الطاوية (بالـصينية: 道教 = Dàojiào) مجموعة مبادئ، تنقسم لفلسفة وعقيدة دينية، مشتقة من المعتقدات الصينية الراسخة القدم. من بين كل المدارس العقلية التي عرفتها بلاد الصين، تعتبر الطاوية الثانية من حيث تأثيرها على المجتمع الصيني بعد الكونفشيوسية.
تعريب الكلمة، الهدي، الطريقة أو الطريق، الذي يسلكه أتباع الديانة، اسمهم المهديون أتباع الهدي، وديانتهم الهداية.
حين بدأت الديانات الإبراهيمية (يهودية، مسيحية، إسلام) من الأعلى إلى الأسفل (الله وملائكته)، بدأ أتباع الهدي من الأسفل إلى العالم العلوي. راقب قدماء الصينيين الإنسان ببساطة، ثم جردوه من غلافه للمقارنة بينه وبين الحيوان، فظهر جليا أن الأشياء الحية المتطورة لها أصلان، ذكري وأنثوي، متضادان، متحدان (الين YIN الأنثوي واليانغ Yang الذكري)، منبعهما شيء له صفتان، غموض أنثوي ونشاط ذكري، أصل كل الأنواع على الأرض وغيرها، التاو (DAO)، طاو، أو الهدي كما يعربه البعض.
لو كانت فرصة، للاحظ القدماء أن البكتيريا تتواصل أيضا، بأعضاء شبه تناسلية، (Pili)، مع أنها تعتبر الكائنات البدائية.
الطاوية، بالمعنى المتداول اليوم، تشمل تيارين أو مدرستين متباينتين: مدرسة فلسفية، نشأت أثناء الفترة الكلاسيكية لحكم سلالة "تشو" في الصين، المدرسة الثانية عبارة عن مجموعة من معتقدات الدينية، طورت خمسمائة سنة بعد المدرسة الأولى، وفي ظل حكم سلالة "هان".
نشأت المدرسة الأخيرة بعد ظهور أحد الحكماء واسمه "لاو تسي"، قام الأخير بإملاء تعاليمه على أحد المنتسبين إلى المدرسة الطاوية الأولى وهو "تشانغ داولنغ"، وقعت هذه الأحداث في جبال السيشوان، ويؤرخ البعض أحداثها سنة 142 بعد الميلاد. على الرغم من التأثيرات ذات الطابع الديني والمأخوذة من المعتقدات القديمة للأهالي، الديانة الشامانية، الكهانة أو الشعوذة، على رغم كل هذه التأثيرات استطاعت المدرسة الطاوية الفلسفية الحفاظ على نفسها، في نفس الوقت شقت الديانة الطاوية لنفسها طريقا وسطا، ويتجلى تأثيرها أكثر في الثقافية الشعبية الصينية.
مصطلحات: قد تلاحظ أن التسمية العربية للفلاسفة الصينيين لها نفس مشاكل التسمية في لغات أخرى، فتشوانغ تسو مثلا، هو شوان زي، حين يسمى بالانجليزي Chuang tzu أو Zunag zi وبالفرنسي Tchouang Tseu.
النشأة
ظهرت وتطورت المدرسة الطاوية الفلسفية أثناء الانتعاش الفكري الذي صاحب فترة حكم سلالة "تشو"، عرفت الفترة ظهور العديد من المدارس الفلسفية، كانت تتنافس مع بعضها حتى تحظى بشرف تقديم النصائح للحكام (في المقاطعات)، حول الكيفية الأمثل حتى يحيوا حياة أفضل وحتى يحسنوا تسيير الأمور في عالم تتسارع فيه وتيرة التغيرات السياسية والاجتماعية.
تدعو هذه المدرسة إلى احترام الذات والانعزال عن الحياة العامة، تفرعت هذه المبادئ عن التقاليد الصينية القديمة للتصوف والعبادة التأملية والتي ارتبطت باليوغا. قام الفيلسوف "تشوانغ تسو" بتطوير هذه المبادئ في نهاية القرن الـ4 قبل الميلاد.
التعاليم الدينية
الفلسفة
مبادئ الطاوية |
حتى يكون الإنسان في حالة تناغم مع الـ"طاو "، وجب عليه أن يمارس الـ"لافعل" (وو واي)، أو على الأقل اجتناب كل الأفعال الناتجة عن الغصب (الإجبار)، الاصطناع أو الغير خاضعة للطبيعية.
عن طريق التناغم التلقائي مع نزوات طبيعته الذاتية الأساسية، وترك كل المعارف العلمية المكتسبة، يتحد الإنسان مع "الطاو" ويستخلص منه قوة غامضة (دي). بفضل هذه القوة يستطيع الإنسان تجاوز كل المستحيلات على ذوي البشر العاديين، على غرار الموت والحياة.
اعتبرت المدرسة الطاوية المبكرة هذه القوى بأنها سحرية، فيما اعتبرها كل من "لاوتسو" (老子) و"تشوانغ تسو" (莊子) قوى ناتجة عن أهلية الشخص (اِسْتِحْقاق)، وعوامل الطبيعية والتلقائية.
انتقد "تشوانغ سو" (莊子) ما كان يذهب إليه كل من "كونفيشيوس" وأتباع مدرسة "موتسه"، من أن الحكمة الإنسانية وحدها يمكن أن تقود إلى استكشاف الـ"طاو"، كان يعتقد أن التمييز (الذاتي، التلقائي) للأفكار التصورية هو المسئول عن انفصال الإنسان عن الـ"طاو".
على الصعيد السياسي، دعا أتباع الطاوية إلى العودة لنمط الحياة الفلاحية البدائي. في كتاب الـ"داوديجنغ" (道德經)، ينطبق مبدأ الـ'لافعل" على الحُكام أيضا على غرار محكومِيهم، فلا يترتب عليهم أي فعل حتى يضمنوا أنهم ورعيتهم يعود كل طرف بالمنفعة على الآخر. إلا أن "لاو-تسه" (老子) كانت له مآخذ على بعض الآراء السطحية لـ"تشانغتسي" (莊子)، كان الأول ينصح الحكام بأن يعملوا حتى تكون بطون الرعية ملآنة فيما تكون عقولهم خاوية، كان يرى أن الجهل يؤدي إلى نزع الرغبة في نفوس الناس.
الطاوية رابع أكبر ديانة في سينغافورة |
ترك هذا الأخير أثرا بالغا في إحدى المدارس الفلسفية ذات التوجهات الشمولية، والتي أنشأها "هان فاي تسي".
على عكس الكونفشيوسية والتي كانت تدعو الفرد إلى الانصياع إلى النظام التقليدي، كانت مبادئ الطاوية تقوم على أنه يجب على الإنسان أن يهمل متطلبات المجتمع المحيط، وأن يبحث فقط على الأشياء التي تمكنه من أن يتناغم مع المبادئ المؤسسِة للكون، أو "طاو" (طريق).
يقول "مينغ-تسي" (من أتباع المدرسة الكونفشيوسية) وهو يصف أتباع لاوتسو، "لن يضحوا ولو بشعرة إذا توجب ذلك لإنقاذ العالم".
تطور فلسفة الهدي مع ظهور الكونفوشيوسية
الـ"ين واليانغ" في التايجيتو، شعار الفلسفة.
ثمثال لاوزي |
نقرأ كيف أن لاوتسو وتشوانغ سو انتقدا في كتاباتهما، نهم الإنسان نحو العلم والتطور، آخذين عليه اهماله للسكينة ووداعة العيش. هذه النظرة لامت أيضا كونفوشيوس وأتباعه في سيرهما نحو نزع الأمية من المجتمع الصيني، وسعيه الحثيث في تغيير السياسيات المطبقة.
مع هذا، اعترف كونفوشيوس نفسه بأنه على الهدي، على الطاوية القديمة، هذا ما دفع كسون زي (Xunzi) أحد أتباع كونفوشيوس، للمزج بين الهدي كالطريقة الأولى والواحدة، وبين الكونفوشية (كونفشيوسية) التي تدعوا للتطور.
قال كسون زي، في كتاباته: كل شيء يتغير، تماما مثل الهدي، الذي هو في تغير دائم. وأعطى مثالا، حيث يطالَب أتباع الهدي بالمحافظة على الصحة الجسمية والعقلية، وقارنها بالطبيب المهدي الذي يسعى حثيثا في بحث حول أنجع الأدوية تفاديا للأمراض.
ظهر بعدها أن الكونفوشية، مجرد نهج في طريق الهدي، وأن الهدي، هو أساس الفلسفة أخيرا.
دخول البوذية إلى الصين
دخلت الديانة البوذية إلى بلاد الصين 3 قبل الميلاد.
للمزيد شاهد أيضا ين يانج دين
فلسفة وحكمة
_______________________________________________________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق