جاء
بجداول وكتابات الملوك السومرية التى ترجع للقرن الثالث قبل الميلاد ( عصر فجر
السلالات من 2850 وحتى 2400 ق م ) والتى دونها امراء السلالات السومرية الاولى
وتركوها لنا وتم العثور عليها , جاء بهذه الجداول قوائم باسماء الملوك السومريين
ومدة حكم كل منهم وبعض مآثر بعضهم
وسجلت تلك القوائم ان ثمانية ملوك سومريين فقط
حكموا سومر ما يقرب من ربع مليون سنة ( 241200 سنة)
اى ان متوسط حكم كل منهم 30150 سنة ( اكثر من
ثلاثين الف سنة !! ) , وبالتالى فان عمر الواحد منهم كان اكبر من هذا الرقم
يقول د. فاضل عبد الواحد على استاذ السومريات :
" جدير بالذكر ان أثبات ( قوائم ) الملوك
هذه اعطت رقما خياليا للملوك الثمانية الذين قالت عنهم انهم حكموا قبل الطوفان .
اذ خصص لهم 241200 سنة . وأغلب الظن ان مثل هذا الرقم الخيالى , انما يعكس فكرة
شائعة عند اكثر الامم القديمة , وهى ان الانسان كان فى قديم الزمان يتمتع بعمر
طويل وصفات جسدية خارقة . ومن غير المستبعد ان جامع الأثبات ( القوائم ) السومرية
لم يكن فى حوزته غير اسماء ثمانية ملوك من قبل الطوفان , فاضطر الى تطويل سنوات
حكم كل منهم لتغطى حقبة زمنية تصورها واسعة جدا , وهى التى تفصل بين ظهور اول
سلالة حاكمة وبين حدوث الطوفان "
( من سومر الى التوراة , فاضل عبد الواحد على ,
ط 2 , سينا للنشر , ص 38 )
لقد كانت حادثة الطوفان خطا فاصلا فى طول عمر
الانسان , حيث كان عمره طويل جدا قبل الطوفان يصل لاكثر من ثلاثين الف سنة كما جاء
بقوائم الملوك السومرية , بينما اصبح عمره حوالى مائة سنة بعد الطوفان .
ان هذه الفكرة الاسطورية السومرية الاصل هى التى
انتقلت بعد آلاف السنين الى الاديان الكتابية .
كاتب سفر التكوين التوراتى يسجل اعمار الاباء
الاوائل قبل الطوفان ويمنحهم اعمارا تصل الى الالف سنة لكل واحد منهم , اما بعد
الطوفان فيسجل عمر كل انسان بما لا يزيد عن 120 سنة .
كاتب التكوين تأثر بالاساطير السومرية التى حددت
عشرات الالاف من السنين للآدميين الاوائل , فاكتفى بان يحدد اعمار الاباء
التوراتيين بمئات السنين قبل الطوفان
فنقرأ فى الاصحاح الخامس من التكوين بعض من هذه
القائمة , ويلاحظ انه نقل هذه المعلومات فى قوائم تماما كما فعل السومريين فى
قوائم ملوكهم الاوائل :
آدم عاش 930 سنة
شيث 912 سنة
انوش 905 سنة
قينان 910 سنة
مهللئيل 895 سنة
يارد 962 سنة
متوشالح 969 سنة
نوح 950 سنة
وكما انتقلت هذه الاسطورة ( اسطورة طول عمر ملوك
سومر الاوائل ) الى التوراة فنسبت للاباء الآدميين الاوائل اعمارا طويلة , كذلك
انتقلت الاسطورة التوراتية بدورها الى القرآن الذى قال ان نوح عاش 950 سنة وهو نفس
الرقم والعمر الذى ذكرته التوراة :
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ
فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ
وَهُمْ ظَالِمُونَ " العنكبوت 14
وكما ان الانسان اصبح عمره حوالى مائة سنة بعد
حادثة الطوفان كما جاء فى الاساطير السومرية , فان الكاتب التوراتى نهج نفس النهج
وجعل حياة الانسان بعد الطوفان لا تزيد عن 120 سنة
فنقرا عن قرار يهوه :
" فقال الرب لا يدين روحي في الانسان الى
الابد لزيغانه هو بشر و تكون ايامه مئة و عشرين سنة " تكوين6 : 3
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق