السبت، 24 مارس 2012

عصر المريخ


فجأة كانت أنظار العالم مشدودة إلي السماء حيث شاهد الآلاف كوكب المريخ الأحمروهو أحد كواكب مجموعتنا الشمسية التسعة . شاهدوه وهو يتلألأ متوهجا ليقترب من الأرض في رحلته حول الشمس في زيارة لها بعد إبتعاد عنها دام 60 ألف سنة عندما زارها من قبل علي هذا البعد القريب حيث بلغ سدرة المنتهي منها . وكان الإنسان الأول وقتها يعيش داخل الكهوف علي الصيد وجمع الثمار. وكانت الدنيا غير الدنيا والحياة غير الحياة والإنسان غير الإنسان . لم يكن وقتها توجد الأهرامات ولم تبزغ الحضارات القديمة .. وهذا الإقتراب مابين الكوكبين ظاهرة فلكية تحدث كل 600 قرن (60 ألف سنة ) . فمن شاهد الوافد الأحمر فلقد رأي منظرا لم يره غيره من قبل. وأثناء هذه الزيارة المريخية ظل مراقبو النجوم مستيقظين طوال الليل للحصول على أفضل رؤية للكوكب الاحمر خلال حياتهم . وكانوا قابعين خلف تلسكوباتهم العملاقة ليرصدوا هذا الحدث الفضائي التاريخي.
ومنهم من كان شاخصا ليلا للسماء ليراه بالعين المجردة . ولما اقترب كوكب المريخ من الأرض توهجت السماء . وغطي الكوكب بنوره ظلمتها ولم ير فيها سواه بنوره الأحمر و معه نور القمر وكوكب الزهرة كأنما كانا في إستقباله صباح الاربعاء الساعة التاسعة وواحد وخمسين دقيقة بتوقيت جرينتش يوم 27 أغسطس الماضي. وأصبح الكوكب الأحمر يرنو للأرض من علي بعد 56 مليون كيلومتر حيث كانت هذه المسافة أقل مايمكن أن يصل إليها في عمره . ففي هذا اللقاء التاريخي كانت الرؤية رائعة للغاية هذه الليلة. واستطاع علماء الفلك في شني أنحاء العالم رؤية كمية هائلة من التفاصيل حوله . حيث استطاعوا .. رؤية القطب الجنوبي للمريخ بقلنسوته البيضاء بوضوح كبير. كما استطاع اي شخص رؤية هذه التفاصيل باستخدام التلسكوب .وتجمع علماء الفلك في الجزء الجنوبي من الأرض في المراصد لرؤية الكوكب الاحمر مع حلول الظلام. وقد بدا المريخ كجسم برتقالي لامع في السماء المظلمة وتفوق لمعانه على لمعان أي جسم سماوي اخر حتي النجوم ماعدا كوكبي القمر والزهرة. وأمكن رؤية المريخ خلال الليل بالعين المجردة من أي مكان على الارض .لكن مراقبي النجوم في الجزء الجنوبي من الكرة الارضية يتمتعون بافضل الفرص لمشاهدة رائعة. فهولامع جدا وأحمر . فلا يمكنك ان تخطئ رؤيته بالعين المجردة عند منتصف الليل في الجنوب. ومن الأخبار السارة أن كوكب المريخ سيبقي عدة أسابيع ليبدو بالليل ببرج الدلو في السماء بإتجاه جنوب شرق بعد غروب الشمس ليصبح عاليا فوق الرأس في ساعات منتصف الليل. ثم يصبح قبل شروق الشمس بالسماء في جنوب شرقها. و أمكن للتلسكوبات الخاصة التي تصور خلفية اللون البرتقالي أو الحمرة تصوير سطح المريخ بخطوطه المبرقطة (مبرقشة ) والتي جعلت العلماء منذ قرون يعتقدون أنها شبكة متقاطعة من القنوات فوق سطحه ومظاهر حضارة مريخية . والمريخ في رحلته يبعد عن الشمس 50 مليون ميل فيما وراء الأرض . وكل 26شهر يصيح كوكبا المريخ و الأرض في فترات المواجهة علي أبعاد مختلفة وهذا سببه أن كوكب المريخ يسير في مدار بيضاوي ليكون أقرب نقطة من الشمس في مداره.. ولقد إستغلت أمريكا ودولتان أوربيتان هذا الإقتراب المريخي من الأرض فأرسلوا في مطلع هذا العام مسابر ومركبات فضائية مازالت تطير لتصل للمريخ و تحط فوق سطحه في نهاية هذا العام مستغلين فرصة قصر المسافة بينه وبين الأرض.
   ملامح مريخية  
الزائر الجديد عمره 4,6بليون سنة. و ككل الكواكب في مجموعتنا الشمية يدور المريخ والأرض حول الشمس . لكن الأرض اقرب إلي الشمس . لهذا تدور حولها أسرع من المريخ . فتدور مرتين في نفس الفترة التي يدور فيها المريخ دورة واحدة . فأحيانا يصبح كل منهما علي جانبي الشمس المتقابلين ليصيحا أبعد ما يكونان عن بعضهمها. وقد يصبح المريخ والشمس علي جانبي الأرض المتقابلين حيث يرتفع المريخ بالمشرق بينما تغرب الشمس بالمغرب. و يبقي بالسماء طوال الليل ليغرب بالمغرب . لنري الشمس تشرق من المشرق وتظل طوال النهار بالسماء لتغرب بالمغرب . ولو دار المريخ والأرض كل في مداره بدقة يصبحان في المواجهة معا أقرب ما يكون من المسافة بينهما . لكن مدارات الكواكب بيضاوية. لهذا تارة تقترب منها أو تبتعد عنها . والمريخ يواجه الأرض مرة كل 26شهر . وكل 15 – 17 سنة يكون المريخ في أقرب نقطة يصلها من الشمس ولمدة عدة أسابيع. ولقرب المريخ من الأرض . فلو كان محيط دورانهما ثابتا والمريخ أقرب مايكون من الشمس نجد أن الأرض والمريخ يقتربان من بعضهما. لكن الطبيعة تتدخل علي الدوام ولاسيما جاذبية الكواكب الأخري حبث تغير شكل محيط دوران الأرض قليلا . وكوكب المشتري العملاق نجده يؤثر في مدار كوكب المريخ . كما أن مداري الأرض والمريخ لايقعان في نفس المستوي تماما . فما حدث من أقصي إقتراب للمريخ من الأرض عام 2003 الحالي سببه أن محيط دوران المريخ البيضاوي أخذ يطول خلال القرون الماضية .مما يجعله يقترب أكثر للشمس ويبتعد عنها أبعد . لهذا إقتراب المريخ مستقبلا من الأرض سيكون أقرب وأقرب عما كان عليه في ظاهرة هذا العام . لكن هذه المسافة القياسية التي بلغها المريخ ستظل حتي 28 أغسطس سنة 2287. وهذا الرقم قياسي .وهو (56مليون كم ) ولم يسبق للمريخ الوصول إليه خلال 60 ألف سنة . ويعتبر المريخ في ترتيب الكواكب التسعة حول الشمس في المركز الرابع منها . ويبعد عنها حوالي 228 مليون كم . والمريخ قطره نصف قطر الأرض وحجمه تقريبا نصف حجمها وكتلته عشر كتلتها وشدة جاذبيته ثلث جاذبيتها . وقطره ضعف قطر القمر وجاذبيته ضعف جاذبيته . ومساحة سطحه تعادل مساحة اليابسة فوق الأرض بإستثناء المحيطات . وكثافته أقل من ثلث الكثافة الأرضية . وجو المريخ 95%منه ثاني أكسيد الكربون و 3%نيتروجين بينما جو الأرض معظمه نبتروجين وأكسجين وثاني أكسيد الكربون به 0,03%. وجوهه يتبدد هواؤه لأن غا ز ثاني أكسيد الكربون به تناقص مستمر حيث يتحول لصخور من الكربونات. لهذا لايعاني من الدفيئة وجوه بارد لأن حرارته تصل تحت الصفر . فمتوسط حرارة سطحه (–55) درجة مئوية في المتوسط (فقد تصل مابين –140 درجة مئوية وحتي درجة 15 درجة مئوية ). وسرعة الرياح تصل 7 كم في الساعة . و أثناء العواصف الترابية تصل ألي 70-80 كم في الساعة . وقد تغطي هذه العواصف الكوكب كله لكنها غير رملية . والمريخ به قلنسوتا جليد دائم فوق قطبيه الشمالي والجنوبي. ويعتبر المريخ من عمر الأرض فقد تشكلا منذ 4,6 بليون سنة .وقد ظهرا من رحم الشمس كما يقال . ويوم المريخ 24ساعة و27 دقيقة حيث يدور فيه دورة كاملة حول محور دورانه . وهو أطول نصف ساعة من يوم الأرض . وسنته التي يدور فيها حول الشمس دورة كاملة تعادل 687 يوم ضعف أيام السنة الأرضية . وله قمران هما فوبوس وديموس بينما الأرض لها قمر واحد هو لونا . ومساحة المريخ نصف مساحة الأرض ووزنه عشر وزن الأرض. وسكان المريخ مستقبلا سوف يتدربون علي العدو والقفز عند سيرهم سيرا عاديا فوق سطحه . لأن جاذبيته ثلث جاذبية الأرض . فلوكان أقصي إرتفاع يقفزه شخص هنا 9متر .. فإن نفس قفزته فوق المريخ ستصل إلي 27 مترا . لهذا سيكون للعبة القفز إرتفاعات أخري قياسية فوق المريخ لانبلغها فوق الأرض . والجبال فوق المريخ أعلي من جبال الأرض لأن جاذبيته ثلث جاذبيتها. فجبل إيفرست أعلي قمة فوق الأرض يعتبر هضبة بالنسبة لجبل أوليمبس فوق المريخ الذي إرتفاعه ثلاث مرات إرتفاع إيفرست . وهذا الجبل العملاق أعلي جبل في كل كواكب وأقمار المجموعة الشمسية. وفي زمنه القديم كان المريخ به أنهار حجمها أكبر آلاف المرات من نهري النيل والأمازون وبحيرات كلها إنحسر عنها الماء وتركت بصماتها غائرة فوق سطحه . مما يدعو للدهشة أن سطح المريخ الذي كان يحمل ندبات المياه السائلة قد إختفت . وأمكن لوكالة (ناسا) إكتشاف هذا الإختفاء للمياه التي كانت تكفي لملأ بحيرتين في حجم بحيرة ميتشجان . ففي دراسات ثلاثة أجراها مسبر الفضاء أوديسا علي المريخ قدمت قياسات( نترونية وجاماتية) .. وجد ان الهيدروجين محبوس كثلج قذر في سطح الكوكب الأحمر بإرتفاع 30 سنتيميتر فوق سطح القطب الجنوبي وفي مساحة شاسعة . وفي القطب الشمالي يوجد الجليد الجاف المكون من تجميد غاز ثاني إكسيد الكربون مما أعاق قياسات أجهزة مسبر أوديسا . فماء الجليد يوجد في ثقوب بسطح الصخور. و نجده بوفرة قرب القطب الجنوبي .
أول رحلة
وكأن هذا الوافد الكوكبي قد جاء ليدعو أهل الأرض لرد زيارته لها عام 2017 وقد قرب علي مشارف كوكبهم الأزرق . وستستمر هذه الزيارة المريخية لعدة أسابيع بينما التجارب والتدريبات في وكالة (ناسا) علي قدم وساق لتحقيق هذه الخطوة الغير مسبوقة في تاريخ البشرية . وهذا يجعلنا نسلط الضوء علي المريخ وهذه الإستعدادات ولاسيما وأن هذه الرحلة مزمع قيامها خلال الربع الأول من هذا القرن . لتكون ثاني زيارة للإنسان لكوكب ثان بعد زيارة مركبة أبوللو( 11) للقمرعام 1969 وعلي متنها كان الرواد الثلاثة حيث نزل نيل أرمسترونج وبوز أندرين ومايكل كولينـز منذ 34سنة فوق سطح القمر لأول مرة في تاريخ البشرية . وكان هذا حدثا مثيرا وغير مسبوق في تاريخ العالم. فزيارة الرواد المزمعة للمريخ في مطلع هذا القرن سيكون أيضا .. حدثا غير مسبوق في تاريخه. وكانت وكالة ( ناسا ) الأمريكية قد أرسلت المركبة الفضائية مارينر عام 1965 حيث طارت علي مقربة من كوكب المريخ والتقطت 33 صورة لسطحه . وكانت هذه الصور أول صور فضائية تلتقطها مركبة فضائية عن كثب للكوكب الأحمر حيث صورت فوهات براكين كان يخزن بها الماء قديما . وفي نفس العام أرسل الإتحاد السوفيتي مركبة ضلت طريقها للمريخ . لكنها سارت للفضاء خلف القمر والتقطت صورا للمريخ من علي بعد فضائي . . وحاليا الدراسات تتتابع للقبام برحلة هذا القرن الرحلة المزمع قيامها للكوكب الأحمر ليضع الرواد العلم الأمريكي والعلم المريخي بلونيه الأحمر والأخضر فوق المستعمرة المريخية التي ستقام هناك . ولأخذ بعض الصور ثم العودة للأرض .ولاسيما وأن اقترابه حاليا أكبر فرصة تاريخية للبشرية للقيام بهذه الرحلة بأقل تكلفة وتوفير الوقود والإقلال من الحمولات . فهل سيصل الإنسان للمريخ ويسبر أغواره ومكنوناته ؟.فالآن يتدرب طاقمان علي هذه الرحلة وكل طاقم يضم ستة رواد .و يعيشون حاليا في منطقة نائية قطبية بجزيرة (ديفون) حيث القطب الشمالي .وهي أكبر جزيرة في العالم حيث البيئة هناك أرضية إلا أنها تشبه بيئة المريخ لحد كبير. .وتشبه المكان الذي حطت فوقه مركبة المريخ(فايكنج) وهو المكان المزمع هبوط رواد المريخ فوقه في رحلاتهم القادمة . والرواد ضمن تدريباتهم سوف يعيشون مدة عام داخل القاعدة المحاكية التجريبية . وسوف يخرجون منها ليتجولوا بالمنطقة لعدة أيام يجمعون فيها العينات بالجزيرة ويتدربون علي تحليلها مع القيام بالأبحاث العلمية للمنطقة حولهم . كما أنهم سيتجولون بعرباتهم التي تحاكي العربات المريخية ليتعرفوا علي أحسن الطرق ليسلكوها فوق المريخ. وكيفية الإستعانة بالإنس الآلي معهم والتدريب علي استعمال الأجهزة والمهمات . وضمن خطة التدريب تدريبهم علي السيربهذه العربات لمسافات طويلة والوقوف المتقطع علي الطريق المسلوك مع استعمال عربة مكيفة الهواء وضبط الضغط الجوي بها كأنهم فوق المريخ . وهذه العربة تعتبر قارب نجاة لهم في حالة الطواريء وهم علي الطريق ..كما سيتدربون علي كيفية توافق عمل الإنسان الآلي مع المكتشفين البشر . وكل إنسان آلي طوله 2قدم وسرعة سيره 8ميل في الساعة وله قدرة علي تعديل مساره بالريموت كونترول الذي يعمل بموجات الراديو ليسهل السيطرة عليه .كما يتدرب الرواد علي تحديد كمية المياه التي ستستخدم في الرحلة المزمع القيام بها عام 2017. والفريق في رحلته القادمة للمريخ سوف يستعين بعربة عبارة عن إنسان آلي يطلق عليها (هيبريون) أي أبو الشمس . وهي عبارة عن لوح شمسي مساحته 3متر مربع وبه خلايا كهروضوئية وتتبع إتجاه الشمس وتعمل 24 ساعة . واللوح يحمل فوقه كاميرا تصوير . وهذا الإنسان الآلي سيقوم بإكتشاف أشياء بمفرده . لأن الإنس الآلي عادة قادرون علي إكتشاف المريخ والكواكب الأخري. وستتبع العربة هيبريون الشمس من خلال ساعة وخريطة إلكترونية مبرمجة لتحديد موقع الشمس في أي وقت من نهار المريخ . والطاقة المخزونة بها ستجعلها تعمل و تسير في الظل ويمكنها توجيه إتجاه أجهزتها لتكون دائما في مواجهة الشمس بالقطب الشمالي حتي بعدما تغرب و تختفي هناك . ولو أن هذه العربة تجرب حاليا فوق الأرض وقد تجد صعوبة أثناء دوران الأرض بسرعة إلا أنه متوقع لها العمل بكفاءة فوق كواكب أقل سرعة ككوكب عطارد الذي يومه يعادل 56 يوما من أيام الأرض . لأنه يدور حول نفسه مرة كل هذه المدة الزمنية بينما الأرض تدور حول نفسها مرة كل 24ساعة .
المركبة الأم 
كانت خطة السفر تدعو إلي إقامة السفينة الفضائية الأم لتدور حول المريخ وتظل بالفضاء من حوله. ثم يهبط منها طاقم صغير من الرواد فوق سطحه ليؤدي مهمته ثم يعود للمركبة الأم ثانية لتعود للأرض. لكن العلماء إقترحوا إرسال قمرتين إحداهما للذهاب في رحلة السفر لمدة 6شهوربالخارج و الأخري للعودة بها للأرض. ويؤيد علماء فضاء كثيرون هذه الفكرة .ويقول العالم زوبرين رئيس المشروع : من تجربتنا مع المركبة الفضائية الروسية مير وجدنا أن البشر يمكنهم تحمل هذه الرحلة لو حفزوا إليها ولم نعد محتاجين لبناء سفينة فضاء كبيرة للوصول للمريخ . وبهذا سيمكن توفير كميات ضخمة من الوقود وتقليل حجم المركبة ووزنها وتكلفة الرحلة . وستبدأ هذه الرحلة عندما يكون المريخ في أقرب نقطة من الأرض وفي نفس الإتجاه من الشمس. وهذا الوضع يحدث عادة كل عامين ليكون أقصر طريق للمريخ . وكان زوبرين في محاولة أخري للإقلال من الوزن والحمولة قد طور التقنية لإستغلال مصادر المريخ المتاحة . فقد تستخدم قمرة العودة جوه كوقود مما يجعل الرواد يستغنون عن إسقاط وقود فوق سطحه. حتي لايتعرض الفريق لفقدان بضعة آلاف الأأمتار المكعبة من السائل الوقودي لو هبطوا بعيدا عن هذه الكمية . . وهذه الفكرة ستقلل 100طن من حمولة المركبة . لهذا العلماء يفكرون في إرسال وحدة توليد وقود للمريخ ضمن الرحلة والتأكد من تشغيلها . وفكر زوبرين في إرسال العربة (ERV ) الجوالة) فارغة قبل إرسال الطقم . وإستبدال محتواها من الطعام والأكسجين اللذان كانا سيتعملانهما الطقم بأجزاء هذه الوحدة لتوليد الوقود فوق المريخ ليضخ في خزانات مؤمنة لتخزينها ولتزود بها مركبة العودة .
 وسترسل مركبة (ERV ) الثانية في نفس وقت إرسال القمرة التي   ستحمل الرواد إلا أنها ستصل بعد وصول الطاقم لسطح المريخ  بزمن وجيز . ويمكن لهم إرسال رسالة لها لتأتي علي مقربة منهم لإستخدامها في الطواريء. و لو سارت الأمور علي خير مايرام فإن الطاقم سيعود بالمركبة الجوالة  الأولي  ليترك العربة الجوالة  الثانية في مكانها حتي يأتي فريق لاحق آخر في رحلة أخري . لتظل هناك مركبة إحتياطي تنتظره للهروب بها في حالة الطواريء .
و رحلة المريخ ستستغرق 6شهور. والرواد سيقلعون في قمرتهم السكنية وهي تشبه الطبلة الكبيرة . فطولها 5متر وقطرها 8متر ويمكنها حمل أربعة أشخاص و حمل وقود كاف لملامسة سطح المريخ ومعهم طعامهم لكن لن يكون معهم وقود للعودة . إلا أنهم سيتجولون بأمان لحين العثور علي العربة المتجولة الأولي . وكل رحلة سوف تحمل وحدة سكنية سيتركونها بعد العودة من هناك . لتجمع مع السالفة وهكذا . من أجل تكوين قاعدة سكنية مريخية بعد عدة رحلات . وهذه القاعدة ستدار بالكهرباء وتسير فوق مركبات (روفر) من مكان لآخر .
  إعمار المريخ
السؤال ..هل هدف الرحلات المزمعة سواء رحلة رواد الفضاء الأمريكان عام 2017 ورحلة رواد الفضاء الإنجليز والأوربيين عام 2031 . بناء مستعمرات مريخية هناك ؟.. مما سيجعل الكوكب الأحمر كوكبا مأهولا بالسكان . هذا ما يبدو من خلال خطة إعماره دوليا . فالأمريكان واليابانيون والروس يرسلون بعثاتهم الفضائية لإستكشاف وتحديد أماكن هبوط الرواد فوق سطح المريخ ومكان إقامة أول مستعمرة مريخية هناك . وسيحاول العلماء رفع درجة حرارته من تحت الصفر إلي 60 درجة مئوية عن طريق مصانع كيماوية تبث طبقة كيماوية رقيقة فوق جليد القطبين المريخيين للإحتفاظ بأشعة الشمس التي تهبط فوقهما ومنع الجليد من إنعكاسها مما يولد ظاهرة دفيئة هناك تذيب ماء جليد القطبين لتنساب هذه المياه وتملأ مجاري الأنهار الجافة منذ ملايين السنين . لكن عملية رفع حرارة المريخ ستتطلب وقتا طويلا . وهذه المياه سوف تحقق الزراعة فوقه لأشجار معمرة لإنتاج الأكسجين ليصبح لون سماء الكوكب الأحمر أزرق كالأرض . وستجيب الرحلةالقادمة علي أسئلة قد ضللت علماء المناخ . ومن بينها .. كيف كان المريخ دافئا لدرجة ظهرت فيها المياه السائلة مع أن جوه كان رقيقا مما يجعل الشمس تهبط أشعتها فوقه بكميات أكبر عما عليه الآن ؟. ويقال أيضا .. أن المريخ كان مغطي قديما بملاءات جليدية كانت تحتجز حرارة البراكين المتفجرة فوقه أو بسبب الحرارة التي كانت تحدثها إرتطامات المذنبات والأجسام الفضائية لسطحه . لكن يقال : أن المريخ كان كوكبا باردا طوال تاريخه.ورغم أن هذه المعلومات حدسية ولم تتأكد بعد إلا أن علماء الكواكب يعتبرونها مؤشرات لدراسة البيئة القاسية فوق جزيرة ديفون الأرضية . ويحاول العلماء الوصول إلي إكتشاف الميكروبات داخل صخور المذنبات المشقوقة التي ضربت الأرض منذ ملايين السنين . مما سيجعلهم يتعرفون عليها مستقبلا فوق ثنايا صخور المريخ . وكان عام 1996 قد أكتشفت قطعة حجر هبطت من المريخ فوق القطب الجنوبي . وكانت رسالة مريخية للشقيقة الأرض . و هذه القطعة قد إنفصلت من سطح المريخ عندما إرتطم مذنب به . ووجد عمر هذه القطعة 4,5 بليون سنة . وتتكون من بلورات كبريتيد الحديد ومواد عضوية . لكنها لم تفصح عن وجود أصل حيوي يبين لنا أي مظاهر لوجود حياة فوق المريخ . وهذا ماجعل منظمة الفضاء الأوربي قد أرسلت في يونيو الماضي مركبة هذا العام لتحط فوقه. ووضعت فوقها أجهزة حساسة لأخذ عبنات من تحت سطح التربة المريخية وتحليلها هناك . وعلي صعيد بحثي آخر يتم في المعامل يقوم به العالم مايكل دالي في جامعة العلوم الصحية لميرلاند حول تعديل وراثي لبكتريا Deinococcus radiodurans التي أكتشفت عام 1950 وتوجد عادة في روث البقر والفيلة وتقاوم التعقيم الشديد للأطعمة الملوثة بها. فقام العالم الأمريكي بتعديلها وراثيا لتكون صديقة للبيئة المريخية بعد جعلها تقاوم الأشعة الذرية وتهضم النفايات النووية الموجودة بوفرة فوق المريخ . وهذه البكتريا المعدلة وراثيا سوف تزرع فوق المريخ في مستنبتات من أطباق بتري لتطهير الأطعمة والأدوية التي يتناولها الرواد المريخيون والأماكن التي سيقيمون بها لوقايتهم من الإشعاعات النووية فوق المريخ . وهذه البكتريا تقاوم معدلات تعادل 3000ضعف مايتحمله الإنسان من جرعات إشعاعية قاتلة هناك . كما أن هذه البكتريا سوف تحمل معها جينات لتصنيع الأطعمة والأدوية كالمضادات الحيوية والفيتامينات هناك بتخزينها في هذه البكتريا . بدلا من أن يحملها الرواد معهم اثناء الرحلة ، فالمريخ بالوصول إليه والتعرف عليه سوف يعطي صورا عن أصل البراكين وتكوين الجبال مما قد يعدل مفهومنا حول تاريخ المريخ والأرض . فلقد سبق وأن رحلاتنا للقمر وهبوط أول إنسان فوقه منذ 34سنة عام 1969 قد أضافت الكثير عندما جلب الرواد الثلاثة معهم قطعا من صخوره. فهل ستحسم هذه المركبات التي ستحط فوق الكوكب الأحمرألغازه ؟. أوتكشف لنا عن أسرار الصخور المريخية وتفصح لنا عن مكنوناتها وتركيباتها؟ . ليعود العلماء بزمن المريخ والأرض للوراء بلايين السنين . وهل التاريخ النظائري Isotopic dating لصخور المريخ وتربته سيبين أن المريخ تكون مع الأرض؟ . هذا سر إهتمام العلماء بإلتقاء الشقيقين حيث كانا علي موعد مسبق بهذه الزيارة التاريخية التي نقلتها كل وسائل الإعلام بسعي محموم . لأن المريخ بإقترابه قصر المسافة . فلقد زارنا الكوكب الشقيق ليثير فينا كوامن ذكريات علمائنا عن أصل الكواكب والكون . فهذا القرن هو قرن الكوكب الأحمر بلا منازع فلكي. بعدما قدم المريخ بإقترابه دعوة مفتوحة لأهل الأرض لزيارته . . !!
المريخ .. في (ماراثون) الفضاء..!
الموضوعات التالية  تبحث في موضوع الكون : 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا وسهلا

رحـلات وجـولات ورسائل لا تنـتهى للعقـل والـروح وأحـيانا للجـسـد عــبر نـوافــذ الادراك المعـروفـة والمجهولة تتـخطـى المكان والـزمان تـخـوض بحـار العـلم و تـكشـف أسـرار المـعرفة حربـا علـى الظــلام والتحاقا بالنـور بحـثا عـن الخيــر والجـمـال ووصــولا الى الـحـق