تربية
الخيول في مصر.. بيزنس خاص جدا
تربية
الخيول في مصر هواية وتجارة أيضا.. وهي عالم خاص يتكون من50 ألف مواطن
تقريبا.. ومثل كل شيء.. دخل رجال الأعمال في مجال الخيول وتربيتها
وسباقاتها, فالتهبت الأسعار, ومثلما يحدث في البورصة فإن الموقف كله يعتمد علي
العرض والطلب والمضاربات.. لكن مهما تحكم الاقتصاد.. تبقي للخيل خصوصياته التي
تتحكم في سعره.
وهنا
يصدق المثل الشعبي علي الأصل دور!
حتي
الآن لاتزال تربية الخيول في مصر هواية.. هكذا يقول المهندس نصر سيد مرعي..
ويضيف: لكنها مكلفة للغاية ولذلك إذا زاد عدد الخيول عن خمسة يتجه صاحبها لإنشاء
مزرعة لكي يغطي كلا أو جزءا من مصاريفه.. وفي المزارع الكبيرة تزاوجت الهواية
والبيزنس, ولكن مربي الخيول كبيزنس فقط لا يمكنه الاستمرار في المجال لأنه يكتشف
أن أي مجال آخر يدر عليه عائدا أعلي بكثير من مجال تربية الخيول, والمزارع
العريقة مستمرة بسبب حب أصحابها للخيول وللتراث وللتاريخ.
ويقول
نصر مرعي.. عندي مزرعة أنشئت عام1935 م علي يد جدي وتولي أبي رعايتها بعده
وأنا أتولي رعايتها منذ أيام أبي وعقب وفاته.
وبالنسبة
لسوق التصدير فقد بدأت بقوة في الخمسينيات وبلغت ذروتها منتصف الثمانينيات مستفيدة
من الإعفاءات الضريبية للمستثمرين علي الخيول في أمريكا وبعض البلاد الأوروبية
ولذلك وصل الحصان المصري العربي الأصيل إلي بقاع عديدة في أوروبا وأمريكا وأمريكا
اللاتينية وأستراليا.
وترك
بصمة قوية علي تربية الخيول في العالم كله وبسبب ظروف لا علاقة لها بمصر تراجعت
حركة التصدير بسبب إلغاء الكونجرس الأمريكي لقانون الإعفاءات الضريبية لمربي
الخيول ولذا فإن المستثمرين الذين دخلوا السوق للاستفادة من تلك الإعفاءات خرجوا
مع إلغائها وزاد المعروض من الخيول بدرجة كبيرة, حتي وصل إلي5 آلاف حصان كلها
ذات جودة عالية وسلالات مطلوبة مما تسبب في هبوط الأسعار من50 ألف دولار كمتوسط
إلي10 آلاف دولار مما أثر سلبا علي مزارع الخيول في أوروبا وأمريكا اللاتينية
ومصر أيضا. وحاليا بدأت السوق تستقر وإن كان متوسط الأسعار ليس كما نتمني وذلك
بسبب ظهور سوق تصديرية أخري في البلاد العربية والتي تشهد حاليا طفرة كبيرة في
مجال تربية الخيول والاهتمام بها, فبعد أن تراجع نشاط تربية الخيول في بلاد
عربية عديدة عادت البلاد العربية لتكوين مزارع خيول كبيرة وظهر تنافس شديد
للاستحواذ علي أفضل السلالات وأشهرها وبدأت هذه النهضة في الإمارات, والمغرب,
والأردن, وقطر.. وهي من أكثرها طموحا ولديها أجود خيول عربية وتم تجميعها من
أوروبا وأمريكا ومصر, ولديها برنامج تربية ممتاز ولديها مزارع كبيرة مثل مزرعة الريان
وهي مزرعة الشيخ عبدالعزيز آل ثان ومزرعة الشقب وهي مزرعة أمير قطر وكذلك السعودية
ولديها اهتمام متزايد بتربية الخيول, بدأ منذ4 سنوات وخلال العامين الأخيرين
ظهرت الكويت علي الساحة وتونس ولكن في حدود معينة.. وبالطبع فإن الإمارات لا
تحتاج إلي توضيح لأن نشاط آل مكتوم وآل نهيان واضح جدا والكل يعرفه.
والأسعار
متباينة إلي حد كبير ويشير نصر مرعي إلي أن أسعار الخيل في السوق المحلية خلال عقد
الثمانينيات تجاوزت40 ألف دولار وبسبب وضع السوق الأمريكية وما تتمتع به من قوة
ودعاية وبها مسابقات كثيرة ونقود فإنه عادة ما تتضاعف هذه الأسعار وبعض الخيول
خرجت من مصر مقابل30 ألف دولار وصل سعرها إلي6 ملايين دولار بعد ذلك وهناك
مثال شهير وهو الحصان أسد الذي اشتراه مستثمر أمريكي من محطة الزهراء مقابل30
ألف دولار وفاز به ببطولة أمريكا مرتين ووصل سعره إلي مليوني دولار والأمثلة
كثيرة.
أما
اليوم فإن أسعار الخيل للتصدير للخارج وذات الجودة العالية المنافسة للجودة في
الخارج تتراوح من30 إلي45 ألف دولار ولكن الأسعار في الخارج لم تعد تصل إلي
مليون دولار وأعلي سعر لحصان تم بيعه من محطة الزهراء بلغ110 آلاف دولار لحصان
يدعي المعتز وذلك بسبب تنافس مستثمرين من أمريكا عليه.
ويشير
نصر مرعي إلي أن التنافس عادة ما يرفع أسعار الخيول بصورة غير عادية خاصة إذا دخل
الكبرياء في الأمر مثل صفقة المهرة وجد.
وحول
هذه الصفقة يشير د. خليل سليمان ـ مدير محطة الزهراء للخيول التابعة لوزارة
الزراعة المصرية ـ أن شهرة الحصان العربي المصري وتفوقه علي الخيول الأخري ساعدت
علي تهافت الأثرياء والأمراء عليه.. وفي مارس الماضي تم بيع وجد وهي مهرة
عمرها9 أشهر بمبلغ335 ألف جنيه وتنافس عليها أمير قطري مع مرب مصري وفاز بها
المصري.
ويوجد
في مصر185 مزرعة لتربية الخيول تخضع كلها لإشراف محطة الزهراء لاعتماد سجلاتها
لضمان نقاء الدماء العربية وتعتبر محطة الزهراء أكبر مزرعة في مصر لتربية الخيول
العربية المصرية الأصلية حيث تضم350 حصانا بشكل دائم وترجع أصول خيولها للقرن
السادس عشر والسابع عشر وأنشئت الجمعية عام1898 م باسم الجمعية الزراعية الملكية
حتي عام1952 م وتغير اسمها في ذلك التاريخ لاسم الهيئة الزراعية المصرية والعام
الماضي احتفلت بعيدها المئوي. ويشير د. خليل سليمان إلي أن سبب شهرة المحطة
عالميا يرجع لوجود سجلات معتمدة عن أصول الخيول العربية الأصيلة بها. ويمكن تتبع
نسبها إلي400 أو300 عام علي عكس الخيول في البلاد الأخري التي لا توجد لها
سجلات توضح نسبها ولذا فلا يوجد اعتراف دولي بها, وتوجد في الولايات المتحدة
الأمريكية هيئة مستقلة وهي الهيئة الأمريكية للخيول العربية لا تسجل إلا الحصان
الذي تنحدر أصوله من خيول عربية ومصرية وهذه الجمعية لها فروع في أوروبا وتسير علي
نفس منهجها وتنتشر الخيول العربية في المجر وهي من أهم منافسينا لأنها تمتلك خيولا
عربية منذ فترة طويلة وكذلك أسبانيا وسوريا واليمن والأردن.
ويقول
د. خليل إن محطة الزهراء تقيم مزادين سنويا لبيع نتاج المزرعة الأول في
فبراير.. ويتم التعامل فيه بالدولار والثاني في أغسطس والتعامل فيه بالجنيه
المصري ويتراوح عدد الخيول التي تباع في المزادين ما بين56 إلي70 حصانا سنويا
والأسعار مختلفة وتتراوح بين100 ألف دولار لأعمار سنة أو سنتين في المزاد الأول
و150 أو200 ألف جنيه في المزاد الثاني ويتوقف السعر علي نوعية الحصان وشكله
وأصله.
وقد
بلغت حصيلة آخر مزاد للمحطة مليون جنيه من بيع22 حصانا.
ويشير
د. خليل سليمان إلي إنه يقام مهرجان للخيول العربية كل عام خلال شهر أكتوبر
لاختيار أجمل الخيول المتنافسة وتشارك المزارع الخاصة في المهرجان أما المحطة
فتقدم عرضا خارج المسابقة.
وبسبب
السمعة الدولية للمهرجان فإن قيمة الخيول الفائزة تتصاعد بسبب تهافت الجميع عليها
وقد تصل قيمتها إلي أرقام فلكية حيث تتصاعد القيمة إلي أكثر من20 ضعفا للحصان
الفائز والفرسة الفائزة, والذي فازت به بنت ألماظية من مزرعة الكنوز المصرية في
العام الجاري وهاجر من مزرعة د. علي عبدالرحيم, أما لقب الملك فقد فاز به
مورجان في مزرعة بارادواي.. والفتح من مزرعة د. علي عبدالرحيم وتحصل الخيول
الفائزة علي كأس فضية ثمنها6 آلاف جنيه ويوجد حوالي52 جائزة خلال الموسم
الواحد.
ويوجد
لدي محطة الزهراء40 حصانا تستخدم للإنجاب منها15 حصانا ذا شهرة عالمية لأصولها
النبيلة وتوضع عليها شيكات مفتوحة من أجل شرائها ويتم رفض تلك العروض كما يقول
د. خليل سليمان لأنها تعتبر ثروة قومية ويتم بيع أولادها فقط خاصة وإن الواحد
منها لا يقل ثمنه عن مليون دولار.
وحول
مدي تطور سوق الخيول العربية الأصيلة في مصر يشير د. علي عبدالرحيم ـ رجل
الأعمال ورئيس مجلس إدارة جمعية مربي الخيول العربية المصرية الأصيلة ـ إلي أن
العالم كله يعاني حالة ركود في أنشطة كثيرة سواء في مجال البورصة أو في الشركات
الاستثمارية وبالتالي فإن نشاط تربية الخيول يعاني أيضا ذلك مما أدي إلي تصفية عدد
كبير من مزارع الخيول في الخارج وإن كان هناك فرق بين السوق المصرية والأسواق
الأوروبية أو الأمريكية التي تعتبر الخيول تجارة وبيزنس ولذا فكل من حقق خسائر
انسحب من السوق مما في مصر فإن تربية الخيول هواية أولا وإن كانت مكلفة للغاية
فمصاريف الحصان في الشهر تزيد علي500 جنيه من غير فاتورة الدواء ويحاول مربو
الخيول تغطية هذه المصاريف من عائد البيع والجوائز ولذا انشئت جمعية مربي الخيول
العربية المصرية الأصيلة عام1987 م بهدف الحفاظ علي الخيول العربية الأصيلة
الموجودة في مصر للحفاظ علي أعدادها والتي تبلغ ألف حصان في حين يوجد حوالي نصف
مليون حصان عربي منتشرة في جميع أنحاء العالم والتي يعتبر الحصان العربي المصري
أحد أجود سلالاتها وتضم الجمعية أكبر مزارع الخيول في مصر ويصل عددها إلي70
مزرعة, ومنذ عام1988 م تنظم الجمعية مهرجان جمال للخيول العربية المصرية
الأصيلة تتنافس فيه الخيول علي المراكز الأولي من حيث الجمال والحركة والرشاقة
ويحضر مربو الخيول العربية من العالم كله لمشاهدة هذه المسابقات والتي تحظي
بالتغطية الإعلامية من تليفزيونات أوروبا وأمريكا وساعدت تلك المنافسات علي قفز
عدد أسطبلات الخيل من20 أسطبلا عام1988 م إلي140 أسطبلا حاليا وحول ارتفاع
أسعار الخيول الفائزة بتلك السباقات يشير د. علي عبدالرحيم إلي أن فرسته هاجر
ارتفع سعرها عقب فوزها بلقب ملكة الملكات لهذا العام فقد عرض فيها100 ألف دولار
وأحيانا تحدث مبالغات في الأسعار بسبب شدة التنافس علي شرائها. ويري د. علي
عبدالرحيم أن تربية الخيول العربية ستزدهر أكثر في مصر إذا سمحت وزارة الزراعة
ببناء استطبلات الخيل علي جزء صغير من الأراضي الزراعية لأن ذلك يمثل مشكلة حاليا
لمعظم مربي الخيول فلا توجد الأراضي الصالحة لهذا الغرض وإذا تم ذلك سيؤدي إلي
انتشار هذا التراث وعودة مصر لريادة وقيادة تربية الخيول العربية وستصبح سلعة
سياحية وتصديرية ممتازة.
وستوفر
لمصر إيرادا ضخما جدا وحول سباقات الخيل التي تجري في مصر يشير المهندس محمد فرج
عامر ـ رئيس مجلس إدارة الهيئة العليا لسباقات الخيل ورجل الأعمال المعروف إلي أن
سباقات الخيل تجري علي أراضي4 أندية في مصر وهي أندية سموحة وسبورتنج صيفا في
الإسكندرية وأندية الجزيرة ونادي الجياد التابع لنادي الشمس شتاء في القاهرة
وتستمر السباقات لمدة49 أسبوعا في العام كما تقام أسابيع بأسماء الأمراء العرب
وأبرزهم أسبوع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والذي يقام في فبراير من كل عام
وأسبوع الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود والذي يقام في في شهر إبريل من كل
عام.
ويشير
محمد فرج عامر بالدعم الذي يقدمه الشيوخ والأمراء العرب لسباقات ونشاط الخيل في
مصر حيث يدعم سمو الشيخ زايد سباقات الخيل في مصر بأكثر من مليون جنيه سنويا كما
يدعم سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز سباقات الخيل بحوالي650 ألف جنيه سنويا,
وتتراوح الجوائز بين3 آلاف جنيه و50 ألف جنيه وهذه الجوائز لا يحصل عليها
المالك بالكامل فالسايس يحصل علي7.5% من قيمتها والجوكي15% ومدرب الخيل20%
بالإضافة لرسوم القيد.
وفي
مصر يقدر عدد الأفراد المعتمدين علي تربية الخيول وتمثل مصدر دخل لهم بأكثر من50
ألف شخص ومن أشهر مناطق تربية الخيول في مصر مدينة بلبيس في الشرقية ومنطقة الجيزة
وحول الأهرامات وسقارة وتنتشر مزارع الخيول علي طريق مصر الإسكندرية الصحراوي.
ومن
أبرز الأسماء المهتمة بنشاط الخيول في مصر: هشام الداود, وحيد عامر, وأولاد
سيد مرعي ومدام بربري, وكابتن أمين عثمان, ومدحت أبو الفتوح, وخالد بن
لادن, والفنان محمد سلطان.
وعلي
المستوي الدولي يذكر محمد فرج عامر أن آل المكتوم حكام إمارة دبي هم الأشهر عالميا
في دنيا الخيل بفضل خيولهم التي تجري في سباقات الدربي الإنجليزي وأشهر خيولهم
حصان عربي أصيل اسمه لم تري وقد فاز بكل السباقات الدولية عام1997 م وتم بيعه في
اليابان مقابل48 مليون دولار وتم شراؤه في صورة أسهم.
وأشهر
المسابقات الدولية يأتي الدربي الإنجليزي ثم سباقات مربي الخيل في أمريكا والذي
تبلغ مجموع جوائز أشواطه الـ(12)19 مليون دولار وبطولة العالم التي تقام في دبي
ومجموع جوائزها4.5 مليون دولار والدربي الإيرلندي وسباق قوس النصر في باريس وكأس
اليابان في طوكيو.
وينفي
محمد فرج عامر أن تربية الخيول في مصر بيزنس حيث لا يمكن أن يكسب منها أحد لسببين
الأول أنها هواية ورياضة الملوك والأمراء والمشاهير علي مستوي العالم أما السبب
الثاني فيعود لأن كل سباق له فائز واحد فقط بجانب عدد كبير من الخيول المشاركة كما
أنه في ظل الظروف الاقتصادية العالمية فإن الأسعار الخيالية التي نسمع بها عند بيع
أحد الخيول النادرة ليست هي القاعدة كما أن قدرة الخيول علي مقاومة الأمراض ضعيفة
وأشهر حصان عربي في مصر الآن هو قمر الزمان ملك وحيد عامر ويبلغ من العمر8 سنوات
واشتراه بمبلغ25 ألف جنيه وبسبب فوزه بأكبر عدد من الجوائز في موسم واحد تجاوز
ثمنه الآن375 ألف جنيه.
وتضم
إسطبلات رجل الأعمال محمد فرج عامر سلالة من الخيول تسمي الثري بيرد وهي خيول
عربية أصيلة وفي عام1894 م تم تهجينها بفرسات إنجليزية وأشهر خيوله: فرج
بيه, وهولاكو, ودايموند, وسمايل, وسمارت, ونسمة وياسمين, ودينا..
ويذكر محمد فرج عامر أن كل عام ينضم إلي اسطبلاته حوالي20 فرسا جديدا من نتاج
مزرعته وبسبب حبه الشديد وارتباطه بخيوله فإنه يرفض بيعها مهما كان السعر المعروض
عليه.
الكاتب
أحمد صابرين
للمزيد
شاهد أيضا
الخيل
_________________________________________________________
من فضلك . أضف تعليقا في نهاية الصفحة
ولا تتردد في ضغط زر المشاركة لتفيد غيرك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق