الخميس، 7 يوليو 2011

كونفشيوسية


الكونفشيوسية (儒學 استمع (؟\معلومات)، رو-جيآ: مدرسة المعلم) أو الكونفوشية: هي مجموعة من المعتقدات والمبادئ في الفلسفة الصينية، طُورت عن طريق تعاليم كونفيشيوس (孔夫子) وأتباعه، تتمحور في مجملها حول الأخلاق والآداب، طريقة إدارة الحكم والعلاقات الاجتماعية. أثرت الكونفشيوسية في منهج حياة الصينيين، حددت لهم أنماط الحياة وسُلم القِيم الاجتماعية، كما وفرت المبادئ الأساسية التي قامت عليها النظريات والمؤسسات السياسية في الصين. انطلاقا من الصين، انتشرت هذه المدرسة إلى كوريا، ثم إلى اليابان وفيتنام، أصبحت ركيزة ثابتة في ثقافة شعوب شرق آسيا. عندما تم ادخالها إلى المجتمعات الغربية، جلبت الكونفشيوسية انتباه العديد من الفلاسفة الغربيين.
2 الكتابات وتدوين التعاليم
3 مفهوم الـ"لي"
4 مفهوم الـ"رن"
مقدمة
رغم أن الكونفشيوسية أصبحت المذهب الرسمي للدولة الصينية، لم تشق هذه طريقها حتى تصبح ديانة بالمعنى المعروف، كان يعوزها وجود هياكل أساسية، وطبقة من الكهنوتية (رجال الدين). حظيَّ كونفيشيوس (孔夫子) بمكانة رفيعة لدى رجال أهل العلم في الصين، كانوا يطلقون عليه ألقاب الـ"معلِم" والـ"حكيم"، إلا أن تبجيلهم إياه لم يرقى أبدا إلى درجة التأليه (من الألوهية). يبدو أن بعض المؤرخين في الغرب أساء فهم هذا التصور، نظرا لملازمة مفهوم عبادة الأسلاف للديانة الصينية. لم يكن كونفيشيوس (孔夫子) نفسه يدعي أنه إله. عكس الديانات الأخرى، لم تكن المعابد التي شُيدت على شرف كونفيشيوس أماكن لتجميع طوائفَ من الأتباع المنتظِمين، ولكن مبانٍ عمومية مخصصة لمراسيم سنوية وبالأخص يوم عيد ميلاد كونفيشيوس. بسبب الطبيعية الأساسية الدُنيوية (لادينية) لهذه الفلسفة، فشلت كل المحاولات التي كانت تهدف لأن تجعل من الكونفيشيوسية عقيدة دينية.
الكتابات وتدوين التعاليم
دُونت مبادئ المدرسة الكونفشيوسية في تسع من الكتابات الصينية القديمية والتي تم توارثها عن كونفشيوس وأتباعه، تمت كتابتها أثناء فترة حكم سلالة "تشو" (周朝)، عرفت تلك الفترة نشاطا مكثفا للمدارس الفلسفية. يمكن تقسيم هذه الكتابت إلى قسمين رئيسين:الكتابات الخمس التقليدية (وو-جينغ)؛
الكتابات الأربع (سيشو).
تم تَنَاقل تعاليم كونفشيوس بالطريقة الشفوية، لاحقا تم تدوين هذه التعاليم في مؤلَف الـ"لون-يو". يبدو المُعلِم (كونفشيوس) كما لو أنه يريد أن يُظهر نفسه بمظهر الأخلاقيّ (الذي يكتب في الأخلاقيات) المحافظ، في وقت عرفت فيه البلاد اضطرابات كبرى ميزها حالة الانفلات السياسية، والتحولات الاجتماعية التي تلت انحلال مملكة "تشو" إلى ممالك اقطاعية متحاربة. حملت حالة الهيجان التي عرفتها البلاد كونفشيوس ومفكريين آخرين، على تَدبُر الطريقة المثلى لاسترجاع وحدة المملكة، أصبحوا ورغما عنهم فلاسفة ومبدعين (من باب أنهم أوجدو أو سَنُوا أفكارا جديدة) في آن واحد.
نادى كونفوشبوس بمبدأ سيادة الشعب . فهو يقول أم الأمة هي صاحبة السيادة و مصدر السلطة . و على الرغم من اعتناقه للمذهب التيوقراطي و اعترافه بالحق الالهي للأباطرة . لم يرتب على هذه الفكرو نتائجها الطبيعية اذ حارب السلطان المطلق للأباطرة . و عدّ سلطة الملك غير مشروعه مالم تقترن برضى الشعب حتى انه حبذ الثورة على الحاكم الذي يستبد بالسلطة او يسيء استخدامها .
و تميزت فلسفته باتجاهات اشتراكيه واضحه . و جعل من أهداف الحكومه التي يسميها "الهيئة العادله المستقيمه" العنايه بالانتاج القومي حتى توفر للشعب الحاجات الضروريه . كما دعى الى اقامة عداله اجتماعية و اعانة الكهله و المرضى و العاجزين عن العمل.
كما دعا الى اتحاد شعوب العالم جميعا في "جمهورية عالمية واحده"
مفهوم الـ"لي"
يرى كونفشيوس أن النظامين السياسي والاجتماعي يشكلان وحدة متكاملة. الفضائل والمناقب الشخصية للحكام ورجال البلاط (الأرسطقراطيين) وحدهما كفيلان بأن يضمنا عافية الدولة. يتم استتباب النظام عن طريق نشر شعائر الـ"لي" () والموسيقى، كانت الموسيقى الصينية المعاصرة للفترة من أهم العناصر في الشعائر والممارسات الدينية. أقرَ "كونفشيوس" بتفوق الموسيقى، عند استعمالها بوظيفتها الروحانية وسلطانها على أفئدة الناس. كان كونفشيوس يستحب القصائد الصينية القديمة، والتي كانت تنظم عادة في صيغة موسيقية، كان يشيد بقيمتها الحضارية. كان يرى أن الدولة التي تمتلك موسيقى وشعائر خاصة بها، يتم اختيارهم من بين الأعراف والتقاليد الموجودة، يمكن أن تنتج مواطنين سعداء ويتمتعون بقدر كاف من الفضيلة، يجعل الدولة في غنى عن تشريع القوانين حتى تضمن حسن انضباطهم. سيعم البلاد الأمان وتصبح القوانين بلا فائدة. جاب كونفشيوس بلاد الصين بحثا عن الحاكم المثالي الذي يريد (ويستطيع) تبني هذه التعاليم، ولكن عبثا كان يحاول.
مفهوم الـ"رن"
تتمحور الفكرة العامة للأخلاقيات الكونفشيوسية في مفهوم الـ"رِن" ()، والتي يمكن ترجمتها بـ"إنسانية" أو"طِيبَةُ القَلْب". "رن" هي الفضيلة السامية والتي تمثل أفضل ما في النفس البشرية. في عصر كونفشيوس كان مفهوم الـ"رن" مقرونا برجال الطبقة الحاكمة، مع الزمن تحول مدلوله وأصبح يعني طبقة "النبلاء"، على أن هذا المفهوم أصبح أشمل فيما بعد. في العلاقات الإنسانية على غرار تلك التي تجمع بين شخصين، يتجلى الـ"رن" () عبر عدد من المفاهيم الأخرى:الـ"تشونغ" ()، أو الإخلاص تجاه الذات وتجاه الآخرين،
الـ"شياو" ()، أو "الإيثار" (إيثار الغير على النفس)، والذي يعبر عنه كونفشيوس في قاعدته الذهبية :"لا تفعل بالآخرين مالاتحب أن يفعله الآخرون بك".
الـ"جونتسه" (君子)، يمكن ترجمتها بالرجل الشريف (بفضائله وليس بنسبه)، ويطلق على الشخص الذي تجتمع فيه عدة فضائل، على غرار الاستقامة، اللباقة، التأدب، النزاهة بالإضافة إلى التقوى والورع.
سياسيا كان كونفشيوس يدعو إلى حكومة أَبَوية (تسلطية) يقودها حاكم يحظى بالاحترام ومطاع بين رعيته. يجب على الحاكم أن ينمي أخلاقه لتبلغ الكمال، حتى يكون مثالا يحتذي به شعبه. في الميدان التربوي كانت لـ"كونفشيوس" آراء تقدمية، كان يدعو إلى تعميم التعليم بين كل أبناء الشعب بغض النظر عن انتماءاتهم الطبقية.

يارسانية


يارسان والذي يسمى أيضا بأهل الحق من قبل الأيرانيين والعرب عبارة عن أحد فروع الديانة اليزدانية القديمة التي كانت معتنقة من قبل معظم الأكراد قبل المد الإسلامي في كردستان والتي يقسم في الوقت الحاضر إلى ثلاثة أقسام رئيسية وهي اليزيدية، اليارسانية، علويو تركيا. هناك اعتقاد شائع بأن معظم الأكراد كانوا معتنقين للديانة الزردشتية قبل اعتناقهم الإسلام ولكن الوثائق التأريخية تشير إلى ان معظم الأكراد كانوا من أتباع الديانة اليزدانية التي إختلطت كثيرا مع الزرادشتية ولكنها حافظت على خطها العام المستقل عن الزردشتية. يعيش اليارسانيون أو أهل الحق في غرب إيران وبالتحديد محافظة کرمانشاه وأيضا في منطقة كركوك في شمال العراق بينما اليارسانيون أو اتباع أهل الحق من العرب يعيشون في مندلي وخانقين وبعقوبة في محافظة ديالى

يعتقد أهل الحق بوجود خالق أعظم أساسي بالإضافة إلى 6 تجسدات للخالق في صور أو هيئات محددة ويتم تجسد الخالق على هذه الهيئات في بداية عهد أو فترة زمنية مهمة. من بعض هذه التجسدات حسب العقيدة اليارسانية هو المسيح، علي، سلطان شاهاك والذي ادعى أن ولادته كانت من عذراء. يؤمن أتباع اليارسانية بتناسخ الأرواح ويؤمنون أن الخالق الأعظم لايدير شؤون العباد بصورة مباشرة بل عن طريق تجسدات ومنها 6 لحد هذا العصر. يطلق على الكتاب المقدس لأهل الحق "سه ر ئه نجام(سنچنار)" وهو كتاب باللغة الكردية وتعني بالعربية النتيجة العظمى.

غنوصية


 الغنوصية (أو العارفية أو العرفانية) هي مدرسة عقائدية أو فلسفية حلولية نشأت حول القرن الأول الميلادي، ويعتقد البعض أن لها جذور وبدايات تعود إلى القرون الثلاث الأخيرة قبل الميلاد في المجتمع السكندري لتبرير انتشار الديانة المصرية القديمة في الإمبراطورية الرومانية بجانب الديانات المحلية. أخذت الغنوصية طورا جديدا لدى ظهور المسيحية لإثبات تواؤم المعتقدين. وكانت لا تتعارض مباشرة مع الديانات التوحيدية كالمسيحية واليهودية ولكنها تم مقاومتها وقمعها من قبل الكنيسة منذ فترة مبكرة.
في 1945 ازداد النقاش لدى اكتشاف مخطوطات نجع حمادي المكتوب في القرن الخامس الميلادي والتي ما زالت المصدر الرئيسي والأكبر للغنوصية  (Gnosticism)
’الغنوصـية‘ Gnose كلمة يونانية تعني ’المعرفـة‘، اصطلح الدارسون على استخدامها لوصف عدد من الحركات الدينية في فترة سيطرة الإمبراطورية الرومانية، كثيرٌ منها لا صلة له على الإطلاق بالمسيحية. وهي تيار ومذهب فكري مُعقّد ذو فلسفات باطنية، بذل جهده لاكتساب المعارف الفلسفية الوثنية، مُهملاً فكرة الوحي الإلهي كأساس لكل معرفة لاهوتية، ومُفسّراً إياها تفسيراً مجازياً خالطاً بين النظريات الفلسفية الوثنية مع العناصر الذي نقلها مع العبادات الشرقية، مكوِّناً بذلك نظريات وفلسفات غريبة. لهذا فإن كل شكل من أشكال الغنوصية يشمل بعض الفكر الإبراهيمي إلى جانب الغنوصية الوثنية، ويبدو أن العهد الرئيسي للغنوصية هو الرؤى اليهودية وأفكارها عن العالم السماوي، بالإضافة إلى نظرية ثنائية الكون والخلق -المنقولة نوعاً ما عن فارس (إيران)- والتي تضع الله وأعماله "الصالحة" من جهة قبالة العالم وأعماله "الشريرة" من جهة أخرى، لهذا خرجت الغنوصية بمبدأ التعارض القائم -والدائم- بين الروح والمادة (الجسد). وهكذا خلع الغنوصيون على الفكر اللاهوتي طابعاً غنياً باستخدام المنطق، وبهذا يصح القول أنهم أسسوا اللاهوت العلمي أو ’علم اللاهوت‘.
وتذهب الغنوصية إلى أن الخلاص هو في تعلّم الأسرار الخفية ومعرفة أصل الروح ومصدرها الحقيقي، ومعتقدها الثنوي يجعل الروح الخيّرة في مواجهة الجسد الشرير، وفي حالة تعارض دائم مع المادة الفاسدة. والأرواح وحدها تمتلك المعرفة، وهي قد خلصت بالطبيعة، وهذا يستتبع كُرهاً للدنيا المادية ودعوة دائمة إلى التقشف. وفي العقيدة الغنوصية، الإله الحقيقي هو إله يخفى عن عيون البشر ويتجلى بإله سفلي هو خالق العالم، وهي ترفض إله العهد القديم الذي تعتبره خالقاً شيطانياً، شريراً وغيوراً ومسؤولاً عن كل مثالب العالم. وتعتبر المسيح معلماً روحياً مكلفاً بقيادة البشرية نحو معرفة الله الحقيقي الخفي. والمسيح حسب الغنوصية ليس ابن إله العهد القديم، بل هو من ’شيث‘، الابن الثالث لآدم الذي ينتمي إلى المعبودة الأنثوية "باربيلو" Barbélo.
والغنوصية حركة دينية خاصة، لكنها ليست مُحددة بسياق مُوحّد، بل هي مجموعة من الفرق والمدارس التي كان لها في عصور المسيحية الأولى عقائد مشتركة عن ’المعرفـة‘، لكن الكنيسة الأرثوذكسية (وبشكلٍ خاص المصرية القبطة منها تحديداً) رفضت هذه الحركة بمعارفها وممارساتها. وذلك لأن أعضاء الجماعات الغنوصية، الذين كانوا يعتقدون أنهم يملكون مفتاح المعرفة غير المُتاح للآخرين، قد تميّزوا بالحقد على العالم المادي الذي كثيراً ما يعتقدون أنه ليس من خلق الله، بل من إله دونه قد خلقه ليحبس فيه أرواح البشر. وفي المفهوم الغنوصي، أن البشر، حرفياً، مُحاصرون في أجسادهم، كما في قول يسوع مُخاطباً يهوذا: "هذا يُغلّفني" حسبما تُشير مخطوطة ’إنجيل يهوذا‘ (الإسخريوطي)، والتي سيلي تفصيلها لاحقاً. ومعنى الخلاص عندهم هو أن ينطلقوا ويتحرروا من أجسادهم تلك.
لقد ظهرت الغنوصية عام 70 ميلادية وتطورت في القرن الرابع الميلادي، وصار لها عدة مذاهب، منها مذهب "القاينيين" الذين ظهروا حوالي عام 158/159 بعد الميلاد، وهو جزء من حركة عبدة الأفاعي الذين يعتبرون الأفعى رسول الحكمة المنقذة للبشر، وكانوا يؤمنون أن يهوه كان ناقصاً وعقله مليء بالجهل والغطرسة، لذلك اعتبروا أن اكتمال الطبيعة الإلهية يقتضي البحث عن حقائق مناقضة لتعاليم "يهوه"، فوجدوا في "قايين" (= قابيل في الإسلاميات) نموذجاً يعبرّ عن رؤيتهم ومن وجهة نظرهم أن "قايين"، عندما قتل أخاه "هابيل"، برهن أنه يفوق "يهـوه" الذي يرعى هابيل فقدِّسوا "قايين" ثم أضافوا إليه "عيسو" وسكان مدينة سدوم (التي عرفت في الكتاب المقدس بتجبر أهلها)، وأخيراً، "يهوذا الاسخريوطي"، وغيرهم.
الغنوصـية القبطيـة (Coptic Gnosticism)
لم نكن نعرف، حتى عام 1850 م، من الكتابات الغنوصية، بخلاف ما فنّده الكُتّاب الكنسيون (إيريناوس، هيبوليتس، أبيفانيوس)، سوى مقتطفات من ’إنجيل مريم‘ (طبعة شميدت 1896 م)، بالإضافة إلى مجموعة من بعض المُؤلّفات (المخطوطات القبطية) -مختلطة وغير واضحة- عُثِرَ عليها في رمال مصر وترجع إلى النصف الثاني من القرن الرابع والقرنين الخامس والسادس ميلادي، بها أربعة أو خمسة مؤلفات ذات أهمية خاصة، هي:
(1) المجموعة الإسكيفيانية:-
وكانت ملكاً لشخص يُدعى Askew ’آسكيف‘، وهي حالياً في المتحف البريطاني بلندن، وتُقدم لنا ’إنجيـل الحـق‘ (Pistis Sophia) مُقسّماً إلى ثلاثة أجزاء، موضوعها: أحاديث بين المسيح القائم من بين الأموات وتلاميذه (خاصةً على ساحل بحيرة طبرية)، وخاصة مع يوحنا ومريم المجدلية، وهي تروي تكوين العالم المحسوس والسقوط (في الخطيئة) والفداء. وقد أُلِّفَت ’المجموعة الإسكيفيانية‘ (إنجيل الحق بأجزائه الثلاثة) في مصر ما بين 222 م وبداية القرن الرابع. أما الجزء الرابع من المخطوط، فهو مُؤلّف مستقل يشمل وحي يسوع عن التوبة، ويرجع إلى النصف الأول من القرن الثالث الميلادي. وفي نهاية المجموعة ذاتها يوجد مُؤلّف غنوصي آخر، مبتور البداية والنهاية، يتحدث عن بداية العالم.
(2) المجموعة البروسية:-
محفوظة بـ ’أوكسفورد‘ وكان يمتلكها ’چيمس بروس‘، وتتأرجح التواريخ المفترضة لتأليفها بين القرنين الثالث والعاشر الميلاديين، وإن كان يُرجّح أنها ترجع إلى القرنين الخامس والسادس الميلاديين. وتتضمن كتابين عن عصر ’اللوجوس (الكلمة) الكبير‘، هما:
الكتاب الأوّل: ويصف العالم المنظور وهو مليء بالصور الرمزية، التي تُقدّم على شكل رحلة في مناطق العالم المُتسامي؛ حيث يقود يسوع تلاميذه عبر الأماكن (الكنوز) القائمة في السماء، ويكشف لهم أسمائها السرية، ويُعرّفهم العبارة السحرية التي تُغلب بواسطتها الصعوبات وتَفتح السُبل للوصول إلى الكنوز، ويُختم الكتاب بنشيد للآب مُقدّم من يسوع وتلاميذه.
أما الكتاب الثاني: ففيه يُجري يسوع -الموجود باليهودية- العماد المُثلّث بالماء والنار والروح، ويُعرّفهم العبارات السحرية المُعبّر عنها برسوم تسمح للغنوصيين بعد الموت أن يصلوا إلى كنز النور. وعليهم عند مرورهم بكل حارس من حُراس الكنز أن يُقدِّموا خاتماً، ويقولوا اسماً، ويتلوا دفاعاً، حينئذ يَقبلون السر الأعلى، أي: مغفرة الخطايا.
(3) برديـة برليـن القبطيـة (Berlin 8502):- إنجيل برلين المجهول وهي من القرن الخامس الميلادي، وتشمل 3 مؤلفات، هي:
- [1] جزء من ’إنجيـل مريم‘ الغنوصي: ونجد بعضاً منه يتحدث المسيح القائم من بين الأموات فيه عن مصير المادة وطبيعة الخطيئة، ثم رواية عن رؤية مريم المجدلية.
- [2] قطعة صغيرة من ’رؤيـا يوحنـا‘: نجد أجزاء منها كذلك في ’مخطوط نجع حمادي‘. يبدأ هذا الكتاب ’كتاب يوحنا السري‘ بقصة اللقاء في الهيكل بين يوحنا، أخي يعقوب، وفريسي اسمه ’أريجانوس‘ هاجم المُعلّم الذي اختفى، قائلاً: "لقد شردهم بمكر ودهاء"، فخرج يوحنا واختلى في الجبل، في مكان قفر، وتساءل: "لماذا أُرسِلَ المُخلّص إلى العالم بواسطة ابنـه؟ من هو أبوه؟ ما هي طبيعة الأبوين الذي نحن ذاهبون إليه؟" فظهر له طفل في هيئة شيخ وأوحي إليه برؤى تتخللها بعض أسئلة الرائي. ويُلاحظ في كلامه عن ظهور المسيح بأشكال مُتغيّرة "أنا الآب، أنا الأم، أنا الابن"، ويُعطينا وصفاً لله الثاني، الإله الحقيقي، المبدأ، القدرة، الذي ليس لأحد عليه سُلطان، ثم يستخدم صفات سلبية وإيجابية، ثم يأتي بتشكيل صورة الله وفكرته الأولى، ويذكر بعض العناصر من العهد القديم إنما بتفسير مُعادٍ لليهودية، مثلاً: "لا كما يقول موسى".
- [3] حكمة يسوع المسيح: كُتِبَ النص الأصلي باليونانية، على هيئة إنجيل غنوصي بعنوان ’وحي المُخلّص القائم من الأموات للرسول والنسوة‘. ويبدو أن كتابته كانت في القرن الثالث إن لم تكن في نهاية القرن الثاني الميلادي.
(4) مخطوطة ’إنجيل يهوذا‘، ومخطوطات قبطية غنوصية أخرى:-
وفي إحدى كهوف الصحراء، قرب "بني مزار" بمحافظة المنيا (200 كم جنوب القاهرة)، عَثَرَ فلاح مصري، في عام 1970 م، على مخطوطة غنوصية ’لإنجيل يهوذا‘ (الإسخريوطي) مكتوبة بالقبطية ’الصعيدية‘ على 13 ورقة، وُجِدت مع عدة وثائق قبطية غنوصية أخرى، هي:
1- رؤيـا يعقوب.
2- رسـالة بطرس إلى فيلُـپس.
3- وأخيراً، ما يدعوه الباحثون بـ The Book of Allogenes.
وقد باع الفلاح تلك المخطوطات لأحد تجار الآثار المصريين الذي قام بتهريبها (عام 1984 م)، ووضعها لمدة ستة عشرة عاماً في إحدى خزائن مصرف أمريكي (في Hicksville بنيويورك) إلى أن تمكن من بيعها (عام 2000 م) لتاجرة آثار من زيوريخ تدعى "فريدا تشاكوس نوسبيرغر"، واستقرت المخطوطة أخيرا لدى مؤسسة Maecenas المختصة بالآثار والفنون القديمة وذلك بغية إنقاذها، حيث كانت قد تعفنت وبدا ورق البردى في الصور شبيهاً بأوراق الخريف البنية الناشفة، وقالوا أنها تفتت إلى أكثر من ألف قطعة! واتفق المصريون مع مؤسسة "ناشونال جيوغرافيك" (National Geographic Society ’الجمعية الجغرافية الوطنية‘) ومعهد "ويت" للاكتشافات الأثرية على أن يبتاعا هذه النسخة بمليوني دولار تدفع مناصفة بين المؤسستين ليقوما بعدها بترميمها وترجمتها وإعادتها إلى وطنها الأصلي مصر.
في هذه المخطوطة الوثيقة المُهّتَرِئة، التي تُمثّل جزء من "بشارة يهوذا" على ورق بردي في حالة سيئة من الحفظ، ظهرت قراءة الغنوصيين "القاينيين" لدور يهوذا في تسليم المسيح، مكتوبة باللهجة القبطية الصعيدية القديمة وقام بترميم هذه المخطوطة وترجمتها البروفسور السويسري ’رودولف كاسير‘، وهو أستاذ في كلية الآداب بجامعة جنيف وأحد كبار المختصين في اللغة القبطية القديمة. وقد قامت National Geographic Society، في الخميس السادس من من أبريل عام 2006 م، بنشر الترجمة الإنجليزية لمخطوطة الإنجيل الغنوصي القبطي ’بشارة يهوذا‘، ثم تبعته يوم الأحد التاسع من نفس الشهر ببث التقرير التلفزيوني الخاص به. وقد بدا إخراج الترجمة مدروساً للغاية، بحيث أصبحت مادة مثيرة بامتياز لجدالات دينية جديدة. وقد جاء نص المخطوطة بمثابة تمييز قضائي للحكم الأولي على خائن، حيث برأه هذا النص من جريمة الخيانة وردّ له اعتباره ورفعه بإجرامه إلى مصاف المرسلين! كل هذه المصادفات كانت مختبئة في كهف مصري لمدة 1700 سنة، فألهبت عند ظهورها عقول بعض الناس الذين ظنوا أنها تتعارض مع الإيمان المسيحي.
والنص الذي تتضمنه المخطوطة لم يكتبه يهوذا بنفسه -حسبما يُؤكّد "چيمس روبنسون"، أحد أبرز الخبراء في المخطوطات القبطية والغنوصية والأستاذ بجامعة كليرمونت-، إنما كتبه أتباع المذهب "القاييني" (الذي ظهر حوالي عام 159 م). وكان من بين المسيحيين الأوائل فرقة تسمى "فرقة يهوذا" أو"الإسخريوطيين"، مُعتبرة أن يهوذا قد تصرَّف بحسن نيّة، وأنه قديس توجَّه إليه الصلوات والدعوات والأماني، فهو في اعتبارهم أفضل أبناء "قايين"، وأنه سلَّمَ المسيح لأعدائه في اليهودية بناء على إيعاز منه. لكن عكس ذلك هو الشائع عن يهوذا، فهو من مجمل الروايات، رمز للخيانة والجشع المادي، وفي الأدبيات القديمة والمعاصرة سُمِيَّ بـ "الإسخريوطي العجوز"، كما تُستخدم الاستعارة "قبلة يهوذا" أو "سفر يهوذا" للدلالة على الخيانة !
’إنجيل (بشارة) يهوذا (الإسخريوطي)‘ ليس نصاً مسيحياً، فهو نسخة قبطية ’صعيدية‘ لأصل يوناني مفقود من نص غنوصي، ويبدو من الواضح -حسبما أقر الباحثون بالإجماع بعد دراسة دقيقة للمخطوطة- أن نُسخته القبطية الحالية كُتِبَت في نهاية القرن الثالث أو بداية القرن الرابع الميلادي (بين 300 و 340 م)، في نفس الوقت الذي شرّعَ فيه الإمبراطور ’قسطنطين (الكبير) الأول‘ (27 فبراير 272 – 22 مايو 337 م) الديانة المسيحية ديناً مُعترفاً به ضمن أديان الإمبراطورية الرومانية الأخرى (رسالة ميلانو عام 313 م)، ودعا فيه لعقد المجمع المسكوني الأوّل في "نيقية" (افتتحه في 20 مايو عام 325 م)، وجعل من مدينة "بيزنطة" روما الجديدة (عام 324 م) وعاصمةً له أسماها "القسطنطينية" (عام 330 م). أي أن النسخة القبطية كُتِبَت بعد حوالي قرنين من زمن كتابة إنجيل يوحنا -وهو رابع كُتب العهد الجديد القانونية- الذي دُوِّنَ حوالي عام 100 ميلادية، وبعد نحو 300 عاماً تفصل بينه وبين لقاء المسيح مع يهوذا خلال العقد الثالث من القرن الأوّل الميلادي.
والواقع أن إنجيل يهوذا، القبطي الغنوصي، مُشابه لبعض النصوص التي تم العثور عليها في مصر عام 1945 م في نجع حمادي.
النص القبطي الصعيدي -حسبما يُعتقد- هو ترجمة لنص يوناني ضائع تمَّ تأليفه بين أعوام 130-180 م بعد الميلاد. فالقديس ’إيريناوس‘، أسقف مدينة "لوغدونوم" (ليون حالياً بفرنسا) والشهيد (202 م)، اعتبر هذا النص هرطقة في مؤلفه "ضد الهرطقة" عام 180 م، وندَّدَ بالطابع الهُرطوقي لهذا النص المكتوب بوحي غنوصي وباللغة اليونانية، واعتبر الغنوصية "إعادة تسطير" لعدد من قصص الكتاب المقدس، فابتكروا ما اسماه "إيريناوس" بـ "التاريخ الوهمي" الذي هو نفسه طابع "إنجيل يهوذا".
وحسب تعليق البروفسور كاسير، مُترجم النص، ليس في هذه الوثيقة أي معلومة تاريخية جديدة عن يهوذا سوى تأويل غنوصي لاحق للأحداث، لا يؤثر لا من قريب ولا من بعيد على الأناجيل الأربعة. إن الترجمة الإنجليزية التي تمت لما تبقى منه بلغت سبع صفحات، وهو بالتالي أقصر من "إنجيل مرقس" الذي هو أصغر البشارات الأربعة حجماً في العهد الجديد، كما أن نص المخطوطة لا يروي قصة يسوع المسيح المُعتادة (من حياته وأعماله وأقواله) ولا يُورد أية معلومة عن ولادته ولا عن موته بالصليب ولا عن قيامته.
بل خلافاً للأناجيل القانونية الأربعة (متى، مرقس، لوقا، يوحنا) بـ العهد الجديد، فإنه لا يروي نصاً تاريخياً حقيقياً، فهو من تاليف مجموعة من الأشخاص الذين كانوا غريبين عن صُلب المسيحية. لهذا اعتبرتاه الكنيستان الأرثوذكسيتان، اليونانية والمصرية-القبطية، هذيان أُناس غير مسيحيين يحاولون إيجاد مزيج خاطئ من الميثولوجيا (الأساطير) اليونانية وأديان الشرق الأقصى والمسيحية. فمن قراءته، لا يبدو أنه توجد فيه أي نقطة مُشتركة مع الأناجيل الأربعة سوى استخدامه اسمي "يسوع" و"يهوذا"، بل على العكس، يُريد نصّه القول بأن علاقة يهوذا بالمسيح كانت علاقة حميمية، وأنه الوحيد الذي فهم رسالة المسيح.
* مضمون نص إنجيل يهوذا (الإسخريوطي):
يبدأ إنجيل يهوذا قبل عيد الفصح في أورشليم؛ حيث تلاميذ "يسوع المسيح" مجتمعون برفعون صلاةً إلى الله على مائدة العشاء، فيضحك عليهم يسوع وهو ينظرهم يفعلون ذلك، فيغضب تلاميذ "المسيح" منه لضحكه عليهم إلا "يهوذا" الذي يقول ليسوع:
"اعرف من أنتَ ومن أين أتيت ومن أرسلك، لقد أتيت من مملكة باربيلـو الأزلية؛ لكن متى سينبلج النور للأجيال وتأتي الساعة؟" فأجابه المسيح: "أنت سوف تتفوّق على الجميع لأنك سوف تضحي بالإنسان الذي يجسدني، لكن نجمكَ قد ضلَّ وتاه" ‘.
ثم تزداد الأمور غموضاً أكثر مع متابعة قراءة نص مخطوطة إنجيل يهوذا، فبسبب "معرفة" (Gnose) "يهوذا" أن "يسوع" أتى من "عالم باربيلو الخالد"، وُعِدَ بالكشف عن "أسرار لم ينظُرها شخص إلى الأبد". وهنا يُوجد انقطاع في النص، وتُشير الأقواس المستخدمة فيه إلى فجوات في النص الأصلي، ثم الجزء الأخير من المخطوطة حيث "إعلان" يسوع الغنوصي ليهوذا. وهذا معناه أن "يهوذا" مُكلّف بمساعدة "المسيح" على تحريره من أسر الجسد.
ويعتقد "الإسخريوطيون" أن يهوذا كان شريك المسيح في تحقيق خلاص البشرية. وأنه تصرَّف بنُبلٍ مع علمه المسبق أن التلاميذ (حواريو المسيح الاثنا عشر) ومن بعدهم باقي الرُسل وجميع المسيحيين سوف يلعنونه عبر العصور. وهم يرون أن التلاميذ قد حسدوه، لأن يسوع قد أدلى له وحده بالحقائق الغنوصية؛ إذ خلال العشاء الأخير طلب المسيح بنفسه من يهوذا أن ينفصل عن البقية ليبوح له بأسرار الملكوت، طالباً منه أن يقوم من دون تأخير بما ينبغي عليه القيام به، كل ذلك مساهمة في المخطط الإلهي، الذي يقضي بأن يموت المسيح من أجل فدائه خطايا العالم، لكنه لم يتجسد إذ لا يوجد في النص أي ذكر لولادته ولا لكيفية موته، ولا للصليب، حيث يعتقدون أن من صُلِبَ حقيقة هو "سمعان السيريني" (البرقاوي)، حيث اتخذ هيئته ليغش الحكام، كما أنه لا يوجد ذكر لقيامته من بين الأموات في اليوم الثالث! ولا لصعوده إلى السماء بما ينطوي على إنكار فكرة تحرر المسيح من جسده؟ فالمسيح في الغنوصية هو روح اتخذ مظهراً إنسانياً كي يأتينا بتعاليمه.
- ولعل العلامات الفارقة في نـص ’إنجيـل يهـوذا الإسـخريوطي‘ الغنوصـي، المُدوّن بالقبطيـة "الصعيديـة"، هي:
1. أن المسيح كان يظهر لتلامذته بهيئة طفل، لكننا لا نعرف ما إذا كان ذلك ترميزاً للبراءة واللطافة أو أن ظهوره العياني هو المقصود بالفعل.
2. كلام يهوذا منفرداً مع المسيح.
3. يسوع يضع ثقته بيهوذا، ويعلمه المعارف الغنوصية العليا!
4. حديث المسيح عن ملاك مضيء إلهي اسمه "آداماس" كان قد خرج من غيمة مضيئة، وخلق عدداً لا يحصى من الملائكة، ومن هذه الغيمة خرج ملاك اسمه "نيبرو"، أي "الثائر" وآخر يدعى "ساكلاس"، وهو الذي "خلق" آدم وحواء.
مراجـع برتولـد الطانـر (Berthold Atlaner)، مختصر علم آباء الكنيسة (Précis de Patrologi, édition 1961)، عرّبه بتصرف: الأب د/ كامل وليم (د.م، د.ت)، ج1: 80-87.
والاس بَـدچ، آلهة المصريين [الجزء الأول]، ترجمة: محمد حسين يونس، مكتبة مدبولي (القاهرة، 1418 هـ/ 1998 م)، 318-320.
ماري شهرستان (الدكتورة)، ’قُبلة يهوذا الإسخريوطي في سيناريو غنوصي‘، في: مجلة تحولات، عدد 17 (الثلاثاء 19 كانون الأول/ديسمبر 2006 م):
http://www.tahawolat.com/cms/article.php3?id_article=970ستيفن تسيشليس (الأب، كنيسة القديس بولس اليونانية الأرثوذكسية-إيرفين، كندا)، ’إنجيل يهوذا‘، شبكة القديس سيرافيم ساروف الأرثوذكسية:
http://www.serafemsarof.org/site/modules.php?name=News&file=article&sid=67وأيضاً كل من: مقال "إنجيل يهوذا: تحدى الترجمة الحديثة للوثائق القديمة التعليم الأرثوذكسي عن يسوع والخائن" في جريدة "بالتيمـور صـن"؛ ومقال "ترجمة إنجيل يهوذا القديم: ضوءاً جديداً على المعتقدات" في صحيفة "الواشـنطن بوسـت".
Stefan Lovgren, 'Lost Gospel Revealed; Says Jesus Asked Judas to Betray Him', National Geographic News (April 6, 2006)http://news.nationalgeographic.com/news/2006/04/0406_060406_judas.html

الحيوانات الاليفه في المنزل


 ان الكثير من الناس يستمتع بصحبة الحيوان الأليف فى المنزل
 علما بأن الدراسات اثبتت بان حوالى 62% من الأسر الغربيه يقومون بتربية حيوانات أليفة فى منازلهم
 وهذا التوجه بدأ يظهر بشكل واضح عند الاسر العربيه ايضا .
أن احتياجات هذه الحيوانات من التربية , والمتمثلة فى الطعام والمأوى والرعاية البيطرية ......... أقل بكثير مما تقدمه هذه الحيوانات من منافع وفوائد للإنسان .
 فهى تعلمه الحب .. تُنمى المشاعر والعواطف لديه .. وتحسن من الحالة الصحية الإجمالية لديه .. كما أنها توفر للشخص الصحبة المريحه .

الديانات الدارمية Dharmic religions


الديانات الدارمية Dharmic religions
 مجموعة من الديانات نشأت أساسا في شبه القارة الهندية. وتتضمن الديانة الفيدية Vedic religion (تعرف الآن بالهندوسية)، البوذية، والسيخية وأيضا الجاينية. [1] [2] الديانات الدارمية واحدة من ثلاثة عائلات دينية كبرى في العالم إلى جانب الديانات الإبراهيمية والديانات الطاوية. تستند الثيولوجيا والفلسفة الدارمية على مصطلح الدارما Dharma، وهي كلمة سنسكريتية تدل على "القانون الثابت والواجب الثابت" "fixed decree, law, duty" خاصة ضمن المفهوم الروحاني "للقانون الطبيعي أو الواقع" هذه الدينات واسعة الانتشار في شبه القارة الهندية وشرق آسيا وجنوبي شرقي آسيا مع تأثير في أنحاء أخرى من لاعالم تم في القرن الماضي حيث أصبح لهذه الديانات أتباع في العالم الغربي من أوروبا والولايات المتحدة. بشكل عام تتشابه هذه الديانات الدارمية كثيرا وترتبط بعلاقات تجعلها قريبة الفكر من بعضها البعض وهي البوذية والهندوسية والجاينية والسيخية.

الحيوان في القرآن الكريم



أسماء الحيوانات الواردة في القرآن الكريم
البعير- البقر- الثعبان- الجراد- الجوارح- الحام- الحمولة- الحية- الخنازير- القردَة- القمّل- المعز- الناقة- النحل- الهدهد- الابابيل- الانعام- البحيرة- البعوضة- الدابّة- الذباب- الصافنات- الطائر- البغال- الجمال- الجياد- الحمار- الحوت- الفيل- القسورة- الكلب- الموريات- النعجة- السبع - النمل- الوصيلة- الابل- البُدن- الخيل- الذئب- دابّة الارض "الدودة"- السائبة- الضأن- العاديات- العجل- العشار- الغنم- العرم- العنكبوت- الغراب- الفراش.

احتوى القرآن الكريم( كلام الله المعجز ليوم القيامة )على كثير من الأخبار والأذكار منها ما كان عن الماضي أي قبل البعثة وبالتحديد عن الأقوام السابقة ومنها ما ذكر في وقت البعثة الشريفة ومنها ما سوف يحدث وهو علم الغيبيات سواء كان يخص البشر أو الظواهر الكونية وعندما كان يسأل الرسول الكريم عن تفسير لهذا الجزء من التنزيل يقول صلى الله عليه وسلم :سيأتي تأويلها فيما بعد أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكما ذكر القرآن الكريم البشر صالحهم وسيئهم ذكرت الحيوانات بما فيها الحشرات صالحها و(طالحها ) ، ذكرت الحيوانات في القرآن الكريم لارتباطها الوثيق بالإنسان صاحب الأهلية بحمل الأمانة وهذه الأمانة هي خلافة الله و رسله في الأرض بإقامة العدل الذي جاء به شرعه عز وجل .
 ذكرت الحيوانات في القرآن الكريم في مواضع عدة إما تبياناً لتحريم (كالخنزير) أو لوصف خلق ذميم لبعض البشر (كالحمار والكلب والغراب) أو للتفكر في آيات الخلق (كالإبل والبعوض و الذباب والعنكبوت ) أو لتشريف هذه الحيوانات (كالخيل). وهناك سور سميت بأسماء بعض الحيوانات التي ذكرت فيها وهي:البقرة والنمل والعنكبوت و النحل والفيل والأنعام حيث الأخيرة هي السورة الوحيدة التي فصلت الأزواج الثمانية للأنعام وذكرتها بالإسم وهي( الإبل و البقر والضأن والماعز بذكرها وأنثاها) وذكر القرآن الكريم حيوانات على سبيل العموم مثل الدابة(14 مرة) والدواب(4 مرات)(سواء يعني بها جميع المخلوقات بما فيها الإنسان لأنه مما يدب على هذه الأرض أو فقط الحيوانات أو دابة الأرض ويقصد بها الأرضة وهي حشرات مشهورة بقضم الأشجار والخشب و أيضاً دابة آخر الزمان التي تظهر كعلامة من علامات يوم القيامة ) والطير(34 مرة ) وطائر (5 مرات)(بما فيها طيور الأبابيل وطير إبراهيم وطير عيسى وما يطير من الملائكة) والجوارح (مرة واحدة)(سواء حيوانات دابة مثل الكلاب أو طيور مثل الصقور) وهنا نذكر ورود كلمة (السبع ) في القرآن لتدل على الجوارح من الحيوانات مثل الأسد والنمر والذئب والكلب الضال(السلق) والضبع وغيرها، و الأنعام(التي تشمل الإبل والبقر والضان والمعز) وذكر لفظ (أنعام)32 مرة و تكرر لفظ أنعام في سورة الأنعام 4 مرات للتذكير أن الأنعام من الحيوانات أربعة وأكثر السور ذكراً للحيوانات هي الأعراف فقد تحدثت عن عشرة أصناف محددة من الحيوانات وهي :الإبل والبقر و الثعبان و الجراد والسمك و طائر السلوى و الضفادع والقمل والقردة والكلب وذكر القرآن بعض أجزاء من الحيوانات في آيات مختلفة من القرآن الكريم مثل :الخرطوم(للفيل) و الحوايا(الأمعاء) والفرث(الكرش) و الجناحين (للطائر) وأربع(الأرجل الرباعية للحيوانات) والبطن (وسيلة الحركة للزواحف) وذكر بعض المنتجات الحيوانية المهمة للغذاء البشري مثل: البيض المكنون( أي المرقود عليه) والعسل واللبن والأوبار والجلود والأصواف واللحوم والشحوم.
 وفيما يلي ذكر لهذه الحيوانات مرتبة هجائياً مع ذكر السور و الآيات التي ذكرتها :-
الإبل – الناقة-(البحيرة)-(السائبة)-(الوصيلة)-(الضامر) – الجمل – (الحام) >>> سورة الأنعام(144) الغاشية(17) الأعراف(73،40،77) هود(64) الإسراء(59) الشعراء(155) القمر(27) الشمس(13) الحج(27) المائدة(103)
البعوضة >>> سورة البقرة(26)
البقرة – البقر – العجل(ويشمل عجل إبراهيم السمين و عجل له خوار الذي اتخذه بني إسرائيل إلهاً) >>>> هود(69) البقرة(70،71،93،92،54،69,68،51،67) الأنعام(144،146) النساء(153) الأعراف(148،152) طه(88) الذاريات(26)
الثعبان- الحية >>>>> الأعراف(107) الشعراء(32)طه(20)
الجراد >>>>> الأعراف(133) القمر(7)
الحمار- الحمير- حمر >>>> الجمعة(5)النحل لقمان(19) المدثر(50)
الحوت – الحيتان - اللحم الطري(السمك) - صيد البحر وطعامه >>>> الكهف (63،61) الصافات(142) القلم(48) الأعراف(163) فاطر(21)المائدة(96)
الخنزير >>> البقرة(173) المائدة(3) الأنعام(145) النحل(115)
الخيل >>>> آل عمران(14)الأنفال(60) صَ(31) العاديات(1)
الذئب  >>>> يوسف(13،14،17)
الذباب >>>> الحج(73)
السلوى >>>> البقرة(57) الأعراف(160) طه(80)
الضأن- النعجة – ذبح عظيم(الكبش) >>>> الأنعام(143) صَ(23،24) الصافات (107)
الضفادع >>>>> الأعراف(133)
العنكبوت >>>>> العنكبوت(41)
الغراب - الغرابيب >>>>المائدة(31) فاطر(27)
الفراش >>>> القارعة(4)
الفيل >>>>> الفيل(1)
القردة >>>> البقرة(65) المائدة(60) الأعراف(166)
القسورة (الأسد باللغة الحبشية) - السبع >>>> المدثر(51) المائدة (3)
القمل >>>> الأعراف(133)
الكلب >>>> الأعراف(176) الكهف(22،18)
المعز  >>>> الأنعام(143)
النحل >>> النحل(68)
النمل >>>> النمل(18)
الهدهد  >>>> النمل(20)
 مما سبق يتبين أنه ذكر القرآن الكريم 27 صنفاً من الحيوانات و كانت الثدييات أكثر ذكراً وتضم12 نوعاً: أربعة من الأنعام المجترة وثلاثة من الجوارح(الأسد و الكلب والذئب) واثنين من المسخ (القرد والخنزير)وأربعة من الركوبة (وهي الخيل والبغال والحمير والفيلة) تلاها الحشرات وتضمنت 8 أنواع ثم الطيور (3 أنواع) ثم نوع واحد لكل من الأسماك والزواحف والبرمائيات.

المصدر ( مجموعة الرواد) سلسلة عن الحيوانات التي ذكرت في القرآن الكريم بقلم الدكتور عاطف الهندي


قصة ناقة صالح


موقع القصة في القرآن الكريم:
ورد ذكر القصة في مواضع عدة فى سور الأعراف - هود - الحجر - النمل - السجدة -إبراهيم - الاسراء - القمر - براءة -الفرقان - سورة ص - سورة ق - النجم - والفجر - الشعراء ....
القصة:
في سنة 9 من الهجرة كان الجيش الاسلامي بقيادة سيدنا محمد ( صلى الله عليه و آله ) يواصل زحفه باتجاه منطقة تبوك ، و ذلك لمواجهة حشود الرومان العسكرية في شمال شبه الجزيرة العربية .
كانت الرحلة شاقّة جداً . . و كان جنود الاسلام يشعرون بالتعب و الظمأ . . من أجل هذا أمر سيدنا محمد ( صلى الله عليه و آله ) بالتوقف في " وادي القرى " قريباً من منطقة تبوك .
عسكر الجيش الاسلامي قرب الجبال و كانت هناك منطقة أثرية و خرائب و آبار للمياه .
تساءل البعض عن هذه الآثار ، فقيل انها تعود إلى قبيلة ثمود التي كانت تقطن في هذا المكان .
نهى سيدنا محمد ( صلى الله عليه و آله ) المسلمين من شرب مياه تلك الآبار و دلاّهم على عين قرب الجبال . . وقال لهم أنها العين التي كانت ناقة صالح تشرب منها .
حذر سيدنا محمد ( صلى الله عليه و آله ) جنوده من دخول تلك الآثار الا للاعتبار من مصير تلك القبيلة التي حلّت بها اللعنة فاصبحت أثراً بعد عين .
فمن هي قبيلة ثمود ؟ و ما هي قصة ناقة سيدنا صالح ( عليه السلام ) ؟
قبيلة مشهورة، يقال لهم ثمود باسم جدهم ثمود أخي جديس، وهما ابنا عاثر بن ارم بن سام بن نوح.
وكانوا عرباً من العاربة يسكنون الحجر الذي بين الحجاز وتبوك وقد مرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى تبوك بمن معه من المسلمين.
وكانوا بعد قوم عاد، وكانوا يعبدون الأصنام كأولئك.
فبعث الله فيهم رجلاً منهم وهو عبد الله ورسوله: صالح بن عبيد بن ماسح بن عبيد بن حادر بن ثمود بن عاثر بن ارم بن نوح فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأن يخلعوا الأصنام والأنداد ولا يشركوا به شيئاً. فآمنت به طائفة منهم، وكفر جمهورهم، ونالوا منه بالمقال والفعال، وهموا بقتله، وقتلوا الناقة التي جعلها الله حجة عليهم، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.
كما قال تعالى في سورة الأعراف:
{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاَءَ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ، قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ، قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ، فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ، فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ، فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ}.
وقال تعالى في سورة هود:
{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ، قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ، قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنصُرُنِي مِنْ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ، فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ، وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ، فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ، فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ، وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ، كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِثَمُودَ}.
وقال تعالى في سورة الحجر:
{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ، وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ، وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ، فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ، فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.
وقال سبحانه وتعالى في سورة سبحان:
{وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً}.
وقال تعالى في سورة الشعراء:

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلاَ تَتَّقُون، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِي، وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ، فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ، وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِي، وَلاَ تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ، الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ، قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ، مَا أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ، قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ، وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ، فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ، فَأَخَذَهُمْ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.
وقال تعالى في سورة النمل:
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ، قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ، قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ، وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُون، قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ، وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ، فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ، فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُون، وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.
وقال تعالى في سورة حم السجدة:
{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.
وقال تعالى في سورة اقتربت:
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ، فَقَالُوا أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ، أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ، سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنْ الْكَذَّابُ الأَشِرُ، إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ، وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ، فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ، فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ، وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}.
وقال تعالى:
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا، إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا، فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا، وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا}.
وكثيراً ما يقرن الله في كتابه بين ذكر عاد وثمود، كما في سورة براءة وإبراهيم والفرقان، وسورة ص، وسورة ق، والنجم، والفجر.
ويقال أن هاتين الأمتين لا يعرف خبرهما أهل الكتاب، وليس لهما ذكر في كتابهم التوراة. ولكن في القرآن ما يدل على أن موسى أخبر عنهما، كما قال تعالى في سورة إبراهيم:
{وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ، أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} الآية. الظاهر أن هذا من تمام كلام موسى مع قومه، ولكن لما كان هاتان الأمتان من العرب لم يضبطوا خبرهما جيداً، ولا اعتنوا بحفظه، وإن كان خبرهما كان مشهوراً في زمان موسى عليه السلام. وقد تكلمنا على هذا كله في التفسير مستقصي. ولله الحمد والمنة.
والمقصود الآن ذكر قصتهم وما كان من أمرهم، وكيف نجى الله نبيه صالحاً عليه السلام ومن آمن به، وكيف قطع دابر القوم الذين ظلموا بكفرهم وعتوهم، ومخالفتهم رسولهم عليه السلام.
وقد قدمنا أنهم كانوا عرباً، وكانوا بعد عاد ولم يعتبروا بما كان من أمرهم. ولهذا قال لهم نبيهم عليه السلام:
{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاَءَ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} أي إنما جعلكم خلفاء من بعدهم لتعتبروا بما كان من أمرهم، وتعملوا بخلاف عملهم. وأباح لكم هذه الأرض تبنون في سهولها القصور، {وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ} أي حاذقين في صنعتها وإتقانها وإحكامها. فقابلوا نعمة الله بالشكر والعمل الصالح، والعبادة له وحده لا شريك له، وإياكم ومخالفته والعدول عن طاعته، فإن عاقبة ذلك وخيمة.
ولهذا وعظهم بقوله: {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ، فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ} أي متراكم كثير حسن بهي ناضج. {وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِي، وَلاَ تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ، الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ}.
وقال لهم أيضاً: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} أي هو الذي خلقكم فأنشأكم من الأرض، وجعلكم عمارها، أي أعطاكموها بما فيها من الزروع والثمار، فهو الخالق الرزاق، وهو الذي يستحق العبادة وحده لا ما سواه. {فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} أي أقلعوا عما أنتم فيه وأقبلوا على عبادته، فإنه يقبل منكم ويتجاوز عنكم {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ}.
{قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا} أي قد كنا نرجو أن يكون عقلك كاملاً قبل هذه المقالة، وهي دعاؤك إيانا إلى إفراد العبادة، وترك ما كنا نعبده من الأنداد، والعدول عن دين الآباء والأجداد ولهذا قالوا: {أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيب}.
{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنصُرُنِي مِنْ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ}.
وهذا تلطف منه لهم في العبارة ولين الجانب، وحسن تأت في الدعوة لهم إلى الخير. أي فما ظنكم إن كان الأمر كما أقول لكم وأدعوكم إليه؟ ما عذركم عند الله؟ وماذا يخلصكم بين يديه وأنتم تطلبون مني أن أترك دعاءكم إلى طاعته؟ وأنا لا يمكنني هذا لأنه واجب علي، ولو تركته لما قدر أحد منكم ولا من غيركم أن يجيرني منه ولا ينصرني. فأنا لا أزال أدعوكم إلى الله وحده لا شريك له، حتى يحكم الله بيني وبينكم.
وقالوا له أيضاً: {إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ} أي من المسحورين، يعنون مسحوراً لا تدري ما تقول في دعائك إيانا إلى إفراد العبادة لله وحده، وخلع ما سواه من الأنداد. وهذا القول عليه الجمهور، وهو أن المراد بالمسحرين المسحورين. وقيل من المسحرين: أي ممن له سحر - وهو الرئي - كأنهم يقولون إنما أنت بشر له سحر. والأول أظهر لقولهم بعد هذا: {ما أنت إلا بشر مثلنا} وقولهم {فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ} سألوا منه أن يأتيهم بخارق يدل على صدق ما جاءهم به. قال: {قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ، وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ} كما قال: {قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيم} وقال تعالى: {وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا}.
وقد ذكر المفسرون أن ثمود اجتمعوا يوماً في ناديهم، فجاءهم رسول الله صالح فدعاهم إلى الله، وذكرهم وحذرهم ووعظهم وأمرهم، فقالوا له: إن أنت أخرجت لنا من هذه الصخرة - وأشاروا إلى صخرة هناك - ناقة، من صفتها كيت وكيت وذكروا أوصافاً سموها ونعتوها، وتعنتوا فيها، وأن تكون عشراء، طويلة، من صفتها كذا وكذا، فقال لهم النبي صالح عليه السلام: أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم، على الوجه الذي طلبتم، أتؤمنون بما جئتكم به وتصدقوني فيما أرسلت به؟ قالوا: نعم. فأخذ عهودهم ومواثيقهم على ذلك.
ثم قام إلى مصلاه فصلى لله عز وجل ما قدر له، ثم دعا ربه عز وجل أن يجيبهم إلى ما طلبوا، فأمر الله عز وجل تلك الصخرة أن تنفطر عن ناقة عظيمة عشراء، على الوجه المطلوب الذي طلبوا، أو على الصفة التي نعتوا.
فلما عاينوها كذلك، رأوا أمراً عظيماً، ومنظراً هائلاً، وقدرة باهرة، ودليلاً قاطعاً، وبرهاناً ساطعاً، فآمن كثير منهم، واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم. ولهذا قال: {فَظَلَمُوا بِهَا} أي جحدوا بها، ولم يتبعوا الحق بسببها، أي أكثرهم، وكان رئيس الذين آمنوا: جندع بن عمرو بن محلاة بن لبيد بن جواس، وكان من رؤسائهم. وهم بقية الأشراف بالإسلام، فصدهم ذؤاب بن عمرو بن لبيد، والحباب، صاحب أوثانهم، ورباب بن صعر بن جلمس، ودعا جندع ابن عمه شهاب بن خليفة، وكان من أشرافهم، فهم بالإسلام فنهاه أولئك، فمال إليهم فقال في ذلك رجل من المسلمين يقال له مهرش بن غنمة بن الذميل رحمه الله:
وكانت عصبة من آل عمرو *** إلى دين النبي دعوا شهابا
عزيز ثمود كلهم جميعا *** فهم بأن يجيب ولو أجابا
لأصبح صالح فينا عزيزا *** وما عدلوا بصاحبهم ذؤابا
ولكن الغواة من آل حجر ** *** تولوا بعد رشدهم ذبابا
ولهذا قال لهم صالح عليه السلام: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ} أضافها لله سبحانه وتعالى إضافة تشريف وتعظيم، كقوله بيت الله وعبد الله {لَكُمْ آيَةً} أي دليلاً على صدق ما جئتكم به {فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ}.
فاتفق الحال على أن تبقى هذه الناقة بين أظهرهم، ترعى حيث شاءت من أرضهم، وترد الماء يوماً بعد يوم، وكانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك، فكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم. ويقال أنهم كانوا يشربون من لبنها كفايتهم، ولهذا قال: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}.
ولهذا قال تعالى: {إنا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ} أي اختبار لهم أيؤمنون بها أم يكفرون؟ والله أعلم بما يفعلون. {فَارْتَقِبْهُمْ} أي انتظر ما يكون من أمرهم {وَاصْطَبِرْ} على أذاهم فسيأتيك الخبر على جلية. {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ}.
فلما طال عليهم هذا الحال اجتمع أمرهم واتفق رأيهم على أن يعقروا هذه الناقة، ليستريحوا منها ويتوفر عليهم ماؤهم، وزين لهم الشّيْطان أعمالهم. قال الله تعالى: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ}.
وكان الذي تولى قتلها منهم رئيسهم: قدار بن سالف بن جندع، وكان أحمر أزرق أصهب. وكان يقال أنه ولد زانية، ولد على فراش سالف، وهو ابن رجل يقال له صيبان. وكان فعله ذلك باتفاق جميعهم، فلهذا نسب الفعل إلى جميعهم كلهم.
وذكر ابن جرير وغيره من علماء المفسرين: أن امرأتين من ثمود اسم إحداهما "صدوقة" ابنة المحيا بن زهير بن المختار. وكانت ذات حسب ومال، وكانت تحت رجل من أسلم ففارقته، فدعت ابن عم لها يقال له "مصرع" بن مهرج بن المحيا، وعرضت عليه نفسها إن هو عقر الناقة. واسم الأخرى "عنيزة" بنت غنيم بن مجلز، وتكنى أم عثمان وكانت عجوزاً كافرة، لها بنات من زوجها ذؤاب بن عمرو أحد الرؤساء، فعرضت بناتها الأربع على قدار بن سالف، إن هو عقر الناقة فله أي بناتها شاء، فانتدب هذان الشابان لعقرها وسعوا في قومهم بذلك،
فاستجاب لهم سبعة آخرون فصاروا تسعة. وهم المذكورون في قوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ}. وسعوا في بقية القبيلة وحسنوا لهم عقرها، فأجابوهم إلى ذلك وطاوعوهم في ذلك. فانطلقوا يرصدون الناقة، فلما صدرت من وردها كمن لها "مصرع" فرماها بسهم فانتظم عظم ساقها، وجاء النساء يذمرن القبيلة في قتلها، وحسرن عن وجوههن ترغيباً لهم في ذلك فابتدرهم قدار بن سالف، فشد عليها بالسيف فكشف عن عرقوبها فخرت ساقطة إلى الأرض. ورغت رغاة واحدة عظيمة تحذر ولدها، ثم طعن في لبتها فنحرها، وانطلق سقبها - وهو فصيلها - فصعد جبلاً منيعاً ورغا ثلاثاً.
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عمن سمع الحسن أنه قال: يارب أين أمي؟ ثم دخل في صخرة فغاب فيها. ويقال: بل اتبعوه فعقروه أيضاً.
قال الله تعالى: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ}. وقال تعالى: {إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} أي احذروها {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا، وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا}.
قال الإمام أحمد: حَدَّثَنا عبد الله بن نمير، حَدَّثَنا هشام - أبو عروة - عن أبيه عن عبد الله بن زمعة قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الناقة وذكر الذي عقرها فقال: "إذ انبعث أشقاها: انبعث لها رجل عارم عزيز منيع في رهطه، مثل أبي زمعة".
أخرجاه من حديث هشام به. عارم: أي شهم. عزيز، أي: رئيس. منيع، أي: مطاع في قومه.
وقال مُحَمْد بن إسحاق: حدثني يزيد بن مُحَمْد بن خثيم، عن مُحَمْد بن كعب، عن مُحَمْد بن خثيم بن يزيد، عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: "ألا أحدثك بأشقى الناس؟ قال: بلى. قال: رجلان، أحدهما أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا علي على هذا - يعني قرنه - حتى تبتل منه هذه - يعني لحيته".
رواه ابن أبي حاتم.
وقال تعالى: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ} فجمعوا في كلامهم هذا بين كفر بليغ من وجوه:
منها: أنهم خالفوا الله ورسوله في ارتكابهم النهي الأكيد في عقر الناقة التي جعلها الله لهم آية.
ومنها: أنهم استعجلوا وقوع العذاب بهم فاستحقوه من وجهين: أحدهما الشرط عليهم في قوله: {وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ} وفي آية{عظيم} وفي الأخرى{أليم} والكل حق. والثاني استعجالهم على ذلك.
ومنها: أنهم كذبوا الرسول الذي قد قام الدليل القاطع على نبوته وصدقه، وهم يعلمون ذلك علماً جازماً، ولكن حملهم الكفر والضلال والعناد على استبعاد الحق ووقوع العذاب بهم. قال الله تعالى: {فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}.
وذكروا أنهم لما عقروا الناقة كان أول من سطا عليها قدار بن سالف، لعنه الله، فعرقبها فسقطت إلى الأرض، ثم ابتدروها بأسيافهم يقطعونها فلما عاين ذلك سقبها - وهو ولدها - شرد عنهم فعلا أعلى الجبل هناك، ورغا ثلاث مرات.
فلهذا قال لهم صالح: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ} أي غير يومهم ذلك، فلم يصدقوه أيضاً في هذا الوعد الأكيد، بل لما أمسوا هموا بقتله وأرادوا - فيما يزعمون - أن يلحقوه بالناقة. {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} أي لنكبسنه في داره مع أهله فلنقتلنه، ثم نجحدن قتله ولننكرن ذلك إن طالبنا أولياؤه بدمه، ولهذا قالوا: {ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُون}.
قال الله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُون، فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ، فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.
وذلك أن الله تعالى أرسل على أولئك النفر الذين قصدوا قتل صالح حجارة رضختهم فأهلكهم سلفاً وتعجيلاً قبل قومهم، وأصبحت ثمود يوم الخميس - وهو اليوم الأول من أيام النظرة - ووجوهم مصفرة، كما أنذرهم صالح عليه السلام. فلما أمسوا نادوا بأجمعهم: ألا قد مضى يوم من الأجل. ثم أصبحوا في اليوم الثاني من أيام التأجيل وهو يوم الجمعة - ووجوههم محمرة، فلما أمسوا نادوا: ألا قد مضى يومان من الأجل، ثم أصبحوا في اليوم الثالث من أيام المتاع - وهو يوم السبت - ووجوهم مسودة، فلما أمسوا نادوا: ألا قد مضى الأجل.
فلما كان صبيحة يوم الأحد تحنطوا وتأهبوا وقعدوا ينتظرون ماذا يحل بهم من العذاب والنكال والنقمة، لا يدرون كيف يفعل بهم؟ ولا من أي جهة يأتيهم العذاب.
فلما أشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء من فوقه
الناقة
القصواء هي ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم المفضلة، وذلك لقوتها وسرعتها وطبعها الأصيل
 لهذا كانت مطية الرسول صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية،
 وعندما دخل مكة فاتحاً، وطاف عليها حول الكعبة معتمراً.
 والقصواء كانت راحلة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع،
 حيث دعا متكئاً عليها في عرفات،
 وامتطاها في مزدلفة عند المشعر الحرام وخطب عليها خطبته العظيمة
 التي بين فيها للناس أمور دينهم.
ففي صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم
 اشترى راحلة الهجرة من أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وهما راحلتان اشتراهما
 أبو بكر ، فجاء بإحداهما إلى رسول الله صلى الله عليه سلم وقال له: فخذ بأبي
 أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
 " بالثمن " قالت عائشة فجهزناهما أحدث الجهاز. وهذه الناقة هي نفسها
 التي بركت في مربد الغلامين اليتيمين، والذي اتخذ فيما بعد مكاناً للمسجد
 النبوي.
والمشهور عند الحفاظ والمؤرخين أن اسم هذه الناقة (القصواء) اشتراها
 أبو بكر الصديق هي وأخرى من بني قشير بثمان مائة درهم، وباعها أي -القصواء-
 لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وماتت في خلافة أبي بكر رضي الله عنه.
 وكانت مرسلة ترعى بالبقيع.
ابن إسحاق فعنده أن الناقة التي
 هاجر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها الجدعاء، وهذا تناقله طائفة من
 أهل العلم كـ ابن سعد و ابن جرير و ابن عساكر و ابن الأثير وغيرهم، ولكن هؤلاء
 قالوا: الجدعاء والقصواء شيء واحد، أي أنهما اسمان لناقة واحدة. والقصواء
 مأخوذة من قصا البعير والشاة قطع من طرف أذنه.
 وناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم سميت بالقصواء
 ولم يكن بها شيء.
 والجدعاء: هي المقطوعة الأنف أو الأذن أوالشفة، من الجدع،
 ولم يكن في ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء من ذلك،
 وإنما هو لقب.
 وهذا يقوي أن القصواء والجدعاء شيء واحد.
 والله أعلم

قصة بقرة بني إسرائيل


موقع القصة في القرآن الكريم:
ورد ذكر القصة في سورة البقرة الآيات 67-73.
القصة
مكث موسى في قومه يدعوهم إلى الله. ويبدو أن نفوسهم كانت ملتوية بشكل لا تخطئه عين الملاحظة، وتبدو لجاجتهم وعنادهم فيما يعرف بقصة البقرة. فإن الموضوع لم يكن يقتضي كل هذه المفاوضات بينهم وبين موسى، كما أنه لم يكن يستوجب كل هذا التعنت. وأصل قصة البقرة أن قتيلا ثريا وجد يوما في بني إسرائيل، واختصم أهله ولم يعرفوا قاتله، وحين أعياهم الأمر لجئوا لموسى ليلجأ لربه. ولجأ موسى لربه فأمره أن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة. وكان المفروض هنا أن يذبح القوم أول بقرة تصادفهم. غير أنهم بدءوا مفاوضتهم باللجاجة. اتهموا موسى بأنه يسخر منهم ويتخذهم هزوا، واستعاذ موسى بالله أن يكون من الجاهلين ويسخر منهم. أفهمهم أن حل القضية يكمن في ذبح بقرة.
إن الأمر هنا أمر معجزة، لا علاقة لها بالمألوف في الحياة، أو المعتاد بين الناس. ليست هناك علاقة بين ذبح البقرة ومعرفة القاتل في الجريمة الغامضة التي وقعت، لكن متى كانت الأسباب المنطقية هي التي تحكم حياة بني إسرائيل؟ إن المعجزات الخارقة هي القانون السائد في حياتهم، وليس استمرارها في حادث البقرة أمرا يوحي بالعجب أو يثير الدهشة.
لكن بني إسرائيل هم بنو إسرائيل. مجرد التعامل معهم عنت. تستوي في ذلك الأمور الدنيوية المعتادة، وشؤون العقيدة المهمة. لا بد أن يعاني من يتصدى لأمر من أمور بني إسرائيل. وهكذا يعاني موسى من إيذائهم له واتهامه بالسخرية منهم، ثم ينبئهم أنه جاد فيما يحدثهم به، ويعاود أمره أن يذبحوا بقرة، وتعود الطبيعة المراوغة لبني إسرائيل إلى الظهور، تعود اللجاجة والالتواء، فيتساءلون: أهي بقرة عادية كما عهدنا من هذا الجنس من الحيوان؟ أم أنها خلق تفرد بمزية، فليدع موسى ربه ليبين ما هي. ويدعو موسى ربه فيزداد التشديد عليهم، وتحدد البقرة أكثر من ذي قبل، بأنها بقرة وسط. ليست بقرة مسنة، وليست بقرة فتية. بقرة متوسطة.
إلى هنا كان ينبغي أن ينتهي الأمر، غير أن المفاوضات لم تزل مستمرة، ومراوغة بني إسرائيل لم تزل هي التي تحكم مائدة المفاوضات. ما هو لون البقرة؟ لماذا يدعو موسى ربه ليسأله عن لون هذا البقرة؟ لا يراعون مقتضيات الأدب والوقار اللازمين في حق الله تعالى وحق نبيه الكريم، وكيف أنهم ينبغي أن يخجلوا من تكليف موسى بهذا الاتصال المتكرر حول موضوع بسيط لا يستحق كل هذه اللجاجة والمراوغة. ويسأل موسى ربه ثم يحدثهم عن لون البقرة المطلوبة. فيقول أنها بقرة صفراء، فاقع لونها تسر الناظرين.
وهكذا حددت البقرة بأنها صفراء، ورغم وضوح الأمر، فقد عادوا إلى اللجاجة والمراوغة. فشدد الله عليهم كما شددوا على نبيه وآذوه. عادوا يسألون موسى أن يدعو الله ليبين ما هي، فإن البقر تشابه عليهم، وحدثهم موسى عن بقرة ليست معدة لحرث ولا لسقي، سلمت من العيوب، صفراء لا شية فيها، بمعنى خالصة الصفرة. انتهت بهم اللجاجة إلى التشديد. وبدءوا بحثهم عن بقرة بهذه الصفات الخاصة. أخيرا وجدوها عند يتيم فاشتروها وذبحوها.
وأمسك موسى جزء من البقرة (وقيل لسانها) وضرب به القتيل فنهض من موته. سأله موسى عن قاتله فحدثهم عنه (وقيل أشار إلى القاتل فقط من غير أن يتحدث) ثم عاد إلى الموت. وشاهد بنو إسرائيل معجزة إحياء الموتى أمام أعينهم، استمعوا بآذانهم إلى اسم القاتل. انكشف غموض القضية التي حيرتهم زمنا طال بسبب لجاجتهم وتعنتهم.
نود أن نستلفت انتباه القارئ إلى سوء أدب القوم مع نبيهم وربهم، ولعل السياق القرآني يورد ذلك عن طريق تكرارهم لكلمة "ربك" التي يخاطبون بها موسى. وكان الأولى بهم أن يقولوا لموسى، تأدبا، لو كان لا بد أن يقولوا: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ) ادع لنا ربنا. أما أن يقولوا له: فكأنهم يقصرون ربوبية الله تعالى على موسى. ويخرجون أنفسهم من شرف العبودية لله. انظر إلى الآيات كيف توحي بهذا كله. ثم تأمل سخرية السياق منهم لمجرد إيراده لقولهم: (الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) بعد أن أرهقوا نبيهم ذهابا وجيئة بينهم وبين الله عز وجل، بعد أن أرهقوا نبيهم بسؤاله عن صفة البقرة ولونها وسنها وعلاماتها المميزة، بعد تعنتهم وتشديد الله عليهم، يقولون لنبيهم حين جاءهم بما يندر وجوده ويندر العثور عليه في البقر عادة.
ساعتها قالوا له: "الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ". كأنه كان يلعب قبلها معهم، ولم يكن ما جاء هو الحق من أول كلمة لآخر كلمة. ثم انظر إلى ظلال السياق وما تشي به من ظلمهم: (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ) ألا توحي لك ظلال الآيات بتعنتهم وتسويفهم ومماراتهم ولجاجتهم في الحق؟ هذه اللوحة الرائعة تشي بموقف بني إسرائيل على موائد المفاوضات. هي صورتهم على مائدة المفاوضات مع نبيهم الكريم موسى

كلب أهل الكهف


 الكلب مثل الحمار سمعته سيئة عند الكثيرين لأنهم لا يحبون نباحه، فصوته مزعج، وحكمه عند بعض الفقهاء بأنه نجس، وغالبا أنهم يخافون من عضته أيضا، لذلك فإنه يروى أن قبيلة باهلة كانت مذمومة عند العرب، فقيل لباهلي: أتحب أن تكون باهليا وأنت في الجنة؟
 قال: بشرط ألا يعلم أحد أني باهلي، والشاعر يقول:
 إذا قيل للكلب يا باهلي
 عوى الكلب من شؤوم ذاك النسب
 وإذا أرادوا ان يصفوا شراسة احد وهو سيئ الخلق قالوا فلان مثل الكلب، ولكننا نرى في جانب آخر من ضرب المثل بالكلب في الوفاء فيذكر مؤلف مثل محمد الراعي الأندلسي في كتابه “انتصار الفقير السالك لترجيح مذهب الإمام مالك” بأنه روي عن الحسن البصري أنه قال: في الكلب عشر خصال محمودة ينبغي ان تكون في كل فقير:
 1 - يظل جائعا دائما وهو من آداب الصالحين.
 2 - ليس له موضع يعرف به وهذا من علامة المتوكلين.
 3 - لا ينام من الليل إلا القليل وذلك في صفات المحسنين.
 4 - إذا مات ليس له ميراث وذلك من أخلاق الزاهدين.
 5 - لا يهجر أحدا حتى لو طرده وذلك من شيم المريدين.
 6 - يرضى من الدنيا بأدنى يسير، وهذا من إشارات المتواضعين.
 7 - إذا غلب عن مكانه تركه وانصرف الى غيره وهذا من علامات الراضين.
 8 - إذا طرد ثم دعي اجاب وهذا من اخلاق الخاشعين.
 9 - إذا حضر الأكل وقف ينظر من بعيد وهذا من أخلاق المساكين.
 10- إذا رحل من مكانه لا يرحل معه بشيء وهذا من علامات المجردين.
 أما ابن المرزبان فقد ألف كتابا سماه “تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب”.
 إذن من حق الكلب ان يتنفس الصعداء ولا سيما إذا عرف بأن القرآن ذكره أيضا في سورة الكهف، وهو يلازم عتبة باب أهله، يقول الله تعالى حكاية عن أصحاب الكهف: “وتحسبهم أيقاظا وهم رقود، ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد” (الآية رقم 18 من سورة الكهف).
 ذكر الإمام السيوطي في تفسيره “الدر المنثور في التفسير المأثور” عن ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله تعالى وكلبهم بأن اسم الكلب قطمور وورد أيضا قطمير.
 ثمم يذكر السيوطي عند تفسير قوله تعالى: “ما يعلمهم إلا قليل” بأن اصحاب الكهف كانوا سبعة وهم: “مكسلمينا وتمليخا ومرطوس ونينوس ودردوتس وكفاشطهواس ومنطواسيرس وكلبهم قطمير.
 يقول الشيخ سعيد حوى في تفسيره المسمى “الأساس في التفسير”: وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد أي بالفناء وهو الباب.
 قال ابن جريج: يحرس عليهم الباب، وهذا من سجيته وطبيعته حيث يربض ببابهم كأنه يحرسهم، وكان جلوسه خارج الباب لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب كما ورد في الحديث الصحيح، ولا صورة ولا جنب ولا كافر كما ورد به الحديث الحسن.
 وقال ابن كثير في تفسيره: وشملت كلبهم بركتهم فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال، وهذه هي فائدة صحبة الأخيار، فإنه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن.
 أقول: والكلب ليس بحيوان عادي، فبعض الكلاب تؤدي أعمالا مهمة للبشر، وعنده استعداد ليتعلم مهارات متنوعة، لأنه ذكي ومخلص كما قلنا. فمن الكلاب ما يحرس المنازل والمصالح. ومنها ما يجر عربة الخضروات الى السوق كما نرى في بعض البلاد لدى أهل الحقول. ومنها ما تستخدمه الشرطة في التعرف الى الجرائم. ومن الكلاب ما يدل المكفوفين الى بيوتهم وأماكن عملهم.

 د.عارف الشيخ
 منقول من جريدة الخليج
 الإمارات
 9-11-2004



الأربعاء، 6 يوليو 2011

زرادشتية


الديانة الزرادشتية  نسبة لمؤسسها زرادشت ديانة إيرانية قديمة وتعتبر من أقدم الديانات الموحدة في العالم والتي تأسست قبل 3500 سنة تقريبا في إيران على تعاليم زرادشت   يعتقد معتنقوها بوجود إله واحد ازلي هو اهورامزدا بمعنى "الاله الحكيم" وهو خالق الكون ويمثل الخير ولا يأتي منه الشر ابدا ويعتقد الزرادشتيين ان زرادشت نبي الله إضافة إلى ذلك هناك عدة مساعدين للاله اهورامزدا وعددهم ستة مساعدين ويعرفون ب أميشا سبنتاس بمعنى "الخالدين المقدسين"  وهذه الديانة لم تنقرض بل لا تزال موجودة بأقليات صغيرة، أسس هذه الديانة زرادشت الذي بشّر بالقوة الشافية للعمل الصالح والقوة الخيرة. النار والشمس هما رمزا المجوسية، ولذلك فإن النار مقدسة لكونها تمثيل عن نور أو حكمة اهورامزدا ويحرص الزرادشتيون على ألا تنطفئ في معابدهم ، وهو ما جعل أصحاب الكثير من الديانات الأخرى يفسرونه على أن الزردشتيين يعبدون النار.
الأبستاق هو مختارات من الكتاب المقدس للزرادشتية ولا تزال باقية إلى الآن. كتبت هذه المختارات بلغة الأبستاق، وهي لغة وثيقة الصلة بالفارسية القديمة والسنسكريتية الفيدية. جمع هذا الكتاب بعد وفاة زرداشت بزمن طويل، وتعرض للضياع عدة مرات. ويشمل خمس قصائد قديمة وتتحدث عن مناطق تقع تاريخياً غرب مدينة طهران حالياً بينما الزرادشتية كانت في مناطق العراق وشرق فارس اي شرق مدينة طهران. اهورامزدا هو الاله الواحد الذي يعبده الزرادشتيون هو إله واحد بيده الخير وهو القادر على كل شيء ولا تخرج من بين يديه اية نجاسة أو عمل سيء. ومن الزرادشتيين جاء الفقهاء الثلاثة الذين قدموا الهدايا للسيد المسيح عند مولده حسب الانجيل. تقول هالة الناشف عن الزرادشتية في رسالة الماجستير التي قدمتها سنة 1972 التي عنوانها "أديان العرب ومعتقداتهم في طبقات ابن سعد" بان سلمان الفارسي كان مجوسياً قبل تحوله للنصرانية ومن ثم للإسلام.   وانهم (أي المجوس) كانوا متواجدين في البحرين قبل الإسلام، تاريخيا عدّ فقهاء مسلمون المجوس أنجاسا والتعامل معهم بمحاذير خاصة.
تواجد الديانة الزرادشتية المعاصر
انحسرت الديانة الزرادشتية بشكل كبير حيث قدر عددهم بين 124,00 إلى 190,000 نسمة حسب إحصاء عام 2004، ينتشرون في المناطق الاتية:69،601 زرادشتي في الهند حسب إحصاء 2001 يتكونون من قوميتين وهما بارسي وإيراني.
5,000 زرادشتي في باكستان يتركزون في مدينة كراتشي، وازداد عددهم في السنوات الأخيرة بشكل كبير بعد هجرة الكثير من زرادشتي إيران إلى باكستان.
ما بين 18,000 إلى 25,000 زرداشتي في قارة أمريكا الشمالية.
21,400 زرادشتي في إيران، حيث يتواجدون بشكل خاص في مدن يزد وكردمان أضافة إلى العاصمة طهران كما يوجد لهم نائب في البرلمان الأيراني وهو من اصول كردية.
10,000 زرادشتي في مناطق أسيا الوسطى وخصوصا في منطقة (بلخ الواقعة في شمال أفغانستان وفي جمهورية طاجيكستان) والتي كانت موطن الديانة المجوسية سابقا.
جالية كبيرة في أستراليا يقدر عددهم 3,500 وخصوصا في مدينة سيدني.
40,000 نسمة في شمال سوريا بمنطقة تسمى عفرين في مدينة حلبو أيضا في الشمال الشرقي من سوريا في مدين قامشلي و جوارها
عدد كبير منهم في مدن شمال عراق و خاصة مدينة موصل وكلهم من الاكراد.
أعياد الديانة المجوسية
لدى الديانة المجوسية العديد من الاعياد من أشهرها النوروز، وهو عيد بداية العام وأوانه الاعتدال الربيعي، وقد عرفته الأقوام الإيرانية منذ القدم، ولا يزال يعد عيدا قوميا في إيران اليوم إذ هو بداية السنة الفارسية وكذلك هو وبقية الدول التي يعيشون فيها العيد المجيد 21 آذار وهو أيضا من أهم الاعياد.
الموت في الزرادشتية
يؤمن الزرادشتيون أن الروح تهيم لمدة ثلاثة ايام بعد الوفاة قبل أن تنتقل إلى العالم الأخر، يؤمن الزرادشتيون بالحساب حيث انهم يعتقدون أن الزرادشتي الصالح سيخلد في الجنة إلى جانب زرادشت في حين ان الفاسق سيخلد في النار إلى جانب الشياطين.
للزرادشتيين طقوس خاصة للدفن، إذ يكرهون فكرة اختلاط الجسد المادي بعناصر الحياة؛ الماء والتراب والهواء والنار حتى لا يلوثها، لذا فهم يتركون جثامين الموتى للطيور الجارحة على أبراج خاصة تسمى أبراج الصمت أو (دخنه) باللغة الفارسية حيث يقوم بهذه الطقوس رجال دين معينون ثم بعد أن تاكل الطيور جثة الميت توضع العظام في فجوة خاصة في هذا البرج دون دفنها.

إلا أن الزردشتيين الذين يعيشون في مجتمعات لا يمكنهم فيها ممارسة شعيرة الدفن هذه - وعملا بنصيحة زرادشت في الانسجام مع المجتمعات التي يعيشون فيها - يلجؤون إلى وضع جثمان الميت في صندوق معدني محكم الغلق ويدفن في قبر عادي مما يضمن عدم تلويثه لعناصر الحياة الثلاثة؛ بما لا يتعارض مع معتقدهم ولا مع القوانين المدنية في الدول التي يعيشون فيها.
لغات الزرادشتية
تعتبر اللغة الافستية وهي لغة ذات صلات وثيقة بالسنسكريتية (لغة هندية قديمة)، يستعمل الزرادشتيون حاليا لغة داري (مختلفة عن الداري الأفغانية)، كما أن الزرادشتيون في الهند يتحدثون اللغة الغوجراتية.
عقائدالزرادشتية هي عقيدة دينية تتمحور حول ألوهية إله واحد مطلق عالمي ومجرد خالق غير مخلوق اليه ترجع امور كل المخلوقات، حيث يقول زرادشت في الأفيستا: (إني لأدرك أنك أنت وحدك الإله وأنك الأوحد الأحد، وإني من صحة إدراكي هذا أوقن تمام اليقين من يقيني هذا الموقن أنك أنت الإله الأوحد.. اشتد غداة انعطف الفكر مني على نفسي يسألها: من أنتِ، ولفكري جاوبت نفسي؛ أنا؟ إني زرادشت أنا، وأنا؟ كاره أنا الكراهية القصوى الرذيلة والكذب، وللعدل والعدالة أنا نصير!)
وتؤمن الزرادشتية ان النفس الإنسانية تنقسم إلى قسمين:(القوة المقدسة)والتي تدعمها سبع فضائل عليا (الحكمة والشجاعة والعفة والعمل والإخلاص والأمانة والكرم هذه الفضائل بمثابة الملائكة. تدفع هذه الفضائل القوة المقدسة النفس البشرية إلى الخير والنور والحياة والحق.
و (القوة الدنيا)وتساند هذه القوة سبع رذائل هي النفاق والخديعة والخيانة والجبن والبخل والظلم وإزهاق الروح وهي بمثابة شياطين. وتدفع هذه القوة الخبيثة المتكونة من النقص في النفس البشرية إلى الشر والظلام والموت والخداع، ويبقى هذا الصراع قائماً بين هاتين القوتين داخل النفس البشرية إلى أن يصل الإنسان إلى النقاء.الديانة الزرادشتية تؤمن بالعقاب واليوم الاخر وبالروح ووجودها، ويعتقدون إن الفاني هو الجسد وليس الروح، وإن الروح ستبقى في منطقة وسطى بين النار والجنة في منطقة تدعى البرزخ، وأن اعتقادهم راسخ بالجنة والنار والصراط وميزان الاعمال أما بالنسبة للجحيم في الديانة الزرادشتية فهي تختلف في وصفها عن الأديان الأخرى، فالديانة الزرادشتية تقول بأن الجحيم عبارة عن منطقة باردة وفيها أنواع من الحيوانات المتوحشة التي سوف تعاقب المذنبين بما اقترفت أيديهم من إثم في الدنيا.
الزرادشتية تحث الإنسان على التمسك بالفكر الصادق والقول الصادق والعمل الصالح للوصول إلى ذاته وليضمن سعادته فالإنسان كائن حر وعليه اطاعة الاله الوحد ،كما أن الزرادشتية تحرم الرهبانية بكل أنواعها.
للماء والنار أهمية في الطقوس الزرادشتية والنصوص المقدسة تعتبر ان الماء والنار يمثلان حياة مستقلة بحد ذاتها ولا يخلو المعبد الزرادشتي من هذين العنصرين فالنار تعد الوسط الذي يزود الإنسان بالحكمة وان الماء يعتبر مصدر هذه الحكمة.
المجوس في اللغة العربية                 
كلمة "مجوس" معرَبة عن لفظة مجوس (جيم مصرية) (بالفارسية: مگوس) والتي تعني مفسر الرؤى، وهي من الألفاظ التي دخلت إلى اليونانية كذلك، حيث وردت لفظة "ماجي"، فيها، وهي جمع "مجوس". مجوس هي جمع لكلمة ماج وهي ديانتهم واصحاب الديانة هم مجوس. معرب من کلمه ومنها کلمه مغاس - مغان وبگ وبیک. مگوس کلمه فهلویه أو فارسی القدیم ای شخص الذی یفسر الروئا والنوم ویخبر أخبار الغیب کالمنجم والتنجیم. ومجوس ایضا هو اسم رب عند الفرس القدیم وهور رب القدرة.

هوامش^ الزردشتية نشاتها و فلسفتها / مهدي مجيد عبدالله تاريخ النشر 13 يونيو 2008 - تاريخ الوصول 7 يناير 2011
^ أ ب BBC - RELIGION:ZOROASTRIANISM
مراجع كتاب موسوعة الفولكلور والأساطير العربية.
دليل القارئ إلى الادب العالمي. ليليان هيرلاندز، ج.د.بيرسي.، ستيرلنج.أ. براون

أهلا وسهلا

رحـلات وجـولات ورسائل لا تنـتهى للعقـل والـروح وأحـيانا للجـسـد عــبر نـوافــذ الادراك المعـروفـة والمجهولة تتـخطـى المكان والـزمان تـخـوض بحـار العـلم و تـكشـف أسـرار المـعرفة حربـا علـى الظــلام والتحاقا بالنـور بحـثا عـن الخيــر والجـمـال ووصــولا الى الـحـق