الأقسام

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

شفقة ورحمة


معنى كلمة شفقة في المعجم  العربي    الشفقة هي: 1 – الرحمة والحنان  2 – الخوف من حلول مكروه
وتأتي أشفق منه بمعنى خافه وحذر منه أما أشفق عليه فتعني عطف وخاف عليه
والشفقة والرحمة (من اللاتينية : "شاركت في المعاناة") هي الفضيلة التي تعتبر القدرات العاطفية للتعاطف والمواساة (للاطلاع على معاناة البشر الآخرين) كجزء من الحب نفسه ، وحجر الزاوية في زيادة الاجتماعية الترابط والإنسانية التأسيسية إلى أعلى المبادئ في الفلسفة ، والمجتمع ، وشخصيتها.
ومن الواضح أنه ليس للكلمة أي معنى سيئ أو يثير الألم , إن للشفقة أوجه أو من الأصح أن نقول أن متلقي الشفقة هو الذي يختلف وضعه ويحدد معنى الشفقة وكيف تستعمل , بمعنى إذا كنت أنا ايجابي وسلوكي قويم ومثير للإعجاب أو جيد على الأقل وكنت معوق فلم أتخذ كلمة شفقة على أنها سيئة بحقي ؟ ولم لا تكون مديح ايجابي أو إعجاب بشخصي وحنو علي وإثارة حميمية من طرف الشخص الذي من المفترض أنه يشفق علي   الرحمة ليست مجرد عاطفة عارضة أو شفقة وقتية مرتبطة  بموقف معين وإنما هي بطبيعتها ينبغي أن تكون خلقا ثابتا
ومتأصلا في النفس الأنسانية وشاملا لكل قيم السلوك الفاضل  في التعامل مع البشر ومع كل الكائنات الأخري في هذا الوجود  ومن هنا كانت الرحمة هي الهدف الأسمي والغاية العظمي للرسالة الإسلامية كما جاء ذلك في القرآن الكريم في قول الله
لنبيه : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " الأنبياء 107 وتأكيدا لذلك وترسيخا لهذه القيمة العظيمة في النفوس تكرر مفهوم الرحمة مئات المرات في القرآن الكريم وفي الأحاديث
النبوية وفي أول كل سورة من سور القرآن الكريم وفضلا عن ذلك فإن كل عمل يبدؤه المسلم يفتتحه في العادة بالقول " بسم الله الرحمن الرحيم " وهذا بالتأكيد من شأنه أن يجعل قيمة الرحمة حاضره بأستمرار في وعي الناس حتي يكون التعامل فيما بينهم قائما علي هذا الأساس فالله هو الرحمن الرحيم  ورحمته وسعت كل شيء والله يحب من عباده أن يكونوا علي صفته وأن يتخلقوا بأخلاقه وما دامت الرحمة من أبرز صفاته فينبغي أن يكونوا رحماء فيما بينهم ولكننا للأسف الشديد نفتقد هذه القيمة العظيمة في كثير من تعاملاتنا اليومية فالقسوة قد
حلت محل الرحمة في كثير من علاقات الناس اليومية وتعاملاتهم الحياتية والأمثلة علي ذلك كثيرة : فهناك الأب الذي يقسو علي أبنائه والأولاد الذين يقسون علي آبائهم ويتنكرون لكل ما قدموه لهم والزوج الذي يقسوعلي زوجته والزوجة التي تقسو علي زوجها والرئيس في العمل الذي يقسو علي مرءوسيه والموظف الذي يقسو علي المواطنين وقد شبه الله قلوب هؤلاء الذين قست قلوبهم ونزعت منها الرحمة بأنها كالحجارة أو أشد قسوة " البقرة 74 وهذه ظواهر غريبة علي" مجتمعنا المعروف بالأعتدال علي مدي تاريخه الطويل فتقاليده الدينية منذ التاريخ القديم تنطلق من قيم التسامح والمحبة والرحمة ومن هنا نفهم لماذا كان تركيز الإسلام علي هذه القيمة بالذات أكثر من تركيزه علي أي قيمة أخري لأنها المفهوم الجامع لكل قيم الحق والخير في هذا الوجود ومن أجل ذلك أكد عليها النبي تأكيدا واضحا في العديد من الأحاديث النبوية ومن "ذلك قوله : " ارحموامن في الأرض يرحمكم من في السماء رواه الترمذي وقوله : " الراحمون يرحمهم الرحمن " رواه الأمام أحمد في مسنده كما أكد في الوقت نفسه علي التمسك بهذا الخلق في التعامل مع الحيوان في قوله : " اتقوا الله في هذه البهائم العجماوات " رواه أبو داود لأنها لا تستطيع أن تفصح عما في نفسها أو تعبر عما تشعر به
والرحمة هي الخلق الذي يمثل سياجا منيعا لحماية الحياة في شتي صورها من مختلف الأخطار
والشفقة والرحمة بالآخرين مما يحبه الله ، ويرضاه لعباده ، قال صلى الله عليه وسلم :  ( الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )  رواه أبو داود ، والترمذي ، وصححه الألباني ، والأصل في المؤمنين أنهم رحماء فيما بينهم ، أشداء على الكفار ، كما وصفهم الله بذلك، حين قال :{ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم }  (الفتح:29) .
ونبينا صلى الله عليه وسلم ، له النصيب الأوفر من هذا الخلق العظيم ، ويظهر ذلك واضحاً جلياً في مواقفه مع الجميع ، من صغير ، أو كبير ، ومن قريب ، أو بعيد ، فكان يحمل تلك الرحمة والشفقة لولده ، ابتداءاً من ولادته إلى وفاته ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  ( ولد لي الليلة غلام ، فسميته باسم أبي إبراهيم ، ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالصبي، فضمه إليه ، وقال ما شاء الله أن يقول ، قال أنس : لقد رأيته وهو يكيد بنفسه - أي يجود بها في النزع الأخيرللموت- بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا ، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون) رواه مسلم.
وكان صلى الله عليه وسلم ، يحمل الرحمة والشفقة لأحفاده ، ففي الصحيحين أنه (كان يصلي ، وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها)  .
ولما أرسلت إليه إحدى بناته صلى الله عليه وسلم ، عند وفاة صبي لها ، ودفعت به إليه ، وهو يلفظ أنفاسه، وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم في حجره ، وأشفق عليه ،  ( ففاضت عيناه ، فقال له سعد : يا رسول الله ما هذا ؟ قال : هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء )  رواه البخاري ومسلم .
ومن مظاهر شفقته ورحمته صلى الله عليه وسلم، أنه كان يخفف في صلاته ولا يطيلها عند سماع بكاء صبي ، فعن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال:  ( إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي ،فأتجوز في صلاتي ، كراهية أن أشق على أمه) رواه البخاري ومسلم.
ومن مظاهر رحمته وشفقته كذلك ، أنه يحمل الأطفال ، ويصبر عليهم ، ويتحمل الأذى الناتج عنهم ، ويعلم الأمة دروساً عظيمة في هذا الجانب المهم ، فعن عائشة أم المؤمنين أنها قالت:  ( أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي ، فبال على ثوبه ، فدعا بماء ، فأتبعه إياه)  رواه البخاري.
وقد عرف الصحابة الكرام هذا الخلق من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولمسوه ، وأحسوا به في تعاملهم معه ، فعن مالك بن الحويرث قال:  ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي ، فأقمنا عنده عشرين ليلة ، وكان رحيما رفيقا ، فلما رأى شوقنا إلى أهالينا ، قال : ارجعوا ، فكونوا فيهم ، وعلموهم ، وصلوا ،فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم) رواهالبخاري.
هذه بعض شمائله صلى الله عليه وسلم العظيمة ، وخلقه الكريمة ، وصفاته الجليلة ، والتي ينبغي على أتباعه الاقتداء به فيها ، والسير على طريقه ، والتخلق بأخلاقه ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.


للمزيد . اضغط السطر  للموضوع المناسب : 

_________________________________________________________
من فضلك . أضف  تعليقا في نهاية  الصفحة    ولا تتردد في ضغط زر المشاركة  لتفيد  غيرك
عودة الي :             تنويه   عن رحال                      الصفحة الرئيسية                          صفحات المدونة 
Creative Commons License ترخيص الاستخدام وإعادة النشر والاقتباس 
This work is licensed under a Creative Commons Attribution-ShareAlike 3.0 Unported License.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق