الأقسام

الأربعاء، 22 يونيو 2011

رأس السنة المندائية


-من هم الصابئه المندائيه ؟
ونقل البيان عن مسؤول العلاقات رائد حسون بقال قوله “يجري الصابئة المندائيون مراسيم التعميد الجماعية والطقوس الدينية الاخرى ضمن الاحتفال الديني للطائفة بمناسبة العيد الكبير (دهبا ربا) عيد رأس السنة المندائية الذي يستمر لمدة ثلاثة ايام”. واضاف بقال أن الصابئة المندائيون “يحتفلون في هذه الايام ووفق النصوص الدينية المندائية بالخلق الدنيوي، وتكثيف الارض، وتهيئتها لخلق النبي آدم وزوجه حواء عليهما السلام لتبدأ بهما السلالة البشرية، حيث تنتهي المناسبة الدينية بعد سبعة ايام بعيد شوشيان (عيد السلام)”.
واوضح أنه “ضمن الطقوس الدينية للصابئة المندائيين في هذه المناسبة يعتكف ابناء الطائفة منذ عصر اليوم الاثنين لمدة 36 ساعة اي يوما بليلتين، ويقومون بخزن الماء والطعام واستعمالهما خلال هذه الساعات، وبعد انقضائها يتبادل المندائيون الزيارات والتهاني وغيرها من الامور الاجتماعية الاخرى الدارجة في المجتمع العراقي”.
والصابئة المندائيون من سكان العراق القدماء، وترتبط أهم طقوسهم الدينية المصباتا (الصباغة)، بمياه الأنهار الموجودة بكثرة في جنوبي العراق، وهو الفعل الذي اشتق منه اسم الصابئة، لذلك تركز وجودهم في الجنوب.
وتشير كتبهم الدينية إلى أن بلدة "الطيب" الموجودة شمال مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان هي عاصمتهم الدينية.  ويتبع المندائيون التعليمات الدينية الواردة في الـ"كنزا ربا" وهو الكتاب المقدس لديهم، ويعتبر يوم الأحد هو يومهم المقدس.
* انحسار طائفتهم
يشعر الشيخ علاء عزيز بالحزن وهو يرى قلة فقط من أبناء ملته جاؤوا بلباسهم الأبيض للغطس 3 مرات في مياه نهر دجلة في بغداد لتطهير أنفسهم بمناسبة رأس السنة للصابئة المندائيين.
وقال الشيخ علاء عزيز (40 عاما) نائب رئيس هذه الطائفة الممثلة بصفتها أقلية بنائب واحد في البرلمان العراقي "أنها مأساة حقيقية أن نرى طائفتنا تنحسر".
وأضاف الشيخ عزيز في حي الجادرية (وسط) "من قبل كان حشد يتدافع من الفجر إلى الغروب في هذا المكان، لكن اليوم وبعيد الظهر لم يعد هناك أحد. هذا محزن فعلا. الجميع يهاجرون".
والصابئة المعروفون أيضا باسم المندائيين يتكلمون تقليديا شكلا من أشكال اللغة الأرامية ويعتبرون آدم نبيهم ويقدسون يوحنا المعمدان.
وتعود جذورهم إلى ما قبل المسيحية بينما يعتقد باحثون أنهم مذهب منشق عن اليهودية وصل إلى بلاد الرافدين في القرن الثاني قبل الميلاد.
وفي بداية الثمانينات كان عددهم أكثر من مئة ألف في العراق. لكن الطائفة انحسرت بعد الحربين اللتين شنهما الرئيس الراحل صدام حسين على إيران والكويت.
وقبل إسقاط نظام صدام حسين في 2003 لم يكن قد بقي منهم أكثر من 35 ألفا موزعين في ست مدن كبرى هي بغداد واربيل (شمال) والديوانية والكوت (وسط) والعمارة والبصرة (جنوب).
وحتى رئيس الطائفة الشيخ ستار جبار الحلو ليس في بغداد لرأس السنة التي يحيون خلالها ولمدة ثلاثة أيام خلق العالم. وهو موجود في أستراليا حيث يعيش مع أسرته وتقيم أكبر جالية للصابئة في العالم.
من جهته، قال عدي سلام (28 عاما) الضابط في الجيش العراقي الذي جاء للغطس ثلاث مرات في النهر "ليطهر جسمه وروحه وعقله" إن "عددا كبيرا من أعضاء طائفتنا قتلوا أو سرقوا أو تلقوا تهديدات. نشعر بالخوف وعددنا يتراجع".
وأضاف "إنهم الشبان خصوصا الذين يرحلون".
ويقع معبد الصابئة بسقفه الذي يرفع عليه صليب مغطى بقماش أبيض رمز النقاء، في حي الجادرية حيث كان يعيش وزراء صدام حسين.
وقال سيف رفعت (20 عاما) الناطق باسم الطائفة "منذ 2003 مات 800 من أبناء ملتنا لأن لا أحد يحمينا. قتلتهم القاعدة وميليشيات أخرى أو عصابات".
ويعمل كثير من الصابئة صاغة واستهدفتهم هجمات.
ففي ابريل (نيسان) 2009 أسفرت عملية سطو على محلين للصاغة في العاصمة يملكهما صابئة عن سقوط سبعة قتلى بينهم ثلاثة من أبناء هذه الطائفة.
وقال الشيخ عزيز بلباسه الأبيض وهو يحمل عصا طويلة "نحن جزء من العراق والعراق جزء منا. لدينا التاريخ نفسه والماضي نفسه والمستقبل نفسه ونريد أن يستعيد هذا البلد الأمن والاستقرار ليتمكن أبناء طائفتنا من جديد العيش هنا مثل أسرة كبيرة".
وما زالت أصول هذه الديانة غامضة.
ويقول وجهاؤهم إنها نشأت في بلاد الرافدين لكن المجموعة انتقلت إلى القدس بسرعة قبل أن تعود إلى بلد منشئها. ولا يمارس الصابئة أي نشاطات تبشيرية.
ولهذه الطائفة وجود في العراق واستراليا وإيران والسويد وهولندا والمانيا.
* من هم الصابئة المندائيون ..؟؟
الصابئة المندائيون جزء من سكان العراق الأوائل عبر تأريخه الحضاري في بلاد مابين النهرين - سكنوا بطائح جنوب العراق وفي منطقة الطيب في ميسان قريباً من الأنهار الجارية التي كانت تشكل أهمية كبيرة في حياتهم الاجتماعية واقامة الطقوس الدينية وامتدت ديانتهم أيضاً الى فلسطين والشام ومصر زمن الفراعنة.
إن تأريخ الصابئة المندائيين يلفه شيء من الغموض، وذلك لانزوائهم وانغلاقهم الديني بسبب الاضطهاد الذي تعرضوا له خلال فترات متعاقبة من تاريخهم. فأثروا هذا الأنزواء كوسيلة للحفاظ على دينهم وتراثهم.
وللصابئة كتيب يسمى (حران كوثيا) يتحدث عن هجرة المندائية التي قاموا بها من اورشليم في فلسطين سنة 70م بعد الاضطهاد الذي حصل لهم على يد السلطات الدينية والحكومية في هذه المدينة الحديثة التي كان يسيطر عليها الحكم الروماني فعادوا الى موطنهم الأصلي وادي الرافدين وكانت هذه الهجرة برعاية الملك أردوان(أرطبيانوس الثالث)..
وفي منتصف القرن السابع الميلادي عرفت هذ الطائفة لأول مرة في أوساط الباحثين الأوربيين ومنهم (ليدز بارسكي) (الليدي دراور) التي استطاعت في كتاباتها عن المندائية أن تزيح الكثير من الغموض عن ديانتهم وتأريخها وتراثها.
ومن أجل هذا عاشت مع الصابئة في جنوب العراق ودرست أحوالهم عن قرب ، وترجمت العديد من الكتب والمخطوطات المندائية الى اللغة الانكليزية ؛ وأهمها كتاب الصابئة المندائين ، الذي ترجمه الى العربية الاستاذان نعيم بدوي وغضبان الرومي.
وفي العقدين الأخيرين من القرن العشرين، تمكن عدد من مثقفي الصابئة بترجمة العديد من الكتب الدينية إلى اللغة العربية إضافة الى بعض الكتب التي تخص الميثولوجيا المندائية..
فقد ترجم الكتاب المقدس (كنزاربا) ودراسة بهيا) تعاليم يحي عليه السلام وانياني والقلستا.
والباحثين في القرن الماضي انقسموا في أصل الصابئة المندائيين إلى قسمين: فمنهم من يرجح الأصل الشرقي للمندائيين (أي من بلاد وادي الرافدين) ومنهم من يرجح الأصل الغربي (أي من فلسطين) .. ويبقى الأصل الشرقي للمندائية، الرأي الأكثر ميولاً له من قبل الباحثين..
* أصل التسمية :
وكلمة الصابئة مشتقة من الفعل الآرامي المندائي - صبا- أي غطس أو ارتمى في الجاري ، أما المندائيون فهي مشتقة من الفصل الأرامي- دا- التي تعني (العالم – العارف - فيكون معنى الصابئة المندائيين هو:
الصابغون العارفون بدين الحق واتفق أغلبية الباحثين والمستشرقين على أن كلمة صابئي جاءت من الجزء الأرامي وليس العربي للكلمة " صبأ ".. وهناك تسميات أخرى لهم..
المغتسلة : (من غسل) أي تطهر ونظف في الماء ..
أي ربى شلماني-من (شلم)، أرامية تعني المسالم..
أبنيء نهورا-أبناء النور..
اخشيطي من كشطا- أي أصحاب الحق..
* لغتهم :
اللغة المندائية هي اللغة التي وردت بها المخطوطات الصابئية فكل الكتب الدينية ماتحتويه من تعاليم وصلوات وتراتيل مكتوبة بهذه اللغة ، وأول من قرأ الابجدية المندائية هو آدم عليه السلام ، وبقية المختارين الأصفياء ومنهم يحيى بن زكريا عليه السلام ، وهي مقدمة عند جميع الصابئة واللغة المندائية هي لهجة من الآرامية التي تنتسب إلى المجموعة السامية كالبابليين والاشورية والكلدانية..
وأقدم ما أُلف عنها كتاب المستشرق الألماني (نولدكه) سنة 1875 تحت عنوان قواعد اللغة المندائية - ذلك القاموس المندائي الإنكليزي الذي ألفته الليدي دراور..
وقد قام في السنوات الأخيرة بعض أبناء الصابئة بتأليف بعض الكتب في المندائية فقد أنجز الشيخ خلف عبد ربه مع المهندس خالد كامل القاموس المندائي - العربي) ، واستطاع الأستاذ أمين فيصل تأليف كتاب قواعد اللغة المندائية الذي أعتمد كمصدر في المجمع العلمي العراقي.
وتتكون الأبجدية المندائية من إثنين وعشرين حرفاً تكتب من اليمين الى اليسار ، وبسبب اقتصارها على المراسيم الدينية فقد بقيت مفرداتها محدودة..
الديانة والإيمان:
الصابئة قوم موحدون، يؤمنون بالله واليوم الآخر، وأركان دينهم التوحيد – التعميد – الصلاة – الصوم – الصدقة). وهي أول ديانة توحيدية في التاريخ ، حيث يعود أصلها إلى نبي الله آدم (عليه السلام) كما هو مذكور في كتبهم المقدسة، أما ياقوت الحموي فقال عنهم بأنهم ملة يصل عمقها إلى شيت بن آدم (عليه السلام) .. ويرجع ابن الوردي تاريخهم إلى النبي شيت بن آدم والنبي إدريس (هرمس) (عليه السلام) ..
ويقول الفرحاني أن الصابئة أصحاب ديانة قديمة ولعلها أقدم ديانة موحدة عرفتها البشرية وأشار إلى الكثير عنهم في كتاب أقوام تجولت بينها فعرفتها))
كما يؤمن الصابئة المندائيون بأن أول نبي ومعلم لهم هو آدم وابنه شيث (شيتل) وسام بن نوح ويحيى بن زكريا (يوحنا المعمدان) والذي يدعى في لغتهم المندائية بـ يهيا يوهنا))
التوحيد أو الشهادة: وتسمى باللغة المندائية (سهدوثا اد هيي) أي شهادة الحي .. هو الاعتراف بالحي العظيم (هيي ربي) خالق الكون بما فيه، ويصفونه بصفات مقدسة لاتختلف عن ما ورد في الكتب المقدسة الأخرى كالتوراة والإنجيل والقران، مثل الرحيم، الرحمن، القوي، المخلص، الذي لايرى ولا يحد، العظيم، المحب .. الخ
فقد ورود في كتابهم المقدس (كنزا ربا) ما يلي (لا أب لك، ولا مولود كائن قبلك، ولا أخ يقاسمك الملكوت، ولاتؤام يشاركك الملكوت، ولا تمتزج، ولا تتجزأ، ولا انفصام في موطنك، جميل وقوي العالم الذي تسكنه)
الصلاة: وتدعى بالمندائية (براخا) وتعني المباركة او التبريكات. وهي لديهم نفس مفهوم الاديان الاخرى بالنسبة للصلاة وهي التقرب للذات العليا الله سبحانه وتعالى. حيث ورد في كتابهم المقدسة مايلي (( وامرناكم ان اسمعوا صوت الرب في قيامكم وقعودكم وذهابكم ومجيئكم وفي ضجعتكم وراحتكم وفي جميع الأعمال التي تعملون)
والصلاة لديهم فرض واجب على الفرد المؤمن، يجب تاديته ثلاث مرات يوميا (صباحا-ظهرا-عصرا)، وتسبق الصلاة طقس صغير يقام بالماء الجاري يدعى (الرشاما – الرسامة) وهو يقوم مقام الوضوء عند المسلمين، وهو عبارة عن غسل الاعضاء الرئيسية في الانسان والحواس، بالماء الجاري مع ترتيل مقطع ديني صغير، مثلا عند غسل الفم يقول المصلي (ليمتلىء فمي بالصلوات والتسبيحات) وعند غسل الاذن (اذناي تصغيان لاقوال الحي) وهكذا البقية إلى اخره
الصوم: ويسمى بالمندائية (صوما ربا) أي الصيام الكبير. والصيام في مفهوم الصابئة الديني هو الكف والامتناع عن كل مايشين الانسان وعلاقته مع الرب هيي ربي (مسبح اسمه) واخوانه البشر .. أي الصيام او الامتناع عن كل الفواحش والمحرمات.
ولديهم أيضا مايدعى بالصيام الصغير .. وما هو إلا تذكرة للانسان بصيامه الأكبر .. ويتم بالكف عن تناول لحوم الحيوانات وذبحها خلال أيام معينة من السنة يبلغ مجموعها 36 يوم .. لكون ابواب الشر مفتوحة على مصراعيها، فتقوى فيها الشياطين وقوى الشر، لذلك يطلقون عليها أيام مبطلة ))
الصدقة: ((وتسمى بالمندائية زدقا )) وهو من أخلاقيات المؤمن لديهم، وواجباته اتجاه اخيه الانسان والخلق باسره. وتشترط في الصدقة لديهم ان تعطى بالسر، لان المجاهرة في اعطاء الصدقة تفسد ثوابها. فقد جاء في هذا الموضوع في الكنزا ربا ما يلي (( أعطوا الصدقات للفقراء واشبعوا الجائعين واسقوا الظمأن واكسوا العراة .. لان من يعطي يستلم .. ومن يقرض يرجع له القرض)). وجاء ايضا في نفس الكتاب، ما يلي ((ان وهبتم صدقة ايها المؤمنون، فلا تجاهروا .. ان وهبتم بيمينكم فلا تخبروا شمالكم، وان وهبتم بشمالكم فلا تخبروا يمينكم .. كل من وهب صدقة وتحدث عنها كافر لا ثواب له))
التعميد أو الصباغة: أو ما يدعى ب(مصبتا) باللغة المندائية. ولقد جاءت تسمية الصابئة من جذر هذه الكلمة لغة ومفهوما، كما أوضحنا أعلاه وهذا الطقس يعتبر عماد الديانة المندائية وركنها الأساسي، وهو فرض واجب على الانسان ليكون مندائيا.
والتعميد لديهم يجري في المياه الجارية الحية وجوبا، لانه يرمز إلى الحياة والنور الرباني. وطقس التعميد المندائي محتفظ إلى الآن بأصوله القديمة، وهو نفسه الذي نال المسيح به التعميد على يد النبي يحيى بن زكريا (يوحنا المعمدان) مباركة أسمائهم..
ويهدف التعميد في نظرهم للخلاص والتوبة ولغسل الذنوب والخطايا القصدية وغير القصدية، وللتقرب من الرب ايضا. وهو ياخذ نفس مفهوم الحج عند المسلمين. ويستفاد من التعميد لديهم في حالات النزولية الطقسية لرجال الدين .. وعند الولادة والزواج وعند تكريس رجل دين جديد، وان هذا الطقس يكرر عدة مرات للانسان ووقتما يشاء، وذلك في أيام الآحاد أو في المناسبات الدينية، وهو خلاف التعميد المسيحي الذي يجري مرة واحدة فقط.
وكما وضح أغلبية الباحثون والمستشرقون بأن المسيحية قد أخذت طقس التعميد من المندائية وطورته بما يخدم مفاهيمها المقدسة ، ويقول البروفيسور أوليري ( أن الصابئين المندائيين في جنوب العراق هم أصل معمدي الآباء المسيحيين الأوائل)..
*المحرمات عند الصابئه :
- التجديف باسم الخالق (الكفر)
- عدم أداء الفروض الدينية
- القتل
- الزنا من الكبائر المؤدية إلى النار
- السرقة
- الكذب، شهادة الزور، خيانة الأمانة والعهد، الحسد، النميمة، الغيبة، التحدث والإخبار بالصدقات المُعطاة، القسم الباطل
- عبادة الشهوات
- الشعوذة والسحر
- الختان ..!!
- شرب الخمر
- الربا
- البكاء على الميت ولبس السواد
- تلويث الطبيعة والأنهار
- أكل الميت والدم والحامل والجارح والكاسر من الحيوانات والذي هاجمه حيوان مفترس
- الطلاق (إلا في ظروف خاصة جدا)
- الانتحار وإنهاء الحياة والإجهاض
- تعذيب النفس وإيذاء الجسد
- الرهبنة
- زواج غير الصابئة
و قد ذكرت هذه المحرمات بشكل واضح في كتب المندائية المقدسة.
*الأنبياء عند الصابئه :
يؤمن المندائيون بعدد من الأنبياء وأن الله قد أوحى لهم بتعاليم المندائية وهم :
آدم ، شيت بن آدم (شيتل) ، سام بن نوح ، يحيى بن زكريا (يهيا يوهنا).
ولكن اسمهم ارتبط بالنبي إبراهيم الخليل عليه السلام، الذي عاش في مدينة آور السومرية ـ مدينة إلهة القمر إنانا ـ منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، وكان إبراهيم عليه السلام أول من نبذ الأصنام ودعا لرب واحد عظيم القدرة أطلق عليه السومريون اسم [ لوگـال ـ ديمير ـ آن ـ كي ـ آ ] ملك آلهة ما هو فوق وما هو تحت [ رب السماوات والارض] .
آمن الصابئة المندائيون بتعاليم إبراهيم واحتفظوا بصحفه ومارسوا طقوس التعميد التي سنها لهم واستمروا عليها إلى يومنا هذا.
وقد هاجر قسم منهم مع النبي إبراهيم إلى حران والقسم الآخر بقي في العراق ، وقد عرفـوا فيما بعد بـ [ ناصورايي اد كوشطا ] أي حراس العهد الذين أسسوا بيوت النور والحكمة [أي ـ كاشونمال ] ـ بيت مندا او (بيت المعرفة) فيما بعد ـ على ضفاف الانهار في وادي الرافدين لعبادة مار اد ربوثا ( الله ـ رب العظمة)، واتخذوا من الشمال (اباثر) الذي دعاه السومريون (( نيبورو )) قبلة لهم لوجود عالم النور ( الجنة).
كما ارتبطت طقوسهم و بخاصة طقوس التعميد ، بمياه الرافدين فاعتبروا نهريها ادگـلات وپـورانون (دجلة والفرات) انهارا مقدسة تطهر الارواح والأجساد فاصطبغوا في مياهها كي تنال نفوسهم النقاء والبهاء الذي يغمر آلما د نهورا (عالم النور) الذي اليه يعودون .
ورد مفهوم الاغتسال و التعميد في العديد من النصوص المسمـارية حيث كتب الشاعر السومري في مرثية مدينة اور: (( شعب الرؤوس السوداء ما عادوا يغتسلون من أجل اعيادك ، اناشيدك تحولت إلى أنين ، مدينة اور مثل طفل في شارع مهدم ، يفتش لنفسه عن مكان امامك)).
*الأعياد المندائية :
- البر ونايا - البنجة - عيد الخليقة العلوي ويقع في آذار وهي ذكرى الخلق وتكوين عوالم النور والأرواح الأثيرية الأولى وفيها تفتح بوابات النور وتنزل الملائكة والأرواح الطاهرة فيعم نورها الأرض لتصبح جزءا من عالم النور. وتعتبر الخمسة (الأيام البيض) أسرار البداية المقدسة وفجر الحياة الأولى التي أوجدها الحي العظيم. وعلى الصعيد الدنيوي فهو يمثل اكتمال النبتة التي تعطي ثمارها في الصيف.
- العيد الكبير – عيد الخليقة المادي.. (دهواربا) وفيه نجدت الكواكب في السماء والشمس والقمر، وجمدت الأرض ويستمر ثلاثة ايام، وتسبقه (الكرصة) اي التجاء المندائيين إلى الانزواء في بيوتهم وعدم الخروج منها لمدة (36) ساعة.. حيث يتقرر خلالها مصير الإنسان وانتصار قوى النور على قوى الظلام والشر - يخرجون بعدها فرحين بهذا الانتصار الكبير.. ويعتبر العيد الكبير بداية السنة المندائية ويقع في شهر تموز من العام.
- ويعقبه مباشرة (عيد شيشلام) يوم واحد وهو ذكرى حلول السلام والمحبة على الأرض.
- العيد الصغير: هو عيد الازدهار وموعده في شهر تشرين الثاني من كل عام ويسميه الصابئة المندائيون هيبة الله الصغرى (دهوا هنينة) وهو ذكرى عودة الملاك جبريل وصعوده..وقد نزل إلى الأرض بأمر الله تعالى، ثم عاد إلى السماء مبشرا بازدهار الكروم وانتشار النور واندحار الظلام.وفي المفهوم الدنيوي فيتمثل بنزول القطرة الأولى من المطر وبتكوين النطفة في رحم الام.
- عيد التعميد الذهبي: وهو هبة الله سبحانه وتعالى للملائكة حيث تعمدوا في عالم النور وأهديت لأدم وذريته من بعده.. حيث عمده الملاك جبريل الرسول وأيضا تعمد النبي يحيى عليه السلام وتوهب فيه الهدايا والعطايا للمحتاجين ويقع في نهاية تشرين الأول من كل عام وكل طفل مولود يجب ان يعمد في هذا اليوم..
*الصابئون في القرآن الكريم:
قص الله علينا في كتابه قصص السابقين، وأديان الأمم الماضية، ومما أشار إليه القرآن في هذا الشأن ذكر الصابئين.
وقد ذكرهم الله تعالى في ثلاث مواضع من كتابه العزيز وهي على النحو التالي:
الموضع الأول : قوله تبارك وتعالى : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولاخوف عليهم ولاهم يحزنون ) [ البقرة: 62 ] .
الموضع الثاني : قوله تبارك وتعالى : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون ) [ المائدة : 69 ] .
الموضع الثالث: قوله تبارك وتعالى : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء قدير ) [ الحج : 17] .
تلك هي المواضع الثلاث التي ذكر الله تعالى فيها الصابئون، وقد اختلفت عبارات المفسرون في تفسير معنى (( الصابئة )) إلى أقوال كثيرة جداً نذكر منها مايلي:
1. قال مجاهد: ليسوا يهوداً ولانصارى ولادين لهم .
2. قال الحسن : قبيلة نحو الشام بين المجوس واليهود، ولاتؤكل ذبائحهم ولاتنكح نساؤهم.
3. هم فرقة من أهل الكتاب يقرؤون الزبور. قاله أبو العالية والسدي،والربيع بن أنس، وأبو الشعشاء جابر بن زيد، والضحاك، وإسحاق بن راهويه .
4. الذين لم تبلغهم دعوة نبي. ذكره ابن كثير،وقال – بعد عرضه لجملة من الأقوال –: وأظهر الأقوال – والله أعلم – قول مجاهد ومتابعيه، ووهب بن منبه: أنهم ليسوا على دين اليهود ولا النصارى ولا المجوس ولا المشركين وإنما هم باقون على فطرتهم، ولادين مقرر يتبعونه ويقتضونه .
الخلاصة :
لقد لاحظنا اختلاف المفسرون في معنى (( الصابئة )) على أقوال كثيرة – ماتقدم بعض منها – مما يدل على أن الصابئة أحد أمرين:
1. إما أن تكون فرقة واحدة لكن بعضهم انخرط مع المجوسية والبعض مع أهل الكتاب والبعض اعتزل جميع الأديان.
2. وإما أن تكون فرقة الصابئة، عبارة عن فرق متعددة ومذاهب متفرقة، كل فرقة لها طابع خاص تستقل به عن الفرقة الأخرى، فالجامع بينهم جميعاً المسمى – فقط – أما الحقيقة ففيه اختلاف فيما بينهم.
  يقول ابن القيم – رحمه الله – : (( وقد اختلف الناس فيهم اختلافاً كثيراً، بحسب ماوصل إليهم من معرفة دينهم، وهم منقسمون إلى مؤمن وكافر. قال الله تعالى : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين … الآية)[ البقرة : 62] .
  فذكرهم – جل وعلا – في الأمم الأربعة الذين تنقسم كل أمة منها إلى ناج وهالك كما في قوله تعالى ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة ) [ الحج:17]
  فذكر الأمتين اللتين لاكتاب لهم، ولاينقسمون إلى شقي وسعيد وهما : المجوس والمشركون، ولم يذكرهما في آية الوعد بالجنة، وذكر الصابئين فيهما فعلم أن فيهم الشقي والسعيد)) .
 *الصابئون في اصطلاح الباحثين:
اختلف الباحثون أيضاً في موضوع الصابئين وحقيقتهم، وفيما يلي بيان بعض أقوالهم في بيان معنى الصابئة، وهي كما يلي:
- حكى أبو الريحان البيروني عنهم ثلاثة أقوال:
الأول : أنهم أناس يوحدون الله، وينزهونه عن القبائح،ويصفونه بالسلب لا الإيجاب، كقولهم: لايحد ولايرى ولايظلم ولا يجور، ويسمونه بالأسماء الحسنى مجازاً؛ إذ ليس عندهم صفة بالحقيقة،وينسبون التدبير إلى الفلك وأجرامه، ويقولون بحياتها ونطقها وسمعها وبصرها،ويعظمون الأنوار… ويقال لهم الحراينة نسبة إلى موضوعها (حرّان)، ويقال : إنهم نسبة إلى هاران بن تارح آخي إبراهيم عليه السلام.
الثاني: أن هؤلاء الحراينة ليسوا هم الصابئة بالحقيقة، بل هم المسمون في الكتب بالحنفاء والوثنية، فإن الصابئة هم الذين تخلفوا ببابل من جملة الأسباط الناهضة أيام كورش وأيام ارطحشت إلى بيت المقدس ومالوا إلى شرائع المجوس، فصبوا إلى دين بختنصر، فذهبوا مذهباً ممتزجاً من المجوسية واليهودية… وقد يوجد أكثرهم بواسط وسواد العراق… ومخالفين للحرانيين، عائبين مذاهبهم لايوافقونهم إلا في أشياء قليلة، حتى أنهم يتوجهون في الصلاة إلى جهة القطب الشمالي، والحرانية إلى الجنوبي.
الثالث: أنه كان ( لمتوشالح) ابن تسمى ( صابيء ) وأن الصابئة سموا به .
- ما ذكره أصحاب الموسوعات:
أ/ أوردت دائرة المعارف الإسلامية ،التي ألفها مجموعة من المستشرقين، تحت كلمة ( الصابئة) مايلي:
1. المنديَّا أو الصبوة، وهي فرقة يهودية نصرانية تمارس شعيرة التعميد في العراق ( نصارى يوحنا المعمدان).
2. صابئة حران، وهي فرقة وثنية بقيت أمداً طويلاً في ظل الإسلام، ولها أهميتها بحكم مبادئها، ولها أيضاً شأنها لما خرج من بين صفوفها من علماء..
ب/ ويقول صاحب موسوعة (( دائرة معارف القرن العشرين)) : أن الصابئة قوم دينهم التعبد للروحانيات أي الملائكة وضد الحنفاء الذين دعوتهم الفطرة .
ج/ ونختم بما أوردته الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة في تعريف الصابئة المندائين: (( الصابئة المندائين وهي الطائفة الصابئة الوحيدة الباقية إلى اليوم، والتي تعتبر (( يحي عليه الصلاة والسلام)) نبياً لها، يقدس أصحابها الكواكب والنجوم ويعظمونها. ويعتبر الاتجاه نحو نجم القطب الشمالي، وكذلك التعميد في المياه الجارية من أهم معالم هذه الديانة، التي يجيز أغلب فقهاء المسلمين أخذ الجزية من معتنقيها أسوة بالكتابيين من اليهود والنصارى))..
* الصابئون عند أصحاب المقالات:
لقد تباينت أيضاً تعاريف أهل المقالات للصابئة، وهي على النحو التالي:
1. يقول الإمام الشهرستاني:
الصابئة مأخوذة من الميل، يقال صبا الرجل إذا مال وزاغ، فبحكم ميل هؤلاء عن سنن الحق وزيغهم عن نهج الأنبياء قيل لهم صابئة ويقسمهم إلى قسمين:
- صابئة روحانيون : وهم الذين يتعصبون للروحانيين.
- صابئة حنفاء : وهم المتعصبون للبشر الجسماني.
2. يقول الإمام ابن حزم:
نلاحظ أن الإمام ابن حزم يعدهم من جملة الفرق التي قالت: إن مدبر العالم أكثر من واحد، وأضافهم إلى المجوس، وذلك بعد أن طرأ على دينهم الفساد والتغير بعد أن كان ديناً قريباً إلى الإسلام.
3. يقول الإمام ابن القيم :
إن أصل دين هؤلاء أنهم يأخذون بمحاسن ديانات العالم ومذاهبهم،ويخرجون من قبيح ماهم عليه قولاً وعملاً ولهذا سموا صابئة أي خارجين، فقد خرجوا عن تقيدهم بجملة كل دين وتفصيله إلا ما رأوا فيه من الحق… وكانوا قسمين، صابئة حنفاء، وصابئة مشركون، فالمقصود أن هذه الأمة قد شاركت جميع الأمم وفارقتهم، فالحنفاء منهم شاركوا أهل الإسلام في الحنفية، والمشركون منهم شاركوا عباد الأصنام… وأكثر هذه الأمة فلاسفة والفلاسفة يأخذون من كل دين – بزعمهم – محاسن ما دلت عليه العقول… ويقرر ابن القيم – رحمه الله – أن الصابئة ليست من الأمم المستقلة التي لها كتاب ونبي وإن كانوا من أهل دعوة الرسل
* فصل في تاريخ اللغة المندائية أصولها ونشأتها :
المندائية هي احدى اللهجات الشرقية للغة الآرامية وظهرت للوجود مع الظهورالأول للآراميين منذ حوالي ثلاثة الآف سنة حين استوطنت قبائلهم على امتداد نهر الفرات وفي كل منطقة الشرق الأدنى .
قام الآراميون بتأسيس اماراتهم ابتداء من الألف الأول قبل الميلاد على تخوم المدن الآشورية وامتدت مناطق نفوذهم من بيت زماني في الأناضول شمالا الى مملكة ميشان و بلاد العيلامين في الجنوب، وتوالت الهجرات الآرامية نحو جنوب العراق فاتجهوا نحو بابل في عصر الكاشيين وقد تمكن احد زعمائهم المدعو حدد أبال عديني من خلع ملك بابل وتنصيب نفسه ملكا عليها وذلك مابين 1071 ـ 1054 قبل الميلاد.
انتشر الآراميون انتشارا واسعا في أرجاء العراق هربا من الضغوط الآشورية على قبائل وممالك الشمال،وفي عام 612 قبل الميلاد احتل نبوبلاصر نينوى وبدأ عصر الأمبراطورية الكلدانية التي صهرت ابناء عمومتهم الآراميين في بوتقتها، فأصبح الآراميون جزءا حيويا من الأمبراطورية الكلدانية، وبهذا انتهى صراعهم الدموي مع الآشوريين وبدأ دورهم المؤازر للكلدانيين.
وعندما سقطت بابل الكلدانية سنة 539 قبل الميلاد على يد الفرس الأخيمنيين كان الآراميون قد فقدوا مع الكلدانيين دورهم السياسي والعسكري. ولكن النهاية السياسية للآراميين لم تكن خاتمة المطاف بل تلاها الدور الحضاري الذي قامت به الثقافة واللغة الآرامية في منطقة الشرق الأدنى بأكلملها لأكثر من ألف عالم، كما يذكر ذلك الدكتور خزعل الماجدي في كتابه المعتقدات الآرامية ..
وبالرغم من الصراع الدموي مابين الآشورين والآراميين الا ان الآشوريين تبنوا اللغة الآرامية لغة رسمية لأمبراطوريتهم في بداية الألف الأول قبل الميلاد ، وفي النصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد ساعدت الأمبراطورية الأخمينية على نشر اللغة الآرامية فسهل ذلك على الفرس التعامل مع سكان بلاد الرافدين والشام وشمال الجزيرة، فانتشرت اللغة الآرامية من الهند الى مصر والحبشة.
اما في فلسطين فصار اغلب السكان يتخاطبون بالآرامية الى جانب اليونانية اثناء حكم البطالسة والسلوقيون للمنطقة واقتصرت العبرية على كونها اللغة الخاصة بالهيكل.
يعزى انتشار اللغة الآرامية ، والتي كانت تسمى لشان نهري ..
قام علماء اللسانيات بتصنيف اللغة الآرامية الى لهجات غربية، استخدمت في بلاد الشام وفلسطين، وشرقية خاصة ببلاد وادي النهرين والأخيرة شملت كل من الكلدانية والآشورية والسريانية والبابلية والمندائية .
وبالآرامية تمت كتابة كل الكتب المقدسة، فكتب بها التلمود البابلي وقسم كبير من العهد القديم مثل سفري عزرا ودانيال والأنجيل (العهد الجديد) وكتاب المندائيين المقدس كنزا ربا وأنجيل ماني وكتاب الأفستا ـ كتاب أقوال زرادشت، وهذا بحد ذاته يثير تساؤلا غريبا عن قدسية هذه اللغة.
لقد استمرت الآرامية لغة رسمية للعراق فترة طويلة تعدت الألف سنة دونت بها كل نشاطات الامبراطورية انذاك بما فيها الأداب والفنون مثل اعمال الفليسوف العراقي احيقار الحكيم ، كما ان المفكر والمؤرخ البابلي الكبير بيروز صاحب الكتاب الشهير بابيلونايكا كتب كل مؤلفاتة باللغتين الآرامية واليونانية في القرن الثالث قبل الميلاد. ومازالت الذاكرة العراقية تحتفظ لنا بالعشرات من المفردات والتعابير الآرامية الى يومنا هذا مثل مسگـوف وحريشي و اسليمة وبلابوش و كرزات ونياحة وبزخ وانثبر وطرگـاعة وصيغ الأفعال مثل صعديت و أكليت وشربيت ولعبيت ومئات الأمثلة غير ذلك.
* انحسار اللغة المندائية:
لقد كانت اللغة المندائية ـ والمندائية بالمناسبة تعني العرفانية ـ لغة العلم والمعرفة ولغة التداول اليومي جنبا الى جنب مع اللهجات الأخرى مثل النبطية والبابلية الكلدانية (القريبتان جداً من المندائية) الى ان اخذت بالضعف والأنكماش التدريجي امام اللغة العربية التي هيمنت على العراق بعد الفتح العربي الأسلامي في القرن السابع الميلادي ، فتخلى عنها المندائيون في العراق تماما لصالح اللغة العربية ، وأصبحت تقتصر حاليا على رجال الدين المندائيين الذين يؤدون بها الطقوس الدينية أي لغة طقسية او مايسمى بالأنجليزية liturgical language.
خصوصية اللغة المندائية:
وتنتمي اللغة المندائية الى نفس المجموعة من اللغات السامية التي تنتمي اليها الأكدية والعبرية والعربية والآرامية والفينيقية والكنعانية ؛ والمندائية هي اللهجة الآرامية الوحيدة التي حافظت على نقاوتها اللغوية من الألفاظ والتعابير الخارجية خاصة من الألفاظ العربية، وتمتاز بسهولة تعلمها وبمرونة اصواتها وعذوبة الفاظها، ومازالت اللغة المندائية لغة الأدب ولغة الطقوس لدى المندائيين في العراق والعالم بالأضافة إلى أنها لغة التخاطب لدى صابئة ايران.
وتشترك المندائية في كثير من مفرداتها مع اللغة العربية ويمكن تمييز ذلك بدون صعوبة تذكر، كما انها تحتوي على الكثير من المكونات السومرية مثل ملواشا (الأسم الفلكي) واشكندا (مساعد) وكذلك المئات من المفردات الأكدية مثل ديمتو (دمعة) ودالو (ارتفع) وهبالو (خوف) وهشالو(صائغ).
وللمندائيــة أبجديتها الخاصة بها التي تنفرد بها من حيث شكل الحروف ويطلـقون عليــها الـ (آ ـ با ـ گـا ـ دا) ، لكن قواعد الصرف والنحو تخضع لنفس المقاييس المتبعة في اللغة الآرامية بشكل عام وهي تعتمد في كتابتها على الحروف الصحيحة اكثر من اعتمادها على حروف العلة التي يعبر عنها بعلامات مقتبسة من الأبجدية نفسها كما في اللغات الأوربية .
وأغلب كلماتها ترجع في اشتقاقها الى اصل ثلاثي الحروف ، كما انها تكتب مثل جميع اللغات السامية من اليمين الى اليسار ، و لهذه الحروف اقياماً عددية فحرف الألف قيمته واحد والباء اثنان والدال خمسة ، وهكذا. واللغة المندائية تتكون من اثنين وعشرين حرفا وتخضع لأبجدية (أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت) وهي خالية من الروادف (ثخذ، ضغظ) ...
* اللغة المندائية اليوم:
إن من يستخدم المندائية كلغة تخاطب حالياً هم فقط مندائيو ايران، فقد دأب المندائيون في خوزستان (الأحواز) على الاستمرار بالتحدث بالمندائية فيما بينهم الى يومنا هذا لكونهم محافظين اكثر ـ إن جاز التعبير ـ من المندائيين في العراق، فهم اكثر تمسكا من اخوتهم في العراق بالطقوس وبالتالي اللغة المندائية .
ونتيجة لإهمال السلطة الإيرانية أنذاك للمنطقة العربية التي أصبحت تابعة لإيران ، لم يتحول الكثير من أبناء المندائيين هناك إلى التعليم العالي كما حصل في العراق وبقي أكثرهم بعزلته، ونتيجة لهذه الإنعزالية استمر صابئة إيران إلى التحدث بلغتهم لحد الآن.
ولكنهم اليوم يتمتعون في إيران ببعض الحماية وقليل من الحقوق إذ سمح لهم بإقامة مندي (معبد) صغير في الأهواز ومدرسة بسيطة لتعليم اللغة المندائية للأطفال، لكنهم مازالوا يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية في الجمهورية الإسلامية حيث لا يحق لهم تبوء أي منصب رفيع في الدولة ، كما إن تأثيرات اللغة الفارسية بدت تطغى على كل من اللغة العربية والمندائية ، ضمن خطة تفريس المنطقة..
إن هذه اللغة اليوم تعد بكل المقاييس لغة مهددة بالإنقراض حيث لا يتحدث اللغة المندائية من المندائيين البالغ عددهم في جميع أنحاء العالم حوالي 60000 نسمة أكثر من 100 شخص. يشكل رجال الدين نسبة 40% تقريبا منهم بحكم أن الطقوس الدينية المندائية التي يجريها رجال الدين تتم باللغة المندائية، لكن هؤلاء أنفسهم لا يتحدثون اللغة المندائية في بيوتهم ولا حتي فيما بينهم أثناء تلاقيهم.
ومن عامة المندائيين في العراق لا يتحدثها أكثر من 10 أشخاص. والعدد الآخر هو من المندائيين المتواجدين في جنوب إيران. علما بأن اللغة المعتمدة من قبلهم يطلق عليها " border="0" alt="" />
وتأسيسا علي مقاييس منظمة اليونسكو ، فإن اللغة المندائية من بين أكثر اللغات المهددة بخطر الإنقراض اليوم ..
*تأريخ الصابئة المندائيين عبر العصور :
يرجع الكثير الصابئة المندائيين إلى شعب آرامي عراقي قديم ولغته هي اللغة الآرامية الشرقية المتأثرة كثيرا بالاكادية . استوطنوا وسط العراق وبالأخص المنطقة الممتدة من بغداد وسامراء من ناحية دجلة .
وفي العهد البابلي الأخير تبنى شعوب المنطقة اللغة الآرامية لغة رسمية لأسباب كثيرة واستخدمت بكثرة في بابل والقسم الأوسط من العراق القديم وكانت اللغة المهيمنة في القسم الجنوبي من بلاد ما بين النهرين وما يعرف الآن ببلاد خوزستان في إيران وهي نفس اللغة التي يستخدمها الصابئة المندائيون اليوم في كتبهم ونصوصهم الدينية .
ربما تكون أول شخصية تذكر في تاريخ المندائيين هو امرأة اسمها ( شلاما بنت قدرا ) ، وهذه المرأة ، التي تسمى باسم امها / او معلمتها في الكهانة ، هي اقدم امرأة (مندائية ) ورد اسمها على انه ناسخة النص المعروف بالكنزا شمالا كتاب المندائيين المقدس الذي يتألف من قسمين (يمين شمال) والجزء الأيسر بشكل نصوص شعرية يتناول صعود النفس إلى عالم النور .. و[الكنزا ربا] هو اقدم نص مندائي . وتعود شلاما هذه إلى سنة 200 بعد الميلاد ، وهي بذلك تسبق بعدة اجيال الناسخ المندائي الشهير زازاي بر گـويزطه سنة 270 بعد الميلاد والذي يعودالى حقبة (ماني) .
في زمن الدولة الفارسية تمتع المندائيون تحت حكم الملك أدشير الأخير بحماية الدولة (الامبراطورية) ولكن الأمر تغير حين جاء إلى السلطة الملك الساساني بهرام الأول سنة 273 ، اذ قام باعدام ( ماني ) في بداية حكمه بتأثير من الكاهن الزرادشتي الأعظم (كاردير ) .
وامتد الاضطهاد الساساني الديني ليشمل أتباع الديانات الأخرى الغير زرادشتية مثل المندائية والمانوية واليهودية والمسيحية والهندوسية والبوذية.
ويمكننا أن ننتهي إلى أن المندائيين قاموا بجمع تراثهم وأدبهم الديني وترتيبه وحفظه وهذا واضح في الجهود المكثفة التي قام بها الناسخ (زازاي ) في هذا المجال.
لكن حملة الاضطهاد الشعواء التي قادها الحبر الأعظم للزرادشت (كاردير) لم يستطع القضاء تماما على المندائية، ولكن التدوين توقف تماما لعدة قرون ولم نشاهد التأثيرات والكتابات المندائية الا فيما يسمى بأوعية ( قحوف ) الأحراز والأشرطة الرصاصية .
أصبح المندائيون في العصر الساساني الكتبة والنساخ الرئيسيين للوثائق الرسمية بكل اللهجات السائدة ، واهتموا باللغات فاصبحوا همزة الوصل بين الاقوام العربية والآرامية وبين الفرس الساسانيين ومن ثم الجيوش اليونانية التي غزت العراق في القرن الرابع قبل الميلاد واتخذت من بابل عاصمة لها تحت قيادة الاسكندر المقدوني، وقاموا بترجمة أساطير وعلوم بابل إلى لغة الأغريق .
كانت الكثرة من أهل المدائن (طيسفون) عاصمة الفرس الساسانيين الشتوية من الآراميين والمندائيين و فيها لهم معابد عديدة، وازدادت أعدادهم في الفترة الساسانية خصوصاً شرق دجلة وضفاف الكرخة والكارون فاستوطنوا ديزفول (عاصمة بلاد عيلام) والأهواز والخفاجية والبسيتين والمحمرة وكان أغلب سكان شوشتر من المندائيين الصابئة، كما أصبحت الطيب (طيب ماثا) أهم حاضرة لهم.
وتفوقوا في صناعة الذهب والفضة والأحجار الكريمة التي كانت تجلب من مملكة آراتا في المرتفعات الإيرانية ، أما القسم الأكبر منهم فقد امتهن الفلاحة وزراعة الارض واستوطنوا الاهوار وضفاف الأنهار وقاموا بتنظيم قنوات الري في أرض السواد ، وأسسوا لهم حواضر مهمة مثل كـوثـا و سـورا ، وقد اطلق عليهم العرب تسمية أنباط أو ( نبت ) كونهم ينبتون الآرض .
كان المندائيون قد أعتبروا من قبل الاسلام على أنهم من أهل الكتاب ، إذ أن بالتعبير (( الصابئين )) الذي ورد في القرآن الكريم، في ثلاث آيات كانت تقصد تلك الجماعة العراقية التي آمنت بالتوحيد و اتخذت التعميد شعارا ورمزا لها.
أما النص المندائي التاريخي الأهم هو الذي يبين بأنه عندما جاء الاسلام وجعل يميز بين الأديان ذات الكتب المنزلة والأديان التي لم تكن موجهة من السماء قدم الريشما ( آنوش بن دنقا ) 639 ـ 640 ميلادية ـ الذي ترأس وفد الصابئة المندائيون ـ كتابهم المقدس كنزا ربا (الكنز الكبير) للقائد العربي الاسلامي آنذاك ، وربما كان سعد بن أبي وقاص، وأطلعه على ديانتهم كما ذكر له بأن نبيهم هو يحيى بن زكريا الذي يجله المسلمون فقبل منهم ذلك وأكرمهم.
ظل المندائيون يؤكدون على أن المندائيون ذو معتقد واحد أينما حلت أمكنتهم حتى فيما يهم صابئة حران وهذا أجادت فيه رؤية العالم العربي الكندي عنهم قوله كما ذكره أبن النديم في الفهرست :
( بان دعوة هؤلاء القوم كلهم واحدة وسنتهم وشرائعهم غير مختلفة وان قبلتهم واحدة فقد صيروها لقطب الشمال وقصدوا بذلك البحث عن الحكمة وان المفترض عليهم من الصلاة في كل يوم ثلاث ولا صلاة عندهم الأعلى طهور والمفترض من الصيام ثلاثون يوما وعليهم الغسل من الجنابة وتغيير الثياب ومن مس الطامث ويتركون الاختتان ولا يحدثون على فعل الطبيعة حدثا ويتزوجون بشهود وفريضة الذكر والأنثى سواء ولا طلاق إلا بحجة بينة عن فاحشة ظاهرة ).
ولكن بعض العلماء المهتمين بالديانات الشرقية القديمة ومنها المندائية يؤكدون أن الترابط العضوي والاجتماعي والديني قائم بين صابئة حران وصابئة البطائح وهذا ما لا ينكره المندائيون اليوم، ويؤكده الدارسون كما يذكره العالم الألماني البروفيسور كورت رودولف في حوار معه ظهر في صحيفة الحياة بتاريخ 8 / 12 / 2004 قوله : (( هناك نصوصاً تشير الى أن المندائيين الأوائل تعرضوا لاضطهاد اليهود ، الأرثوذكس منهم على وجه الخصوص, فتركوا سورية وفلسطين لاحقاً وتوجهوا عبر تلال الجزء الشمالي من وادي الرافدين الى الجزء الجنوبي منه, ربما في رحلة استغرقت نحو 100 عام وبدأت في القرن الأول الميلادي قبل أن يصلوا الى جنوبي وادي الرافدين في القرن الثاني. بالتأكيد قد يكون هناك أفراد من بابل أو جنوب وادي الرافدين ممن اعتنقوا المندائية, لكن لا بد أنه كان هناك أشخاص آخرون على معرفة بالطقوس والتعميد قدموا من الغرب. وأعتقد بأننا لا نستطيع تفسير كل ما يتعلق بالمندائيين من ميثولوجيا وثيولوجيا وأيديولوجيا وغيرها استنادا الى أواني الأدعية وحدها. لكنها نظرية أو فرضية.))
*الموطن ومناطق تواجدهم وعددهم:
موطن الصابئة هو العراق أو الأصح (بلاد ما بين النهرين)، ويسميهم العراقيون بالعامية «الصبه»، ويعيشون على ضفاف الأنهار وخاصة دجلة، وهم جزء من سكان العراق الأوائل عبر تاريخه الحضاري. ويشكلون أقلية دينية مازالت تمارس طقوسها ودياناتها إلى الآن .
لقد ذكر في كتب المؤرخين العرب القدماء بأن الصابئة كانوا يسكنون بطائح العراق، وفي أماكن أخرى غير بلاد وادي الرافدين منها حران وفلسطين والشام وهم عموما يسكنون على ضفاف الانهار لما للماء والطهارة من اهمية في حياتهم الدينية والروحية ..
وعند الفتح الاسلامي واقامة الدولة الاسلامية كان يوجد أعداد كبيرة من الصابئة في بطائح العراق ، في المناطق السفلى لنهري دجلة والفرات بالذات، وفي بطائح عربستان من إيران.
اما الآن فمركز الطائفة هو مدينة بغداد اضافة إلى تواجدهم في أغلبية المحافظات العراقية مثل العمارة والبصرة والناصرية والكوت و ديالى والديوانية ..
إضافة إلى تواجدهم كأقلية في مدينة الأهواز والمحمرة في إيران..
ويبلغ تعدادهم الآن تقريبا 70 ألف نسمة في العالم..
إن هذه اللغة اليوم تعد بكل المقاييس لغة مهددة بالإنقراض حيث لا يتحدث اللغة المندائية من المندائيين البالغ عددهم في جميع أنحاء العالم حوالي 60000 نسمة أكثر من 100 شخص. يشكل رجال الدين نسبة 40% تقريبا منهم بحكم أن الطقوس الدينية المندائية التي يجريها رجال الدين تتم باللغة المندائية،
ويبلغ تعدادهم الآن تقريبا 70 ألف نسمة في العالم

البيضـاء بـرس » الأخبار »  اخبـــار مـحافـظة البـيـضـاء  »  منوعات وترفيه
الصابئة المندائيون يحتفلون بعيد رأس السنة المندائية..من هم الصابئه ؟!
 بتاريخ : الأربعاء 21-07-2010 01:18 صباحا          


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق