الجمعة، 17 يونيو 2011

السُّبحة





السُّبحة، أو المِسبَحة، قلادة مكون من مجموعة من الحبات (خرز) مثقوبة يجمعها خيط يمرر من خلال ثقوب في الحبات لتشكل حلقة حيث تجمع نهايتي الخيط ليمرر بقصبة وليس شرطا من نفس نوع ولون الحبات.ويفسر المستشار محمد سامي محمد أبو غوش في كتابة الاحجار الكريمة تاريخ السبحة فيقول: أن فكرة السبحة هي تطور طبيعي وحتمي من فكرة القلادة. إلا أنه من الصعب التحديد الدقيق الزمني من تحول استخدام القلادة كسبحة للأغراض الدينية، بيد أنه يمكن القول والافتراض أن فكرة السبحة بدأت عند السومريين قبل (5000) سنة و(سومر دولة قديمة في بلاد الرافدين بداية الألفية الثالثة ق.م. لكن كان بداية السومريين في الألفية السادسة ق.م. وويضيف " من ثم انتقلت إلى بقية الحضارات الأخرى كالفرعونية والهندية والفارسية وغير ذلك من الحضارات اللاحقة وبما إن الاحجار الكريمة المصنوعة منها السبحة تتصف بالديمومة أو تلك التي عرف عنها قوة الصلادة أو القدرة فضلا عما تخيله الإنسان من مظاهر روحانية وسحرية الهبت حسه كونها من المواد تتصف بالصفات الأسطورية أو ما تعلق منها بالخرافات الشائعة آنذاك سواء بالنسبة للرجل أو المرأة على حدّ سواء، ان للمعتقدات الروحانية والخرافات أثر واضح على الاهتمام بتلك الأحجار كل أمة حسب معتقداتها وايمانها بالخرافات والأساطير وللمعتقدات الطبية الخرافية القديمة تفسيرات وأسباب أدت إلى استخدام الناس للقلائد الدينية. والواقع المستخلص قد تكون مرتبطة بالشعائر المتوارثة والمستخدمة آنذاك وقد تشمل العد والحساب أيضاً في عد الصلوات أو لغرض التأمل الديني.
سبحة الأحجار الكريمة    
إن دخول الأحجار الكريمة وشبة الكريمة في صناعة السبحة بشكل رئيسي مثل مسابح العقيق والأحجار البلورية وعين النمر والفيروز واللازورد وغيرها. وكذلك من الأحجار العضوية، كالمرجان واليسر والكهرمان. هي صناعة رائجة بشكل كبير، فالعدد المنتج من هذا النوع من الأحجار كبير نسبيا الرغم من الندرة البالغة جدا لبعض تلك الأحجار، إلا إن أغلب ما صنع من هذه المواد كمسابح هي من حجر الياقوت الأحمر والأزرق وغالبية مناراتها وفواصلها مصنوعة من الذهب أو البلاتين ومطعمة بالماس الصغير الحجم أو غيره من الأحجار الكريمة. تصنع السبحة من مواد مختلفة فقد تصنع من التربة المجففة وتلون بألوان مختلفة منها الأسود أو الأزرق الشذري (لون الشذر) أو اللون البني الترابي أو تصنع على شكل حبيبات خزفية، كذلك فقد تصنع من مادة اليسر المجلوب من البحر الأحمر وتصنع قرب مكة المكرمة حيث يتم تشكيها ونقشها وتطعيمها بنقط من الفضة أو الرصاص، فضلا عن استخدام الصدف أو المرجان أو خشب أشجار الزيتون ونواة الأثمار وهي المشهورة في المناطق قرب مدينة القدس، ويصنع بعضها من الأحجار الكريمة مثل الياقوت والامشست والمرجان واللؤلؤ والكهرب والفاتوران والمستكة أو المسكى والفضة والذهب والستيل وعين النمر واللابيس لازوليه وقائمة طويلة من نفائس الحجر والمواد الأخرى أو من العاج المنقوش والمحفور، كما قد تصنع من المواد البلاستيكية الرخيصة، وتصنع أحيانا من الحبال كتلك التي يحيكها بعض الرهبان والراهبات. لقد أستطاعت السبحة أن تعبر رحلتها الزمنية عبر الديانات المختلفة الوثنية والسماوية ما يقارب 3000 سنة من دون أن يمارس عليها أي نوع من قوة الإقصاء أو الرفض أو الازدراء كحال بقية الأشياء التي ينكرها بعض المتدينين في المعتقدات المختلفة، وقد تنافس على حملها المتدينون لتكون من أبرز علامات التقوى والتدين رغم أن بعضهم ينكر استخدام معلقات الديانات الأخرى خوفا من التشبه بأصحابها لكن السبحة أو السبحة كسرت ذلك الحاجز بقوة.
السبحة في اللغة العربية
كلمة (السبحة) بضم السين وإسكان الباء مشتقة من: ((التسبيح)) وهو قول: (سبحان الله) أو هو تفعيل من السَّبْح، الذي هو التحرك والتقلب، والمجيء والذهاب، كما في قول الله تعالى: ﴿إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا﴾«‌73‏:7» وجمعها سُبَح اشتقت عموما من الناحية الدينية أو اللغوية، من كلمة التسبيح - ففي القرآن الكريم ورد التسبيح لله عز وجل في عدة سور وآيات، وقد أتت كلمة التسبيح بمعاني وأماكن مختلفة في كل سورة وآية، ومن أمثلة ذلك : ذكر نوعية المسبحين: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾«‌17‏:44» و﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾«‌17‏:44» هي كلمة مولدة، قال الأزهري، وقال الفارابي، وتبعه الجوهري: السُّبْحَة: التي يسبح لها، يقول القائل الزبيدي في: تاج العروس، عن شيخه ابن الطيب الشرقي (إنها ليست من اللغة في شيء، ولا تعرفها العرب، وإنما حدثت في الصدر الأول، إعانة على الذكر، وتذكيراً وتنشيطاً). تاتي سبحة المسيحين بثلاثة وثلاثين عقدة أو خرزة دلالة على عمر السيد المسيح حين صعد إلى السماء، وهناك السبحة الوردية التي تحوي على خمسين عقدة للسبحة أهمية كبيرة لدى بعض الناس قد تصل إلى درجة التقديس وربطها بأمور دينية. يستخدم السبحة ويحملها معه دوما الكثير من المسلمين والعرب وبعض الشرقيين حتى في كوريا وكذلك رجال الدين المسيحيين ولكن أشكلها تختلف. تتكون السبحة التي يستخدمها المسلمون من تسعة وتسعين حبة مع فاصلتين صغيرتين حيث يكون بين كل فاصل ثلاثة وثلاثون حبة وشاهد أو من ثلاثة وثلاثون حبة مع فاصلتين حيث يكون بين كل فاصل أحد عشرة حبة وشاهد. من المهم في المسابح أن تكون حباتها ذات حجم مناسب يسهل معه تحريكها بأصابع اليد.
     ولا ريب أن المسبحة استخدمت لأسباب معينة ، وأنتجت وصنّعت من عشرات المواد ، وأصاب التغير شكلها على ضوء الضرورات الدينية والاجتماعية ، أو حسب المادة التي أُنتجت منها . فبعض المسابح قديم وبعضها حديث ، ومنها النفيس ومنها الرخيص  
فالسبحة تنقسم إلى أربعة أقسام وهي :
1-الخرز : وهو أهم جزء في السبحة وقد يكون حجرا كريما مثل (عقيق , مرجان , فيروز , كهرمان , سندلس)وقد يكون مصنوع من الكوك أو اليسر وهي من أنواع الخشب , وقد يكون الخرز مصنوع من العظام .
2- المئذنة: وهو اعلي ما في السبحة وقد تكون من نفس نوع الحجر أو من الفضة.
3- الشراب : وهو الجزء المنسدل من المئذنة وغالبا ما يكون مصنوع من الفضة (النوع التركي أفضلها) .
4- الشواهد: وقد تسمى فواصل وغالباً تكون بشكل مختلف عن الخرز والبعض يفضل أن يجعلها من الفضة .
و  المسبحة أو السبحة هي عبارة عن مجموعة من القطع ذات الأشكال الخرزية الحبـيْـبـيـة مع فواصل وقطع أخرى ، حيث تتألف كلها من عدد معين منظومة ومنتظمة في خيط أوسلك أو سلسلة ، وقد يختلف شكل الحبات نسبة للمجتمع أو الصانع أو حسب متطلبات الراغبين لأسباب دينية أو اجتماعية أو لغرض اللهو والتسلية
  ويتم تحريك قطع المسبحة باليد والأصابع ، كما وقد تفيد المسبحة أحيانا في العرض المظهري للتدين والتصوف والذكر والتسبيح والتهليل والتهدئة النفسية ، وأحيانا للوقار والوجاهة ، وأغراض أخرى مختلفة . والمواد التي تصنع منها المسبحة تتفاوت أيضا ، واختلفت عبر القرون حتى بلغت في التنوع ما لا يعد ويحصى خلال القرن الحالي .
وكلمة (المسبحة) أو (السبحة) اشتقت عموما من الناحية الدينية أو اللغوية ، من كلمة التسبيح - ففي القرآن الكريم ورد التسبيح لله عز وجل في عدة سور وآيات ، وقد أتت كلمة التسبيح بمعاني وأماكن مختلفة في كل سورة وآية ،  
تتألف المسبحة منذ القدم من قطع أو حبيبات مصنعة من مواد مختلفة وهذه الحبيبات ذات عدد معين يكون في معظم الأحوال مبني على قاعدة أو اعتقاد محدد . بالإضافة إلى قطع المسبحة الأخرى المختلفة كقطعتي الفواصل التي تقسم المسبحة في العادة إلى ثلاث أقسام وقطعة ثالثة تسمى بالمنارة أو المئذنة يتجمع فيها طرفي خيط المسبحة ويعقد بعدها . وقد يكون خيط المسبحة من مواد نباتية أو حيوانية أو سلك أو سلسلة معدنية . إن ذلك يعني أن جميع مكوناتها مثقوبة تصلح لمرور الخيط فيها ، وفي أكثر الحالات تنتهي المسبحة من جانب المئذنة أو المنارة بقطع إضافية تدعى أحيانا بالشرابة (أو الكشكول) مع دلايات إضافية من مواد الخيوط أو المواد المعدنية النفيسة وغير النفيسة وبأشكال متنوعة .
عموما يراعى عند صنع المسبحة ما يلي :
السهولة والمرونة التامة لمرور وتداول الحبات بالأصابع واتصافها بالنعومة والرقة عند ملامسة اليد ويتم تصنيع الحبات لتلاءم الاستخدام اليدوي في معظم الحالات .
تناسب حجم وشكل ووزن الحبات النوعي مع حجم وشكل ووزن المسبحة الإجمالي ، وبذلك تختلف المسابح حسب نوعية موادها ، ويُفترض في حملها راحة اليد بالنسبة للوزن .
يراعى متانة الخيوط أو الأسلاك أو غيرها كما تراعى ديمومة الخيوط ونوعيتها .
ضرورة صقل أوجه القطع والحبات بشكل عملي لمنع تكسرها أو انشطارها . ومن المؤثرات الإضافية الأخرى التي تحدد أوجه صناعة المسبحة وتؤثر على شكلها المنتج تأثيرا بالغا ما يلي :
نوعية الاستخدام حسب الطلب . فهناك الاستخدام الديني في التسبيح والتهليل والذكر وهناك الاستخدام الاجتماعي لغرض التسلية أو التعود أو المباهاة أو الهواية ، وهذه الاستخدامات تحدد عدد حبيبات المسبحة ، وشكلها النهائي أو حجمها .
نوعية المادة المستخدمة ، تتباين المواد المستخدمة من حيث صلادتها أو وزنها النوعي أو من حيث علاقتها بالخرافات والأساطير المرتبطة بمادة ما ، وبسبب الخصائص النوعية لبعض هذه المواد فقد يؤدي ذلك إلى تحديد مسبق أو غير مسبق لشكل المسبحة وطريقة صناعتها وشكلها النهائي .
وتصنع المسابح أحيانا من الأحجار الكريمة وشبه الكريمة ، ومن الأحجار الكريمة ذات الأصل العضوي ، ولا بد من الإشارة إلى أننا تطرقنا بشكل موجز في أحد الروابط الأخرى إلى اهتمام العرب والمسلمين بالأحجار الكريمة وتأثرهم بمهد حضارات وادي النيل ووادي الرافدين والإغريق والهند والصين .
ويتوجب أن نذكر هنا أن صناعة المسبحة من الجواهر النادرة جدا (Noble Gems - Precious Stones) هي صناعة نادرة أيضا وخصوصا من الياقوت وهي أكثر ندرة في مجال أحجار الماس والزمرد ، وتكاد الأعداد المنتجة منها تعد على أصابع اليد حسب علمنا .
أما صناعة المسبحة من الأحجار شبه الكريمة (Semi - Precious Stones) مثل مسابح العقيق والأحجار البلورية وعين النمر والفيروز واللازورد ..... الخ . وكذلك من الأحجار العضوية ، كالمرجان واليسر والكهرب . فهي صناعة رائجة بشكل كبير ، والعدد المنتج من هذا النوع من الأحجار كبير نسبيا ، ولعل مرد ذلك يعود إلى جملة من الأسباب التي تطرقنا إليها سابقا ما يُنتج بتطور التكنولوجيا وازدياد الطلب العالمي على هذه الصناعة بتوسع الثروات والإمكانات .
الكهرمان
لم يلاق حجر عند تصنيعه كمسبحة هوىْ ورغبة وقبولاً مثل هذا الحجر العضوي . فمسبحة الكهرب الجيدة أمنية الهاوي وكبار الشخصيات والوجهاء ومختلف الأفراد على حد سواء . فهي في اعتقاد طائفة كبيرة من مستخدمي المسبحة "درة المسابح" لما لمزايا هذا التحجر العضوي المناسبة  للصناعة وللاستخدام على الرغم من إرتفاع أسعاره وغلاء ثمنه .
فبالنسبة إلى لفظته ، فقد سمي (القطرون) أو الكترون باللغة الرومية ( Electron ) لوجود خاصية جذب الأشياء الدقيقة أو شحنة كهربائية إستاتيكية كامنة فيه تظهر إذا ما دلك الحجر باليد أو بالصوف . وفي إيران يسمى ( كوربّا ) لنفس الخاصية السابقة ، ويطلق عليه نفس الاسم في سوريا ولبنان وفلسطين ، وفي العراق وبعض دول الخليج يطلق عليه العامة اسم الكهرب ، وفي مدينة الموصل العراقية من يسميه ( الشيح ) نسبة إلى نبات الشيح الأصفر اللون خطأً . وفي مصر يطلق عليه اسم الكهرمان ، تجاوزاً لنفس الاسم المتعلق ببعض متحجرات الأصماغ الملونة أو المواد المركبة الصنع وقد يختلط الأمر حينئذ على بعض الناس وإن كان هنالك من يميز ذلك بين هذين النوعين بالتأكيد .
وفي اللغة الإنجليزية يسمى أمبر (Amber) ومن المعتقد أن هذا الاسم اشتق من اللفظة العربية لمادة العنبر ، أثناء حكم العرب لبلاد الأندلس ومنه انتقل إلى أوربا وقد يكون الخلط بين هذين النوعين المختلفين قد شاع بسبب الرائحة الذكية لمادة العنبر والكهرب عند الحرق أو الدلك أو عند الاستخدام العطري . أما في اللغة الألمانية فهو يسمى برنشتاين (Bernstein) وفي لغات أوروبية أخرى يسمى أمبار (Amber) أو أمبرا (Ambra) علاوة على أسماء أخرى متعددة ، تعني نفس المادة .
حجر اليشم     
مسابح حجر الجات أو الجيد (Jade) أو اليشم
دخل حجر الجيد أو اليشم في دائرة تصنيع المسبحة منذ قرن تقريبا ، وانتشر استعمالها في أوائل هذا القرن بعد أن تسارعت حركة التجارة الدولية مع الصين وشرقي آسيا . ومنذ قرون عديدة اهتم الصينيون به اهتماما كبيرا واعتبروه حجر في غاية النفاسة ، ونُحتت منه الحلي والقلادات والخواتم والتماثيل والأواني ، وهو ركن من أركان الفن الصيني القديم والحديث في عملية صناعة الحلي والنفائس .
وبعض العرب كان يطلق عليه حجر اليشم ، وأحيانا يطلق عليه حجر (الغلبة) باعتباره حجر حليف للنصر كما أن الصينيون القدماء صنعوه كزينة لرؤوس الحراب والسهام والفؤوس . ولقد قيل أن تقارب لون الفيروز المخضر من لونه والذي كان يسمى أحيانا بنفس اللقب اختلط على بعض الناس مما أدى إلى تجاوزات في التسمية . والمصادر الحديثة تشير إلى أن الحجر يتكون من معدنين متقاربين في المظهر وهما النفرايت Nephrite والجيديت Jadeite، والأخير منظم تكوين هذا الحجر . وتركيبه الكيماوي يتألف عادة من سليكات الصوديوم والألمونيوم ، أو المغنيسيوم والحديد مع سليكات الصوديوم .
وتميل ألوانه بشكل عام إلى الخضرة بتدريجاتها ، الغامقة والمصفرة أو المحمرة أو الداكنة وإلخ ...... وقد يكون شفافا أو نصف شفاف أو معتم . أمكنة استخراجه عديدة مركزها الصين والتبت وشمال بورما وتركستان وشمال أفغانستان ، وقد يمتد إلى منطقة ألاسكا ، كما يتواجد في المكسيك وبعض مناطق أمريكا الجنوبية ونيوزيلندة . وأحيانا يتواجد بقطع كبيرة في الطبيعة .
 وحبيبات المسبحة منه صنعت على شكل حبيبات كروية ذات حجم لا يزيد قطرها عن (5) ملم ، مع اختلاف تدرج الخضرة فيها . أما ملمس حباته فلها طابع دهني ، وإن كان معظم الأحجار التي أنتجت وصنعت ، هي متوسطة الجودة . كما أن الأنواع الجيدة منها تباع عادة في محال الجواهر وقد تكون أسعار بعضها غالية . أخيرا تتصف مسابح الجيد بوزنها الإجمالي الثقيل نسبيا وعدم اشتهارها في بلاد العرب كثيرا على الرغم من انتعاش الطلب عليها مؤخرا . كما أن هنالك حالة من الجهل في تمييز مسابح الجيد بسبب فروق الألوان وخصوصا الجيد المنتج في النمسا ، وبعض الناس من يخلط بين مسابح الجيد وبين مسابح البازهر المنتجة في أفغانستان كذلك هنالك القلة من يعلم أن بولنداتنتج جيدا أسودا (Black Polish Jade) صنعت منه المسابح ويحتار الناس عادة في معرفة كنه هذا الحجر . وكبقية الأحجار الثمينة الأولى فإن مسابح حجر الجيد قد قلدت تقليدا متقنا وبيعت على هذا الأساس .
اليسر
مسابح اليسر الأسود      (Black Coral)        

أطلق العرب على هذه المادة اسم اليسر ، وكان بعض القدماء من الفرس وغيرهم من يسميه (البسذ) ويقال أن اسم اليسر اشتق من اليونانية ، وهناك تسميات أخرى له . واليسر شعاب نباتية بحرية تستوطن بعض الأماكن المتوسطة العمق في بعض البحار وكأنها أغصان لضرب من ضروب المرجان ، وتتميز باللون الأسود / كل غصن يتألف من طبقات متراصة على بعضها وتتصف بخفة وزنها الشديدة على عكس المرجان ، كما أن مقطع هذه الأغصان يوضح الطبقات الدائرية المحيطة المتلاحمة مع وجود فواصل الأغصان وقطع اللب فيها ، وهي بذلك أقرب إلى الشجر والخشب . ولقد اعتقد بعض الناس باليسر ، حيث أن استخدام المسبحة المصنعة منه توفر مزايا اليُمْن والسعد وتقديم اليسر وتزيل الهم والكآبة عن النفس . ومن الخرافات حول هذه المادة أنه إذا وضعت إحدى النساء عقد المسبحة حول عنقها سهل حملها أو تسهلت ولادتها أو زاد صبرها وغير ذلك . ومعظم أماكن تواجد اليسر في الزمن القديم تقع في جنوبي البحر الأحمر وبعض مناطق الخليج العربي وقلة من المناطق البحرية في الشرق الأقصى .
ومنذ زمن وبسبب الأساطير التي تدور حوله في المنطقة العربية ولونه الأسود الجميل وسهولة تصنيعه ، فلقد صنعت المسابح ذات الطابع الديني منه . ونشأت صناعتها منه في ثلاث مناطق رئيسية هي : مكة المكرمة والقاهرة والنجف (قرب المراقد المقدسة) ومؤخرا في بعض مناطق الشرق الأقصى كالفلبين وجزر القمر وتايوان وإلخ ....... وخام اليسر في العادة يتألف من نوعين، الأول هو الأغصان العادية لليسر ومنها تقطع معظم حبات المسبحة مع الفواصل والمنارة، والثاني هو لب اليسر من منطقة مفاصل الأغصان. ويمتاز الثاني عن الأول بكونه أكثر صلادة واسودادا وقشوره لوزية متصلبة مع بعضها مما ينجم عند خراطته حبات متماسكة وصالحة للتسبيح بشكل جيد .
إن حبات المسبحة من الخام الأول (أغصان اليسر) تتعرض بمضي الوقت إلى تفكك الطبقات المتراصة في الحبات ، وخروج الطبقات من أماكنها الطبيعية مما يسيء إلى المسبحة إجمالا ، وبودنا القول عن هذه النقطة ، إن المسبحين ومنذ قرون كانوا يعتقدون أن خروج تلك القطع من أماكنها إشارة لقرب ذهاب الهم وقدوم اليُمْن وقضاء الحاجات المعلقة .
ولقد وجد صانعو المسبحة من اليسر حلا لمشكلة انفكاك طبقات اليسر إذ قاموا بتثبيت الحبات من جهة ومن جهة أخرى لإضفاء الجمال عليها ، بدق المسامير الفضية فيها وفي الفواصل والمنارات . وبذلك ازداد تماسك الحبات وملحقاتها من المنارة والفواصل إلى حد كبير ، وظهرت النقاط الفضية على سطح الحبات بشكل متناثر أو بشكل منظم .
ومن مسابح اليسر المفضضة والجيدة ما زخرفت حباتها بالفضة بتطعيمها بالمسامير الفضية المختلفة ، وحيث يظهر التطعيم كالعيون المدورة أو اللوزية أو صورة الزهور وما شابه ذلك ، كذلك طعمت الحبات بالفضة على شكل كتابة بعض أسماء الله الحسنى على كل حبة ، أو كتابات أخرى مختلفة .
 وأحيانا استعيض عن الفضة بالذهب عند التطعيم ورصعت الحبات بالأحجار الكريمة مثل الفيروز وبذلك أصبحت مسبحة اليسر في هذه الحالة قطعة من المجوهرات النادرة .
ومنذ زمن قديم قامت بعض محلات الحرف في مكة المكرمة ، بتصنيع مسابح اليسر وسميت وقتها (بيسر مكة) أو (المسبحة المكية) وكان الناس لا زالوا يتباركون بها أيما تبارك ، وكانت هدايا الحاج القادم من مكة ، وخصوصا الميسورين منهم ، تشمل أحيانا هذه المسابح وإن كان معظمها من النوع المتوسط الجودة ، ولا يزال المسلمون في شتى بقاع الأرض يحتفظون بها ، ومنهم من توارثها عن أجيال سابقة . وكذلك قامت صناعتها في منطقة النجف في العراق ، وقرب المراقد الدينية ، من أنواع اليسر المفضض وغير المفضض (أي مطعم بالفضة) ويسمونها الناس باللهجة العامية "دك النجف" أي صناعة النجف .
وفي مصر تفوق المصريون على غيرهم في صناعة مسابح اليسر المتقنة والمفضضة ، وهي غاية في الجمال والدقة والرقة حيث صقلت صقلا جيدا وزخرفت بالفضة أو الذهب أحيانا وذلك بتطعيم حبات المسبحة يهما وعلى أشكال وكتابات لا حصر لهما . غير أن طريقة تطعيم المصريين للفضة هنا تختلف عن طريقة صناع مكة ، إذ استخدم المصريون خيوط الفضة المحشورة في شقوق الحبات الخاصة بالزخرفة بدلا من المسامير الفضية المغروزة في صلب الحبات والتي هي في العادة طريقة تصنيع التطعيم في مكة المكرمة قديما .
وخام اليسر يوفر شيء من الحرية عند تصميم المسبحة وصناعة حباتها لذا فهناك المسابح الدينية (99 حبة) القديمة حيث يكون شكل حباتها على الشكل الكروي ويكون قطرها بحدود (5) إلى (6) ملم أغلبيتها غير مفضضة مع أجزاء مفضضة أو غير مفضضة ، وكان هذا النمط هو الأعم عند مسابح اليسر القديمة .
كذلك أنتجت أشكال الحبات الكروية والبيضاوية ولمختلف الأحجام وإن كان معظم الأحجام الكبيرة مرصعة ومطعمة بالفضة وجُلّها تتألف من (33) حبة كما صنعت مسابح يسر ذات حبات بيدوية يصل قطر بعضها إلى أكثر من (10) ملم وطولها إلى أكثر من (14) ملم للحبة الواحدة بعضها مطعم بالفضة والبعض الآخر غير مطعم .
ولقد حظيت وما تزال ، مسابح اليسر بالتقدير البالغ لمختلف طبقات الناس وفي جميع الأقطار العربية والإسلامية وخصوصا في العراق ومصر ودول الخليج العربي . وبعضها من المفضضة والمطعمة تعتبر من التحف النادرة التي ليس لها مثيل ويتوجب إيداعها بالمتاحف . وخلال هذا القرن قام صناع المسابح بتقليد اليسر الأسود وإنتاجها من البلاستيك أو مواد أخرى مشابهة وأحيانا تصنع على شكل اليسر المطعم بالفضة . ولكشف الزيف يكفي توجيه النار إلى حبات هذه المسبحة كي يشم الإنسان رائحة البلاستيك المحترق ، فضلا عن ملاحظة طبقات اليسر المتلاحمة والتي لا يمكن تقليد شكلها الطبيعي .
 وبودنا القول أن مسابح اليسر المفضضة أي المطعمة بالفضة أو "التكفيت بالفضة" تعتبر من المسابح ذات الديمومة الطويلة كما أنها تتحسن وينجلي صقلها بالاستخدام المستمر ، ولقد لجأ الناس منذ القدم إلى زيارة بريق اللون الأسود فيها عن طريق مسح الحبات ودعكها بخليط من زيت نباتي خالي الرائحة (كزيت الزيتون مع بعض زيوت العطور غير الكحولية) كذلك جرت العادة في بعض الأقطار إلى إضافة حبات المرجان الطبيعي بين فواصل المسبحة .
أخيرا فإن مادة اليسر الأسود وبالإضافة إلى صناعة المسابح الجميلة وبسبب طواعية تصنيعها فقد استخدمت منذ زمن غير قصير في صناعة مباسم السجائر والارجيلة وحليت بها مختلف المقابض وصنعت منه العقود النسائية بأشكالها الطبيعية أو المنحوتة أو المكفتة .

المصدر الرئيسي  وللمزيد أيضا  مع الدعاء الصالح له
كتاب (المسبحة تراث وصنعة) تأليف الأستاذ محمد الراشد   والأستاذ إحسان فتحي (المؤسسة العربية للدراسات والنشر) ، وهو يكاد يكون الكتاب الوحيد الذي تناول المسبحة بالدراسة المتكاملة .
موسوعة ويكيبيديا
من فضلك . أضف  تعليقا في نهاية  الصفحة
ولا تتردد في ضغط زر المشاركة  لتفيد  غيرك
للمزيد شاهد واختر أي من الروابط أدناه : 

كهرمان 
لؤلؤ مرجان و يسر
تسابيح وأذكار

 تنويه   عن رحال  
عودة الي :           الصفحة الرئيسية                صفحات المدونة
ترخيص الاستخدام وإعادة النشر 
النصوص  تحت رخصة المشاع الإبداعي: النسبة-الترخيص بالمثل 3.0. قد تنطبق بنود إضافية أخرى. انظر شروط الاستخدام

تشي جيفارا


احتفل اليساريين في العالم هذا الأسبوع بمولد أحد أهم زعماؤهم الروحيين علي مستوي العالم ....وبالمناسبة الشخص اليساري ليس     بالضزورة أن يأكل بيده اليسري فهذا يطلق علية الأعسر أو الأشول .... وها أنا أشارك اخوتنا اليساريين الاحتفال ... بالتعريف بالزعيم وقد لا يعرف الكثيرين أنه - الزعيم - قد زار مصر وقابل الزعيم عبد الناصر 
أرنستو جيفارا دِ لا سيرنا ( Ernesto Guevara de la Serna ) - ينطق گيڤارا، بالجيم الخرساء (14 مايو 1928 - 9 أكتوبر 1967) - ثوري كوبي أرجينتيني المولد، كان رفيق فيديل كاسترو. يعتبر شخصية ثورية فذّة في نظر الكثيرين. وهو شخصية يسارية محبوبة
درس الطب في جامعة بوينيس أيريس و تخرج عام 1953، وكانت رئتيه مصابة بالربو ، و بسبب ذلك لم يلتحق بالتجنيد العسكري . قام بجولة حول أمريكا الجنوبية مع أحد أصدقائه على متن دراجة نارية وهو في السنة الأخيرة من الطب و كونت نلك الرحلة شخصيته و إحساسه بوحده أميركا الجنوبية و بالظلم الكبير من الدول الإمبريالية للمزارع البسيط الاميريكي . توجه بعدها إلى غواتيمالا ، حيث كان رئيسها يقود حكومة يسارية شعبية ، كانت من خلال تعديلات ، وعلى وجه الخصوص تعديلات في شؤون الارض والزراعة ، تتجه نحو ثورية إشتراكية. وكانت الإطاحة بالحكومة الغواتيمالية عام 1954 بانقلاب عسكري مدعوم من قبل وكالة الإستخبارات الأمريكية ،
وفي عام 1955 قابل "هيلدا" المناضلة اليسارية من "بيرون" في منفاها في جواتيمالا، فتزوجها وأنجب منها طفلته الأولى، و هيلدا هي التي جعلته يقرأ للمرة الأولى بعض الكلاسيكيات الماركسية، إضافة إلى لينين و تروتسكي و ماو.
سافر للمكسيك بعد أن حذرته السفارة الأرجنتينية من أنه مطلوب من قبل المخابرات الأمريكية ، التقى هناك راؤول كاسترو المنفي مع أصدقائه يجهزون للثورة و ينتظرون خروج فيديل كاسترو من سجنه في كوبا ، ما ان خرج فيديل كاسترو من سجنه و تم نفيه إلى المكسيك حتى قرر غيفارا الإنظمام للثورة الكوبية فقد نظر إليه فيديل كاسترو كطبيب هم في أمس الحاجة إليه
الثورة الكوبية
في 1959 اكتسح رجال حرب العصابات، برئاسة فيدل كاسترو، هافانا واسقطوا الديكتاتورية العسكرية لفولجنسيو باتيستا . هذا برغم تسليح حكومة الولايات المتحدة وتمويلها لباتيستا ولعملاء ال CIA داخل جيش عصابات كاسترو.
دخل الثوار كوبا على ظهر زورق ولم يكن معهم سوى ثمانين رجلا لم يبق منهم سوى 10 رجال فقط، بينهم كاسترو وأخوه "راءول" وجيفارا، ولكن هذا الهجوم الفاشل أكسبهم مؤيدين كثيرين خاصة في المناطق الريفية.
وظلت المجموعة تمارس حرب العصابات لمدة سنتين و خسروا نصف عددهم في معركة مع الجيش كان خطاب كاسترو الذي سبب إضراب شامل و خطة غيفارا للنزول من جبال سييرا باتجاه العاصمة الكوبية حتى دخل العاصمة هافانا في يناير 1959 على رأس ثلاث مائة مقاتل إلى هافانا ليبدأ عهد جديد في حياة كوبا وانتصرت الثورة بعد أن أطاحت بحكم الديكتاتور "باتيستا"، وفي تلك الأثناء اكتسب جيفارا لقب "تشي" الارجنتيني، وتزوج من زوجته الثانية "إليدا مارش"، وأنجب منها أربعة أبناء بعد أن طلّق زوجته الأولى.
برز تشي غيفارا كقائد و مقاتل شرس جدا لا يهاب الموت و سريع البديهة يحسن التصرف في الأزمات لم يعد غيفارا مجرد طبيب بل أصبح قائدا برتبة عقيد و شريك فيديل كاسترو في قيادة الثورة أشرف كاسترو على استراتيجية المعارك و قاد و خطط غيفارا للمعارك و عرف كاسترو بخطاباته التي صنعت له و للثورة شعبيتها لكن كان غيفارا خلف أدلجة الخطاب و إعادة رسم ايديولوجيا الثورة على الأساس الماركسي اللينيني.
جيفارا وزيراً
صدر قانون يعطي الجنسية و المواطنية الكاملة لكل من حارب مع الثوار برتبة عقيد و لا توجد هذه المواصفات سوى في غيفارا الذي عيين مديرا للمصرف المركزي و أشرف على تصفية خصوم الثورة و بناء الدولة في فترة لم تعلن فيها الثورة عن وجهها الشيوعي و ما أن أمسكت الثورة بزمام الأمور و بخاصة الجيش قامت الحكومة الشيوعية التي كان فيها غيفارا وزيراً للصناعة و ممثل كوبا في الخارج و المتحدث باسمها في الأمم المتحدة بزيارة الإتحاد السوفيتي و الصين و إختلف مع السوفييت على إثر سحب صورايخهم من كوبا بعد أن وقعت الولايات المتحدة معاهدة عدم إعتداء مع كوبا.
تولى بعد استقرار الحكومة الثورية الجديدة –وعلى رأسها فيدل كاسترو- على التوالي، وأحيانا في نفس الوقت مناصب:
- سفير منتدب إلى الهيئات الدولية الكبرى.
- منظم الميليشيا.
- رئيس البنك المركزي.
- مسئول التخطيط.
- وزير الصناعة.
ومن مواقعه تلك قام ال"تشي" بالتصدي بكل قوة لتدخلات الولايات المتحدة ؛ فقرر تأميم جميع مصالح الدولة بالاتفاق مع كاسترو؛ فشددت الولايات المتحدة الحصار، وهو ما جعل كوبا تتجه تدريجيا نحو الاتحاد السوفيتي وقتها. كما أعلن عن مساندته حركات التحرير في كل من: تشيلي، وفيتنام، والجزائر.
اختفائه
لكن عمره السياسي لم يطول فلم تعجبه الحياة السياسية فأختفى و نشرت مقالات كثيرة عن مقتله لكي يرد لعل رده يحدد مكانه لكنه لم يرد.
نشرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية شائعات تدعي فيها اختفاء إرنستو تشي غيفارا في ظروف غامضة ومقتله على يد زميله في النضال القائد الكوبي فيديل كاسترو ما اضطر الزعيم الكوبي للكشف عن الغموض الذي اكتنف اختفائه من الجزيرة للشعب الكوبي فأدلى بخطابه الشهير الذي ورد بعض أجزائه ما يلي: لدي هنا رسالة، كتبت بخط اليد، من الرفيق، إرنيستو جيفارا يقول فيها: أشعر أني أتممت ما لدي من واجبات، تربطني بالثورة الكوبية على أرضها، لهذا أستودعك، وأستودع الرفاق، وأستودع شعبك، الذي أصبح شعبي. أتقدم رسميا باستقالتي من قيادة الحزب، ومن منصبي كوزير، وعن رتبة القائد، وعن جنسيتي الكوبية، لم يعد يربطني شيء قانوني بكوبا.
في أكتوبر 1965 أرسل برسالة إلى كاسترو تخلى فيها نهائيا عن مسؤولياته في قيادة الحزب، وعن منصبه كوزير، وعن رتبته كقائد، وعن وضعه ككوبي، إلا أنه أعلن عن أن هناك روابط طبيعة أخرى لا يمكن القضاء عليها بالأوراق الرسمية، كما عبر عن حبه العميق لكاسترو ولكوبا، وحنينه لأيام النضال المشترك.
أكدت هذه الرسالة إصراره على عدم العودة إلى كوبا بصفة رسمية، بل كثائر يبحث عن ملاذ آمن بين الحين والآخر. ثم أوقف مساعيه الثورية في الكونغو وأخذ الثائر فيه يبحث عن قضية عالمية أخرى.
الكونغو
سعى جيفارا لإقامة مجموعات حرب عصابات في الكونغو، مع أن فكرته لم تلق صدى واسعا لدى بعض القادة، أصر جيفارا على موقفه، وتموه بملابس رجل أعمال ثري، لينطلق في رحلة طويلة سافر فيها من بلد إلى آخر ليواجه المصاعب تلو الأخرى.
ذهب "تشي" لأفريقيا مساندا للثورات التحررية، قائدا ل 125 كوبيا، ولكن فشلت التجربة الأفريقية لأسباب عديدة، منها عدم تعاون رؤوس الثورة الأفارقة، واختلاف المناخ واللغة، وانتهى الأمر بال"تشي" في أحد المستشفيات في براغ للنقاهة، وزاره كاسترو بنفسه ليرجوه العودة.
و بقي في زائير (الكونغو الديمقراطي ) بجانب قائد ثورة الكونغو باتريس لومومبا يحارب لكن فجأة ظهر في بوليفيا قائدا لثورة جديدة لم يوثق هذه المرحلة سوى رسائله لفيديل كاسترو الذي لم ينقطع الإتصال معه حتى أيامه الأخيرة.
بوليفيا
لم يكن مشروع "تشي" خلق حركة مسلحة بوليفية، بل التحضير لرص صفوف الحركات التحررية في أمريكا اللاتينية لمجابهة النزعة الأمريكية المستغلة لثروات دول القارة. منذ بداية عام 1967 وجد جيفارا نفسه مع مقاتليه العشرين، وحيدا يواجه وحدات الجيش المدججة بالسلاح بقيادة السي أي إيه في براري بوليفيا الاستوائية. أراد جيفارا أن يمضي بعض الوقت في حشد القوى والعمل على تجنيد الفلاحين والهنود من حوله، ولكنه أجبر على خوض المعارك مبكرا.
وقد قام "تشي" بقيادة مجموعة من المحاربين لتحقيق هذه الأهداف، وقام أثناء تلك الفترة الواقعة بين 7 نوفمبر 1966 و7 أكتوبر 1967 بكتابه يوميات المعركة.
اغتياله
ألقي القبض على اثنين من مراسلي الثوار، فاعترفوا تحت قسوة التعذيب أن جيفارا هو قائد الثوار. فبدأت حينها مطاردة لشخص واحد. بقيت السي أي على رأس جهود الجيش البوليفي طوال الحملة، فنتشر آلاف الجنود لتمشيط المناطق الوعرة بحثا عن أربعين رجلا ضعيفا وجائعا.قسم جيفارا قواته لتسريع تقدمها، ثم أمضوا بعد ذلك أربعة أشهر متفرقين عن بعضهم في الأدغال. إلى جانب ظروف الضعف والعزلة هذه، تعرض جيفارا إلى أزمات ربو حادة، ما شكل عامل ساهم في تسهيل مهمة البحث عنه ومطاردته.
في يوم 8 أكتوبر 1967 وفي أحد وديان بوليفيا الضيقة هاجمت قوات الجيش البوليفي المكونة من 1500 فرد مجموعة جيفارا المكونة من 16 فردا، وقد ظل جيفارا ورفاقه يقاتلون 6 ساعات كاملة وهو شيء نادر الحدوث في حرب العصابات في منطقة صخرية وعرة، تجعل حتى الاتصال بينهم شبه مستحيل. وقد استمر "تشي" في القتال حتى بعد موت جميع أفراد المجموعة رغم إصابته بجروح في ساقه إلى أن دُمّرت بندقيته (م-2) وضاع مخزن مسدسه وهو ما يفسر وقوعه في الأسر حيا. نُقل "تشي" إلى قرية "لاهيجيراس"، وبقي حيا لمدة 24 ساعة، ورفض أن يتبادل كلمة واحدة مع من أسروه. وفي مدرسة القرية نفذ ضابط الصف "ماريو تيران" تعليمات ضابطيه: "ميجيل أيوروا" و"أندريس سيلنيش" بإطلاق النار على "تشي".
دخل ماريو عليه مترددا فقال له "تشي": أطلق النار، لا تخف؛ إنك ببساطة ستقتل مجرد رجل، ولكنه تراجع، ثم عاد مرة أخرى بعد أن كرر الضابطان الأوامر له فأخذ يطلق الرصاص من أعلى إلى أسفل تحت الخصر حيث كانت الأوامر واضحة بعدم توجيه النيران إلى القلب أو الرأس حتى تطول فترة احتضاره، إلى أن قام رقيب ثمل بإطلاق رصاصه من مسدسه في الجانب الأيسر فأنهى حياته.
وقد رفضت السلطات البوليفية تسليم جثته لأخيه أو حتى تعريف أحد بمكانه أو بمقبرته حتى لا تكون مزارا للثوار من كل أنحاء العالم.
وقد شبّت أزمة بعد عملية اغتياله وسميت بأزمة "كلمات جيفارا" أي مذكراته. وقد تم نشر هذه المذكرات بعد اغتياله بخمسة أعوام وصار جيفارا رمز من رموز الثوار على الظلم. نشر فليكس رودريجيس، العميل السابق لجهاز المخابرات الأميركية (CIA) عن إعدام تشي جيفارا. وتمثل هذه الصور آخر لحظات حياة هذا الثوري الأرجنتيني قبل إعدامه بالرصاص ب"لا هيغويرا" في غابة "فالي غراندي" ببوليفيا، في 9 أكتوبر(تشرين الأول) من عام 1967. وتظهر الصور كيفية أسر تشي جيفارا، واستلقائه على الأرض، وعيناه شبه المغلقتان ووجهه المورم والأرض الملطخة بدمه بعد إعدامه. كما تنهي الصور كل الإشاعات حول مقتل تشي جيفارا أثناء معارك طاحنة مع الجيش البوليفي. وقبيل عدة شهور، كشف السيد فليكس رودريجيس النقاب عن أن أيدي تشي جيفارا بُترت من أجل التعرٌف على بصمات أيديه.
الرمز والاسطورة"
لا يهمنى متى واين سأموت، لكن يهمنى ان يبقى الثوار منتصبين، يملأون الارض ضجيجاً، كى لا ينام العالم بكل ثقله فوق اجساد البائسين والفقراء والمظلومين" وسيظل صدى هذه الكلمات يتردد، ويلهم المئات في مكان وزمان، ما دام الظلم والعنف يسود هذا العالم.
عام 1968، غضب شبان العالم وخرجوا إلى الشوارع معلنين انهم يستطيعون إنهاء الحروب وتغيير ملامح العالم. وقد تحول هذا الرجل الثائر بعد موته إلى شهيد لقضاياهم. أصبح يمثل أحلام ورغبات الملايين ممن يحملون صوره. علما أنه كان يمثل أيضا مجموعة من التناقضات، وكأن الموت حول ملامحه، ما يوحي بأنه لو منحه أعداؤه الحق في الحياة، لربما عجزت أسطورته عن احتلال هذا المدى العالمي الذي تنعم به اليوم.

من أقواله
"إنني أحس على وجهي بألم كل صفعة تُوجّه إلى مظلوم في هذه الدنيا، فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني الثورة قوية كالفولاذ، حمراء كالجمر، باقية كالسنديان، عميقة كحبنا الوحشي للوطن لا يهمني اين و متى ساموت بقدر ما يهمني ان يبقى الوطن الثوار يملئون العالم ضجيجا كي لا ينام العالم بثقله على أجساد الفقراء ان الطريق مظلم و حالك فاذا لم تحترق انت وانا فمن سينير الطريق لن يكون لدينا ما نحيا من أجله .. إن لم نكن على استعداد أن نموت من أجله".
نضالاته
كره تشي اتكال الثورة الكوبية على الاتحاد السوفيتي، واستمر في ابتكار وسائل أخرى للحصول على التمويل وتوزيعه. ولأنه الوحيد الذي درس فعلا أعمال كارل ماركس بين قادة حرب العصابات المنتصرين في كوبا ، فانه كان يحتقر البيروقراطيين ومافيا الحزب الذين صعدوا على أكتاف الآخرين في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، وفي كوبا أيضا.
كشف آي اف ستون كيف انهمك تشي جيفارا في نقاش علني، أثناء مؤتمر في مدينة بونتي ديل استي بأورجواي مبكرا في 1961 - - وهو المولود في الأرجنتين حيث درس الطب هناك - - مع بعض شباب اليسار الجديد من نيويورك. أثناء تلك المناقشة، مر بهم اثنان من جهاز الحزب الشيوعي الأرجنتيني. لم يستطع جيفارا أن يمنع نفسه من الصياح بصوت عال، "هيي، لماذا انتم هنا، أمن اجل أن تبدءوا الثورة المضادة؟"
تشي، مثل كثيرون في الحركة الناشئة لليسار الجديد حول العالم، خاض تجربته الأولى مع بيروقراطية الحزب الشيوعي ومقت محاولاتهم لفرض بيروقراطيتهم على الحركات الثورية للسكان الأصليين.
وفعلاً،الثورة في كوبا صنعت، على عكس المفاهيم المعاصرة للكثيرين في الولايات المتحدة اليوم، مستقلة وفي بعض الأحيان معارضة للحزب الشيوعي الكوبي. ولقد أخذ بناء مثل هذه العلاقة التي لم يكن من السهل صنعها عدة سنوات فقط بعد الثورة ونجحت في اخذ سلطة الدولة وتأسيسها دافعة إلى الاندماج بين القوى الثورية والحزب - الاندماج الذي لم يضع نهاية لمشاكل جيفارا والثورة الكوبية نفسها.
احد المشاكل من هذا القبيل: اعتماد كوبا المتزايد على الاتحاد السوفيتي (في بعض الأوجه يماثل الاعتماد المتزايد لبعض المنظمات الراديكالية على منح المؤسسات في صورة أموال ولوازم لولبية أخرى). ، قررت الحكومة، أثناء احتياجها اليائس للنقد من اجل شراء لوازم شعبها الضرورية - - وبعد نقاش مرير - - قررت أن تضيع فرصة تنويع الزراعة في كوبا من اجل التوسع في محصولها النقدي الرئيسي، قصب السكر، الذي يتم تبادله أمام البترول السوفيتي، لتستهلك جزء من هذا لبترول وتعيد بيع الباقي في السوق العالمي. وبالتدريج فقدت كوبا، بالرغم من تحذيرات تشي (والآخرين)، القدرة على إطعام شعبها نفسه - - وهي المشكلة التي بلغت أبعادا مدمرة بانهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991.
وهي نفس الأزمات التي أحدقت بالاتحاد السوفيتي والدول التي كان معترفا بها كدول اشتراكية عندما سعوا وراء النموذج الصناعي للتنمية وحاولوا أن يدفعوا ثمنه بالإنتاج والتنافس في السوق العالمي. كان رد فعل تشي: لا تنتج من اجل السوق العالمي. ارفض تحليلات التكلفة/المنفعة ( cost/benefit) كمعيار لما ينبغي إنتاجه. آمن تشي، بان المجتمع الجديد حقيقة، عليه أن يجعل طموحه هو ما يحلم به شعبه من اجل المستقبل، وان يعمل على تنفيذه فورا، في كل أوان وزمان. وحتى تبلغ ذلك، على الثورات الشيوعية بشكل حقيقي أن ترفض معيار "الكفاءة"، وعليها أن ترعى المحاولات المجتمعية المحلية حتى تخلق مجتمعا أكثر إنسانية بدلا من ذلك.
أممية تشي وعلاقته بالماركسية
اصطدم احتقار تشي لكهنوت الماركسية الرسمي (بينما كان يعتبر نفسه ماركسيا)، واحتقاره للبيروقراطيين من كل لون، اصطدم بالنزعة الاقتصادية الميكانيكية المخدرة التي صارت عليها الماركسية. "الثورة"، عند تشي واليسار الجديد الذي يستلهم جيفارا، تقهقرت إلى خلفية الأجندة التاريخية.
أممية تشي وارتباطه المميز بالفقراء والمنبوذين في كل مكان، ورفضه الاعتراف بقداسة الحدود القومية في الحرب ضد إمبريالية الولايات المتحدة، ألهمت الحركات الراديكالية الجديدة في العالم كله. نادى تشي الراديكاليين لنحول أنفسنا إلى شيء جديد، أن نكون أناس اشتراكيون قبل الثورة، هذا إذا ما كان مقدرا لنا أن يكون لدينا أمل في أن نحقق فعلا الحياة التي نستحق أن نعيشها. نداؤه "بان نبدأ العيش بطريقة لها معنى الآن" تردد صداه عبر الجيل بأكمله، فاتحا ذراعيه ليصل بدرجة كبيرة من ناحية إلى وجودية سارتر، ومن ناحية أخرى ممتدا نحو ماركس. من خلال الحركة، ومن خلال انتزاع مباشرة الثورة عن طريق الاشتباك مع الظلم بكل أشكاله، في كل لحظة، ومن خلال وضع مثاليات المرء فورا في الممارسة العملية، صاغ تشي من التيارات الفلسفية المعاصرة الرئيسية موجة مد من التمرد.
حب تشي للناس أخذه أولا إلى الكونغو ثم إلى بوليفيا، حيث نظم فرقة من رجال حرب العصابات لتكون، كما كان يتعشم، عاملا مساعدا على الإلهام بالثورة، ولم ينس ان يمر بمصر والجزائر في طريقه ليلتقى الرئيس المصري جمال عبدالناصر والرئيس الجزائري بن بيلا اللذان كان يمثلا رمز الثورة العربية ائنذاك.    


صور جيفارا في الأسر وبعد الوفاة  






الخميس، 16 يونيو 2011

فن الشمع والنور



 يعود تاريخ استخدام الشمع إلى عصور بابل مروراً بالحضارات الإغريقية والرومانية، ليمثل أحد أهم مصادر الضوء لدى الإنسان حتى عام 1879م حين أخترع توماس أديسون المصباح الكهربائي.
بعد ذلك أصبح الشمع مهشما في وجود المصباح ورغم وجود المصباح فمن منا لم يحتفل بيوم ميلاده إلا وكان نور الشمعة رفيقا زمنيا لأفول عام واستقبال عام جديد له، ورغم تطور وسائل الإضاءة الحديثة وتنوعها، إلا أن الشمعة تظل الأجمل والأغنى لمناسباتنا الخاصة التي نزين بها أيامنا وأفراحنا، فلا الأضواء الملونة والكهرباء المشعة قادرة علي خلق حالة الألفة التي تخلقها الشمعة، وهي وسيلة إنارة قديمة ورغم قدمها مازالت تشع في كل مناسبة فرح وفي كل بيت يتوج مولد أبناءه، وفي حين الحاجة للإنارة إذا حدث وخذلتنا الإنارة الحديثة.

الاثنين، 13 يونيو 2011

الزجاج المعشق

 تعتبر صناعة الزجاج من الحرف العريقة التي ورثتها الأجيال جيلاً بعد جيل حتى هذا العصر، وهي من الحرف التي تستمد مادتها من البيئة، حيث تعتمد على مخلفات الزجاج كمادة خام، وعلى الألوان التي يختارها الحرفي. 

 وقد شهدت هذه الصناعة تطوراً كبيراً وملحوظاً في العصر الإسلامي في المنطقة العربية لاسيما في بلاد الشام وفي دول المغرب العربي، وبرزت الزخرفة الإسلامية على سطح المرايا والقوارير بألوانها المطلية بالذهب وبالنقوش المتداخلة وخطوط الرسوم الهندسية التي تميز بها الفن الإسلامي.

 وبقيت هذه المهنة في ازدهار واكتسبت أهمية كبيرة في الفترة الواقعة بين القرن الرابع الهجري وحتى القرن الرابع عشر، ثم أدخلت عليها تقنيات حديثة في صناعة الزجاج كأشكال بديلة عن النفخ التقليدي، لارتباطها ارتباطاً وثيقا مع منتجات الديكور والإكسسوارات.

خلال الحقبة البيزنطية في أوروبا   كان هناك طراز متميز لنوافذ الزجاج العربي يسميه

الأوروبيين (الموريش) نسبة إلى عرب شمال أفريقيا والمغاربة .

انتشر هذا الفن في العالم الاسلامي في القصور والمساجد وفي واوروباا الكنائس والقصور

استخدم الزجاج المعشق في العالم من تلك الفتره والى يومنا هذا و ذلك لانه له طباع جمالي مميز ..وانه يدخل النور الى المكان بألوان متنوعة ومختلفة مع كل فترة من النهار.فالزجاج المعشق فن خلاب، يعتمد على مرور الضوء عبر القطع  الزجاجية الملونة لينشر في الداخل أضواء ملونة حالمة تمتزج ببعضها البعض وتتغير

ألوانها على مدار النهار.. وذلك لاختلاف زاوية سقوط الشمس عليه فنور الصباح  يختلف عن النور عند الظهر وعنه عند المساء.

اختيار المكان المناسب لوضع الزجاج المعشق مهم جدا...يفضل أن يكون معرضاً للشمس لإبراز جمال وزهو ألوان الزجاج وخصوصاً عند انعكاس تفاصيل التصاميم على الجدران والأرضيات

وكذلك لتخفيف حدة أشعة الشمس ....وتستخدك في القباب وهي عباره عن فتحات سقفيه محدبه او في الفتحات السقفيه المستطيله او ذات الاشكال الهندسيه المختلفه

او واجهات المبنى النوافذ الرئيسيه للمبنى .

تطور فن  الزجاج  المعشق خلال  الفترات  الزمنيه  المتعاقبه  ، والسمات  المميزه له خلال كل فتره :

 لا يستطيع أحد أن بتصور وجود عمائر مشيده دون وجود فتحات تدخل الضوء الي داخلها ، ولكتن هناك مشكله ملحه لإغلاق هذه الفتحات بألواح sheets تسمح بمرور الضوء من ناحيه ومن ناحيه اخري توفر الحمايه لداخل المبني ضد الرياح والعواصف الضاريه .

 وجاء الحل في عهد الدوله الرومانيه ، حيث تم إغلاق هذه الفتحات باستخدام ألواح من المرمر النصف شفاف translucent alabater وقد وجدت نماذج من هذا العمل في القسطنطينيه ترجع الي حكم الامبراطور جستينيان

 وللرومان يرجع الفضل فياستخدام  الزجاج  في ملء فتحات النوافذ ، ففي حوالي القرن الاول الميلادي ظهرت النوافذ الزجاجيه وأصبحت سمه اساسيه في منازل الاثرياء خاصه في شمال اوروبا .

 وقد عثر في مدينه بومباي pompeii في ايطالبا على بقايا نوافذ زجاجيه رومانيه ترجع الي القرن الاول الميلادي ، وهي عباره عن قطع زجاجيه صغيره مثبته على شبكه من البرونز بواسطه صماويل ومسامير لولبيه . وأبعاد هذه النافذه 100 * 80 سم3 وكانت موضوعه فوق فتحه نافذه حجره الاستراحه بحام أحد القصور .

 وكان انتاج مثل هذه النوافذ البسيطه بدايه لظهور فن  الزجاج  المعشق  بالرصاص  والذي يمكن تأريخه ببدايه العصر الرمانسكي Romanesque "القرن 11 : 12 م " حيث شيدت الكنائس في هذا العصر وفقا للطراز الرومانسكي ، وهو فن يعتمد اساسا على قواعد وتقنيات الفن الروماني ، مع ظهور تأثيرات بيزنطيه ، وتتميز الكنائس التي شيدت على هذا الطراز باستخدام العقود المستديره ، والاقبيه الحجريه النصف اسطوانيه ، حيث حل هذا النوع من التغطيه محل الاسقف الخشبيه السائدة الاستخدام في الطرز المعماريه السابقه والتي كانت دائمه التعرض للحرائق والانهيارات .

 ومن المعروف أن استخدام الاقبيه الحجريه النصف اسطوانيه يستلزم تقويه الجدران بزياده سمكها ، مما يترتب عليه صعوبه فتح نوافذ في هذه الجدران السميكه ، خوفا من اضعافها ، فجاءت نوافذ هذه العمائر الرومانسكيه صغيره الحجم ، ولكن مع صغر حجم هذه النوافذ فان مولد فن  الزجاج  المعشق  بالرصاص  ،انما جاء مواكبا لنمو وتطور الفن في العصر الرومانسكي .

 واقدم الحشوات الزجاجيه المعشقه  بالرصاص  على الاطلاق ،يمكن ارجاع تاريخها الي ما قبل العصر الرومانسكي بقليل ،ولكنها حشوه غير متكامله ولا تعطي فكره كبيره عن هذا الفن ، وهي عباره عن كسر زجاجيه صغيره الحجم عثر عليها في دير Lorsch في المانيا ، وعند تجميعها أعطت صوره توضح راس السيد المسيح ،ويمكن ارجاع هذه الحشوه الي نهايه القرن 9م وبدايه القرن 10م

 ولكن تعتبر النوافذ الزجاجيه المعشقه  بالرصاص  بكاتدرائية " أجسبرج بألمانيا Augsburgوالتي تؤرخ بنهايه القرن الحادي عشر الميلادي " سنه 1065م " من أقدم وأكمل حشوات  الزجاج  المعشق  بالرصاص  ، والتي تنسب للعصر الرومانسكي .

 وتمثل هذه النوافذ صورا شخصيه لخمسة انبياء في حجم تذكاري كبير . وتعتبر الحشوات الزجاجيه بكاتدرائيه لومانز Lemans الفرنسيه من النماذج القليله ذات الطراز الرومانسكي المبكر التي تم الحفاظ عليها .

 وهناك حشوات تمثل مشهد صعود السيد المسيح ،وتؤرخ بحوالي سنه 1145 " القرن 12م " حيث يظهر في الصوره حشوتان من اربع حشوات تتمثل فيها السيده العذراء في الوسط ، في رداء أزرق على ارضية حمراء ، وعلى جانبها سته من الرسل ، ثلاثه من كل جانب ، والجميع ينظرون لأعلي يشهدون صعود المسيح وهو غير مصور بالحشوات المذكوره .

 ومع بدايه القرن الثالث عشر ( سنه 1200م ) بزغ فجر جديد بالنسبه لفن  الزجاج  المعشق  بالرصاص  والمقصود بذلك ظهور الطراز القوطي Gothic Art الفني والمعماري ومانتج عن من ظهرو أسلوب جديد متطور بالنسبه لفن  الزجاج  المعشق  بالرصاص  ، يتفق والامكانيات الجديده التي وفرها هذا الطراز المعماري . فإذا كانت العماره الرومانسكيه قد فشلت في ايجاد حل لمشكلة نقص عدد النوافذ وصغر حجمها فإن الحل قد جاء على أيدي المعماريين في العصر القوطي " القرن 13 : 14 م حيث استخدم العقد المدبب والقبو المضلع ، فتم التغلب على مشكلة نفص النوافذ ، حيث أن السقف العالي يتيح فرصة عمل نوافذ عاليه ومتعدده ، كما استخدم المعماري أيضا دعامات طائره flying buttress تدعم الحواط من الخارج ، فاستطاعت أن تمتص قوة دفع الاقبيه المرتفعه ، واصبح بناء الكنائس والكاتدرائيات القوطيه لا يعتمد كثيرا على الحوائط ، مما قلل من فرصة الاعتماد على التصوير الجداري الي حد كبير واصبح من الضروري الاستعانه عن هذا النقص بتصوير الموضوعات الدينيه على نوافذ  الزجاج  الملون  المعشق  بالرصاص  والتي امتازت بارتفاعها واتساعها وكثرة عددها حتي صارت الكاتدرائيات القوطيه - وكما ذكر في بعض المراجع ( بناء سقفه من حجر وجدارنه من  الزجاج  ) .



ومن أهم ما شيد من كاتدرائيات وفقا للطراز القوطي :-

 - نجد في فرنسا كاتدرائيه شارتر Charters .

 - ونوتردام بباريس No.tredam de paris .

 - وفي انجلترا يتمثل هذا الطراز في كاتدرائيه سالزبريSals bury .

 - وكاتدرائيه ويلز wells .

 - وخير مايمثل هذا الطراز في ألمانيا كاتدرائية كولون Cologne .



وقد امتاز فن  الزجاج  المعشق  بالرصاص  منذ بداياته المبكره وحتى عصرنا الحالي بسمات اساسيه ميزته في كل فتره زمنيه :-

ففي القرنين الثاني عشر ، الثالث عشر امتازت الحشوات الزجاجيه الملونه بصغر حجمها وتجميعها جنبا الي جنب وكأنها لوحه من الفسيفساء تترابط أجزاؤها معا بواسطه معدن الرصاص ، الذي لعب دورا هاما ومكلا للتصميم الجمالي للحشوات.

واعتمد النسق اللوني لنوافذ  الزجاج  المعشق  في هذه الفتره على استخدام حشوات زجاجيه ملونه ، نتيجه لاضافه الاكاسيد الملونه أثناء عمليه صهر  الزجاج  (ويطلق على هذا النوع من  الزجاج  الملون الناج عن اضافه اكسيد ملون وكما سبق الذكر مصطلحPot coloured glass or pot metal glass ومن ألوان الحشوات الزجاجيه التي شاع استخدام الازرق بدرجاته ، واللون الأحمر بدرجاته ، وكان يكتفي باستخدام لون واحد داكن في تحديد الملامح وبعض التفاصيل .

وخلال القرن الرابع عشر ظل فن  الزجاج  المعشق  محافظا على تطوره مع تغيير النسق اللوني عن ما تميزت به الفتره السابقه ، والتي اعتمدت اساسا على استخدام زجاج باللونين الازرق والاحمر حيث حل محلها تصميمات امتازت باستخدام اللون الاصفر بكثر نتيجه معرفه واستخدام نترات الفضه ،للحصول على صبغة الفضه Silver stain وهو مركب عرف لأول مره في هذا القرن .

وفي القرن الخامس عشر الميلادي ضعفت العلاقه بين حشوات  الزجاج  ومعدن الرصاص واصبح التصوير والمهارات المتبعه في تنفيذه أهم سمات هذه الفتره ، ولم يعد معدن الرصاص يلعب دورا هاماً في بناء التصميم العام للنافذه كما الحال في الفتره المبكره .

وشهد القرن السادس عشر ظهور روح عصر النهضهRenassance حيث قل الوازع الديني وهو العامل الاساسي وراء انتاج الروائع المبكره لهذا الفن حيث تطور اسلوب التصوير على حشوات  الزجاج  المعشق  تطورا كبيراُ في محاوله لتقليد فن التصوير الزيتي ،وقل الاعتماد على استخدام قضبان معدن الرصاص كنمط زخرفي مكمل للتصميم .

وفي نهايه القرن السادس عشر طبقة المينا الملونهColoured enamel على المساحات المراد تلوينها ،حيث تعطي بعد احراقها التأثيرات الجماليه المطلوبه دون الحاجه الي استخدام معدن الرصاص في تحديد الاشكال المطلوبه .

ونتيجه لاستخدام المينا الملونه فقد  الزجاج  شفافيته المعهوده ، والتي تعتبر من اهم ما يميزه .

وخلال القرنين السابع عشر والثامن عشر ملادي انحدر مستوي هذا الفن الي ادني مستوي نتيجه قلة انتاج حشوات زجاجيه ملونه , حيث اصبح الاعتماد قائما كلية على استخدام حشوات زجاجيه شفافه عديمه اللون مع استخدام الوان المينا للحصول على النسق اللوني المطلوب في محاوله مستمره لتقليد فن التصوير الزيتي ، كما كان لأختراع وانتشار فن الطباعه أثرا فعالا في قلة الاهتمام بهذا الفن الذي كان يستخدم كوسيله تعليميه من قبل الكنيسه .

ومع بدايه القرن التاسع عشر الميلادي ظهرت حركه احياء الطراز القوطي المعماري وتبع ذلك احياء لفن  الزجاج  المعشق  بالرصاص  وفقا لتقاليد واساليب الفن القوطي المعماري، حيث استبعد استخدام الوان المينا تماما ، واستخدمت الحشوات الزجاجيه الملونه ، واعطيت الاهميه والعنايه لعملية التعشيق واستخدام معدن الرصاص ، بحيث يخدم التصميم .

اما في القرن العشرين فقد اختلف وتنوع اسلوب فن  الزجاج  المعشق  بالرصاص  فيه وفقا لإختلاف المكان الذي يتطلب استخدام حشوات  الزجاج  المعشق  به ، فالبنسبه للكنائس والكاتدرائيات نجد ان ما أنتج لها من حشوات زجاجيه جاء ليضاهي ما انتج من زجاج في العصور الوسطي ، هذا بالاضافه الي انتاج نوافذ تذكاريه تخلد ذكرى معنيه مثل النافذه التي تمثل حرب نيوزلاند Newzeland war .

 كما انتجت ايضا في القرن الحالي ( الحادي والعشرين الميلادي ) بلاطات زجاجيه سمكيه تقطع بطرق معينه ، تجعلها تشبه قطع ألماس ، ونظرا لسمكها . فإنه يتعذر تجميعها بمعدن الرصاص ، ولذلك فهي تثبت في واجهات المباني بمواد معينه ( او بالخرسانه ) للحصول على ما يشبه قطع الفسيفساء الزجاجيه .



وكان لطريقة النفخ في الزجاج مكانة مميزة في إنتاج القوارير ومزهريات الزينة، هذه الطريقة التي تعتمد على تعبئة الهواء داخل قوارير وقوالب بعد تسخينها وصهرها في درجات عالية من الحرارة، حيث أن عملية النفخ في كتلة العجين الزجاجي تنتج أشكالاً مختلفة من المنتجات الزجاجية كالأباريق والمزهريات وعلب الحلوى وصناديق الزينة والقوارير، ويحدد الحرفي الشكل والحجم النهائي للقطعة المراد تكوينها، ويختار لاحقاً نوع الزخرفة والنقش على سطحها، ويحتاج الحرفي الذي يعمل في صناعة الزجاج إلى مهارات فنية عالية كالمثابرة أمام أفران تعمل في درجات مرتفعة من الحرارة، والتدريب المستمر لفترات قد تصل إلى 4 سنوات لإتقان هذه الصنعة، وكذلك فلابد من توفر القدرة الإبداعية والفنية عند الحرفي لاكتساب المزيد من المهارة ومن ثم الإبداع في هذه الحرفة التي تحتاج إلى مواكبة الزمن والتطور وإنتاج نماذج مختلفة بين الحين و الآخر.

الزجاج الملون جزء أساسي من الديكور           





 عرفت أنواع مختلفة من الزجاج الملون قديماً، ولا يزال أثر هذا الفن باقياً في آثار غرناطة حيث "قصر الحمراء" المزين بالثريات والقمريات الزجاجية، كذلك مسجد قرطبة الذي أقيم في عهد الخليفة عبد الرحمن بن معاوية (عبد الرحمن الداخل) الذي زين بأكثر من 365 ثريا ومشكاة وقنديل للزيوت.

وحاليا أصبح الزجاج الملون من أكثر المواد عصرية في المباني، والذي كان يعتبر مجرد زخرفة لمدة طويلة من الزمن، وهو يخضع اليوم لخطوات أكثر ابتكاراً، وذلك نتيجة الاستغلال الأمثل للإمكانيات الكبيرة الموجودة في الزجاج وكذلك استغلال التقنيات الحديثة وتطور الفكر الإبداعي والهندسي.

 صناعة الزجاج المعشق في العصر الإسلامي:

يشكل الزجاج المعشق فناً من فنون البناء والديكور في التراث الإسلامي، فلفترة زمنية طويلة كان توظيف الزجاج بألوانه في البناء ضرورة لا غنى عنها عند تشييد القصور والأبنية، كعنصر رئيسي من عناصر الديكور التي تضفي جمالاً وسحراً في العمارة الإسلامية، حيث انتشرت نوافذ الزجاج المعشق بالجص كمظهر من مظاهر العمارة الإسلامية التي جاءت متوافقة مع الظروف المختلفة لذلك المجتمع.

ومن الأمثلة المبكّرة للنوافذ الجصية المفرغة "نوافذ قصر الحير الغربي" ببادية الشام والجامع الأموي بدمشق وجامع عمرو بن العاص بالفسطاط في مصر وجامع أحمد بن طولون.

وكان الرأي السائد لدى علماء الفنون والآثار من قبل أن أول ظهور للنوافذ الجصية المعشقة بالزجاج كان في العصر الأيوبي، وذلك في نوافذ قبة ضريح السلطـان الصالح نجم الدين أيوب الملحق بمدرسته بالنحاسين بالقاهرة، ولكن الحفائر الأثرية أثبتت أن الزجاج المعشق بالجص استخدم منذ العصر الأموي، واستـمر في قصور الخلفاء العباسيين، كما استخـدمت في أواخر العصر الفاطمي ألواح من الجص معشق بالزجاج الملوّن بدلاً من الألواح الرخامية والحجرية المفرغة، وانتقل هذا الأسلوب الفني إلى عمارة العصر الأيوبي حيث بلغ أوج ازدهاره في العصر المملوكي، وأصبح من السمات المميزة للعمارة المدنية والدينية في العصر العثماني.

وقد عرفت بعض بلدان العالم الإسلامي أنواعاً متعددة من النوافذ مثل المدورات الرخامية اليمنية (القمريات) التي كانت تتميز برقتها ولا يزيد سمكها عن سنتيمتر ونصف بحيث تسمح بنفاذ الضوء من خلالها، و(الشماسات) المغربية وهي عبارة عن نوافذ نصف دائرية توجد أعلى الأبواب والنوافذ وتغطى بالخشب والزجاج الملون وتسمح بدخول ضوء الشمس، ومع دخول العثمانيين إلى العديد من البلاد الإسلامية أصبح أسلوب النوافذ الزجاجية المعشقة بالجص هو الأسلوب السائد.

 ولكن ما هي القمريات والشمسيات؟

 تعتبر (القمريات والشمسيات) أحد العناصر البارزة في المباني العربية والإسلامية، والتي تم توظيفها لإيجاد علاقة تجمع بين القيمة الجمالية والنفعية، فمن وظائفها منع الحشرات التي تتسلل من خارج المبنى إلى داخله، وهي بهذا تحقق مبدأ أمني يتعلق بحياة الإنسان، كما أنها ترشد من كمية الضوء الداخل إلى المكان وتمنع الأتربة، وهي تخفف الأحمال على الأعمدة الحاملة للعقود.

وكان ابتكار هذه الشمسيات والقمريات بدافع من الرغبة في تخفيف حدة الضوء في القصور التي شيدها الخلفاء في الشام ثم استعملت في المساجد ذات الصحن المكشوف للغرض نفسه، وانتشر هذا النوع من الشبابيك في العمائر الدينية، وتعرف هذه الشبابيك عادة باسم "القمرية" إذا كانت مستديرة، وباسم "الشمسية" إذا كانت غير مستديرة، وأقدم شباك منها محفوظ في المتحف الإسلامي في القاهرة وأصله من جامع الأمير "قجماس"، الذي يرجع تاريخه إلى أواخر القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي).

 التحول من التعشيق بالجص إلى التعشيق بالرصاص:

استخدم العرب الجص "الجبس" للشمسيات والقمريات كخامة أساسية عند تعشيق الزجاج، لعدم وجود عوائق تحول دون انتشارها لجفاف الجو من ناحية واستقرار معظم فصول السنة من ناحية أخرى، بالإضافة إلى الدفء الذي تحدثه الشمس والذي يأتلف معه الجبس كخامة مستخدمة في التعشيق .

ولكن تلك الخامات لم تتوافق مع جو أوروبا لتأثرها بالمناخ البارد ذي الرطوبة العالية أغلب فصول العام، فطرح اختلاف المناخ الأوروبي على فنانيهم فكرة استبدال الجص بمعدن طيع سهل هو (الرصاص) أو (بلاط الأسمنت الصلب بعد الجفاف)، وهاتان الخامتان مع الزجاج الملون جعلت لأوروبا تقنيتين معروفتين تعكسان التوافق بين الخامة والمناخ هما "فن الزجاج المؤلف بالرصاص"، و"بلاطات الزجاج مع الأسمنت".

وقد استلهم فنانو الغرب فن النوافذ الزجاجية من العمارة الإسلامية، مع استبدال الجص بشرائح من الرصاص تثبت بها قطع الزجاج، وذلك لملائمة الرصاص للجو البارد الذي يسود أوروبا لكن الفنان الأوروبي قام بترتيب قطع الزجاج بحيث تكون رسوماً آدمية وحيوانية ومناظر دينية (أيقونات) مختلفة في ذلك عن الطابع الزخرفي الذي تميّزت به الأعمال الفنية الإسلامية، وتشكل نوافذ الزجاج المعشق بالرصاص ملمحاً أساسيا ومميزاً في الكنائس والكاتدرائيات المنفذة حسب الطراز الفني القوطي والرومانسكي.

 تطور صناعة الزجاج المعشق في أوروبا:

تطور فن النوافذ العربية المطعم بالزجاج المعشق "الشمسيات والقمريات" في القرن العاشر الميلادي، في أوروبا حيث ظهر عندهم طراز منه أسماه الأوروبيون (الموريش) نسبة إلى عرب شمال أفريقيا والمغاربة، وكانت تتم صناعة هذا الطراز بإحدى طريقتين:

 الأولى:

 عن طريق نحت الرخام أو الحجر وإدخال قطع الزجاج في المكان المنحوت.

الثانية:

 عن طريق وضع قطع الزجاج في اللياسة قبل أن تجف، ويتم تقوية وتدعيم هذه اللياسة بوضع قضبان من الحديد داخلها، وبذلك تكون اللياسة المدعمة بالحديد تحيط بقطع الزجاج، ومن أبرز النماذج المعتمدة على هذا الأسلوب (نوافذ الجامع الأزرق) في مدينة استانبول بتركيا، حيث استخدم الزجاج في تصميم نوافذ متميزة برسوم الزهور.

بعد ذلك تطورت صناعة الزجاج المعشق، وأصبح استخدام الرصاص والنحاس كبديل للرخام والحجر واللياسة، لتصبح تصاميمه أكثر جمالاً وأفضل جودة وأقل تكلفة

الفنون التي أثرت في نشأة فن  الزجاج  المعشق  بالرصاص



 لا تنشأ الفنون المختلفه عاده من فراغ ، بل أنها تعتمد على فنون أخرى سابقه عليها تستعد منها اصولها ، وبالنسبه لفن  الزجاج  المعشق  بالرصاص  ، نجد أن هناك بعض  الفنون  التي ازدهرت في العصور الوسطي ، واثرت تأثيرا مباشرا في نشأة هذا الفن ، ومن هذه  الفنون  :-

1- فن الفسيفساء للأرضيات :



 وفن فن تكسية الارضيات والقباب بقطع صغيره من الحجر او الرخام او ازجاج الملون والتي توضع جنبا الي جنب مكونة مناظر تصويريه ، ونفس الاسلوب يكاد يكون هو المتبع في فن  الزجاج  المعشق  بالرصاص  ، حيث توضع قطع  الزجاج  الملون جنبا الي جنب لتعطي في النهايه تصميما معيناً .

 2- فن المينا :

 يعتبر فن المينا الفن الثاني الذي قام على أساسه فن  الزجاج  المعشق  بالرصاص  حيث استوحى الفنان فكرة ربط قطع  الزجاج  الملون بعضها بالبعض الآخر بواسطة قضبان معدن الرصاص من فن المينا ،خاصه فن المينا المحاطه بالأسلاك المعدنيه Cloisonee enameling المستخدمه في صناعة الحلي حيث يتم إحاطه المساحات المطبق عليها بودرة المينا الزجاجيه الملونه بأسلاك ذهبيه يتم لحامها الي قاعده ذهبيه ، حيث تنصهر المينا الي مساحات ملونه عند التسخين .

 واستبدل فنان  الزجاج  المشق معدن الذهب بمعدن ارخص له قابليه للسحب تسمح بأن يحيط بقطع  الزجاج  الملون مختلفة الاشكال والاحجام " معدن الرصاص " .

3- فن النوافذ الجصيه المفرغه :



 اذا كان فن  الزجاج  المعشق  بالجص قد نشأ وازدهر في بلاد الشرق الاسلامي في نفس فترة نمو وازدهار فن  الزجاج  المعشق  بالرصاص  في اوروبا ، فليس من المستبعد تأثر نشأة  الزجاج  المعشق  بالرصاص  الاوروبي ببواكير فن الصناعه  الزجاج  المعشق  بالجص في المشرق الاسلامي ، فمن المعروف أن هذا الاخير قد مر بمراحل تطور عديده قبل ان يصل الي قمته في خلال القرنين 14 - 15 م ، وكانت بدايه هذا الفن " عباره عن قمريات جصيه ذات زخارف مفرغه متشابكه خاليه من  الزجاج  ، والتي ربما يكون الفنان الاروبي قد استوحى منها التصميم العام لفنه ، ثم فكر بعد ذلك فياستخدام ماده شفافه تملأ بها هذه الفراغات لتحمي داخل المبنى من تأثير العوامل الجويه الخارجيه وفي نفس الوقت تسمح بدخول قدر كاف من الضوء الي الداخل " وهي ماده  الزجاج  " وذلك بعد استبدال الشبكات الجصيه المفرغه بقضبان معدن الرصاص.

الموازييك أحد فنون الزجاج المعشق:

فن الموزاييك       



 الموزاييك كلمة أعجمية تقابلها في اللغة العربية كلمة (فسيفساء)، وهي تشير إلى نوع من الفن يقوم بالأساس على تجميع قطع حجرية أو خزفية أو زجاجية صغيرة تعطي في النهاية الشكل المطلوب في صورة متفردة بديعة.

وتستخدم تكوينات "الموزاييك" المصنوعة من الزجاج لكساء الحوائط الخارجية والداخلية للمباني ولكساء الخشب، أو لعمل بانوهات خاصة وغالباً ما تُستخدم طريقه "الموزاييك" في صنع وحدات الديكور التي تصنع للمداخل والممرات بالمصانع والشركات والسلالم والحمامات وذلك لسهولة تعشيقها (بالخرسانة) بالإضافة لاستخدامها في عمل المناضد والكراسي حول حمامات السباحة.

مدارس فسيفسائية متعددة:

 وقد برعت المدرسة البيزنطية في تعميق فن (الموزاييك) بالأسلوب التعبيري الرمزي، وبرع فنانوها في استخدامه في تجميل الكنائس بخلفيات ذهبية وتقسيمات غاية في الإبداع، في حين اتجهت المدرسة الرومانسية إلى الأسلوب الأكاديمي، وذلك لما يتمتع به روادها من مهارة ودقة في صياغة وصناعة خاماتها الزجاجية المطبوخة، والحصول على درجات لونية شديدة التقارب بعضها البعض، لدرجة أن المشاهد لهذه اللوحات الفنية لا يمكنه التفرقة بينها وبين اللوحات الزيتية، وتوجد هذه الأعمال الفنية الرائعة على جدران مباني كنيسة الفاتيكان بروما وأماكن أخرى متفرقة في إيطاليا.

الموزاييك الإسلامي:

 ولاشك في أن فن (الفسيفساء) الإسلامي هو الأكثر تفرداً وتميزاً من بين كل فنون (الموزاييك) الأخرى، فعلي امتداد(14) قرناً لعب الفن الإسلامي دوراً هاماً في التأثير على الحضارات التي جاءت بعده ولا يزال تأثيره موجوداً حتى الآن، فالآثار الباقية من العصر الإسلامي الوسيط تعطينا صورة بديعة عن شكل الحياة في ذلك العصر، والذي تمثل بأفضل صوره في الزخارف الهندسية التي استخدمت بدقة في المساجد والأبنية التي بقيت لنا منذ ذلك العصر.

وقد استخدم الفنان المسلم منهجاً جديداً في فن الفسيفساء هو الذي حقق له تقطيع الفسيفساء بأشكال تميزه عن الفنون الأخرى، وتجلى هذا الاختلاف في أبهى صوره في ابتكار أشكال هندسية خماسية وسداسية، وقد شهدت مصر أروع أشكال الإبداع والابتكار في فن الفسيفساء، وخاصة في الأعمال الفنية التي تم الاستعانة فيها بالأنماط الهندسية، ومنها (المشكاة) ذات الفسيفساء الرخامية الملونة، أما في دول المغرب العربي فلا يزال الفنانون هناك يستخدمون الأنماط والأشكال النجمية والدائرية والخماسية والسداسية والرباعية والأشكال المعقوفة المصنوعة جميعها من مادة الرخام والخزف الملون، بحيث تعطي في تجميعها أشكالاً من الأطباق النجمية.

وقد استفاد فن الفسيفساء الإسلامي من فنون (الموزاييك) الأخرى التي سبقته، وقصة هذا الامتزاج والتفاعل بينهم تبدأ منذ فتح العرب لبلاد الشام حيث وجدوا هناك مدرسة فنية تنتمي إلى جذور ساسانية- هيلينية- بيزنطية، ووجدوا فنانين شوام تلقوا أساليبهم الفنية على أيدي فنانين من الروم، فاستفادوا من هذا الفن وقاموا بتطويره، وقد اكتشف العلامة الفرنسي (دي لوريه) أجزاء نمطية الشكل كانت مغطاة بالملاط في الجامع الأموي استخدم فيها الفنانون الفسيفساء في رسم منظر لنهر رائع على ضفته الداخلية أشجار ضخمة تطل على منظر طبيعي مليء بالرسوم لعمائر كثيرة بين الأشجار والغابات، ومن هذه العمائر رسم لملعب للخيل، ورسم آخر لقصور ذات طابقين وأعمدة جميلة، ورسم ثالث لفناء مربع الشكل وله سقف صيني الطراز، فضلاً عن عمائر صغيرة تبدو وكأنها مصنوعة بحيث تكون متراصة الواحدة فوق الأخرى، وفوق النهر توجد قنطرة تشبه قنطرة أخرى موجودة فوق نهر بردى في دمشق، مما جعل البعض يظنون أن هذه الرسوم قصد بها رسم مناظر من مدينة دمشق. إذن فقد تبلور فن الفسيفساء بعد أن اكتملت الهوية الفنية الإسلامية، واتخذ لنفسه هذا الأداء والأسلوب الإبداعي بعيداً عن فن (الموزاييك) الغربي الذي اعتمد علي استخدام قطع صغيرة متشابهة هندسياً، ولذلك فقد تميز الفن الإسلامي بمنهج خاص يظهر بوضوح في المساجد والعمائر الإسلامية التي استوحى منها الفنان المسلم روحه الفريدة وقيمه الأخلاقية والاجتماعية والدينية.

الزجاج المعشق بصفائح النحاس (بالإنجليزية: Copper-foil glasswork‏)

- ابتكر لويس كومفرت تيفاني 1848 - 1933 (بالإنجليزية: louis comfort tiffany‏) طريقة لتجميع قطع الزجاج الصغيرة جدا - ربع بوصة عرض بدون أعواد الرصاص الثقيلة التي تعيق الرؤية المتدفقة من المصابيح وهكذا ابتكر طريقة للف كل قطعة زجاج مفردة بشريط من النحاس الذي يتلصق بواسطة نوع من الغراء مكون من مزيج من زيت بذور الكتان وشمع العسل وعرفت هذه الطريقة بإسم الزجاج المعشق بصفائح النحاس - ومن أمثلة أعماله الشهيرة التي توضح اسلوبه وطريقته هو نافذة نهر هدسون (بالإنجليزية: hudson river window‏) - ثريا وستريا (بالإنجليزية: wisteria lamp‏) والتي ضمت أكثر من 1000 قطعة زجاج

المصادر

 -----------------------

 san , Casciani , Pawl , The technique of decorative stained glass P. 104 .

Hugh , Arnold ., stained glass of the middle ages in england and france , p. 16

سعيد عبد الفتاح عاشور ، أوروبا في العصور الوسطى جـ2 صـ 471 .

Lee , Lowrence , and other ., stained glass , p . 184 .

Armitage , E., Liddall., stained glass , p . 45

Armitage , E., Liddall., Ibid ., p. 70 .

سلوى جاد عبد الكريم ، دراسة ترميم وصيانة الاثار الزجاجيه في مصر  قسم الترميم – كلية الاثار – جامعة القاهره 

شاهد أيضا :
فنون وجمال 
العودة  الي                    مدونة   رحال          مخلوقات مدهشة        صفحات رحال     صفحات مخلوقات مدهشة                   رخصة المشاع الابداعي        بيانات الإتصال        تنويه عن رحال         كلمة   المدون        صفحاتنا علي  فيسبوك  
هذا المصنف مرخص بموجب المشاع الابداعي نسب العمل- المشاركة على قدم المساواة 3.0 الاصليةالترخيص .

أهلا وسهلا

رحـلات وجـولات ورسائل لا تنـتهى للعقـل والـروح وأحـيانا للجـسـد عــبر نـوافــذ الادراك المعـروفـة والمجهولة تتـخطـى المكان والـزمان تـخـوض بحـار العـلم و تـكشـف أسـرار المـعرفة حربـا علـى الظــلام والتحاقا بالنـور بحـثا عـن الخيــر والجـمـال ووصــولا الى الـحـق