الثلاثاء، 5 يوليو 2011

هل تعاني الحيوانات مصيرها (إرادة الله) أم أخطاء البشر؟


 أساء الكثيرون فهم المعنى الحقيقي للمعتقد الديني "التصيير" أو "المصير" (القضاء و القدر، أو القسمة و النصيب) فالمعنى الحقيقي "للمقدر و المكتوب" في الحس الإسلامي هو "إصلاح قدر أو قضاء شخص أو شيء ما" بمعنى تحديد قدرته، إمكانياته، مواهبه، وظيفته و الملكات الأخرى، و يستخدم القرآن الكريم كلمة "تقدير" بمعنى "مصير" حتى لمصار الكواكب القانوني، و للمواد غير العضوية، و للمخلوقات الحيوانية، بما فيها البشر، و بهذه الحدود المسبق ثباتها، يمكن أن تغيير الظروف للأفضل، و يمكن أن نتجنب المعاناة أو نقلل منها بجهاد الإنسان و مهارته.
التجارب على الحيوانات
 تتم التجارب العلمية و الدوائية على الحيوانات من أجل الشفاء من الأمراض، التي تكون أغلبها سببها الإنسان لنفسه بنظام حياتنه غير السليم، فجميع مشاكل الإنسان – الجسدية، الذهنية أو الروحية هي من صنع الإنسان و من الجروح التي نجرحها لأنفسنا، و بلا تأمل بعيد هل نستطيع أن نلوم الحيوانات من أجل أي من مشاكلنا و نجعلها تعاني من أجلها كل هذه المعاناة (التجارب)، بل يحدث لهم أكثر من ذلك بكثير لإشباع حاجات البشر، التي أغلبها غير أساسية، خيالية، هادرة و التي لها بدائل من منتجات أكثر إنسانية و رفقا بالحيوان متاحة بسهولة، و قتل الحيوان لإشباع عطش الإنسان لحاجات غير ضرورية، فهو يتعارض مع التقاليد الإسلامية، فدعونا نأمل أن يشرق فجر جديد عندما نرى هذه التعاليم الدينية العظيمة على الأقل أن تبدأ في الإثمار، و عندما نرى عصر جديد، فيه يكن الإنسان الإحترام للحيوانات و المقام الذي تستحقه، الذي قد طال إنكاره.
لم يكن التشريح الحي موجودا في عصر سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم، لذلك لم يكن هناك إشارة خاصه عليه في الشريعة الإسلامية، و الإرشاد في هذا الأمر يأتي من الإجتهاد في تفسير الأمور، فهناك واحد من الأعذار الأساسية للعنف و القسوة ضد الحيوانات و هو الإهتمام الأناني أو الإحتياجات البشرية، دعونا نرى كيف تفسر القواعد الفقهية "إحتياجات" أو "إهتمامات" الإنسان و نحكم في هذه القضية بناء على هذه التعريفات، فالقاعدة الفقهية الأساسية التي قد تنتطبق على التجارب المالية هي: "الإضطرار لا يبطل حق الغير" أي لا يلغي الإحتياج حق الغير.
و تقسم الإحتياجات إلى ثلاثة أقسام: المصالح الضرورية، التي بدونها لا تستمر الحياة، مصالح الحياة، أي الحاجات التي ترفع جودة الحياة، و المصالح التحسينية و هي الحاجات الترفيهية للتمتع و إشباع النفس.
بعض القواعد يمكن تطبيقها على هذه الإحتياجات، لتحديد هل يجب السماح بالتجارب على الحيوانات أم لا:
"ما أدى إلى حرام فهو حرام" و هذه القاعدة تدل على المكاسب المادية، و من ضمنها الغذاء الذي يتم الحصول عليه بطرق خاطئة، مثل التجارب غير الضرورية التي تجرى على الحيوانات، فتصبح حرام.
"الضرر لا يزال بمثله أو بضرر أكبر منه" عندما نضر صحتنا أو إهتماماتنا الأخرى بحماقتنا، لا حق لنا في جعل هذه الحيوانات تدفع ثمن هذا بإصابتها بنفس الضرر أو ضرر أعظم، مثلما نجري التجارب غير الضرورية لإيجاد علاج لأمراض سببناها لأنفسنا.
" إذا تعذر الأصل يصار إلى البدل" و تضع هذه القاعدة مسئولية أخلاقية كبيرة على من يجرون التجارب و طلبة الطب أن يجدوا بدائل.
و النقطة الأساسية لفهم أمر استخدام الحيوان في العلوم هي نفس النظام الأخلاقي و الشرعي يجب أن يطبق على علاج الحيوانات كما يطبق على الإنسان، فبحسب الإسلام كل أشكال الحياة هي مقدسة و لها الحق في الحماية و الحفظ.
   و قد وضع النبي صلي الله عليه و سلم كثير من التأكيد على هذه النقطة فقال" ما من إنسان يقتل عصفورا فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عنها يوم القيامة" (رواه بن عمار و عبد الله بن عمر بن العاص، و ايضا في كتاب مشكاة المصابيح" 
 "من رحم عصفور يرحمه الله يوم القيامة"

 (رواه أبو أميمة عن الطبراني)
ومثل جميع الشرائع الأخرى في الإسلام، تركت الشرائع على علاج الحيوانات مفتوحة للإستثاءات المبنية على المعيار و التقييم"إنما الأعمال بالنيات" فإن كانت حياة الحيوان ستنقذ فقط بقطع جزء من جسمه، سيكون الأمر في عين الله مستحق العمل.
لا شك أن الإسلام يمنع قطع أو جرح الحيوان الحي، خاصة عندما يسبب المعاناة و الألم، الذي ينطبق على التشريح الحي الحديث في العلوم، و نستطيع أن نؤيد تفسير التعاليم الإسلامية في هذا الأمر ليس فقط بالأحاديث الشريفة المذكورة لكن أيضا من القرآن الكريم، في الآيات المذكورة أسفل، نجد مبدأ التدخل في جسم الحيوان الحي الذي يسبب ألم أو تشوه هو بخلاف المفاهيم الإسلامية، و قد أتت هذه الآيات لإدانة الخرافة الوثنية التي كانت تمارس كعادة عندما كانت تعطي أناث الجمل، الماعز، أو الخراف عددا معينا من الصغار بترتيب معين، كان يجب أن تقطع أذنها و تقدم للأوثان، و أظهر القرآن هذه العادات على أنها أعمال شيطانية في هذه الكلمات:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ" (سورة المائدة آية 106)، "وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ(يشقوا) آذَانَ الأَنْعَامِ(الحيوانات) وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا " (سورة النساء آية 118 و 119)
   الفراء و الاستخدامات الأخرى للحيوانات
 هناك مذبحة واسعة النطاق للحيوانات حاملة الفراء، لإشباع حاجات الإنسان التي هي غير ضرورية، و خيالية، و هادرة و التي لها بدائل من منتجات إنسانية متوفرة بسهولة، و لم يعد العذر أن هذه الأشياء ضرورية لحاجة الإنسان مقبولا، فالتكنولوجيا الحديثة أنتجت كل هذه الأشياء و هي متوفرة بسهولة في جميع أنحاء العالم، و في بعض الحالات بسعر أقل.
و من القواعد الفقهية التي تنطبق على هذه هي" ما جاز لعذر بطل بزواله" و "سدا ذريعة المؤديات للفساد" هذه القواعد لا تترك عذرا للمسلمين أن يظلوا في رضى عن قتل الحيوانات باالملايين من أجل الفراء، الأنياب، الدهون، و السلع المتنوعة.
يذكر القرآن الكريم الحيواانات كمصدر للملابس الدافئة (القرآن 16 : 5)، لكن الملابس الحديثة المصنوعة من الألياف الصناعية هي دافئة مثل الملابس المصنوعة من جلد الحيوان و تجعل الملابس المصنوعة من جلد الحيوان غير ضرورية، و يشير القرآن فقط إلى جلود و فراء البقر المستأنس التي إما أن تموت موتها الطبيعي، أو التي تذبح من أجل الغذاء، اليوم هناك الملايين من الحيوانات البرية تذبح تجاريا من أجل فرئها فقط و جلودها، بينما تترك جثثها لتتعفن، و منذ أربعة عشر قرن مضى، أدرك الإسلام فظاعة هذا العمل الهادر و القاسي و وضع الشرائع لوقفه في الحديث الآتي:
نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن استخدام جلد الحيوانات البرية (رواه أبو مالك عن أبيه أبو داود كما سجل في رياض الصالحين للإمام نواوي)
نهي النبي صلى الله عليه و سلم إفتراش جلد الحيوانات البرية.
 و قال النبي صلى الله عليه و سلم" لا تركبوا علي سرج من الحرير أو جلود السباع" (رواه معاوية بن داود – أنظر رياض الصالحين رقم 28 / حديث رقم 814 صفحة 160)
مصارعة الحيوانات
 يحرم الإسلام بشدة جميع أنواع مصارعة الحيوانات، و من بين العديد من ما يخص هذا الأمر يكفي واحد هنا:
"نهى رسول الله عن حث الحيوانات لمصارعة بعضها البعض" (رواه عبدالله بن عباس، البخاري و مسلم، الترمذي و أبو الدردى، و سجل في رياض الصالحين مجلد رقم 28 حديث رقم 1606، صفحة 271.
و مثلما حرم سنام الجمل، و لية الخروف، و لحم حيوانات الصيد، فإن لحم الحيوانات التي تموت في المصارعات أيضا محرم في الإسلام، مثال ما يحدث في المهرجانات لأكل الثيران المقتولة من مصارع الثيران.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا وسهلا

رحـلات وجـولات ورسائل لا تنـتهى للعقـل والـروح وأحـيانا للجـسـد عــبر نـوافــذ الادراك المعـروفـة والمجهولة تتـخطـى المكان والـزمان تـخـوض بحـار العـلم و تـكشـف أسـرار المـعرفة حربـا علـى الظــلام والتحاقا بالنـور بحـثا عـن الخيــر والجـمـال ووصــولا الى الـحـق