الجمعة، 24 فبراير 2012

الإبل في الأدب العربي

اشتهر العرب بفصاحة اللسان ودقة البيان والتصوير وقوة المعنى وسعة الخيال واختيار ما يناسب من الكلام في تعريف أصغر ما يحيط بهم وأكبره . فكيف لا يكون للإبل النصيب الوافر في قواميس اللغة العربية . وهي التي كانت عماد الحياة البدوية خير مأكلهم ومشربهم وملبسهم ومركبهم فحياة العرب في الصحراء تكاد تكون مستحيلة لولا الجمل .
ومن أجل هذا احتوت اللغة العربية التعابير الخاصة بالإبل فلم يترك العرب أي صغيرة ولا كبيرة فيما يتعلق بها إلا وضعوا لها اللفظ أو الألفاظ فوضعوا الأسماء لها ولحملها ونتاجها ولأعمارها ورضاعها وفطامها . ونعتوها في طولها وقصرها وسمنها وهزالها وأصواتها وأوبارها ، وعقلها واجترارها ورعيها وبروكها وأبوالها ، وحركة أذنابها وأنواع سيرها ورياضتها والرحال وما فيها وكل ما يشد عليها ، وقيودها ونزع قيودها وسماتها وعيوبها وجربها وأمراضها ودوائها ….الخ .
وسنورد مقتطفات من بعض ما ورد في قواميس اللغة العربية عن الإبل :
- الإبل : ذكر الرازي في مختار الصحاح الإبل لا واحد لها من لفظها ، وهي مؤنثة لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الأولين فالتأنيث لازم لها ، والجمع (آبال) وإذا قالوا (إبلان) فإنما يريدون قطيعين من الإبل (والأبلة) بفتحتين الوخامه والثقل من الطعام .
- ويندرج تحت الإبل : البعير والناقة والجمل والنعم .
- البعير : وهو من الإبل بمنزلة الإنسان من الناس ويقع على الذكر والأنثى : حيث يقال : حلبت بعيري ، وصرعتني بعيري . والجمع : (أبعر ، أباعر ، وبعرات) .
- الجمل : وهو الذكر من الإبل وجمعه : (جمال ، و أجمال ، وجمالات ، وجمائل)
- والجمالة : أصحاب الجمال .
- الناقة : وهي الأنثى من الإبل ، ولا تسمى ناقة حتى تجذع . ومن جموعها (ناق ،ونوق ، ونياق ، وأنوق ، وأنيق) .

- النعم : وهي الإبل ، يذكر ويؤنث ، والجمع : أنعام
- الفرش : صغار الإبل .
- اطيط الإبل : أنينها من ثقل الحمل .
- البغام : صوت الإبل المتقطع .
- أبرقت الناقة : شالت من غير حمل ، وهي مبرق وبروق .
- الزفيف : من السير السريع ، وقيل هو الزميل .
- الحفد : سير دون الخبب .
- ثفنان البعير : ما أصاب الأرض من أعضائه ، أي الركبتان والسعدانه وتسمى الكركة ، وأصول الفخذين ، والأخفاف . واحدتها ثفنة .
- الجمزي : العدو دون الخصر وفوق العنق .
- الجمالة : جمع من الإبل إذا كانت ذكوراً كلها ، وأجمل القوم : كثرت جمالهم .
- الحوز : السير الرويد .
- الخبب : سير سريع تراوح الناقة فيه بين يديها ورجليها .
- الخبير : زبد أفواه الإبل .
- الخف : الخف من الإبل كالحافز من الخيل ، جمعه أخفاف ، وخفاف .
- الخيف : جلد الضرع ، وناقة خيفاء : واسعة جلد الضرع ، ويسمى الضرع خيفاً إذا خلا من اللبن ، والخيفانة : الناقة السريعة ، وقد شبهت بالجرادة .
- الأدب : الجمل الكثير وبر الوجه .
- الرسيم : سير للإبل سريع فوق الزميل .
- رشرش البعير : برك ثم فحص بصدره في الأرض لبروكه .
- الرغاء : صوت الإبل مع الضجيج .
- الأرقال : سرعة السير للإبل .
- الزفيف : من السير السريع وقيل هو الزميل .
- الإساد : أن تسير الإبل الليل مع النهار .
- السنور : فقارة عنق البعير .
- السنام : أعلى ظهر البعير ، وتسنم الفحل الناقة : علاها .
- شخشخت الناقة : رفعت صدرها وهي باركة .
- شراع البعير : عنقه .
- المشفر من البعير : بمنزلة الشفة من الإنسان ، والشفير : حد مشفر البعير .
- المشفوف : الجمل الهائج ، والمطلى بالقطران .
- الصائل من الجمال : الذي يخبط برجله ، وتسمع لجوفه دوياً من عزة نفسه عند الهياج ، وهو الذي يواثب راعيه ، ويواثب الناس فيأكلهم .
- التطفيل : السير الرويد .
- الطاط ، والطائط ، والطوط : الفحل الهائج .
- العطن : مبرك الإبل حول الماء . الجمع أعطان .
- العنق : سير مسبطر ، أي ممتد .
- الغارب : الكاهل ، والغاربان : ظهر البعير من مقدمه ومؤخره والغاربان من البعير حرفا الوركين اللذان فوق الذنب .
- الفرسن : طرف خف البعير . الجمع فراسن .
- فرشط البعير : برك بروكاً مسترخياً ، وألصق أعضاءه بالأرض .
- القرب : سير الليل لورود الغد .
 - القعود : الفصيل ، وهو الذي فصل عن أمه .
- القلوص : الشابه من الإبل .
- اللغام من الإبل : بمنزلة البصاق من الإنسان .
- تمغط البعير في سير : مد يديه مداً شديداً .
- الملاطان : كتفا البعير   وقيل : العضدان ، وجانبا السنام .
- النبل : السير الشديد للإبل .
- تنخنخ البعير : برك ، ومكن ثفناته في الأرض .
- المنسم : طرف خف البعير .
- النعج : ضرب من سير الإبل السريع ، والناعجة : الناقة التي يصاد عليها نعاج الوحش ، ولا يكون ذلك إلا في الإبل المهرية .
- الهدير : صوت البعير المستمر الذي لا يكاد ينقطع .
- هاج الفحل يهيج هياجاً : هدر ، وأراد الضرب .
- الوجيف : من السير السريع للإبل .
- الموحف : مبرك الإبل .
- الولق : سرعة سير الإبل .
- المواهقة : المواظبة على السير ، ومد الأعناق .
 ترنم الشعراء العرب في وصف الإبل ترنماً يدل على مدى ارتباطها بحياتهم حيث لا تكاد تخلو قصائد الشعراء العرب من ذكر الإبل وذكرت الإبل في معلقاتهم كمعلقة النابغة الذبياني وطرفة بن العبد والأعشى وحسان بن ثابت الأنصاري وغيرهم من الشعراء القدماء والحديثين والعاميين .
- ففي معلقة طرفة بن العبد شرح أحوال الناقة في سيرها وحركتها وفسر أجزاء جسمها حيث قال :
بعوجاءَ مرقالٍ تروح وتغتـدي
وإنِّي لأمضي الهمَّ ، عند احتضاره
على لا حبٍ كأنه ظهر برجـد
أمون كألواح الأران نصأتهــــا
سفنجة تبرى لأزعر أربـــد
جمالية وجناء  تردي  كأنهــــا
وظيفاً فوق مور معبـــــد
تباري عتاقاً نـــاجيات  واتبعت
حدائق مولي الأسرة أغيــــد
تربعت القفين في الشــول ترتعي
بذي خصل ، روعات أكلف ملبد
نريع إلى صوت المهيب  وتتقـي
حفافية شكا في العيب بمســرد
كأن جناحي مضرحي  تكتفـــاً
على حشف كالشن ذاو مجــدد
فطوراً به خلف الزميل ،  وتـارة
كأنهما باباً منيف ممـــــرد
لها فخذان أكمل النحص فيهمــا
وأجرنة لزت بدأي منضــــد
وطي محال كالحني خلوفــــه
وأطرقسي تحت صلب مؤيـــد
كأن كناسي ضالة  يكنفانهــــا
تمر بسلمي دالج  متشـــــدد
لها مرفقان أفتلان  كأنهـــــا
لتكتنفن حتى تشاد بقرمـــــد
كقنطرة الرومي أقسم ربهــــا
بعيدة وخد الرجل موارة اليـــد
صهابية العشنون موجدة القـرا
لها عضداها في سقيف مســـند
امرت يداها فتل شـزر  وأجنحت
لها كتفاها في معالي  مصعـــد
جنوح دفاق عندل ثــم  أفرعت
موارد من خلقاء في ظهر  قـردد
كأن علوب النشع في دأيآتهـــا
بنائق غر في قميص مقــــدد
تلاقي ، وأحياناً تبين كأنهــــا
 كسكان بوصي بدجلة مصعـــد
وأتلع نهـاص إذا صعدت  بــه
وعي الملتقي منها إلى حرف مبرد
وجمجمة مثل العلاة كأنمــــا
كسبت اليماني ، قده لم يحـــرد
وخد كقرطاس  الشـــــآمي
بكهفي حجاجي صخرة قلت  مورد
وعينان كلما ويتين  اســـتكنتا
كمكحولي مذعورة أم فرقــــد
طحوران عوار القذى ،  فتراهما
لهجس خفي أو لصوت منـــدد
وصادقتا سمع التوجس للسـرى
كسامعتي شاة بحومل   مفـــرد
مؤللتان تعرف العتـــق فيهما
كمرداة صخر في صفيح  مصمـد
وأروع نباض أحــــذ ململم
عتيق متى ترجم به الأرض تـزدد
وأعلم مخروت من الأنف مـارن
مخافة ملوي من القـد  محصــد
وإن شئت لم ترقل وإن شئت أرقلت
وعاملت بضيعيها نجـاء الخفيـدد
وإن شئت سامي واسط الكور رأسها
وفي هذه الأبيات يصف طرفة ناقته التي يمتطيها دائماً ، والتي يجد في امتطائها تفريجاً لهمه ، بأنها ناقة سريعة ، نشيطة ، يؤمن من يركبها ، لما تتميز من ضخامة واتزان في السير وهي تشبه في عدوها النعامة ، كما أنها تسابق في سيرها الإبل الأخرى ، وتتبع وظيف رجلها وظيف يدها من شدة عدوها ، وإن هذا النشاط وهذه الضخامة كانت نتيجة رعيها في مكان وافر العشب والغذاء . وهي مع هذا ذكية ترجع إلى رعيها ولا تمكن أي فحل من ضرابها .
ثم ينتقل طرفة إلى وصف ذنبها ويشبهه بجناحي نسر أبيض ، ويصف فخذيها وما بهما من لحم مكتنز بأنها شبيهان بباب قصر عال . وأما فقرات ظهرها فإنها متراصة متداخلة كأن الأضلاع المتصلة بهذه الفقرات قسي .
كما أن لهذه الناقة مرفقين قويين شديدين بائنين عن جنبها ، وشبه تراصف عظامها وتداخل أعضائها بقنطرة تبني . ثم ينتقل إلى وصف عنقها حين نهوضها ويقول :
إنها طويلة الرقبة سريعة النهوض ، ولها جمجمة صلبة كأن طرفها التقى بعظم حاد ووصف خدها بأنه أملس كما القرطاس . وأما مشفروها (الشفة) فهي كجلود البقر المدبوغة لينة ومستقيمة . ولها عينان مثل المرآة في صفائها وبريقها موضوعتان في مقلتين مثل الكهف.
أما أذناها فهما شديدتا السمع كأنهما أذنا ثور وحشي لما تمتاز به من التيقظ والاحتراز. وأما أنفها فإنها عندما تشم به الأرض يزداد عدوها . ومع هذا كله فهي مذللة ومروضة يستطاع التحكم فيها والسيطرة عليها في سيرها وعدوها .
- وقال الأعشى في معلقته في وصف الناقة والصحراء :
خنوف حيرانه  شــملال
 وعسر إدماء حادره  العيـون
ورعى الحمى وطول الحال
من سراه الهجان جلبها العض
عبيد عروقها من خــكال
لم تعطف على حوار ولم يقطع
كعدو المصلصل الجــوال
عنتريس تعدو إذا مسها السوط
- وقال امرؤ القيس في وصف ناقته وما تمتاز به من جودة اللحم والشحم :
ويوم عقرت للغداري مطيتــي
فيا عجباً من رحلها المتحمـــل
يظل العذارى يرتيمن بحملهــا
وشحم كهداب الدمسق المفتـــل
ويوم دخلت الخدر خدر عنيـزة
فقالت : لك الويلات إنك مرجلـي
تقول وقد مال الغبيط بنا معــاً
عقرت بعيري ياأمرؤ القيس فانزل
فقلت لها : سيري وأرخي زمامه
ولا تبعديني من جتاك  المعــلل
 (الغبيط : وهو الرحل الذي يوضع فوقه الهودج) .
- وقد ورد ذكر الإبل في شعر حسان بن ثابت حيث قال :
وأني لمزجاء المطي على الوجى
وإني لتراك الفراش الممهـــد
وأعمل ذات اللوث حتى أردهـا
إذا حل عنها رحلها لم تقيـــد
أكلفها إذا تـدلـج الليل  كلــه
تروح إلى باب ابن سلمى وتعتدي
وقال أيضاً :
مما يرون بها من الفتـر
والعيس قد رفضت أزمتها
مما أضر بها من الضمر
وعلت مساوئها محاسـنها
لفتاله بنجائب صعـــر
كنا إذا ركد النهار لنــا
يعفين دون النص والزجر
عوج ، نواج ، يعتلين بنا
ينفخن في حلق من الصفر
مستقبلات كل هــاجرة
كمبيت جوني القطار الكدر
ومناخها في كل  منزلـة
وقال المتنبي في ديوانه :
قلبي من الحزن أو جسمي من السقم
لا أبغض العيس لكني وقيت بها
حتر مرقف بنــا من جوش والعلم
طردت من مصر أيديها بأرجلها
تعارض الجدل مرخــــاة باللجم
تبرى لهن نعام الدو مســرحة
- أما النابغة الذبياني فيقول :
عليها الحبور محقبات المراجل
مقرنـــة بالعيس  والأدم
مذكرة نخل عن الكــــلال
نهضت إلى عذافرة صموت
 (العيس : الإبل البيض  ، الأدم : الإبل التي شاب بياضها صفره ، العذافرة : الناقة العظيمة الشديدة ، الصموت : التي لا تشكو من تعب ، مذكر : تشبه في خلقتها خلقة الجمل)
- ويقول عنترة في الإبل :
تحادثهن حراً أو غـرار
وللرعيان في لقح ثمــان
لقحن ونتج الأخر العشارا
أقام على حسيسـتهن حتى
ترن متونها ليلاً ظـؤارا
وقظن على لصاف وهن غلب
ويقول بعد أن أثقل الإبل بالأحمال مع شيبوب الذي يحدو لها :
تسير الهوينا وشيبوب حادي
وأرجع والنوق  موقـورة
وترقـد أعين أهـل الـوداد
وتسهر لي أعين الحاسدين
ويقول حين يعاين المطايا التي تحمل أحبته :
فرشت لدى أخفافها صفحة الخد
فإن عانيت عيني المطايا وركبها
- وقال الأعشى أيضاً في معلقته :
وهل تطيق وداعــــاً أيها الرجل
ودع هريرة إن الركب مرتحل
تمشي الهوينا كما تمشي الوجي الوحل
غراء فرعاء مصقول عواضها
 (الوجي : هو البعير الذي يمشي بهدوء في الأرض الموحلة بسبب الوحل وبسبب الخفا) .
- وقال أبو العلاء المعري :
 والماء فوق ظهورها محمول
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ
- وقال البحتري في ديوانه :
وخليل فإنني بالخيـــار
وإذا ما تنكرت لــي بـلاد
حولاً من أنجم الأســحار
وخدان القلاص حولاً إذا قابلن
غمارا من السراب الجاري
يترقرقن كالسراب وقد خضن
مبريــة بـل الأوتــار
كالقس المعطفات بـل الأسهم
- وقال محمود سامي البارودي في ديوانه :
بحمل بين سائمة مخـــاض
وروعاء المسامع مـاتمطت
خروج الليث من سدف الغياض
خرجت بها على البيداء وهنأ
إلى الغايات كالنبل المــواض
تقلب أيديــا  متســابقات
فما كفكفتها والليل غـــاض
مددت زمامها والصبح بـاد
أضافت آتياً منه  بمـــاض
فما بلغت مغيب الشمس حتى
فراحت وهي خاوية الوفـاض
أحال السير جرتها ومــاداً
رميت بها اعتزامي واعتراض
وما كانت لتسأم غير  أنـى
خرجت من السواد إلى البياض
هتكت بها سـتور الليل حتى
وقال الشاعر محمد بن محمد من شعراء موريتانيا :
تباريح إلا تود بالنفس تـــلعج
مذبت حميا الشوق في النفس واصطلت
فأشفي غليلي والبكا مفزغ الشجي
عشـية لا أسـتطيع صبراً ولا  بـكا
- (أحلبت ناقتك أم جلبت !) .
يقال أحلب الرجل ، إذا نتجت إبله إناثاً فيحلب ألبانها . وأجلب إذا نتجت إبله ذكوراً فيجلب أولادها للبيع . والعرب تقول في الدعاء على الرجل : لا أجلبت ولا أجلبت .
- (الذود إلى الذود إبل) .
الذود : اسم مؤنث يقع على قليل من الإبل بين الثلاثة إلى الثلاثين ولا يجاوز ذلك يضرب في اجتماع القليل إلى القليل حتى يؤدى إلى الكثير .
- (إذا زحف البعير أعتيه أذناه) .
يضرب لمن يثقل عليه حمله فيضيق به ذرعاً .
- (أصوص عليها صوص) .
أصوص : الناقة الحائل السمينة ، الصوص : اللئيم .
ويضرب هذا المثل للأصل الكريم يظهر منه فرع لئيم .
- (أول الصيد فرع) .
الفرع : أول ولد للناقة ، كانوا يذبحونه لآلهتهم يتبركون بذلك .
يضرب هذا المثل عند أول ما يرى من خير في زرع أو ضرع ، ويضرب أيضاً لمن لم ير منه خير قبل فعلته هذه .
- (إن تسلم الجلة فالنيب هدر) .
الجلة : جمع جليل يعني العظام من الإبل ، والنيب : جمع ناب وهي الناقة المسنة ويعني ذلك إذا سلم ما ينتفع به ، ها ما لا ينتفع به .
- (إحدى عشياتك من سقى الإبل) .
يضرب للمتعب في عمل .
- (إبلي لم أبع ولم أهب) .
يعني ذلك لم أبعها ولم أهبها ، يضرب للظالم يخاصمك فيما لاحق له فيه .
- (إنها الإبل بسلامتها) .
يضرب لمن تزدريه فأخلف ظنك .
- (إذا شبعت الدقيقة لحست الجليلة) .
الدقيقة : الغنم ، الجليلة : الإبل وهي لا يمكنها أن تشبع ، والغنم يشبعها القليل من الكلأ ، فهي تفعل ذلك . يضرب للفقير غير الغني .
- (إذا جاء أجل البعير حام حول البير) .
- (التمر في البئر وعلى ظهر الجمل) .
يعني ذلك أي من سقى وجد عاقبة سقيه في تمره .
- (اتخذ الليل جملاً) .
يضرب لمن يعمل العمل بالليل من قراءة أو صلاة أو غيرها مما يركب في الليل .
- (تؤطن الإبل وتكاف المعزى) .
أي أن الإبل توطن نفسها المكارة لقوتها ، وتعافها المعزى لذلتها وضعفها .
يضرب للقوم تصيبهم المكارة ، فيوطنون أنفسهم عليها ، ويعافها جنباؤهم .
- (أتخم من فصل) .
لأنه يرضع أكثر مما يطيق ، ثم يتخم ، وكان الأصل أن يقال أوخم من وخم يوخم .
- (أثقل من حمل الدهيم) .
الدهيم : اسم ناقة عمر بن زبان .
- (ابغض من الطلياء) .
الطلياء : الناقة الجرباء المطلية بالقطران .
- (الجمل من جوفه يجتر) .
يضرب لمن يأكل من كسبه أو ينتفع بشيء يعود عليه بالضرر .
- (حبلك على غاربك) .
الغارب : أعلى السنام ، ولهذا كناية على الطلاق أي أذهبي حيث شئت ، وأصله أن الناقة إذا رعت وعليها الخطام ألقي على غاربها لأنها إذا رأت الخطام لم يهنئها شيء .
- (حلوبة تثمل ولا تصرح) .
الحلوبة : الناقة التي تجلب لأهل البيت أو للضعيف ، وأثملت الناقة إذا كان لبنها أكثر ثمالة من لبن غيرها ، والثمالة : الرغوة ، وصرحت إذا كان لبنها صراحاً أي خالصاً . يضرب للرجل يكثر الوعيد والوعد ، ويقل وفاؤه بها .
- (أحن من شارف) .
الشارف : الناقة المسنة ، وهي أشد حنيناً على ولدها من غيرها .
- (آخر البز على القلوص) .
البز : الثياب ، القلوص : الأنثى من الإبل .
- (بئس ما أفرعت به كلامك) .
الفرع : ذكرنا أنه أول ولد نتجته الناقة . ومع ذلك أنه بئس ما ابتدأت كلامك به .
- (أخلف من بول الجمل) .
هذا من الخلاف لا من الخلف لأنه يبول إلى الخلف .
- (أخبط من عشواء) .
هي الناقة التي لا تبصر بالليل . فهي تطأ كل شيء ، ويقال في مثل آخر إن أخا الخلاط أعشى بالليل . قالوا الخلاط : القتال . وصاحب بالليل لا يدري من يضرب .
- (أذل من بعير سانية) .
وهو البعير الذي يستقي عليه الماء ، قال الطرماح :
وأعرف للهوان من الخصاف
قبيلة أذل من السواني
- (جاء كخاصي العير) .
يضرب لمن جاء مستحياً وذلك لأن خاصي العير يطرق رأسه عند الخصاء ، ويتأمل في كيفية ما يصنع .
- (ركب المغمضة) .
أصلها الناقة ذيدت عن الحوض فغمضت عينيها ، فحملت على الذائد فوردت الحوض .
مغمضة : يضرب لمن ركب الخطة على غير بيان .
- (رزمة ولا درة) .
الرزمة : حنين الناقة ، الدرة : كثر اللبن وسيلانه : يضرب لمن يعد ولا يفي .
- (رباعي الإبل لا يرتاع من الجرس) .
الرباعي : الذي ألقى رباعيته من الإبل وغيرها وهي السن التي بين الثنية والناب يضرب لمن لقى الخطوب ومارس الحوادث .
- (أرجل من خف) .
يعنون به البعير ، والجمع أخفاف وهي قوائمه .
- (أساء رعياً فسقى) .
يعني أن يسيء الراعي الإبل نهاره حتى إذا أراد أن يريحها إلى أهلها كره أن يظهر لهم سوء أثره عليها فيسقيها الماء لتملأ منه أجوافها . يضرب للرجل لا يحكم الأمر ثم يريد إصلاحه فيزيده فساداً .
- (سلط الله عليه الأيهين) .
يعني السيل والجمل الهائج .
- (شر الضروب مادر على العصب) .
وهو أن يشد فخذ الناقة حتى تدر . ويقال لتلك الناقة عصوب .
- (شر دواء الإبل التذبيح) .
وذلك أن السنة إذا كانت مجدبة يخاف منها على الإبل ذبحوا أولادها لتسلم الآفات . يضرب لمن فر من أمر فوقع في شر منه .
- (شر مرغوب إليه فصيل ريان) .
وذلك لأن الناقة لا تكاد تدر إلا على ولد أو على بو ، فإذا كان الفصيل ريان لم يجرها فبقي أربابها من غير لبن . يضرب للغني التجأ إليه محتاج.
- (أشأم من طير العراقيب) .
هي طير الشؤم عند العرب ، وكل طائر يتطير منه للإبل فهو من طير عرقوب لأنه يعرقبها .
- (أشرب من الهيم) .
الهيم : هي الإبل العطاش ، قال الله تعالى (فشاربون شرب الهيم) .
قال الشاعر : ويأكل أكل الفيل من بعد شبعه      ويشرب شرب الهيم من بعد أن يروى
- (أشأم من سراب) .
وهو اسم ناقة البسوس .
- (صدقني سن بكرة) .
البكر : الفتى من الإبل ، ويضرب مثلاً في الصدق .
- (صبحى سكوت فاستنشقت طالق) .
يقال ناقة صبحى ، إذا حلب لبنها . والطالق : الناقة يتركها الراعي لنفسه فلا يحلبها على الماء . يضرب للرجلين يعذر أحدهما في أمر تقلداه معاً ولا يعذر الآخر فيه لاقتداره عليه إن عجز صاحبه .
- (ضرب أخماساً لأسداس) .
الخمس والسدس : من أظمأ الإبل ، والمعنى أن الرجل إذا أراد سفراً بعيداً عود إبله أن تشرب خمساً ثم سدساً حتى إذا أخذت في السير صبرت على الماء والمعنى أيضاً أخماساً لأجل أسداس ، أي رقى إبله من الخمس إلى السدس . يضرب لمن يظهر شيئاً ويريد غيره
- (ضربه ضرب غرائب الإبل) .
يعني ذلك أن الغريبة تزدحم على الحياض عند الورود ، وصاحب الحوض يطردها ويضربها بسبب إبله ، يضرب هذا المثل في دفع الظالم عن ظلمه بأشد ما يمكن .
- (الضجور قد تحلب العلبة) .
الضجور : الناقة الكثيرة الرغاء ، فهي ترغو وتحلب ، يضرب للبخيل يستخرج منه الشيء رغم أنفه .
- (ضوارب بست لعرف باليد) .
الضارب : الناقة تضرب حالبها ، والعرف والعرفة : قروح تخرج باليد وإذا عرف الحالب لم يقدر أن يحلب . يضرب لمن كلف ما يعجز عنه .
- (ظئار قوم طعن) .
الظئر : الحاصنه ، ظأرت الناقة : إذا عطفتها على ولد غيرها . يضرب لمن يحمل على الصلح خوفاً .
- (عود يقلح) .
العود : البعير المسن ، التقليح : إزالة القلح ، وهو خضرة أسنانها ، وصفرة أسنان الإنسان
يضرب للمسن يؤدب ويراض.
- (العنوق بعد النوق) .
العناق : الأنثى من أولاد المعز ، وجمعه عنوق ، وهو جمع نادر والنوق جمع ناقة . يضرب لمن كانت له حال حسنة ثم ساءت .
- (عشب لا بعير) .
أي هذا عشب وليس بعيراً يرعاه ، يضرب للرجل له مال كثير ، ولا ينفقه على نفسه ولا على غيره .
- (عنيته تشفي الجرب) .
العنية : بول البعير يعقد في الشمس يطلى بها الأجرب وتزيل عناءه الذي يلقاه من الجرب. يضرب للرجل الجيد الرأي يستشفى برأيه في ما ينوب.
- (أعقل وتوكل) .
يضرب في أخذ الأمر بالحزم والوثيقة ، ويروى أن قال للنبي (ص) أرسل ناقتي وأتوكل ؟ قال : أعقلها وتوكل .
- (عودي إلى مباركك) .
أي عاد إلى طريقه الأولى ، يضرب في عادة السوء يدعها صاحبها ثم يرجع إليها (عند رؤوس الإبل أربابها) . يضرب لمن يندرئ ويطغى على صاحبه . أي عندي من يمنعك .
- (العير ركضته أمه) .
ويروى ركلته أمه . ويضرب لمن يظلمه ناصره .
- (عير رغى أنفه الكلأ) .
أي وجد ريحه فطلبه . يضرب لمن يستدل على الشيء بظهور مخايله .
- (غلبت جلتها حواشيها) .
الحاشية : صغار الإبل ، الجلة : عظامها ، جمع جليل . يضرب لمن عظم أمره بعد أن كان صغيراً ، فغلب ذو الأسنان .
- (الغرة تجلب الدرة) .
يقال غارت الناقة إذا قل لبنها ، والغرة اسم منه ، يعني أن قلة لبنها تعد وتخبر بكثرته فيما يستقبل . يضرب للذي قل عطاؤه ويرجى كثرته بعد ذلك .
- (كالعاطف على العاض) .
وأصل المثل أن ابن المخاض ربما أتى أمه يرضعها فلا تمنعه ، وربما عض على ضرعها فلا تمنعه أيضاً . يضرب لمن يواصل من لا يواصله ويحسن لمن يسيء إليه .
- (كأنما أنشط من عقال) .
الأنشوطة : عقدة يسهل انحلالها ، العقال : ما يشد به وظيف البعير إلى ذراعه . يضرب لمن يتخلص من ورطة فينهض سريعاً .
- (كانت عليهم كراغية البكر) .
يعنون رغاء بكر ثمود حين عقر الناقة قدار بن سالف . يضرب في التشاؤم بالشيء .
- (كالمهدر في العنة) .
المهدر الجمل له هدير ، العنة مثل الحظيرة تجعل من الشجر للإبل وربما يحبس فيها الفصيل عن الضراب . يضرب للرجل لا ينفذ قوله ولا فعله.
- (كفى برغائها منادياً) .
يضرب في قضاء الحاجة قبل سؤالها . ويضرب للرجل تحتاج إلى نصرته أو معونته . فلا يخصرك وتعيل بأنه لم يعلم .
- (كالمحتاض على عرض السراب) .
يضرب لمن يطمع في محال . واحتاض أي اتخذ حوضاً . والصحيح حوض وحاض يحوض حوضاً إذا اتخذ حوضاً .
- (كرها تركب الإبل السفر) .
يضرب للرجل يركب من الأمر ما يكرهه .
- (كالحانه في أخدى الإبل) .
يعني الناقة المتأخرة تحن إلى الأوائل . يضرب لمن يفتخر بمن لا يبالي به ولا يهتم لأمره.
- (اللقوح الربعية مال وطعام) .
أصل هذا في الإبل . وذلك أن اللقوح هي ذات الدر ،والربيعة هي التي تنتج في أول النتاج، فأرادوا أنها تكون طعاماً لأهلها يعيشون بلبنها لسرعة نتاجها ، وهي مع هذا مال . يضرب في سرعة قضاء الحاجة .
- (لقي ما لقي المنتوف باركاً) .
وذلك أن البعير ينتف باركاً . يضرب لمن لقي شدة وأذى .
- (لا يضر الحوار ما وطئته أمه) .
يضرب في شفقة الأم ، الوطأة ضارة في صورتها ولكنها إذا كانت من مشفق خرجت من حد الضرر ، لأن الشفقة تثنيها عن بلوغها حده .
- (لا يلبث الحلب الحوالب) .
ومعناه يأخذ الحالب حاجته من اللبن قبل صاحب اللبن .
- (لا تبرك الإبل على هذا) .
يضرب لما لا يصبر عليه لشدته .
- (ما أرخص الجمل لولا الهرة) .
وذلك أن رجلاً ضل له بعير فأقسم لئن وجده ليبيعه بدرهم فأصابه ، فقرن به هره وقال أبيع الجمل بدرهم ، وأبيع الهرة بألف درهم ، ولا أبيعهما إلا معاً .
فقيل له : ما أرخص الجمل لولا الهرة . فجرت مثلاً يضرب في الخسيس والنفيس يقترنان
- (ما في سنامها هنانة) .
هنانة : شحم وسمن ، يضرب لمن لا يوجد عنده خير .
- (من شؤمها رغاؤها) .
يضرب عند الأمر يعسر ويكثر الاختلاف .
- (الناقة جن ضراسها) .
يقال ناقة ضروس ، إذا كانت سيئة الخلق عند النتاج ، وإذا كانت كذلك حامت على ولدها . وجن كل شيء أوله وقرب عهده . يضرب للرجل الذي ساء في حلقه عند المحاماة .
- (الناس كإبل مائة لا تجد فيها واحلة) .
أي أنهم كثيرون ، ولكن قل منهم من يكون فيه خير .
- (هل تنتج الناقة إلا لمن لقحت له) .
ومعنى المثل هل يكون الولد إلا لمن يكون له الماء .
- (دهمه في مثل حدقة البعير) .
يضرب لمن هو في خصم ونعمة ، وذلك أن حدقة البعير أخصب ما فيه ، لأن بها يعرفون مقدار سنها وفيها يبقى آخر النقي .
- (هذا أمر لا تبرك عليه الإبل) .
يضرب للأمر العظيم الذي لا يصبر عليه .
وفي الأمثال الشعبية :
- (الناقة ما تضر حوارها) أي أن الناقة لا تؤذي حوارها .
- (الجمل ما يدريش على عوج رقبته) أو (لو بص الجمل لصنمه لقطعه) يضرب هذا المثل في الشخص الحقير يعجب بنفسه ، ولا ينظر لحالته بل ينظر إلى عيوب غيره .
- (الناقة عضاضة والحوار مشوم) مثل يقال للولد السيء ، وللوالد الأسوأ .
- (الناقة ناقتي والبدعة بحذاها) قالوا أن رجلاً لا يعرف الإبل فاشترى ناقة ، وبعد مدة ولدت حواراً فجاء الرجل ليرى ناقته فشاهد الحوار وهو لا يعرف أن الإبل تلد ، وهذا المثل يقال للشخص الذي ينكر شيئاً من مألوفه .
- (حلبها وقعمز شربها وناض) مثل يقال لانتهاء الأمر .
- (اللي يهدر ما يرغيش) الهدير للجمل علامة للقوة والزعامة . والرغاء يصدر عند الضعف والمثل يقال بمعنى الذي يعتمد القوة يجب أن لا يضعف .
- (ناقتين وأفحول . وليلتين وحول . ثلث أسنين أدول) والمعنى أنه إذا ملكت ناقتين وجملاً . وانتقلت إلى الصحراء . فبعد ثلاث سنوات تكون لك مجموعة من الإبل .
- (وبرة غارب) يقال للشخص الذي لا أصل له ولا مكانه .
- (الجمل الأبيض كله شحم) مثل يقال للشخص الذي يعتقد أنه غني وهو قليل المال .
- (زي الجمل الأسود) يقولون أنه يجمع كل العيوب .
- (زي هدير الناقة) مثل يقال للوعيد الذي يتوعده الجبان .
- (ينوض الجمل ويخلف البعر) مثل يقال للرجل الفاضل يترك ولداً سيئاً .
- (أمه في البل) مثل يقال للشخص الذي له أنصار في القبيلة .
- (زي البعير الأجرب) مثل يقال للشخص السيء أو المرأة السيئة .
- (الأجرب حكاك والخائب شكاك) أي أن الأجرب يحك جسمه بأي شيء صلب ، والسارق يشك في الآخرين .
- (المغصوبة ما تلقحش) الناقة لا ترغم على تقبل الذكر ، وإذا تم ذلك فإنها لا تحمل .
1- ناقة صالح عليه الصلاة والسلام :
حيث قال علماء التفسير والنسب : أن ثمود بن عاثر بن سام بن نوح حي من أحياء العرب العاربة ، قبل إبراهيم عليه السلام . وكانت ثمود بعد عاد، ومساكنهم مشهورة بين الحجاز والشام إلى وادي القرى وما حوله . وقد أرسل الله سبحانه وتعالى إلى هؤلاء القوم ، أخاهم صالح عليه السلام يدعوهم إلى عبادة الله . واقترحوا على صالح ، أن يأتيهم بآية من آيات الله حتى يتبينوا صدقه لكي يؤمنوا بما جاء به . واشترطوا عليه أن يخرج لهم من صخرة حماء يقال لها الكابتة ، ناقة عشراء تمخض فقبل صالح ذلك ، وأخذ عليهم العهود والمواثيق ، لئن أجابهم الله طلبهم ليؤمنن به وليتبعنه فلما أعطوه عهودهم ومواثيقهم ، قام صالح عليه السلام إلى صلاته . ودعا الله عز وجل . فتحركت تلك الصخرة ، ثم انصدعت عن ناقة جوفاء وبراء ، يتحرك جنينها بين جنبيها ، كما اشترطوا . فعند ذلك آمن رئيسهم (جذع بن عمرو) ومن كان معه على أمره . وأقامت الناقة وفصيلها بعدما وضعته بين أظهرهم مده تشرب من بئرها يوماً ، وتدعه لهم يوماً . وكانوا يشربون لبنها يوم شربها ، فيملأون ما شاءوا من أوانيهم. وكانت كبيرة الحجم ، رائعة المنظر ، فلما طال عليهم الحال ، واشتد تكذيبهم لصالح عليه السلام ، عزموا على قتلها ليستأثروا بالماء كل يوم ، ويقال : أن الذي قتلها قد طاف على جميع القوم ليأخذ مواقفهم على قتلها فوافقوه ، ولما قتلوها وبلغ ذلك صالح عليه السلام ، جأهم مجتمعون . فلما رأى الناقة بكى وقال : تمتعوا في داركم ثلاثة أيام  فأرسل الله سبحانه وتعالى بعدها عليهم عذابه ، فأصبحوا في دارهم جاثمين .
2- ناقة رسول الله (ص) القصواء :
وهي الناقة التي نقلت الرسول(ص) مع صاحبه أبو بكر إلى المدينة .
قال ابن اسحق : أقام رسول الله(ص) بقباء، في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ، ويوم الأربعاء ، ويوم الخميس ، وأسس مسجده . ثم أخرجه الله من بين أظهرهم يوم الجمعة  وبنو عمرو بن عوف يزعمون أنه مكث فيهم أكثر من ذلك فالله أعلم أي ذلك كان. فصلى رسول الله (ص) الجمعة في بني سالم بن عوف ، فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي رنوناء فكانت أول جمعه صلاها بالمدينة . فأتاه عتبان بن مالك وعباس بن نضلة قي رجال من بني سالم بن عوف فقالوا : يا رسول الله .
أقم عندنا في العدد والعدة والمنعة : قال خلوا سبيلها . فإنها مأمورة ، لناقته ، فخلوا سبيلها فانطلق حتى إذا وازنت دار بني بياضة ، تلقاه زياد بن لبيد ، وفروة بن عمرو ، وفي رجال بني بياضة فقالوا : يا رسول الله ، هلم إلينا ، أي العدد والعدة والمنعة قال : خلوا سبيلها فإنها مأمورة ، فخلوا سبيلها ، فانطلقت حتى إذا درت بدار بني ساعده ، اعترضه سعد بن عبادة ، والمنذر بن عمرو ، في رجال من بني ساعده فقالوا : يا رسول الله ، هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة ، قال : خلوا سبيلها فإنها مأمورة وهكذا حتى مرت بدار بني الحارث ثم دار بني عدي ابن النجار حتى أتت دار بني مالك بن النجار ، بركت على باب مسجده صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ مربد (مكان يجفف فيه التمر) لغلامين يتيمين من بني النجار ثم من بني مالك بن النجار وهما في حجر معاذ بن عفراء ، سهل وسهيل ابني عمرو ، فلما بركت الناقة ورسول الله عليها لم ينزل ، وثبت فسارت غير بعيد ورسول الله (ص) واضع لها زمامها لا يثنيها به ثم التفتت إلى خلفها فرجعت إلى مبركها أول مرة ، فبركت فيه ، ثم تحلحلت ورزمت ألقت بعنقها ولزمت مكانها ولم تبرح فنزل رسول الله (ص) فاحتمل أبو أيوب خالد بن زيد رحله ، فوضعه في بيته ونزل عليه رسول الله (ص) وسأل عن المربد لمن هو ؟ فقال له معاذ بن عفراء هو يا رسول الله (ص) لسهل وسهيل ابني عمرو وهما يتيمان لي ، وسأرضيهما منه ، فاتخذه مسجداً .
فأمر به رسول الله (ص) أن يبنى مسجداً (وهو مبرك الناقة بدار بني مالك) .
3- ناقة البسوس :
وهي الناقة التي حصل بسببها أشهر حروب العرب في الجاهلية وهي حرب البسوس وسبب هذه الحرب أن كليب بن ربيعة بن الحارث بن مره التغلبي (185-135 قبل الهجرة) علا شأنه في قومه حتى ضرب به المثل في القوة . وكانت زوجته جليلة بنت مره من بني شيبان من قبائل بكر ، وكان لها عشرة أخوة أصغرهم يسمى جساساً الذي سبق أخوته جميعاً في القوة والشجاعة . وكان لجساس خالة تسمى بسوس بنت منقذ التميمية ، وكان لها جار من جرم يقال له سعد بن شمس ، وكانت له ناقة يقال لها سراب ، وكان كليب قد حمى أرضاً من أراضي العالية في أنف الربيع ، فلم يكن يرعاه أحد إلا الإبل جساس لصاهرة بينهما ، وذلك أن جليلية بنت مرة أخت جساس كانت تحب كليباً فخرجت سراب ناقة الجرمي في إبل جساس ترعى في حمى كليب ونظر إليها كليب فأنكرها فرماها بسهم فاختل ضرعها فولت حتى بركت بفناء صاحبها ، وضرعها يشخب لبناً ودماً فلما نظر إليها صرخ بالذل ، فخرجت جارية البسوس فنظرت إلى الناقة فلما رأت ما بها ضربت يدها على رأسها ونادت : "وأذلاه" ثم أنشأت تقول :
لما خيم سعد وهو جار لأبياتــي
لعمرك لو أصبحت في دار  منقذ
متى يعد فبها الذئب يعد على شتاتي
ولكنني أصبحت في دار  غربـة
فإنك في قوم عن الجار أمــوات
فيها سعد لا تغرر بنفسك وارتحل
لراحلة لا يفقدونــي بنياتــــي
ودونك أذوادي فــــإني عنهـم
فلما سمع جساس قولها سكنها وقال : أيتها المرأة ليقتلن غداً جمل هو أعظم عقراً من ناقة جارك ، ولم يزل جساس يتوقع غرة كليب حتى خرج كليب لا يخاف شيئاً ، وكان إذا خرج تباعد عن الحي ، فبلغ جساساً خروجه ، فخرج على فرسه وأخذ رمحه وتبعه عمرو بن الحارث ، فلم يدركه حتى طعن كليباً ودق صلبه ، ثم وقف عليه فقال يا جساس : أغثني بشربة ماء . فقال جساس : تركت الماء وراءك ، وانصرف عنه ولحقه عمرو وقال : ياعمرو اغثني بشربة ، فنزل إليه فأجهز عليه ، فضرب به المثل فقيل :
المستجير بعمرو عند كربته             كالمستجير من الرمضاء بالنار
وأقبل جساس يركض حتى هجم على قومه ، فنظر إليه أبوه وركبته بادية ، فقال لمن حولـه : فقد آتاكم جساساً بداهية ، قالوا . ومن أين عرفت ذلك ؟ قال : لظهور فإني لا أعلم أنها بدت قبل يومها ، ثم قال : ما وراءك يا جساس ؟ فقال : والله طعنت طعنة لتجمعن منها عجائز وائل رقصاً . قال وماهي ، ثكلتك أمك ؟ قال : قتلت كليباً ، قال أبوه : بئس لعمر الله ما جنيت على قومك ، فقال جساس :
فإن الأمر جل عن التلاحي
تأهب عنك أهبة ذي امتناع
تغص الشيخ بالماء القراح
فإني قد جنيت عليك حرباً
فأجابه أبوه :
فلا وإن ولا رثَّ السلاح
فإن تك قد جنيت علي حرباً
بها يوم المذلة  والفضاح
سألبس ثوبها وأذب عنـي
ثم قوضوا الأبنية ، وجمعوا النعم والخيول ، وأزمعوا للرحيل ، وكان همام بن مرة أخو جساس نديماً لمهلهل بن ربيعة أخي كليب ، فبعثوا جارية لهم إلى همام لتعلمه بالخبر وأمروها أن تسره من مهلهل ، فأتتهما الجارية ، وكان بينهما عهد أن لا يكتم أحدهما صاحبه شيئاً ، فقال له أخبرتني أن أخي جساساً قتل أخاك ، قال مهلهل : أخوك أضيق إستاً من ذلك ، وسكت همام ، وأقبلا على شرابهما ، فجعل مهلهل يشرب شرب الآمن ، وهمام يشرب شرب الخائف ، فلم تلبث الخمر مهلهلاً أن صرعته فانسل همام فرأى قومه وقد تحملوا فتحمل معهم، وظهر أمر كليب فقال مهلهل لنسوته : ما دهاكن ؟ فقلن العظيم من الأمر ، قتل جساس كليباً ، ونشب الشر بين تغلب وبكر أربعين سنة كلها يكون لتغلب على بكر ، وكان الحارث بن عاد البكري قد اعتزل القوم ، فلما استمر القتل في بكر اجتمعوا إليه وقالوا : قد فنى قومك . فأرسل المهلهل بجبيراً ابنه وقال : قل له : أبو جبير يقرئك السلام ويقول لك : قد علمت أني اعتزلت قومي لأنهم ظلموك وقد خليتك وإياهم وقد أدركت ، وترك فأنشدك الله في قومك .
فأتى بجبير مهلهلاً وهو في قومه ، فأبلغه الرسالة فقال : من أنت يا غلام ؟ قال : بجير بن الحارث بن عباد ، فقتله ثم قال : " بؤبشسع كليب " ، فلما بلغ الحارث فعله قال : نعم القتيل بجبير إن أصلح بين هذين الفارين قتله وسكنت الحرب به وكان الحارث من أحلم الناس في زمانه فقيل له : إن مهلهلاً قال له حين قتله : بؤبشسع كليب ، فلما سمع هذا خرج مع بني بكر مقاتلاً مهلهلاً وبني تغلب ثائراً بجبير وأنشأ يقول :
إن بيع الكريم بالبشسع غالي
قربا مربط النعامة منـي
لقحت حرب وائل عن حيال
قربا مربط النعامة منـي
وأني بشرهـا  اليوم صالي
لم أكن من حناتها علم الله
النعامة : فرس الحارث ، وكان يقال للحارث : فارس النعامة ثم جمع قومه والتقى وبنو تغلب على جبل يقال له قضه فهزمهم ولم يقوموا البكر بعدها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا وسهلا

رحـلات وجـولات ورسائل لا تنـتهى للعقـل والـروح وأحـيانا للجـسـد عــبر نـوافــذ الادراك المعـروفـة والمجهولة تتـخطـى المكان والـزمان تـخـوض بحـار العـلم و تـكشـف أسـرار المـعرفة حربـا علـى الظــلام والتحاقا بالنـور بحـثا عـن الخيــر والجـمـال ووصــولا الى الـحـق