الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
من درس: الصابئة عقدياً وتاريخياً
وهناك دين في الهند أصله ناشئ عن هذه الفكرة الصابئة، وهي الاعتراف بإله واحد يعبد دون الالتزام بشرع من الشرائع، هذا الدين هو دين السيخ ، أو السيك ، فإن أصل هذا الدين: أن رجلاً من الهندوس -وهم عبدة الأبقار- اسمه: نانك ، هذا الرجل كان هندوسياً، ثم أخذ يفكر فوجد أن هذا الدين باطل؛ إذ كيف يكون البراهمة خلقوا من رأس الرب، والكاشتر خلقوا من ذراع الرب، والويش خلقوا من فخذ الرب، والشودر خلقوا من قدم الرب؟! أربع طبقات متمايزة، وكيف تكون البقرة إلهاً؟! أمور لا يقبلها العقل!!
فكَّر في هذا فوجد أن هذه وثنية لا تليق، وقال: لابد أن يكون لهذا الكون إله حق يعبد، فقال له بعض الهندوس : إنك كافر بدين الهندوس ، وكلامك قريب من كلام المسلمين.
فبدأ يبحث حتى جاء إلى بلاد الإسلام، وقيل: إنه ذهب إلى كربلاء ، وقيل: إنه وصل إلى مكة أيضاً، وأخذ يطوف في الهند وباكستان وهو يبحث عن الدين الإسلامي.
ومع ذلك لم يعتنق الإسلام؛ وذلك لأنه خرج من دين الهندوس الذين يعبدون البقر، فوجد المسلمين يعبدون الأصنام وهي القبور.. فسأل: لماذا تفعلون هذا؟ فقالوا: نحن لا نعبدها؛ لأننا مسلمون، إنما هي واسطة بيننا وبين الله. فقال: كذلك الهندوس يقولون: هناك واسطة بين الإله وبين العباد، ثم سمع بمذهب الشيعة فذهب إلى كربلاء ، فإذا الشرك الأكبر!! ثم وجد شيخاً من مشايخ الطرق الصوفية اسمه: سيد حسين درويش ، فقال له: عندي الدين الصحيح، وهو وحدة الوجود، فعلمه هذا المذهب القائل: إن الله هو الكون والكون هو الله، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً!
فقال هذا الرجل: نحن هربنا من عبادة اثنين وثلاثة وأربعة... في الهند والآن نعبد كل شيء! فلم يهتد إلى شيء، وفي الأخير قال: لقد عرفت الدين الصحيح، فوضع ديناً جديداً، ودعا أتباعه إليه، ويقوم هذا الدين على أن المعبود إله واحد لا شريك له، وليس مثل البشر، ولا يتمثل بالبشر، وليس هو أصنام ولا بقر... ثم أخذ يفصل لهم الشرائع، فأخذ بعض ما عند المسلمين، وبعض ما عند الهندوس ، وبعض ما عند اليهود، وكتب من ذلك كتاباً يسيرون عليه، وبقي أتباعه أشبه بالفرقة الصوفية ؛ لأن هناك تقارباً بينهم وبين القائلين بوحدة الوجود، وإن كانوا لم يقولوا بهذا القول كما هو، لكنها أصبحت كأنها فرقة من الفرق.
ثم جاء الإنجليز المجرمون، الذين هم أجرم أمة في التاريخ قبل الأمريكان في السياسة والتخطيط، فعرفوا كيف يدمرون جميع الشعوب بالتفرق، فلما جاءوا إلى الهند أوجدوا القاديانية ، والعليكرية ، نسبة إلى جامعة عليكرة، وهي طائفة تتبع السير أحمد خان ، وفرقوا بين الهندوس والمسلمين، وفرقوا بين طبقات الهندوس ، وفرقوا بين المسلمين مع بعضهم، فوجدوا هذه الفرقة -السيخ - فتبنوها وأيدوها، وقد كانوا يعيشون في مناطق جبلية وعرة، فجاء أحد خلفائهم وقال: لابد أن نترك اسم الراهب -وهو الاسم الذي كانوا يتسمون به- ونتسمى بـ(سنق) وهو الأسد، فنحن الآن أسود، فحولهم إلى جماعة محاربة، فأقلقت الدول إلى اليوم، فأصبحوا من أشد الناس عتواً وحرباً وجلاداً.
الشاهد: أن أصل دينهم هو نانك الصابئ الذي قال: أؤمن بإله واحد، ولا أتقيد بأي شريعة، بل أضع ديناً يخالف جميع الأديان، فوضع لهم ما أراد من الشرائع.
مما سبق نستطيع أن نقول: إن هؤلاء الذين خالفوا أديان الناس، وتعبَّدوا الإله بلا دين وبلا شرع معين، هم من الصابئين .
أما صابئة حران, فهي ديانة كانت تقوم على تقديس الكواكب والنجوم كانت منتشرة في منطقة حران شمال سورية وجنوب تركيا. تختلف هذه الديانة عن الديانة الصابئية المندائية الموجودة في العراق واقليم الأحواز في إيران.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق