الخميس، 7 يوليو 2011

كلب أهل الكهف


 الكلب مثل الحمار سمعته سيئة عند الكثيرين لأنهم لا يحبون نباحه، فصوته مزعج، وحكمه عند بعض الفقهاء بأنه نجس، وغالبا أنهم يخافون من عضته أيضا، لذلك فإنه يروى أن قبيلة باهلة كانت مذمومة عند العرب، فقيل لباهلي: أتحب أن تكون باهليا وأنت في الجنة؟
 قال: بشرط ألا يعلم أحد أني باهلي، والشاعر يقول:
 إذا قيل للكلب يا باهلي
 عوى الكلب من شؤوم ذاك النسب
 وإذا أرادوا ان يصفوا شراسة احد وهو سيئ الخلق قالوا فلان مثل الكلب، ولكننا نرى في جانب آخر من ضرب المثل بالكلب في الوفاء فيذكر مؤلف مثل محمد الراعي الأندلسي في كتابه “انتصار الفقير السالك لترجيح مذهب الإمام مالك” بأنه روي عن الحسن البصري أنه قال: في الكلب عشر خصال محمودة ينبغي ان تكون في كل فقير:
 1 - يظل جائعا دائما وهو من آداب الصالحين.
 2 - ليس له موضع يعرف به وهذا من علامة المتوكلين.
 3 - لا ينام من الليل إلا القليل وذلك في صفات المحسنين.
 4 - إذا مات ليس له ميراث وذلك من أخلاق الزاهدين.
 5 - لا يهجر أحدا حتى لو طرده وذلك من شيم المريدين.
 6 - يرضى من الدنيا بأدنى يسير، وهذا من إشارات المتواضعين.
 7 - إذا غلب عن مكانه تركه وانصرف الى غيره وهذا من علامات الراضين.
 8 - إذا طرد ثم دعي اجاب وهذا من اخلاق الخاشعين.
 9 - إذا حضر الأكل وقف ينظر من بعيد وهذا من أخلاق المساكين.
 10- إذا رحل من مكانه لا يرحل معه بشيء وهذا من علامات المجردين.
 أما ابن المرزبان فقد ألف كتابا سماه “تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب”.
 إذن من حق الكلب ان يتنفس الصعداء ولا سيما إذا عرف بأن القرآن ذكره أيضا في سورة الكهف، وهو يلازم عتبة باب أهله، يقول الله تعالى حكاية عن أصحاب الكهف: “وتحسبهم أيقاظا وهم رقود، ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد” (الآية رقم 18 من سورة الكهف).
 ذكر الإمام السيوطي في تفسيره “الدر المنثور في التفسير المأثور” عن ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله تعالى وكلبهم بأن اسم الكلب قطمور وورد أيضا قطمير.
 ثمم يذكر السيوطي عند تفسير قوله تعالى: “ما يعلمهم إلا قليل” بأن اصحاب الكهف كانوا سبعة وهم: “مكسلمينا وتمليخا ومرطوس ونينوس ودردوتس وكفاشطهواس ومنطواسيرس وكلبهم قطمير.
 يقول الشيخ سعيد حوى في تفسيره المسمى “الأساس في التفسير”: وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد أي بالفناء وهو الباب.
 قال ابن جريج: يحرس عليهم الباب، وهذا من سجيته وطبيعته حيث يربض ببابهم كأنه يحرسهم، وكان جلوسه خارج الباب لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب كما ورد في الحديث الصحيح، ولا صورة ولا جنب ولا كافر كما ورد به الحديث الحسن.
 وقال ابن كثير في تفسيره: وشملت كلبهم بركتهم فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال، وهذه هي فائدة صحبة الأخيار، فإنه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن.
 أقول: والكلب ليس بحيوان عادي، فبعض الكلاب تؤدي أعمالا مهمة للبشر، وعنده استعداد ليتعلم مهارات متنوعة، لأنه ذكي ومخلص كما قلنا. فمن الكلاب ما يحرس المنازل والمصالح. ومنها ما يجر عربة الخضروات الى السوق كما نرى في بعض البلاد لدى أهل الحقول. ومنها ما تستخدمه الشرطة في التعرف الى الجرائم. ومن الكلاب ما يدل المكفوفين الى بيوتهم وأماكن عملهم.

 د.عارف الشيخ
 منقول من جريدة الخليج
 الإمارات
 9-11-2004



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا وسهلا

رحـلات وجـولات ورسائل لا تنـتهى للعقـل والـروح وأحـيانا للجـسـد عــبر نـوافــذ الادراك المعـروفـة والمجهولة تتـخطـى المكان والـزمان تـخـوض بحـار العـلم و تـكشـف أسـرار المـعرفة حربـا علـى الظــلام والتحاقا بالنـور بحـثا عـن الخيــر والجـمـال ووصــولا الى الـحـق