الأحد، 5 يونيو 2011

ثقب أسود



الثقب الأسود هي منطقة في الفضاء تحوي كتلة كبيرة في حجم صغير يسمى بالحجم الحرج لهذه الكتلة، والذي عند الوصول إليه تبدأ المادة بالانضغاط تحت تأثير جاذبيتها الخاصة، ويحدث فيها انهيار من نوع خاص بفعل الجاذبية ينتج عن القوة العكسية للانفجار، حيث أن هذه القوة تضغط النجم وتجعله صغيرًا جدًا وذا جاذبية قوية خارقة. وتزداد كثافة الجسم (نتيجة تداخل جسيمات ذراته وانعدام الفراغ البيني بين الجزيئات)، تصبح قوّة جاذبيته قوّية إلى درجة تجذب أي جسم يمر بالقرب منه، مهما بلغت سرعته. وبالتالي يزداد كمّ المادة الموجودة في الثقب الأسود، وبحسب النظرية النسبية العامة لأينشتاين، فإن الجاذبية تقوّس الفضاء الذي يسير الضوء فيه بشكل مستقيم بالنسبة للفراغ، وهذا يعني أن الضوء ينحرف تحت تأثير الجاذبية.

يمتص الثقب الأسود الضوء المار بجانبه بفعل الجاذبية، وهو يبدو لمن يراقبه من الخارج كأنه منطقة من العدم، إذ لا يمكن لأي إشارة أو موجة أو جسيم الإفلات من منطقة تأثيره فيبدو بذلك أسود  أمكن التعرف على الثقوب السوداء عن طريق مراقبة بعض الأشعاعات السينية التي تنطلق من المواد عند تحطم جزيئاتها نتيجة اقترابها من مجال جاذبية الثقب الأسود وسقوطها في هاويته.

 لتتحول الكرة الأرضية إلى ثقب أسود، يستدعي ذلك تحولها إلى كرة نصف قطرها 0.9 سم وكتلتها نفس كتلة الأرض الحالية، بمعنى انضغاط مادتها لجعلها بلا فراغات بينية في ذراتها وبين جسيمات نوى ذراتها، مما يجعلها صغيرة ككرة الطاولة في الحجم ووزنها الهائل يبقى على ما هو عليه، حيث أن الفراغات الهائلة بين الجسيمات الذرية نسبة لحجمها الصغير يحكمها قوانين فيزيائية لا يمكن تجاوزها أو تحطيمها في الظروف العادية.

تاريخ مفهوم الثقوب السوداء

كان طرح فرضية إمكانية وجود مثل هذه الظاهرة هو اكتشاف رومر أن للضوء سرعة محدودة، وهذا الاكتشاف طرح تساؤلاً وهو لماذا لا تزيد سرعة الضوء إلى سرعة أكبر؟. فُسر ذلك على أنه قد تكون للجاذبية تأثير على الضوء، ومن هذا الاكتشاف كتب "جون مينشل " عام 1783م، مقالاً أشار فيه إلى أنه قد يكون للنجم الكثيف المتراص جاذبية شديدة جدًا، إلا أن الضوء لا يمكنهُ الإفلات منها، فأي ضوء ينبعث من سطح النجم تعيده هذه الجاذبية  هناك فرضية تقول أيضًا أنه هناك نجوم عديدة من هذه النجوم، مع أننا لا يمكننا أن نرى ضوئها، لأنها لا تبعثه إلا أننا نستطيع أن نتحسس جاذبيتها. هذه النجوم هي ما نسميها بـ "الثقوب السوداء"، أي الفجوات في الفضاء. أهملت هذه الأفكار، لأن النظرية الموجية للضوء كانت سائدة في ذلك الوقت. وفي 1796 م، أعاد العالم الفرنسي بيير سيمون لابلاس هذه الفكرة إلى الواجهة في كتابه (بالفرنسية: Exposition du Système du Monde‏) (مقدمة عن النظام الكوني)،  لكن معاصريه شككوا في صحة الفكرة لهشاشتها النظرية  إلى أن جاءت نظرية النسبية العامة لالبرت اينشتاين، التي برهنت على إمكانية وجود الثقوب السوداء  فبدأ علماء الفلك في البحث عن آثارها، حيث تم اكتشاف أول ثقب أسود سنة 1971 م.

وتحولت الآراء حول الثقب الأسود إلى حقائق مشاهدة عبر المرقاب الفلكي الراديوي الذي يتيح للراصدين مشاهدة الكون بشكل أوضح، وجعل نظرية النسبية حقيقة علمية مقبولة عند معظم دارسي علوم الفيزياء

حياة النجم

ولادة النجوم و مستعر أعظم
ولادة النجوم و مستعر أعظم

يتكون النجم من سحابة من غاز الهيدروجين (والقليل من الهيليوم) تبدأ بالتجمع والتكدس على بعضها ثم بالدوران حول نفسها، ومع هذا التكثف يَزداد الضغط على نواتها بشكل كبير، فيَسخن الغاز في النواة حتى يصبح حاراً جداً إلى درجة أن تندمج ذرات الهيدروجين لتكونّ الهليوم  وبهذه العملية يَستطيع النجم توليد ضغط باتجاه الخارج في نواته يَمنعها من الانهيار على نفسها  لكن عندما يَنفذ وقود النجم من الهيدروجين يُصبح مهدداً بالانهيار على نفسه نتيجة لضغط كتلته، فيَبدأ بحرق الهيليوم ثم الكربون وصولاً إلى الحديد، فحينها لا يَعود النجم قادراً على دمجه إلى عناصر أثقل لأن الطاقة التي يُولدها الاندماج النووي لا تعود كافية لمنعه من الانهيار، فيَنهار على نفسه في انفجار المستعر الأعظم مطلقاً طاقة هائلة

لكن ما يُحدد مصير النجم بعد انفجاره هو ما يُسمى "حد تشاندراسيخار"، هذا الحد هو مقدار الكتلة (1.4 كتلة شمسية) الذي إن لم يَتجاوزه النجم فسيَتحول إلى قزم أبيض، وإن تجاوزه فيَتحول إما إلى نجم نيوتروني أو ثقب أسود (ما يُحدد أيهما هو حد أوبنهايمر-فولكوف).  إذا ما كانت كتلة النجم عالية، فسيَعني هذا أنه سيَكون أكثر كثافة، ولذلك فإن النجوم الكثيفة تصبح نجوماً نيوترونية أو ثقوباً سوداء. النجوم النيوترونية هي أجسام عالية الكثافة جداً، ولذا فعندما تتكون تندمج الإلكترونات والبروتونات لتصبح نيوترونات تستطيع تحمل الضغط الهائل في النواة (فقطر هذه النجوم لا يَتجاوز الـ20 كم)، أما عندما تكون الكثافة أعلى من ذلك، فإن حتى النيوترونات لا تعود قادرة على تحمل الضغط الهائل، فيَنهار النجم متحولاً إلى ثقب أسود هائل الكثافة

الثقوب السوداء والنظرية النسبية

أفق الحدث هو (حدود منطقة من الزمان والمكان التي لا يمكن للضوء الإفلات منها) وبما أنه لا شي يمكنه السير بأسرع من الضوء، فإن أي شي يقع في هذه المنطقة سوف يبلغ بسرعة منطقة ذات كثافة عالية ونهاية الزمان.

وتتنبأ النسبية العامة بأن الأجسام الثقيلة المتحركة سوف تتسبب ببث موجات جاذبية وهي تموجات في أنحناء الفضاء (هذه التموجات على حسب فهمي هي ليست مثل موجات الراديو بل هي موجات في الزمكان تخيل أنك تمشي في بركة ماء سوف تتكون موجات من الماء بسبب حركة في البركة وهذه الموجات الناشئة هي مكانية ذات ثلاث أبعاد وموجة مثلها معها زمانية لتكون موجات من بعد رابع هي التي يقصد بها أنحناءات الفضاء) تنتقل بسرعة الضوء وتشبه موجات الضوء التي هي تموجات الحقل الكهرمغناطيسي إلا أنها يصعب اكتشافها وهي كالضوء تأخذ الطاقة من الأجسام التي تبثها وبالتالي يتوقع أن ينهار نظام من الأجسام الضخمة ويعود في النهاية إلى وضع مستقر لان الطاقة في أي حركة سوف تحمل بعيدا.

على سبيل المثال دوران الأرض حول الشمس يولد موجات جاذبية ويكون تأثير مسارات الطاقة في تغير مدار الأرض حول الشمس الذي يؤدي في آخر المطاف إلى أن الأرض تقترب من الشمس حتى تستقر داخلها ومعدل ضياع الطاقة ضئيل جدا.

وشوهد هذا التأثير في نظام النجم النابض وهو نوع خاص من النجوم النيوترونية تبث نبضات منتظمة من موجات الراديو، ويضم هذا النظام نجمين نيترونيين يدوران حول بعضهما البعض.

شكل النجوم التي تكون منها الثقب الاسود

وفي عام 1967م، حدثت ثورة في دراسة الثقوب السوداء على يد العالم "إزرائيل " - وهو عالم كندي ولد في برلين – بين أن الثقوب السوداء ليست دوارة، فوفقا للنظرية النسبية العامة إن كانت دوارة فلابد أن تكون كروية تماماً. ولا يتوقف حجمها إلا على كتلتها، وأي ثقبين سوداوين، بكتلة متساوية هما متساويان بالحجم. وقد أمكن وضعهما عن طريق حل خاص لمعادلات أينشتاين قبل النسبية العامة بقليل. وكان من المعتقد أن الثقب الأسود لا يتكون إلا عند انسحاق جسم كروي تماما. وأن النجوم ليست كروية تماما، ولا يمكن بالتالي أن يسحق إلا بشكل تفرد ثقاليا عاريا، لكن هناك تفسيرات مختلفة لنتيجة " إزرائيل " تبناها روجر بنروز و"جون ويلر " فقد أبديا أن الحركات السريعة في انسحاق النجم يعني أن موجات الجاذبية المنبعثة منه تجعله أكثر كروية إلى أن يستقر في وضع ثابت ويصبح كروياً بشكل دقيق. ووفق هذه النظرية فأن أي نجم دوار يصبح كرويا مهما كان شكله وبنيته الداخلية معقدتين، وسوف ينتهي بعد انسحاقه بالجاذبية إلى ثقب أسود كروي تماما يتوقف حجمه على كتلته فقط.   واكتشف أول نباض عام 1967 مؤيدا للنظرية النسبية.    وتبين ان تلك النباضات ما هي إلا نجوم نيوترونية. حتى ذلك الحين كانت النجوم النيوترونية والثقوب السوداء ترى على أنها أجسام نظرية ولا وجود لها في الطبيعة.

وخلال تلك الفترة كثرت حسابات النظرية النسبية التي تؤدي إلى امكانية نشأة ثقب أسود.   من خلال عمل فرنر إسرائيل وبراندون كارتر   نشأت " نظرية لا شعر" والتي تشير إلى أن حل الثقب الأسود الثابت يمكن وصفه بثلاثة إحداثيات طبقا لمقياسية كتلة، والعزم الزاوي والشحنة الكهربائية

وكانت ظواهر الثقب الأسود المحسوبة بواسطة النظرية النسبية لا تزال تعتبر نظرية بحتة وناشئة عن شروط تناظر مفترضة في حل المعادلات. كان من العلماء الذين اعتنقوا تلك الفكرة فلاديمير بلينسكي وأيزاك خالاتنيكوف وافيجني ليفشيتز الذي حاول اثبات ظهور تلك الحلول في الحال العام أيضا. ولكن في الستينيات من القرن الماضي قام روجر بنروز   وستيفن هوكينج باستخدام طريقة شاملة لإثبات أن حالة التفرد الثقالي تظهر أيضا في الحلول العامة لمعادلات النظرية النسبية العامة .  

وفي عام 1963م، وجد "دوي كير " مجموعة من الحلول لمعادلات النسبية العامة تصف الثقوب السوداء الدوارة التي أغفلها "إزرائيل ". فإذا كانت الدورات صفر يكون الثقب الأسود كروي تماما ويصبح الحل مماثلاً لحل "شفارزشيلد". أما إذا كان الدوران ليس صفرا ينتفخ الثقب الأسود نحو الخارج قرب مستوى خط استوائه تماما مثل الأرض منبعجة من تأثير دورانها. لقد أفترض إزرائيل أن أي جسم ينسحق ليكون ثقبا أسود سوف ينتهي إلى وضع مستقر كما يصف حل كير.

حجم الثقوب السوداء وأدلة وجودها

في عام 1970م بين "براندون كارتر " أن حجم وشكل أي ثقب أسود ثابت الدوران يتوقف فقط على كتلة ومعدل دورانه بشرط يكون له محور تناظر، وبعد فترة أثبت ستيفن هوكنغ أن أي ثقب أسود ذى دوران ثابت سوف يكون له محور تناظر. واستخدم "رو بنسون " هذه النتائج ليثبت أنه بعد انسحاق الجاذبية بان الثقب الأسود من الاستقرار على وضع يكون دوارا ولكن ليس نابضا، وأيضا حجمه وشكله يتوقفان على كتلته ومعدل دورانه دون الجسم الذي انسحق ليكونه.

ماهي الأدلة على وجود هذه الثقوب؟

الثقوب السوداء لا دليل عليها سوى حسابات مبنية على النسبية لذلك كان هناك من لم يصدق بها. وفي عام 1963م، رصد "مارتن سميدت " وهو عالم فلكي أمريكي الانزياح نحو الأحمر في طيف جسم باهت يشبه النجم في اتجاه مصدر موجات الراديو فوجد أنة أكبر من كونه ناتج عن حقل جاذبية فلو كان انزياحه بالجاذبية نحو الأحمر لكان الجسم كبير الكتلة وقريبا منا بحيث تنزاح مدرات الكواكب في النظام الشمسي. وهذا الانزياح نحو الأحمر ناتج عن توسع الكون وهذا يعني بدوره أن الجسم بعيداً جدا عنا ولكي يرى على هذه المسافة الكبيرة لابد وأنه يبث مقدار هائلاً من الطاقة والتفسير الوحيد لهذا ناتج انسحاق بالجاذبية ليس لنجم واحد بل لمنطقة مركزية من إحدى المجرات بكاملها وتسمى الكوازار وتعني شبيه النجوم.

الكوازارات

في عام 1967م اكتشفت "جوسلين بل" أجسام في الفضاء تبث نبضات منتظمة من موجات الراديو وكانت يعتقد بأنها أتصلت مع الحضارات غريبة في المجرة ولكنها توصلت إلى أن هذه النبضات ناتجة عن نجم نباض هو في الواقع نجوم نيترونية دوارة تبث هذه النبضات هي بسبب تداخل معقد بين حقولها الجاذبة وبين المادة المحيطة بها وهذه النبضات هي الدليل الأول على وجود الثقوب السوداء ولكن كيف يمكن لنا اكتشاف أو استشعار الثقب الأسود مع أنه لا يبعث الضوء؟ ذلك عن طريق دراسة القوة التي يمارسها الثقب الأسود على الأجسام المجاورة فقد شاهدوا نجما يدور حول آخر غير مرئي ولكن ليس هذا شرطً أن يكون النجم غير المرئي ثقباً أسود فقد يكون نجماً باهتاً.

ومع هذه الجاذبية العالية والطاقة الهائلة التي يبثها الثقب الأسود فإنه قد تتولد جسيمات ذات طاقة عالية جداً قرب الثقب الأسود ويكون الحقل المغناطيسي شديداً بحيث تتجمع الجسيمات في نفاثتية متضادتين تنطلقا خارجاً على طول محور الدوران، ونشاهد مثل هذه الجسيمات في عدد من الكوازار.

شعاع الثقب الاسود

من فكرة تعريف الثقب الأسود كمجموعة من الأحداث التي لا يمكن الإفلات منها بعيداً، ويعني أن الثقب الأسود أي أفق الحدث مكون من مسارات أشعة الضوء في الزمكان وبالتالي لا يستطيع الضوء الابتعاد عن الثقب الأسود بل يحوم عند أطرافه إلى الأبد. أن هذه المسارات لا يمكن أن تقترب من بعضها البعض فإذا أقتربت فلابد أن تندمج لتصبح واحدة وفي هذه الحالة تقع في ثقب أسود، ولكن إذا أبتلع الثقب الأسود هذه الأشعة فهذا يعني أنها لم تكن على حدوده، وهذا يعني أنه يجب أن تكون الأشعة متوازية أو متباعدة، وإذا كانت الأشعة التي يتألف منها أفق الحدث لا يمكنها أن تتقارب فإن مساحة أفق الحدث تبقى كما هي أو تتسع مع الزمان، وفي الواقع تتسع المساحة كلما وقع في الثقب الأسود مادة أو إشعاع وإذا تصادم ثقبان أسودان واندمجا معا في ثقب واحد فإن مساحة أفق حدث للثقب الجديد تساوي مجموع مساحتي الثقبين الأوليين أو أكبر وبناءً على هذا التعريف وهذه الفكرة فسوف تكون حدود الثقب الأسود هي هي للثقب الأسود وأيضا مساحتهما بشرط أن يكون الثقب الأسود صار إلى وضع مستقر لا يتغير مع الزمن، كان هذا السلوك لمساحة الثقب الأسود مستوحى إلى حد بعيد من سلوك مقدار مادي يدعى "أنتروبيا"-وهو مقياس درجة الخلل أو اضطراب نظام ما - ويعرف تقدير أو وصف هذه الفكرة الدقيقة بالقانون الثاني للديناميكا الحرارية فهو ينص على أن "الأنتروبيا" لنظام معزول تتزايد باطراد وعندما يندمج نظامين معا، تكون "أنتروبيا" النظام الموحد، أكبر من مجموع الأثنين في كل منهما، وأقترح طالب أبحاث اسمه "جاكوب بكنشتاين" إن مساحة أفق الحدث هي مقياس أنتروبيا لثقب الأسود؛ فكلما سقطت فيه مادة تحمل أنتروبيا كلما وأتسعت مساحة أفق الحدث ’بحيث أن مجموع أنتروبيا المادة خارج الثقوب السوداء ومساحة الآفاق لا تنقص أبدا، فإذا كان للثقب الأسود أنتروبيا فلابد أن تكون له حرارة كذلك كل جسم ذي حرارة معينة لابد أن يبث إشعاع بمعدل ما وهذا الإشعاع ضروري لتفادي خرق القانون الثاني للديناميكا. أي أنه يجب أن تبث الثقوب السوداء إشعاعاً ولكن الثقوب السوداء بحكم تعريفها بالذات أجسام يفترض أن لا تبث شيئا.

وفي الحقيقة الثقوب السوداء الدوارة تبث جسيمات ذرية، ولكن عندما أجرى ستيفن هوكنغ حساباته ظهرت له نتيجة مزعجة وهي أنه حتى الثقوب السوداء غير الدوارة تبث جسيمات ذرية وهذه النتيجة كان يعتقد ستيفن أنها ناتجة عن اعتماده تقديرا خاطئا وأخيرا أكد له طيف هذه الجسيمات هو بالضبط ما قد يصدر عن جسم حار.



كيف يبدو أن الثقب الأسود يمكنه بث جسيمات مادمنا نعرف أن لا شي يمكنه الإفلات من أفق الحدث؟ الجواب كما تفيد نظرية الكم هو إن الجسيمات لا تصدر من داخل الثقب الأسود بل من (الفراغ) الفضاء الفارغ خارج أفق الحدث للثقب الأسود مباشرة؛ وكي تتضح الصورة لابد من إعادة فكرة إن ما نخاله فضاء فارغا، لا يمكن أن يكون فراغا تماما لأن ذلك يعني إن جميع الحقول من الجاذبية وكهرومغنطيسية ستكون صفرا بالضبط إلا أن قيمة الحقل ومعدل تغيره مع الزمن يشبهان موقع وسرعة الجسم: فمبدأ عدم التأكد يحتم أنه كلما قمنا بقياس واحدة من هاتين الكميتين بدقة عالية كلما تناقصت دقة قياس الكمية الأخرى. ففي فضاء فارغ لا يمكن تحديد الحقل صفرا بدقة لأنه تكون له قيمة صفر ومعدل تغير صفر، وهذا مخالف لمبدأ عدم التاكد. إذاً لابد أن تكون هناك جسيمات أولية في الفضاء تظهر تارة وتختفي تارة، وهي حينما تفعل ذلك فهي تظهر على هيئة زوجا من الجسيمات أحدهما الجسيم والآخر نقيضه. ولا يلبثان طويلا بل يفني كل منهما الآخر ثانيا (من هنا ظهرت فكرة طاقة الصفر حاول البحث عن أعمال وحياة العالم نيكول تسلى).

ولا يمكن رؤية هذه الجسيمات أو اكتشافها بالكشافّات لان تأثيراتها غير مباشرة ويتنبأ مبدأ الارتياب بوجود أزواج أفتراضية متشابهة من جسيمات المادة بحيث يكون أحد الزوجين من المادة والأخر من المادة المضادة. وتخيل هذه الجسيمات على حدود الثقب الأسود أي على حدود أفق الحدث من الممكن جدا أن يسقط الجسم الافتراضي الذي يحمل الطاقة السالبة وينجو الجسم ذو الطاقة الموجبة.

بالنسبة لراصد من بعيد يبدو وكان الجسيم صادر عن الثقب الأسود ومع دفق الطاقة السالبة إلى داخل الثقب الأسود سوف تنخفض كتلة الثقب الأسود ولفقد الثقب الأسود لبعض كتلته تتضاءل مساحة أفق حدثه فكلما صغرت كتلة الثقب الأسود أرتفعت درجة الحرارة ومع ارتفاع درجة الحرارة يزداد معدل بثه الإشعاع فيتسارع نقصان كتلة أكثر فأكثر ولكن لا أحد يعلم ماذا يحدث للثقب الأسود إذا تقلصت أو انكمشت كتلته إلى درجه كبيرة ولكن الاعتقاد الأقرب أنه سوف ينتهي إلى انفجار نهائي هائل من الإشعاع يعادل انفجار ملايين من القنابل الهيدورجينية. فالثقب الأسود الأولى ذو الكتلة البدائية من ألف مليون طن يكون عمره مقاربا لعمر الكون. أما الثقوب السوداء البدائية ذات الكتلة دون هذه الأرقام فتكون قد تبخرت كليا. وتلك التي لها كتله أكبر بقليل تستمر في بث إشعاعات على شكل أشعة سينية أشعة غاما وهذه الإشعاعات من سينيه وغاما تشبه الموجات الضوئية ولكن بطول موجي أقصر وتكاد هذه الثقوب لا تستحق صفة سوداء فهي حارة في الواقع إلى درجة (الاحمرار- أبيض) وتبث طاقة بمعدل يقارب عشرة آلاف ميغا الواط.

رصد الثقب الأسود

قد نفتش عن أشعة غاما التي تبثها الثقوب السوداء الأولية طوال حياتها مع إن إشعاعات معظمها سوف تكون ضعيفة بسبب بعدها عنا بعدا كبيرا، ولكن اكتشافها من الممكن. ومن خلال النظر إلي خلفية أشعة غاما لا نجد أي دليل على ثقوب سوداء أولية ولكنها تفيد بأنه لا يمكن تواجد أكثر من 300 منها في كل سنه ضوئية مكعبة من الكون. فلو كان تواجدها مثلا أكثر بمليون مرة من هذا العدد فإن أقرب ثقب أسود إلينا يبعد ألف مليون كيلومتر، وكي نشاهد ثقبا أسودا أوليا علينا أن نكشف عدة كمات من أشعة غاما صادرة في اتجاه واحد خلال مدى معقول من الزمن كأسبوع مثلا، ولكن نحتاج إلى جهاز استشعار كبير لأشعة غاما وأيضا يجب أن يكون في الفضاء الخارجي لأن الغلاف الجوي للأرض يمتص قدرا كبيرا من أشعة غاما الآتية من خارج الأرض.. إن أكبر مكشاف أشعة غاما يمكنه التقاطها وتحديد نقطة الثقوب السوداء موجود لدينا هو الطبقة الهوائية للأرض بكاملها. فعندما يصطدم كم عالي من الطاقة من أشعة غاما بذرات جو الأرض يـُولد أزواجا من الإلكترونات والبوزيترونات ( نقيض الإلكترون) ونحصل على وابل من الإلكترونات السريعة التي تـُشع ضوءاً يدعى إشعاع شيرنكوف. إن فكرة إشعاع الثقوب السوداء هي من أمثلة التنبؤ الفيزيائي المبني على النظريتين الكبيرتين المـُكتشفتان في هذا القرن : النظرية النسبية العامة وميكانيكا الكم. وهذه أول إشارة إلى أن ميكانيكا الكم قادرة على حل بعض التفردات الثقالية التي تنبأت بها النسبية العامة.وعلى الرغم من عدم تمكننا من رؤية أو تصوير الثقوب السوداء، فهناك سبل لمعرفة مكانها. وقد استطاع العلماء الالمان في السنوات القليلة الماضية اكتشاف حقيقة تواجد أحد تلك الثقوب السوداء في مركز المجرة. بالطبع لم يروه رؤية مباشرة، ولكنهم دئبوا على مراقبة حركة نجم كبير قريب من مركز المجرة لمدة سنوات عديدة، ويدور هذا النجم في مدار حول مركز خفي.

وعلى أساس معرفة كتلة النجم ونصف قطر فلكه، استطاع العلماء استنتاج وجود الثقب الأسود في مجرتنا وحساب كتلته التي تبلغ نحو 2 مليون ضعف لكتلة الشمس.

الثقوب السوداء والنظريات الفيزيائية

من المعروف أن قوانين الفيزياء مبنية على النظريات وعلى هذا الأساس بما أنه توجد أجسام تسمى ثقوب سوداء، يمكن للأشياء السقوط فيها بلا عودة فإنه يجب أن تكون هناك أجسام تخرج منها الأشياء تسمى الثقوب البيضاء ومن هنا يمكن للمرء افتراض إمكانية القفز في ثقب أسود في مكان ما ليخرج من ثقب أبيض في مكان آخر. فهذا النوع من السفر الفضائي ممكن نظريا، فهناك حلول لنظرية النسبية العامة يمكن فيها السقوط في ثقب أسود ومن ثم الخروج من ثقب أبيض أيضا لكن الأعمال التالية بينت أن هذه الحلول جميعها غير مستقرة : فالاضطراب الضئيل قد يدمر أخدود الدودة أو المعبر الذي يصل بين الثقب الأسود والثقب الأبيض (أو بين كوننا وكون موازي له)، إن كل هذا الكلام الذي ذكر يستند إلى حسابات باستخدام النظرية النسبية العامة لأينشتاين ولا يمكن اعتبار هذه القياسات صحيحة تماما لأنها لا تاخذ مبدأ الارتياب بالحسبان. ويفقد الثقب السود كتلته بإصدار الجسيمات والإشعاع حتى تصبح كتلته صفر ويختفي كليا، ولو أفترضنا أنه كانت هنالك مركبة فضاء قفزت إلى هذا الثقب ماذا يحدث؟ فيقول ستيفن هوكينج بناءً على عمل أخير له إن المركبة سوف تذهب إلى كون (طفل) صغير خاص بها كون صغير مكتف ذاتيا يتفرع عن منطقتنا من الكون (الكون الطفل يمكن توضيحه وذلك بأن تتخيل كمية من الزيت في حوض ماء وهي متجمعة حرك هذه الكمية بقلم سوف تنفصل كرة صغيرة من الزيت عن الكرة الكبيرة هذه الكرة الصغيرة هي الكون الطفل والكرة الكبيرة هي عبارة عن كوننا ولاحظ أن الكرة الصغيرة قد ترجع وتتصل مع الكرة الكبيرة) وقد يعود هذا الكون الطفل إلى الانضمام ثانية إلى منطقتنا من عالم الزمكان فأن فعل سيبدو لنا كثقب أسود آخر قد تشكل ثم تبخر والجسيمات التي سقطت في ثقب أسود تبدو كجسيمات مشعة من ثقب آخر. ويبدو هذا وكأنه المطلوب للسماح بالسفر الفضائي عبر الثقوب السوداء لكن هناك عيوب في هذا المخطط لهذا السفر الكوني أولها أنك لن تستطيع تحديد مكان توجهك أي لا تعلم إلى أين سوف تذهب وأيضا الأكوان الطفلة التي تأخذ الجسيمات التي وقعت في الثقب الأسود تحصل فيما يدعى بالزمن التخيلي يصل رجل الفضاء الذي سقط في الثقب الأسود إلى نهاية بغيضة مؤلمة فهو يتمزق بسبب الفرق بين القوى المطبقة على رأسه وقدميه حتى الجسيمات التي يتكون منها جسمه سوف تنسحق تواريخها في الزمن الحقيقي وستنتهي في متفرد ثقالي، ولكن تواريخها في الزمن التخيلي سوف تستمر حيث تعبر إلى كون طفل ثم تعود للظهور كجسيمات يشعها ثقب أبيض، إن على من يسقط في ثقب أسود أن يتخذ الشعار : (فكر تخيليا). وما نعنيه هو إن الذهاب عبر ثقب أسود ليس مرشحا ليكون طريقة مرضية وموثوق بها للسفر الكوني لأنها ما زالت في طور الفلسفة النظرية ولربما نتمكن بعد سنوات من الدراسات من دخول الثقب الأسود فبعض العلماء قالو ان الثقب الأسود بوابة لمجرة بعيدة أو عالم آخر

هل يمكن رؤية الثقب الأسود؟

ينشأ الثقب الأسود عندما ينتهي عمر أحد النجوم البالغة الكبر (حجما) وينتهي وقوده، فينفجر وينهار على نفسه. ويتحول النجم من سحابة كبيرة عظيمة إلى تجمع صغير محدود جدا للمادة المكثفة. وتعمل ذلك التجمع المادي المركز على جذب كل ما حولها من جسيمات أو أي مادة أخرى. وحتى فوتونات الضوء لا تفلت منه بسبب جاذبيته الخارقة، فالثقب الأسود لا ينبعث منه ضوء.

ولكن كل ما ينجذب وينهار على الثقب الاسود يكتسب سرعات عالية جدا وترتفع درجة حرارتها. وتستطيع التلسكوبات الكبيرة على الأرض رؤية تلك الدوامات الشديدة الحرارة. أي أن الثقب الأسود يفصح عن نفسه بواسطة شهيته وجشعه لالتقات كل مادة حوله. ولا يتعين علينا أن نخاف لأن الفلكيين لم يجدوا أي ثقب اسود بالقرب من المجموعة الشمسية.

أنواعها

الثقب الأسود هو المرحلة الأخيرة من عمر نجم عظيم الكتلة . وفي الواقع فهو ليس نجما حيث أنه لا يولّد طاقة عن طريق الاندماج النووي (يتوقف الاندماج النووي في النجم كبير الكتلة بعد استهلاكه لوقوده من الهيدروجين و الهيليوم ويصبح ثقبا أسودا لا يشع ضوءا).

ويمكن تكوّن ثقب أسود بعدة طرق:ثقب أسود صغري : طريقة افتراضية ، ويمكن من الوجهة النظرية أن تتكون في معجل جسيمات

ثقب أسود نجمي: وهي أجرام تبلغ كتلتها بين 4 - 15 كتلة شمسية

ثقب أسود متوسط الكتلة : ويتميز بكتلة بين 100-10000 كتلة شمسية .

ثقب أسود فائق الضخامة : وتبلغ كتلته عدة ملايين أو عدة بلايين كتلة شمسية.

معتقدات

يفسر بعض العلماء المسلمين ما جاء في سورة التكوير في الآية 15، 16 في القرأن ((فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ)) بأنها تشير إلى الثقب الأسود، حيث أن حقيقة علمية وهي أن الثقوب السوداء تسير وتجري وتكنس كل ما تصادفه في طريقها، وقد جاء في الدراسات حديثاً عن الثقوب السوداء ما نصه: It creates an immense gravitational pull not unlike an invisible cosmic vacuum cleaner. As it moves, it sucks in all matter in its way — not even light can escape. وهذا يعني: إنها - أي الثقوب السوداء – تتميز بقوة جاذبية هائلة تعمل مثل مكنسة كونية لا تُرى، عندما تتحرك تبتلع كل ما تصادفه في طريقها، حتى الضوء لا يستطيع الهروب منها. وفي هذه الجملة نجد أن الكاتب اختصر حقيقة هذه الثقوب في ثلاثة أشياء:هذه الأجسام لا تُرى: invisible

جاذبيتها فائقة تعمل مثل المكنسة: vacuum cleaner

تسير وتتحرك باستمرار: moves

فقد اختصر القرآن كل ما قاله العلماء عن الثقوب السوداء بثلاث كلمات فقط!! يقول القرآن: (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ) [التكوير: 15-16]. ونحن في هذا النص أمام ثلاث حقائق

الْخُنَّسِ : أي التي تختفي ولا تُرى أبداً، وقد سمِّي الشيطان بالخناس لأنه لا يُرى من قبل بني آدم. وهذا ما يعبر عنه العلماء بكلمة invisible أي غير مرئي.

الْجَوَارِ: أي التي تجري وتتحرك بسرعات كبيرة. وهذا ما يعبر عنه العلماء بكلمة move أي تتحرك.

الْكُنَّسِ: أي التي تكنس وتبتلع كل ما تصادفه في طريقها. وهذا ما يعبر عنه العلماء بكلمة vacuum cleaner أي مكنسة.

السفر عبر الزمن

ثقب أسود يمر بين المشاهد ومجرة تقع خلفه، ويرى تشوه ضوء المجرة القادم إلينا (محاكاة تشبيهية)
تتكون الثقوب السوداء غالبا بسبب  ان النجوم تفقد طاقتها بمرور الزمن و في نهاية

 حياتها تتضخم ثم تنفجر و يتناثر حطامها في الفضاء , هذا بشكل

 عام , لكن بعض النجوم عندما تنفجر يتناثر قسم منها لكن مركز

 النجم يبدا بسحب هذه الاجزاء (طبعا هذه الحالة تحصل اعتمادا على

 حجم النجم نفسه و يسمى بالعتبة) تبدا هذه الاجزاء المتناثرة

 بالعودة باتجاه مركز النجم و تبدا زيادة الجاذبية بسبب زيادة الكثافة بحيث

 تصبح الكتلة التي بحجم حبة الحمص ذات وزن يعادل وزن الكرة الارضية ,

 و بزيادة الكثافة و الجذب لهذا الجسم يتكون الثقب الاسود الذي يجر

 اليه الكواكب و النجوم و حتى مجرات كاملة , و الصعوبة باكتشافه هي

 انه بسبب جاذبيته الخيالية فحتى الضوء و اي طاقة يجذبها اليه و ل

 تفلت منه و لهذا سميت سوداء لان الضوء لا يخرج منها .

 بالنسبة لهذه الاجسام التي تسحبها الثقوب السوداء فيعتقد ان هذه

 الثقوب متصلة بواسطة انفاق دودية بثقوب تسمى الثقوب البيضاء

 و التي يتم منها طرح الاجسام المسحوبة بالثقوب السوداء...

 اكتشف جون ميتشيل عام 1783 أن النجوم العملاقة سوف تكون

 لها جاذبية كبيرة تجعل الاشعاعات والاضواء المنبعثة منها ترتد مرة

 أخري الي سطحها. ولم يحاول انذاك البحث فيما قاله ميتشيل أو

 صياغة قانون حتي أعلن اينشتاين نظرية النسبية العامة عام 1915

 والتي تنبأ فيها بوجود نجوم متقلصة شديدة الجاذبية وعبر عن ذلك

 بثلاث معادلات محددة الاولي ثابت الجاذبية لنيوتن والثانية كتلة النجم

 المتقلص والثالثة النسبية بين كتلة النجم المتقلص وكتلة النجم

 العملاق الاصلي وقطره قبل أن ينفجر ويتقلص قلبه. وقد تأكد تماما

 من وجود تلك النجوم وتصويرها لأول مرة عام 92 بتليسكوب الفضاء

 هوبل فقد لاحظ أنه في آخر مرحلة من مراحل النجوم العملاقة التي

 تنهار تحت ثقلها مما يؤدي الي اشتعال مادتها ويتحول النجم خلال 6 ساعات

 الي نجم سوبر نوفا متفجر. ويطيح الانفجار بسطح النجم وغلافه

 الخارجي حيث يتحول الي سديم حلقي أما القلب فيتحول الي نجم نيوتروني

ثقب أسود يجذب إليه المادة من نجم مجاور.
 لايزيد قطره علي 15 20 كيلو مترا. أما اذا كان الثقب الاسود لا يدور حول

 محوره فهو مستدير الشكل تماما وليس له شحنة واذا كان دوارا فهو

 مفلطح ويحمل شحنة. ولكن الامر ليس بهذه البساطة، فهذه النجوم

 من الثقوب السوداء تتمتع بقدر كبير جدا من الغرابة والتناقض.

 فالمشكلة أن كل ما يصل الينا هو ما يحدث عند الحدود الخارجية

 للثقب نفسه أما فيما يخص داخل الثقب فلا أحد يمكن الوصول

 اليه. فنتائج الابحاث تشير الي أن الطاقة الكلية الموجودة داخل الثقب

 الاسود صفر، فهو يتصرف كأي جسم في درجة حرارة الصفر المطلق

 حيث يمكنه تحويل الحرارة.

 وتصل درجة الحرارة في قلبه أقل من الصفر المطلق مع أن درجة

 الحرارة علي سطحه مئوية.

 ويري بعض علماء الفلك أن مادة الثقب الاسود هي من المادة المضادة

 والتي تنتج هذه الحرارة الهائلة عند التحامها بمادة النجم المجاور

 وتسحقها كلية. ويبدو أن الطاقة الموجبة للمادة التي يتم ابتلاعها

 تتحول فور عبورها 'الافق الخارجي' الي طاقة سالبة وتفقد كتلتها

 الذاتية تماما. وتدل الابحاث أن حرارة قلب الثقب هي حرارة سالبة أي

 ربما أقل حرارة من الصفر المطلق الذي لا نعرف عنه شيئا أقل

 منه حرارة في علوم الفيزياء.

 وأهم ما يحدث في ظاهرة الثقوب السوداء هو تحول السهم

 الزمن من الامام الي الوراء في لحظات أي تعود الي الزمن

 التخيلي. فلو كان قلب الثقوب السوداء في درجة الصفر المطلق

 لتوقف الزمن حيث تتوقف الاليكترونيات عن الدوران حول نواة الذرات.

 وهذا يجعل العلماء متحيرين مرة أخري. فهل يمكن لتلك الظاهرة

 تعدي الحاجز الفاصل لتصل الي عالم الطاقة السالبة 'العالم

 التخيلي' فالمعروف أن هذا العالم يسير وفقا للقانون أما العالم

 التخيلي فيسير وفقا لقانون غير معروف الابعاد.

 ويبرر بعض العلماء ما يحدث داخل الثقوب السوداء بانقلاب شامل

 لوظيفة الزمن والمكان فسهم الزمن ليس له اتجاه واحد داخلها.

 وأما الفضاء مع المادة فنجده مجبرا بالجاذبية للاتجاه نحو مركز الثقب

 فقط. ويرجع العلماء الي السؤال عن أين تذهب كل هذه المواد من

 النجوم الاخري التي يبتلعها الثقب الاسود؟ وبالطبع لا يوجد اجابة.

 الا أن العالم هوكينج يري أن الثقب الاسود في هذه الحالة يتزايد

 حجمه وينمو الي أن يبتلع كل أو معظم نجوم المجرة وربما يتحول

 بعد ذلك الي كويزر كما يشير. الا أن العالم الامريكي جون ويلر يري

 أن تلك الثقوب دودية أو انفاق داخلية أشبه بالثقوب الطولية التي

 يحشو بها قرص الجبنة. وهذه الانفاق تبدأ عند مركز الثقب الاسود

 وتربط بين قطاعات أو أطراف أو أجزاء الكون المنظور منه وغير المنظور.

 وأكد أيضا أن تلك الثقوب الدودية لا يمكن أن تبدأ الا في مركز نجوم

 الثقوب السوداء الدوارة المفلطحة ذات الشحنة. أما الثقوب السوداء

 التي لا تدور حول محورها والمستديرة الخالية من الشحنة، فلا

 تحتوي علي اية انفاق دودية عند مركزها. ومن هنا جاءت افتراضية

 السفر عبر الزمن الي قطاعات أخري في الكون وأن كان الامر

 ليس مؤكدا.واكتشف أيضا أن تبخر الثقوب السوداء اذ أن سطح

 الثقب الاسود تصل درجة حرارتها الي شدة الانخفاض في حالة

 الثقوب السوداء العملاقة وشديدة الارتفاع علي عكس حالة

 الثقوب الصغيرة. فحسب قوانين الطبيعة، فان أي جسم مادي

 تزيد درجة حرارته عن قيمة الصفر المطلق يكون جسما مشعا

 وعلي هذا الاساس فالثقوب السوداء اجرام كونية مشعة..

 ويري آخرون أن الثقوب السوداء عندما تنفجر فانها تفقد جزءا

 من كتلتها في صورة طاقة اشعاعية وبمرور الزمن تنقص أحجام

 الثقوب السوداء وكلما نقص حجمها زادت كثافة اشعاعاتها.

 وهذا النقصان في حجمها يؤدي الي انفجارها واختفائها.

 ولكن تري ماذا يحدث بعد اختفاء الثقب الاسود؟

 يري العلماء أن هناك نقطة شاذة سوف تتخلف عن الانفجار

 عبارة عن نقطة مادية صفرية الابعاد لا نهائية الكثافة.

 وان كان الدكتور ستيفن هيوكينج له رأي آخر في مسألة ماذا

 يحدث بعد الانفجار، فهو يري أنه بالفعل اذا ما انفجر الثقب

 الاسود فانه سيختفي تماما بما في ذلك تلك النقطة الشاذة الي

 عالم آخر. أما بقايا الانفجار فستشكل في صورة نفق أو قناة تصل

 عالمنا بالعالم الآخر الذي انتقل اليه الثقب الاسود. وقد اعتمد

 علي نظرية جاذبية الكم والتي تصور أن هناك انفاقا تظهر وتختفي

 بصورة مستمرة في الفضاء الكوني وتقاس هذه الانفاق بمقياس

 لم يثبت صحته 'مقياس بلانك' وهنا نجد أنفسنا ندور في حلقة

 مفرغة حول هل بالفعل نستطيع السفر الي الماضي. فانفجار

 الثقوب السوداء يذهب بنا الي عالم آخر لا نعلمه وينتظر

 منا الكثير لاكتشافه.

السفر عبر الزمن



 ظلت مشكلة الانتقال الي الزمن التخيلي تشغل العقول من

 قديم الازل خاصة بعد ظهور نظرية الوتر أو الاربطة التي تشير

 الي أن ثقوب الفضاء لن تغير من تجانس الكون وتماسكه الكمي

 ولكنها قد تؤثر في ثوابته الاساسية في الطبيعة. وظل السؤال

 هل اذا ما بدأ الانسان من زمن حقيقي فكيف له أن ينتقل

 الي زمن تخيلي؟

 فقد أكد اينشتاين أن الزمن ظاهرة محلية وأنه يجري وفقا لمعدلات

 متفاوتة بالنسبة للمراقبين مختلفين في الكون وذلك اعتمادا

 علي سرعة كل من هذين الراصدين. فمثلا لو أن هناك رائدي فضاء

 يتحركان بسرعتين مختلفتين فان كلا منهما سوف يري الزمان

 يمضي علي سكان سطح الارض بمعدل مختلف عما يراه الرائد

 الآخر وبالتالي هذا يتناقض مع فكرة نيوتن حول كونية الزمن.

 واستطاع أيضا اثبات أن الزمن يمضي ببطء نسبي في المواقع

 ذات التجاذب القوي وفي المناطق شديدة التقوس والانحناء

 في الكون. وقد استغل علماء العصر الحديث تلك النظرية التي

 تؤكد علي امكانية ابطاء حركة الزمن.

 ومن هذا انطلق الفيزيائي ريتشارد فينجان الذي أكد أن تفاعل

 الجسيمات مع أضدادها تجعل احدها يتحرك للامام والآخر للوراء.

 وفي حالة التقاء النقيضين فانهما يصطدمان ويفني كل منهما

 الآخر. وبالتالي فان مضادات الجسيمات يمكنها أن تسير في

 الزمن الي الوراء. وهذا ما تؤكده نظرية الانفجار العظيم والتي

 تفترض أن مادة الكون كانت معبأة في حجم صغير للغاية يصعب

 تصوره ثم حدث انفجار فانطلقت منه محتويات هذا الجسم وكونت

 المجرات في الكون التي تقدر اعدادها بآلاف البلايين. والغريب أن

 المجرات منذ 18 ألف مليون سنة وحتي اليوم تجري بعيدا عن بعضها

 البعض في أرجاء الكون بسرعة عالية مما يؤدي الي تمدد الكون

 واتساعه بصفة مستمرة. ولكن هذا يجعل العلماء في حيرة أكثر

 وأمام سؤال خطير: هل سوف يستمر تمدد الكون واتساعه الي

 ما لا نهاية؟ أم سيتراجع وينكمش علي نفسه؟ وهل للزمن بداية

 أو أنه أزلي بلا بداية ولا نهاية؟ حتي وأن كانت الاحصائيات تشير

 الي أن بداية الزمن منذ 18 ألف مليون سنة وهو عمر الكون.

 وهناك الكثير من العقبات تقف أمام هذا الحلم لعل أهمها عامل

 السرعة الذي لا يمكن تجاوزه وفقا لنظرية النسبية الخاصة اذ أن

 تخطي سرعة الضوء يحتاج الي امداد الجسم بكمية غير متناهية

 من الطاقة لتصل الي سرعة الضوء التي لا يستطيع أحد أن يدركها.

 ومع ذلك فان بعض العلماء قد تخيلوا جسما تخيليا يدعي 'تاكيونات'

 له مواصفات خاصة ولد بها ليتفوق علي سرعة الضوء. ويعتقد

 العلماء أنه من الممكن أن يوجد مثل هذا الجسم في الاشعة

 الكونية الاولية المحملة بقدر كبير من الطاقة. وحتي الآن ليس

 هناك اجابة شافية علي ما اذا كانت بالفعل تلك الاشعة الكونية

 تحمل في طياتها هذا الجسم التخيلي.

 ويري عدة باحثين أن هناك العديد من المشاكل يجب حلها للتفكير

 في رحلة الزمن وأهمها. ضرورة التعرف علي طبيعة الكون من

 حيث الزمان والمكان وبخاصة نطاقهما الصغير الذي يقدر وفقا

 لمقياس بلانك من 10 33 سنتيمترا. وضرورة الوصول الي

 نظرية موحدة في الفيزياء تتضمن نظرية جاذبية الكم وهذا

 بالفعل ما تحاوله الدول الاوروبية اليوم فمن المقرر اطلاق

 قمر صناعي أوروبي، 'ليزا' عام 2012 لدراسة تلك النقطة.

والاهم من ذلك التوصل الي بناء انفاق الفضاء التي يمكن

 استغلالها كمعابر للسفر في الزمن. وقد يكون ذلك باقتلاع

 انفاق من الرغوة الكمية التي اشار اليها كيب ثورن أو بتمديد

 الفراغ الزائف وهي حالة غير ثابتة من حالات المادة ذات طاقة

 عالية والتي اشار اليها آلن جوث. اضافة الي التعرف علي خواص

 المادة الغريبة وكيفية استخدامها في تبطين وتقوية جدران انفاق

 الفضاء لتصبح قابلة للعبور والسفر فيها الي النجوم البعيدة. ولا

 يعدو أمر السفر في الزمن مجرد حلم يراود كل شخص أمامه

 مئات السنين ليتحقق.
 

مصادر

ماهي نظرية النسبية - لانداو ورومر - دار مير - موسكو - 1974م.

المجرات والكوازرات - تأليف وليام.ج. كاوفمان - بغداد - 1989م.

الكون - تأليف دافيد برجاميني - مكتبة لايف العلمية - بيروت - 1971م.

النسبية بين نيوتن وأنشتاين - تأليف د. طالب ناهي الخفاجي - 1978م.

الكون - تأليف كولين رونان - الأهلية للنشر والتوزيع - بيروت - 1980م.

الكون الأحدب - تأليف د. عبد الرحيم بدر - بيروت - لبنان - 1980م.

آينشتين والنظرية النسبية - د. محمد عبد الرحمن مرحبا - دارالقلم - بيروت - الطبعة الثامنة - شباط - 1981م.

الكون الراديوي - تاليف جي. أس. هي - ترجمة عبد الكريم علي - بغداد -1991م.








لويس ماسينيون


لويس ماسينيون Louis Massignon (و.25 يوليو 1883 - 31 اكتوبر 1962) مستشرق فرنسي عشق الشرق ورأى في التصوف الإسلامي الذي تمثل له في «الحلاج» مناجاة إلهية موجودة في كل المِلل والنِحل والأديان.  جذبني الشرق إليه بماضيه الحافل بالديانات، فإذا بي غارق فيه إلى قمة رأسي، وإذا بفلاسفة الإسلام ومتصوفوه يحظون جميعاً بالقسط الأكبر من تفكيري، وإذا بي بعد دراستي إياهم أنجذب نحو المنبع الأول الذي استقى منه هؤلاء الفلاسفة تصوفهم وفلسفتهم.

النشأة
ولد لويس ماسينيون في فرنسا عام 1883 وامتدت حياته حتى العام 1962، وفي مقدمة الكتاب الذي نشر عن حياته في السنوات الماضية والذي قامت عليه نخبة من المفكرين بإشراف الباحث الفرنسي جاك بيرك نقرأ أن ماسينيون كان يرى المقدس في صميم كل إنسان وكل حياة وكان يعتقد أن علاقة البشرية بالأعالي هي علاقة أساسية، وبالتالي فلا يمكنه أن يتصور وجود مجتمع إلحادي أو مادي بحت، ولهذا السبب فإن تطور المجتمعات الغربية أو قطاعات واسعة منها نحو التصور التكنولوجي والصناعي والوضعي للكون كان يقلقه.  
وفي قناعته بأن المقدس جزء أصيل من حياة كل إنسان، مثّل ماسينيون جسراً حقيقياً من الفهم الواعي للإسلام والمسلمين، فانفتح بحب على العمق الروحي لهما وإن سبب له ذلك الكثير من المشاكل مع أبناء جلدته الذين ورثوا صورة سلبية جداً عن الإسلام والمسلمين. ويعقد الأب باولو دالوليو مقارنات بين ماسينيون المسيحي وماسينيون المسلم إن جاز التعبير من خلال فهم مترابط ومتواز للمفاهيم الإسلامية الروحية الأساسية، وبين حياة ماسينيون المسيحية من خلال دراسته وتأمله في التصوف وفي شكل خاص من خلال هذا الترابط الروحي المدهش بين نفسه ونفس الحلاج. وبذلك أصبح ماسينيون رويداً رويداً يعيش مسيحيته انطلاقاً من المفاهيم الإسلامية والتعابير العربية. فمن الواضح مثلاً أن الجهاد الأكبر (جهاد النفس) هو مفهوم مواز للسعي في سبيل القداسة والتلمذة على السيد المسيح.
كما أن دراسته عن مفهوم «الفتوة في الإسلام» توازي مفهوم «النذر» عند الصليبيين في سبيل استرداد القدس، والمطوعة أي سكان الرباط هم كالفرسان الصليبيين سواء بسواء، والمتصوف المسلم الملتزم بالجهاد الأكبر يرادف الراهب الذي يعيش النذور الإنجيلية، كما أن هناك توازياً بين الحج الإسلامي إلى مكة المكرمة وبين الحج المسيحي إلى القدس، وبين مفهوم الإحرام هنا وهناك، فالمرجع والأصل هو إبراهيم الخليل بعلاقته بإسماعيل من جهة وإسحق والقدس من جهة أخرى، وإبراهيم هو أيضاً النموذج الأولي للمهاجر، وكل من يخرج من ذاته في سبيل اللقاء مع الله يعتبر مهاجراً. ومن خلال مفهوم الشهادة والاستشهاد. ناصر ماسينيون «دين المحنة» في شخصية الحلاج الذي صنع مكانته العلمية من خلال رسالته لدرجة الدكتوراه التي أعدها عنه بصفته المتوصف الإسلامي الذي أعدمته السلطات المسلمة في بغداد عام 922م، وقد كان عملاً مهماً بالفعل إذ ظهرت معرفة ماسينيون بالإسلام وآدابه والعالم الإسلامي في القرون الوسطى، عميقة وواسعة.
كتبه عن الحلاج
أصبح انشغال ماسينيون بالحلاج وقدره مضفوراً بحياته الدينية الخاصة التي تثورت في شكل غريب إلى حد بعيد من خلال التجربة المكثفة التي مر بها بالقرب من بغداد عام 1908 عندما كان في الخامسة والعشرين من العمر حيث ذهب إلى بلاد ما بين النهرين ضمن بعثة أثرية، وأثناء هذه المهمة ألقت السلطات العثمانية القبض عليه للاشتباه به جاسوساً وأرسلته مخفوراً إلى بغداد بالقرب من موقع «لسيمان بيك»، حيث تنتصب بقايا قصر ساساني دمره الفاتحون المسلمون في الماضي. أحس ماسينيون تحت وطأة الخطر المهلك أنه في حضور وحي ما، لقد هزّه الأمر حتى العمق وتحول من كاثوليكي ينقصه الإيمان إلى ورع كبير مؤمن متحمس، وصار هذا الشكل المكثف من الكاثوليكية وصوفية الحلاج غير قابل للتمييز في ما بعد.
لم يكن الحلاج مجرد شخصية تاريخية فقط بالنسبة الى ماسينيون، بل الشكل البدائي لأعمق تجربة يمكن أن يتوق إليها البشر، حتى أن الإسلام نفسه في شكل غير مرجح بما فيه الكفاية اندمج في ذهن ماسينيون مع الكاثوليكية الزاهدة التي خبرها بتشديدها على المعاناة وعلى الانعتاق عبر المعاناة. ويمكن القول إن شخصية الحلاج، لا بل نظرة ماسينيون الى شخصية الحلاج هي التي تعطينا مفاتيح فهم تطور ماسينيون الروحي، ولا بد من ذكر عبارة الحلاج «أنا الحق» لفهم الرابط في تأمل ماسينيون بين التصوف الإسلامي وبين تبنيه آراء غاندي في ما يخص الجهاد في سبيل الحق satyagraha واللاعنف ahimsa ، والحلاج هو الصوفي الذي أراد أن يعطي حياته الروحية وشهادته أبعاداً اجتماعية تخص الجماهير والدولة ولا تخص فقط نخبة من المختارين. كما لاحظ ماسينيون أن هناك ترادفاً بين عفة الراهب في المسيحية وبين الامتناع عن العلاقة الجنسية أثناء الحج في الإسلام، فممارسة الخلوة في الإسلام تتطلب العفة وهذا ما نلاحظه عند الحلاج حيث عاش العفة التامة فترات طويلة من حياته. وعلى كل حال، فإن عفة القلب شرط اللقاء بالله إذا كانت أسرارنا بكراً، وإننا نجد ماسينيون يتأمل في ذهاب الحلاج لخدمة رسالة الإسلام، إلى ما وراء حدود دار الإسلام وقلاع المرابطين، حيث عاش جهاده مرتين بالذهاب إلى الهند وأيضاً مرتين في جهاده بالحج. فالاستشهاد جهاد في سبيل الله يرادف تماماً أضحية الحج حيث ان الصلاة وقت الحرب ركعتان وصلاة وقفة عرفات ركعتان، كما أن صلاة العاشق «ركعتان لا يصح وضوءهما إلا بالدم» على حد ما قال الحلاج وهو مصلوب، وبعرفات تتحقق المساواة بين الرجل والمرأة، كما أن الجهاد الأكبر واحد للاثنين.
والحج أيضاً هو جهاد النساء اللواتي يمارسن الجهاد أيضاً في خدمة الفقراء وحماية اليتامى والضيوف والغرباء، فمن الواضح تماماً أن الحلاج بتقدمة نفسه يريد أن يؤدي الحج والجهاد معاً، فهما أثناء الجلد يصرخ بعد 400 جلدة فتحت القسطنطينية ثم يتوضأ بدم ذراعيه قبل الصلب، فعرق الأبطال هو الدم والشهيد لا يحتاج الى الغسل بعد موته، إذ هو طاهر قد تطهر بدمه، والحلاج شهيد في الجهاد. وفي كتابه عن الحلاج برهن ماسينيون على وجود النعمة الإلهية في الإسلام. وبالنسبة اليه، فإن الله كان يعني المحبة، أي العلاقة والهبة والتواصل مع الآخرين والتعاطف مع آلامهم ومصائبهم. ففي ما وراء العقائد والايديولوجيات المختلفة تبقى هناك علاقة أساسية تجمع بين كل البشر، هي علاقة التواصل والتعاطف من خلال الحقيقة المطلقة التي تتجاوزنا جميعاً.
وقد وُجد شبه كبير بين فكر ماسينيون وأطروحات المصلح الكبير ألمهاتما غاندي.
يقول ماسينيون إن من يعتبر غاندي مخترعاً منهج الكفاح الاجتماعي والإنساني هو مخطئ، فهذا ليس منهجاً بل هو موقف روحي صوفي، قبل أن يأتي إلى ساحة السياسة. ويضيف ماسينيون أنه وجد في غاندي أجوبة لتساؤلاته حول دور النخبة الروحية في المجتمع وحول إمكانية خرق دائرة انغلاقهم، إذ رأى في موقفه الموقف القادر على رفع الجماهير إلى مستوى النضج الروحي الواعي، فلم يستخدم الجماهير في سبيل قضية ما، بل خدمها في دعوتها العظيمة في سبيل الحق. ومن هذا المنطلق، فإن ماسينيون على خطى غاندي كان يقترح على العالم نظاماً اجتماعياً ودولياً جديداً. ولكن أي نظام؟ إنه ليس ذلك النظام الذي تريد قوى المال والرأسمالية أن تفرضه علينا اليوم بالقوة ولا ذلك النظام الذي تحاول قوى التزمت والتطرف أن تفرضه علينا بالقوة أيضاً، وإنما هو ذلك النظام الذي يعترف بتعددية الثقافات والحضارات وبإمكان التعايش في ما بينها من خلال التواصل الروحي والإنساني العميق.
والمؤكد أن قراءة الصلاة الأخيرة للحلاج كما أوردها ماسينيون تقودنا إلى معرفة عمق أعماق الرجل والذي عمل بصبر لتحقيق أمنيته في الانتماء إلى سلسلة البدائل متشوقاً إلى الاستشهاد في الصحراء مثل شارل دي فوكو معيداً للمسلمين ما سبق أن قدموه له حين سبق وأخلي سبيله، ورعته عائلة مسلمة في بغداد ليصبح من الرجال الذين تستمر شفاعتهم عبر الأجيال ويشكلون تلك السلسلة من النفوس البطولية أو كما يدعوهم اصدقاء الله وهم ذاتهم «شركة القديسين» كما في المسيحية وأن هذه السلسلة هي العمود الفقري للتاريخ البشري. وهكذا يتضح أن الحلاج بصفته أحد البدائل قد قبل ظلم مجتمعه وطلب الاستشهاد وصلب مرفوضاً ومنبوذاً ومهمشاً... لكن عبر العصور رويداً رويداً تقبله الوعي الأخلاقي للعالم الإسلامي وها هو يقوم بعمله في حياة الناس بعد قرون طويلة كما في حياة ماسينيون نفسه. ومهما يكن من أمر، فإن ماسينيون رفع راية عالية عنوانها الوحدانية في الله وانجذاب القلوب الخاشعة المؤمنة له من كل الأمم والشعوب والقبائل، ذلك أن تلك الراية مصدرها، وهي ترتاح فيه، هي دعوة الى التوفيق لا الى التفريق كان ماسينيون راعيها ومجسّرها ومفجر ثورة فكرية عرفتها فرنسا بصورة خاصة في انفتاحه على العالم الشرقي والإسلامي بنوع خاص.
المصادر
^ إميل أمين (2008-11-08). لويس ماسينيون رجل المعرفة العميقة والتديّن الواسع. جريدة الحياة. وُصِل لهذا المسار في 11 نوفمبر 2008.
المراجع
Jean Morillon: Massignon. Classiques du XXième Siècle, Editions Universitaires, Paris, 1964.
Seyyed Hossein Nasr: In commemoration of Louis Massignon: Catholic, Scholar, Islamist and Mystic. University of Boston, November 18, 1983 in: Présence de Louis Massignon-Hommages et témoinages Maisonneuve et Larose ed. Paris 1987
Mary Louise Gude: Louis Massignon - The Crucible of Compassion. University of Notre Dame Press, Notre Dame, Indiana, 1996.
Missionary of Africa Father Maurice Borrmans: "Aspects Théologiques de la Pensée de Louis Massignon sur l'Islam". in: Louis Massignon et le dialogue des cultures. Paris 1996: Cerf
Website by Jean Moncelon dedicated to Louis Massignon
Elie Kedourie on Massignon
Georges Anawati. "Louis Massignon et le dialogue islamo-chrétien." in: Louis Massignon et le dialogue des cultures. Paris 1996: Cerf.

كاماسوترا


الكاماسوترام (بالإنجليزية: Kamasutram‏)، ويعرف أيضا باسم كاما سوترا Kama Sutra، هو نص هندي قديم يتناول السلوك الجنسي لدى الإنسان. يعتبر على نحو واسع عمل قياسي للحب في الأدب السنسكريتي. وضع النص الفيلسوف الهندي فاتسيايانا Vatsyayana، كخلاصة قصيرة للكثير من مؤلفات سابقة قديمة مختلفة تعود إلى تقليد يعرف باسم كاما شاسترا Kama Shastra، وهو يعني علم الحب، كلمة كاما Kama تعني الرغبة، بينما كلمة سوترا فتدلل على سلسلة من الحِكَمِ. مصطلح سوترا كان تعبير تقنيا قياسيا. هنالك اعتقاد شعبي قديم بأن الفيلسوف فاتسيايانا كان أعزبا. ويعتقد أيضا بأنه عاش في وقت ما بين القرنين الأول إلى القرن السادس، في فترة الازدهار الثقافية العظيمة في العصر الغوبتي Gupta period.


الأساطير عن فترة ماقبل كتابة الكاماسوترا

تذكر الأساطير أن أول نص لتقليد الكاماشاسترا كان يحوي الكثير من المعلومات، كما تذكر هذه الأساطير أن كاتب هذا النص هو ناندي، الثور المقدّس، وحارس باب الإله شيفا. هذا الثور الذي أصبح مقدسا بسبب سماعه أصوات شيفا وزوجته پارفاتي أثناء ممارسة الحب.

في فترة القرن الثامن قبل الميلاد، قام شفيتاكيتو، ابن أودّلاكا، بوضع ملخص لنص ناندي، إلا أن هذا الملخص بقي ضخم الحجم.

أحد الحكماء ويدعى بابهرفيا، وبالتعاون مع تلامذته، قام بتلخيص ملخص شفيتاكيتو. ومع ذلك بقي حجم هذا الملخص مقاربا لحجم موسوعة ضخمة.

بين القرنين الثالث والأول قبل الميلاد، قام بعض الكتبة بنشر أجزاء مختلفة من عمل بابهرفيا، يذكر منهم: تشارايانا، غوتاكموكا، غونارديا، غونيكابوترا، سوفارنانابها وداتّاكا.

ياشودهارا، في تعليقه على الكاماسوترا، يعيد أصل العلوم الجنسية إلى مالّاناغا، أحد أنبياء طائفة الآسورا الهندوسية، مما يعني أن نشأتها تعود إلى عهود سحيقة. ومن ثم جدا ناندي ونسخها للإنسان. ومن الجدير بالذكر أن الكاماسوترا تدعى بالعشق الإلهي حيث أن هذا الكتاب يقدم نموذجا من الأوضاع الجنسية التي كانت تقدمها البغايا في المعابد الهندوسية حيث كان الجنس يعد من ضمن الطقوس التي تقوم عليها العبادة في ذلك الوقت.


زمن الكاماسوترا وخلفيته


قد يكون أن فاتسيايانا عاش في القرن الرابع بعد الميلاد، حين الازدهار الثقافي المعروف بعصر الگوپتا. فرأها ميهيرا في عمله برهاد سامهيتا (حوالي القرن السادس بعد الميلاد) يقول أنه تأثر بالكاماسوترا، وذكر الملك شاتاكارني شاتافاهانا للكاماسوترا الذي عاش في القرن الأول قبل الميلاد يعطي فكرة عن الفترة الذي كتب الكتاب فيها.


فاتسيايانا يقول أن شتى أهم الأعمال الكاماشاسترية صارت صعبة لوصول إليها، ولذلك جمع معلومات وتلخيصهم في الكاماسوترا.
تحميل الكتاب  
للمزيد شاهد أيضا : 
  العودة  الي              مدونة   رحال          مخلوقات مدهشة        صفحات رحال     صفحات مخلوقات مدهشة
    رخصة المشاع الابداعي   بيانات الإتصال         تنويه عن رحال         كلمة   المدون        صفحاتنا علي  فيسبوك

أهلا وسهلا

رحـلات وجـولات ورسائل لا تنـتهى للعقـل والـروح وأحـيانا للجـسـد عــبر نـوافــذ الادراك المعـروفـة والمجهولة تتـخطـى المكان والـزمان تـخـوض بحـار العـلم و تـكشـف أسـرار المـعرفة حربـا علـى الظــلام والتحاقا بالنـور بحـثا عـن الخيــر والجـمـال ووصــولا الى الـحـق