الأربعاء، 4 يناير 2012

القصيدة و العنقاء ( بدر شاكر السياب )

جنازتي في الغرفة الجديدة 
تهتف بي أن أكتب القصيدة 
فأكتب 
ما في دمي و أشطب 
حتى تلين الفكرة العنيدة 
و غرفتي الجديدة 
واسعة أوسع لي من قبري 
إذا اعتراني تعب 
من يقظة فالنوم منها أعذب 
ينبع حتى من عيون الصّخر 
حتى من المدفأة الوحيدة 
تقوم في الزاوية البعيدة 
و ترفع الجنازة اليابسة المهدّمه 
من رأسها ترنو إلى الجدران 
و السفق و المرآه و القناني 
ما للزوايا مظلمة 
كأنهنّ الأرض للأنسان 
تريد أن تحطّمه 
بالمال و الخمور و الغواني 
و الكذب في القلب و في اللسان 
تريد أن تعيده 
للغاية البليده 
وصفحة المرآة ما لها تطلّ خاوية 
ما أثمرت بغانية 
بالشفة المرجان 
تنيرها كالشفق العينان 
و بالهنود العرية 
كهذه المرآه 
ستصبح الأرض بلا حياة 
و في الليالي الداجية 
في ذلك السكون فيه 
إلا الرياح العاوية 
سيفرغ الله من الأموات 
و يسحب الموت و يغفو فيه 
مثل دثار الليالي الشاتيه 
و هكذا الشاعر حين يكتب القصيدة 
فلا يراها بالخلود تنبض 
سيهدم الذي بنى يقوّض 
أحجارها ثم يملّ الصمت السكون 
و حين تأتي فكرة جديدة 
يسحبها مثلّ دثار يحجب العيونا 
فلا ترى إن شاء أن يكونا 
فليهدم الماضي فالأشياء ليس تنهض 
إلا على رمادها المحترق 
منتثرا في الأفق 
وتولد القصيدة



للمزيد : 
العَنْقَاء
العنقاء ( إيليا أبو ماضي )
القصيدة و العنقاء ( بدر شاكر السياب )
قصيدة العنقاء للمتنبي
العنقاء وسليمان عليه السلام
أسطورة العنقاء في الحضارات القديمة

روائع الشعر العربي 
الماورائيات
فلسفة وحكمة
ثقافة عامة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا وسهلا

رحـلات وجـولات ورسائل لا تنـتهى للعقـل والـروح وأحـيانا للجـسـد عــبر نـوافــذ الادراك المعـروفـة والمجهولة تتـخطـى المكان والـزمان تـخـوض بحـار العـلم و تـكشـف أسـرار المـعرفة حربـا علـى الظــلام والتحاقا بالنـور بحـثا عـن الخيــر والجـمـال ووصــولا الى الـحـق