كتاب : نزهة المجالس ومنتخب النفائس جزء 5
المؤلف : الصفوري
فوائد..
الأولى: قال النسفي رضي الله عنه علم الله آدم أسماء المخلوقين فوجد الرياسة وسجود
الملائكة وعلم سليمان عليه الصلاة والسلام علم منطق الطير والفهم فوجد المملكة
والهدهد وعلم يوسف موضع الماء فوجد النجاة من السجن فكان الله تعالى يقول وأنت يا
مؤمن علمت التوحيد أفلا تجد الجنة.. الثانية: تناظر ملكان في السماء أحدهما قال
السماء خير من الأرض لأن العرش فيها وقال الآخر الأرض خير منها لأن الكعبة فيها
فتحاكما إلى جبريل فقال إن الله تعالى لم يخلق الكعبة للبقاء إلا أعطاه.. الثالثة:
قال مكحول التابعي سمعت كعب الأحبار بقول ولا العرش للإتكاء فقد كان الله تعالى
ولا عرش ولا سماء ولا أرض ولا كعبة فجاء ميكائيل فقال أبشروا قد كتبت أسماؤكم في
جملة العلماء من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فسجد الملكان إلى يوم القيامة فإذا كان
يوم القيامة ينادى مناد ارفعوا رؤسكما فقد قامت الساعة وقد كتب الله ثواب سجودكما
لعلماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم فتقول الملائكة ربنا ونحن نجعل ثواب طاعتنا
لعلماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيقول الله تعالى يا رضوان إقسم عبادة
الملائكة على علماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم وإقسم الجنة عليهم كذلك فيقول
رضوان يا محمد إجمع العلماء فيقول أمتي كلهم علماء فيقول الله تعالى صدق كل من شهد
لي بالوحدانية فهو عالم ثم قرأ شهد الله أنه لا إله إلا هو الآية.. الرابعة: قال
العلائي حسد إخوة يوسف عليه السلام غلب على علمهم في الحال ثم إن العلم دعاهم إلى
الصلاح في المال قال تعالى وتكونوا من بعده قوما صالحين أي تائبين لا تأتون بمعصية
أبدا قال بعض العلماء إن الله تعالى علم إبليس عدم السجود لما سبق من شقاوته ولولا
ذلك لكان أول من سجد فالعلم نور يقذفه الله في قلب من أراد فإن قيل كيف قال
إبراهيم لما قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ومحمد صلى الله عليه وسلم لما
قاله له ربه فاعلم أنه لا اله إلا الله ما قال علمت فالجواب أنه أجاب عنه سبحانه
وتعالى بقوله آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والإيمان هو العلم وجواب الحق تعالى
عنه أعظم من جواب إبراهيم عن نفسه قال بعضهم في قوله تعالى أنزل من السماء ماء
فسالت أودية بقدرها المراد بالماء العلم وبالأودية القلوب... الخامسة فقهاء
المدينة سبعة وهو عروة بن الزبير والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وسعيد بن
المسيب بفتح الباء على المشهور وكل ولد سعيد يكره فتحها وهو صحابي أيضاً روى سبعة
أحاديث وهو من الذين بايعوا النبي تحت الشجرة وأما السائب بن يزيد فهو صحابي أيضا
روى خمسة أحاديث والرابع عبد الله بن عتبة ابن مسعود والخامس خارجة بن زيد بن ثابت
الفرضي الصحابي روى زيد إثنين وسبعين حديثا وأما زيد بن حارثة وولده أسامة فتقدما
في باب الدعاء والسادس سليمان بن يسار والسابع قيل سالم بن عبد الله بن الخطاب
وقيل أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام والحارث وسلمة أبناء هشام أخوان
وأخوهما عمرو بن هشام هو أبو جهل لعنه الله تعالى... حكاية: قال عمر بن الخطاب
لكعب الأحبار أخبرنا عن الأخلاق كيف خلقها الله قال خلقها وقسمها ثم قال للشقاء
أين تختار قال البادية قال الصبر وأنا معك ثم قال للفقر أين تختار قال الحجاز قالت
القناعة وأنا معك ثم قال للغني أين تختار قال مصر قال الذل وأنا معك ثم قال للبخل
أين تختار قال المغرب فقال سوء الخلق وأنا معك ثم قال للعلم أين تختار قال العراق
فقال العقل وأنا معك ثم قال للحسد أين تختار قال الشام قال الشر وأنا معك...
لطيفة: حضر أبو حنيفة درس الإمام مالك ولم يعرفه فألقى الإمام مالك سؤالا على
أصحابه فأجابه أبو حنيفة فقال من أين الرجل قال من أهل العراق قال من أهل بلد
النفاق والشقاق فقال تأذن لي أن أقول شيئا من القرآن قال نعم فقرأ وممن حولكم من
الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق فقال الإمام مالك ما قال الله
هكذا فقال أبو حنيفة كيف قال الله قال ومن أهل المدينة فقال الحمد لله الذي حكمت على
نفسك ووثب من مجلسه فلما عرفه أكرمه قال الإمام الرازي مردوا على النفاق أي ثبتوا
أو صبروا عليه سنعذبهم مرتين بالأمراض في الدنيا وبالنار في الآخرة وقيل العذاب
قوله يوم الجمعة على المنبر أخرج يا فلان فإنك منافق والعذاب الثاني
عذاب
القبر... مسئلة: إذا أسر عالم وجاهل ولم نقدر إلا على خلاص واحد خلصنا الجاهل لأنا
نخاف عليه الإفتتان بخلاف العالم ولو دخل العالم والعامي الحمام ولم يوجد إلا سترة
واحدة فالعالم أحق بها حتى لا ينظر العامي عورة العالم نظره مكفوف بعلمه.ب
القبر... مسئلة: إذا أسر عالم وجاهل ولم نقدر إلا على خلاص واحد خلصنا الجاهل لأنا
نخاف عليه الإفتتان بخلاف العالم ولو دخل العالم والعامي الحمام ولم يوجد إلا سترة
واحدة فالعالم أحق بها حتى لا ينظر العامي عورة العالم نظره مكفوف بعلمه.
فضل
في سكنى الشام
عن
علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم من مات بالشام أعطي الأمان من ضغطة
القبر والجواز على الصراط ذكره في تحفة الحبيب فيما زاد على الترغيب والترهيب وعن
عبد الله بن خولة قال يا رسول الله إختر لي بلدة أكون فيها فلو أعلم أنك تبقى لما
اخترت على قريتك شيئا قال بالشام فلما رأى كراهتي للشام قال أتدري ما يقول الله في
الشام يا شام أنت صفوتي من بلادي أدخل فيك خيرتي من عبادي إن الله تعالى تكفل
بالشام وأهله وعن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم رأيت فيما يرى النائم كأن
الملائكة حملوا عمود الكتاب فوضعته بالشام فأولته أن الفتن إذا وقعت كأن الإيمان
بالشام وقال عمر رضي الله عنه لكعب الأحبار ألا تتحول إلى مدينة النبي صلى الله
عليه وسلم فقال إني أجد في كتاب الله المنزل أن الشام كنز الله في الأرض وبها كثرة
من عباده وقال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت ليلة أسري بي عمودا أبيض كأنه لؤلؤة
تحمله الملائكة فقلت ما تحملون قالوا عمود الكتاب أمرنا أن نضعه بالشام وعن النبي
صلى الله عليه وسلم إذا هلك الشام فلا خير في
أمتي
وقال كعب الأحبار تخرب الأرض قبل الشام بأربعين سنة وفي حديث أبي الدرداء يقول
النبي صلى الله عليه وسلم فسطاط المسلمين بأرض يقال لها الغوطة فيها مدينة يقال
لها دمشق خير منازل المسلمين يومئذ قال الحاكم صحيح الإسناد قوله فسطاط بضم الفاء
أي مجتمع الناس... فائدة: قال سفيان الثوري صلاة في مسجد دمشق بثلاثين ألف صلاة
قال عمر بن مهاجر الأنصاري صرف الوليد بن عبد الملك في عمارة الجامع أربعمائة
صندوق في كل صندوق ثمانية وعشرين ألف دينار وكل مائة صندوق بألفي ألف وثمانمائة
ألف دينار وكان ابتداء عمارته في سنة ست وثمانين ومائة وكمل في سنة ست وتسعين
ومائة قال بعضهم الذي بنى دمشق قيل أنه نوح عليه السلام حين خرج من السفينة وقيل
لما رجع ذو القرنين من المشرق وقال وهب بن منبه أول من عمر دمشق غلام لإبراهيم
عليه السلام وهبه النمروذ لما خرج سالما من النار... فوائد.. الأولى: قال الزهري
رضي الله عنه عن صلى في مقام إبراهيم أربع ركعات خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ولم
يسأل الله شيئا إلا أعطاه.. الثانية: قال مكحول التابعي سمعت كعب الأحبار يقول
مغارة الدم موضع الحاجات والمواهب من الله تعالى فإنه لا يرد سائلا في ذلك الموضع
وقال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم يا ليتني بالغوطة بمدينة يقال لها
دمشق حتى آتي موضع الأنبياء حيث قتل أخاه ابن آدم فأسأل الله أن يهلك قومي فإنهم
ظالمون فأتاه جبريل وأمره بغار حراء.. الثالثة: قال بعضهم رأيت في المنام كأني
بمغارة الدم فإذا النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وهابيل بن آدم فقلت بحق
الواحد الصمد وحق أبيك آدم وبحق محمد هذا دمك فقال أي وحق الواحد الصمد وحق أبي
آدم ومحمد هذا دمي سألت الله أن يجعله مستغاثا لكل نبي وصديق مؤمن فاستجاب الله لي
فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد فعل الله ذلك إكراما وإحسانا وإني آتية كل خميس
وصاحباي وهابيل فنصلي فيه... الرابعة: قال الزهري لو يعلم الناس ما في مغارة الدم
من الفضل لما هنئ لهم الطعام ولا شراب إلا فيها... الخامسة: سأل كعب الأحبار رجلا
عن بلده قال دمشق فقال أنت من الذين يعرفون في الجنة بالثياب الخضر قال مؤلفه
خصوصية لأهل دمشق بالثياب الخضر لقوله تعالى عاليهم ثياب سندس خضر ثم قال كعب
الأحبار لرجل من أين أنت قال من الشام قال لعلك من الذين يشفع شهيدهم في سبعين قال
من هم قال أهل حمص قال لا قال لعلك من الذين يعرفون في الجنة بالثياب الخضر قال من
هم قال أهل دمشق قال لا قال لعلك من الذين في ظل عرش الله يوم القيامة قال من هم
قال أهل الأردن بضم الهمزة والدال وبنون مشددة قال لا قال لعلك في الذين ينظر
إليهم كل يوم مرتين قال من هم قال أهل فلسطين قال نعم.
باب
ذكر مناقب سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على آله وأصحابه
الطيبين الطاهرين إلى يوم الدين وهو حي سميع بصير في قبره صلوات الله وسلامه عليه.
اعلم ملأ الله قلبي وقلبك من حبه وجعلني الله وإياك من خواص حزبه إن هذا بحر لا
ساحل له وغيث مزن لا حد له ولكنى أذكر شيئا من أنبائه لعلنا نحشر تحت لوائه ووفاء
بالوعد السابق وذخيرة ليوم تأتي فيه كل نفس معها سائق وشهيد قال في الشفاء قال علي
رضي الله عنه سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سنته فقال المعرفة رأس مالي
والعقل أصل ديني والحب أساسي والشوق مركبي وذكر الله أنيسي والثقة كنزي والحزن
رفيقي والعلم سلاحي والصبر ردائي والرضا غنيمتي والفقر فخري والزهد حرفتي واليقين
قوتي والصدق شفيعي والطاعة حسبي والجهاد خلقي وقرة عيني في الصلاة وثمرة فؤادي في
ذكر ربي وهمي لأجل أمني وشوقي إلى ربي قال الإمام النووي في الروضة ومنع ابن خيرون
الكلام في الخصائص قال الإمام البلقيني رضي الله عنه في التدريب إنما منع ابن
خيرون الكلام فيها بالإجتهاد لا مطلقا ثم قال النووي والصواب الحزم بجوازه بل
إستحبابه ولو قيل بوجوبه لم يكن بعيدا وذكر الحناطي رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم أعطي قوة أربعين نبيا وأراد علي أن يرفع النبي على ركبته ليعلو على ظهر
الكعبة فعجز عن ذلك فرفعه النبي على ذراعه قال علي لو شئت لعلوت السماء الثانية
لقوته صلى الله عليه وسلم وقال النسفي خلق الله رأس محمد من البركة وعينيه من
الحياء وأذنيه من الغيرة ولسانه من الذكر وشفتيه من التسبيح ووجهه من الرضا وصدره
من الإخلاص وقلبه من الرحمة وفؤاده من الشفقة وتقدم الفرق بين الفؤاد والقلب في
باب العلم وكتفيه من الكرم وشعره من نبات الجنة وريقه من عسلها ولحمه من مسكها
وعظمه من كافورها وأسنانه من اليمن ورجليه من الأرض وعضديه من القوة فلما أكمله
الله تعالى بهذه الصفة أرسله الله تعالى إلى هذه الأمة وقال هذه هديتي إليكم
فاعرفوا قدره وعظموه... فائدة: أوحى الله تعالى إلى موسى أن فاتحة الزبور محمد
رسول الله خير من تظله السماء ونبي الرحمة وقائد الغر المحجلين وإمام المتقين ونور
العباد ربيع البلاد ومعدن الخير وأنه مبعوث إلى الأمة المرحومة وشفيع لم يكن له
وسيلة والرحمة تنزل في زمانه ودولته متوسدة عن فراقه من الدنيا وقبره من رياض
الجنة... حكاية: قال ابن عباس جلس ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتذاكرون
فقال بعضهم أعجبني أن الله تعالى اتخذ آدم صفيا وقال آخر أعجبني أن الله اتخذ
إبراهيم خليلا وقال آخر أعجبني أن عيسى كلمة الله وروحه فخرج النبي صلى الله عليه
وسلم فسمع كلامهم فقال آدم صفي الله وهو كذلك وإبراهيم خليل الله وهو كذلك وعيسى
روح الله وهو كذلك ألا وأنا حبيب الله ولا فخر وأنا حامل لواء الحمد ولا فخر وأنا
أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر وأنا أول من يحرك حلق باب الجنة ولا فخر
فيفتح الله لي فيدخلها معي فقراء المؤمنين ولا فخر وأنا أكرم الأولين والآخرين...
فائدة: رأيت في الأحياء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اللهم توفني فقيرا
ولا تتوفني غنيا واحشرني في زمرة المساكين ولا تحشرني في زمرة الأغنياء وقال النبي
صلى الله عليه وسلم يسبق الفقراء إلى الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام وفي رواية
بأربعين عاما وقال النبي صلى الله عليه وسلم خير هذه الأمة فقراؤها ورأيت في كتاب
شرف المصطفى أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام يا موسى احمدني أن مننت عليك
بالإيمان بأحمد فوعزتي وجلالي لو لم تقبل الإيمان بأحمد ما جاورتني في داري ولا
تنعمت في جنتي يا موسى أحب لأحمد ما تحب لنفسك وأحبب لأمته ما تحب لنفسك أجعل لك
ولأمتك في شفاعته نصيبا وذكر ابن الجوزي رضي الله عنه أن الله أوحى إلى محمد صلى
الله عليه وسلم يا محمد كل أحد يطلب رضائي وأنا أطلب رضاءك قال النسفي قال موسى
عليه السلام يا رب أنا كليمك ومحمد حبيبك فما الفرق بين الكليم والحبيب فقال
الكليم يعمل برضاء مولاه والحبيب يعمل مولاه برضائه والكليم يحب الله والكليم يأتى
إلى طور سيناء ثم يناجي والحبيب ينام على فراشه فيأتي به جبريل إلى مكاني في طرفة
عين لم يبلغه أحد من المخلوقين... مسألة: فإن قيل هذا فضله وشرفه وهو يقول
أنا
أول من تنشق عنه الأرض فكيف يسبقه موسى إلى تحت العرش فالجواب إن
موسى عليه السلام لما وعده ربه بالرؤية في
الآخرة يقوم مسرعا لأجل الرؤية ومحمد صلى الله عليه وسلم ما عنده حرقة الرؤية
كحرقة موسى عليه السلام لأنه رأى ربه عز وجل في الدنيا قال مؤلفه رحمه الله وفي
النفس من هذا الجواب شيء لشيئين الأول أن منصب النبي صلى الله عليه وسلم في المعرفة
بالله تعالى أتم من منصب غيره وأكمل وبقدر المعرفة تكون المحبة بعظم طالب اللقاء،
الثاني من شاهد جمال الألوهية وكمال الربوبية يكون أعظم اشتياقا ممن لم يره لا
محالة قيل الشوق يبرد باللقاء والإشتياق يزداد به وجواب آخر أن محمدا صلى الله
عليه وسلم يقوم آمنا من هول يوم القيامة متأهبا للشفاعة لأمته وموسى وغيره يقول
نفسي نفسي فليس له التفات إلى غيره قال القرطبي في تفسيره قوله تعالى ولسوف يعطيك
ربك فترضى قال ابن عباس أعطاه الله ألف قصر في الجنة من لؤلؤ أبيض ترابه المسك في
صحيح مسلم رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قرأ قوله تعالى حكاية عن إبراهيم
عليه السلام فمن تبعني فإنه مني الآية وقرأ قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام
إن تعذبهم فإنهم عبادك الآية فرفع يديه وقال اللهم أمتي وبكى فقال الله تعالى يا
جبريل إذهب إلى أحمد وقل له إنا سنرضيك في أمتك ولا نسيئك فيهم قال النسفي أمر
النبي يهوديا أن يصنع له خاتما ويكتب عليه لا إله إلا الله ففعل فلما جاء به وجد
عليه محمد رسول الله فجاء جبريل وقال إن الله تعالى يقرئك السلام ويقول لك إن كتبت
أحب الأسماء إليك وأنا كتبت أحب الأسماء إلي... حكاية قال ابن عباس رضي الله عنهما
أن رجلا من اليهود نظر في التوراة فوجد اسم محمد صلى الله عليه وسلم في أربعة
مواضع فكشطه ثم نظر في اليوم الثاني فوجده في ثمانية مواضع فكشطها ثم نظر في اليوم
الثالث فوجد اسم محمد في إثنتي عشر موضعا فسار من الشام إلى المدينة فوجد النبي
صلى الله عليه وسلم قد مات فقال لعلي رضي الله عنه أرني ثوب محمد فأخرجه له فشمه
وقام عند القبر الشريف وأسلم وقال اللهم إن كنت قبلت إسلامي فاقبض روحي سريعا فوقع
ميتا فغسله علي ودفنه بالبقيع رحمه الله تعالى قال وهب بن منبه كان في بني إسرائيل
رجل عصى ربه مائتي عام فلما مات ألقته بنو إسرائيل على المزبلة فأوحى الله تعالى
إلي أن غسله وكفنه وصل عليه لأنه نظر في التوراة اسم محمد فقبله ورضعه على عينيه
وصلى عليه فغفرت له ذنوبه وزوجته سبعين حوراء... حكاية رأيت في الشفاء أخذ ذئب شاة
فأخذها الراعي منه فقال الذئب ألا تتقي الله حلت بيني وبين رزقي فقال الراعي العجب
من الذئب يتكلم بكلام الإنس فقال الذئب أنت أعجب ترعى غنمك وتركت نبيا لم يبعث
الله قط أعظم منه عنده وقد فتحت له أبواب الجنان وأشرف أهلها على أصحابه ينظرون
قتالهم وما بينك وبينه إلا هذا الشعب فتصير في جنوده قال من لي بغنمي يرعاها فقال
الذئب أنا أرعاها حتى ترجع فسلم إليه غنمه ومضى فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم
آمن به فقال له عد إلى غنمك فرجع وذبح للذئب شاة قيل إن هذا الراعي كان سلمة بن
الأكوع رضي الله عنه وكان ذلك سبب سلامه وقالت أم سلمة رضي عنها كان النبي صلى
الله عليه وسلم في صحراء فنادته ظبية يا رسول الله فقال ما حاجتك فقالت صادني هذا
الأعرابي ولي خشفان في ذلك الجبل فاطلقفي حتى أذهب فأرضعهما وأرجع فقال أو تفعلين
قالت نعم فأطلقها فذهبت ورجعت فانتبه الأعرابي وقال يا رسول الله ألك حاجة قال
تطلق هذه الظبية فأطلقها فخرجت تعدو في الصحراء وتقول أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أنك رسول الله ورأيت في غير الشفاء أخبرت أولادها بخبرها وأن النبي صلى الله
عليه وسلم ضمنها قالوا لبنك علينا حرام حتى ترجعي إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم وقال كعب الأحبار وصف الله محمدا في التوراة فقال عمر عبدي ورسولي ليس بفظ
ولا غليظ أهب له كل خلق كريم واجعل السكينة لباسه والبر شعاره والتقوى ضميره
والصدق طبيعته والعفو والمعروف خلقه والعمل سيرته والحق شريعته والإسلام ملته
وأمته خير أمة أخرجت للناس.ا أول من تنشق عنه الأرض فكيف يسبقه موسى إلى تحت العرش
فالجواب إن موسى عليه السلام لما وعده ربه بالرؤية في الآخرة يقوم مسرعا لأجل
الرؤية ومحمد صلى الله عليه وسلم ما عنده حرقة الرؤية كحرقة موسى عليه السلام لأنه
رأى ربه عز وجل في الدنيا قال مؤلفه رحمه الله وفي النفس من هذا الجواب شيء لشيئين
الأول أن منصب النبي صلى الله عليه وسلم في المعرفة بالله تعالى أتم من منصب غيره
وأكمل وبقدر المعرفة تكون المحبة بعظم طالب اللقاء، الثاني من شاهد جمال الألوهية
وكمال الربوبية يكون أعظم اشتياقا ممن لم يره لا محالة قيل الشوق يبرد باللقاء
والإشتياق يزداد به وجواب آخر أن محمدا صلى الله عليه وسلم يقوم آمنا من هول يوم
القيامة متأهبا للشفاعة لأمته وموسى وغيره يقول نفسي نفسي فليس له التفات إلى غيره
قال القرطبي في تفسيره قوله تعالى ولسوف يعطيك ربك فترضى قال ابن عباس أعطاه الله
ألف قصر في الجنة من لؤلؤ أبيض ترابه المسك في صحيح مسلم رضي الله عنه أنه صلى
الله عليه وسلم قرأ قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام فمن تبعني فإنه مني
الآية وقرأ قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام إن تعذبهم فإنهم عبادك الآية
فرفع يديه وقال اللهم أمتي وبكى فقال الله تعالى يا جبريل إذهب إلى أحمد وقل له
إنا سنرضيك في أمتك ولا نسيئك فيهم قال النسفي أمر النبي يهوديا أن يصنع له خاتما
ويكتب عليه لا إله إلا الله ففعل فلما جاء به وجد عليه محمد رسول الله فجاء جبريل
وقال إن الله تعالى يقرئك السلام ويقول لك إن كتبت أحب الأسماء إليك وأنا كتبت أحب
الأسماء إلي... حكاية قال ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا من اليهود نظر في
التوراة فوجد اسم محمد صلى الله عليه وسلم في أربعة مواضع فكشطه ثم نظر في اليوم
الثاني فوجده في ثمانية مواضع فكشطها ثم نظر في اليوم الثالث فوجد اسم محمد في
إثنتي عشر موضعا فسار من الشام إلى المدينة فوجد النبي صلى الله عليه وسلم قد مات
فقال لعلي رضي الله عنه أرني ثوب محمد فأخرجه له فشمه وقام عند القبر الشريف وأسلم
وقال اللهم إن كنت قبلت إسلامي فاقبض روحي سريعا فوقع ميتا فغسله علي ودفنه
بالبقيع رحمه الله تعالى قال وهب بن منبه كان في بني إسرائيل رجل عصى ربه مائتي
عام فلما مات ألقته بنو إسرائيل على المزبلة فأوحى الله تعالى إلي أن غسله وكفنه
وصل عليه لأنه نظر في التوراة اسم محمد فقبله ورضعه على عينيه وصلى عليه فغفرت له
ذنوبه وزوجته سبعين حوراء... حكاية رأيت في الشفاء أخذ ذئب شاة فأخذها الراعي منه
فقال الذئب ألا تتقي الله حلت بيني وبين رزقي فقال الراعي العجب من الذئب يتكلم
بكلام الإنس فقال الذئب أنت أعجب ترعى غنمك وتركت نبيا لم يبعث الله قط أعظم منه
عنده وقد فتحت له أبواب الجنان وأشرف أهلها على أصحابه ينظرون قتالهم وما بينك
وبينه إلا هذا الشعب فتصير في جنوده قال من لي بغنمي يرعاها فقال الذئب أنا أرعاها
حتى ترجع فسلم إليه غنمه ومضى فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم آمن به فقال له
عد إلى غنمك فرجع وذبح للذئب شاة قيل إن هذا الراعي كان سلمة بن الأكوع رضي الله
عنه وكان ذلك سبب سلامه وقالت أم سلمة رضي عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم في
صحراء فنادته ظبية يا رسول الله فقال ما حاجتك فقالت صادني هذا الأعرابي ولي خشفان
في ذلك الجبل فاطلقفي حتى أذهب فأرضعهما وأرجع فقال أو تفعلين قالت نعم فأطلقها
فذهبت ورجعت فانتبه الأعرابي وقال يا رسول الله ألك حاجة قال تطلق هذه الظبية
فأطلقها فخرجت تعدو في الصحراء وتقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله
ورأيت في غير الشفاء أخبرت أولادها بخبرها وأن النبي صلى الله عليه وسلم ضمنها
قالوا لبنك علينا حرام حتى ترجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال كعب
الأحبار وصف الله محمدا في التوراة فقال عمر عبدي ورسولي ليس بفظ ولا غليظ أهب له
كل خلق كريم واجعل السكينة لباسه والبر شعاره والتقوى ضميره والصدق طبيعته والعفو
والمعروف خلقه والعمل سيرته والحق شريعته والإسلام ملته وأمته خير أمة أخرجت
للناس. 1حكاية قال أبو جهل لعنه الله يا محمد إن أخرجت لنا طاوسا من صخرة في داري
آمنت بك فدعا ربه فصارت الصخرة تئن أنين المرأة الحامل ثم انشقت عن طاووس صدره من
ذهب ورأسه من زبرجد وجناحه ياقوت ورجلاه من جوهر فلما رآها أبو جهل لعنه الله أعرض
عن الإيمان وقال في بعض الأيام يا محمد السموات أقوى أم الأرض فقال السماء فقال
ربك أقوى أم الصخرة فقال قدرة ربي قال قل له أن يخرج من هذه الصخرة طيرا في فمه
كتاب يشهد لك حتى أصدقك فنزل جبريل وأمره أن يشير إلى الصخرة فانشقت عن طير في فمه
ورقة مكتوب فيها لا إله إلا الله محمد رسول الله أمة مذنبة ورب غفور فقال أنت أسحر
من سحرة فرعون قال وأنت مقتول أشر من قتل فرعون فلما كان يوم بدر قال جبريل بدر
كبحر فرعون وذلك أن فرعون وقومه هلكوا بالماء وصار محمد وقومه يمشون على الرمال
فتغوص أرجلهم في الرمل فضعفت قوتهم وأصابتهم الجنابة والعطش فأرسل الله عليهم
المطر فاشتد الرمل تحت أقدامهم واغتسلوا من الجنابة وشربوا ثم انحدر الماء إلى الأرض
التي بها أبو جهل وقومه فصارت أرجلهم تغوص في الطين أهلكهم الله قال الله تعالى
وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم
ويثبت به الأقدام وذكر النيسابوري في سورة اقرأ لما نزلت سورة الرحمن قال النبي
صلى الله عليه وسلم من يقرؤها على رؤساء قريش فقال ابن مسعود أنا يا رسول الله
أقرؤها عليهم فلما قرأها عليهم ابن مسعود صكه أبو جهل لعنه الله فشق أذنه فاغتم
النبي صلى الله عليه وسلم ثم نظر فوجد جبريل يضحك فقال ما يضحكك قال ستعلم يوم بدر
فلما كان يوم بدر لم يحضر ابن مسعود إلا بعد فراغ القتال فقال يا رسول الله فاتني
فضل الجهاد فقال التمس من به حياة فاقتله فلك أجر شهيد فالتمس فوجد أبا جهل فقال
أخبر صاحبك محمدا أنه أبغض الخلق إلي في الحياة وفي الممات فقطع رأسه ابن مسعود
وأراد حمله فلم يستطع فشق أذنه وجره بخيط إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل
يضحك فقال جبريل يا رسول الله أذن بأذن والرأس زيادة فأخبر النبي صلى الله عليه
وسلم بما قاله أبو جهل فقال النبي فرعوني أشد من فرعون موسى لأنه قال عند موته
آمنت بما آمنت به بنو إسرائيل وهذا ازداد عتوا عند موته وإنما لم يقدر ابن مسعود
على حمل رأسه لأنه كلب والكلب يقاد ولا يحمل فإن قيل كيف أكد الله طغيان أبي جهل
لعنه الله بقوله إن الإنسان ليطغى أي يتجاوز الحد ويتكبر على ربه وكان إذا زاد
ماله زاد في ثيابه وطعامه وما أكد طغيان فرعون بل قال تعالى أنه طغى فالجواب أن
فرعون كان يؤذي موسى عليه السلام فقط وأبا جهل لعنه الله كان يؤذي محمدا بلسانه
وغيره وجواب آخر أن فرعون صار منه إلى موسى بعض إحسان حيث رباه صغيرا وأبا جهل
لعنه الله من صغره إلى كبره في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم وجواب آخر أن الحبيب
كالعين الكليم كاليد والعاقل يخاف على عينيه أكثر من اليد بل يدفع عن عينيه بيده
لهذا كانت المبالغة هذا في طغيان أبي جهل أكثر من طغيان فرعون قاله النيسابوري في
تفسيره... عجيبة ولا عجب من أمر الله تعالى ورأيت في كتاب شرف المصطفى أن تبعا
الأول خرج من بلاده لينظر في الدنيا بعسكر كثير ومعه جماعة من الحكماء فلما قدم مكة
أعرض عنه أهلها فغضب عليهم وعزم على هدم الكعبة وقتل الرجال وأخذ الأموال والنساء
فخرج من أذنيه وأنفه ماء له ريح كريهة فسأل الحكماء عن ذلك فقالوا نحن نعالج أمراض
الدنيا لا أمراض السماء فلما كان الليل قال أحد الحكماء للوزير إن أخبرني الملك
بما نواه عادته فأخبره بذلك فقال ارجع عن هذه النية ففعل فانقطع الماء فآمن بالله
في الحال وستر الكعبة وهو أول من كساها ثم خرج نحو ييثب فنزل على عينها فاجتمع رأي
الحكماء على الإقامة بها فبلغ الملك ذلك فسألهم عن هذه البرية فقالوا سيكون في
البقعة خير كثير يسكنها نبي آخر الزمان واسمه محمد مولده بمكة وهجرته إلى هنا فبنى
لها أربعمائة دار وكتب كتابا يا محمد آمنت بالله وبربك وأنا على دينك فإن أدركتك
فذلك الذي أريد وإلا فاشفع لي يوم القيامة فإني من أمتك الأولين ودفع الكتاب إلى
الحكيم الذي سأله عن نيته ورجع إلى الهند فلم يزل الكتاب محفوظا عند الحكيم
وأولاده وأولاد أولاده متهم أبو أيوب الأنصاري فلما هاجر النبي صلى الله
عليه
وسلم ونزل في دار أبي أيوب دفع الكتاب إليه فقال النبي مرحبا بالأخ الصالح ثم
نظروا في تاريخ الكتاب وقدوم النبي فوجدوه ألف عام والله أعلم... فائدتان..
الأولى: رفع الله عيسى عليه السلام إلى السماء ليلة القدر من بيت المقدس وكساه
الريشة وألبسه النور وقطع عنه لذة المطعم والمشرب فصار أنسيا ملكيا سماويا أرضيا
فهو يطير مع الملائكة حول العرش.. الثانية: يكره أن يقال للمدينة يثرب الآن لقوله
صلى الله عليه وسلم من قال للمدينة يثرب فليستغفر الله هي طيبة رواه ابن عازب رضي
الله عنه قال في الوجوه المسفرة عن اتساع المغفرة قال البرماوي في شرح البخاري
يكره أن يقال للمدينة المشرفة يثرب لأنه من التعبير والتوبيخ... حكاية: لما فتح
رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة أسند ظهره إلى جدار إمرأة كافرة فسدت الطاقات
وغلقت الأبواب حتى لا تسمع كلامه وصوته فنزل جبريل ونهاه عن الاستظلال بجدارها
فإنك أبغض الخلق إليها ثم سرح إلى السماء ثم رجع وقال يا محمد ربك يقرؤك السلام
ويقول إن كانت المرأة كافرة فجاهك كبير فلأجل وقوفك في ظل الدار غفرت لها الذنوب
والأوزار وقد فتحت أبواب السماء وأبواب قلبها فبادرت المرأة في الحال بفتح الدار
وقبلت قدم النبي قاله في كتاب العقائق ورأيت في روض الأفكار أن المرأة خرجت تسمع
كلام النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها رجل أتحبينه قالت نعم قال فبحقه إرفعي
نقابك حتى أنظر إلى وجهك ففعلت ثم أخبرت زوجها بذلك فأوقد تنورا ثم قال فبحقه عليك
أدخلي التنور فألقت نفسها فيه ثم ذهب فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال ارجع
واكشف عنها فرجع فرآها سالمة وقد جللها العرق رأيت في قوله تعالى يحبهم ويحبونه
نزلت في إثني عشر رجلا من أهل اليمن دخلوا مكة للحج فدعاهم النبي صلى الله عليه
وسلم للإسلام فقالوا نريد علامة فأخذ قضيبا ووضعه على هبل بعد أن جردوه من الديباج
وقال يا هبل من أنا فقال بلسان فصيح أنت رسول الله فسجدوا كلهم جميعا وأعلنوا
الشهادتين قال مؤلفه هبل صنم وهو الآن عتبة لباب السلام بمكة كنت كثيرا أخلع نعلي
عليه حين أدخل واضعهما عليه إذا أردت الخروج وأردت لبسهما حين أخرج ورأيت في قوله
تعالى فيها أنهار من ماء غير آسن أي غير متغير وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار
من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى إن نهر الماء لموسى ونهر اللبن لسليمان
ونهر العسل لمحمد صلى الله عليه وسلم فكما أن العسل فضل على سائر الحلوى كذلك
لمحمد صلى الله عليه وسلم الفضل على سائر الأنبياء ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم
انشقاق القمر فرقتين فرقة فوق الحبل وفرقة دونه حتى رأى أهل مكة جبل حراء يلوح
بينهما علما بين شعلتين وقال اشهدوا وهم حينئذ بمنى ودعا الله أن يرد الشمس على
علي بن أبي طالب في خيبر بعدها غربت ونبع ماء من بين أصابعه وحن إليه الجذع اليابس
فجاء بخرق الأرض فالتزمه النبي صلى الله عليه وسلم ثم أمره فعاد إلى مكانه بعد أن
قال له إن شئت أن أردك إلى الحائط الذي كنت فيه ننبت لك عروقك ويكمل خلقك ويحمد لك
خوص وثمر وإن شئت أغرسك في الجنة فيأكل أولياء الله من ثمرك ثم أصغى له النبي صلى
الله عليه وسلم يسمع ما يقول فقال بل تغرسني في الجنة يأكل منى أولياء الله تعالى
وأكون في مكان لا أبلى فسمع من يليه كلامه قال النبي صلى الله عليه وسلم قد فعلت
ثم قال اختار دار البقاء على دار الفناء ومن معجزاته أنه جيء له بصبي يوم ولد فقال
له من أنا قال أنت رسول الله قال أنس رضي الله عنه أخذ النبي صلى الله عليه وسلم
كفا من حصا فسبحن في يده وسبح الطعام بين يديه ونطق الجماد برسالته وكذا البهائم
قال جابر بن عبد الله لزوجته عرفت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم الجوع فهل عندك
من شيء قالت صاع شعير وعناق فذبحته وكان لها ولدان فقال أحدهما للآخر ألا أريك كيف
ذبحت أمي الشاة فذبحه وهرب فوقع في النار فاحترق فجعلتهما في بيت واشتغلت بطعامها
فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقال أين أولادك حتى آكل معهم فذهب إلى
زوجته فأخبرته بالخبر ففتح الباب فوجدهما بالحياة وقال صلى الله عليه وسلم أخبرني
جبريل بما اتفق من أمرهما وقال علي رضي الله عنه خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم بأرض مكة فما مر بشجرة ولا جبل إلا قال السلام عليك يا رسول الله
حكاية:
قال تميم الداري جاء بعير حتى وقف على النبي صلى الله عليه وسلم قال له اسكت فإن
تك صادقا فعليك صدقك وإن تك كاذبا فعليك كذبك مع أن الله تعالى قد آمن عائذنا قلنا
يا نبي الله ما يقول قال هم أهله بذبحه فهرب منهم فبينما نحن كذلك إذ أقبل صاحبه
أو قال أصحابه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما هذا آخر المملوك الصالح من مولاه
قالوا فإنا لا نبيعه ولا ننحره فقال كذبتم قد استغاث بكم فلم تغيثوه وأنا أولى
بالرحمة منكم فاشتراه بمائة درهم وقال انطلق أيها البعير فأنت حر لوجه الله تعالى
فرغا الجمل فقال النبي صلى الله عليه وسلم آمين ثم رغا فقال آمين ثم رغا فبكى
النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا ما قال يا نبي الله قال جزاك الله أيها النبي صلى
الله عليه وسلم خيرا عن الإسلام والقرآن فقلت آمين ثم قال حقن الله دماء أمتك كما
حقنت دمي فقلت آمين ثم قال لا جعل الله بأس أمتك بينها فبكيت فإن هذه الخصال سألت
ربي فأعطانيها ومنعني هذه وأخبرني جبريل بالسيف جرى القلم فما هو كائن إلى يوم
القيامة وقال بعضهم في قوله صلى الله عليه وسلم عن أحد هذا جبل يحبنا ونحبه قال
لما دخل مكة وجد الأصنام على الكعبة فكل صنم نطق له برسالته ومن معجزاته صلى الله
عليه وسلم عموم رسالته إلى كل مكلف حتى قيل إلى الملائكة أيضا ونسخ جميع الشرائع
بشريعته ونصره الله بالرعب مسيرة شهر وورد أن أبا جهل اشترى جملا من رجل وماطله
فأخبر قريشا بذلك فدلوه على محمد استهزاء فجاءه وأخبره فجاء النبي صلى الله عليه
وسلم معه فطرق باب أبي جهل فخرج أبو جهل فقال النبي صلى الله عليه وسلم أعط هذا
الرجل حقه فبادر وأعطاه فسئل عن ذلك قال رأيت على رأسه ثعبانا لو امتنعت لالتقمني
وأباح الله له الغنائم وجعل له الأرض مسجدا وطهورا وأعطاه المقام المحمود وهو
الشفاعة العامة لأهل الموقف كما سيأتي في فضل أمته ومن أراد الرب من هذا المنهل
العذب فعليه بالشفاء للقاضي عياض والشمائل للترمذي والخصائص لابن الملقن وغيره
وجميع ذلك ما يبلغ جزا من عشر ما تضمنه قوله تعالى وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين
مقال ابن عباس من صدق النبي صلى الله عليه وسلم سعد ومن آمن به سلم في الدنيا من
الخسف والمسخ فهو رحمة لجميع الناس في الدنيا بل قال النسفي إنه رحمة لجميع الناس
في الآخرة أيضا ما دام لوائه معقودا في الموقف صلى الله عليه وسلم ما تضمنه قوله
تعالى ولسوف يعطيك ربك فترضى وإنك لعلى خلق عظيم ورفعنا لك ذكرك وكان فضل الله
عليك عظما وما أحسن ما قاله صاحب البردة: شعر:ة: قال تميم الداري جاء بعير حتى وقف
على النبي صلى الله عليه وسلم قال له اسكت فإن تك صادقا فعليك صدقك وإن تك كاذبا
فعليك كذبك مع أن الله تعالى قد آمن عائذنا قلنا يا نبي الله ما يقول قال هم أهله
بذبحه فهرب منهم فبينما نحن كذلك إذ أقبل صاحبه أو قال أصحابه فقال النبي صلى الله
عليه وسلم ما هذا آخر المملوك الصالح من مولاه قالوا فإنا لا نبيعه ولا ننحره فقال
كذبتم قد استغاث بكم فلم تغيثوه وأنا أولى بالرحمة منكم فاشتراه بمائة درهم وقال
انطلق أيها البعير فأنت حر لوجه الله تعالى فرغا الجمل فقال النبي صلى الله عليه
وسلم آمين ثم رغا فقال آمين ثم رغا فبكى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا ما قال يا
نبي الله قال جزاك الله أيها النبي صلى الله عليه وسلم خيرا عن الإسلام والقرآن
فقلت آمين ثم قال حقن الله دماء أمتك كما حقنت دمي فقلت آمين ثم قال لا جعل الله
بأس أمتك بينها فبكيت فإن هذه الخصال سألت ربي فأعطانيها ومنعني هذه وأخبرني جبريل
بالسيف جرى القلم فما هو كائن إلى يوم القيامة وقال بعضهم في قوله صلى الله عليه
وسلم عن أحد هذا جبل يحبنا ونحبه قال لما دخل مكة وجد الأصنام على الكعبة فكل صنم
نطق له برسالته ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم عموم رسالته إلى كل مكلف حتى قيل
إلى الملائكة أيضا ونسخ جميع الشرائع بشريعته ونصره الله بالرعب مسيرة شهر وورد أن
أبا جهل اشترى جملا من رجل وماطله فأخبر قريشا بذلك فدلوه على محمد استهزاء فجاءه
وأخبره فجاء النبي صلى الله عليه وسلم معه فطرق باب أبي جهل فخرج أبو جهل فقال
النبي صلى الله عليه وسلم أعط هذا الرجل حقه فبادر وأعطاه فسئل عن ذلك قال رأيت
على رأسه ثعبانا لو امتنعت لالتقمني وأباح الله له الغنائم وجعل له الأرض مسجدا
وطهورا وأعطاه المقام المحمود وهو الشفاعة العامة لأهل الموقف كما سيأتي في فضل
أمته ومن أراد الرب من هذا المنهل العذب فعليه بالشفاء للقاضي عياض والشمائل
للترمذي والخصائص لابن الملقن وغيره وجميع ذلك ما يبلغ جزا من عشر ما تضمنه قوله
تعالى وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين مقال ابن عباس من صدق النبي صلى الله عليه
وسلم سعد ومن آمن به سلم في الدنيا من الخسف والمسخ فهو رحمة لجميع الناس في
الدنيا بل قال النسفي إنه رحمة لجميع الناس في الآخرة أيضا ما دام لوائه معقودا في
الموقف صلى الله عليه وسلم ما تضمنه قوله تعالى ولسوف يعطيك ربك فترضى وإنك لعلى
خلق عظيم ورفعنا لك ذكرك وكان فضل الله عليك عظما وما أحسن ما قاله صاحب البردة:
شعر:
محمد
سيد الكونين والثقلين ... والفريقين من عرب ومن عجم
فاق
النبيين في خلق في خلق ... ولم يدانوه في علم ولا كرم
لطيفة:
جاء يهودي إلى عمر رضي الله عنه وقال صف لي أخلاق محمد صلى الله عليه وسلم فقال
بلال أعلم مني بذلك فسأله فقال فاطمة أعلم مني بذلك فسألها فقالت علي أعلم مني
بذلك فسأله قال صف لي متاع الدنيا. وهو قليل فلم يقدر فقال كيف أصف لك أخلاقه
العظيمة صلى الله عليه وسلم حكاه النيسابوري في تفسيره.
باب
مولد المصطفى وحبيب الله المجتبى
سيد
الأولين والآخرين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه الطيبين
الطاهرين إلى يوم الدين وهو حي سميع بصير في
قبره صلوات الله وسلامه عليه.
قال
الله تعالى لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف
رحيم قال الإمام الرازي عزيز عليه ما عنتم أي يشق عليه ما تكرهونه وقيل يشق عليه
ضلالتكم قال العلائي كان عمر رضي الله عنه لا يثبت آية في المصحف حتى يشهد عليها
رجلان فجاء خزيمة بن ثابت الأنصاري بهذه الآية فقال عمر والله لا أسألك عليها بينة
فقال القرطبي عاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية خمسة وثلاثين يوما قال العلائي
رضي الله عنه جاء الشبلي إلى أي بكر بن مجاهد فقال له وقبله بين عينيه قيل له في
ذلك فقال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فعل به ذلك قلت يا رسول الله
أتفعل هذا بالشبلي قال نعم إنه يقول بعد صلاته لقد جاءكم رسول من أنفسكم الآية ثم
يتبعها بالصلاة علي والحمد للذي دبر وحكم وأظهر الحكم وخط خط القلم بما جرى على
الأمم في لوح علمه قديما. صور وخلق ورتق وفتق وأنعم ورزق وقسم رزقه بين خلقه
تقسيما. كون الأكوان ودبر الزمان وعلم الإنسان ما لم يعلم. تعطف بلطفه عليه تعليم.
لا يقال متى كان ولا في أي مكان سبق المكان والزمان وهو الآن على ما عليه قديما.
بين بديع عظمته في خلق العبد وتصوير نسمته وما زال في صنعه حكيما. حرك بنانه وأنطق
لسانه وأسمعه ترجمانه وأنشقه نسيما ركبه من ماء وتراب ونار وهواء فلزم كل ضد ضده
كما يلزم الغريم غريمه ثم أعاده بعد عظيم قدره إلى ظلمات قبره فصار عظما رميما. ثم
إذا نفخ في الصور خرج من ظلمات القبور من كان فيها مقيما. فمن كان لربه طائعا
ولأوامره تابعا قربه وأعطاه نعيما ومن كان بالوحدانية كافرا وعن باب الطاعة نافرا
أبعده وأصلاه جحيما. فسبحان العظيم الذي لم يزل في ملكه قديما وفي سلطانه عظيما
وبعباده رؤوفا رحيما وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ضد ولا ند له
ولا شبيه له ولا عميل له ولا صاحبة له ولا ولد له ولا ناصر ولا مساعد ولا معارض له
ولا معاند شهادة أرجو بها نعيما مقيما وأشهد أن سدنا ونبينا محمدا صلى الله عليه
وسلم عبده ورسوله وحبيبه وخليله وأمينه ودليله الذي خصه الله بالآيات الباهرة
والمعجزات الظاهرة وشفعه فيمن صلى عليه في الدار الآخرة وقال في حقه إجلالا
وتكريما إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا
تسلما توجه بتاج الجمال وألبسه لباس الكمال زينه بأشرف الخصال فإن سألت عن وجهه
فكان صبيحا منيرا وإن سألت عن فضله فكان غزيرا وإن سألت عن شعره فكان ليلا بهيما
وإن سألت عن طرفه فكان أدعج ضخيما وإن سألت عن حاجبه فكان نوة وإن سألت عن فمه
فكان ميما وإن سألت عن وجهه فكان بدرا تمم بالحسن تتميما وإن سألت عن صدره كان سليمان
وإن سألت عن قلبه فكان رحيما وإن سألت عن خلقه فكان عظيما وإن سألت عن كفه فكم
أغنى عديما وإن سألت عن قدمه فكم تقدم الطاعة تقديما وإن سألت عن أصله فكان شريفا
كريما اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأزواجه وسلم تسليما قال علي رضي
الله عنه لما أراد الله تقدير الخليقة وذرى البرية قبل دحو الأرض ورفع السماء وهو
في انفراد ملكوته وتوحد جبروته لمع نور من نوره ثم اجتمع ذلك النور في تلك الصورة
الخفية فوافق محمدا صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى أنت المختار والمنتخب عندك
مستودع نوري وكنوز هدايتي من أجلك أسطع البطحاء وأرفع السماء وأجعل الثواب والعقاب
والجنة والنار ثم أخفى الله الخليقة في غيبه وغيبها في مكنون علمه ثم نصب العوامل
أي السماء والأرض والجبال والمياه والهواء والنار وبسط الزمان وقرن بتوحيد نور
محمد صلى الله عليه وسلم وعن علي رضي الله عنه قلت يا رسول الله مم خلقت قال لما
أوحى إلى ربي ما أوحى قلت يا رب خلقتني قال وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضا ولا
سماء قلت يا رب مم خلقتني قال يا محمد نظرت إلى صفاء بياض نوري الذي خلقته بقدرتي
وأبدعته بحكمتي أضفته تشريفا إلى عظمتي فاستخرجت منه جزءا فقسمته ثلاثة أقسام فخلقتك
وأهل بيتك من القسم الأول وخلقت أزواجك وأصحابك من القسم الثاني وخلقت من أحبك من
القسم الثالث فإذا كان يوم القيامة رددت النور إلى نوري وأدخلتك وأهل بيتك وأزواجك
وأصحابك ومن أحبك جنتي برحمتي فأخبرهم بذلك عني وقال ابن عباس رضي لله عنهما لما
أراد الله تعالى خلق المخلوقات وخفض الأرض
ورفع
السموات قبض قبضة من نوره ثم قال لها كوني حبيبي محمد فطاف نور محمد صلى الله عليه
وسلم بالعرش قبل آدم بخمسمائة عام وهو يقول الحمد لله فقال الله تعالى من أجل ذلك
سميتك محمدا ثم خلق نور آدم عليه السلام من نور محمد وخلق جسد محمد من طينة آدم ثم
أسكن نور محمد في ظهر آدم عليه السلام فصلت الملائكة تقف صفوفا ينظرون إلى النور
فقال آدم يا رب ما لهؤلاء الملائكة يقفون خلفي قال ينظرون إلى نور محمد صلى الله
عليه وسلم قال يا رب اجعله في مكان في جبهتي فنقل الله تعالى ذلك النور إلى جبهته
فصارت الملائكة تقف أمامه ثم قال آدم يا رب اجعله في موضع أراه فجعله في إصبعه
المسبحة فرفعها آدم وقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله فهذا
أصل التشهد لهذا سميت المسبحة لأنه يشار بها إلى وحدانية الله تعالى ولأن عرقها
متصل بالقلب ثم قال آدم يا رب هل بقي من هذا النور شيء قال نور أصحابه قال يا رب
اجعله في بقية أصابعي فجعل الله نور أبي بكر في الوسطى ونور عمر في البنصر ونور
عثمان في الخنصر ونور علي في الإبهام فلما هبط آدم عليه السلام إلى الأرض انتقلت
الأنوار إلى ظهره أي كما كان أولا في ظهره فلما قدر الله الاجتماع بين آدم وحواء
على عرفات أرسل الله إليه نهرا من الجنة فاغتسلت حواء فانتقلت الأنوار إليها ثم لم
يزل نور محمد من صلب إلى صلب ومن بطن إلى بطن إلى أن انتقل إلى صلب إبراهيم عليه
السلام فأخرجه الله من أفضل المعادن وأكرم المغارس شجرة مشرقة الضياء أصلها في الأرض
نابت وفرعها في السماء ثابت أصلها أصيل وفرعها طويل وغارسها الرب الجليل وساقيها
إبراهيم الخليل وخادمها الأمين جبريل وملقح ثمرها إسماعيل ثم قصد تحول النعمة شجرة
المحبة فاستخرج منها حبة فأول ما غمستها في بحر الرحمة خرجت بمنشور وما أرسلناك
إلا رحمة للعالمين ثم غسلها في بحر الرضى فخرجت بخلعة ولسوف يعطيك ربك فترضى ثم
غمسها في بحر الكرامة فخرجت بمنشور من يطع الرسول قد أطاع الله ثم غمسها في بحر
القربة فخرجت بمنشور فكان قاب قوسين أو أدنى ثم اختار لتلك الحبة أرضا مقدسة لا
مدنسة فأنبتت شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية أي لا يهودية ولا نصرانية فهي
شجرة النور أصلها نور وفرعها نور على نور فكان صلب الخليل ناديها وظهر إسماعيل
شاطئ واليها سقى الخليل عودها وأخضر باسماعيل عمودها وتم بمحمد سؤودها فلما قوى
أصلها وشب فرعها وثبت تشعبت شعوبا وتضربت ضروبا فالحق زهرتها والصدق ثمارها
واليقين أغصانها والهدى قنواتها معلقة بالعرش من تمسك بها سلم ومن تأخر عنها ندم
ثم انتقل صلب إلى صلب عبد المطلب فرأى في منامه كأن سلسلة خرجت من ظهره حتى لحقت
بعنان السماء ثم رجعت فصارت شجرة خضراء ورأى شيخا قد تعلق بها فقال عبد المطلب من
أنت قال نوح فأراد عبد المطلب أن يتعلق بها أو بغصن منها فقيل له ليس لك فيها نصيب
فلما تزوج ولد له عبد العزى وهو أب لهب ثم أبو طالب لاسمه عبد مناف ثم العباس ثم
عبد الله ثم حمزة فهو عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة أرضعتهما
ثوبية مولاة أبي لهب فعلمت أحبار الشام بعبد الله لأن في كتبتم إذا قطرت حبة يحيى
عليه السلام فقد ولد والد النبي صلى الله عليه وسلم فلما كبر عبد الله قصدوا قتله
فأرسل الله تعالى ملائكة فقتلهم عن آخرهم وكان وهب والد آمنة ينظر على رأس جبل إلى
هذه الكرامة لعبد الله فأخبر زوجته برة بنت عبد العزى أم آمنة بذلك وقال هل لك أن
تزوجي عبد الله بآمنة قالت نعم فتوجه وهب وبرة إلى عبد المطلب واسمه شيبة الحمد
فخطبا منه عبد الله لآمنة لما رأى وهب من كرامة والد النبي صلى الله عليه وسلم
فزوجه بها في رجب ليلة الجمعة فانتقل النور إليها لكن قال الشيخ العارف ولي الله تقي
الدين الحصيني كانت آمنة في حجر عمها وهيب فمشى إليه عبد المطلب بإبنه عبد الله
فزوجه بها ثم خطب عبد المطلب في المجلس هالة بنت وهيب فزوجه بها فتزوج عبد المطلب
وابنه عبد الله في ليلة واحدة قال في كتاب شرف المصطفى هالة هي أم حمزة رضي الله
عنه قال ابن عباس رضي الله عنهما لم يبق تلك الليلة دابة لقريش إلا نطقت وقالت حمل
بمحمد ورب الكعبة فهو أمان الدنيا وسراج أهلها وصاح إبليس لعنه على جبل أبي قبيس
فاجتمعت عليه الشياطين فقالوا ما الذي أصابك قال قد
استقر
محمد في بطن آمنة يبعثه الله بالسيف القاطع فيغير الأديان ويكسر الصلبان وقال في
روضة الأفكار عن سهل رضي الله عنه لما أراد الله تعالى خلق محمد صلى الله عليه
وسلم في بطن أمه أمر رضوان بواب الجنة أن يفتح تلك أبواب الفردوس وأمر مناديا
ينادي في السموات والأرضين ألا وإن النور المكنون والمخزون في هذه الليلة قد استقر
في بطن آمنة قالت آمنة ما شعرت أني حملت بولدي محمد لأني ما وجدت له وحما ولا ثقلا
كما تجد الحوامل ولكني أنكرت انقطاع حيضي ولقد رأيت وأنا حاملة به نورا أضاء له
المشرق والمغرب حتى رأيت قصور بصرى من أرض الشام في الشهر الأول رأيت رجلا طويلا
فقال أبشري فقد حملت بسيد المرسلين فقلت له من أنت فقال أبوه آدم في الشهر الثاني
أتاني آت وقال أبشري فقد حملت بسيد الأولين والآخرين فقلت له من أنت فقال شيث في
الشهر الثالث أتاني آت وقال أبشري فقد حملت بالنبي الكريم فقلت له من أنت قال نوح
في الشهر الرابع أتاني آت وقال أبشري فقد حملت بالسيد الشريف والنبي العفيف فقلت
له من أنت قال إدريس وفي الشهر الخامس أتاني آت وقال أبشري حملت بسيد البشر فقلت
له من أنت قال هود في الشهر السادس أتاني آت وقال أبشري فقد حملت بالنبي الهاشمي
فقلت له من أنت قال إبراهيم في الشهر السابع أتاني آت وقال أبشري فقد حملت بحبيب
رب العالمين فقلت له من أنت قال إسماعيل وفيه انشق إيوان كسرى وسقط منه أربع عشرة
شرافة وفي الشهر الثامن أتاني آت وقال أبشري فقد حملت بخاتم النبيين فقلت من أنت
فقال موسى وفيه خمدت نار فارس في الشهر التاسع أتاني آت وقال أبشري فقد حملت بمحمد
فقلت من أنت قال عيسى وفيه سقط التاج عن رأس كسرى وقيل في الشهر الرابع مات أبوه
عبد الله ودفن بالمدينة وهو ابن خمسة وعشرين سنة فلما مات عبد الله قالت الملائكة
ربنا بقي نبيك فقال الله تعالى أنا وليه وحافظه قالت آمنة فلما كانت ليلة الولادة
أي وهي ليلة الإثنين مع طلوع الفجر وقيل ليلة الجمعة رأيت جماعة قد نزلوا من
السماء ومعهم ثلاثة أعلام بيض فركثروا علما على ظهر الكعبة وعلما على سطح داري
وعلما على بيت المقدس ودنت مني النجوم حتى أني أقول أيقعن علي وامتلأت الأرض نورا
وفتحت أبواب السماء ثم عكف على منزلي طيور كثيرة مناقيرها من الزمرد وأجنحتها من
الياقوت ورأيت الديباج قد بسط بين السماء والأرض ورأيت رجالا في الهواء بأيديهم
أباريق الفضة بسلاسل الذهب وكنت عطشى فشربت من أحدها فبينما أنا أفكر في أمري وقد
ضاق من الوحدة صدري إذ دخل علي جماعة من النساء لم أر أحسن منهن معهن آسية إمرأة فرعون
وكانت هي القابلة لكن في الشفاء عن الشفاء أم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما
قالت لما سقط محمد صلى الله عليه وسلم على يدي من بطن أمه واستهل سمعت قائلا يقول
رحمك الله وأضاء لي ما بين المشرق والمغرب ثم اشتد بي الطلق فرأيت طيرا عظيم
الحلقة حسن الهيئة فمسح بجناحه على بطني فوضعت ولدي محمدا مستقيما أي خرج بأقدامه
الكريمة ولم يخرج منكوسا إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم لم يزل قائما في حدود
الله ثم تكلم بكلام فصيح وقال الله أكبر الله أكبر الحمد لله رب العالمين قال
عكرمة قال ابن عباس عن أبيه العباس عن أبيه عبد المطلب ولد محمد مختوما مسرورا أي
مقطوع السرة في رواية أن عبد المطلب ختنه يوم سابعه... فائدة: ولد جماعة من
الأنبياء مختونين منهم آدم وشيث وإدريس ونوح ولوط ويوسف وموسى وشعيب وسليمان ويحيى
وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين وأول من اختتن من الرجال إبراهيم
ومن النساء هاجر كما سيأتي في فضل الأمة المرحومة وسيأتي في مناقب حكم الختان
والله أعلم قالت آمنة فلما وضعته وكأن وجهه القمر غيبه رجل عنى الساعة و إذا به قد
رده وقال خذيه فقد طافوا به المشارق والمغارب والساعة كان أبيه آدم فقبله بين
عينيه فقال أبشر يا حبيبي فإنك سيد ولدي من الأولين والآخرين فمضى الرجل الذي غيبه
وهو يقول يا عز الدنيا ويا شرف الآخرة من قال مقالتك وشهد بشهادتك يحشر يوم
القيامة تحت لوائك قال ابن عباس أنه رضوان بواب الجنة وهو الذي ختم بين كتفيه
بخاتم النبوة قال عبد المطلب تلك الليلة أطوف بالكعبة فتمايلت الكعبة وخرت ساجدة
تحوم المقام تساقطت الأصنام وقالت الله أكبر الله أكبر ولد محمد الأزهر الآن
طهرني
ربي من أنجاس المشركين وسمعت قائلا يقول ألا وإن آمنة قد ولدت محمداً وأنسكت عليها
سحائب الرحمة فأتيت منزل آمنة فرأيت سحابة قد أظلت حجرتها فجعلت أمسح عيني وأقول
أنا نائم أم يقظان فناديت يا آمنة إفتحي الباب ففتحه فإذا المسك يفوح من حجرتها
فقلت لها ما الخبر فقالت ولد محمد قال دعيني أنظر إليه قالت إنه في البيت فلما
أردت الدخول إليه خرج رجل معه سيف وقال مهلا حتى تنقضي عنه زيارة الملائكة.من
أنجاس المشركين وسمعت قائلا يقول ألا وإن آمنة قد ولدت محمداً وأنسكت عليها سحائب
الرحمة فأتيت منزل آمنة فرأيت سحابة قد أظلت حجرتها فجعلت أمسح عيني وأقول أنا
نائم أم يقظان فناديت يا آمنة إفتحي الباب ففتحه فإذا المسك يفوح من حجرتها فقلت
لها ما الخبر فقالت ولد محمد قال دعيني أنظر إليه قالت إنه في البيت فلما أردت
الدخول إليه خرج رجل معه سيف وقال مهلا حتى تنقضي عنه زيارة الملائكة.
فصل
في نسبه صلى الله عليه وسلم
قال
ابن عباس رضي الله عنهما ليس قبيلة من العرب إلا وله فيها نسب وعن ابن عمر عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله اختار خلقه فاختار منهم بني آدم فاختار منهم
العرب ثم اختار العرب فاختار منهم بني هاشم فاختارني منهم قال ابن عباس أن قريشا
كانت نورا بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بألفي عام وعن النبي صلى الله عليه
وسلم قال إن الله تعالى لما خلق بني آدم جعلني في خيرهم أبا ثم جعلهم قبائل وجعلني
في خيرهم قبيلة ثم لا جعلهم بيوتا جعلي في خيرهم بيتا فلذلك قال ابن عباس وفاطمة
لقد جاءكم رسول من أنفسكم بفتح الفاء أي من أفضلكم وأشرفكم فهو محمد بن عبد الله
لاسم أم عبد الله فاطمة بنت عبد المطلب وإسم أمه سلمى بنت هاشم وإسم أمه عاتكة بنت
عبد مناف واسم أمه أيضا عاتكة بنت قصي بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن
مالك بن النضر بن كنانة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وتقدم
في باب الحج أن جماعة سموا أبناءهم باسمه طعما في أن يكون منهم محمد رسول الله قال
الإمام النووي في تهذيب الأسماء واللغات نقل القاضي أبو بكر بن العربي عن بعض
الصوفية أن النبي صلى الله عليه وسلم له ألف إسم قال كعب الأحبار إسم النبي عند
أهل الجنة عبد الكريم وعند أهل النار عبد الجبار وعند حملة العرش عبد المجيد وعند
سائر الملائكة عبد الحميد وعند الأنبياء عبد الوهاب وعند الشياطين عبد القهار وعند
الجن عبد الرحيم وعبد الحبار وعبد الخالق وفي البر عبد القادر في البحر عبد
المهيمن وعند الحيات عبد القدوس وعند الهوام عبد الغياث وعند الطيور عبد الغفار
وعند المؤمنين محمد وأحمد قال في كتاب العقائق في الليلة التي ولد فيها محمدا
انطفأت النيران إشارة لطفئها عن أمته وفي الليلة التي ولد فيها عيسى اشتعلت النار
إشارة لتوقدها على من اتخذه إلها من دون الله وكان مولد النبي صلى الله عليه وسلم
بمكة بعد قدوم أصحاب الفيل بخمسين يوما قالت عائشة رأيت قائد الفيل أعمى يسأل
الناس.
فصل
في رضاعه صلى الله عليه وسلم
قال
ابن عباس نادى منادي الرحمن معاشر الخلائق هذا محمد بن عبد الله طوبى لثدي أرضعه
طوبى لعبد كفله فقالت الطير إلهنا نحن نحمله إلى أعشاشنا ونطعمه من طيبات الأرض
وقال السحاب ربنا نحن نحمله إلى مشارق الأرض ومغاربها ونربيه أحسن تربية وقالت
الملائكة إلهنا نحن أحق بتربيته فقال تعالى قد أجريت ذلك على يد حليمة السعدية في
كتاب شرف المصطفى كانت حليمة في يضيق من فأضرها الجوع فرأت في منامها رجلا أخذ
بيدها إلى نهر أبيض من اللبن وأحلى من العسل وقال اشربي يا حليمة فشربت كثيرا ثم
قال تعرفيني قالت لا قال أنا الحمد الذي كنت تحمدين الله به في الشدة والرخاء يا
حليمة انطلقي إلى مكة فإن لك فيها الرزق الواسع واكتمي شأنك قالت فاستيقظت وأنا
أحمل النساء ولا أطيق أن أحمل ثديي من اللبن فتعجب النساء منهي ثم خرجنا يوما نطلب
البنات فسمعنا قائلا يقول ألا وأن الله قد أخرج مولودا بمكة طوبى لمن أرضعه فلما
سمعت النساء بذلك رجعن وأخبرن أزواجهن فخرجن إلى مكة وكانوا عشرة وخرجت معهن على
أتان ضعيف فبينما أنا في بعض الطريق إذ خرج رجل من شجرة ومعه حربة فوكز الأتان وهي
الأنثى من الحمير وقال أسرعي بمرضعة سيد المرسلين فسبقنا القوم ودخلنا مكة فرآني
عبد المطلب فسألته عن رضيع فقال عندي غلام يتيم لم تبق إمرأة إلا وعرض عليها ولكن
لعدم سعدها تأباه إذا قيل لها توفى الله أباه فقالت رضيت بجماله وليس لي رغبة في
غير وصاله فقال لها ما اسمك قالت حليمة السعدية فقال حلم وسعد فيهما عز الأبد
فأدخلني إلى منزل آمنة فرأيته نائما فوضعت يدي على صدره ففتح عينيه وتبسم فخرج منه
نور الحق بعنان السماء والعنان بفتح العين هو السحاب فناولته ثديي الأيمن فشرب حتى
روى ثم ناولته الأيسر فامتنع وذلك من عدله وإنصافه لأنه علم أن له في اللبن شريكا
فلما أخذناه من أمه قالت أعيذه بالله في الحلال من شر ما مر على الجبال حتى أراه
حامل الكلال. ويفعل الخير مع الموالي وغيرهم من حشوة الرجال. حشوة بكسر الحاء
المهملة هم أسافل الناس قالت حليمة فخرجنا وخرجت أمه تودعه ولسان حالها ينشد
ويقول: شعر:
كيف
السبيل وقد شطت بنا الدار ... أم كيف أصبر والأحباب قد ساروا
ومنزل
الأنس أضحى بعد ساكنه ... مستوحشا حين غابت عنه أقمار
ما
كان أحسننا والدار تجمعنا ... والشمل متصل والعيش مدرار
يا
ساكنين بقلب أينما رحلوا ... وراحلين بقلبي أينما ساروا
غبتم
فأظلمت الدنيا لغيبتكم ... وضاق من بعدكم رحب وأقطار
ليت
الغراب الذي نادى بفرقتنا ... عار من الريش لا تحويه أوكار
بعد
النعيم بعدنا عن منازلنا ... وبعد أحبابنا شطت بنا الدار
قالت
حليمة فلما وضعته بين يدي على الأتان استقبل بوجهه الكعبة وسجد ثلاث مرات ثم مرت
بنا الأتان كالجواد فقالت النساء يا حليمة أليس هذه أتانك إن لك شأنك عجيبا فقالت
الأتان أنتن في غفلة عني على ظهري راكب البراق قالت حليمة فبينما أنا في أثناء
الطريق وإذا أنا بأربعين نصرانيا يتذكرون محمدا ومعهم سيوف مسمومة فلما نظر إليه
كبيرهم قال ويحكم دونكم هذا الغلام فاقتلوه فهو المطلوب فقلت وامحمداه ففتح عينيه
ورمق بطرفه نحو السماء وإذا بنار نزلت من السماء فأحرقتهم عن آخرهم فقال زوجي أن
لهذا المولود لشأنا وسوف يعلو أمره فلما دخلنا وجئنا أخصب الوادي على كل حاضر وباد
وأدر الله لنا الضرع وأنبت لنا الزرع وصار محمد صلى الله عليه وسلم يكبر في اليوم
كالشهر وفي الشهر كالسنة فلما بلغ عامين وقيل أكثر قدمت به حليمة على أمه آمنة
زائرة فأخبرتها بما رأت من بركاته الظاهرة فقالت لها ارجعي به فإني أخاف عليه من
وباء مكة في السنة الثالثة ولد أبو بكر الصديق في الرابعة قال يا أماه ما لي لا
أرى إخوتي في الحي نهارا قلت أنهم يرعون الأغنام التي رزقنا الله إياها ببركتك
فقال دعيني أخرج معهم إلى المرعى وأقسم علي فلما كان من الغد تحزم وأخذ عصاه وسار
معهم وقيل في المعنى: شعر:
بأغنامه
سار الحبيب إلى المرعى ... فيا حسنه راع فؤادي له ترعى
فما
أحسن الأغنام وهو يسوقها ... لقد آنس الصحراء وقد أوحش الربعا
جميل
على معنى محاسن وجهه ... كأن بدور التم قد طبعت طبعا
أقول
له منذ سار في البر ماشيا ... وأغنامه من حوله تطلب المرعى
عيونك
يا راعي الحمى فتكت بنا ... فقوم بها قتلى وقوم بها صرعى
وحزت
جمالا حير الخلق وصفه ... ونبتا خفيا كنبت العشب والمرعى
فلولاك
يا راعي الحمى ما تشوقت ... قلوب إلى وادي العقيق ولا الجرعى
حبيبي
طبيبي أنت راع قلوبنا ... فلولاك يا مختار ما ذكر المسعى
قالت
حليمة رضي الله عنها وغاب عني رسول الله يومه ذلك فلما قرب المساء خرجنا لملاقاته
على الطريق فإذا به قد أقبل والأنوار تسبقه والأغنام تلوذ به وكان في الغنم شاة
رماها أخوه حمزة فكسر ساقها فجعلت تلوذ به كالشاكية إليه فقبض بيده الكريمة على
ساقها فكأن الوجع لم يقع ثم قالت لولدها حمزة كيف وجدت أخاك القرمشي قال يا أماه
ما مر بحجر ولا شجر ولا سهل ولا جبل ولا وحش ولا طير إلا يقول السلام عليك يا رسول
الله ولا يطأ موضعا إلا ونبت العشب فيه قال ابن أبي جمرة في شرح البخاري حتى موضع
دابته التي يركبها يخضر في الحال وإذا سقينا من بئر فار الماء إلى أعلاه ولقد
دخلنا إلى واد الوحوش فيه كثيرة فإذا نحن بسبع عظيم قد جمع نفسه ليثبت علينا فلما
نظر إلى أخينا محمد صلى الله عليه وسلم تقدم وخضع له ورمى نفسه على الأرض وتكلم
بكلام فصيح وقال السلام عليك يا محمد وتقدم إليه وكلمه في أذنه فذهب الأسد يعدو
فقالت يا بني اكتم هذا عن أهلك ثم عطفت الأغنام عليها تشخب لبنا وهي كالعرائس وكان
محمد يخرج مع إخوته كعادته فما يرجعون إلا وقد رأوا له معجزات وآيات بينات ثم في
بعض الأيام جاء أخوه يشتد عدوا وقال يا أماه قتل أخي القرشي فخرج القوم وأنا في
أولهم فوجدناه على صخرة يتبسم فقلت ما شأنك يا بني قال جاءني ثلاثة نفر فشقوا صدري
وأخرجوا منه خط الشيطان وختموا بين كتفي بخاتم النبوة قال العلائي مكتوب في باطن
الخاتم الله وحده لا شريك له وفي ظاهرة توجه حيث شئت فإنك منصور وهو لحم مثل
البندقة في صحيح البخاري كبيضة الحمامة في جامع الترمذي كالتفاحة وقالت عائشة
كالتينة الصغيرة فلما مات صلى الله عليه وسلم التمسته فلم أجده... فائدة: قال
السبكي خلق الله في قلوب البشر علقة قابلة لما يلقيه الشيطان فأزيلت من قلب النبي
صلى الله عليه وسلم قالت حليمة فاحتملناه وقدمنا به إلى أمه في السنة الخامسة
فقالت ما أقدمك به وقد كنت حريصة على مكثه عندك فقالت أديت خدمته وكتمت قصته فقالت
أتخوفت عليه الشيطان قالت نعم قالت كلا والله ما للشيطان عليه سبيل دعيه عنك
وانطلقي راشدة فخرجت حليمة ولسان حالها يقول:
دعوني
على الأحباب أبكى وأندب ... في القلب من نار الفراق تلهب
ولا
تعتبوني إن خرجت أدمعي دما ... فليس لصب فارق الألف متعب
لقد
جرح التفريق قلبي بنبله ... فمن دمها دمعي على الخد يسكب
أأحبابيا
ما باختياي فراقكم ... ولكن قضاء الله ما فيه مهرب
وما
كان ظني الدهر يفرق بيننا ... وسرعة هذا البين ما كنت أحسب
أجول
بطرفي بعدكم في دياركم ... فأرجع والنيران في القلب تلهب
ثم
جاءت حليمة بعد النبوة فأكرمها ثم جاءت خلافة أبي بكر وخلافة عمر فأكرمها قاله في
الشفاء في السنة السادسة من عمره ماتت أمه آمنة بين مكة والمدينة ودفنت بمكة وفي
ثمان سنين مات جده عبد المطلب وفي اثنتي عشرة سنة رآه بحيرة الراهب لما خرج مع عمه
أبي طالب إلى الشام وفي خمس وعشرين خرج في تجارة خديجة إلى الشام وتزوج بها وسيأتي
في مناقبه في الأربعين أرسله الله تعالى للعالمين رحمة وأطلع في أفق السعادة نجمه
وشرح بالرسالة صدره ورفع في الشهادتين ذكره ورفعه إلى المحل الأسنى فكان قاب قوسين
أو أدنى وكان صلى الله عليه وسلم عظيم الهامة معتدل القامة طيب الريح والشم نظيف
البدن والجسم أطيب ريحا من العنبر وأزكى رائحة من المسك الأزفر يرى الشيطان
والملائكة يرى في النور كما يرى في الظلمة الحالكة جوامع كلمه مأثورة وبدافع حكمه
منثورة عيون معانيه منسجمة ودور ألفاظه منتظمة أنزل الله القرآن بلسانه تعظيما
لأمره وشأنه يصل من قطعه ويعطي من منعه ويبذل لمن حرمه ويعفو عمن ظلمه لا ينتقم مع
القدرة ويصبر على ما يكره أوضح الله له الطرائق وأظهره على الحقائق وأودعه الأسرار
المكتوبة وأطلعه على الغرائب المخزونة وأشهده عجائب سلطانه وملكوته وأفرده بالنظر
إلى عظمة كبريائه وجبروته وشمله بالطاقة الخفية وأدناه دنوا تنقطع عنه الكيفية وحديث
ناقته العضباء وكلامها له مشهور ومبادرة العشب إليها وتجنب الوحش عنها في الكتب
مسطور على أنها بعد وفاته ماتت ولم تأكل ولم تشرب حتى ماتت وأظلته حمام مكة يوم
فتحها وأزلفت إليه البدن في بعض الأعياد لذبحها وأنبت الله له شجرة ليلة الغار
ونسج العنكبوت له سترا من الكفار وبرك البعير بين يديه ومن الذبح استجار واستجارت
الظبية من صيادها وسألته إطلاقها لتذهب إلى أولادها فضمن إلى الصياد عودها فأطلقها
فأرضعتهم وأوفت وعدها فلما عادت إلى الصياد أوثقها ثم من عليها بإذنه فأعتقها
وانكسرت يوم الخندق ساق ابن الحكم فتفل عليها فكأنه لم يكن به ألم واشتكى علي
فضربه برجله فلم يعد إليه الوجع من أجله وركب فرسا لأبي طلحة غير لاحق فصار ببركته
لا تلحقه السوابق وقطع أبو جهل يد بعض أصحابه فبصق عليها وألصقها فشفى مما به ومن
معجزاته صلى الله عليه وسلم ما جاء به القرآن المجيد المنزل عليه من حكيم حميد
الذي عقل تأليفه العقول وفاق بالتئام كلمه كل معقول وأخرس بفصاحته بلاغة العرب
وبسيفه إعجازه وإيجازه لأعناقهم ضرب وجمع الله له المعارف الوافرة وأطلعه على
مصالح الدنيا والآخرة فهذه نبذة من معجزاته الواضحة ولمحة من أنواره اللائحة وقطعة
من سحائب كرامته الفادية والرائحة فعليه من الله أزكى الصلوات وأطيب السلام وأتم
التحيات وعلى آله وأصحابه من الأنصار والمهاجرة إلى يوم الورود عليه في الدار
الآخرة.
باب
فضل الصلاة والتسليم على سيد الأولين
والآخرين
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه
قال
الله تعالى إن الله وملائكته يصلون على النبي الآية قال في شرح المهذب يستحب عند
قراءة هذا أن يقول صلى الله عليه وسلم تسلما قال في الروضة إذا قال الخطيب أن الله
وملائكته يصلون على النبي الخ فللسامعين أن يرفعوا أصواتهم بالصلاة على محمد قال
في روض الأفكار ورأيت رجلا باليمن أعمى أبرص أخرس مقعدا فسألت عنه فقيل أنه كان
حسن الصوت بالقرآن فقرأ يوما إن الله وملائكته يصلون على النبي الخ فأصابه ذلك قال
ابن عباس لا تجوز الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم وقال صفيان الثوري يكره
أن يصلى على غير النبي وقال مالك أكره الصلاة على غير الأنبياء وقال الحسن البصري
من أراد أن يشرب بالكأس الأوفى من حوض المصطفى فليقل اللهم صلى على محمد وآله
وأصحابه وأولاده وأزواجه وذريته وأهل بيته وأصهاره وأشياعه ومحبيه وأمته وعلينا
معه أجمعين يا أرحم الراحمين وقال النبي صلى الله عليه وسلم معرفة آل محمد براءة من
النار وحب آل محمد جواز على الصراط والولاية لآل محمد أمان من العذاب... فائدة:
رأيت في الروضة وشرح المهذب أن آله صلى الله عليه وسلم بنو هاشم والمطلب ثم قال في
شرح المهذب وقيل آله أهل دينه وأتباعه إلى يوم القيامة قال الأزهري وهذا أقرب إلى
الصواب وقيل عترته المنسوبون إليه وقال القرطبي عن ابن عباس هم أزواجه فقط وقال في
الشفاء سئل النبي صلى الله عليه وسلم من آل محمد قال كل تقي... مسألتان: الأولى:
فإن قيل ربنا أمرنا بالصلاة على محمد ونحن نقول اللهم صل عليه فما أتينا بالمأمور
به فكيف نقول فالجواب رأيت في تنبيه الغافلين يقول اللهم إني أشهدك وأشهد حملة
عرشك أني أصلي على محمد وقال بعضهم يقول اللهم صليت على محمد كما صليت أنت
وملائكتك على محمد ورأيت في عيون المجالس أنه صلى الله عليه وسلم طاهر من الدنس
ومولانا طاهر فسألنا الطاهر أن نصلي على الطاهر لأنا ملطخون بنجاسة الذنوب فتكون
الصلاة من رب طاهر قال مؤلفه وعندي إذا قال العبد اللهم صل على محمد فقد أتى
بالمأمور لأن الصلاة من الآدميين تضرع ودعاء وهو المقصود من الأمر بالصلاة عليه من
الله زيادة له صلى الله عليه وسلم لا محالة ولكن الزيادة في علو درجاته صلى الله
عليه وسلم ممكنه والتوجه إلى الله في غفران الذنوب مطلوب بأي وجه ولا شك أن سؤالنا
مولانا علو الدرجات والزيادة فيها لنبينا محمد من أعظم الوجوه المحصلة لمغفرة
ذنوبنا إن شاء الله تعالى وقوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه قولا اللهم صل على
محمد يقوي ما تقدم من الإتيان بالمأمور والله أعلم.. الثانية: ما الحكمة في تأكيد
السلام عليه بالمصدر في الآية الشريفة دون الصلاة قال الفكهاني لأن الصلاة تأكدت
من الله وملائكته أولا وقال غيره لما قدمت الصلاة حصل لها بالتقدم مزية فحسن
التأكيد للسلام بالمصدر وإنما أضيفت الصلاة إلى الله تعالى وملائكته دون السلام
لأنه من التسليم والإنقياد ولا يصح ذلك من الله وملائكته... فائدة: في القول
البديع في الصلاة على الشفيع قال ابن عباس معنى أن الله وملائكته يصلون على النبي
أي يباركون على النبي وقيل أن الله يترحم على النبي وملائكته يدعون له وقيل الصلاة
من الله للنبي تشريفا وزيادة كرامة ولغير النبي رحمة... فائدة: رأيت في القول
البديع عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حج حجة الإسلام وغزا بعدها غزوة
كتبت غزوته بأربعمائة حجة فانكسرت قلوب قوم لا يقدرون على الجهاد فأوحى الله إليه
ما صلى عليك أحد إلا كتبت صلاته بأربعمائة غزوة كل غزوة بأربعمائة حجة وقال علي
خلق الله في الجنة شجرة ثمرها أكبر من التفاح وأصغر من الرمان وألين من الزبد
وأحلى من العسل وأطيب من المسك وأغصانها من اللؤلؤ الرطب وجذوعها من الذهب وورقها
الزبرجد لا يأكل منها إلا من أكثر من الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم ورأيت في
تحفة الحبيب فما زاد على الترغيب والترهيب عن جابر بن عبد الله قال جاءوا برجل إلى
النبي فشهدوا عليه بسرقة جمل فأمر بقطع يده فولى وهو يقول اللهم صل على محمد حتى
لا يبقى من صلاتك شيء فتكلم الجمل وقال يا محمد إنه بريء من سرقتي فقال النبي من
يأتيني بالرجل فجاءوا به فقال يا هذا ما قلت آنفا فأخبره فقال لذلك نزلت الملائكة
يخترقون سكك المدينة حتى كادوا يحولون بيني وبينك ثم قال لتردن على
الصراط
ووجهك أضوأ من القمر ليلة البدر وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا طنت أذن
أحدكم فليذكرني وليصلي علي في رواية وليقل ذكر الله من ذكرني بخير... حكاية: في
كتاب مفيد العلوم ومبيد الهموم لأبي حامد القزويني أن رجلا سافر بولده فمات الأب
في الطريق فتحول رأسه رأس خنزير فبكى ولده وتضرع إلى الله فأخذه النوم فقال له
قائل في نومه كان أبوك يأكل الربا وقد شفع فيه محمد لأنه ما سمع بذكره إلا صلى
عليه وقد رددنا صورته الأولى قال صلى الله عليه وسلم العدل ميزان الله في الأرض
فمن أخذه ساقه إلى الجنة ومن تركه ساقه إلى النار... لطيفة: محمد أربعة أحرف الميم
الأولى ميم المنة كأن الله تعالى يقول أمن على أمتك بعتقهم من النار والحاء من
المحبة وأجعل محبي في قلوب أمتك والميم الثانية ميم المغفرة لأمتك والدال دوام
الدين لا ينزع منهم دين الإسلام.راط ووجهك أضوأ من القمر ليلة البدر وعن النبي صلى
الله عليه وسلم قال إذا طنت أذن أحدكم فليذكرني وليصلي علي في رواية وليقل ذكر
الله من ذكرني بخير... حكاية: في كتاب مفيد العلوم ومبيد الهموم لأبي حامد
القزويني أن رجلا سافر بولده فمات الأب في الطريق فتحول رأسه رأس خنزير فبكى ولده
وتضرع إلى الله فأخذه النوم فقال له قائل في نومه كان أبوك يأكل الربا وقد شفع فيه
محمد لأنه ما سمع بذكره إلا صلى عليه وقد رددنا صورته الأولى قال صلى الله عليه
وسلم العدل ميزان الله في الأرض فمن أخذه ساقه إلى الجنة ومن تركه ساقه إلى
النار... لطيفة: محمد أربعة أحرف الميم الأولى ميم المنة كأن الله تعالى يقول أمن
على أمتك بعتقهم من النار والحاء من المحبة وأجعل محبي في قلوب أمتك والميم
الثانية ميم المغفرة لأمتك والدال دوام الدين لا ينزع منهم دين الإسلام.
فائدة
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم من عطس فقال الحمد لله على كل حال ما كان
عن حال وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أهل بيته أخرج الله من منخره الأيسر طيرا
أكبر من الذباب وأصغر من الجراد يرفرف حول العرش ويقول اللهم اغفر لقائلي وقال
النبي صلى الله عليه وسلم يا عمار إن لله ملكا أعطاه الله أسماع الخلائق كلها وهو
قائم على قبري إذ مت إلى يوم القيامة فليس أحد من أمتي يصلى علي صلاة إلا سماه لي
باسمه واسم أبيه وقال يا محمد صلى عليك فلان ابن فلانة كذا وكذا فيصلي الرب تبارك
وتعالى على ذلك الرجل بكل واحدة عشرا رواه الطبراني في معجمه الكبير وعن أنس عن
النبي صلى الله عليه وسلم من صلى علي يوم الجمعة صلاة واحدة صلى الله عليه
وملائكته ألف ألف صلاة وكتب له ألف ألف حسنة وحط عنه ألف ألف خطيئة ورفع له ألف
ألف درجة ذكره في روض الأفكار وعن جماعة من الصحابة قالوا بينما النبي صلى الله
عليه وسلم في المسجد إذ دخل أعرابي فقال السلام عليكم يا أهل العز الشامخ والكرم
الباذخ فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي بكر الصديق فقال أبو بكر يا
رسول الله تجلسه بيني وبينك ولا أعلم على وجه الأرض أحب إلي منك قال أخبرني جبريل
أنه يصلي علي صلاة لم يصلها على أحد قبله قال كيف يقول قال اللهم صل على محمد وعلى
آل محمد في الأولين والآخرين في الملأ العلى إلى يوم الدين فقال أبو بكر الصديق
أخبرني عن ثواب هذه الصلاة قال لو كانت البحار مدادا والأشجار أقلاما والملائكة
كتابا لفنى المداد وانكسرت الأقلام ولم تبلغ ثواب هذه الصلاة وذكره ابن الملقن
أيضا في الحقائق إلا أنه قال اللهم صل على محمد عدد من يصلى عليه وصل على محمد عدد
من لم يصل عليه وصل على محمد كما يجب الصلاة عليه وصل على محمد المختار وصل على
محمد الذي من نوره الأنوار أشرق شعاع وجهه الأقطار وصل على محمد وعلى أهل بيته
الأبرار وقال النبي صلى الله عليه وسلم من صل علي صلت عليه ملائكة الله ومن صلت
عليه الملائكة صلى عليه الله ومن صلى عليه الله لم يبق شيء في السموات والأرضين
السبع والبحار والأشجار والنبات والطيور والسباع والأنعام إلا صل عليه وعن أبي
هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من عبد صلى على محمد مرة
واحدة إلا بعث الله ملكا يبلغ تلك الصلاة أسرع من طرفة عين ويقول له فلان ابن فلان
أقرئك الصلاة والسلام فيقول بلغه عني عشرا وقل له لو كانت لك واحدة من هذه العشرة
لدخلت الجنة معي كالسبابة والوسطى ثم يصعد الملك حتى ينتهى إلى العرش فيقول بن
فلان ابن فلان يصلى على محمد مرة واحدة فيقول الله تعالى بلغه عني عشرا وقل له
كانت لك واحدة من هذه العشرة لما مستك النار أبدا ثم يقول عظموا صلاة عبد على نبي
واجعلوها في عليين ثم يخلق الله من كل صلاة بكل حرف ملكا له ثلثمائة وستون رأسا في
كل رأس ثلثمائة وستون وجها في كل وجه ثلثمائة وستون فما في كل فم ثلثمائة وستون
لسانا يسبح الله تعالى ويكتب ثواب ذلك لمن صلى على محمد صلى الله عليه وسلم وقال
النبي صلى الله عليه وسلم إذا سألتم الله حاجة فابدأوا بالصلاة علي فإن الله تعالى
أكرم من أن يسأل حاجتين فيقضي أحدهما ويرد الأخرى وعن البراء بن عازب قال قال
النبي صلى الله عليه وسلم كل دعاء محجوب عن السماء حتى يصلي على محمد وعن العباس
ابن عبد المطلب قال أحدقت النظر بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال يا عم هل من حاجة
قلت نعم لما أرضعتك حليمة وأنت ابن أربعين يوما رأيتك تخاطب القمر ويخاطبك بلغة لم
أفهمها قال يا عم قرصني القماط في جانبي الأيمن فأردت أن أبكي فقال لي القمر لا
تبك فلو قطر من دموعك قطرة على الأرضين قلب الله الخضراء على الغبراء فصعق العباس
فقال أزيدك يا عم قال نعم قال قرصني القماط في جانبي الأيسر فأردت أن أبكي فقال لي
القمر لا تبك يا حبيب الله فإن وقع من دموعك قطرة على الأرض لم تنشق الأرض عن خضرة
إلى يوم القيامة فسكت شفقة على أمتي فصعق العباس وقال أكنت تعلم ذلك وأنت ابن
أربعين يوما فقال يا عم والذي نفسي بيده لقد كنت أسمع صرير القلم على اللوح
المحفوظ وأنا في ظلمة الأحشاء أفأزيدك يا عم قال نعم قال والذي نفسي بيده إن الله
بعث مائة ألف في وأربعة وعشرين ألف نبي ما فيهم نبي علم أنه نبي حتى بلغ
أشده
وهو أربعين سنة إلا عيسى فإنه لما نزل من جوف أمه وقال إني عبد الله قد آتاني
الكتاب وابن أخيك أفأزيدك يا عم قال نعم قال لما ولدت ليلة الإثنين خلق الله سبعة
جبال في السموات السبع وملأها من الملائكة ما لا يحصيهم إلا الله تعالى يسبحون
الله ويقدسونه إلى يوم القيامة ويجعل ثواب تسبيحهم وتقديسهم لعبد ذكرت بين يديه
فصلى فأزعج أعضاء العباس بالصلاة على النبي ذكره في شوارد الملح وهو موضوع قال
النبي صلى الله عليه وسلم من صلى صلاة وجهر بها شهد له كل حجر ومدر ورطب ويابس
وقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله وكل بقبري ملكين فلا أذكر عند عبد فلا يصلى
علي إلا قال الملكان لا غفر الله لك ويقول الله وملائكته آمين ولا أذكر عند عبد
فيصلي علي إلا قال الملكان غفر الله لك ويقول الملائكة آمين وعن أبي ذر عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم بأبخل الناس قالوا بلى يا رسول الله قال من
ذكرت عنده فلم يصل علي فلذلك أبخل الناس ورأيت في الشفاء عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال إن البخيل كل البخل من ذكرت عنده فلم يصل علي وقال النبي صلى الله عليه
وسلم لا يجلس قوم مجلسا لا يصلون فيه على محمد إلا كان عليهم حسرة وإن دخلوا الجنة
لم يروا من الثواب كمن صلى علي وقال النبي صلى الله عليه وسلم من ذكرت عنده فلم
يصل علي فقد أخطأ طريق الجنة قال في الرسالة القشيرية أوحى الله تعالى إلى موسى
إني جعلت فيك عشرة آلاف سمع حتى سمعت كلامي وعشرة آلاف لسان حتى أجبتني وأحب ما
تكون إلي إذا أكثرت الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم في غيرها أوحى الله تعالى
إلى موسى أتريد أن أكون أقرب إليك من كلامك إلى لسانك ومن روحك إلى بدنك ومن نور
بشرك إلى عينك وأن لا ينالك عطش يوم القيامة قال فأكثر من الصلاة على محمد ورأيت
في الملاذ والإعتصام بالصلاة على محمد والسلام أن موسى عليه السلام ضرب بعصاه
البحر عشر مرات فلم ينفلق فأوحى الله يا موسى صل على محمد فصل على محمد وضربه
فانفلق بإذن الله ورأيت في تفسير القرطبي في سورة الأحزاب أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال ما منكم من أحد يسلم علي إذا أنا مت إلا جاءني سلامه مع جبريل فيقول يا
محمد هذا فلان ابن فلان يقرأ عليك السلام فأقول وعليه السلام ورحمة الله وبركاته
وقال في سورة الرعد قال عثمان يا رسول الله كم ملك مع العبد قال ملك عن يمينك وملك
عن شمالك وملك بين يديك وملك خلفك وملك على ناصيتك فإذا تواضع رفعه الله وإذا تكبر
وضعه وإذا تجبر على الله قصمه وملكان على شفتيك لا يحفظان عليك إلا الصلاة على
محمد وملك على فمك لا يدع الحية تدخل في فيك وملكان على عينيك فهؤلاء عشرة أملاك
مع كل آدمي وتقدم في باب الزهد زيادة قال جبريل يا محمد إن الله تعالى لما خلقني
مكثت عشرة آلاف سنة لا أثيم ما اسمى ثم ناداني يا جبريل فعرفت إسمي جبريل فقلت
لبيك اللهم لبيك فقال قدسني فقدسته عشرة آلاف سنة ثم قال مجدني فمجدته عشرة آلاف
سنة ثم قال احمدني فحمدته عشرة آلاف سنة ثم كشف لي عن ساق العرش فرأيت سطرا مكتوبا
ففهمني إياه فإذا هو لا إله إلا الله محمد رسول الله قلت يا رب من محمد رسول الله
فقال يا جبريل لولا محمد ما خلقتك بل لولاه ما خلقت جنة ولا نارا ولا شمسا ولا
قمرا يا جبريل صل على محمد فصليت عليه عشرة آلاف سنة... حكاية: قال بعض الصالحين
خرجت أيام الربيع فقلت اللهم صل على محمد عدد أوراق الأشجار وصل على محمد عدد
الأزهار والثمار وصل على محمد عدد قطر البحار وصل على محمد عدد رمل القفار وصل على
محمد عدد ما في البر والبحار فهتف بي هاتف أتعبت الحفظة في كتابة ثواب ما قلت إلى
آخر الدهر والأعمار واستوجبت من الكريم الغفار جنات عدن فنعم عقبى الدار.أشده وهو
أربعين سنة إلا عيسى فإنه لما نزل من جوف أمه وقال إني عبد الله قد آتاني الكتاب
وابن أخيك أفأزيدك يا عم قال نعم قال لما ولدت ليلة الإثنين خلق الله سبعة جبال في
السموات السبع وملأها من الملائكة ما لا يحصيهم إلا الله تعالى يسبحون الله
ويقدسونه إلى يوم القيامة ويجعل ثواب تسبيحهم وتقديسهم لعبد ذكرت بين يديه فصلى فأزعج
أعضاء العباس بالصلاة على النبي ذكره في شوارد الملح وهو موضوع قال النبي صلى الله
عليه وسلم من صلى صلاة وجهر بها شهد له كل حجر ومدر ورطب ويابس وقال النبي صلى
الله عليه وسلم إن الله وكل بقبري ملكين فلا أذكر عند عبد فلا يصلى علي إلا قال
الملكان لا غفر الله لك ويقول الله وملائكته آمين ولا أذكر عند عبد فيصلي علي إلا
قال الملكان غفر الله لك ويقول الملائكة آمين وعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال ألا أخبركم بأبخل الناس قالوا بلى يا رسول الله قال من ذكرت عنده فلم يصل
علي فلذلك أبخل الناس ورأيت في الشفاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن البخيل
كل البخل من ذكرت عنده فلم يصل علي وقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يجلس قوم
مجلسا لا يصلون فيه على محمد إلا كان عليهم حسرة وإن دخلوا الجنة لم يروا من
الثواب كمن صلى علي وقال النبي صلى الله عليه وسلم من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد
أخطأ طريق الجنة قال في الرسالة القشيرية أوحى الله تعالى إلى موسى إني جعلت فيك
عشرة آلاف سمع حتى سمعت كلامي وعشرة آلاف لسان حتى أجبتني وأحب ما تكون إلي إذا
أكثرت الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم في غيرها أوحى الله تعالى إلى موسى
أتريد أن أكون أقرب إليك من كلامك إلى لسانك ومن روحك إلى بدنك ومن نور بشرك إلى
عينك وأن لا ينالك عطش يوم القيامة قال فأكثر من الصلاة على محمد ورأيت في الملاذ
والإعتصام بالصلاة على محمد والسلام أن موسى عليه السلام ضرب بعصاه البحر عشر مرات
فلم ينفلق فأوحى الله يا موسى صل على محمد فصل على محمد وضربه فانفلق بإذن الله
ورأيت في تفسير القرطبي في سورة الأحزاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما منكم
من أحد يسلم علي إذا أنا مت إلا جاءني سلامه مع جبريل فيقول يا محمد هذا فلان ابن
فلان يقرأ عليك السلام فأقول وعليه السلام ورحمة الله وبركاته وقال في سورة الرعد
قال عثمان يا رسول الله كم ملك مع العبد قال ملك عن يمينك وملك عن شمالك وملك بين
يديك وملك خلفك وملك على ناصيتك فإذا تواضع رفعه الله وإذا تكبر وضعه وإذا تجبر
على الله قصمه وملكان على شفتيك لا يحفظان عليك إلا الصلاة على محمد وملك على فمك
لا يدع الحية تدخل في فيك وملكان على عينيك فهؤلاء عشرة أملاك مع كل آدمي وتقدم في
باب الزهد زيادة قال جبريل يا محمد إن الله تعالى لما خلقني مكثت عشرة آلاف سنة لا
أثيم ما اسمى ثم ناداني يا جبريل فعرفت إسمي جبريل فقلت لبيك اللهم لبيك فقال
قدسني فقدسته عشرة آلاف سنة ثم قال مجدني فمجدته عشرة آلاف سنة ثم قال احمدني
فحمدته عشرة آلاف سنة ثم كشف لي عن ساق العرش فرأيت سطرا مكتوبا ففهمني إياه فإذا
هو لا إله إلا الله محمد رسول الله قلت يا رب من محمد رسول الله فقال يا جبريل
لولا محمد ما خلقتك بل لولاه ما خلقت جنة ولا نارا ولا شمسا ولا قمرا يا جبريل صل
على محمد فصليت عليه عشرة آلاف سنة... حكاية: قال بعض الصالحين خرجت أيام الربيع
فقلت اللهم صل على محمد عدد أوراق الأشجار وصل على محمد عدد الأزهار والثمار وصل
على محمد عدد قطر البحار وصل على محمد عدد رمل القفار وصل على محمد عدد ما في البر
والبحار فهتف بي هاتف أتعبت الحفظة في كتابة ثواب ما قلت إلى آخر الدهر والأعمار
واستوجبت من الكريم الغفار جنات عدن فنعم عقبى الدار.
فوائد..
الأولى: قال فقاتل خلق الله تعالى ملكا تحت العرش على رأسه فؤابة قد أحاطت بالعرش
ما من شعرة إلا عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله فإذا صلى العبد على النبي
صلى الله عليه وسلم لم تبق شعرة إلا استغفرت له... الثانية: حصل لبعض الصالحين حصر
بول فرأى في منامه الشيخ العارف شهاب الدين بن رسلان فشكا إليه ذلك فقال أين أنت
من الترياق المجرب قل اللهم صل وسلم على روح سيدنا محمد في الأرواح وصل وسلم على
قلب سيدنا محمد في القلوب وصل وسلم على جسد سيدنا محمد في الأجساد وصل وسلم على
قبر سيدنا محمد في القبور فلما استيقظ أكثر من ذكرها فعافاه الله تعالى وقد تقدم
في باب الدعاء أن الفجل مع الحليب ينفع من حصر البول وتقدم في باب الكرم أن ورقه
ينفع من هذه العلة.. الثالثة: قال بعض العارفين كنت في مركب فعصفت علينا الريح
فأشرفنا على الغرق فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي فقال قل لهم يقولون
اللهم صل على محمد صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات وتقضي لنا بها جميع
الحاجات وتطهرنا بها من جميع السيئات وترفعنا بها عندك أعلى الدرجات وتبلغنا بها
أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات فاستيقظت فقلناها جميعا فسكن
الريح بإذن الله تعالى وقال النبي صلى الله عليه وسلم أكثروا من الصلاة علي فإنها
تحل العقد وتفرج الكرب وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال إذا كان يوم الخميس يبعث الله ملائكة معهم صحف من فضة وأقلام من ذهب يكتبون
يوم الخميس وليلة الجمعة أكثر الناس صلاة علي وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه
وسلم لا تضربوا أطفالكم عن بكائهم سنة فإن بكاءهم أربعة أشهر لا اله إلا الله
وأربعة أشهر صلاة على محمد وأربعة أشهر دعاء لوالديهم وقال النبي صلى الله عليه
وسلم أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة فإن سائر الأيام تبلغني
الملائكة صلاتكم إلا ليلة الجمعة ويوم الجمعة فإني أسمع صلاة من يصلى علي بإذني
ذكره السمرقندي في تنبيه الغافلين وعنه صلى الله عليه وسلم من قال يوم الجمعة بعد
صلاة العصر صل على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم ثمانين مرة غفر الله له
ذنوب ثمانين سنة وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم من قال اللهم صل على محمد
وعلى آل محمد وكان قاعدا غفر له قبل أن يقوم وإن كان قائما غفر له قبل أن يقعد وعن
النبي صلى الله عليه وسلم يؤمر بأقوام يوم القيامة إلى الجنة فيخطئون الطريق فقيل
يا رسول الله ولم ذلك فقال سمعوا بإسمي ولم يصلوا.. الرابعة: عن النبي صلى الله
عليه وسلم من شم الورد الأحمر ولم يصل علي فقد جفاني وعن أنس عن النبي صلى الله
عليه وسلم خلق الله الورد الأحمر من بهائه وجعله ريحا لأنبيائه فمن أراد أن ينظر
إلى بهاء الله ويشم رائحة الأنبياء فلينظر إلى الورد الأحمر... الخامسة: قال أصحاب
الطب شم الورد نافع لأصحاب الصفر وأنه يقوي الأعضاء الباطنة ويسكن الحمى والصداع
الحار ومن أخذ أربعين وردة وعجنها في أوقية طحين وبردها في أوقية من رب الخروب
أسهلت إسهالا معتدلا وشرب ماء الورد يحسن الصوت ويشد القلب ويقوي المعدة وقرص
الورد يقوي الكبد وينفع من الحمى الطويلة لطيفة: رأيت في كتاب شرعة الإسلام يستحب
إكثار الصلاة على النبي عند أكل الأرز لأنه كان جوهرا في الجنة أودع الله فيه نور
محمد صلى الله عليه وسلم فلما خرج منه النور تفتت فصار حبا وعن علي عن النبي صلى
الله عليه وسلم كل شيء أخرجته الأرض داء وشفاء إلا الأرز فإنه شفاء لا داء فيه وعن
علي في قوله تعالى لينظر أيها أزكى طعاما أنه الأرز في كتاب البركة عن النبي صلى
الله عليه وسلم كلوا الأرز فإنه بركة... حكاية: كان رجل كثير المال في مدينة بلخ
وله إبنان فلما مات أخذ كل واحد نصف ماله ووجد في التركة ثلاث شعرات من شعر النبي
صلى الله عليه وسلم فأخذ كل واحد شعرة وبقيت شعرة واحدة فقال الكبير نقطعها وقال
الصغير لا نقطعها تعظما للنبي صلى الله عليه وسلم فقال الكبير هل لك أن تأخذ هذه
الشعرات بما تستحقه من الميراث قال نعم فأخذها وأخذ الكبير جميع المال ثم بعد مدة
ذهب المال كله وصار فقيرا فرأى النبي في المنام فشكا إليه حاله فقال يا محروم زهدت
في الشعرات وآثرت عليها الدنيا وأما أخوك فإنه أخذها فهو يصلى
علي
إذ رآها فجعله الله سعيدا في الدنيا والآخرة فاستيقظ وجاء إلى أخيه وصار من جملة
عياله وما كان إسم محمد في بيت إلا جعل الله في هذا البيت بركة ومن كانت زوجته
حاملا ونوى أن يسمي محمدا رزقه الله ذكرا وقالت حلية بنت عبد الجليل يا رسول الله
إني امرأة لا يعيش لي ولد فقال اجعلي لله عليك أن تسميه محمدا ففعلت وعاش ولدها
وغنم وقال صلى الله عليه وسلم إذا سميتم محمد فأكرموه وأوسعوا له في المجالس ولا
تقبحوا له وجها وعنه صلى الله عليه وسلم ما اجتمع قوم في مشورة وفيهم رجل اسمه
محمد ولم يدخلوه في مشورتهم إلا لم يبارك لهم... حكاية: قال بعض الصالحين كان لي
جار مسرف على نفسه وكنت آمره بالتوبة فلا يفعل فلما مات رأيته في الجنة فقلت له بم
نلت هذه المنزلة قال حضرت محدثا فسمعته يقول من رفع صوته بالصلاة على رسول الله صلى
الله عليه وسلم وجبت له الجنة فرفعت صوتي بالصلاة عليه ورفع القوم أصواتهم فغفر
الله لنا أجمعين ورأيت في المورد العذب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ضج
بالصلاة في الدنيا ضجت الملائكة بالصلاة عليه في السموات العلى ورأيت في الأذكار
الإمام النووي رضي الله عنه يستحب رفع الصوت بالصلاة على محمد نص عليه الخطيب
البغدادي وغيره وقال الشبلي مات رجل من جيراني فرأيته في المنام فسألته عن حاله
انعقد لساني عند سؤال الملكين فقلت في نفسي ألست مت مسلما فبينما أنا كذلك وإذا
بشخص قد دخل علي وعلمني الجواب فقلت له من أنت قال أنا ملك خلقت من كثرة صلاتك على
محمد... فائدة: قال أبو الدرداء رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم من صلى
علي حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة رواه الطبراني وروى
أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما إلى الصحراء فوجد أعرابيا قد صاد ظبية فقالت
يا نبي الله اسأله أن يخلي سبيلي حتى أرضع أولادي وأعود إليه وإن لم أعد إليه أكن
شرا ممن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأرسلها الأعرابي فجاءت إلى أولادها وقصت عليهم
الخبر وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمنها فقالوا لبنك علينا حرام حتى توفي
ضمانة رسول الله فجاءت حتى أدخلت رأسها في السلسلة فأطلقها الصياد وأسلم قال بعضهم
كنت يوما عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم وإذا بظبية قد أقبلت ودخلت حتى صارت
أمام القبر وأشارت برأسها كأنها تسلم عليه ثم رجعت على عجزها ولم تول ظهرها القبر
الشريف ولا شك أن هذه الظبية من نسل تلك الظبية وعن حذيفة رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم أكثروا من الصلاة علي يوم السبت فإن اليهود تكثر من سبي فيه
فمن صلى علي فيه مائة مرة فقد أعتق نفسه من النار وحلت له الشفاعة فيشفع يوم
القيامة في من أحب وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما من
أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام على من يسلم عليه وسئل
الإمام البلقيني عن سجود النبي صلى الله عليه وسلم تحت العرش هل يكون بطهارة فقال
نعم يكون بطهارة الغسل لأنه حي في قبره لم تبطل طهارته صلى الله عليه وسلم وقدر السجود
كجمعة من جمع الدنيا نص عليه الإمام أحمد في مسنده... فائدة: قال الدميري في شرح
المنهاج أن بعضهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال يا رسول الله علمني
أحب الصلاة إليك قال قل اللهم صل على محمد الذي ملأت عينيه من جمالك وقلبه من
جلالك ولسانه من لذيذ خطابك فأصبح فرحاً مسرورا مؤيدا منصورا وقال أبو بكر الصديق
رضي الله عنه الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمحق للذنوب من الماء
البارد للنار الحامية والسلام عليه أفضل من عتق الرقاب لأن العتق يقابل بالعتق من
النار والسلام على النبي يقابلان بالصلاة والسلام من الله.ي إذ رآها فجعله الله
سعيدا في الدنيا والآخرة فاستيقظ وجاء إلى أخيه وصار من جملة عياله وما كان إسم
محمد في بيت إلا جعل الله في هذا البيت بركة ومن كانت زوجته حاملا ونوى أن يسمي
محمدا رزقه الله ذكرا وقالت حلية بنت عبد الجليل يا رسول الله إني امرأة لا يعيش
لي ولد فقال اجعلي لله عليك أن تسميه محمدا ففعلت وعاش ولدها وغنم وقال صلى الله
عليه وسلم إذا سميتم محمد فأكرموه وأوسعوا له في المجالس ولا تقبحوا له وجها وعنه
صلى الله عليه وسلم ما اجتمع قوم في مشورة وفيهم رجل اسمه محمد ولم يدخلوه في
مشورتهم إلا لم يبارك لهم... حكاية: قال بعض الصالحين كان لي جار مسرف على نفسه
وكنت آمره بالتوبة فلا يفعل فلما مات رأيته في الجنة فقلت له بم نلت هذه المنزلة
قال حضرت محدثا فسمعته يقول من رفع صوته بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وجبت له الجنة فرفعت صوتي بالصلاة عليه ورفع القوم أصواتهم فغفر الله لنا أجمعين
ورأيت في المورد العذب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ضج بالصلاة في الدنيا
ضجت الملائكة بالصلاة عليه في السموات العلى ورأيت في الأذكار الإمام النووي رضي
الله عنه يستحب رفع الصوت بالصلاة على محمد نص عليه الخطيب البغدادي وغيره وقال
الشبلي مات رجل من جيراني فرأيته في المنام فسألته عن حاله انعقد لساني عند سؤال
الملكين فقلت في نفسي ألست مت مسلما فبينما أنا كذلك وإذا بشخص قد دخل علي وعلمني
الجواب فقلت له من أنت قال أنا ملك خلقت من كثرة صلاتك على محمد... فائدة: قال أبو
الدرداء رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم من صلى علي حين يصبح عشرا وحين
يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة رواه الطبراني وروى أن النبي صلى الله عليه
وسلم خرج يوما إلى الصحراء فوجد أعرابيا قد صاد ظبية فقالت يا نبي الله اسأله أن
يخلي سبيلي حتى أرضع أولادي وأعود إليه وإن لم أعد إليه أكن شرا ممن ذكرت عنده فلم
يصل عليك فأرسلها الأعرابي فجاءت إلى أولادها وقصت عليهم الخبر وأن رسول الله صلى
الله عليه وسلم ضمنها فقالوا لبنك علينا حرام حتى توفي ضمانة رسول الله فجاءت حتى
أدخلت رأسها في السلسلة فأطلقها الصياد وأسلم قال بعضهم كنت يوما عند قبر النبي
صلى الله عليه وسلم وإذا بظبية قد أقبلت ودخلت حتى صارت أمام القبر وأشارت برأسها
كأنها تسلم عليه ثم رجعت على عجزها ولم تول ظهرها القبر الشريف ولا شك أن هذه
الظبية من نسل تلك الظبية وعن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
أكثروا من الصلاة علي يوم السبت فإن اليهود تكثر من سبي فيه فمن صلى علي فيه مائة
مرة فقد أعتق نفسه من النار وحلت له الشفاعة فيشفع يوم القيامة في من أحب وعن أبي
هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما من أحد يسلم علي إلا رد الله
علي روحي حتى أرد عليه السلام على من يسلم عليه وسئل الإمام البلقيني عن سجود
النبي صلى الله عليه وسلم تحت العرش هل يكون بطهارة فقال نعم يكون بطهارة الغسل
لأنه حي في قبره لم تبطل طهارته صلى الله عليه وسلم وقدر السجود كجمعة من جمع
الدنيا نص عليه الإمام أحمد في مسنده... فائدة: قال الدميري في شرح المنهاج أن
بعضهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال يا رسول الله علمني أحب الصلاة
إليك قال قل اللهم صل على محمد الذي ملأت عينيه من جمالك وقلبه من جلالك ولسانه من
لذيذ خطابك فأصبح فرحاً مسرورا مؤيدا منصورا وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه
الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمحق للذنوب من الماء البارد للنار
الحامية والسلام عليه أفضل من عتق الرقاب لأن العتق يقابل بالعتق من النار والسلام
على النبي يقابلان بالصلاة والسلام من الله.
باب
قوله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا
من
المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى
تقدم
أول الكتاب أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن تفسير سبحان الله فقال هو تنزيه
الله تعالى عن كل سوء وأصله التباعد فمعنى سبحان الله بعده عن كل ما لا ينبغي له
فهو ذكر لله لا يصلح لغيره وقال إبراهيم عليه السلام يا رب ما جزاء من سبحك فأوحى
لله إليه لا يعلم تأويله إلا رب العالمين وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما من
صباح يصبح فيه العباد إلا وصارخ يصرخ أيها الناس سبحوا الملك القدوس وقال صلى الله
عليه وسلم أن بحرا من حوله ملائكة من نور على خيل من نور بأيديهم حراب من نور يسبحون
حول البحر ويقولون سبحان في الملك والملكوت سبحان في العزة والجبروت سبحان الحي
الذي لا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح فمن قالها في يوم مرة أو في شهر مرة أو
في سنة مرة أو في عمره مرة غفر الله ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر أو مثل رمل عالج
أو فر من الزحف... فائدة: قال الإمام النووي في تهذيب الأسماء واللغات الأفصح ضم
السين والباء والقاف من سبوح وقدوس ومعنى سبوح المبرأ عن كل ما لا يليق بالألوهية
والقدوس المطهر وقيل المبارك وقال الجوهري سبوح صفة الله وقال غيره ويقال فيه
سبوحا وقدوسا أي اعبد سبوحا واذكر سبوحا والله أعلم وفي الحديث أن موسى عليه
السلام عبد الله ليلة حتى أصبح فداخله من ذلك عجب فأحب الله أن يريه ذلك فمر على
شاطئ البجر وإذا بضفدع يقول يا موسى أعجبتك عبادتك البارحة وأنا منذ أربعمائة عام
أسبح الله وأقدسه فقال بحق الذي أنطقك ما تسبيحك قالت أقول سبحان من يسبح له من في
البحار سبحان من يسبح له من في الأرض القفار سبحان من يسبح له من رءوس الجبال
سبحان من يسبح له بكل شفة ولسان ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم من سبح به في كل
يوم مرة في كل شهر مرة و في كل عام مرة كتب الله له كمن أعتق لله ألف نسمة من ولد
إسماعيل وحج ألف حجة مبرورة وعن النبي صلى الله عليه وسلم لو يعلم الأمير ما في
ذكر الله لترك إمارته ولو يعلم التاجر ما في ذكر الله لترك تجارته ولو أن ثواب
تسبيحه واحدة قسم على أهل الأرض لأصاب كل واحد عشرة. أضعاف الدنيا وعن النبي صلى
الله عليه وسلم من سره أن ينسأ له في عمره وينصره على عدوه ويوسع له في رزقه ويوقى
ميتة السوء فليقل حين يصبح وحين يمسي سبحان الله ملء الميزان ومنتهى العلم ومبلغ
الرضا وزنة العرش ولا اله إلا الله ملء الميزان ومنتهى العلم ومبلغ الرضا وزنة
العرش والله أكبر ملء الميزان ومنتهى العلم ومبلغ الرضا وزنة العرش وقال أنس من
قال سبحان الله وبحمده غرس له ألف شجرة في الجنة من ذهب طلعها أي ثمرها كثدي
الأبكار ألين من الزبد وأحلى من الشهد كلما أخذ منها شيئا عاد كما كان والشهد بفتح
الشين على الأفصح وقال وهب ابن منبه من قال سبحان الله وبحمده يقول الله صدق عبدي
سبحاني وبحمدي إن سألني عبدي أعطيته ما سأل وإن سكت غفرت له ما لا يحصى وعن النبي
صلى الله عليه وسلم من قال سبحان الله وبحمده خلق الله تعالى ملكا له عينان
وجناحان وشفتان ولسان يطير مع الملائكة ويستغفر لقائلها إلى يوم القيامة وعن كعب
الأحبار من قال سبحان الله وبحمده ثلاث مرات بني له ثلاث مدائن في الجنة في كل
مدينة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قوله تعالى أسرى بعبده
إضافة إليه تشريفا له وتعظيما وقال العلائي لو كان للنبي إسم أشرف منه لسماه الله
تعالى في تلك الحالة العلية قال القشيري لما رفعه الله إلى حضرته السنية ألزمه إسم
العبودية تواضعا للأمة الأمية وقال غيره لما وصل إلى الدرجات العالية أوحى الله
تعالى إليه يا محمد بم شرفك عندي قال يا رب بنسبتي إليك بالعبودية فأنزل الله
تعالى هذه الآية قال أهل الإشارة لما أسرى بعيسى عليه السلام إلى السماء قالت النصارى
هو ابن الله نزل الله محمد صلى الله عليه وسلم رحمة على أمته فقال بعبده لئلا تقول
أمته كما قالت النصارى قال العلائي في سورة مريم قال قتادة لما رفع الله عيسى إلى
السماء اجتمع أربعة من فقهاء قومه فقالوا للأول ما تقول في عيسى قال هو ابن الله
هبط إلى الأرض فخلق ما خلق ثم ارتفع إلى السماء فتبعه قوم وكذبه الثلاثة ثم قالوا
للثاني ما تقول في عيسى قال هو ابن الله فتبعه قوم وكذبه آخرون ثم قالوا للثالث ما
تقول في عيسى قال هو إله وأمه إله والله إله فتبعهم وكذبه
آخرون
ثم قالوا للرابع ما تقول في عيسى فقال هو عبد الله ورسوله فاختصموه فقال أتعلمون
أن عيسى يأكل ويشرب قالوا نعم قال أتعلمون أن عيسى ينام قالوا نعم فغلبهم الرابع
رضي الله عنه قال ابن الجوزي رضي الله عنه عظم الله تعالى محمدا صلى الله عليه
وسلم بقوله سبحان الذي أسرى وصغره عند نفسه بقوله تعالى بعبده فإن قيل كيف سبح
نفسه عند عروجه دون هبوطه قيل لأن صعود الكثيف أعجب من هبوطه وقيل لأنه كان في
عروجه مقصده الحق وفي هبوطه كان مقصده الخلق وقيل إن كان سبح عند عروجه فقد أقسم
بنزوله فقال تعالى والنجم إذا هوى قال نجم الدين النسفي في قوله تعالى وأنه هو
أضحك وأبكى أي أضحك السماء بعروجه إليها وأبكاها بنزوله منها وقيل أضحك الأرض
بولادته وأبكاها بموته وقال في قوله والضحى هو الذي كلم الله فيه موسى عليه السلام
والليل إذا سجى أي أظلم وقيل إذا سكن وقيل إذا استوى ظلامه واستقر وقيل هو ليلة
المعراج ورأيت في كتاب الذريعة لابن العماد مسألة أخرى فإن قيل كيف أضافهم إليه في
هبوطه بقوله ما ضل صاحبكم وأضافه إليه بقوله سبحان الذي أسرى بعبده قيل لأنه كان
في عروجه مقصده الحق وفي هبوطه مقصده الخلق وقيل لا يتوهم متوهم أن بين العبد وبين
ربه مناسبة فتهلك أمته كما هلكت أمة عيسى عليه السلام... لطيفة: رأيت في تفسير
الرازي في سورة الكهف سبح الله نفسه عند الإسراء وحمد نفسه عند إنزال الكتاب لأن
الإسراء أول درجات كماله صلى الله عليه وسلم وإنزال الكتاب آخر درجات كماله
فالإسراء به صلى الله عليه وسلم يقتضي حصول الكمال وإنزال الكتاب يقتضي كونه مكملا
لغيره من الأرواح البشرية ولا شك أن هذا الثاني أكمل لأن أعلى مقامات العبد أن
يكون عالما معلما لغيره فمقام التسبيح بداية ومقام التحميد نهاية أو لأن الإسراء
منافعه خاصة به صلى الله عليه وسلم ومنافع الكتاب عامة والمنافع العامة أفضله من
المنافع الخاصة وقوله تعالى ليلا مع أن الإسراء لا يكون إلا بالليل للتأكيد وهو
منصوب على الظرفية ونكرة لأن الإسراء في بعض الليل وقيل أسرى به ليلا دون النهار
لأن الإيمان بالغيب أقوى من الإيمان بالشهادة وقيل لأن المالك لا يدعو لحضرته ليلا
إلا من هو خاص عنده و قيل لأن النبي صلى الله عليه وسلم بدر والبدر لا يكون إلا
بالليل وقيل أسرى به بالليل لأنه انكسر خاطره بقوله تعالى فمحونا آية الليل فجبره
الله بعروج محمد صلى الله عليه وسلم فيه وقيل لأن الليل خلق من الجنة والنهار خلق
من النار وذلك لما دخل جبريل الجنة وجد فيها لمعة سوداء فأخرجها بإذن الله تعالى
فخلق منها الليل ثم دخل النار فوجد فيها لمعة بيضاء فأخرجها بإذن الله تعالى فخلق
منها وقيل لأن النهار افتخر على الليل بثلاث صلوات وبساعة الإجابة يوم الجمعة
وتقدم بيانها في بابها وبصيام رمضان فقال النهار أيها الليل لك الغفلة والنوم ولي
اليقظة ولك السكون لي الحركة وكم في الحركة من بركة في تطلع الشمس الساهرة فلي
عليك المفاخرة قال الليل أن افتخرت بشمسك فشمسي في قلوب أهل الحضرة أهل التهجد
والفكرة فأين أنت من شراب المحبين وقت الحلوة والصفا أين أنت من معراج المصطفى أين
أنت من قوله تعالى ومن الليل فتهجد به نافلة لك أين أنت لما خلقني ربي قبلك أين
أنت من ليلة القدر التي فيها المواهب أين أنت من قوله تعالى كل ليلة هل من سائل هل
من تائب أين أنت من قوله تعالى يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا أين أنت من قوله
تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا فإن قيل لم سماه الله تعالى سراجا في قوله تعالى
يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا
منيرا وما سماه شمسا ولا قمرا قيل الشمس سماها أيضا سراجا قال تعالى أيضا وجعلنا
سراجا وهاجا فسماه باسم عام لأن كل شيء يستضاء به يسمى سراجا وقيل لأن الشمس بعيدة
وهو صلى الله عليه وسلم قريب من كل قاصد وقيل لأن الناظر إذا أحدق نظره للشمس ضعف
بصره بخلاف السراج فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أحدق به أحد زاد بصره وقيل
لأن السراج من آلات الفقراء والضعفاء وهو صلى الله عليه وسلم لا يتكبر ولا يتجبر
ذكر هذه الأجوبة ابن الجوزي وقال مؤلفه رحمه وأقول أن الشمس عبدت من دون الله
بخلاف السراج فإنه لم يقل أن أحدا سجد له بخصوصه ولم يقل له أحدا هذا ربي
بخلاف
الشمس فكما طيب الله ذاته الشريفة كذلك طيب أسماءه الحسنى في كتاب البركة كان يقول
إذا أدخل عليه المصباح اللهم أتمم لنا نورنا إلى يوم القيامة وقال ابن العماد
السراج خمسة سراج في القلب وهو المعرفة وسراج في الدنيا وهو النار وسراج في السماء
وهو الشمس وسراج في الجنة وهو عمر رضي الله عنه كما سيأتي في مناقبه وسراج الدين
وهو محمد صلى الله عليه وسلم إنما قال سراجا منيرا ولم يقل سراجا مضيئا لأن الضياء
تذهبه الظلمة والنور يذهبهما وإن قلنا بالجواب الأول وهو أن الشمس سراج ومحمد سراج
فيكون وجه التشبيه أنه بوجود الشمس يحرم الطعام على الصائم وبغروبها يحل له ذلك
وبوجود حب النبي صلى الله عليه وسلم تحرم النار على المؤمن وبفقد حبه تحل له النار
قيل إنما كان المعراج بالليل لأنه أفضل من النهار لتقدمه في الخلق عليه قال ابن
عباس وغيره لقوله تعالى وآية لهم الليل نسلخ منه النهار وقال مجاهد وعكرمة خلق
النهار أولا لأنه ضياء والنور مقدم على الظلمة وتقدم في باب الجمعة عن قتادة
وخلافه وقيل إنما كان المعراج ليلا ليرد على تشويه قولهم النهار خالق الخير والليل
خالق الشر فجعل الله كرامة الأحباب ليلا ليعلم أن الخير والشر بقدرة الله تعالى
وقوله تعالى من المسجد الحرام قال أنس هو الكعبة وقيل من بيت فاخته المشهورة بأم
هانئ بنت أبي طالب وقوله تعالى إلى المسجد الأقصى يعني بيت المقدس وسمي أقصى لبعده
عن مكة وسمي مقدما لأنه مطهر من الأدناس والأصنام ويتطهر فيه من الذنوب وفي صحيح
البخاري أي مسجد وضع أولا قال صلى الله عليه وسلم المسجد الحرام قال أبو ذر رضي
الله عنه ثم أي قال المسجد الأقصى قلت كم بينهما قال أربعون سنة فإن قيل الكعبة
أول بيت وضع للناس والأقصى بناه داود عليه السلام وبينهما أكثر من أربعين سنة قيل
لعله بني ثم خرب ثم جدد عمارته داود عليه السلام وبينه وبين إبراهيم أحد عشر جدا
وسبب بنائه لبيت المقدس أن الله تعالى أوحى إلى داود إني واعدت إبراهيم لما أمرته
بذبح ولده فصبر أن أكثر ذريته حتى تكون كعدد نجوم السماء وقد أقسمت أن أبتليهم
ببلية يقل فيها عددهم وهي إما القحط ثلاث سنين أو أسلط عليهم عدوهم ثلاثة أشهر أو
الموت ثلاثة أيام فأخبرهم داود عليه السلام بذلك فقالوا أما القحط والعدو فلا طاقة
لنا به وأما الموت فلابد منه فأمرهم أن يتجهزوا للموت فاغتسلوا وتكفنوا فمات منهم
في يوم واحد ألوف كثيرة فلما كان في اليوم الثاني تضرع داود عليه السلام وقال يا
إلهي الخل الحامض لي وبنو إسرائيل يضرسون يعني الذئب منى والعقاب عليهم وذنبه صلى
الله عليه وسلم أنه عجب بكثرة قومه حتى كان يحرسه كل ليلة ثلاثة وثلاثون ألفا فرفع
الله عنهم الطاعون فقال لهم داود قد رحمكم ربكم فابنوا مسجدا فكان ينقل الحجارة
على ظهره فأوحى الله إليه أن هذا البيت المقدس ويكون تمام عمارته على يد ولدك
سليمان فلما مات داود أخذ سليمان في بنائه فكانت الجن ينحتون الحجارة والجواهر
فكره ما يسمعه من صوت النحت فقال انحتوا ولا صوت لها إن استطعتم فقالوا أن عفريتا
له حيلة في نحتها بلا صوت فطلبه فلما جاء قال يا نبي الله إن ضحكت في طريقي من
أشياء رأيت رجلا على نهر يسقط بغلته ثم ملأ الجرة وأوثق البغلة في أذن الجرة فنفرت
البغلة فكسرت الجرة فضحكت منه حيث توهم أن الجرة توثق البغلة ورأيت رجلا عند إسكاف
يستعمل خفا وشارطه أن يبقى أربعين سنة فضحكت من غفلته عن نزول ملك الموت ورأيت
امرأة كاهنة تخبر الناس بخبر السماء وتحت فراشها ذهب قد دفنه رجل من مدة فضحكت من
جهلها تخبر الناس بخير السماء ولا تعلم ما تحتها ورأيت رجلا أصابته علة فأكل البصل
فشفاه الله تعالى فصار طبيبا يصف لكل عليل أكل البصل وهو من المضرات حتى أن ضرره
يصل الدماغ ورأيت الثوم يباع كيلا وهو أنفع الأدوية ورأيت الفلفل يباع وزنا وهو من
السموم القاتلة وقد تقدمت منافعه في فضل عاشوراء ورأيت قوما يذكرون الله تعالى فذهب
بعضهم وجاء آخرون فنزلت الرحمة عليهم وأخطأت الذين قبلهم فقال له سليمان هل لك علم
بنحت هذه الحجارة من غير صوت فقال أعلم حجر يسهل نحته من غير صوت ولكن لا أعلم
معدنه غير أن العقاب يعلم معدنه فاجعل فراخه في صندوق من حجارة ففعل فغاب العقاب
وجاء بحجر له قطيعة ماضية وضعه على الصندوق فثقبه
فأرسل
سليمان طائفة من الطير إلى معدن ذلك الحجر فصاروا ينحتون الجواهر والحجارة من غير
صوت لها قال الكلبي رحمه الله لما فرغ سليمان عليه السلام من بناء بيت المقدس أنبت
الله له شجرتين أحدهما تنبت الذهب والأخرى تنبت الفضة فكان يأخذ من كل واحدة مائتي
رطل كل يوم ففرش المسجد بلاطة من ذهب وبلاطة من فضة. طائفة من الطير إلى معدن ذلك
الحجر فصاروا ينحتون الجواهر والحجارة من غير صوت لها قال الكلبي رحمه الله لما
فرغ سليمان عليه السلام من بناء بيت المقدس أنبت الله له شجرتين أحدهما تنبت الذهب
والأخرى تنبت الفضة فكان يأخذ من كل واحدة مائتي رطل كل يوم ففرش المسجد بلاطة من
ذهب وبلاطة من فضة.
فائدة:
قال مكحول من دخل المسجد الأقصى للصلاة فصلى فيه الخمسة المفروضة خرج من خطيئته
كيوم ولدته أمه ومن زار بيت المقدس شوقا إليه زاره جميع الأنبياء في الجنة قال كعب
الأحبار من مات ببيت المقدس جاز على الصراط كالبرق الخاطف وقال أيضا إن لله بابا
مفتوحا من سماء الدنيا إلى بيت المقدس ينزل منه كل يوم سبعون ألف ملك يستغفرون لمن
يأتي بيت المقدس وصلى فيه وعن النبي صلى الله عليه وسلم من زار بيت المقدس محتسبا
أعطاه الله ثواب ألف شهيد وقال مقاتل من قال لأخيه اذهب بنا إلى بيت المقدس غفر
الله لهما وقال كعب الأحبار اليوم في بيت المقدس كألف يوم والشهر فيه ألف شهر
والسنة فيه كألف سنة والحسنة فيه كألف حسنة والسيئة فيه كألف سيئة ومن مات فيه
فكأنما مات في السماء ومن مات حوله فكأنما مات فيه قال عطاء الخراساني كان ارتفاع
الصخرة أربعين ميلا وتقدم أن الميل أربعة آلاف خطوة وفوق القبة غزال من ذهب في
عينه جوهرة تغزل نساء البلقاء على ضوئها بالليل قوله تعالى الذي باركنا حوله أي
بالأنهار والأشجار وقيل سماه مباركا لأنه مقر الأنبياء ومهبط الملائكة وقبلة
الأنبياء قبل محمد صلى الله عليه وسلم وإليه يحشر الخلق يوم القيامة وسمي بيت
القدس مقدسا لأنه يطهر فيه من الذنوب ولأن الماء العذب ينبع أصله من تحت صخرة بيت
المقدس قال وهب أوحى الله إلى صخرة المقدس عليك أضع عرشي وإليك أحشر خلقي وفيك
جنتي وناري ولأفجرن أنهارك لبنا وعسلا وخمرا طوبى لمن زارك وقال غيره أن الله يحول
صخرة بيت المقدس مرجانة بيضاء كعرض السماء والأرض ثم يضع عليها عرشه وميزانه وعن
عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم صخرة بيت المقدس على
نخلة من نخيل الجنة والنخلة على نهر من أنهار الجنة وعلى ذلك النهر آسية بنت مزاحم
ومريم ابنة عمران ينظمان حلى أهل الجنة إلى يوم القيامة ذكره الثعلبي في العرائس
وقال الحسن البصري من تصدق في بيت المقدس بدرهم كان فداءه من النار ومن تصدق فيه
برغيف كان كمن تصدق بجبال الأرض ذهبا... فائدة: عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال قال لي جبريل عليه السلام إن الله تعالى يخاطبني يوم القيامة
فيقول يا جبريل ما لي أرى فلانا في صفوف أهل النار فأقول يا رب إنا لم نجد له حسنة
فيقول الله تعالى إني سمعته في دار الدنيا يقول يا حنان يا منان فيسأله فيقول هل
من حنان ومنان غير الله فيأخذ بيده من صفوف أهل النار فيدخله في صفوف أهل الجنة
قال علي كرم الله وجهه الحنان هو الذي يقبل على من أعرض عنه والمنان هو الذي يبدأ
بالنوال قبل السؤال وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما كربني أمر إلا تمثل لي جبريل
وقال يا محمد قل توكلت على الحي الذي لا يموت الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن
له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا فإنه لم يقلها عبد قط إلا
ذهب الله عنه هم الدنيا والآخرة وكان يقول صلى الله عليه وسلم إذا عظمت أمتي
الدينار والدرهم نزع الله منها هيبة الإسلام وقيل إنما أسري به صلى الله عليه وسلم
إلى السماء لأن الأرض افتخرت عليها فقالت في الأنبياء والأولياء فقالت السماء في
الجنة والحور والولدان فقالت الأرض على محمد وهو أفضل الورى فأراد الله تعالى أن
يسري به حتى لا يبقى تفاخر بين السماء والأرض كما روى أن الجنة تفاخر حللها على
جسد المؤمن فيقول الأعلى أنا أنظر إلى وجهه ويقول الأسفل أنا أرى جسده فتنقلب
الحلل بإذن الله تعالى فيصير الأسفل أعلى والأعلى أسفل حتى لا يبقى بينهم تفاخر
قوله تعالى لنريه من آياتنا أي من عجائب قدرتنا قال ابن عباس رضي الله عنهما رأى
النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج في ملكوت الله تعالى رجالا على خيل بلق
شاكين السلاح طول الرجل ألف عام وطول الفرس إلف عام يتبع بعضهم بعضا لا يرى أولهم
من آخرهم ولا آخرهم من أولهم فقال يا جبريل من هؤلاء قال ألم تسمع قوله تعالى وما
يعلم جنود ربك إلا هو فأنا أهبط وأصعد أراهم هكذا يمرون لا أدري من أين يجيئون ولا
إلى أين يذهبون قال عبد الله بن سلام يا رسول الله هل وراء جبل قاف شيء قال سبعون
أرضا من كافور ووراءها سبعون أرضا من عنبر ووراءها ألف عالم في كل عالم ملائكة لا
يعلم عددهم إلا الله تعالى لا يعرفون آدم عليه السلام ولا إبليس
عبادتهم
لا إله إلا الله محمد رسول الله... فائدة: جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه
وسلم رأى ليلة المعراج لوحا تحت العرش من درة ولوحا من ياقوت في أحدهما فاتحة
الكتاب والآخر فيه جميع القرآن فقلت ما ثواب من قرأ فاتحة الكتاب قال نغلق دونه
أبواب جهنم السبعة قلت ما جزاء من قرأ القرآن كله قال له بكل حرف شجرة في الجنة ثم
رأيت ثلاثة أنوار فقلت ما هذا قفل آية الكرسي ويس وقل هو الله أحد فقلت ما ثواب من
قرأ آية الكرسي قال هي صفتي من قرأها ينظرني يوم القيامة من غير حجاب فقلت ما ثواب
من قرأ يس قال ثمانون آية من قرأها كل يوم فله ثمانون رحمة عشرون في حياته وعشرون
عند وفاته وعشرون في قبره وعشرون يوم القيامة قلت ما ثواب من قرأ قل هو الله أحد
قال يشرب من الأنهار الأربعة المذكورة في القرآن نهر من ماء ونهر من لبن ونهر من
عسل ونهر من خمر... حكاية: قال وهب أوحى الله تعالى إلى إبراهيم عليه السلام سر في
بلادي حتى ترى عجائبي فسار إلى شاطئ بحر فوجد رجلا يمشي على وجه الماء فتعجب منه
وسأل ربه أن يمشي معه فسار معه إلى جزيرة من درة بيضاء فيها محراب من زبرجد أخضر
فقام في المحراب وصل فسقط من الماء كبش ونار فذبحه وأكل هو وإبراهيم لحمه ثم قال
قم بإذن الله فقام الكبش كما كان فتعجب إبراهيم وصار معه إلى صخرة فضربها فخرج
الماء ثم توضأ وقال لإبراهيم أيها الرجل قم حتى تعبد الذي أرانا قدرته فإني عبد
صائم آكل في كل سنة مرة واحدة فاعبد ربك منفردا فإنه من استأنس بالخالق استوحش من
المخلوقين فقال إبراهيم كم لك تعبد ربك قال أربعمائة عام وقد بلغني أن لله خليلا
إسمه إبراهيم فها أنا أدعو الله أن يجمع بيني وبينه حتى أموت بين يديه فقال له أنا
إبراهيم فمات في الحال وعبد إبراهيم ربه بالمكان زمنا طويلا حتى ظن أنه عبد الله
حق عبادته فأوحى الله تعالى إليه لأرينك من هو أعبد منك فسار غير بعيد فإذا هو
بصوت يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن إبراهيم خليل الله فدنا منه وسلم عليه فقال
وعليك السلام يا خليل الرحمن فقال من أين عرفني قال أوحى إلي ربي أنه لا يمر بك في
هذا المكان إلا إبراهيم فقال كم تعبد ربك في هذا المكان قال خمسمائة عام قال فأنت
العابد الذي بشرني به ربي قال لا ولكن تقدم أمامك فتقدم فإذا هو بضفدع تسبح الله
تعالى فسلم عليها فقالت وعليك لسلام يا إبراهيم فقال من أين علمت أني إبراهيم قالت
أوحى إلي ربي أنه لا يمر في هذا المكان إلا إبراهيم قال كم لك في هذا المكان قالت
منذ ألفي عام قال فأنت العابد الذي بشرني ربي به قالت لا ولكن تقدم أمامك فتقدمت
فإذا بشخص عظيم الحلقة فقلت السلام عليك أيها الخلق العظيم فقال وعليك السلام يا
إبراهيم فقال من أين عرفت أني إبراهيم فقال أوحى إلي ربي لا يمر بك في هذا المكان
إلا إبراهيم فقال من الجن أنت أم من الإنس فقال ملك من الملائكة الموكلين بالحجب
سبقني الملائكة بتسبيحة واحدة فغضب علي ربي وسلبني ريشي وأهبطني إلى الأرض فأنا
أعبده في هذا المكان ألف عام ولكن ادع الله أن يعيدني مع الملائكة فدعا له فرفعه
الله تعالى وقال يا إبراهيم قد استجاب الله دعاءك وأمرني أن أجعل ثواب تسبيحي لك
إلى يوم القيامة وأوحى الله تعالى إلى إبراهيم أن أرجع من حيث جئت... لطيفة: رأيت
في كتاب العقائق لما اطلع إبراهيم على الملكوت قصده أربع من ذوي الحاجات الحية
والهواء والماء والشمس فقالت أنا أسير ليلا ونهارا وقال الهواء أنا في الجو لا
أهدأ وقال الماء أنا لا أستقر في مكان فاسأل لنا ربك السكون وطلبت الحية جناحا
تطير به فوعدهم بالسؤال لربه في ذلك فجاءه الخفاش وقال لا تعترض على الله فإن من
مصلحة العالم في حركاتهم فلو سكنت الشمس لم يعرف الليل من النهار ولولا هبوب الريح
لم تنبت الأرض ولولا جريان الماء من مكان إلى مكان لهلك المكان الذي لا ماء فيه
ولو استقرت الحية بمكان لخرب ولو كان لها جناح لأذت العالم فعلموا بكلام الخفاش
فقالت الشمس أنا أحرقه بحري وقال الريح لأطيرنه في الأفق وقال الماء إذا وردني
أغرقته وقالت الحية لأقتلنه بسمي فاستغاث الحفاش إلى ربه فقال الله تعالى أما
الشمس فقد أعطيتك الطيران بعد غروبها وأما الريح فيؤذيك لو كان لك ريش وأنا جعلت
لك جناحين من لحم كلما هب عليك الريح زادك قوة وأما الماء
فلا
تحتاج إليه فإني أجعل لك ثديين أحدهما للغناء والآخر لشرب الماء وأما الحية فإني
أجعل بولك سما يقتلها فتهرب من أرض أنت فيها... فائدة: رأيت في نزهة الأفكار إذا
علق الخفاش على شجرة في قرية لم يقربها الجراد ورأيت في النصيحة للإمام الغزالي من
كتب إنا أنزلناه في ليلة القدر وسقاها زرعه لم يصبه نار ولا آفة ومن كتبها وسقاها
عموما أبرأه الله تعالى ومن قرأها على رأس زوجته أو ولده نال نال خيرا وذكر أيضا
أن الجراد وقع على زرع رابعة العدوية فقالت إلهي قد تكفلت بزرعي فإن شئت فأطعم
زرعي لأعدائك وإن شئت فأطعمه لأوليائك فطار الجراد بإذن الله تعالى ورأيت في زاد
المسافر وهو كتاب نافع في الطب أن الإكتحال بدم الخفاش الحار يذهب البياض من
العينين وتقدم في باب الكرم في هذا زيادة ورأيت في عجائب المخلوقات للقزويني أن
الوطواط إذا طبخ دماغه بدهن الورد ودهن به عرق النساء سكن وجعه بإذن الله تعالى.
تحتاج إليه فإني أجعل لك ثديين أحدهما للغناء والآخر لشرب الماء وأما الحية فإني
أجعل بولك سما يقتلها فتهرب من أرض أنت فيها... فائدة: رأيت في نزهة الأفكار إذا
علق الخفاش على شجرة في قرية لم يقربها الجراد ورأيت في النصيحة للإمام الغزالي من
كتب إنا أنزلناه في ليلة القدر وسقاها زرعه لم يصبه نار ولا آفة ومن كتبها وسقاها
عموما أبرأه الله تعالى ومن قرأها على رأس زوجته أو ولده نال نال خيرا وذكر أيضا
أن الجراد وقع على زرع رابعة العدوية فقالت إلهي قد تكفلت بزرعي فإن شئت فأطعم
زرعي لأعدائك وإن شئت فأطعمه لأوليائك فطار الجراد بإذن الله تعالى ورأيت في زاد
المسافر وهو كتاب نافع في الطب أن الإكتحال بدم الخفاش الحار يذهب البياض من
العينين وتقدم في باب الكرم في هذا زيادة ورأيت في عجائب المخلوقات للقزويني أن
الوطواط إذا طبخ دماغه بدهن الورد ودهن به عرق النساء سكن وجعه بإذن الله تعالى.
فصل
في المعراج
قال
النووي رضي الله عنه في الروضة كان المعراج بمكة ليلة السابع والعشرين من رجب بعد
النبوة بعشرة سنين وثلاثة أشهر وجزم في فتاويه بأنه في ربيع الآخر في شرح مسلم أنه
في ربيع أول والصواب الأول وقال نجم الدين النسفي كانت ليلة الإثنين وقيل ليلة
السبت... فائدة: تقدم في فضل رجل أن من قال هذا الدعاء ليلة السابع والعشرين من
رجب قبل الله دعاءه ورفع قدره وأحيى قلبه يوم تموت القلوب وهو اللهم إني أسألك
بمشاهدة أسرار المحبين وبالخلوة التي خصصت بها سيد المرسلين حين أسريت به ليلة
السابع والعشرين وأن ترحم قلبي الحزين وتجيب دعوتي يا أكرم الأكرمين ويصلي قبل ذلك
ركعتين يقرأ فيهما فاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد إحدى عشرة مرة ويصلى على
النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عشر مرات وذكر الحناطى من قرأ قل هو الله حد كل
يوم من رجب مرة واحدة فكأنما أوقر عشرة آلاف من النجائب قراطيس واجتمع سكان
السموات والأرض بأيديهم أقلام من ذهب يكتبون ثواب قل هو الله أحد في تلك القراطيس
قال العلائي وغيره كان للنبي صلى الله عليه وسلم خمس مراكب.
شعر
في مدح سيد الكونين:
محمد
أشرف الأعراب والعجم ... محمد خير من يمشي على قدم
محمد
تاج رسل الله قاطبة ... محمد صادق الأفعال والكلم
محمد
باسط المعروف جامعه ... محمد صاحب الإحسان والكرم
محمد
ثابت الميثاق حافظه ... محمد طيب الأخلاق والشيم
محمد
جبلت بالنور طينته ... محمد لم يزل نورا من القدم
محمد
خير خلق الله من مضر ... محمد خير رسل الله كلهم
محمد
ذكره روح لنفسنا ... محمد شكره فضل على الأمم
محمد
زينة الدنيا وبهجتها ... محمد كاشف الغمات والظلم
محمد
سيد طابت مناقبه ... محمد صاغه الرحمن من كرم
محمد
شرف الباري مراتبه ... محمد خصه الرحمن بالنعم
محمد
صفوة الباري وخيرته ... محمد طاهر من سائر التهم
محمد
طابت الدنيا بمبعثه ... محمد جاء بالآيات والحكم
محمد
يوم بعث الناس شافعنا ... محمد نوره الهادي من الظلممحمد قائم لله ذو همم ... محمد
خاتم للرسل كلهم
المركب
الأول البراق من مكة إلى بيت المقدس وذلك والله تعالى خلق جبريل عليه السلام ليس
بالطويل العالي ولا بالقصير المتداني عليه ثياب بيض مكفوفة باللؤلؤ والياقوت
الأحمر لونه كالثلج براق الثنايا عليه وشاحان من الدر له ألف وستمائة جناح من
الياقوت الأحمر بين كل جناحين خمسمائة عام طويل العنق أحمر القدمين أصفر الساقين
ويشبه كالزعفران من رأسه إلى قدميه سبعون ألف ريشة من زعفران على كل ريشة قمر
وكواكب وبين عينيه شمس خلقه الله بعد أن خلق ميكائيل بخمسمائة عام ويغتسل كل يوم
في كل من الجنة فينتفض فتقطر منه سبعون ألف قطرة فيخلق الله من كل قطرة ملكاً
فيطوفون بالبيت المعمور ثم لا يعودون إلى يوم القيامة وقال ابن عباس يغتسل كل يوم
وقت السحر في نهر من نور عين العرش فيزداد نورا على نوره وجمالا على جماله وعظمة
ثم ينتفض فيخرج الله من كل ريشة سبعين ألف قطرة من كل قطرة سبعين ألف ملك يدخل
منهم إلى البيت المعمور سبعون ألف كل يوم وإلى الكعبة سبعون ألفا ثم لا يعودون إلى
يوم القيامة حكاه القرطبي في سورة النحل في قوله تعالى ويخلق ما لا تعلمون وقال
وهب أنه واقف ين يدي الله تعالى ترعد فرائسه أي رجلاه وركبتاه فيخلق الله من كل
رعدة مائة ألف ملك لا يتكلمون إلا بإذن الله فإذا أذن لهم قالوا لا إله إلا الله
ويستغفرون لقائلها فلما أراد الله إكرام محمد صلى الله عليه وسلم بكرامة لم يبلغها
الأولون والآخرون أوحى الله تعالى إلى جبريل قف على قدم العبودية واعترف بعز
الربوبية وامرح في ميدان شكري واعلم عظم قدري فقد مننت عليك فاستمع بما يوحى إليك
فقال يا رب أنت اللطيف وأنا العبد الضعيف فقال خذ علم الهداية وبراق العناية وخلعة
القبول وطيلسان الرسالة ومنطقة الجلالة وانزل مع سبعون ألف ملك إلى محمد صلى الله
عليه وسلم فقم ببابه ولذ بجنابه فأنت الليلة صاحب ركابه ويا ميكائيل خذ علم السؤال
وانزل مع سبعين ألف ملك إلى باب حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ويا إسرافيل ويا
عزرائيل افعلا كما فعل جبريل وميكائيل زد من نور الشمس على نور القمر أي ضوء القمر
ومن القمر على نور الكواكب فقال يا رب أقرب قيام الساعة قال لا ولكن لنا الليلة مع
يتيم أبي طالب سر نريد أن نظهره إليه ونطلعه عليه قال يا رب ما هذا السر فقال يا
جبريل أسرار الملوك لا يقف عليها مملوك فنزل جبريل وتقدم وشد وسطه بمنطقة الخدمة
وسلم وقال قم يا سيد وتأهب وظهر البراق فاركب فإن المملكة قد تزينت لأجلك
والموجودات قد شهدت بفضلك فلما ركب واستوى وطار في الهواء وسارت الملائكة بين يديه
أكثر من الصلاة عليه ونادوا يا سيد التفت إلينا وأقبل بوجهك علينا فقال من بلغ هذا
المقام الأعلى لم يلتفت إلى غير المولى فلما صحت عزائم إرادته ولم يلتفت إلى شيء
من مخلوقاته أذعن لسان شكره وأثنى فكان قاب قوسين أو أدنى ثم نودي يا محمد أنت
الليلة ضيفنا فماذا تريد قال كلما جدت به على الأنبياء قبلي فخلع مستعملة لا
أريدها قيل له فبماذا تقتنع وما الذي فيه تطمع قال أنت أعلم بالمقصود فإذا الكرم
والجود قال إن كنت تريد خلعة لم تسم إليها همة طامع ولا طرق ذكرها أذن سامع فادخل
في خزائن كرمنا وتحكم في ملابس فضلنا ونعمنا فكانت خلعة ما زاغ البصر وما طغى لقد
رأى من آيات ربه الكبرى ونقش طرازها ما كذب الفؤاد ما رأى ثم قال يا محمد أتعرفني سبحانك
ما عرفناك حق معرفتك قال يا محمد أتدري أين أنت قال أنت أعلم قال ما وراءك لمخلوق
مقام ننقلك من عالم إلى عالم ومعراج إلى معراج حتى لم يبق في ملكوت الأرض عجيبة
إلا وأطلعك عليها ولولاك ما خلقت الأفلاك ولا أدرت الأفلاك في العقائق قال ابن
عباس رضي الله عنهما كنت تلك الليلة نائما فاستيقظت فرأيت الدنيا بيضاء مثل النهار
فأردت أن أصرخ بالناس قامت القيامة فهتف بي هاتف أمسك يا ابن عباس قد رقى بالمحبوب
إلى الحبيب وافجر قد هجر والوصل قد حصل والأنوار قد حفت والعوازل قد كفت وجيوش
النصر قد صفت فجاء جبريل بأمر الجليل وبالبراق فأدبر البراق وتقاعس متأخرا فقرعه
جبريل بصوت التأديب وصاح عليه جهارا فلما ركب تشبث جبريل بركابه وأخذ ميكائيل
بزمام براقه فلم يزل يخترق الملكوت إلى أن وصل إلى سرادقات الجبروت فاخترق حجب
النور وجاوز الستور وصار العرش عن يمينه والكرسي عن شماله واللوح
والقلم
خلف ظهره ووصل إلى مقام لم يصل إليه أحد سواه وأقرب إلى محل لم يقربه عبد إلا إياه
فقيل له تقدم يا خاتم النبيين فقال تقدمت يا رب العالمين فقال وعزتي وجلالي لأنشرن
ذكرك لأشرحن صدرك ولأرفعنك قدرك ولأشفعنك في العصاة المذنبين ولأصلين على من صلى
عليك من المؤمنين قال البغوي ألم نشرح لك صدرك أي ألم نفتح ونوسع ونلين قلبك
للإيمان والنبوة والحكمة والعلم صلى الله عليه وسلم ووضعنا عنك وزرك أي وزر أمتك
لاشتغال قلبه بذنوب أمته جزاه الله أفضل ما جازى نبيا عن أمته صلى الله عليه وسلم.
شعر:م خلف ظهره ووصل إلى مقام لم يصل إليه أحد سواه وأقرب إلى محل لم يقربه عبد
إلا إياه فقيل له تقدم يا خاتم النبيين فقال تقدمت يا رب العالمين فقال وعزتي
وجلالي لأنشرن ذكرك لأشرحن صدرك ولأرفعنك قدرك ولأشفعنك في العصاة المذنبين
ولأصلين على من صلى عليك من المؤمنين قال البغوي ألم نشرح لك صدرك أي ألم نفتح
ونوسع ونلين قلبك للإيمان والنبوة والحكمة والعلم صلى الله عليه وسلم ووضعنا عنك
وزرك أي وزر أمتك لاشتغال قلبه بذنوب أمته جزاه الله أفضل ما جازى نبيا عن أمته
صلى الله عليه وسلم. شعر:
هذا
هو المختار والبدر الذي ... كل البدور خضعن تحت هلاله
ما
أن له في العالمين مماثل ... كلا ولا في الكون من أشكاله
أسرى
به ليلة سعدية ... وطئ السموات العلى بنعاله
فالملك
والملكوت طوع يمينه ... والكون والأكوان تحت شماله
حتى
دنا من قاب قوسين العلا ... وسعى له المعشوق في إقباله
ورأى
وشاهد ذا الجلال بعينه ... ما زاغ منه الطرف عند مآله
كلا
ولا كذب الفؤاد وكيف لا ... وهو الحبيب دعى لأجل وصاله
هذا
الذي قد خط في العرش ... اسمه بصفاته ونعوته وجلاله
هذا
الذي رام الكيم مقامه ... فاندك منه الطور عند مقاله
هذا
الذي جاء المسيح مبشرا ... بقدومه متمسكا بحباله
هذا
الذي سفر اللثام فأطرقت ... مقل القلوب مهابة لجماله
هذا
الذي في العشر يعقد فوقه ... ذاك اللواء والرسل تحت ظلاله
يا
حضرة القدس الذي هاموا بها ... والعارفون تمسكوا بحباله
صلى
عليك الله ما ظهر الدجا ... وضحى وهل مهلل بهلاله
وقال
النسفي في كتابه زهر الرياض لما مر الله جبريل عليه السلام أن يأخذ البراق ذهب إلى
الجنة فوجد فيها أربعين ألف براق على جباههم لا إله إلا الله محمد رسول الله ورأى
فيهم براقا باكيا قد اعتزل وحده وترك الأكل والشرب فسأله عن ذلك فقال سمعت بإسم
محمد منذ أربعين ألف سنة فمنعني الشوق إليه الأكل والشرب فأخذه جبريل وهو فوق الحمار
ودون البغل ووجهه كوجه الآدمي ضخم العينين بسواد رقيق الأذنين لونه كالطاووس
وجبينه كالزهرة وبدنه من الياقوت الأحمر وأظلافه كأظلاف البقر من زمرد أخضر مرصع
بالياقوت والمرجان ورأسه من المسك الأزفر وهو الذي لا خلط فيه وعنقه من العنبر
الأشهب وناصيته من اللؤلؤ الأبيض مزموم بسلسلة من ذهب مكللة باللؤلؤ والجواهر عليه
راحلة الديباج خطوه مد البصر فأسرجه جبريل بسرج من ياقوت أحمر وألجمه بلجام من
زبرجد قال في روض الأفكار لما نزل جبريل قرع حلقة الباب وقال قم يا نائم فقد هيئت
لك الغنائم يا يتيم أبي طالب فقد هيئت لك المطالب قم يا محمد الليلة ليلتك والدولة
دولتك أنت شمس المعارف أنت بدر اللطائف أنت في القيامة ملجأ لكل خائف ما مهدت
الدار إلا لأجلك ولا روق كأس الحب إلا لوصلك قم فإن الموائد لك ممدودة والأيام
للقائك معدودة فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا جبريل جئتني بآية رحمة أم
بآية عذاب فقال إن الله تعالى يقرئك السلام ويدعوك لحضرته لسر بينك وبينه فقال: يا
جبريل فالكريم يدعوني إليه فما الذي يصنع قال ليغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر
قال هذه لي فما لعيالي قال ولسوف يعطيك ربك فترضى قال مهلا حتى أتوضأ قال قد جئتك
بماء من السلسبيل في كوز من الجوهر وطست من ياقوت أحمر وحلة من سندس أخضر وعمامة
من نور مكتوب عليها أربعة أسطر: الأول: محمد رسول الله الثاني: محمد نبي الله
الثالث: محمد حبيب الله الرابع: محمد خليل الله قد نزل به رضوان ومعه أربعون ألف
ملك وكانوا قبل ذلك يصلون على صاحب العمامة قبل السموات والأرض فلما كانت تلك
الليلة أخذ رضوان العمامة من الجنة قالت الملائكة ربنا أنت أمرتنا بالصلاة على
صاحب هذه العمامة فشرفنا الليلة بالنظر إليه وأذن لنا في السير بين يديه فلما توضأ
النبي صلى الله عليه وسلم أمر الله جبريل أن يدفع ماء وضوئه إلى ميكائيل فدفعه
إليه ثم أمر ميكائيل أن يدفعه إلى عزرائيل ثم إلى إسرافيل ثم إلى رضوان ثم إلى جنة
الفردرس فأمر الله الحور العين أن يمسحن به وجوههن ففعلن فازددن نورا وحسنا ثم قدم
جبريل البراق فنفر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لمس الصفا بيده وقال إن من يعبد هذا
الشقى والصفا كان صنما على صورة رجل والمروة كان صنما على صورة امرأة قال له جبريل
يا براق أما تستحي من محمد فوالذي نفسي بيده ما ركب على ظهرك أفضل منه فقال البراق
هذا النبي العربي قال نعم قال هذا صحب الحوض المورود قال نعم قال هذا قائد الغر
المحجلين قال نعم قال هذا الشفيع في القيامة قال نعم فند ذلك خضع له قال اركب يا
سيد المرسلين ولكن لي إليك حاجة أن لا تنساني من شفاعتك يوم القيامة فلما أراد
الركوب بكى فسأله جبريل عن ذلك فقال تذكرت أمتي هل يركبون يوم القيامة قال نعم يوم
نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا يعني ركبانا فعند ذلك اندفع الكرب عن محمد صلى الله
عليه وسلم قال حيوان ضعيف يحمل أثقال محبته وأسرار أمانته التي عجز عن حملها
السموات والأرض والجبال يا جبريل المركوب يقطع به المسافات والدليل يستدل به على
الجهات والجهات إنما هي محل الحادثات وأنا حبيبي تقدس عن الجهات ولا يوصل إليه
بالحركات فمن علم المعاني وعرف ما أعانى أن قربي منه قاب قوسين كقربي منه وأنا في
بيت أم هانئ وقال جبريل إنما جيء بي إليك لأكون خادما لدولتك وجئتك بالمركوب على
عادة الملوك وآداب أهل السلوك لإظهار كرامتك فلما ركب أخذ جبريل بزمام براقه
وميكائيل بركابه وإسرافيل يسوى أطراف ثيابه وعلا به البراق على جبل مكة ثم قال يا
محمد إنزل فصل ففعل ذلك فقال أتدري أين صليت قال لا قال بطيبة وإليها تهاجر إن شاء
الله ثم سار وفي رواية فسرنا ثم قال انزل فصل فصليت فقال أتدري أين صليت قلت لا
قال صليت بطور سيناء حيث كلم الله موسى ثم سرنا فقال انزل وصل فصليت فقال أتدري
أين صليت قلت لا قال صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى فبينما أنا أسير
إذ
سمعت نداء عن يمين على رسلك يا محمد حتى أسألك فلم أعرج إليه ثم سمعت نداء عن
يساري على رسلك يا محمد حتى أسألك فلم أعرج عليه ثم استقبلتني امرأة عليها من كل
زينة فقالت على رسلك يا محمد حتى أسألك فلم اعرج عليها فسألت جبريل عن ذلك فقال
الداعي الأول داعي اليهود ولو أجبته لتهودت أمتك والثاني داعي النصارى ولو أجبته
لتنصرت أمتك والمرأة هي الدنيا ولو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة...
موعظة: كان بعض العارفين يعظ الناس ويزهدهم في الدنيا فقيل وإن ثيابك ومركوبك
يساوي خمسمائة دينار فقال اجعل الدنيا على ظهرك لا في بطنك فلو ملكتها وأنت غير
محب لها بقلبك فأنت زاهد ولو لم تملك منها شيء وأنت محب لها بقلبك فأنت راغب فيها
مذموم ومن علامة كون الدنيا في القلب البخل بها لأن إخراج المحبوب من القلب عسر ومن
علامة كونها في اليد فقط بذلها والجود بها فإن قيل محمد صلى الله عليه وسلم أشرف
الخلق فكيف قال حبب إلي من الدنيا ثلاث الطيب والنساء وقرة عيني في الصلاة فالجواب
أن هذه الثلاثة وإن كانت في الدنيا صورة فليست منها حقيقة لأن المذموم من الدنيا
هو الزائد على قدر الكفاية وأما ما لابد منه من مسكن وخادم وزوجة وقوت فليس من
الدنيا المذمومة وجواب آخر أنه صلى الله عليه وسلم كان مشرعا فحبب الله إليه هذه
الثلاثة لتكون شريعته متبعة يوم القيامة لأن حب الطيب يزيد في العقل وبقدر العقل
يقوم الدين والنساء سبب العفة وكثرة النسل وبكثر العباد تكثر العبادة وما ذكر الله
سبحانه وتعالى نبيا إلا تزوج حتى يحيى عليه السلام تزوج أيضا ولم يأتها لأنه أخبر
عنه أنه حصور وأما عيسى عليه السلام فإنه يتزوج بعد نزوله وقال الخواص الزهد ثلاثة
أحرف الزاي ترك الزينة والهاء ترك الهوى والدال ترك الدنيا قال النبي صلى الله
عليه وسلم رأيت شابا بأحسن ثياب طيب الرائحة فقبلني بين عيني ثم غاب عني فسألت
جبريل فقال هذا الدين أبشر فإن أمتك يعيشون مؤمنين ويموتون مؤت ويدخلون الجنة
آمنين ثم أوتيت بثلاثة أقداح من لبن وقدح من ماء وقدح من خمر فاخترت اللبن فقال
جبريل أصبت الفطرة ولو شربت الماء غرقت أمتك أو الخمر سفهت أمتك فشربت بعض اللبن
فقال جبريل لو شربت اللبن كله لم يدخل أحدا من أمتك النار قلت أشربه كله فقال
هيهات جرى القلم حكم ثم أوتيت بثياب بيض نضر وصفر وسود فاخترت الأبيض فقال جبريل
الثياب البيض ثياب أهل الإسلام والخضر ثياب أهل الجنة وجبت لأمتك الجنة والثياب
الصفر ثياب أهل الكتاب نجت أمتك من اليهودية والنصرانية والسود ثياب أهل النار نجت
أمتك من النار في المصابيح عن النبي صلى الله عليه وسلم البسوا الثياب البيض فإنها
أطيب وأظهر و قال العلائي في تفسير سورة الإسراء قال النبي صلى الله عليه وسلم لما
أتيت بيت المقدس ليلة أسري بي وقت على باب المسجد فتلقاني ثلاثة بيد كل واحد إناء
فيه لبن وإناء فيه خمر وإناء فيه ماء وقيل لي اشرب فسمعت قائلا يقول إن شرب محمد
الماء غرق وغرقت أمته وإن شرب الخمر غوى وغويت أمته وإن شرب اللبن هدى وهديت أمته
فأخذت اللبن فشربته وقال في العقائق أن النبي صلى الله عليه وسلم جيء له بشيخ وكهل
وشاب فقيل له اختر لك واحدا فاختار الشاب فقال جبريل اخترت العافية والشيخ وهو
الدولة والكهل هو البخت وهما يتغيران وقال سعيد بن المسيب رضي الله عنه من قرأ
قوله تعالى اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة الآية لم يسأل الله
شيئا إلا أعطاه الله وقال النبي صلى الله عليه وسلم أمان كل خائف حسبنا الله ونعم
الوكيل ذكره الغزالي في النصيحة قال العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم
مررنا على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء
المجاهدون في سبيل الله الله تضاعف لهم الحسنات إلى سبعمائة ضعف ثم مررنا على قوم
ترضخ رءوسهم بالحجارة كلما رضخت عادت كما كانت فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء
الذين تثاقلت رءوسهم عن الصلاة ثم مررنا على قوم على أدبارهم رقاع وعلى أقبالهم
رقاع يسرحون إلى الزقوم كما تسرح البهائم إلى الضريع فقلت يا جبريل من هؤلاء قال
هؤلاء الذين لا يؤدون الزكاة قال مجاهد وقتادة الضريع في قوله تعالى ليس لهم طعام
إلا من ضريع هو نبات لاصق بالأرض له شوك فإذا كان رطبا ترعاه الإبل وإذا يبس لا
يأكله
شيء اسمه في أيام الربيع الشبرق في أيام الصيف الضريع ثم مررنا على قوم بين أيديهم
لحم طيب ولحم خبيث يأكلون الخبيث ويتركون الطيب فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء
الزناة وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه الزنا مع المحصنة أعظم عند الله من
سبعين ذنبا من الكبائر ومن زنى بمحصنة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
إلى يوم الدين ثم مررنا عل قوم تقرض شفاههم ألسنتهم بمقاريض الحديد كلما قرضت عادت
كما كانت فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الخطباء الذين يقولون ما لا يفعلون ثم
مررنا بحجر صغير يخرج منه ثور كبير فجعل الثور يريد أن يدخل من حيث خرج فلا يستطيع
فقلت ما هذا يا جبريل قال هذا رجل يتكلم بالكلمة العظيمة ثم يندم عليها فيريدك
يرده فلا يستطيع ثم رأيت نساء معلقات من أشفار عيونهم قلت من هؤلاء يا جبريل قال
هؤلاء اللاتي يمنعن أولادهن درهن ويرضعهن أولاد غيرهن قال العلائي قال رجل يا رسول
الله من أبر قال بر والديك قال ما لي والدان قد بر ولدك كما لوالديك عليك حق كذلك
لولدك عليك حق وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال ريح الوالد من ريح الجنة وتقدم في
باب الوالدين وعن النبي صلى الله عليه وسلم رضا الله في رضا الوالدن وسخط الله في
سخط الوالدين وفي المورد العذب عن النبي صلى الله عليه وسلم بين البار لوالديه
وبين الأنبياء في الجنة درجة واحدة وبين العاق لوالديه وبين إبليس في النار درجة
واحدة وعن النبي صلى الله عليه وسلم بر الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحج
والعمرة والجهاد أي فضل من نفل الصلاة وغيرها وقال رجل يا رسول الله جئت أستشيرك
في الجهاد قال وهل لك من أم قال نعم قال فالزمها فإن الجنة تحت رجليها وفي حديث
آخر هل لك والدان قال نعم قال فالزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما وجاء رجل يشكو أباه
بأخذ ماله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنه كان ضعيفا وأنا قوي
وفقيرا وأنا غني وكنت لا أمنعه شيئا من مالي واليوم أنا ضعيف وهو قوي وأنا فقير
وهو غني ويبخل علي بماله فبكى النبي صلى الله عليه وسلم وقال ما من حجر ولا مدر
يسمع بهذا إلا بكى ثم قال للولد أنت ومالك لأبيك.أكله شيء اسمه في أيام الربيع الشبرق
في أيام الصيف الضريع ثم مررنا على قوم بين أيديهم لحم طيب ولحم خبيث يأكلون
الخبيث ويتركون الطيب فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الزناة وقال أبو سعيد
الخدري رضي الله عنه الزنا مع المحصنة أعظم عند الله من سبعين ذنبا من الكبائر ومن
زنى بمحصنة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين إلى يوم الدين ثم مررنا عل
قوم تقرض شفاههم ألسنتهم بمقاريض الحديد كلما قرضت عادت كما كانت فقلت يا جبريل من
هؤلاء قال هؤلاء الخطباء الذين يقولون ما لا يفعلون ثم مررنا بحجر صغير يخرج منه
ثور كبير فجعل الثور يريد أن يدخل من حيث خرج فلا يستطيع فقلت ما هذا يا جبريل قال
هذا رجل يتكلم بالكلمة العظيمة ثم يندم عليها فيريدك يرده فلا يستطيع ثم رأيت نساء
معلقات من أشفار عيونهم قلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء اللاتي يمنعن أولادهن
درهن ويرضعهن أولاد غيرهن قال العلائي قال رجل يا رسول الله من أبر قال بر والديك
قال ما لي والدان قد بر ولدك كما لوالديك عليك حق كذلك لولدك عليك حق وعن النبي
صلى الله عليه وسلم قال ريح الوالد من ريح الجنة وتقدم في باب الوالدين وعن النبي
صلى الله عليه وسلم رضا الله في رضا الوالدن وسخط الله في سخط الوالدين وفي المورد
العذب عن النبي صلى الله عليه وسلم بين البار لوالديه وبين الأنبياء في الجنة درجة
واحدة وبين العاق لوالديه وبين إبليس في النار درجة واحدة وعن النبي صلى الله عليه
وسلم بر الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد أي فضل من نفل
الصلاة وغيرها وقال رجل يا رسول الله جئت أستشيرك في الجهاد قال وهل لك من أم قال
نعم قال فالزمها فإن الجنة تحت رجليها وفي حديث آخر هل لك والدان قال نعم قال
فالزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما وجاء رجل يشكو أباه بأخذ ماله إلى النبي صلى الله
عليه وسلم فقال يا رسول الله إنه كان ضعيفا وأنا قوي وفقيرا وأنا غني وكنت لا
أمنعه شيئا من مالي واليوم أنا ضعيف وهو قوي وأنا فقير وهو غني ويبخل علي بماله
فبكى النبي صلى الله عليه وسلم وقال ما من حجر ولا مدر يسمع بهذا إلا بكى ثم قال
للولد أنت ومالك لأبيك.
فصل
يحرم على الوالد أن يأكل مال ولده بغير طريق شرعي فإذا أكله بغير طريق شرعي لا
يحبس الولد الوالد وعند الحنابلة لا تسمع الدعوى عليه لحق الأبوة والله اعلم قال
في تهذيب الأسماء واللغات شيوخ العلم آباء في الدين وصلة بينه وبين رب العالمين
وهو مأمور بالدعاء لهم والثناء عليهم ورأيت في تحفة الحبيب فيما زاد على الترغيب
والترهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم من قال الحمد لله رب العالمين رب السموات
ورب الأرضين ورب العالمين وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم الحمد
لله الملك رب السموات والأرض ورب العالمين وله العظمة في السموات والأرض وهو
العزيز الحكيم مرة واحدة ثم قال اللهم اجعل ثوابها لوالدي لم يبق لوالديه عليه حق
إلا أداه وقال علي رضي الله عنه دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبكي
فسألته عن ذلك فقال رأيت ليلة أسري بي نساء من أمتي في عذاب شديد ورأيت امرأة
معلقة بثدييها والقطران يصب في حلقها وهي التي ترضع أولاد الناس بغير رضا زوجها
ورأيت امرأة معلقة بثدييها والنار توقد تحتها تأكل لحم جسدها وهي التي تتزين لغير
زوجها وفي حديث آخر إذا اكتحلت المرأة في غير وجه زوجها سود الله وجهها وجعل قبرها
حفرة من حفر النار قال العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم مررنا على واد
فوجدنا ريحا طيبة مع صوت حسن فقلت ما هذا يا جبريل قال هذا صوت الجنة تقول يا رب
بما وعدتني فقد كثرت غرفي وحريري وذهبي وفضتي ولؤلؤي ومرجاني وأكوابي وفواكهي
وعسلي ولبني ومائي وخمري فأتني بما وعدتني فقال لك كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة
ومن لا يشرك بالله شيئا إني أنا الله لا إله إلا أنا لا أخلف الميعاد فقالت رضيت
ثم مررنا على واد فسمعنا صوتا منكرا فقلت يا جبريل ما هذا قال هذا صوت جهنم تقول
يا رب ائتني بما وعدتني فقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري واشتد حري فقال لك كل مشرك
ومشركة ومن لا يؤمن بيوم الحساب فقالت رضيت ثم مررنا على رجل قد حزم حزمة عظيمة من
الحطب لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها ويريد حملها فقلت ما هذا يا جبريل قال هذا
مثل رجل من أمتك عليه أمانات للناس لا يقدر على أدائها وهو يزيد عليها ثم مررنا
على خشبة في الطريق لا يمر عليها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته فقلت ما هذا يا
جبريل قال قوم من أمتك يقطعون الطريق فلما وصلنا بيت المقدس ربط جبريل البراق
ودخلت المسجد الأقصى فوجدت نصفه قد امتلأ من الملائكة ورأيت النبيين صفوفا صفوفا
فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء إخوانك الأنبياء زعمت قريش أن لله شريكا واليهود
والنصارى أن لله ولدا سل هؤلاء المرسلين هل كان له شريك أو ولد فذلك قوله تعالى:
واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون فأقروا كلهم
بالوحدانية لله تعالى ثم أقام جبريل عليه السلام الصلاة وقال تقدم يا أكرم الخلق
على الله وسئل الإمام النووي رضي الله عنه في الفتاوى عن صلاة النبي صلى الله عليه
وسلم بالأنبياء ليلة المعراج هل هي الصلاة المعهودة أم الدعاء فلما فرغ النبي صلى
الله عليه وسلم من الصلاة أثنى كل واحد من الأنبياء على ربه فقال آدم الحمد لله
الذي خلقني بيده وأسجد لي ملائكته وجعل الأنبياء من ذريتي وقال نوح الحمد لله الذي
أجاب دعوتي ونجاني من الغرق بالسفينة وفضلني بالنبوة وقال إبراهيم الحمد لله الذي
اتخذني خليلا وأعطاني ملكا عظما واصطفاني بالرسالة وأنقذني من النار وجعلها بردا
وسلاما قال موسى الحمد لله الذي كلمني تكلما واصطفاني على الناس برسالته وأنزل على
التوراة وألقى على محبة منه وقال داود الحمد لله الذي نزل علي الزبور وألان لي
الحديد وقال سليمان الحمد لله الذي سخر لي الرياح والجن والإنس وعلمني منطق الطير
وأعطاني ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي.
يا
نفس نلت المنى فاستبشري رسلي ... هذا الحبيب وهذا سيد الرسل
هذا
الذي ملأت قلبي محبته ... هذا الذي سهرت من أجله مقلى
هذا
الذي كنت أهواه وفزت به ... يا فرحتى انفصلى يا فرحتى اتصلى
هذا
الذي الخلق من أشواقه هجروا ... للأهل والصحب والأبناء والطلل
هذا
الذي للهدى والدين أرشدنا ... لملة شرعها يسمو على الملل
هذا
الذي انشق إكراما له قمر ... لما أشار له في محفل حفل
هذا
الذي رد عينا بعدما قلعت ... وريقه قد شفى الإمام علي
هذا
الذي بن مشى في الرمل لا أثر ... يرى له ويرى في الصخر والجبل
هذا
الذي حن جذع عند فرقته ... له أنين شبيه الوالد الثكل
هذا
الذي جاء بئرا وهي مالحة ... ومج فيها فعاد الماء كالعسل
هذا
الذي فار ماء من أصابعه ... مثل الزلازل حكى الأنهار في السبل
هذا
الذي إن دعا جاءت له شجر ... تجر أصلالها سعيا على عجل
هذا
الذي سبح الحصى براحته ... والضب كلمه جهرا مع الحمل
هذا
الذي شد من جوع حجرا ... أكرم بمولى غدا بالزهد مشتمل
هذا
الذي راودته الشم من ذهب ... فردها وإلى الدنيا فلم يمل
هذا
الذي في مقام العرض شافعنا ... إذا استغثنا به من شدة الوجل
هنا
الذي روضة ما بين منبره ... وقبره من رياض الخلد لم تزل
ياسيد
الخلق يا من حاز مرتبة ... عليا وقد جل عن شبه وعن مثل
يا
درة الأنبياء يا روضة العلا ... يا ملجأ الغربا يا سيد الرسل
العبد
عبد الرحمن جليل أتى ... إليك وهو من الأوزار في خجل
يرجو
بمدحته غفران زلته ... مع الرضا وحلول الخلد والحلل
صلى
عليك إله العرش خالقنا ... في الليل والصبح والأبكار والأصل
واخصص
أبا بكر ثم الحق به عمرا ... كذلك عثمان ذا النورين ثم علي
والآل
والصحب والأتباع أجمعهم ... أولي النهى والفخار السادة النجل
والسابقين
إلى الإسلام قاطبة ... والتابعين بإحسان وكل ولى
المركب
الثاني في المعراج من بيت المقدس إلى السماء قال الأستاذ شرف الدين عيسى السهروردى
رحمه الله تعالى لما علت الأنبياء بهم المراتب وتفاوتت منازلهم في المناصب تقدم
ذكر آدم باصطفائه وادريس بعليائه ونوح بقبول دعائه وإبراهيم بخلته ووفائه وموسى
بخطابه وندائه وعيسى بإنعاشه للميت وأحيائه خرج أمير الدولة المحمدية ناطقا بكريم
أوصافه وحسن رعايته واسعافه وجليل أسمائه وقدره وقد عقدت صناجق عزه بتاج نصر فلم
يكن لأحد منهم فضيلة إلا وأعطى محمد مثلها ولم تذكر مدحة إلا كان محمد أحق بها
وأهلها عم قال يا جبريل أئت إلينا بصاحب المحل الأسى المنعوت بالحسنى حتى يفضل على
أهل الكونين بمقام قاب قوسين أو أدنى وتلطف في يقظته من المنام فهو نائم في المسجد
الحرام ادعه لمناجاتي بألطف كلام فإن سألك أين المقام فقل له إلى مقام لا تصله
الأوهام ولا تجاوز إليه الأفهام فجاء جبريل وجلس عند رأس المصطفى حتى أفاق فدعاه
للصعود إلى أعلى مراتب السعود فسار المخصوص بالتوفيق وجبريل له خير رفيق حتى وصل
إلى المسجد الأقصى وقد عاين في طريقه من العجائب ما لا يحصى جمع الله النبيين
الكرام فصلى بهم إماما عليه أفضل الصلاة والسلام ثم صعد على المعراج العلا كلما مر
على ملأ من الملائكة رحب به ذلك الملأ ووصف في السماء الأولى بأجمل صفاته وخلعت
عليه خلعة تصلح لكريم ذاته مرقوم على أكمامها ما يشهد برفع درجاته هو الذي بعث في
الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته وخلع عليه في السماء الثانية خلعة تشرف بها
على المرسلين مرقوم عليها وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وخلعت عليه في السماء
الثالثة خلعة نال بها فخرا كثيرا مرقوم عليها يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا
ومبشرا ونذيرا وخلعت عليه في السماء الرابعة خلعة دار بها في الملكوت مبتهجا مرقوم
عليها الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا وخلعت عليه في السماء
الخامسة خلعة دار بها على النبيين تعظما مرقوم عليها إن الله وملائكته يصلون على
النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسلما وخلعت عليه في السماء السادسة
خلعة التكريم مرقوم عليها لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم
بالمؤمنين رءوف رحيم وخلعت عليه في السماء السابعة خلعة جر بها على أهل السماء
ذيلا مرقوم عليها سبحان الذي أسرى بعبده ليلا دلى له رفوف النور الأزهر فتقدم
وجبريل عنه تأخر ثم زج في الأنوار ورفعت له الأستار حتى سمع كلام الجبار فقربه
وناجاه وآنسه وناداه السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وقال ابن الجوزي رحمه الله
في كتاب المجريات في الأسئلة والجوابات لما اجتهد من حاز السيادة في أبلغ العبادة
واستعظم من الملأ الأعلى عقله وعرف من في الوجود فضله زاد الكريم تكريما وتفضيلا
وأنزل عليه يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا فقال وعزتك لا زلت في خدمتك حتى
تلفت فيها مهجتي وتغفر لأمتي فقيل لست قمت لنا في الظلام على أقلام مجاهدتك ففيه
ندعوك إلى دار كرامتك سترا على حالك وغيرة على جلال جمالك لتكون خلوة بخلوة وجلوة
بجلوة نوي بين حجب الجبروت وفي فضاء الملكوت يا جنة عدن تزيني ويا دار النعيم
تكوني ويا حلل الإنعام تلوني ويا حور تبختري ويا سموات افتخري فقالت إلهنا ما
الخبر فقال الليلة سيقدم لزيارتنا سيد البشر فلما شق جيب الغيب نشر أعلام نصر من
الله وفتح قريب على أبواب الدولة المحمدية والرسالة الأحمدية فلما انحاز زخرت
النهار وغشى الظلام نور الأبصار جاء جبريل وتقدم ودنا منه وسلم حياء وبجله واحترمه
وقال أيها السيد قم على أقدام المسرة فقد دعيت إلى الحضرة فركب في حشمة رسالته
ودارت به مواكب كرامته فلما وصل إلى مقام الإجلال كقاب قوسين لدنو الجمال قال ربنا
لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا قيل لمن هذا الاستغفار قال لأمتي قال تطلب كل الأمة
أو بعضها قال كلهم في وصف كرمك قيل انظر يمينك فنظر فرأى واديا مملوءا دخانا فقال
يا إلهي ما هذا الدخان قال سوء أفعالهم وقبيح أعمالهم قال صلى الله عليه وسلم تريد
أن توحش قلبي منهم وتنفر فؤادي عنهم ووعدك الحق في تحقيق كرامتي فقيل قد وهبتك ثلم
فقال وعزتك لا أرضى لهم قال فالنصف قال لا أرضى بدون الكل يا إلهي لما أنزلت علي
يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو أنقص منه قليلا
والنصف
إذا أنقص منه قليل صار الثلث فعبدك ما رضى في خدمتك بالثلث النصف بل قم الليل كله
فلا أرضى إلا بالأمة كلها فقيل له قد مننا عليك وغفرنا لهم بخدمتك ولأرفعن قدر من
صلى عليك ببركتك قال في عاتق العقائق لما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت
المقدس صلى بالأنبياء ركعتين على ملة إبراهيم عليه السلام قرأ في الأولى قل يا
أيها الكافرون في الثانية الإخلاص وتقدم عن قتادة في الموكب الأول أنها الصلاة
المعهودة ثم أخذ جبريل بيده إلى ناحية الصحراء ونادى يا إسماعيل دل المعراج فجاء
به من الفردوس أحد شقيه من ياقوتة حمراء والأخرى من زبرجدة خضراء وهو منضود
باللؤلؤ من أحسن شيء خلقه الله تعالى وما من مؤمن إلا ويراه عند موته ألا ترون له
يشخص ببصره إلى السماء أصله على الصخرة ورأسه ملتصق بسماء الدنيا مائة درجة من الذهب
والفضة والزبرجد والياقوت والمسك والعنبر فلما صعدت على الدرجة الأولى رأيت ملائكة
ألوانهم حمر وثيابهم حمر ثم صعدت الثانية فرأيت ملائكة ألوانهم صفر وثيابهم صفر ثم
صعدت الثالثة فرأيت ملائكة ألوانهم خضر وثيابهم خضر ثم صعدت الرابعة ورسول يأتى
بعد رسول ويقول يا جبريل عجل بمحمد فرأيت ملائكة تبرق أجسادهم ووجوههم كما تبرق
المرآة ثم صعدت الخامسة فإذا عليها ملائكة أكثر من الجن والإنس وكلامهم لا إله إلا
الله ثم صعدت السادسة فإذا عليها ملك عظيم على كرسي من ذهب معه ملائكة شاخصون
بأبصارهم هيبة لله تعالى كلامهم ما شاء كان ثم صعدت السابعة فرأيت عليها ملائكة
كاد نور بصري يذهب من نورهم فاستقبلوني بالتعظيم ورأيت على الثامنة ملائكة ساجدين
لله تعالى ورأيت على التاسعة ملائكة قصر فهمى عن صفتهم ورأيت على العاشرة ملائكة
يسبحون الله تعالى بأنواع اللغات ورأيت على الحادية عشرة ملائكة لا يحصون لكثرتهم
ورأيت على الثانية عشرة ملائكة وجوههم كالأقمار ورأيت على الثالثة عشرة ملائكة لهم
زجل بالتسبيح والتقديس ويكاد يذهب بالأسماع ورأيت على الرابعة عشرة إسماعيل ومعه
سبعون ألف ملك زاد العلائي مع كل ملك منهم مائة ألف ملك وظاهر كلامه أنه الذي حاء
بالمعراج ورأيت على الخامسة عشرة رقائيل ومعه ألف ألف ملك حتى بلغت الرابعة
والعشرين فإذا عليها ملك اسمه قلائيل يده اليمنى تحت السماء والأخرى فوقها بين كل
أصبعين سبعة آلاف ملك إذا سبحوا الله تناثر اللؤلؤ من أفواههم طول اللؤلؤة الواحدة
ثمانين ميلا لها ملائكة موكلون بها يلتقطونها إلى شاطئ النهر الشرقي ورأيت ملائكة
تسبيحهم سبحان ربي الأعلى ورأيت سريرا من ذهب قوائمه من الياقوت له أجنحة من
الزبرجد على سعة الدنيا على خمس قوائم مع كل قائمة خمسون ألف ملك كل قائمة تقول
شرفتني بقدومك يا محمد فجمع الله الكل تحت قدمي ثم طار في الهواء ورأيت ملكا دموعه
لؤلؤ وهو ينادي يا غفار الذنوب اغفر لأمة محمد صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى
الله عليه وسلم ثم لم أزل أصعد درجة بعد درجة وجبريل تحت البراق ورسول يفتي من بعد
رسول يقول يا جبريل عجل بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى كنت في أعلى درجة فسمعت
الملائكة يهللون ويسبحون ويقدسون الله تعالى فقرع جبريل بابا من أبواب السماء وهو
الباب الخاص بمحمد صلى الله عليه وسلم وهكذا في كل سماء فلذلك استأذن فأقبل
اسماعيل على فرس من نور عليه رداء من نور بيده حربة من نور عمل العباد بالنهار
بيده اليمنى وعملهم بالليل بيده اليسرى ومعه ألف موكب من الملائكة فقال من هذا قال
جبريل قال من معك قال محمد صلى الله عليه وسلم قال قد بعث إليه وفي رواية أرسل
إليه قال العلائي ليس مراده الإستفهام عن أصل البعثة وإرساله فإن ذلك لا يخفى في
هذه المدة وإنما المراد أرسله إليه إلى السماء تفتح له فصعد إلى سماء الدنيا وهي
من موج مكفوف حبسه الله تعالى في الهواء ثم قال كوني زمردة خضراء فكانت وتسبيح
أهلها سبحان ذا الملك والملكوت من قالها كان له مثل ثوابهم قال النيسابوري فهم
سجود إلى يوم القيامة قال العلائي رحمه الله تعالى وجد في سماء الدنيا ملكا على
كرسي فسلم عليه صلى الله عليه وسلم فأجابه ولم يقم له فأوحى الله إليه أيها الملك
يسلم عليك حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم فترد عليه وأنت جالس وعزتي وجلالي لتقومن
إليه على قدم واحدة لتسلمن عليه ثم لا تجلس إلى يوم القيامة قال العلائي
رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وإذا برجل كهيئته يوم خلقه الله تعالى وهو
تعرض عليه أرواح ذريته فإذا كانت روح مؤمن طيبة جعلوا كتابه في عليين قال ابن عباس
رضي الله عنهما أي في الجنة وقيل عليين أي في السماء السابعة وإذا كانت روح كافر
قال روح خبيثة اجعلوا كتابه في سجين قال مجاهد سجين صخرة تحت الأرض السابعة وفي
الحديث أن أرواح الكفار في بئر برهوت بأرض اليمن وأرواح المؤمنين ببئر ذروان بطيبة
ومياه بابل بأرض العراق وبئر زمزم بمكة قال أبو الفتوح العجلي الوسيط الأولى أن لا
يتطهر بماء زمزم وقال الماوردي لا يجوز استعماله في نجاسة قال في الروضة هو كغيره
أي فيجوز استعماله مطلقا قال النبي صلى الله عليه وسلم يا جبريل من هذا قال هذا
أبوك آدم فسلمت عليه فرد علي السلام وقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح وإذا
عن يمينه باب إذا نظر إليه ضحك وعن يساره باب إذا نظر إليه بكى فقلت يا جبريل ما هذان
البابان قال الذي عن يمينه باب الجنة إذا نظر إليه ضحك سرورا بمن يدخله من ذريته
والذي عن يساره باب جهنم إذا نظر إليه بكى شفقه على من يدخله من ذريته قال العلائي
رضي الله عنه فإن قيل أرواح المؤمنين في السماء وأرواح الكفار تحت الأرض فكيف تكون
في السماء قلنا يحتمل أن تكون أرواح الكفار تعرض على آدم عليه السلام في السماء
فوافق عرضها على آدم عليه السلام مرور النبي صلى الله عليه وسلم.ه عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم وإذا برجل كهيئته يوم خلقه الله تعالى وهو تعرض عليه أرواح
ذريته فإذا كانت روح مؤمن طيبة جعلوا كتابه في عليين قال ابن عباس رضي الله عنهما
أي في الجنة وقيل عليين أي في السماء السابعة وإذا كانت روح كافر قال روح خبيثة
اجعلوا كتابه في سجين قال مجاهد سجين صخرة تحت الأرض السابعة وفي الحديث أن أرواح
الكفار في بئر برهوت بأرض اليمن وأرواح المؤمنين ببئر ذروان بطيبة ومياه بابل بأرض
العراق وبئر زمزم بمكة قال أبو الفتوح العجلي الوسيط الأولى أن لا يتطهر بماء زمزم
وقال الماوردي لا يجوز استعماله في نجاسة قال في الروضة هو كغيره أي فيجوز
استعماله مطلقا قال النبي صلى الله عليه وسلم يا جبريل من هذا قال هذا أبوك آدم
فسلمت عليه فرد علي السلام وقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح وإذا عن يمينه
باب إذا نظر إليه ضحك وعن يساره باب إذا نظر إليه بكى فقلت يا جبريل ما هذان
البابان قال الذي عن يمينه باب الجنة إذا نظر إليه ضحك سرورا بمن يدخله من ذريته
والذي عن يساره باب جهنم إذا نظر إليه بكى شفقه على من يدخله من ذريته قال العلائي
رضي الله عنه فإن قيل أرواح المؤمنين في السماء وأرواح الكفار تحت الأرض فكيف تكون
في السماء قلنا يحتمل أن تكون أرواح الكفار تعرض على آدم عليه السلام في السماء
فوافق عرضها على آدم عليه السلام مرور النبي صلى الله عليه وسلم.
المركب
الثالث أجنحة الملائكة من سماء الدنيا إلى السماء السابعة.
غرامي
بمن لم يخلق الله مثله ... وليس حبيب منه أتقى ولا أنقى
هو
السؤال طه الهاشمي محمد ... وأحمد من محمود أسمائه اشتقا
له
صفة ما حدها قط واصف ... ويكفيك أن البدر من أجله اشتقا
ويكفيك
أن الله كمل حسنه ... كذلك منه كمل الخلق والخلقا
ويكفيك
أن الله كمل نوره ... وسماه طه قبل أن يخلق الخلقا
ويكفيك
أن الشمس ردت لأجله ... ومن نوره الفياض قد نور الأفقا
ويكفيك
أن الجذع حن بأمره ... من النخلة العليا ورد لها العدقا
ويكفيك
أن السحب هاجت وأم ... طرت بدعوته لما أشار إذا استسقى
ويكفيك
أن الصخر لان لنعله ... وليس على ترب ترى أثره يبقى
ويكفيك
أن العين سألت فردها ... فكان الشفا للداء من فمه الريقا
ويكفيك
أن الله رقاه للعلا ... فأكرم به مولى له الله قد رقى
ويكفيك
لولاه لما كانت السما ... ولا الأرض بل لولاه ما كائنا رنقا
ويكفيك
من صلى عليه مرة ... عليه يصلي عشرة ثم لا يشقى
قال
النبي صلى الله عليه وسلم ثم حثثنا المسير خمسمائة عام في الهواء وإذا ليس في
الهواء موضع شبر إلا وفيه جبهة ملك يسبح الله تعالى حتى انتهينا إلى السماء
الثانية وهي من حديد فقرع جبريل بابا من أبوابها فأقبل مرجاثيل وقيل رقائيل في ألف
موكب من الملائكة ولهم ضجة أشد من ضجة أهل السماء الدنيا فقال من هذا قال جبريل
قال من معك قال نبي الرحمة ففتح الباب فرأيت ملائكة وجوههم كوجوه البقر على خيل
مسومة متقدمين بالسيوف وبأيديهم الحراب فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء هم
ملائكة خلقهم الله لنصرتك على خيل بلق بعمائم صفر قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم
هؤلاء قال ابنا الخالة يحيى وعيسى عليهما السلام فدنوت منهما وسلمت عليهما وعيسى
عليه السلام أحمر اللون قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم أتت الملائكة أفواجا أفواجا
يسلمون علي فصليت ركعتين ثم سار بي جبريل في الهواء خمسمائة عام حتى دنا من السماء
الثالثة فسمعنا أصواتا أشد من الصواعق بالتسبيح والتهليل فقرع جبريل الباب وهو من
نحاس وقيل من فضة ففتح لنا ورأيت ملكا معه سبعون ألف ملك قد خرقت أقدامه الأرض
السابعة وتسبيحهم سبحان الحي الذي لا يموت من قالها كان له مثل ثوابهم ورأيت فيها
شابا كالقمر فقلت من هذا قال يوسف فدنوت منه وسلمت عليه فرد علي أحسن تحية قال
عكرمة فضل يوسف في الحسن على الناس كفضل القمر ليلة البدر على النجوم قال ابن
اسحاق ذهب يوسف وأمه بثلث الحسن قيل إنه ورث ذلك من جدته سارة ثم صليت بالأنبياء
عليهم السلام ركعتين ثم سرنا في الهواء خمسمائة عام حتى انتهينا إلى السماء
الرابعة وهي من ذهب وتسبيح أهلها سبحان الملك القدوس رب الملائكة والروح من قالها
كان له مثل ثوابهم ورأيت فيها ملك البحار العذبة في نقرة إبهامه اليمنى والبحار
المالحة في نقرة إبهامه اليسرى ورأيت فيها ملكا على صورة الطائر فقلت يا جبريل من
هذا قال هذا ملك قائم على شفير هذا النهر فإذا قال العبد لا إله إلا الله نشر
جناحه فإذا قال الحمد لله دخل النهر فإذا قال سبحان الله انغمس في النهر فإذا قال
الله أكبر خرج من النهر فإذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله انتفض يسقط من كل ريشة
سبعون ألف قطرة فيخلق الله من كل قطرة ملكا يستغفر لقائلها إلى يوم القيامة قال
النبي صلى الله عليه وسلم ثم رأيت رجلا مسندا ظهره إلى دواوين الخلق التي فيها
أمورهم فقلت من هذا يا جبريل قال هذا إدريس فدنوت منه وسلمت عليه فقال مرحبا بالأخ
الصالح ثم قلت يا أخي بن الله قد رفعك مكانا عليا ودخلت الجنة قبلي ورأيت نعيمها
فقال يا حبيب الله ما دخلت الجنة ولا رأيت نعيمها وإنما دخلت بستانا خارج الجنة
ورأيت على بابها مكتوبا هذا الباب لا يدخله أحد قبل محمد وأمته ورأيت فيها مريم
بنت عمران لها سبعون قصرا من لؤلؤ ولأم موسى سبعون قصرا من الياقوت ولآسية بنت
مزاحم سبعون قصرا من مرجانة حمراء ولفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم سبعون
قصرا من زمرد أخضر ثم سرنا حتى علونا السماء الخامسة وهي ياقوت وتسبيح أهلها سبحان
من جمع بين الثلج والنار من قالها كان له مثل ثوابهم ورأيت فيها رجلا كهلا فقلت من
هذا يا جبريل قال هارون فسلم علي ورحب بي ودعا لي بخير ثم علونا إلى السماء
السادسة وهي من جوهر وتسبيح أهلها سبحان القدوس رب كل شيء وخالق كل شيء من قالها
كان له مثل ثوابهم إذ فيها اخلق كثير رافعون أصواتهم بالبكاء من خشية الله فقلت يا
جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الكروبيون قال النسفي خلق الله ميكائيل بعد إسرافيل
بخمسمائة عام من رأسه إلى قدميه وجوه وأجنحة من زعفران في كل ريشة ألف عين تبكي
على المذنبين من أمة محمد فيقطر من كل عين سبعون قطرة فيخلق الله من كل قطرة ملكا
فهم الكروبيون فأقبلت عليهم بالسلام فجعلوا يردون علي إيماء برؤسهم لا يتكلمون ولا
ينظرون إلي من الخشوع فقال جبريل هذا محمد في الرحمة الذي أرسله الله من العرب وهو
خاتم النبيين أفلا تنظرون إليه فأقبلوا علي بالتحية وإذا برجل آدم يعني أسمر اللون
كثير الشعر لو كان عليه قميصان لخرج الشعر منهما فقال يزعم بنو إسرائيل إني أكرم
الخلق على الله وهذا أكرم على الله مني فقلت يا جبريل من هذا قال موسى ابن عمران
فسلمت عليه فقال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح فما جاوزته حتى بكى فقيل ما
يبكيك
فقال غلام يبعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي قال الخطابي لم
يبك موسى حسدا للنبي على ما أعطاه الله تعالى من الكرامة بل على نقص حظ أمته
ونقصان عددهم عن عدد أمة محمد صلى الله عليه وسلم وسماه غلاما لما أعطاه الله من
عظيم الكرامة من غير عمر طويل أفناه في طاعة الله عز وجل.كيك فقال غلام يبعث بعدي
يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي قال الخطابي لم يبك موسى حسدا للنبي
على ما أعطاه الله تعالى من الكرامة بل على نقص حظ أمته ونقصان عددهم عن عدد أمة
محمد صلى الله عليه وسلم وسماه غلاما لما أعطاه الله من عظيم الكرامة من غير عمر
طويل أفناه في طاعة الله عز وجل.
هذا
المقام الذي لاذت به الأمم ... وأذعنت لعلاه العرب والعجم
هذا
مقام رسول الله أكرم من ... جاءته من ربه الأحكام والحكم
هذا
محمد الهادي الذي محيت ... عنا بنور هداه الظلم والظلم
هذا
الذي قد سما فوق السماء إلى ... مقام عز فتاهت دونه الأمم
هذا
الذي كشف الله الحجاب له ... فقدمت منه أذن فد وعت لهم
هذا
الذي ربنا الرحمن خاطبه ... لو رام ذا غيره زلت به القدم
هذا
نبي الهدى المختار من مضر ... هذا به أنبياء الله قد ختموا
هذا
الذي نبع الماء الطهور له ... من كفه فسقاه الخلق حين ظموا
هذا
الذي انفلق البدر المنير له ... والكل يشهده إلا الذين عموا
هذا
الذي أشرفت أنوار غرنه ... بنورها قد أضاء الحل والحرم
هذا
المراد من الدنيا وساكنها ... لولاه لم تخلق الأشباح والنسم
قال
العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم علونا إلى السماء السابعة وهي من نور
وتسبيح أهلها سبحان خالق النور من قالها كان له مثل ثوابهم ورأيت فيها خلقا لم
يؤذن لي أن أحدثكم عنهم ولولا أن الله قوى بصري لم أستطع النظر إليهم فسلمت عليهم
فقالوا حياك الله من أخ وخليفة ونعم المجيء جئت ورأيت فيها شيخا يشبه صاحبكم يعني نفسه
الشريفة صلى الله عليه وسلم وهو على سرير من زبرجد أخضر قد أسند ظهره إلى البيت
المعمور قلت من هذا قال هذا أبوك إبراهيم فسلمت عليه قال مرحبا بالإبن الصالح
والنبي الصالح أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء
وإنها قيعان غرسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا
قوة إلا بالله العلي العظيم قال البرماوي هو الواسع المستوى من الأرض وقيل الأرض
الملساء قال أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال العبد سبحان
الله قال الله تعالى أكتبوا لعبدي رحمتي كثيرة وقال النبي صلى الله عليه وسلم من
قال سبحان الله الخ خمس مرات أعطاه الله خمس مسائل اللهم إغفر لي وارحمني وارزقني
وارشدني وعافني قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى قل لأمتك تقول لا
حول ولا قوة إلا بالله عشرا عند الصباح وعشرا عند المساء وعشرا عند النوم أدفع
عنهم عند النوم بلوى الدنيا وعند المساء مكايدة الشيطان وعند الصباح غضبي وقال
النبي صلى الله عليه وسلم أكثروا من لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز
الجنة ومن أكثر منها نظر الله إليه ومن نظر الله إليه فقد أصاب خير الدنيا والآخرة
وتقدم في الأذكار وباب الدعاء على هذا زيادة والله أعلم.
المركب
الرابع جناح جبريل عليه السلام من السماء السابعة إلى سدرة المنتهى قال العلائي
قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم رأيت ذهبا صامتا على كواكب اللؤلؤ تحت كل لؤلؤة
خمسون ملكا كل ملك ينادي مرحبا مرحبا بك يا محمد وأهلا لا إله إلا الله محمد رسول
الله فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء عباد من السماء السابعة ورأيت ملائكة على
رأس كل ملك تاج تسعون ذراعا بذراع جبريل في كل تاج أربعمائة لؤلؤة الواحدة تسع
الدنيا والياقوتة يدخل فيها أهل الدنيا ورأيت ملكا عن يمينه ألف ألف ملك وعن يساره
ألف ألف ملك على رءوسهم تيجان من نور وهم يقرءون آية الكرسي قلت يا جبريل من هؤلاء
قال هؤلاء خلقوا من قطرة من نور العرش فقلت يا جبريل ما أكثر عجائب ربي فقال ما
رأيت من عجائب ربك إلا ساعة من الليل... فائدة: قال ابن عباس رضي الله عنهما سأل
النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام عن ثواب آية الكرسي فقال لما خلق الله
الأرض تحركت فأرسل إليها سبعين ألف ملك ليمسكوها فلم يستطيعوا فأرسل سبعين ألفا
أيضا فلم يستطيعوا فأرسل سبعين ألفا أيضا فلم يستطيعوا فخلق الله جبل قاف وأحاطه
بالدنيا وخلق الله حوله أربعمائة وأربعين جبلا فلم تستقر فكتب عليها آية الكرسي
فاستقرت فمن قرأ آية الكرسي فله من الثواب وزن جبل قاف ووزن تلك الحبال وله مثل
تسبيح أولئك الملائكة ولما خلق الله الشمس والقمر أمر سبعين ألف ملك أن يجروهما
فعجزوا ثم أرسل سبعين ألفا أيضا فعجزوا ثم أرسل سبعين ألفا أيضا فعجزوا فكتب
عليهما آية الكرسي فتحركا ودارا بقدرة الله تعالى فمن قرأ آية الكرسي من أمتك فله
من الثواب بعدد أولئك الملائكة وبعدد كل شيء طلعت عليه الشمس والقمر قال في
العرائس جعل الله آية الكرسي أمانا لأهل الإيمان من شر الشيطان قال النبي صلى الله
عليه وسلم ثم سرنا وجبريل على أثرى حتى وصلنا إلى سدرة المنتهى فإذا هي شجرة عظيمة
ثابتة على تل مسك لها ألف غصن يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام كل غصن له ألف ألف
ورقة كل ورقة لو استظل بها الإنس والجن لأظلتهم على كل ورقة ملك على لون القمر على
رأسه تاج من نور بيده قضيب من نور مكتوب على جبهته نحن سكان سدرة المنتهى سبحان من
ليس له انتهاء يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن أي غير متغير وأنهار من لبن لم
يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى قال البغوي قال مقاتل
وتحمل الحلى والثمار من جميع الألوان قال في العرائس أنها في السماء السابعة مما
يلي الجنة أصلها في الجنة فروعها تحت الكرسي وأغصانها تحت العرش مقام جبريل في
وسطها يغشاها ملائكة كأنهم فرش من ذهب ورأيت في تفسير القشيري في قوله تعالى إذ
يغشى السدرة ما يغشى أي أعطى الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم خواتيم سورة
البقرة وغفر لأمته وقال نجم الدين النسفي غشيتها ملائكة من ذهب على صور الجراد مع
كل ملك طبق عليه من اللطائف ما لا يحصى فنثروه بيد يدي النبي صلى الله عليه وسلم
وقال النيسابوري قال المحققون غشيها نور الله تجلى لها كما تجلى للجبل لكنها كانت
أقوى من الجبل ومحمد صلى الله عليه وسلم أقوى من موسى عليه السلام لأنه لم يصعق
والسدرة لم تضطرب قال العلائي في أصلها محراب جبريل عليه السلام فأذن جبريل فلما
قال الله أكبر الله أكبر قال الله تعالى صدقت يا عبدي أنا أكبر من كل شيء فلما قال
أشهد أن لا إله إلا الله قال تعالى صدقت يا عبدي لا إله إلا أنا فلما قال أشهد أن
محمدا رسول الله قال صدقت يا عبدي محمد عبدي ورسولي مرحبا به فلما قال حي على
الصلاة قال أفلح من جاء بها فلما قال حي على الفلاح قال أفلح المؤمنون الذين هم في
صلاتهم خاشعون فلما فرغ الأذان أقيمت الصلاة واصطفت الملائكة صفوفا كل صف كما بين
المشرق والمغرب فصلى بهم ركعتين ثم أقبلت الملائكة زمرا زمرا يسلمون علي ثم خرج
ملك من الحجاب الذي يلي الرحمن أي يلي عرشه بدليل رواية السمرقندي فانطلق جبريل
إلى الحجاب الأكبر عند سدرة المنتهى فقال النبي صلى الله عليه وسلم من هذا قال
والذي بعثك بالحق ما رأيته منذ خلقت قبل ساعتي هذه فأذن الملك لكن لم يخرج له جواب
عن قوله حي على الصلاة حي الفلاح ورأيت في بعض المعاريج عنه صلى الله عليه وسلم
قال رأيت طيورا خضرا على الشجرة وفيهما المحزون والمسرور عندهم
شيخ
وعجوز فقلت يا جبريل من هذا الشيخ وهذه العجوز قال إبراهيم وسارة والطيور أرواح
أطفال المؤمنين والمحزون من فارق أهله عن قريب والمسرور من فارق أهله من بعيد
وسميت سدرة المنتهى لأن علم الخلائق مما تحتها لا يتجاوزها وعلم من فوقهم لا
يتجاوزها أي من تحتها لا يعلم من فوقها ومن فوقها لا يعلم من تحتها وقال علي رضي
الله عنه سميت سدرة المنتهى لأنه ينهى إليها من كان على سنة محمد صلى الله عليه
وسلم وقيل سميت بذلك لأنه من انتهى إليها فقد انتهى في الكرامة قال الحسن غشيها
نور من رب العالمين... موعظة عن النبي صلى الله عليه وسلم من قطع سدرة صوب الله
رأسه في النار قال بعضهم يعني من قطعها في فلاة يستظل بها المسافر وغيره من غير
ضرورة... فائدة: نزل جماعة من أصحابه رضي الله عنهم واديا فأعجبهم ما فيه من شجر
السدر فقالوا يا ليت لنا مثلها فأنزل الله تعالى في سدر مخضود أي جعل الله مكان كل
شوكة ثمرة فيها إثنان وسبعون لونا من الطعام وقيل المخضود الكثير الحملان والطلح
المنضود شجر الموز والمنضود المتراكم بعضه فوق بعض وسيأتي في مناقب الجنة منافع
الموز قال البغوي في قوله تعالى إذ يغش(ى السدرة ما يغشى قال غشيها فراش من ذهب
وقال غيره غشيها أنوار الحلال وأرخيت عليها مستور من اللؤلؤ وياقوت وزبرجد وخصت
بهذه الخصال الفضائل لفردها بثلاثة أشياء ظل ممدود وطعم لذيذ ورائحة طيبة فشابهت
الإيمان الذي يجمع ثلاثة أشياء القول والنية والعمل فظلها من الإيمان منزلة العمل
لأنه يتجاوز العامل كتجاوز الظل وطعمها بمنزلة النية لخفائه ورائحتها بمنزلة القول
لظهوره فلما وصل إليها النبي صلى الله عليه وسلم عرفت الملائكة ذلك بهبوط الأنوار
عليها كقطر الغمام فأسرعوا للسلام كالجراد المنتشر عندها جنة المأوى قال ابن عباس
رضي الله عنهما يأوى إليها جبريل عليه السلام قال مقاتل والكلبي يأوى إليها أرواح
الشهداء ينتهي إليها ما يعرج به من الأرض فيقبض منها واليها ينتهى ما يهبط من
فوقها فيقض منها قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت ديكا له زغب أخضر وريش أبيض
أشد بياضا من اللبن ورجلاه من ذهب أحمر في الأرض السابعة وذنبه من لؤلؤ ورأسه من
درة تحت العرش وعيناه من ياقوتة وعرفه من عقيق أحمر له جناحان أخضران إذا نشرهما
جاوز بهما المشرق والمغرب فإذا مضى ثلث الليل نشر جناحيه وخفق بهما وقال سبحان
الملك القدوس سبحان الله الكريم فتجاوبه ديوك الأرض ثم إذا كان نصف الليل نشر
جناحيه وخفق بهما وصرخ بالتسبيح لله تعالى ويقول سبحان ربي العظيم سبحان ربي العزيز
القهار سبحان رب العرش الرفيع فإذا فعل ذلك سبحت ديوك الأرض قال النبي صلى الله
عليه وسلم فلم أزل مشتاقا إلى رؤية ذلك الديك مرة ثانية وقال العلائي أنه رآه في
سماء الدنيا في الخبر ديك العرش له أجنحة بعدد خلق الله تعالى يقول اللهم غفر
للمذنبين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم يجيء بلال
يوم القيامة على راحلة رحلها من ذهب وزمامها من در وياقوت يتبعه المؤذنون ليدخلهم
الجنة حتى أنه ليدخل الجنة من أذن أربعين صباحا يريد به وجه الله تعالى وفي
العرائس أن الله تعالى أنزل ديكا إلى آدم فكان إذا سمع الديك تسبيح الملائكة يسبح
فيسبح آدم وتقدم في باب الكرم زيادة على هذا وسيأتي في مناقب على أن لحم الديك
العتيق ينفع للقولنج قال في المدخل لبعضهم قولنج فشكا ذلك للنبي صلى الله عليه
وسلم في النوم فأمره أن يأخذ ثلاثة دراهم من عسل النحل ودرهماً ونصف من الزيت
المرقى وإحدى وعشرين درهما من الشونيز وهي حبة البركة وسيأتي بيان الزيت المرقى
ويخلط الجميع ويفطر عليه وعند النوم وحصل لبعضهم دوخة في رأسه فرأى النبي صلى الله
عليه وسلم في المنام فشكا إليه فقال خذ من القرفة والزنجبيل والقرنفل والسنبل
والجوز الطيب من كل واحد وزن درهم ونصف ومن الشونيز وزن درهمين يدق الجميع ويطبخ
ويعقد بعسل النحل فإذا قرب استواؤه عصر عليه قليلا من الليمون ففعل الرجل ذلك
فعافاه الله تعالى وحصل لبعضهم مرض الحصبة فشكا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم في
النوم فأمره أن يأخذ شيئا من خل العنب وشيئا من عسل النحل وشيئا من الزيت المرقى
ثم يخلط الجميع ويدهن به ففعل فبرأ بإذن الله تعالى ثم قال في المدخل والزيت
المرقى أن يكون زيتا
طيبا
في إناء نظيف ثم يحركه بشيء ويقول لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى آخر السورة لو
أنزلنا هذا القرآن على جبل إلى آخر السورة وسورة الإخلاص والمعوذتين وذكر أن الزيت
المرقى ينفع من جميع الأمراض دهنا فإن كان الوجع شديدا جلس في الشمس قليلا ثم يدهن
به الوجع ويضع عليه المصطكى وشيئا من حبة البركة مدقوقا وحصل لبعضهم وجع في عينه
فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فأمره أن يأخذ حجر الأثمد ويحميه
في النار فإذا حمى أخرجه وأطفأ في الزيت المرقى ثم يسحقه ويكتحل ثلاثة أيام ففعل
فبرأ بإذن الله تعالى وتقدم في باب الأمانة منافع طيبة لا بأس بمراجعتها قال النبي
صلى الله عليه وسلم ثم رأيت ملكا نصفه من ثلج ونصفه من نار وهو ينادي اللهم يا من
ألف بين الثلج والنار ألف بين قلوب عبادك المؤمنين قلت يا جبريل من هذا قال هذا
ملك يقال له حبيب وكله الله بأكناف السموات وأطراف الأرضين وهو من أنصح الملائكة
لأهل الأرض من المؤمنين يدعو لهم بما تسمع إلى يوم القيامة ورأيت ملكا على كرسي
والدنيا بين ركبتيه وبيده لوح ينظر فيه لا يلتفت يمينا ولا شمالا قال العلائي في
مكان آخر أنه رآه في السماء الرابعة فوقف جبريل على رأسه وقال يا ملك الموت ألا
تسلم على محمد نبي الرحمة حبيب رب العالمين فالتفت إلي وقال السلام عليك يا محمد
أبشر فما رأيت الخير كله إلا فيك في أمتك فقر عينا وطب نفسا فقلت له أخبرني كيف
تقبض روح المؤمن فقال إنا كان آخر ساعة من الدنيا وأولها من الآخرة بعثت إليه
أعواني ومعهم رياحين من الجنة وغصن من أغصانها فيجعلونه بين عينيه ويعالجون روحه
بالرفق حتى إذا بلغت نفسه الحلقوم هبطت إليه فأسلم عليه ثم أقبض روحه وأعرج بها إلى
السماء فلا تمر بملأ من الملائكة إلا رحب بها وحباها حتى ينتهي بها إلى الله تعالى
فيقول الله مرحبا بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب ألا فاكتبوا لعبدي كتابا في
عليين وينطلق بروحه إلى الجنة فينظر إلى ما أعد الله له فيها ثم ترد روحه إلى جسمه
فيرى مغسله ومحنطه وأحبهم إليه الذي يقول أسرعوا به وأبغضهم إليه الذي يقول
انتظروا به فإذا دخل قبره قالت الأرض مرحبا بك وأهلا قد كنت أحبك وأنت على ظهري
فكيف اليوم وقد صرت في بطني فترى ما أصنع فيتسع قبره مد البصر ثم إذا انصرف عنه
أهله أتاه منكر ونكير فيسألانه عن ربه وعن دينه وعن نبيه فيقول الله ربي والإسلام
ديني ومحمد نبيي والقرآن إمامي فينتهرانه انتهار شديدا أو يرددان عليه السؤال
فيقول أتريدان أن تفتناني في ديني ما أعرف إلا هذا فيقولان له صدقت عليه حييت
وعليه مت وعليه تبعث ثم يفتحان له بابا إلى النار فإذا نظر إليه بكى فيقولان له لا
تحزن فإنها ليست بدارك أنظر ماذا صرف الله عنك بعملك الصالح ثم يغلق عنه ذلك الباب
ويفتح له باب إلى الجنة أما الكافر فإذا كان آخر ساعته من الدنيا وأولها من الآخرة
بعثت إليه أعواني ومعهم شعر من النار وكلاليب من نار وغصن من أغصان شجرة الزقوم
وهي الشجرة الملعونة في القرآن فيعالجون روحه بالغيظ والشدة حتى إذا بلغت روحه
الحلقوم وعرجوا عنه فأهبط إليه وأبشره بسخط الله ثم أعرج بروحه إلى السماء فتغلق
أبواب السماء دونه ولا يراه ملك إلا لعنه فيأتي النداء من قبل الله تعالى لا مرحبا
بالنفس الخبيثة التي كانت في الجسد الخبيث ثم يكتب له كتابا في سجين وتقدم في
الموكب الثاني أن صخرة سينا تحت الأرض السابعة ثم ينطلق به إلى النار فيرى ما أعد
الله له فيها من العذاب ثم ترد روحه إلى جسمه فيرى من يغسله ويحنطه فأحبهم إليه من
يقول أنظروا به وأبغضهم إليه من يقول أسرعوا به فإذا مضوا به نحو قبره نادى ثلاثة
أصوات فيسمعها جميع الخلائق سوى الإنس والجن يا أصحاباه ويا جيراناه ويا حملة
نعشاه لا تغرنكم الدنيا كما غرتني ولا يلعب بكم الزمان كما لعب بي فإنه يساق إلى
عذاب الله فإذا وضع في قبره قالت له الأرض لا مرحبا بك ولا أهلا وعزة ربي لقد كنت
أبغضك وأنت على ظهري فكيف وقد صرت في بطني فسترى ما أصنع بك فضيق عليه قبره فإذا
انصرف عنه أهله أتاه منكر ونكير فيسألانه من ربك ومن نبيك وما دينك فيقول ما أدري
فيقولان لا دريت ولا تليت ثم يفتحان له بابا إلى الجنة فإذا نظر إليه فرح فيقولان
له لا تفرح ليست بدارك انظر إلى ما حرمك الله بكفرك وله رواية
ثانية
خلاف هذا في محل آخر وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما من يوم إلا وملك الموت يقف
على باب أحدكم خمس مرات وقال أيضا أكثروا ذكر الموت فما من عبد أكثر من ذكر الموت
إلا أصلح الله قلبه وهون عليه الموت وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا قال
النبي صلى الله عليه وسلم من قال عند الموت لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول
ولا قوة إلا بالله لم تطعمه النار أبدا.ة خلاف هذا في محل آخر وقال النبي صلى الله
عليه وسلم ما من يوم إلا وملك الموت يقف على باب أحدكم خمس مرات وقال أيضا أكثروا
ذكر الموت فما من عبد أكثر من ذكر الموت إلا أصلح الله قلبه وهون عليه الموت وعن
أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا قال النبي صلى الله عليه وسلم من قال عند الموت
لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله لم تطعمه النار أبدا.
المركب
الخامس الرفرف إلى قاب قوسين قال سعيد بن جبير أي قدر ذراعين قال مجاهد قدر ما بين
القوسين والوتر سيأتي زيادة قال العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم سرت ساعة
فإذا بيني وبين جبريل أمد بعيد فقلت يا جبريل أين تركتني وتخلفت عني فقال يا محمد
أنت في مقام لا يتجاوزه أحد من خلق الله ولو تجاوزته لاحترقت بالنور ثم قال يا
محمد جز أنت فإن ربك سيهديك ففارقته وسرت إلى ما شاء الله فإذا أنا بإسرافيل له
أربعة أجنحة جناح قد أتزر به وجناح قد أرتدي به وجناح أستتر به من النور وجناح قد
التقم به الصور فقلت هذا مقامك قال نعم لو جاوزته لاحترقت من النور ولكن جز فهذا
الروح أمامك قال ابن عباس رضي الله عنهما سأل إسرافيل ربه أن يعطيه قوة السموات
والأرض والجبال والرياح وقوة الثقلين فأعطاه من رأسه إلى أقدامه شعورا ووجوها
وألسنة مغطاة بأجنحة لا يعلم عددها إلا الله تعالى يسبح كل لسان بألف لغة ويخلق
الله تعالى من كل تسبيحة ملكا على صورة إسرافيل وهم المقربون ولو صب ماء البحار
وماء الأنهار على رأس إسرافيل ما سقط منها قطرة وهو ينظر كل يوم في جهنم ثلاث مرات
فيذوب حتى يصير كوتر القوس ولو جمع الله دموعه من بكائه على أهل الأرض لصار كطوفان
نوح قال النبي صلى الله عليه وسلم فسرت ما شاء الله فرفع لي سبعون ألف حجاب من نور
وسبعون ألف حجاب من ضياء فلما قطعتها فإذا أنا بالروح الذي ذكره الله في القرآن
بقوله سبحانه وتعالى يوم يقوم الروح والملائكة صفا له ألف رأس في كل رأس مائة ألف
وجه في كل وجه مائة ألف فم في كل فم مائة ألف لسان كل لسان يسبح الله تعالى
بثمانين ألف لغة لا يشبه بعضها بعضا يخلق الله من ذلك التسبيح ملائكة يكتبون ثواب
تسبيحهم لأمتي إلى يوم القيامة فقلت يا أيها الروح هذا مقامك قال نعم ولو جاوزته
لاحترقت بالنور وفي رواية قال أنس رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم
لجبريل عليه السلام هل ترى ربك فقال بيني وبينه سبعون حجابا من نور قيل خلق الله
تعالى بين جبريل وميكائيل سبعين حجابا غلظ كل حجاب خمسمائة عام ولولا ذلك لاحترق
جبريل من نور ميكائيل وخلق الله بين ميكائيل وإسرافيل سبعين حجابا ولولا ذلك
لاحترق ميكائيل من نور إسرافيل. وعن النبي صلى الله عليه وسلم احتجب الله عن أهل
السماء كما احتجب عن أهل الأرض واحتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار وأنه تعالى
ما حل في شيء ولا غاب عن شيء وإن الملأ الأعلى يطلبون الله كما تطلبونه أنتم قال
علي رضي الله عنه سلوني قبل أن تفقدوني وعن علم لا يعلمه جبريل ولا ميكائيل قال إن
الله علم نبيه محمد ليلة المعراج علوما شتى فمنها علم أمره الله بكتمانه وعلم أمره
بتبليغه وعلم خيره الله فيه فكان مما أسر إلى أنه قال كنت نورا في وجه إبراهيم
ودرة في ظهره فلما عارضه جبريل وهو في كفة المنجنيق وقال يا إبراهيم ألك حاجة قال
أما إليك فلا فعاد إليه وقال ألك حاجة إلى ربك قال يا جبريل من شأن الخليل أن لا
يفارق خليله قال صلى الله عليه وسلم فأنطقني الله أنت قلت إن بعثني الله واصطفاني
بالرسالة لأكافئن جبريل فلما كان ليلة المعراج أتاني جبريل وكان هو السفير بي إلى
أن انتهى معي إلى مقام ثم وقف فقلت يا جبريل في مثل هذا المقام يفارق الخليل خليله
فقال نعم إن جاوزته احترقت بالنور فقلت له هل لك إلى الله من حاجة قال نعم إسأل
ربك أن يجعلني أبسط جناحي لأمتك على الصراط يوم القيامة حتى يجوزوا عليه فقلت بارك
الله فيك يا جبريل وإذا بالنداء يا جبريل زج محمدا في النور زجة فزجني فخرقت سبعين
ألف حجاب غلظ كل حجاب خمسمائة عام حتى انتهيت إلى فراش من ذهب فتقدم لي الملك
الموكل بالفراش الذهب إلى حجاب اللؤلؤ فحركه فقال الملك من وراء الحجاب من هذا قال
فلان صاحب فراش الذهب وهذا محمد صلى الله عليه وسلم معي رسول رب العزة فقال الملك
الله أبر فأخرج يده من تحت الحجاب فاحتملني ووضعني بين يديه فلم أزل كذلك من حجاب
إلى حجاب حتى جاوزت سبعين ألف حجاب غلظ كل حجاب خمسمائة عام ثم انتهيت إلى بحر من
نور أبيض فإذا أنا بملك على ساحل البحر لو أن الطير طار مائة عام من منكبه ما بلغ
منكبه الآخر ثم زجني حتى انتهيت إلى بحر من نور أحمر فإذا أنا بملك على ساحل البحر
لو أذن الله له أن يبتلع السموات والأرض لفعل ثم
سار
بي إلى الرفرف حتى انتهيت إلى بحر من نور أصفر فإذا أنا بملك على ساحل البحر لو
أذن الله أن يبتلع السموات والأرض لفعل ثم سار بي الرفرف إلى بحر من ماء أبيض
فجزعت عند ذلك وناديت يا غياث المستغيثين سكن روعي قال العلائي قال النبي صلى الله
عليه وسلم ثم سرنا حتى انتهينا إلى بحر من نور يتلالأ كلما نظرت إليه حار طرفي حتى
ظننت أن كل شيء خلقه قد إلتهب إلتهابا وإذا أنا بجبال من برد ورأيت سبعين ألف صف
من الملائكة لا ينظر بعضهم إلى بعض من اشتغالهم بالتسبيح والتهليل ما رأيت مثل
خلقهم ولا مثل شدة أصواتهم ولا مثل ضياء نورهم وهم حافون بالعرش فخالطني عند ذلك
الخوف فقال جبريل يا محمد ما هذا الخوف كله إنما أنت في كرامة ربك ثم سار بي الرفرف
فإذا أنا بملك عظيم يكيل الماء بالكيل ويفرقه على السحاب ثم سار بي الرفرف حتى
قطعت سبعين ألف صف من الملائكة وهم قيام لا يجلسون إلى يوم القيامة حتى انتهيت إلى
إسرافيل قد سد بجناحيه الخافقين ورجلاه في تخوم الأرض السابعة قد التقم الصور وقال
الغزالي دائرته أي الصور كعرض السماء والأرض وبعض الأوقات يتصاغر إسرافيل من عظمة
الله حتى يصير كالعصفور والله أعلم قال صلى الله عليه وسلم ولم يزل الرفرف يخترق
بي الحجب حتى بلغت ألف حجاب حتى وصلت إلى حجاب الوحدانية ورأيتني كالقنديل المعلق
في الهواء ثم دلى لي رفرف أخضر يغلب ضوؤه ضوء الشمس فالتمع بصري ووضعت على الرفرف
ثم احتملني حتى وصلت إلى العرش فأبصرت أمرا عظيما لا تناله الألسن فسألت إلهي أن
يمن علي بالثبات فمن الله علي وقواني ونزلت قطرة من العرش على لساني أبرد الثلج
وأحلى من العسل فما ذاق الذائقون شيئا قط أحلى منها فأنبأني الله بها علم الأولين
والآخرين وقيل لما بلغ قاب قوسين اجلس على كرسي ورفعه ذلك الكرسي إلى عليين فقطر
عليه ثلاث قطرات قطرة على كتفه فأورثته الهيبة وقطرة على قلبه فأورثته المحبة
وقطرة على لسانه فأورثته الفصاحة وفي رواية لما رأى العرش اسصغر كل شيء رآه قال النسفي
خلق الله العرش على ثمانية وستين قائمة من دور الدنيا ما بين القائمة والقائمة
كخفقان الطير المسرع ثمانين ألف عام وخلق الله له ألف ألف وستمائة ألف رأس في كل
رأس ألف ألف وستمائة ألف وجه زاد العلائي في تفسير سورة براءة في كل وجه قدر طباق
الدنيا ألف ألف وستمائة ألف مرة في كل وجه ألف ألف وستمائة ألف فم في كل فم ألف
ألف وستمائة ألف لسان كل لسان يسبح الله تعالى بألف ألف وستمائة ألف لغة ويكسو
العرش كل يوم ألف ألف لون وقال علي رضي الله عنه سبعون ألف لون وإعلم أن سبعين
ألفا مذكورة في مواضع منها عن النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ شهد الله أنه لا
إله إلا هو الآية خلق الله سبعين ألف من الملائكة يستغفرون له إلى يوم القيامة
ومنها ما تقدم من عاد مريضا غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي ومن عاد مريضا
عشية خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح قال ابن عباس تسبيح ألسنة العرش
سبحان القائم الدائم سبحان الدائم القائم سبحان الملك الأعظم سبحان من لا يعلم ما
هو إلا هو قال في العقائق علق فيه مائة ألف قنديل كل قنديل يسع السموات والأرض
فلما خلق الله العرش من جوهرة خضراء على هذه الصفة وداخله العجب طوقه الله تعالى
بحية رأسها من لؤلؤة بيضاء وعيناها من ياقوتة صفراء وأسنانها من زمردة خضراء
وبدنها من ذهب أحمر طولها سبعمائة ألف عام ولها سبعون ألف جناح في كل جناح سبعون
ألف ريشة في كل ريشة سبعون ألف وجه في كل وجه سبعون ألف فم في كل فم سبعون ألف
لسان يخرج من أفواهها من التسبيح بعدد قطرات الأمطار وبعدد ورق الأشجار وبعدد أيام
الدنيا فلما رآها العرش قال يا رب لم خلقت هذه قال حتى تنسى عظمتك وتنظر إلى عظمتي
قال ابن عباس رضي الله عنهما حملت العرش أربعة طول كل ملك سبعون ألف عام وطول قدمه
ثمانية عشر ألف عام الأول على صورة بني آدم يقول اللهم ارحم بني آدم لا تعذبهم
وادفع عنهم برد الشتاء وحر الصيف وادخلني في شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم
والثاني على صورة النسر يقول اللهم ارحم الطيور ولا تعذبهم وادفع عنهم برد الشتاء
وحر الصيف وأدخلني في شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الثالث على صورة الأسد يقول
اللهم ارحم السباع ولا تعذبهم وادفع عنهم برد الشتاء وحر الصيف وأدخلني
في
شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم والرابع على صورة الثور يقول اللهم ارحم البهائم
ولا تعذبهم وادفع عنهم برد الشتاء وحر الصيف وأدخلني في شفاعة محمد صلى الله عليه
وسلم.فاعة محمد صلى الله عليه وسلم والرابع على صورة الثور يقول اللهم ارحم
البهائم ولا تعذبهم وادفع عنهم برد الشتاء وحر الصيف وأدخلني في شفاعة محمد صلى
الله عليه وسلم.
وقال
ابن عباس رضي الله عنهما أن الأرض الثانية فيها الريح العقيم قد زمت بسبعين ألف
زمام كل زمام بيده سبعون ألف ملك بها أهلك الله تعالى قوم عاد فنسفت جبالهم
ومساكنهم وبها تخرب الأرض قال الله تعالى ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا
وقال في حادى القلوب الطاهرة أول جبل وضع على الأرض جبل أبي قبيس بمكة المشرفة
وكان أول من بنى به رجلا يقال له أبو قبيس فسمي بذلك وكان اسمه في الجاهلية الأمين
لأن الحجر الأسود كان مستودعا فيه من زمن الطوفان وجواب آخر أراد الله أن يطلع
محمد صلى الله عليه وسلم على عجائب ملكوته العلي التي منها أربعة أنهار حول العرش
منها خمر من نور يتلألأ ونهر أشد بياضا من اللبن في أسفله اللؤلؤ والياقوت والزمرد
ومنه أخذ أنهار الجنة ونهر من ثلج تلتمع منه الأبصار ونهر من ماء والملائكة في تلك
الأنهار يسبحون الله تعالى ومنها سبعون ألف ملك يدورون حول العرش يقبل هؤلاء ويدبر
هؤلاء ومن ورائهم سبعون ألف صف فإذا سمعوا تهليل هؤلاء وتكبير هؤلاء رفعوا أصواتهم
وقالوا سبحانك اللهم وبحمدك أنت الأكبر ومنها أن الله تعالى جعل بين هؤلاء وبين
العرش سبعين حجابا من نور وسبعين حجابا من ظلمة وسبعين حجابا من ياقوت وسبعين
حجابا من زبرجد وسبعين حجابا من ثلج وسبعين حجابا من ماء وسبعين حجابا من برد وفي
المقام المحمود أقوال أحدها: الشفاعة العامة الثاني: أن لواء الحمد بين يده
الثالث: إخراج طائفة من النار بشفاعته صلى الله عليه وسلم قال جابر بن عبد الله
هذا هو المقام المحمود وذكرنا في صلاح الأرواح أن له صلى الله عليه وسلم تسع
شفاعات الأولى الشفاعة العامة في الفصل بين أهل الموقف الثانية شفاعته في عافية
بلا محنة قال العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت عجائب عظيمة وظننت
الرابعة في قوم يدخلون الجنة بغير حساب الخامسة زيادة درجات قوم في الجنة السادسة
في التخفيف عن عمه أبي طالب السابعة فيمن زار قبره صلى الله عليه وسلم الثامنة
فيمن صلى الله عليه التاسعة في أطفال المسلمين اللهم أدخلنا في شفاعته في عافية
بلا محنة قال العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت عجائب عظيمة وظننت أن كل
من في السموات والأرض قد مات لأني لم أسمع هناك يعني عند العرش شيئا من أصوات
الملائكة وانقطع عنى حس كل شيء فلحقني عند ذلك استيحاش فناداني جبريل من خلفي يا
محمد أن الله تعالى يثني عليك فاسمع واطع ولا يهولنك كلامه سبحانه وتعالى فبدأت
بالثناء على الله تعالى وقلت التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله فقال السلام
عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فقلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
فقال جبريل أشهد أن إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله قال في شرح المهذب
التحيات لله أي العظمة لله وقيل الملك لله وقيل البقاء الدائم لله وقيل السلامة من
الآفات لله وإنما قال التحيات بأجمع لأن لكل واحد من الملوك تحية فقيل لنا قولوا
التحيات لله أي الألفاظ التي تدل على الملك لله وحده وقوله المباركات الصلوات
الطيبات قيل الصلوات هي الصلوات الخمس والطيبات هي الأعمال الصالحة وقيل الطيبات
الكلام الحسن وقوله السلام عليك أيها النبي قيل معناه إسم الله عليك وقيل سلم الله
عليك ومن سلم الله عليه سلم من الآفات السلام علينا قال الثوري رحمه الله تعالى لم
أر لأحدكم كلاما من الضمير فالمراد الحاضرون من الإمام والمأمومين ثم قال رحمه
الله تعالى في المنهاج وأقله أي أقل التشهد التحيات لله السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمدا رسول الله صل على محمد فهذا هو الواجب والزيادة على ذلك سنة وقال
صلى الله عليه وسلم من أحيا سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة قال في
عيون المجالس إذا قال العبد التحيات لله حياه الله وأهل السموات والأرض وإذا قال
الصلوات تقبل الله صلاته وإذا قال الطيبات كان بريئا من الشرك والشك وإذا قال
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته كتب الله له عشر حسنات وإذا قال السلام
علينا وعلى عباد الله الصالحين كتب الله بكل مؤمن ومؤمنة حسنة وإذا أتى بالشهادتين
كتب الله له براءة من النار قال العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم زجني في
النور
زجة
خرقت سبعين ألف حجاب ليس فيها حجاب يشبه الآخر ونادى مناد بلغة أبي بكر قف فإن ربك
يصلى عليك فتعجبت من لغة أبي بكر وقلت هل سبقني صاحبي أبو بكر وتعجبت من صلاة ربي
فإذا النداء من العلي الأعلى أدن يا خير البرية أدن يا محمد أدن يا أحمد فعلمت أن
ربي ناداني فأدناني فكنت كما قال تعالى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى كقرب
ما بين الحاجبين وقيل كقدر ذراعين وسئل الجنيد رضي الله عنه عن هذا الدنو فقال دنو
القلوب من المحبوب ذهب البين وتلاشى الأين وقيل دنا محمد من ربه بالسؤال فتدلى ربه
إليه بالعطاء والنوال قال في عيون المجالس قال بعضهم طلبت معنى قوله تعالى ثم دنا
فتدلى ثلاثين سنة من العلماء العارفين حتى رأيت تأويلا صحيحا وهو أنه صلى الله
عليه وسلم نظر عن يمينه فرأى ربه ونظر عن يساره فرأى ربه ونظر أمامه فرأى ربه ونظر
فوقه فرأى ربه ونظر خلفه فرأى ربه فكره الإنصراف من هذا المقام الشريف فعلم الله
ذلك منه فقال يا محمد أنت رسول إلى عبادي ولو دمت على المقام ما بلغت رسالتي فانزل
الأرض وبلغ رسالتي لعبادي وحيث ما قمت إلى الصلاة أعطيتك هذه الرتبة فلذلك قال
وقرة عيني في الصلاة قال فكان قاب قوسين بروحه أو أدنى بسره يعني ترك نفسه في
السماء وروحه عند سدرة المنتهى وقلبه بقاب قوصين فبقي سره وربه فقالت النفس أين
القلب وقال القلب أين الروح وقالت الروح أين السر وقال السر أين الحبيب فقال الله
تعالى يا نفس لك النعمة والمغفرة يا روح لك الرحمة والكرامة ويا قلب لك المحبة
والمودة ويا سر أنا لك وقال القرطبي في تفسيره قيل للنبي صلى الله عليه وسلم كيف
صلاة الله على عباده قال سبوح قدوس قيل أن سبوح قدوس من كلام الله وهي صلاته على
عباده وقيل من كلام النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يتوهم السائل في صلاة الله على
عباده وجها لا يليق بالله تعالى وأما أمر صاحبك موسى كان أنسه بالعصا فلما أردنا
كلامه قلنا له وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي
ولي فيها مآرب أخرى فاشتغل بذكر العصا على الهيبة وكذلك أنت يا محمد لما كان أنسك
بصاحبك أبي بكر فإنك خلقت وإياه من طينة واحدة فهو أنيسك في الدنيا والآخرة يا
محمد ما أعظم شأني وأعز سلطاني يا محمد انظر في أي مكان رفعتك وفي أي مكان كلمتك
يا محمد أين حاجة جبريل قلت اللهم أنت أعلم بما سألك يريد أن يمد جناحه على الصراط
يوم القيامة لتمر أمتي فقل قد أجبته فيما سأل ولكن في طائفة من أمتك فقلت اللهم
لمن أحبك في رواية لمن أكثر الصلاة والسلام عليك قال العلائي رضي الله عنه قال
النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت ربي بقلبي والصحيح أنه رآه بعين رأسه قال القرطبي
في سورة الأنعام اجتمع ابن عباس وأبي بن كعب فقال ابن عباس أما نحن بنو هاشم فنقول
أن محمدا رأى ربه مرتين ثم قال أتعجبون أن الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية
لمحمد صلى الله عليه وسلم فكبر أبي بن كعب تكبيرة حتى جاوبته الجبال وقال الإمام
أحمد بن محمد بن حنبل أنا أقول بما قاله ابن عباس رآه بعينه رآه بعينه حتى انقطع
نفس الإمام أحمد ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم وكلمني ربي بما شاء وافترض علي
خمسين صلاة كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى فقال ما فرض ربك على أمتك قلت خمسين صلاة
قال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا تطيق ذلك فرجعت إلى ربي قال
النووي إلى الموضع الذي ناجاه فيه أولا فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عنا خمسا وفي
رواية عشرا وفي رواية وضع شطرها فقال العلائي ولا منافاة بين الروايات فإن المراد
بالشطر الجزء وهو الخمس وليس المراد بالشطر التنصيف وأما رواية العشر فهي رواية
شريك وتقدم أنه زاد ونقص ثم رجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا فقال أمتك لا تطيق ذلك
فلرجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قال فما زلت أرجع بين موسى وبين ربي حتى قال
يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشرة فتلك خمسون صلاة في رواية
أمضيت فريضتي على عبادي ما يبدل القول لدي وفي رواية سألت ربي حتى استحييت ولكن
أرضى وأسلم فإن قيل هي في الأول خمس فما الحكمة في كونها خمسين تلك الليلة فالجواب
ليظهر كرم المصطفى بقبول شفاعته في التخفيف عن أمته فإن قيل ما الحكمة في أن موسى
هو الذي أشار على محمد صلى الله عليه وسلم أن يراجع
ربه
دون إبراهيم وهو أعلى مقاما قيل لأن إبراهيم مقامه مقام التفويض والتسليم ألا تراه
لما قال له جبريل ألك حاجة قال أما إليك فلا قال سل ربك قال حسبي من سؤالي علمه
بحالي فإن قيل مقام إبراهيم في السماء السابعة وموسى في السادسة فالجواب مقام
إبراهيم في السماء السابعة لكنه نزل لملاقاة النبي إلى السادسة وموسى في السادسة
لكنه مشى في خدمته إلى السابعة قال العلائي وغيره قال الله تعالى بعد أن خفف
الصلوات آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه فقلت بل آمنت بك والمؤمنون كل آمن بالله
وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق قال حمزة لا يفرق بين أحد من رسله بالياء المثناة من
تحتها بالبناء للمفعول قراءة شاذة بين أحد من رسله كما فرقت اليهود والنصارى بين
موسى وعيسى وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك أي نطلب غفرانك ربنا وإليك المصير أي
رجوعنا إليك فقال غفرت لك ولأمتك ثم قال سل تعط فقلت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو
أخطأنا فقال الله تعالى لك ذلك ثم سل تعط فقلت ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على
الذين من قبلنا أي لا تجعل توبة أمتي بالقتل كغيرهم وهم قوم موسى الذين عبدوا
العجل فلما أمرهم موسى بقتل أنفسهم اعتزلوا فجاءهم هارون بإثني عشر ألفا ما عبد
العجل بأيديهم السيوف ثم قال اصبروا لعن الله رجلا قام في موضعه فضربوا فيهم
بالسيف إلى السماء وكان قد أرسل الله عليهم سحابة حتى لا يعرف الوالد ولده فقال
موسى وهارون يا ربنا هلكت بنو إسرائيل البقية فكشف الله السحابة وسقطت السيوف من
أيديهم فانكشف الحال عن سبعين ألف قيل فقال غفرت للقاتل وتبت على القتيل فعلى هذا
يكون قوله تعالى لقوم موسى فاقتلوا أنفسكم أي استسلموا للقتل وقال الله تعالى
لمحمد اجعل توبة أمتك الندامة سل تعط فقلت واعف عنا واغفر لنا وارحمنا الآية قال
لك ذلك أن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين هذا متعلق بالصبر على الكافرين
وإنما دعا بثلاث دعوات لأن الله تعالى عذب أمما واحدة بالخسف وهو قارون وقومه
وواحدة بالمسخ وهم قوم داود وواحدة أمطر عليهم الحجارة وهم قوم لوط فالعفو عن
الخسف قال الله تعالى لا أخسف بأبدان أمتك بل أخسف ذنوبكم حتى لا تراها الملائكة
والرحمة عن الحجارة قال الله تعالى مطري عليهم الرحمة بفضلي دون الحجارة والمغفرة
عن المسخ قال الله تعالى أمسخ ذنوبهم فأجعل السيئة لأبدانهم قالت عائشة رضي الله
عنها يا نبي الله كم جرى بينك وبين الله كلمة قال إثنا عشر ألف كلمة في شأن أمتي
فأجابني إلى ما سألت قال ابن عباس في قوله تعالى فأوحى إلى عبده ما أوحى قال يا محمد
عبدتنا في الخلوة فاشفع لأمتك في الجلوة وقيل أوحى الله إليه أنهم يطيعوني ويعصوني
فطاعتهم برضائي ومعصيتهم بقضائي فما كان برضائي أقبله وما كان بقضائي أغفره قال
ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لي ولمن شهد بالبلاغ والرسالة
وارحمني وارحم من شهد لي بالبلاغ ولك بالتوحيد.دون إبراهيم وهو أعلى مقاما قيل لأن
إبراهيم مقامه مقام التفويض والتسليم ألا تراه لما قال له جبريل ألك حاجة قال أما
إليك فلا قال سل ربك قال حسبي من سؤالي علمه بحالي فإن قيل مقام إبراهيم في السماء
السابعة وموسى في السادسة فالجواب مقام إبراهيم في السماء السابعة لكنه نزل
لملاقاة النبي إلى السادسة وموسى في السادسة لكنه مشى في خدمته إلى السابعة قال
العلائي وغيره قال الله تعالى بعد أن خفف الصلوات آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه
فقلت بل آمنت بك والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق قال حمزة لا
يفرق بين أحد من رسله بالياء المثناة من تحتها بالبناء للمفعول قراءة شاذة بين أحد
من رسله كما فرقت اليهود والنصارى بين موسى وعيسى وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك أي
نطلب غفرانك ربنا وإليك المصير أي رجوعنا إليك فقال غفرت لك ولأمتك ثم قال سل تعط فقلت
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا فقال الله تعالى لك ذلك ثم سل تعط فقلت ولا
تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا أي لا تجعل توبة أمتي بالقتل كغيرهم
وهم قوم موسى الذين عبدوا العجل فلما أمرهم موسى بقتل أنفسهم اعتزلوا فجاءهم هارون
بإثني عشر ألفا ما عبد العجل بأيديهم السيوف ثم قال اصبروا لعن الله رجلا قام في
موضعه فضربوا فيهم بالسيف إلى السماء وكان قد أرسل الله عليهم سحابة حتى لا يعرف
الوالد ولده فقال موسى وهارون يا ربنا هلكت بنو إسرائيل البقية فكشف الله السحابة
وسقطت السيوف من أيديهم فانكشف الحال عن سبعين ألف قيل فقال غفرت للقاتل وتبت على
القتيل فعلى هذا يكون قوله تعالى لقوم موسى فاقتلوا أنفسكم أي استسلموا للقتل وقال
الله تعالى لمحمد اجعل توبة أمتك الندامة سل تعط فقلت واعف عنا واغفر لنا وارحمنا
الآية قال لك ذلك أن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين هذا متعلق بالصبر على
الكافرين وإنما دعا بثلاث دعوات لأن الله تعالى عذب أمما واحدة بالخسف وهو قارون
وقومه وواحدة بالمسخ وهم قوم داود وواحدة أمطر عليهم الحجارة وهم قوم لوط فالعفو
عن الخسف قال الله تعالى لا أخسف بأبدان أمتك بل أخسف ذنوبكم حتى لا تراها الملائكة
والرحمة عن الحجارة قال الله تعالى مطري عليهم الرحمة بفضلي دون الحجارة والمغفرة
عن المسخ قال الله تعالى أمسخ ذنوبهم فأجعل السيئة لأبدانهم قالت عائشة رضي الله
عنها يا نبي الله كم جرى بينك وبين الله كلمة قال إثنا عشر ألف كلمة في شأن أمتي
فأجابني إلى ما سألت قال ابن عباس في قوله تعالى فأوحى إلى عبده ما أوحى قال يا
محمد عبدتنا في الخلوة فاشفع لأمتك في الجلوة وقيل أوحى الله إليه أنهم يطيعوني
ويعصوني فطاعتهم برضائي ومعصيتهم بقضائي فما كان برضائي أقبله وما كان بقضائي
أغفره قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لي ولمن شهد بالبلاغ
والرسالة وارحمني وارحم من شهد لي بالبلاغ ولك بالتوحيد.
ورأيت
في كتاب النصيحة للغزالي رضي الله عنه قال موسى عليه السلام يا رب أرني وليا من
أوليائك قال بينك وبينه أمد بعيد قال يا رب لا أبالي إذا كنت لي وكل بعيد عليك
قريب فخطى موسى ثلاث خطوات فقال الله تعالى يا موسى هذه مائة عام قال يا رب وأين
ذلك الولي قال في وسط البحر الأسود أي بحر الظلمات فسار إليه فإذا هو برجل نائم في
الماء والموج يخرج من بين رجليه وهو يقول يا حنان يا منان أقل عثرتي وارحم غربتي
فقال موسى السلام عليك يا ولي الله فلم يرد عليه فأوحى الله إليه يا موسى قلبه
عندي فسلم عليه مرة أخرى فقال السلام عليك يا ولي الله فقال وعليك السلام يا كليم
الله قال من أخبرك بأني كليم الله قال الذي أخبرك أني ولي الله قال كم لك ههنا قال
لي ههنا أناديه ثمانين عاما يا حنان يا منان فما رأيت منه جوابا قال أتريد أن أكون
سفيرا بينك وبينه قال نعم قال موسى يا رب ماذا أرد على عبدك من الجواب قال يا موسى
قل له ويل لك ولجميع الخلق إن لم أتغمدهم برحمتي وقال النبي صلى الله عليه وسلم
أكثروا من قول لا إله إلا الله والاستغفار فإنهما أمان في الدنيا من الذل وفي
الآخرة ستر من النار وعن النبي صلى الله عليه وسلم شعار أمتي على الصراط لا إله
إلا الله في الخبر يقول الله تعالى لإسرافيل عليه السلام إذا سمعت أحدا يقول لا
إله إلا الله فأخر النفخة إكراما لقائلها أربعين سنة وقال ابن عباس سألت النبي صلى
الله عليه وسلم متى ينفخ في الصور فقال سألت جبريل متى ينفخ في الصور فقال إن الله
تعالى خلق ملكا يوم خلق السموات والأرض وأمره أن يقول لا إله إلا الله فهو يقولها
مادا بها صوته لا يقطعها ولا تنفس فيها ولا يتمها فإذا أمر إسرافيل أن ينفخ في
الصور قال العبد لا إله إلا الله خرجت الحجب حتى تقف بين يدي الله وتطلب لقائلها
المغفرة فيقول الله أني لم أجرك على لسانه إلا من بعد أن سبقت إرادتي له بالمغفرة
وقال العلائي رحمه الله تعالى قال النبي صلى الله عليه وسلم قال لي ربي ارجع إلى
قومك فبلغهم عني إذ حال بيني وبينه حجاب من نار يلتهب التهابا لا يعلم كثافته إلا
الله تعالى ودلاني الرفرف الأخضر الذي كنت عليه وجعل يخفضني ويرفعني فأهوى بي إلى
جبريل وارتفع الرفرف الأخضر الذي كنت عليه حتى غاب عني قال جبريل يا محمد أبشر
فأنت خيرة الله من خلقه وصفوته من البشر ولقد قربك الرحمن من عرشه مكانا لم يصل إليه
أحد من أهل السموات والأرضين فهناك الله بكرامته فحمدت الله على ما أكرمني الله به
ثم قال انطلق يا محمد إلى الجنة حتى أريك ما لك فيه فتعرف ما لك وإلى ما يكون
معادك بعد الموت فتزداد بذلك في الدنيا زهدا إلى زهدك ورغبة في الآخرة إلى رغبتك
فسرت معه فسار بي أسرع من السهم حتى وصلنا إلى الجنة بإذن الله تعالى فأقبل رضوان
خازن الجنان وخلفه قبائل مع كل واحد ألف ألف ملك رافعي أجنحتهم ورءوسهم يشيرون إلي
بالأصابع ويقولون لقد أكرم الله هذا النبي الأمي مرحبا بك يا جبريل وبمن معك في
رواية أقبل رضوان ومعه ملائكة الحجب وجوههم كالقمر ليلة البدر ويفوح ريح المسك من
ثيابهم مكللون بتيجان من نور فقلت ما أحسن هؤلاء فقال والذي بعثك بالحق إن أمتك
إذا اتقوا وسلموا من الدنيا كانوا في الجنة أحسن منهم فلما دخلتها هدأت نفسي وذهب
روعي فما تركت فيها مكانا إلا رأيته فرأيت قصورا من الدر والياقوت والأشجار من ذهب
وقضبانها من اللؤلؤ وعرقها من فضة راسخة في المسك ورأيت شجرة ساقها في كثافة لا
يعلمها إلا الله تعالى وأغصانها أكثر من نبات الأرض والورقة الواحدة تغطي الدنيا
وعليها من أصناف الخير ضروب شتى فقلت يا جبريل ما هذه الشجرة قال لك ولأزواجك وأولادك
وكثير من أمتك وتحت هذه الشجرة ملك كبير وعش عظيم ثم رأيت نهرا يخرج من أصلها أشد
بياضا من الثلج وأحلى من العسل على رضراض من در وياقوت ومسك أبيض فقال جبريل هذا
الكوثر الذي أعطاك ربك وهو التسنيم يخرج من تحت العرش إلى دورهم وقصورهم ثم سار بي
إلى شجرة أخرى فإذا أوراقها حلل طرائف من ثياب الجنة وأبيض وأحمر وأخضر وأصفر
وثمارها أمثال القلال في ألوان شتى فقلت يا جبريل ما هذه الشجرة فقال هذه ذكرها
الله تعالى في القرآن بقوله تعالى الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب
وهي لك ولكثير من أمتك ولك فيها حسن مقيل
ونعيم
ثم طاف بي في الجنة فإذا بقصر من ياقوتة حمراء في جوفه سبعون ألف قصر في كل قصر
سبعون ألف دارا في كل دار سبعون ألف بيت في كل بيت سبعون ألف خيمة من درة بيضاء
لها أربعة آلاف باب يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها في جوفها سرير من ذهب
لذلك شعاع كشعاع الشمس وهي مكللة بالدر والجوهر وعليها فرش من سندس فوق تلك الفرش
حلى كثير لا أطيق وصفه في كل قصر دار ونبت فيها شجر كثير مكلل سوقهن بالذهب
وأغصانها بالجوهر وثمرها مثل القلال في كل خيمة منها الأزواج من الحور العين لو
دلت واحدة منهن كفها من السماء لأذهب ضوء كفها ضوء الشمس فكيف بوجهها ولكل واحدة
منهن سبعون ألف غلام وهم خدمها سوى خدم زوجها كل ذلك مفرغ منه ينتظر صاحبته ثم
خرجت من الجنة فمررنا في السموات منحدرين من سماء إلى سماء فرأيت آدم ونوحا
وإبراهيم وعيسى فسلمت عليهم فتلقوني بالتحية وقالوا ما صنعت يا نبي الرحمة فأخبرتهم
ففرحوا بذلك وحمدوا الله تعالى وسألوه لي المزيد ثم خرجت مع جبريل لا يفوتني ولا
أفوته حتى دلاني في مكاني من الأرض الذي حملني منه وأرانى من ذلك عجائب الأرض وما
خلق الله فيها وكل ذلك في ليلة واحدة فأنا سيد ولد آدم ولا فخر. فقال الزركشي
معناه ولا فخر أتم من هذا الفخر فأخبرت بذلك قومي فكذبوني غير أبي بكر الصديق رضي
الله عنه قال في مجمع الأحباب الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم بعين رأسه ورآه
أبو بكر رضي الله عنه بعين قلبه فكان أول من صدق قال شرف الدين عيسى السهرورى رحمه
الله لما ركب النبي صلى الله عليه وسلم الرفرف من النور الأزهر تقدم هو وجبريل
تأخر فزج في الأنوار فرفعت له الأستار وسمع كلام الجبار يا عروس المملكة يا تاج
منصة الوجود يا شمس الهداية والسعود أنت أكرم الناس علينا ما تريد فمنك السؤال
ومنا العطاء وما على عطائنا مزيد فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما الذي أسأل وقد
أسجدت لآدم الملائكة واصطفيته وزوجته حواء في الجنة أسكنته فجاءه الخطاب يا محمد
لولا ما أشرق عليه نورك الذي تقادم ما قلنا للملائكة اسجدوا لآدم قال إلهي ما الذي
أطلب وقد جعلت إدريس نبيا ورفعته مكانا عليا فجاءه الخطاب بالجواب إنما رفع إدريس
إلى السماء لينظر إليك ويسير في هذه الليلة بين يديك قال إلهي ما الذي أطلب وقد
استجبت دعوة نوح على أهل الطغيان ونجيته في السفينة من الطوفان فقال لولا أنه أقسم
علينا بجاهك ما نجا هو ومن معه من المهالك سل تعط قال إلهي ما الذي أطلب وقد
اصطفيت إبراهيم خليلا وجعلت النار عليه بردا وسلاما وفديت إبنه بذبح عظيم فجاء
النداء يا أعز المخلوقات ويا أشرف الموجودات لولا ما أشرق عليهم من نور وجهك
الكريم ما نجا إبراهيم من نار النمروذ ولا فدى إبنه بذبح عظيم ادع نجب قال يا سيدي
وما الذي أدعو وقد جعلت موسى كليما وكرمته تكريما فجاء النداء يا أكرم من تمنى يا
صاحب قاب قوسين أو أدني موسى هدى في السير بالنار وخوطب على جبل ذي أحجار وأنت
خوطبت على بساط الأنوار في حضرة الملك الغفار قل نسمع قال إلهي ما الذي أقول وقد
ألنت الحديد لداود وسيرت معه الحبال وأعطيت سليمان ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فجاءه
النداء يا أعلى موجود سيسير معك جبال النصر والرعب في الوجود وألين لك قلوبا
كالجمود وأخصك يوم القيامة بالمقام المحمود سل تعط فقال إلهي ما الذي أسألك وقد
أيدت عيسى بروح القدس وأظهرت له المعجزات يبرئ الأكمة والأبرص ويحي الموتى بإذنك
فجاءه النداء أنت أي طبيب بك تداوى أمراض الذنوب وتحيا بك أموات القلوب وقال يا رب
فاقبل شفاعتي في عصاة أمتي فجاءه الخطاب يا أعز الأحباب وعزتي وجلالي إن عصوني
سترتهم وإن استغفروني غفرت لهم وإن استنصروني نصرتهم وإن دعوني أجبتهم ولأسامحنهم
بما مضى ولأجودن عليهم بالرضا قال العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم سألت ربي
ليلة المعراج مسألة وعدت أني لم أسأله عنها قلت يا رب أعطيت آدم الجنة قال أعطيته
الجنة ثم عزلته عنها وأعطيتك وأمتك الجنة ولا أعزلكم عنها قلت أعطيت لنوح السفينة
قال جعلت لك ولأمتك الأرض مسجدا وطهورا قلت سيرت النار بردا وسلاما على إبراهيم
قال كذلك اجعلها على أمتك قلت أعطيت إسماعيل زمزم قال أعطيتك الكوثر قلت جعلت له
الفداء قال جعلت فداء أمتك من النار اليهود والنصارى قلت كلمت موسى على جبل
الطور
قال كلمتك على بساط النور قلت أعطت المائدة لعيسى قال لك مائدة الكرامة يوم
القيامة قلت أعطيت داود الزبور قال أعطيتك سورة الأنعام قلت نجيت يونس من ظلمات
ثلاث قال كذلك أنجي أمتك من ظلمة القبر وظلمة القيامة وظلمة الصراط.كلمتك على بساط
النور قلت أعطت المائدة لعيسى قال لك مائدة الكرامة يوم القيامة قلت أعطيت داود
الزبور قال أعطيتك سورة الأنعام قلت نجيت يونس من ظلمات ثلاث قال كذلك أنجي أمتك
من ظلمة القبر وظلمة القيامة وظلمة الصراط.
فائدة:
متّى اسم أبي يونس عليه السلام في جامع الأصول متى اسم أمه أرسله الله إلى أهل
موصل قيل كانت نبوته بعد خروجه من بطن الحوت حكاه البرماوي في شرح البخاري قال في
العرائس لم ينسب إلى أمه غير عيسى ويونس عليهما الصلاة والسلام في الصحيح لا ينبغي
لعبد أن يقول أنه خير من يونس ابن متى وفي حديث آخر لا تفضلوني على يونس ابن متى
قيل قاله قبل أن يعلم أنه أفضل منه فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا سيد
ولد آدم يوم القيامة بيدي لواء الحمد في رواية لواء الكرم وما من نبي يومئذ آدم
فمن دونه إلا تحت لوائي وأنا أول من تنشق عنه الأرض وأول شافع وأول مشفع ولا فخر
وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيدخلها معي فقراء المهاجرين وأنا أكرم الأولين
والآخرين وقال أنس رضي الله عنه ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه وحسن الصوت وكان
نبيكم صلى الله عليه وسلم أحسنهم وجها وأحسنهم صوتا وقيل تواضعا فقد كان صلى الله
عليه وسلم يفلي ثوبه ويحلب شاته ويرقع ثوبه ويخدم أهله ويخسف نعله ويخدم نفسه ويقم
البيت ويعقل البعير ويعلفه ويأكل مع الخادم ويعجن معها ويحمل بضاعته من السوق
وتقدم في باب الأمانة أنه صلى الله عليه وسلم قال صاحب الشيء أحق بشيئه وقيل إنما
قاله زجرا عن توهم حط رتبة يونس لما في القرآن ولا تكن كصاحب الحوت فلهنا هو السبب
في ذكره دون غيره من الأنبياء قال مؤلفه رحمه الله في الشفاء لا تخيروني على موسى
فدعوى الاقتصار على ذكر يونس مردود وقيل للشيخ عبد القادر الكيلاني أن فلانا يزعم
أنه وصل إلى ما وصل إليه يونس ابن متى فضرب وسادته بالأرض وقال أصبت فذهبوا إليه
فإذا هو قد مات قال النبي صلى الله عليه وسلم قلت يا رب جعلت للخضر عين الحياة
وسيأتي في مناقب الخضر عليه السلام في باب فضل الأمة المرحومة قال قد جعلت لك
سلسبيلا قلت أعطيت موسى التوراة قال قد أعطيتك آية الكرسي من كنز عرشي قال محمد
ابن الحنفية وإسم أمه خولة وأبوه علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما نزلت آية
الكرسي خر كل صنم على وجهه وسقطت التيجان عن رءوسها وهربت الشياطين فاجتمعوا إلى
إبليس وأخبروه بذلك وقالوا حدث أمر فأمرهم أن يبحثوا عن ذلك فأتوا المدينة فبلغهم
أن آية الكرسي نزلت وتقدم في فضائلها زيادة قال النبي صلى الله عليه وسلم قلت يا
رب أعطيت عيسى الإنجيل قال جعلت لك سورة الإخلاص... فائدة: عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال خلق الله من النور مسكا فكتب به سورة يونس وخلق خمسين ألف جناح فلم تمر
في سماء إلا خضعت لها سكانها وسجدوا لها فمن تعلم سورة يونس وعرف حقها كان في
الدرجة العليا وقوله صلى الله عليه وسلم خلق الله أي خلق الله لثوابها وعن أبي بكر
الصديق رضي الله عنه يس تدعى في التوراة المعدة قيل ما المعدة قال تعم صاحبها بخير
الدنيا والآخرة من قرأها عدلت له عشرين حجة ومن سمعها عدلت له ألف دينار في سبيل
الله ومن كتبها وشربها دخل جوفه ألف دواء ذكره في تحفة الحبيب وفي تفسير القرطبي
من قرأها نهارا كفى همه ومن قرأها ليلا غفر ذنبه ومن قرأها نهارا لم يزل في فرح
حتى يمسي ومن قرأها ليلا لم يزل في فرح حتى يصبح وعن النبي صلى الله عليه وسلم
يرفع القرآن عن أهل الجنة فلا يقرءون شيئا إلا طه ويس نعم في الحديث يقال لصاحب
القرآن إذا دخل الجنة إقرأ واصعد درجة فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء
معه في كتاب البركة من قرأ يس أربع مرات متتاليات من غير أن يتكلم بشيء ثم يقول
سبحان المنفس على كل مديون سبحان المفرج على كل محزون سبحان من أمره بين الكاف
والنون سبحان من إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون يا مفرج الهموم يا حي يا قيوم
صل وسلم على سيدنا محمد وآله واقض حاجتي ويسميها فإنها تقضى بإذن الله تعالى وهو
مجرب ثم قال صلى الله عليه وسلم وخلق الله بعد ذلك درة بيضاء وخلق منها عنبر أشهب
ثم كتب له آية الكرسي فمن تعلمها وعرف حقها دخل من أي أبواب الجنة وله بكل حرف
مدينة في الجنة وكتب له بكل حرف حجة وعمرة وخلق بعد ذلك لؤلؤة خضراء منها كافور
أبيض ثم كتب به قل هو الله أحد وقال هذا اسمي فلم تمر في سماء إلا خضعت سكانها فمن
تعلمها وعرف حقها كان يوم القيامة في عداد الأنبياء والشهداء وله بكل حرف أربعون
مدينة في الجنة وله بكل حرف ألف نور وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من
قرأ قل هو الله أحد اثنتي عشرة مرة فكأنما قرأ القرآن أربع مرات وكان من أفضل أهل
الأرض وقال النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ قل هو الله أحد في مرضه الذي يموت فيه
لم يفتن في قبره وأمن من ضغطة القبر وتحمله الملائكة بأكفها يوم القيامة حتى تجيزه
على الصراط إلى الجنة وفي كتاب البركة عن النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ قل هو
الله أحد حين يأوى إلى فراشه ثلاث مرات وكل الله به سبعين ألف ملك يحفظونه إلى
الصباح رواه الطبراني قال النيسابوري قدم قوم من نجران بالجيم على النبي صلى الله
عليه وسلم قالوا أيا محمد صف لنا ربك هل هو من زبرجد أو ياقوت فقال إن ربي ليس من
شيء لأنه خلق الأشياء فنزلت هذه الآية قل هو الله أحد فقالوا واحد وأنت واحد فقال
ليس كمثله شيء قالوا زدنا قال الله الصمد قالوا وما الصمد قال الذي تصمد إليه
الخلق في طلب حوائجهم قالوا زدنا قال لم يلد كما ولدت مريم عيسى عليه السلام وفي
كتاب البركة عن النبي صلى الله عليه وسلم من ولد له مولود فسماه محمدا حبا لي
وتبركا بإسمي كان هو ومولوده في الجنة وما قعد قوم على طعام حلال فيه رجل إسمه
إسمي إلا تضاعفت فيه البركة وعن أبي بن كعب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال من قرأ المعوذتين فكأنما قرأ جميع ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه
وسلم وعن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم استكثروا من المعوذتين ينفعكم
الله بهما في الآخرة المعوذتين ينوران القبر ويطردان الشيطان ويزيدان في الحسنات
ويثقلان الميزان ويدلان صاحبهما إلى الجنة قال في العقائق كان المسافة من مكة إلى
المقام الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيه بالصلوات الخمس ويوحي الله تعالى
إليه فيه ما أوحى ثلثمائة ألف سنة وقيل خمسين ألف سنة وقيل بل في ليلة واحدة كهذه
الليالي وقيل أقل منها والله تعالى على ما يشاء قدير فلما رجع النبي صلى الله عليه
وسلم وجد فراشه لم يبرد من أثر النوم وقيل أن غصن شجرة أصابه بعمامته في ذهابه
فلما رجع وجده بعد يتحرك ورأى ركبا من قريش في طريقه فلما أخبر قومه بالمعراج
سألوه عن الركب فقال مررت على عير بني فلان وقد ضل لهم بعير وهي يطلبونه فدللتهم
عليه في رحلهم قدح فيه ماء فأخذته وشربته ثم وضعته مكانه فسألوهم هل وجدوا الماء
ثم قالوا أخبرنا عن عيرنا متى تجيء قال تطلع عليكم عند غروب الشمس فخرجوا
ينتظرونها فلما كادت الشمس تغرب حبسها الله تعالى فغربت الشمس مع العير فقال رجل
هذه العير وقال آخر هذه الشمس ثم سألوه عن بيت المقدس فجلاه الله تعالى له حتى صار
ينظر إليه فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به فارتد كثير من الناس فذلك قوله تعالى
وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ثم ذهب جماعة إلى أبي بكر الصديق رضي
الله عنه فقالوا إن صاحبك يزعم أنه جاء في هذه الليلة من مكة إلى بيت المقدس فقال
إنكم تكذبون عليه فقالوا إنه في المسجد يحدث الناس فقال والله لئن قال ذلك لقد صدق
فوالله إنه ليخبرني بالخبر يأتي إليه من السماء إلى الأرض في ساعة واحدة من ليل أو
نهار فأصدقه فهذا أبعد مما تعجبون به فجاءه أبو بكر رضي الله عنه قال فقال يا رسول
الله قال هؤلاء إنك جئت من بيت المقدس هذه الليلة قال نعم قال فصفه لي فإني رأيته
فوصفه فقال أبو بكر صدقت أشهد أنك رسول الله وسيأتي أن الذي رآه النبي صلى الله
عليه وسلم بعين رأسه رآه أبو بكر بعين قلبه فإن قيل موسى عليه السلام تبرقع عند
عوده من المناجاة ومحمد صلى الله عليه وسلم ما فعل ذلك لما رجع من المعراج فما
الحكمة في ذلك فالجواب من وجوه الأول أن موسى رجع عليه أثر الرد بقوله لن تراني
قال بعضهم لما قال موسى رب أرني أنظر إليك وجد مكتوبا على صخرة ولا تقربوا مال
اليتيم إلا بالتي هي أحسن والإشارة في ذلك أن الرؤية حق ليتيم أبي طالب وخجل الرد
يعمي ومحمد صلى الله عليه وسلم رجع وعليه أثر القبول وهو يقوي البصر الثاني كما
منعه الله تعالى من النظر إليه كذلك منع قومه من النظر إليه الثالث أن موسى غشي
وجهه نور لم يغشه قبل ذلك ومحمد صلى الله عليه وسلم منور في كل الأحوال قال أبو
هريرة رضي الله عنه كانت الشمس في إحدى وجنتيه والقمر في الأخرى الرابع نور موسى
عليه السلام كان على وجهه فكل من رآه عمى ونور محمد صلى الله عليه وسلم في
قلبه
فكل من رآه بنور قلبه اهتدى الخامس أراد الله تعالى أن يعنف أمة موسى لما قالوا أرنا
الله فكأنه قال تعالى هذا موسى رأى بعض آياتنا فلم تستطيعوا أنتم النظر إليه فكيف
تريدون أنتم النظر إلى الخالق وقيل لا رجع موسى من المناجاة رجع والبرقع على وجهه
فقالت له زوجته اكشف عن وجهك فكشف لها عن وجهه فعميت فدعا لها فرد الله بصرها وكذا
سبع مرات وما قالت تبت عن قولي لك اكشف عن وجهك فلما كان بعد السابعة وهبها قوة
بصرها فثبت على رؤية نور موسى عليه السلام فلما طلب الرؤية من الله تعالى وخر صعقا
قال تبت قيل له ارجع وتعلم صدق الطلب من زوجتك حيث اختارت العمى سبع مرات وهي ترجع
وأنت في مرة واحدة تقول تبت إليك السادس أن الله تعالى تجلى لموسى بالجلال وهو
يدهش وتجلى لمحمد صلى الله عليه وسلم بالجمال وهو ينعش قال الشيخ عز الدين بن عبد
السلام في القواعد أن المحبة الناشئة عن معرفة الجمال أفضل من المحبة الناشئة عن
الإنعام وعن الأفضال لأن محبة الجمال نشأت عن جمال الله تعالى ومحبة الإنعام
والأفضال نشأت عما صدر من فضله ونعمه والتعظيم والإجلال أفضل من الكل وقال
البلقيني في الفوائد على القواعد وهذا يقتضي أن مقام الجلال أفضل من مقام الجمال
والذي اختاره شيخنا أن مقام الجمال أفضل لأنه مقام النبي ليلة المعراج ومقام
الجلال مقام موسى لما تجلى ربه للجبل ومقام نبينا أفضل والله أعلم وقد أجاد
القائل: شعر: فكل من رآه بنور قلبه اهتدى الخامس أراد الله تعالى أن يعنف أمة موسى
لما قالوا أرنا الله فكأنه قال تعالى هذا موسى رأى بعض آياتنا فلم تستطيعوا أنتم
النظر إليه فكيف تريدون أنتم النظر إلى الخالق وقيل لا رجع موسى من المناجاة رجع
والبرقع على وجهه فقالت له زوجته اكشف عن وجهك فكشف لها عن وجهه فعميت فدعا لها
فرد الله بصرها وكذا سبع مرات وما قالت تبت عن قولي لك اكشف عن وجهك فلما كان بعد
السابعة وهبها قوة بصرها فثبت على رؤية نور موسى عليه السلام فلما طلب الرؤية من
الله تعالى وخر صعقا قال تبت قيل له ارجع وتعلم صدق الطلب من زوجتك حيث اختارت
العمى سبع مرات وهي ترجع وأنت في مرة واحدة تقول تبت إليك السادس أن الله تعالى
تجلى لموسى بالجلال وهو يدهش وتجلى لمحمد صلى الله عليه وسلم بالجمال وهو ينعش قال
الشيخ عز الدين بن عبد السلام في القواعد أن المحبة الناشئة عن معرفة الجمال أفضل
من المحبة الناشئة عن الإنعام وعن الأفضال لأن محبة الجمال نشأت عن جمال الله
تعالى ومحبة الإنعام والأفضال نشأت عما صدر من فضله ونعمه والتعظيم والإجلال أفضل
من الكل وقال البلقيني في الفوائد على القواعد وهذا يقتضي أن مقام الجلال أفضل من
مقام الجمال والذي اختاره شيخنا أن مقام الجمال أفضل لأنه مقام النبي ليلة المعراج
ومقام الجلال مقام موسى لما تجلى ربه للجبل ومقام نبينا أفضل والله أعلم وقد أجاد
القائل: شعر:
محمد
العربي الهاشمي رسو ... ل الله خير البرايا شافع الأمم
الزاهد
العابد القوام في الظلم ... حتى اشتكت قدماه الضر من ورم
هذا
الذي أشرقت أنوار غرته ... كأنما في الدجى من أوفر القسم
بالروح
والحسم أسرى في الظلام به ... وليس ينكر سير البدر في الظلم
على
البراق إلى السبع الطياق رقى ... قد رأى الله رؤيا غير متهم
من
ذا الذي قد دنا من نحو خالقه ... كقاب قوسين أو أدنى ولم يضم
سوى
الحبيب الشفيع السيد السند ... البر الرؤف الحليم العالم العلم
خير
الملائكة الأشراف بين يدي ... خير البرية يمشي وهو محتشم
الله
أرسله للعالمين هدى ... ورحمة وكذا في يوم حشرهم
في يوم
لا والد يغنى ولا ولد ... وكلهم خائف من زلة القدم
هناك
غير رسول الله أحمد في ... مقامه ذلك المحمود لم يقم
يقال
يسمع فقل واطلب مناك تنل ... واشفع تشفع وقل ما شئت واحتكم
لولاك
ما كان لا عرش ولا فلك ... يا من غدا رحمة للناس كلهم
هذا
المقام الذي ما ناله أحد ... سوى محمد المبعوث بالحكم
يا
سيد الرسل يا كنز العفاف ويا ... ذخرة العصا غدا يا عالي الهمم
كن
منقذي ومغيثي أنت معتمدى ... وغير بابك للحاجات لم يرم
صلى
عليك إله العرش ما طلعت ... شمس النهار ولاحت أنجم الظلم
فنسأل
اللهم بجاه هذا النبي الكريم وبما كان بينك وبينه ليلة الحلوة والحلوة والتقريب
والتعظيم أن تغفر لنا كل ذنب عظيم وتنظر إلينا بعين رحمتك يا رحيم وارزقنا شفاعته
بفضلك وعلمك ورضاك يا أرحم الراحمين يا رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى
آله وصحبه وسلم.
باب
وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
الحمد
لله في العزة والإجلال والعظمة والبهاء والجمال والهيبة والسلطان والكمال الأزلي
بلا زوال الأبدي الباقي بلا انتقال المقدس عن النظير والشبيه والمثال المنزه عن
الفوق والتحت واليمن والشمال الغالب في حكمه بلا نزاع ولا جدال القدير الذي قدر
الأرزاق والآجال العادل في حكمه بالموت بين الدون والعال والصغير والكبير والسادة
والموالى ولو فدى منه أحد لفدى محمدا العالي سوى بين الغني والفقير والشريف
والحقير على التفصيل والإجمال فالفوز لمن رضي بحكمه وسلم له الفعال والزلفى لمن
شكره في سائر الأحوال لأن الموت رحلة من دار الهوان والأهوال إلى دار السلامة
والكرامة والنوال دار عيشها هنيء وطعامها مريء طيبة الظلال دار صفوها بلا كدر ولا
نوم فيها ولا ضجر غرفها عوال دار ترابها الزعفران وحصباؤها اللؤلؤ والمرجان لا قيل
فيها ولا قال دار لا تعب فيها ولا نصب ولا هم ولا غم ولا نصب وبنيانها من فضة وذهب
وحورها يرفلن في حجال أنهارها جارية وثمارها ثانية وقصورها عالية ونعيمها لم يخطر
على بال أهلها من مروج الصندل يضحكون وفي رياض العنبر يتبخترون أخوانا على أرائك
الياقوت إقبال وأفضل ذا وذا كشف الحجاب عن وجه في الحلال أخي فلا من الموت تجزع
ولا في البقاء تطمع فلنا أسوة بمن مضى ومثال فما ثم إلا التفويض والتضرع والإبتهال
أحمده على بره المتوال وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنجينا
جميعا من الاضلال والأهوال ونستعين بها جميعا تحت التراب في الجواب عند السؤال
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ومحو الضلال بالغدو والآصال
قال الله تعالى وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل الآية قال القشيري في
تفسيره والسلمي في حقائقه سقمت البصائر عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلا رجل
واحد وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه فإن الله تعالى أيده بقوة السكينة فقال من
كان يعبد محمد فإن محمدا قد مات فصار الكل مقهورين تحت سلطان ملته لما بسط الله
عليه من نور جلالته كالشمس بطلوعها يندرج فيها شعاع أنوار الكواكب قال القشيري
وإنما قال أفإن مات أو قتل لأنه مات وقتل أيضا بالسم الذي أكله يوم خيبر من الشاة
المسمومة قال الرازي بين الله تعالى آيات كثيرة أن محمدا صلى الله عليه وسلم لا
يقتل قال تعالى إنك ميت وقال تعالى والله يعصمك من الناس والمقصود من الآية أن
اتباع الرسل المتقدمين ما تغيروا عن دينهم بعد موت أنبيائهم فكذلك كونوا أنتم
مثلهم قال الله تعالى وكأين من نجبي قاتل معه ربيون كثير أي قتل معه جماعات كثيرة
فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله أي خافوا وما ضعفوا أي ما ضعفت قلوبهم وما
استكانوا أي ما أظهروا البدع والآية نزلت في غزوة أحد قال القرطبي عرف الناس موت
محمد لما قرأ أبو بكر وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل الآية ودلت على
شجاعته رضي الله عنه ولما مات أظلم من المدينة كل شيء ولما دخل على المدينة أضاء
منها كل شيء قال البغوي في تفسيره عن الحسن علم النبي صلى الله عليه وسلم اقتراب
أجله بقوله تعالى إذا جاء نصر الله والفتح قال قتادة عاش بعدها عامين قال في روض
الأفكار ما ضحك فيهما وهذه السورة تسمى سورة التوديع قال ابن عباس رضي الله عنهما
ولما كان قبل موته بشهر نعى إلينا نفسه الكريمة ثم جمعنا في بيت عائشة رضي الله
عنها فبكى وقال مرحبا بكم آواكم الله هداكم الله أوصيكم بتقوى الله وأوصي الله بكم
وأستحلفه عليكم أني لكم منه نذير مبين فقد دنا الأجل والمنقلب إلى الله تعالى وإلى
سدرة المنتهى وإلى جنة المأوى وكان مرضه صلى الله عليه وسلم إثنى عشر يوما أولها
يوم الخميس وآخرها يوم الإثنين قال القرطبي في آل عمران مات يوم الإثنين بلا خلاف
في الساعة التي دخل فيها المدينة حين اشتد الضحى من يوم الاثنين أيضا وهو يوم
الولادة والرسالة أيضا لكن الرسالة كانت في رمضان والولادة والوفاة في ربيع الأول
ثم خرج إلى أصحابه وقد عصب رأسه وصعد المنبر ثم قال من كنت جلدت له ظهرا أو شتمت
له عرضا فهذا ظهري وعرضي فليقتص منهما ومن أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذ منه أو
يحاللني فلقيت الله وأنا طيب النفس وأما قيام عكاشة رضي الله عنه وطلبه القصاص من
رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقضيب المشقوق فصرح ابن الجوزي وغيره بأنه
كذب
وإنما الذي طلب القصاص يوم بدر سواد بن غزية رضي الله عنه كما تقدم في باب فضل
العدل وكان أول مرضه صداعا في رأسه في أيام صحته قال أعرابي يا نبي الله أخبرني عن
الصداع فقال عروق تضرب الإنسان في رأسه فقال الرجل ما وجدت هذا فلما انصرف الرجل
قال النبي من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا رواه الإمام أحمد
ورأيت في كتاب البركة عن كعب الأحبار رضي الله عنه قال شكا نبي من الأنبياء الصداع
إلى ربه عز وجل فأمره أن يأكل الدباء باللبن وإذا أخذ من المسك وزن نصف عدسة من
مثله من الزعفران وتسعط من صداع بارد نفعه وشم المسك يقطع الرياح من سائر الجسد
وتقدم أول الكتاب زيادة في باب الدعاء قال ابن رجب لطائف كان عنده صلى الله عليه
وسلم في مرضه سبعة دنانير فأمرهم بالتصديق بها فاشتغلوا بوجعه فدعا بها وتصدق بها
ثم قال ما ظن محمد بربه لو لقى الله وعنده هذا قال ابن رجب فكيف حال من يلقى الله
بدماء المسلمين وأموالهم بغير حق ورأيت في الدر الثمين في خصائص الصادق الأمين أن
الله تعالى كلم موسى عليه السلام مائة ألف كلمة وأربعة عشر ألف كلمة يقول كل كلمة
وقتلت نفسا بغير حق مع أنه كان كافرا بخبز عجين فرعون قال وهب أوحى الله إليه يا
موسى النفس التي قتلتها لو أقرت لي طرفة عين إني خالق ورزاق لأذقتك طعم العذاب
وسبب قتله أنه اشترى حطبا وأمر رجلا من شيعة موسى أن يحمله إلى مطبخ فرعون فامتنع
من ذلك واستغاث بموسى فوكزه وكزة كان فيها أجله ثم قال ابن رجب أرسلت عائشة رضي
الله عنها بالمصباح ليلة الإثنين إلى إمرأة من الأنصار فقالت قطري لنا فيه عكة
السمن فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسى في شدة الموت وكان صلى الله عليه
وسلم يضع يده الكريمة في الماء ويمسح وجههه ويقول لا إله إلا الله إن للموت سكرات
اللهم هون على محمد سكرات الموت فقالت فاطمة رضي الله عنها واكرباه لكربك يا رسول
الله فقال لا كرب على أبيك بعد اليوم قالت عائشة رضي الله عنها فدعوت له بالشفاعة
لما أغمي عليه فلما أفاق قال لا بل إسألي الله الرفيق الأعلى مع جبريل وميكائيل
وإسرافيل ثم قال إنه ليهون علي الموت أني رأيت بياض كف عائشة في الجنة قال في ورض
الأفكار هبط جبريل وملك الموت وملك يقال له إسمائيل معه سبعون ألف ملك وذكره غيره
أن عزرائيل وقف على الباب وقال السلام عليكم يا أهل بيت النبوة أأدخل ولابد من
الدخول فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا مفرق الجماعات هذا ملك الموت ثم أذن
له في الدخول فقال أين تركت أخي جبريل قال تركه في سماء الدنيا والملائكة يعزونه
فيك وإذا بجبريل قد دخل وسلم وقال هذا الموعد يستأذن عليك ولم يستأذن على أحد قبلك
ثم قال جبريل السلام عليك يا رسول الله هذا آخر موطئي من الدنيا وإنما كنت حاجتي
من الدنيا نعم جبريل لا ينزل بالوحي إلى الدنيا بعده وأما بغيره فيزل إلى الدنيا
كليلة القدر فقال يا جبريل بشرني قال أبواب الجنة قد تفتحت بقدرة روحك قال ليس عن
هذا أسأل بشرني يا جبريل قال قد اصطفت الملائكة لملاقاة روحك قال ليس عن هذا أسأل
بشرني من لقراء القرآن من بعدي من لصوم رمضان بعدي قال أبشر فإن الجنة حرمت على
جميع الأمم حتى تدخلها أنت وأمتك فقال الآن قد طاب الموت ادن مني يا ملك الموت
فعالج روحه الطيبة فولى جبريل بوجهه فقال يا جبريل ولم تول بوجهك عني فقال ومن
يستطيع النظر إليك وأنت تعالج سكرات الموت قالت عائشة رضي الله عنها لما خرجت روحه
الطيبة ما شممت ريحا أطيب منها ثم وقعت الظلمة في المدينة حتى لا يرى بعضهم بعضا
واختلف حال الصحابة في هذه المصيبة فمنهم من أقعد ومنهم من أخرس لسانه إلى فراغ
العزاء حتى تكلم ومنهم من أضنى كالمريض حتى مات وثبت أبو بكر الصديق رضي الله عنه
كما تقدم ثم بايعه الناس بالخلافة وذلك بتوفيق الله وأول من بايعه عمر بن الخطاب
رضي الله عنه وذكر القرطبي في تفسير آل عمران أن الرافضة انقسمت إثنتي عشرة فرقة
كل فرقة في السعير فمن أراد أن يرى قبائح هذه الفرق فلينظر في تفسير القرطبي في
قوله تعالى واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ثم بايع الناس أبا بكر الصديق
رضي الله عنه وأخذوا في تجهيز النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبره الشريف الذي هو
أفضل من العرش والكرسي فغسله على بالماء البارد في ثوبه ومعه
العباس
ومعه ولده الفضل وأسامة بن زيد يصب الماء ثم كفنوه في ثلاثة أثواب بيض تحت السقف
وحول ستر ولم يخرج منه شيء كالأموات فقال علي رضي الله عنه ما أطيبك حيا وميتا يا
رسول الله ثم دخل الناس وصلوا عليه فرادى بغير إمام بعدهم النساء ثم الصبيان وقيل
أول من صل عليه ربه ثم الملائكة ثم الأنبياء ثم ألحده أبو طلحة في ليلة الأربعاء
في الموضع الذي مات فيه وقيل ليلة الثلاثاء وعمره ثلاث وستون سنة قال سفيان الثوري
رضي الله عنه من بلغ ثلاثا وستين سنة فليستعد للكفن فلما دفن صلى الله عليه وسلم
قال أبو بكر رضي الله عنه هذه الأبيات وحكاه القرطبي عن صفية عمة النبي صلى الله
عليه وسلم: ومعه ولده الفضل وأسامة بن زيد يصب الماء ثم كفنوه في ثلاثة أثواب بيض
تحت السقف وحول ستر ولم يخرج منه شيء كالأموات فقال علي رضي الله عنه ما أطيبك حيا
وميتا يا رسول الله ثم دخل الناس وصلوا عليه فرادى بغير إمام بعدهم النساء ثم
الصبيان وقيل أول من صل عليه ربه ثم الملائكة ثم الأنبياء ثم ألحده أبو طلحة في
ليلة الأربعاء في الموضع الذي مات فيه وقيل ليلة الثلاثاء وعمره ثلاث وستون سنة
قال سفيان الثوري رضي الله عنه من بلغ ثلاثا وستين سنة فليستعد للكفن فلما دفن صلى
الله عليه وسلم قال أبو بكر رضي الله عنه هذه الأبيات وحكاه القرطبي عن صفية عمة
النبي صلى الله عليه وسلم:
ألا
يا رسول الله كنت رجاءه ... كنت بنا برا ولم تك جافيا
وكنت
بنا برأ رحيما وهاديا ... ليبك عليك اليوم من كان باكيا
لعمرك
ما أبكى لخل فقدته ... ولكن لهرج بعده كان آتيا
أفاطم
صلى الله رب محمد ... على جسد أمسى بيثرب ثاويا
فما
لرسول الله أمي وأخوتي ... وعمي وآبائي ونفسي وخاليا
فلو
أن رب الناس أبقى نبينا ... سعدنا ولكن أمره كان ماضيا
عليك
من الله السلام تحية ... وأدخلت جنات من العدن راضيا
قال
القرطبي في روض الأفكار وقال عمر بن الخطاب يرثي النبي بعد وفاته: شعر:
ما
زلت منذ وضع الفراش لجنبه ... وسوي عليه خائفا أتوقع
شفقا
عليه أن يزول مكانه ... عنا فنبقى بعده نتفجع
ليت
السماء تفطرت أكنافها ... وتناثرت منها النجوم فيسمع
لما
رأيت الناس هد جميعهم ... موت ينادي بالنعي فيسمع
والناس
حول نبيهم يدعونه ... يبكون أعينهم بماء تدمع
وسمعت
صوتا قبل ذلك هدني ... عباس ينعاه بصوت يقطع
يبكيه
من أهل المدينة كلهم ... والمسلمون بكل خطب يجزع
وقال
القرطبي في آل عمران فإن قيل فلم أخر دفن النبي صلى الله عليه وسلم وهو قد أمر
بتعجيل تجهيز الميت فالجواب من وجوه الأول: أنهم اختلفوا في موته صلى الله عليه
وسلم فمنهم من أنكره حتى قال عمر رضي الله عنه من قال أن محمد قد مات ضربت عنقه
الثاني: أنهم اختلفوا في دفنه فمنهم من قال يدفن في البقيع ومنهم من قال يحبس حتى
يحمل إلى أبيه إبراهيم ومنهم من قال يدفن في المسجد فقال الصديق رضي الله عنه
سمعته صلى الله عليه وسلم يقول ما دفن نبي إلا حيث يموت الثالث: أن الأنصار
والمهاجرين اختلفوا في الخلافة فلما وفق الله الفريقين لتولية أبي بكر رضي الله
عنه وبايعوه قاموا إلى تجهيزه صلى الله عليه وسلم كما تقدم ثم بايع الناس أبا بكر
رضي الله عنه بيعة أخرى من الغد وكشف الله به الكربة من أهل الردة وأقام به الدين
والحمد لله رب العالمين والبيعتان قبل دفنه صلى الله عليه وسلم فنسأل الله العظيم
بجاهه على ربه أن يجمع بيننا وبينه في الدار الآخرة في عافية بلا محنة ورأيت في
السبعيات للهمداني قال أنس رضي الله عنه مررت بباب عائشة رضي الله عنها فسمعتها
تقول في بكائها يا من لم يلبس الحرير ويا من لم ينم على فراش وثير ويا من لم يشبع
من خبز الشعير يا من اختار الحصير على السرير يا من لم ينم الليل خوف السعير ثم
حكى عن معاذ رضي الله عنه أنه قال كنت ليلة نائما باليمن لما وجهني رسول الله صلى
الله عليه وسلم أعلم أهله الإسلام فرأيت قائلا يا معاذ أتنام ورسول الله صلى الله
عليه وسلم بين أطباق التراب فاستيقظت مرعوبا ثم نمت فرأيت كذلك في آخر الليل كذلك
فأخذت المصحف نهارا فأول سطر قرأته إنك ميت وإنهم ميتون فبكى معاذ ورحل من اليمن
إلى المدينة وهو يقول وامحمداه أين أنت فوق الأرض أم تحتها فلما قربت من المدينة
سمعت هاتفا من بعض الأودية يقول كل نفس ذائقة الموت فدنا منه معاذ فإذا هو رجل من الأنصار
فقال يا معاذ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فارق الدنيا فوقع معاذ مغشيا عليه
فلما أفاق ورفع له كتاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعليه ختم بخاتم رسول الله
صلى الله عليه وسلم قبله وبكى فلما دخل المدينة جاء إلى عائشة رضي الله عنها
وفاطمة رضي الله عنها وقال السلام عليكم يا أهل البيت قالت فاطمة إن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال يا فاطمة أقرئي معاذا مني السلام وأخبريه أنه يأتي يوم القيامة
أمام العلماء ثم زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقالت فاطمة رضي الله عنها
شعرا:
ماذا
على من شم تربة أحمد ... أن لا يشم مدى الزمان غواليا
صبت
علي مصائب لو أنها ... صبت على الأيام صرن لياليا
فائدة:
رأيت في لقط المنافع لإبن الجوزي في الباب الثالث عشر في ذكر الطيب أن الغالية من
مسك وعنبر وكافور يخلط الجميع بدهن البان واللبنوفر وشمها يسكن الصداع البارد وهي
نافعة للدماغ البارد وشم المسك والعنبر تقدم أول الكتاب وشم الصندل ينفع من الصداع
الحار ويقوي الكبد والمعدة الحارين إذا طلى عليهما من الخارج وتقدم أن دهن الحواجب
قبل الرأس بأي دهن كان ومرور المشط عليها قبل الرأس واللحية أمان من الصداع ويبدأ
من اليمين قال في لقط المنافع في الباب الثاني عشر من ذكر الباب من لبس خفه
باليمين ونزعه باليسرى آمن وجع الطحال والله أعلم.
باب
مناقب أمهات المؤمنين رضي الله عنهم
الأولى
خديجة بنت خويلد رضي الله عنها: كانت تدعى في الجاهلية بالطاهرة وكانت أكثر قريش
مالا وأعظمهم شرفا وكانت تتاجر الرجالة في مالها وتضاربهم بشيء معلوم قال في
المنهاج القراض والمضاربة أن يدفع إليه دراهم أو دنانير ليتجر والربح مشترك فلما
بلغ خديجة رضي الله عنها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه وأمانته وكرم
أخلاقه بعثت إليه أن يخرج في مالها إلى الشام وتعطيه أفضل ما تعطي غيره مع غلام
لها يقال ميسرة فقبل منها وخرج في مالها إلى الشام حتى قدم مدينة بصرى من أرض
حوران وكان قد خرج مع عمه أبي طالب إلى بصرى أيضا وله إثنتا عشرة سنة في رحلة
الصيف وكانت قريش يتاجرون في الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام فكان ذلك لا
يشق عليهم ولا يشق على أنفسهم عبادة رب البيت فلذلك أتى بلام التعجيب فقال تعالى
لإيلاف قريش أي اعجبوا لإيلاف قريش لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف وتركهم العبادة ثم
إن الله تعالى يسر لهم الأرزاق في البر على الإبل وغيرها في المراكب وأمرهم
بالعبادة فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بصرى مع غلام خديجة رآه بحيرة
الراهب وقيل غيره وإنما رآه بحيرة في الكرة الأولى فقال الراهب من هذا قال غلام من
قريش قال ما ينزل تحت هذه الشجرة إلا نبي فلما رجع صلى الله عليه وسلم إلى مكة
فباعت خديجة رضي الله عنها ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من التجارة
بربح وحدثها ميسرة بقول الراهب وقال ميسرة كان إذا اشتدت الحرارة نزل عليه ملكان
يظلان عليه من الشمس وهو على بعيره فأرسلت إليه وعرضت نفسها عليه ثم أرسلت إليه
شيئا ليرسله إلى أبيها حتى يرغب فيزوجه بها فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم
لأعمامه فخرج حمزة وأبو طالب ورؤساء الحرم إلى خويلد بن أسد فخطب أبو طالب وقال
الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وجعل بيتنا محجوبا وحرما آمنا
وجعلنا سواس حرمه والحكام على الناس ثم أن ابن أخي محمد لا يوزن برجل إلا رجح به
فإن كان في المال قل فإن المال ظل زائل وأمر حائل وقد خطب خديجة ولها من الصداق ما
عاجله وآجله كذا وهو والله بعد هذا له نبأ فزوجه أبوها خويلد وهي بنت أربعين سنة
وهو ابن خمس وعشرين وأصدقها عشرين بكرة ونحر في وليمتها جزورين ورأيت في كتاب شرف
المصطفى أن أبا طالب قال يا محمد أنت يتيم فقير ومنه خديجة تستأجر الأجراء فهل لك
أن أذهب بك لعلها تستأجرك فتنال منها خيرا قال نعم فأقبل به إليها فقالت نعم اجعل
لكل أجير ناقة واجعل لمحمد ناقتين فخرج مع غلامها ميسرة وقالت لا تعص لمحمد أمرا
فلما نزلوا بقرب بحيرة قال من أنت قال أنا غلام خديجة فدنا من محمد صلى الله عليه
وسلم وقبل رأسه وقال آمنت بك ثم يا محمد رأيت منك العلامات كلها إلا واحدة فاكف لي
عن كتفك فكشف له فنظر إلى خاتم النبوة وتقدم ببابه في المولد فقبله وقال أشهد أن
لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله مرتين ثم قال يا غلام احتفظ عليه من
اليهود فإنهم أعداؤه ورأيت في الدر الثمين أن الراهب إسمه نسطورا ولم يذكر أنه
أسلم وذكر أن بحيرة الراهب كان رآه في السفرة الأولى مع عمه أبي طالب فربح ميسرة
ربحا لم يربح مثله ثم قال يا محمد عجل إلى خديجة وبشرها بالربح الكثير وكانت خديجة
رضي الله عنها يحملها خدمها إلى سطح دارها فرأت محمدا صلى الله عليه وسلم وعن
يمينه ملك شاهر سيفه وعن شماله كذلك والعامة على رأسه فلما نزل على بابها وثبت
إليه فإذا هي بمحمد صلى الله عليه وسلم فأخبرها بالربح فقالت له ارجع إلى ميسرة
وقل له عجل وإنما أرادت تأكيد محمد فلما تحققته إمتلأ قلبها فرحا فلما قدم ميسرة
سألته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أخبرني بحيرة الراهب أن محمدا نبي هذه
الأمة فقالت يا محمد إذهب إلى عمك أبي طالب وقل له عجل علينا فظن أبو طالب أنها
ترد محمدا عليه فشق ذلك عليه فلما دخل عليها قالت إذهب إلى عمي وقل له يزوجني
بمحمد صلى الله عليه وسلم فقام أبو طالب إليه فوجده سكران فزوجها إياه وتقدم أن
السكران إذا شرب الخمر مختارا عالما بالتحريم أن طلاقه وتزويحه وبيعه وسائر
تصرفاته القولية والفعلية عليه نافذة صحيحة ورأيت في عقائق الحقائق أن النبي صلى
الله عليه وسلم لما تزوج خديجة كثر كلام الحساد فيها فقالوا أن محمدا صلى الله
عليه
وسلم
فقير وتزوج بأغنى النساء فكيف رضيت خديجة بفقره فلما بلغها ذلك أخذتها الغيرة على
محمد صلى الله عليه وسلم أن يعير بالفقر فدعت رؤساء الحرم وأشهدتهم أن جميع ما
تملكه لمحمد صلى الله عليه وسلم فإن رضي بفقري فذلك من كرم أصله فتعجب الناس منها
وانقلب القول فقالوا أن محمدا أمسى من أغنى أهل مكة وخديجة أمست من أفقر أهل مكة
فأعجبها ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم بم أكافئ خديجة فجاءه جبريل عليه
السلام وقال إن الله تعالى يقرئك السلام ويقول لك مكافأتها علينا فانتظر النبي صلى
الله عليه وسلم المكافأة فلما كان ليلة المعراج ودخل الجنة وجد فيها قصرا مد البصر
فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فقال جبريل لمن هذا قال
لخديجة فقال هنيئا لها فقد أحسن الله مكافأتها... مسألة: تمليك المجهول باطل قال
المحب الطبري قال الزهري وقتادة أول من آمن من النساء خديجة رضي الله عنها بعث
النبي يوم الإثنين من شهر رمضان فآمنت به خديجة في ذلك اليوم وكان النبي صلى الله
عليه وسلم يتعبد في غار حراء في شهر رمضان فإذا رجع إلى أهله إلى مكة فطاف بالكعبة
سبعا قبل أن يدخل على خديجة فلما كانت السنة التي أرسله الله فيها وهو في غار حراء
نزل عليه جبريل من عند رب العالمين ورأيت في الدر الثمين في خصائص الصادق الأمين
نزل عليه إسرافيل ثلاث سنين بكلمة الوحي ثم وكل به جبريل بالوحي إليه والوحي على
أقسام سبعة قسم في النوم وقسم في اليقظة كما في ليلة الإسراء وقسم ينزل به إسرافيل
وقسم ينزل به جبريل وقسم يأتيه مثل صلصلة الجرس وقسم ينفث في روعة الكلام نفثا
وقسم يكلمه الله من وراء حجاب ورأيت في قوله تعالى وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا
وحيا وهو داود عليه السلام أو من وراء حجاب وهو موسى أو يرسل رسولا وهو جيريل إلى
محمد صلى الله عليه وسلم فلما جاء جبريل قالت الأحجار السلام عليك يا رسول الله
وفي رواية فخرجت حتى إذا كنت في وسط الجبل سمعت صوتا من السماء يا محمد أنت رسول
الله وأنا جبريل فرفعت رأسي فإذا جبريل في صورة رجل في أفق السماء فلا أنظر إلى
ناحية منها إلا رأيته فما زلت واقفا لا أتقدم ولا أتأخر حتى بعثت خديجة رسولا في
طلبي ثم انصرف عني وانصرفت عنه إلى أهلي فقالت خديجة يا أبا القاسم أين كنت فوالله
لقد بعثت رسولي في طلبك فحدثتها بالذي رأيت فقالت أبشر وأثبت فوالذي نفس خديجة
بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة وفي رواية أنها قالت ألا تستطيع أن تخبرني
بصاحبك إذا جاء قال نعم فجاءه جبريل فقال يا خديجة هذا جبريل قالت فاجلس على فخذي
الأيسر ففعل فقالت هل تراه قال نعم فحولته إلى الأيمن ثم قالت هل تراه قال نعم
فأجلسته في حجرها وقالت هل تراه قال نعم فكشفت عن وجهها فقالت هل تراه قال لا فقلت
أبشر فوالله إنه ملك ما هو شيطان ثم لبست ثيابها ودخلت على ورقة بن نوفل وهو ابن
عمها فأخبرته بذلك فقال قدوس قدوس والذي نفسي بيده لئن صدقت يا خديجة لقد جاءه
الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى ثن قام ورقة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقبل
رأسه قال محمد بن اسحق كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمع شيئا يكرهه من الرد
عليه والتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بخديجة إذا رجع إليها فتثبته وتخفف
عنه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس ومن كرامتها أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال يا خديجة هذا جبريل يقرؤك السلام فقالت الله السلام ومنه السلام وعلى جبريل
السلام وفي رواية قال جبريل يا محمد ما نزلت من عند سدرة المنتهى إلا ويقول الله
تعالى يا جبريل سلم على خديجة وفي رواية قال جبريل يا محمد هذه خديجة قد أتتك
بالزاد فيه طعام أو شراب فإذا أتتك فاقرأ عليها السلام من الله ربها ومني وبشرها
ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب والحكمة في كونه من قصب وهو اللؤلؤ
المجوف لأنها حازت قصب السبق إلى الإسلام والصخب رفع الصياح والنصب التعب وقالت
فاطمة رضي الله عنها أي بعد موت أمها والله يا نبي الله لا ينفعني طعام ولا شراب
حتى تسأل جبريل عن أمي فسأله قال هي بين سارة ومريم في الجنة وقال معاذ رضي الله
عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة رضي الله عنها وهي في سكرات الموت
أتكرهين ما قد نزل بك والله لقد جعل الله لك في السكرة خيرا فإذا قدمت على
ضراتك
فاقرئهن مني السلام مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وكلثوم أخت موسى عليه السلام
على الوفاء يا رسول الله ذكره القرطبي في تفسيره سورة التحريم في العرائس أخت موسى
إسمها مريم وأمها إسمها يوحاند بنت يصهر بن لاوى بن يعقوب وتقدم إسم أبي موسى في
الوفاء قالت عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة لم
يكد يسأم من الثناء عليها والاستغفار لها فذكرها ذات يوم فقلت قد عوضك الله خيرا
من كبيرة السن فرأيته غضب غضبا شديدا فندمت وقلت اللهم إن ذهبت غيظ رسولك لم أعد
إلى ذكرها بسوء أبداً ثم قال كيف والله لقد آمنت بي إذ كفر بي الناس وآوتني إذ
رفضني الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وفي رواية فذكرها يوما فقالت هل كانت إلا عجوز
قد أخلفك الله خيرا منها فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال لا والله ما
أخلف الله لي خيرا منها فقلت في نفسي لا أذكرها بسوء أبدا فلذلك رجح جماعة منهم
اليمنى في مختصر الروضة تفضيلها على عائشة ولم يرجح النووي في الروضة شيئا قال
النبي صلى الله عليه وسلم أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد
ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم إمرأة فرعون ماتت خديجة قبل الهجرة بثلاث سنين
وهي بنت خمس وستين سنة ودفنت بالحجون نزل النبي صلى الله عليه وسلم في قبرها ولم
تكن يومئذ الجنازة فرضا وقيل ماتت بعد موت أبي طالب بثلاثة أيام فطمعت قريش بعد
ذلك في النبي صلى الله عليه وسلم وبالغوا في اذاه قال الطبراني كل أولاده صلى الله
عليه وسلم منها إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية كما سيأتي في مناقب فاطمة رضي الله
عنها وتزوجت خديجة قبل النبي صلى الله عليه وسلم برجلين أولهما عتيق بن عابد بن
عبد الله ثم تزوجها بعده أبو هالة قال القرطبي كان اسمه أبو زرارة فولدت منه ولدا
فعاش وأدرك الإسلام وكان يقول أن أكرم الناس أبا وأما وأخا وأختا أبي رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأمي خديجة وأخي القاسم وأختي فاطمة فلما مات بالبصرة ازدحم
الناس على جنازته وقالوا ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل قتل مع علي رضي
الله عنه في وقعة الجمل والله تعالى أعلم.قرئهن مني السلام مريم بنت عمران وآسية
بنت مزاحم وكلثوم أخت موسى عليه السلام على الوفاء يا رسول الله ذكره القرطبي في
تفسيره سورة التحريم في العرائس أخت موسى إسمها مريم وأمها إسمها يوحاند بنت يصهر
بن لاوى بن يعقوب وتقدم إسم أبي موسى في الوفاء قالت عائشة رضي الله عنها كان
النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من الثناء عليها والاستغفار
لها فذكرها ذات يوم فقلت قد عوضك الله خيرا من كبيرة السن فرأيته غضب غضبا شديدا
فندمت وقلت اللهم إن ذهبت غيظ رسولك لم أعد إلى ذكرها بسوء أبداً ثم قال كيف والله
لقد آمنت بي إذ كفر بي الناس وآوتني إذ رفضني الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وفي
رواية فذكرها يوما فقالت هل كانت إلا عجوز قد أخلفك الله خيرا منها فغضب حتى اهتز
مقدم شعره من الغضب ثم قال لا والله ما أخلف الله لي خيرا منها فقلت في نفسي لا
أذكرها بسوء أبدا فلذلك رجح جماعة منهم اليمنى في مختصر الروضة تفضيلها على عائشة
ولم يرجح النووي في الروضة شيئا قال النبي صلى الله عليه وسلم أفضل نساء أهل الجنة
خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم إمرأة فرعون
ماتت خديجة قبل الهجرة بثلاث سنين وهي بنت خمس وستين سنة ودفنت بالحجون نزل النبي
صلى الله عليه وسلم في قبرها ولم تكن يومئذ الجنازة فرضا وقيل ماتت بعد موت أبي
طالب بثلاثة أيام فطمعت قريش بعد ذلك في النبي صلى الله عليه وسلم وبالغوا في اذاه
قال الطبراني كل أولاده صلى الله عليه وسلم منها إلا إبراهيم فإنه من مارية
القبطية كما سيأتي في مناقب فاطمة رضي الله عنها وتزوجت خديجة قبل النبي صلى الله عليه
وسلم برجلين أولهما عتيق بن عابد بن عبد الله ثم تزوجها بعده أبو هالة قال القرطبي
كان اسمه أبو زرارة فولدت منه ولدا فعاش وأدرك الإسلام وكان يقول أن أكرم الناس
أبا وأما وأخا وأختا أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمي خديجة وأخي القاسم
وأختي فاطمة فلما مات بالبصرة ازدحم الناس على جنازته وقالوا ربيب رسول الله صلى
الله عليه وسلم قيل قتل مع علي رضي الله عنه في وقعة الجمل والله تعالى أعلم.
الثانية
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: تكنى بأم عبد الله لأنها قالت يا رسول الله كنيت
نساءك فكنني قال تكني بابن أختك أم عبد الله واهي أول إمرأة عقد عليها بعد خديجة
وأصدقها أربعمائة درهم وأول من خيرها من نسائه لما قال الله تعالى يا أيها النبي
قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها الآية قال القرطبي عن العلماء إنما
أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها أن تشاور أبويها لأنه كان يحبها
فخاف أن يحملها فرط الشباب على أن يختار فراقه وكان النبي يعلم من أبويها أنهما لا
يأمرانها بفراقه فلما اختارت عائشة رضي الله عنها رسوله قالت لا تخبر نساءك بما
قلت فقال لا تسألني امرأة منهن إلا خيرتها إن الله بعثني معلما ميسرا فلما قلت له
ما قالت عائشة أنزل الله تعالى مكافأة لهن لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل
بهن من أزواج كما كان في الجاهلية يقول الرجل يا فلان أنزل لي عن زوجتك وأنزل لك
عن زوجتي قال الحسن بهذه الآية حرم عليه أن يتزوج عليهن وقال عكرمة بالجواز حكاه
القرطبي في سورة الأحزاب قال في الروضة وله الزيادة على الأصح والتحريم منسوخ
بقوله تعالى إنا أحللنا أزواجك الآية ليكون له المنة عليهن بترك التزوج قال عطاء
بن أبي رباح كانت عائشة رضي الله أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس وعن ابن عمر
رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أتاني جبريل فقال إن الله قد زوجك
بابنة أبي بكر ومعه صورة عائشة قالت عائشة لا أبالي منذ علمت أنك زوجي في الجنة
قال في الزهر الفاتح لما ماتت خديجة اغتم النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه جبريل
بورقة منقوش عليها صورة عائشة وقال يا محمد إن الله تعالى يقرئك السلام ويقول إني
زوجتك البكر التي تشبه هذه الصورة في السماء فتزوجها أنت في الأرض فدعا النبي صلى
الله عليه وسلم الدلالة يعني الخطابة وقال هل تعرفين في مكة بكرا تشبه هذه الصورة
قالت نعم بنت أبي بكر تشبهها فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وقال إن لك
بكرا تشبه هذه تسمى عائشة زوجني الله بها وأمرك أن تزوجني بها في الأرض قال إنها
صغيرة قال لو لم تكن صالحة لما زوجني الله بها فعقد النكاح ورجع أبو بكر إلى منزله
وأرسل مع عائشة طبقا من تمر وقال قولي له هذا الذي سأله عنه رسول الله فلا أدري
أيصلح أم لا فأتت النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بذلك فقال يا عائشة قبلنا ثم
قبلنا قال المحب الطبري عقد عليها في شوال بالمدينة وهي بنت ست ودخل بها وهي بنت
تسع وأقام عندها تسعا وتقدم في باب حفظ الأمانة إذا قصد نكاحها فالسنة أن ينظر
إليها قبل الخطبة وإن لم تأذن له وله تكرر نظره فإن لم يتيسر بعث إمرأة تصفها له
قال في الروضة لو خطب البكر رجل فامتنع أبوها فزوجته نفسها ثم زوجها الأب غيره
فالأول هو الصحيح إن وطئها وإلا فالثاني إن لم يحكم بالأول حنفى والله أعلم قالت
عائشة قلت يا رسول الله أدع الله يغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر فرفع يديه حتى
رأيت منه بياض إبطيه ثم قال اللهم إغفر لعائشة بنت أبي بكر مغفرة ظاهرة وباطنة لا
تغادر ذنبا ولا تكسب بعدها خطيئة ولا إثما قال أفرحت يا عائشة قلت أي والذي بعثك
بالحق فقال والذي بعثني بالحق ما خصصتك بها من بين أمتي في الليل والنهار فيمن مضى
منهم ومن يبقى إلى يوم القيامة فأنا أدعو لهم والملائكة يؤمنون على دعائي قال صلى
الله عليه وسلم فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام قال النعمان بن
بشير جاء أبو بكر رضي الله عنه يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فأذن له فوجد
عائشة رافعة صوتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا بنت أم رومان ترفعين
صوتك على رسول الله وتناولها بالكف فحال النبي بينه وبينها فلما خرج أبو بكر ثانيا
جعل النبي صلى الله عليه وسلم يترضاها ويقول ألا ترين قد أحلت بينك وبين الرجل ثم
جاء أبو بكر ثانيا فوجد النبي صلى الله عليه وسلم يضاحكها فقال يا رسول الله
أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما وقالت عائشة رضي الله عنها كان بنني
وبين النبي صلى الله عليه وسلم كلام فقال أترضين بأبيك قالت نعم فبعث النبي صلى
الله عليه وسلم إليه فقال إن هذه كان من أمرها كذا وكذا قالت اتق الله ولا تقل إلا
حقا فضربها أبو بكر ففار الدم من أنفها ثم قام إلى التكملة بالجزء 6
ISLAMICBOOK.WS
© 2010 |
جميع الحقوق متاحة لجميع المسلمين
من فضلك . أضف تعليقا في نهاية الصفحة
ولا تتردد في ضغط زر المشاركة لتفيد غيرك
تنويه عن رحال عودة الي : الصفحة الرئيسية صفحات المدونة
ترخيص الاستخدام وإعادة النشر
النصوص تحت رخصة المشاع الإبداعي: النسبة-الترخيص بالمثل 3.0. قد تنطبق بنود إضافية أخرى. انظر شروط الاستخدام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق