→ سورة الفيل
←
الترتيب في القرآن 105
عدد الآيات 5
عدد الكلمات 23
عدد الحروف 96
النزول مكية
سورة الفيل هي
سورة رقم 19 حسب التسلسل الزمني لسور القرآن وهي سورة مكية
السورة قصيرة وتتكون
من خمس آيات:
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ
مناسبتها للسورة
قبلها
ومناسبتها لما
قبلها وهي سورة الكافرون أنه بين في السورة السابقة أن المال لا يغني من الله شيئا
وهنا أقام الدليل على ذلك بقصص أصحاب الفيل.
شرح المفردات
الكيد : إرادة وقوع ضر بغيرك على وجه الخفاء،
والتضليل : التضييع
والإبطال تقول ضلّلت كيد فلان إذا جعلته باطلا ضائعا،
والطير : كل ما صار في الهواء، صغيرا كان أو كبيرا،
والأبابيل : الجماعات،
لا واحد له من لفظه،
والسجيل : الطين الذي تحجر،
والعصف : ورق الزرع الذي يبقى بعد الحصاد، وتعصفه الرياح:
فتأكله الماشية،
ومأكول : أي أكلت الدواب بعضه وتناثر بعضه الآخر من بين
أسنانها.
المعنى الإجمالي
للسورة
ذكّر الله سبحانه
نبيه ومن تبلغه رسالته بعمل عظيم دالّ على بالغ قدرته، وأن كل قدرة دونها فهي خاضعة
لسلطانها - ذاك أن قوما أرادوا أن يتعززوا بفيلهم ليغلبوا بعض عباده على أمرهم، ويصلوا
إليهم بشرّ وأذى، فأهلكهم الله، وردّ كيدهم، وأبطل تدبيرهم، بعد أن كانوا في ثقة بعددهم
وعددهم ولم يفدهم ذلك شيئا.
تفسير السورة
قال سيد قطب في
تفسيرها: قول القرآن: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ
رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ المراد بالرؤية
العلم الظاهر ظهور الحس، والاستفهام إنكاري، والمعنى أ لم تعلم كيف فعل ربك بأصحاب
الفيل، وقد كانت الواقعة عام ولد فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وقول القرآن: أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ المراد بكيدهم سوء قصدهم بمكة وإرادتهم تخريب البيت
الحرام، والتضليل والإضلال واحد، وجعل كيدهم في تضليل جعل سعيهم ضالا لا يهتدى إلى
الغاية المقصودة منه فقد ساروا لتخريب الكعبة وانتهى بهم إلى هلاك أنفسهم. وقول القرآن: وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ الأبابيل - كما قيل - جماعات في تفرقة زمرة زمرة،
والمعنى وأرسل الله على أصحاب الفيل جماعات متفرقة من الطير والآية والتي تتلوها عطف
تفسير على قوله: «ألم يجعل كيدهم في تضليل». وقول القرآن: تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ أي ترمي أبابيل الطير أصحاب الفيل بحجارة من سجيل.
وقول القرآن: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ العصف ورق الزرع والعصف المأكول ورق الزرع الذي
أكل حبه أو قشر الحب الذي أكل لبه والمراد أنهم عادوا بعد وقوع السجيل عليهم أجسادا
بلا أرواح أو أن الحجر بحرارته أحرق أجوافهم، وقيل: المراد ورق الزرع الذي وقع فيها
الأكال وهو أن يأكله الدود فيفسده وفسرت الآية ببعض وجوه أخر لا يناسب الأدب القرآني.
وقال المراغي في
تفسيرها : أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ
بِأَصْحَابِ الْفِيلِ أي ألم تعلم الحال العجيبة
والكيفية الهائلة الدالة على عظم قدرة الله تعالى وكمال علمه وحكمته، فيما فعل بأصحاب
الفيل الذين قصدوا هدم البيت الحرام، فتلك حال قد جاءت على غير ما يعرف من الأسباب
والعلل، إذ لم يعهد أن يجيء طير في جهة فيقصد قوما دون قوم، وهم معهم في جهة واحدة،
فذلك أمارة أنه من صنع حكيم مدبر بعثه لإنقاذ مقصد معين. وإنما عبر عن العلم بالرؤية،
للإيماء إلى أن الخبر بهذا القصص متواتر مستفيض، فالعلم به مساو في قوة الثبوت مع الوضوح,
للعلم الناشيء عن الرؤية والمشاهدة. وخلاصة ذلك, إنك قد علمت ذلك علما واضحا لا لبس
فيه ولا خفاء. ثم بين الحال التي وقع عليها فعله فقال: أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ أي إنك لترى ما كان عليه فعل الله بأولئك القوم،
فقد ضيع تدبيرهم، وخيّب سعيهم. ثم فصل تدبيره في إبطال كيد أولئك القوم فقال: وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ أي إنه تعالى أرسل عليهم فرقا من الطير تحمل حجارة
يابسة سقطت على أفراد الجيش، فابتلوا بمرض الجدري أو الحصبة حتى هلكوا. وقد يكون هذا
الطير من جنس البعوض أو الذباب الذي يحمل جراثيم بعض الأمراض، أو تكون هذه الحجارة
من الطين اليابس المسموم الذي تحمله الرياح، فيعلق بأرجل هذا الطير، فإذا اتصل بجسم
دخل في مسامّه، فأثار فيه قروحا تنتهى بإفساد الجسم وتساقط لحمه. ولا شك أن الذباب
يحمل كثيرا من جراثيم الأمراض، فوقوع ذبابة واحدة ملوّثة بالمكروب على الإنسان كافية
في إصابته بالمرض الذي يحمله، ثم هو ينقل هذا المرض إلى الجمّ الغفير من الناس، فإذا
أراد الله أن يهلك جيشا كثير العدد ببعوضة واحدة لم يكن ذلك بعيدا عن مجرى الإلف والعادة،
وهذا أقوى في الدلالة على قدرة الله وعظيم سلطانه، من أن يكون هلاكهم بكبار الطيور،
وغرائب الأمور، وأدل على ضعف الإنسان وذله أمام القهر الإلهي، وكيف لا وهو مخلوق تبيده
ذبابة، وتقضّ مضجعه بعوضة، ويؤذيه هبوب الريح. فهذا الطاغية الذي أراد أن يهدم البيت،
أرسل الله عليه ما يوصل إليه مادة الجدري أو الحصبة، فأهلكته وأهلكت قومه قبل أن يدخل
مكة، وهي نعمة من الله غمر بها أهل حرمه على وثنيتهم، حفظا لبيته حتى يرسل إليه من
يحميه بقوة دينه، وإن كانت نقمة من الله حلت بأعدائه أصحاب الفيل الذين أرادوا الإعتداء
على البيت بدون جرم اجترمه، ولا ذنب اقترفه.
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ أي
فجعل هؤلاء القوم كعصف وقع فيه الآكال وهو السوس، أو أكلت الدواب بعضه، وتناثر بعضه
الآخر من بين أسنانها. وصلّ ربنا على محمد الذي قصصت عليه ما فيه العبرة لمن ادّكر،
وأوحيت إليه ما فيه مزدجر، لمن تدبر واعتبر، إنك أنت العليم الحكيم.
قصة أصحاب الفيل
كما رواها أرباب السير
مقالات تفصيلية :أبرهة الحبشي و مملكة أكسوم و تاريخ
اليمن القديم
حادث الفيل معروف
متواتر لدى العرب، حتى إنهم جعلوه مبدأ تاريخ يحددون به أوقات الحوادث، فيقولون: ولد
عام الفيل، وحدث كذا لسنتين بعد عام الفيل، ونحو ذلك.
وخلاصة ما أجمع
عليه رواتهم, أن قائدا حبشيا ممن كانوا قد غلبوا على اليمن أراد أن يعتدى على الكعبة
المشرّفة ويهدمها، ليمنع العرب من الحج إليها، فتوجه بجيش جرار إلى مكة، واستصحب معه
فيلا أو فيلة كثيرة زيادة في الإرهاب والتخويف ولم يزل سائرا يغلب من يلاقيه، حتى وصل
إلى « المغمّس » وهو موضع بالقرب من مكة، ثم أرسل إلى أهل مكة يخبرهم أنه لم يأت لحربهم،
وإنما جاء لهدم البيت، ففزعوا منه، وانطلقوا إلى شعف الجبال ينظرون ما هو فاعل.
وفي اليوم الثاني
فشا في جند الحبشي داء الجدري والحصبة، قال عكرمة: وهو أول جدري ظهر ببلاد العرب، ففعل
ذلك الوباء بأجسامهم ما يندر وقوع مثله، فكان لحمهم يتناثر ويتساقط، فذعر الجيش وصاحبه
وولّوا هاربين، وأصيب الحبشي ولم يزل لحمه يسقط قطعة قطعة، وأنملة أنملة، حتى انصدع
صدره ومات في صنعاء.
دلالة هذا الحادث
والعبر المستفادة من التذكير به
وأول ما توحي به
السورة أن الله سبحانه وتعالى لم يرد أن يكل حماية بيته إلى المشركين، ولو أنهم يعتزون
بهذا البيت، ويحمونه ويحتمون به. فلما أراد أن يصونه ويحرسه ويعلن حمايته له وغيرته
عليه ترك المشركين يهزمون أمام القوة المعتدية. وتدخلت القدرة الإلهية لتدفع عن بيت
الله الحرام، حتى لا تتكون للمشركين يد على بيته ولا سابقة في حمايته، بحميتهم الجاهلية.
ولقد كان من مقتضى هذا التدخل من القدرة الإلهية لحماية البيت الحرام أن تبادر قريش
ويبادر العرب إلى الدخول في دين الله حينما جاءهم به الرسول – صلى الله عليه وسلم
- وألا يكون اعتزازهم بالبيت وسدانته وما صاغوا حوله من وثنية هو المانع لهم من دين
الإسلام.
كذلك توحي دلالة
هذا الحادث بأن الله لم يقدر لأهل الكتاب - أبرهة وجنوده - أن يحطموا البيت الحرام
أو يسيطروا على الأرض المقدسة. حتى والشرك يدنسه. والمشركين هم سدنته. ليبقي هذا البيت
عتيقاً من سلطان المتسلطين، مصوناً من كيد الكائدين. وليحفظ لهذه الأرض حريتها حتى
تنبت فيها العقيدة الجديدة حرة طليقة، لايهيمن عليها سلطان، ولا يطغى فيها طاغية، ولا
يهيمن على الأديان وعلى العباد ويقود البشرية ولا يقاد. وكان هذا من تدبير الله لبيته
ولدينه قبل أن يعلم أحد أن نبي هذا الدين قد ولد في هذا العام، عام الفيل.
سمي عام الفيل بهذا الاسم نسبة إلى الحادثة التي وقعت في تلك السنة، عندما حاول أبرهة الحبشي، أو كما يعرف كذلك بأبرهة الأشرم، حاكم اليمن من قبل مملكة أكسوم الحبشية تدمير الكعبة ليجبر العرب وقريش على الذهاب إلى كنيسة القليس التي بناها وزينها في اليمن. ولكن العرب لم يهتموا بها بل وصل الأمر إلى أن أحد العرب أهانها ودخلها ليلاً وقضى حاجته فيها، مما أغضب أبرهة.
خرج أبرهة بجيش عظيم ومعه فيلة كبيرة تتقدم الجيش لتدمير الكعبة وعندما اقترب من مكة المكرمة، وجد قطيعاً من النوق ل عبد المطلب سيد قريش فأخذها غصباً. فخرج عبد المطلب، جدّ الرسول محمد طالباً منه أن يرد له نوقه ويترك الكعبة وشأنها، فرد أبرهة النوق لعبد المطلب ولكنه رفض الرجوع عن مكة. وخرج أهل مكة هاربين إلى الجبال المحيطة بالكعبة خوفاً من أبرهة وجنوده، والأفيال التي هجم بها عليهم.
عندما ذهب عبد المطلب ليسترد نوقه سأله أبرهة لماذا لا يدافعون عن الكعبة أن قال: "أما النوق فأنا ربها، وأما الكعبة فلها رب يحميها ". وعندما رفض أبرهة طلب عبد المطلب أبت الفيلة التقدم نحو مكة، وعندها أرسل الله سبحانه وتعالى طيوراً أبابيل تحمل معها حجارة من سجيل قتلتهم وشتتت أشلائهم.
وقد أنزل الله عن هذه الحادثة قرآناً يتلى في سورة الفيل. قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)}.
ويعتقد أن ذلك العام هو عام مولد محمد عام 570 ميلادية، كما يعتقد بعض الباحثين أن عام الفيل كان بين 568 و 569 ميلادية.
نشر علي رحال _____________________________________________حسام الشربيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق