـمِ



لِلعِلمِ وَالعَدلِ وَالتَمديـنِ مـا عَزَمـوا

مِنَ الأُمورِ وَما شَـدّوا مِـنَ الحُـزُمِ



سُرعانَ مـا فَتَحـوا الدُنيـا لِمِلَّتِهِـم

وَأَنهَلوا الناسَ مِن سَلسالِهـا الشَبِـمِ



ساروا عَلَيها هُداةَ الناسِ فَهيَ بِهِـم

إِلى الفَلاحِ طَريـقٌ واضِـحُ العَظَـمِ



لا يَهدِمُ الدَهرُ رُكنـاً شـادَ عَدلَهُـمُ

وَحائِـطُ البَغـيِ إِن تَلمَسـهُ يَنهَـدِمِ



نالوا السَعادَةَ في الدارَينِ وَاِجتَمَعـوا

عَلى عَميمٍ مِـنَ الرُضـوانِ مُقتَسَـمِ



دَع عَنكَ روما وَآثينـا وَمـا حَوَتـا

كُلُّ اليَواقيـتِ فـي بَغـدادَ وَالتُـوَمِ



وَخَـلِّ كِسـرى وَإيوانـاً يَـدِلُّ بِـهِ

هَوىً عَلـى أَثَـرِ النيـرانِ وَالأَيُـمِ



وَاِترُك رَعمَسيسَ إِنَّ المُلكَ مَظهَـرُهُ

في نَهضَةِ العَدلِ لا في نَهضَةِ الهَـرَمِ



دارُ الشَرائِـعِ رومـا كُلَّمـا ذُكِـرَت

دارُ السَلامِ لَهـا أَلقَـت يَـدَ السَلَـمِ



مـا ضارَعَتهـا بَيانـاً عِنـدَ مُلتَـأَمٍ

وَلا حَكَتهـا قَضـاءً عِنـدَ مُختَصَـمِ



وَلا اِحتَوَت في طِرازٍ مِن قَياصِرِهـا

عَلـى رَشيـدٍ وَمَأمـونٍ وَمُعتَصِـمِ



مَـنِ الَّذيـنَ إِذا سـارَت كَتائِبُـهُـم

تَصَرَّفـوا بِحُـدودِ الأَرضِ وَالتُخَـمِ



وَيَجلِسـونَ إِلـى عِلـمٍ وَمَعـرِفَـةٍ

فَـلا يُدانَـونَ فـي عَقـلٍ وَلا فَهَـمِ



يُطَأطِـئُ العُلَمـاءُ الهـامَ إِن نَبَسـوا

مِن هَيبَةِ العِلمِ لا مِن هَيبَـةِ iiالحُكُـمِ



وَيُمطِرونَ فَما بِـالأَرضِ مِـن مَحَـلٍ

وَلا بِمَن باتَ فَوقَ الأَرضِ مِن عُـدُمِ



خَلائِفُ اللَـهِ جَلّـوا عَـن مُوازَنَـةٍ

فَلا تَقيسَـنَّ أَمـلاكَ الـوَرى بِهِـمِ



مَن فـي البَرِيَّـةِ كَالفـاروقِ مَعدَلَـةً

وَكَاِبنِ عَبدِ العَزيزِ الخاشِـعِ الحَشِـمِ



وَكَالإِمـامِ إِذا مـا فَـضَّ مُزدَحِـمـاً

بِمَدمَعٍ فـي مَآقـي القَـومِ مُزدَحِـمِ



الزاخِرُ العَذبُ فـي عِلـمٍ وَفـي أَدَبٍ

وَالناصِرُالنَدبِ في حَربٍ وَفـي سَلَـمِ



أَو كَاِبنِ عَفّانَ وَالقُـرآنُ فـي يَـدِهِ

يَحنوعَلَيهِ كَما تَحنـو عَلـى الفُطُـمِ



وَيَجمَـعُ الآيَ تَرتيـبـاً وَيَنظُمُـهـا

عِقداً بِجيـدِ اللَيالـي غَيـرَ مُنفَصِـمِ



جُرحانِ في كَبِدِ الإِسـلامِ مـا اِلتَأَمـا

جُرحُ الشَهيدِ وَجُرحٌ بِالكِتـابِ دَمـي



وَمـا بَـلاءُ أَبـي بَـكـرٍ بِمُتَّـهَـمٍ

بَعدَ الجَلائِـلِ فـي الأَفعـالِ وَالخِـدَمِ



بِالحَزمِ وَالعَزمِ حاطَ الدينَ في مِحَـنٍ

أَضَلَّتِ الحُلـمَ مِـن كَهـلٍ وَمُحتَلِـمِ



وَحِدنَ بِالراشِدِ الفاروقِ عَـن رُشـدٍ

في المَوتِ وَهوَ يَقينٌ غَيـرُ مُنبَهِـمِ



يُجـادِلُ القَـومَ مُسـتَـلّاً مُهَـنَّـدَهُ

في أَعظَمِ الرُسلِ قَدراً كَيفَ لَـم يَـدُمِ



لا تَعذُلـوهُ إِذا طـافَ الذُهـولُ بِـهِ

ماتَ الحَبيبُ فَضَلَّ الصَبُّ عَن رَغَـمِ



يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّـم مـا أَرَدتَ عَلـى

نَزيلِ عَرشِـكَ خَيـرِ الرُسـلِ كُلِّهِـمِ



مُحـيِ اللَيالـي صَـلاةً لا يُقَطِّعُهـا

إِلا بِدَمـعٍ مِـنَ الإِشفـاقِ مُنسَجِـمِ



مُسَبِّحاً لَـكَ جُنـحَ اللَيـلِ مُحتَمِـلاً

ضُرّاً مِنَ السُهدِ أَو ضُرّاً مِنَ الـوَرَمِ



رَضِيَّـةٌ نَفسُـهُ لا تَشتَكـي سَـأَمـاً

وَما مَعَ الحُبِّ إِن أَخلَصتَ مِن سَـأَمِ



وَصَـلِّ رَبّـي عَلـى آلٍ لَـهُ نُخَـبٍ

جَعَلتَ فيهِم لِـواءَ البَيـتِ وَالحَـرَمِ



بيضُ الوُجوهِ وَوَجهُ الدَهرِ ذو حَلَـكٍ

شُمُّ الأُنوفِ وَأَنفُ الحادِثـاتِ حَمـى



وَأَهـدِ خَيـرَ صَـلاةٍ مِنـكَ أَربَعَـةً

في الصَحبِ صُحبَتُهُم مَرعِيَّةُ الحُـرَمِ



الراكِبيـنَ إِذا نـادى النَبِـيُّ بِـهِـم

ماهالَ مِن جَلَلٍ وَاِشتَـدَّ مِـن عَمَـم



الصابِريـنَ وَنَفـسُ الأَرضِ واجِفَـةٌ

الضاحِكينَ إِلـى الأَخطـارِ وَالقُحَـمِ



يارَبِّ هَبَّـت شُعـوبٌ مِـن مَنِيَّتِهـا

وَاِستَيقَظَت أُمَـمٌ مِـن رَقـدَةِ العَـدَمِ



سَعدٌ وَنَحـسٌ وَمُلـكٌ أَنـتَ مالِكُـهُ

تُديـلُ مِـن نِعَـمٍ فيـهِ وَمِـن نِقَـمِ



رَأى قَضـاؤُكَ فينـا رَأيَ حِكمَـتِـهِ

أَكرِم بِوَجهِـكَ مِـن قـاضٍ وَمُنتَقِـمِ



فَاِلطُف لِأَجلِ رَسـولِ العالَميـنَ بِنـا

وَلا تَـزِد قَومَـهُ خَسفـاً وَلا تُسِـمِ



يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِميـنَ بِـهِ

فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَـح حُسـنَ مُختَتَـمِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا وسهلا

رحـلات وجـولات ورسائل لا تنـتهى للعقـل والـروح وأحـيانا للجـسـد عــبر نـوافــذ الادراك المعـروفـة والمجهولة تتـخطـى المكان والـزمان تـخـوض بحـار العـلم و تـكشـف أسـرار المـعرفة حربـا علـى الظــلام والتحاقا بالنـور بحـثا عـن الخيــر والجـمـال ووصــولا الى الـحـق