الثلاثاء، 31 مايو 2011

الأصمعيات الجزء الأول


الأصمعيات

 المؤلف : الأصمعي

هذا مجموع الأصمعيات        الجزء الأول من اثنان     ويليه الجزء الثانى

قال

 الأسْعَرُ الجُعْفيُّ

 أبُلِغْ أبَا حُمْرانَ أَنَّ عَشِيرَتي ... ناجَوْا ولِلقَومِ المُناجينَ التِوا

 باعُوا جَوَادَهُمُ لِتَسْمَنَ أُمُّهُمْ ... ولِكي يَعُودَ عَلىْ فِرَاشِهِمُ فَتَى

 عِلْجٌ إذا مَا بَزَّ عَنهَا ثَوبَها ... وتَخامَصَتْ قالَتْ لَهُ مَاذَا تَرَى

 لكِنْ قَعِيدَةُ بَيتِنَا مَجْفُوَّةٌ ... بادٍ جَناجِنُ صَدْرِها وَلَهَا غُنَى

 تُقفي بِغَيْبةِ أَهْلِها وَثّابَةً ... أوْ جُرْشُعاً عَبْلَ المَحَازِمِ والشَوَى

 ولقَدْ عَلِمْتُ عَلَى تَجَشُّمي الرَدَى ... أنَّ الحُصُونَ الخَيْلُ لا مَدَرُ القُرَى

 رَاحُوا بَصَائِرُهُمْ عَلى أكْتَافِهِمْ ... وبَصِيرَتي يَغْدُو بِهَا عَتَدٌ وَأَي

 نَهْدُ المَرَاكِلِ مُدْمَجٌ أرْساغُهُ ... عَبْلُ المَعَاقِمِ ما يُبالي ما أَتى

 أَمَا إِذَا اسْتَقبَلتَهُ فَكَأَنَّهُ ... بازٌ يُكَفْكَفُ أَنْ يَطِيرَ وقدْ رَأَى

 وإِذِا هُوَ اسْتَدْبَرْتَهُ فَتَسُوقُهُ ... رِجْلٌ قَمُوصُ الوَقْعِ عارِيَةُ النَسَا

 وإذِا هُوَ اسْتَعْرَضْتُهُ مُتَمَطِراً ... فَتَقُولُ هَذَا مِثْلُ سِرْحانِ الغَضَا

 إنّي رَأيْتُ الخَيْلَ عزَّاً ظاهراً ... تُنجي مِنَ الغُمَّى ويَكشِفْنَ الدُجَى

 ويَبِتنَ بالثَغرِ المَخُوفِ طَلائِعاً ... ويبِتْنَ لِلصُعْلُوكِ جَمَّةَ ذِي الغِنى

 وإِذَا رَأيتَ مُحارِباً ومُسَالِماً ... فلْيَبْغِنِي عِنْدَ المُحاربِ مَنْ بَغَى

 وخَصاصَةُ الجُعفيِّ ما صاحَبْتَهُ ... لا تَنْقَضي أَبَداً وإِنْ قِيلَ انقَضَى

 مَسَحُوا لِحَاهُمْ ثُمَّ قَالوا سالِمُوا ... يَا ليتَني في القوْمِ إذْ مَسَحُوا اللِحَى

 وكَتيبَةٍ وَجَّهتُها لِكَتيبَةٍ ... حتَّى تقولَ سرَاتُهُمْ هذا الفتَى

 لا يَشْتَكُونَ غيرَ تَغَمْغُمٍ ... حَكَّ الجِمالِ جُنُوبَهُنَّ مِنْ الشَدَا

 يَخرُجْنَ من خَلَلِ الغُبارِ عَوابِساً ... كأَصَابعِ المَقرُورِ أَقْعَا فاصْطلى

 يَتَخالسُون نُفُوسَهُمْ بِرِمَاحِهِمْ ... فَكَأنَّمَا عَضَّ الكُماةُ عَلى الحَصَا

 يَا رُبَّ عَرْجَلَةٍٍ أَصَابُوا خَلَّةً ... دَأَبُوا وَحارَدَ لَيْلُهُمْ حتَّى بَكَى

 بَاتَتْ شَآمِيَةُ الرِياحِ تَلُفُّهُمْ ... حتَّى أَتَوْنَا بَعدَ ما سقطَ النَدَى

 فَنَهَضْتُ في البَرْكِ الهُجُودِ وفي يَدي ... لَدْنُ المَهَزَّةِ ذُو كُعُوبٍ كَالنَوَى

 أحْذَيْتُ رُمْحى عائِطاً مَمكُورَةً ... كَوَماءَ أَطرافُ العِضا لَها خَلا

 باتَتْ كِلابُ الحيّ تنبحُ بينَنَا ... يَأكُلنَ دَعلَجَةً ويَشبَعُ مَنْ عَفَا

 ومِنَ اللَيَالي لَيلَةٌ مَزءودَةٌ ... غَبراءُ ليسَ لِمَنْ تَجسَّمَها هُدَى

 كلَّفتُ نَفسِي حَدَّها وَمِراسَها ... وَعَلِمْتُ أنَّ القومَ ليسَ لهُمْ غَنَى

 وَمُرَأَّسٍ أقصدْتُ وَسْطَ جمُوعِهِ ... وعِشارِ رَاعٍ قَد أخذْتُ فَمَا تُرى

 ظلَّتْ سَنابِكُها على جُثمانِهِ ... يلعَبْنَ دُحْرُوجَ الوَليدِ وقَدْ قَضَى

قال

 عدِي بن رعّلاء الغَسّاني

 رُبَّما ضَربَةٍ بسيفٍ صَقِيلٍ ... دُونَ بُصرَى وَطَعْنَةٍ نَجلاءِ

 وغَمُوسِ تَضِلُّ فيها يَدُ الآ ... سِى ويَعيَي طبِيبُها بالدَواءِ

 رفعُوا رايةَ الضِرابِ وآلوا ... ليَذُودُنّ سامِرَ المَلحاءِ



فَصَبَرْنَا النُفُوسَ للطَعنِ حتَّى ... جرَتِ الخيلُ بينَنا في الدماءِ

 لَيْسَ مَنْ ماتَ فاستراحَ بِمَيْتٍ ... إنَّمَا المَيْتُ مَيِّتُ الأحياءِ

 إنَّما المَيْتُ مَنْ يعيشُ ذليلاً ... سِيئًّا بالُهُ قليلَ الرجاءِ

قال

 رَجُلٌ من غَنِيٍ

 إنَّ العواذِلَ قد أتعبنَني نَصَبَا ... وَخِلتُهُنَّ ضعيفاتِ القُوى كُذُبَا

 ألغادِياتِ عَلى لَوِم الفَتَى سَفَهاً ... فِيمَا استفادَ ولا يَرْجِعْنَ ما ذهَبَا

 يا أيُّها الراكبُ المُزْجِى مَطيَّتهُ ... لا نِعمَةً تَبتَغي عندي وَلا نَسَبا

 أعْص العَواذِلَ وَارمِ الليلَ عنْ عُرُضٍ ... بذي سَبيبٍ يُقَاسي لَيلَهُ خَبَبا

 نَاتي المَعَدَّينِ خاظٍ لحْمُهُ زِيمٌ ... سامٍ يَجُرُّ جِيادَ الخيلِ مُنجَذِبا

 مِلْءِ الحِزامِ إذا مَا اشتدَّ مِحْزَمُهُ ... ذِي كاهِلٍ ولَبَانٍ يَمْلأ اللَّبَبَا

 يَظَلُّ يَخْلِجُ طَرْفَ العَينِ مُشتَرِفاً ... فَوقَ الأكامِ إذا مَا انتصَّ وارتَقَبَا

 كَالسَمْعِ لَمْ يَنْقُبِ البَيْطارُ سُرَّتَهُ ... وَلمْ يَدِجْهُ ولمْ يَضرِبْ لَهُ عَصَبا

 عارِي النَواهِقِ لا يَنْفَكُّ مُقْتَعَداً ... في المُطنِباتِ كَأسرَابِ القطَا عُصُبا

 تَرَى العَنَاجِيجَ تُمرَى بعدَ مالَغِبَتْ ... بالقِدِّ مَرْيَا ومَا يُمرَى ومَا لَغِبا

 يُدنِي الفَتَى لِلغِنَى في الراغِبِينَ إذَالَيْلُ الِتمامِ أهَمَّ المُقْتِرِ العَزَبا

 حتَّى يُصادِفَ مالاً أو يُقالَ فتىً ... لاقى اللّتي تَشعبُ الفِتيانَ فانشَعَبَا

 إنَّ ابتِياعَكَ مَوْلَى السَوْءِ تسألُهُ ... مِثلُ القُعُودِ ولَمَّا تَتَّخِذْ نَسبَا

 إذَا افتَقَرْتَ نَأي واشتدَّ جَانِبُهُ ... وإنْ رَآكَ غَنيَّاً لانَ واقتَرَبا

 وذُو القَرابَةِ عِندَ اللَيلِ تَطلُبُهُ ... هُوَ البَعيدُ إذَا ما جِئْتَ مُطَّلِبا

 لا يَحملنَّكَ إقتارٌ على زُهُدٍ ... ولا تَزَلْ في عَطاءِ الله مُرتَغِبا

 لا بَلْ سَلِ الله ما ضَنُّوا عَلَيْكَ بهِ ... ولا يَمُنُّ عَليكَ المَرءُ ما وَهَبا

 ألا تَرى إنَّمَا الدُنيَا مُعلَّلةٌ ... أصحابُها ثم تَسري عنْهُمُ سَلبَا

 بَيْنَا الفتَى في نَعيمٍ يطمئِنُّ بهِ ... ردَّ البَئِيسَ عليهِ الدَهرُ فانقلَبا

 أو في بَئيسٍ يقاسيهِ وفي نَصَبٍ ... أَمسَى وقدْ زايلَ البأساءَ والنصَبا

 ومن يُسوِّي قصيراً باعُهُ حَصِراً ... ضيقَ الخليقَةِ عَثّاراً إذَا ركِبا

 بِذِي مَخارِجَ وضّاحٍ إذَا نُدِبُوا ... في الناسِ يَوماً إلى المَخشِيَّةِ انتَدَبا

 لا تكُ صَبّاً إذَا استَغْنى أضَرَّ ولمْ ... يحفِلْ قرابَةَ ذي قُربَى ولا نَسَبا

 الله يُخلِفُ ما أنفقتَ مُحتَسِبَاً ... إذا شَكرتَ ويؤتِيكَ الَّذي كَتَبا

 مِثلي يَرُدُّ على العادي عدَاوَتَهُ ... ويُعْتبُ المرءَ ذَا القُربَى إذا عَتَبا

 تَحمِي عليّ أُنُوفٌ أنْ أَذِلَّ وَلا ... يَحمي مُنَاوِئُهَا أنفاً ولا ذَنَبا

 أَنَا ابنُ أعصُرَ يسمو للعُلى وتري ... فيمنْ أُقاذِفُ عن أعراضِهِمْ نَكِبا

 إذَا قُتيبَةُ مدَّتني حَوالِبُها ... بالدُهْمِ تَسمَعُ في حافاتِها لَجَبا

 مَدّّ الخليجِ تَرَى في مَدَّه تأقَاً ... وفي الغَواربِ مِنْ آذِيِّهِ حَدَبا

 لايمنعُ الناسُ منّي ما أرَدْتُ ولا ... أُعطِيهُمُ ما أرادوا حَسْنَ ذَا ادَبا

 لا يَخفضُ الحربُ للدُّنيا إذا استعرَتْ ... ولا تَبوخُ إذا كُنَّا لَهَا شُهُبا



حتَّى نَشُدَّ الأسَارَى بعدَ مَافزَعُوا ... مِنْ بَيْنِ مُتّكئ قَدْ فاظَ أوكَرَبا

 سَائِلْ بناحيَّ عَليَاءٍ فقدْ شرِبُوا ... مِنَّا بِكأسٍ يستَمرِثوا الشُرُبا

 إنَّا نَحُسُّهُم بالمَشرَفيّ وهُمْ ... كالهِيمِ تَغشي بايْدي الذادةِ الخَشَبا

 قال بَعضُهُمْ

 كيفَ قرَيتَ ضيفكَ الأزَبَّا

 لمَّا آتَاكَ بائِساً قِرشبَّا

 يَنشِدُكَ الزادَ وكُنتَ لِزبَا

 قُمتَ إليهِ بالقَفِيل ضَربَا

 ضَرْبَ بَعيرِ السُوءِ إذْ أحبَّا

 كأنَّما تُلْحِكُ فاهُ الزبَّا

قال

 الحَكَمُ الخُضْرِي

 إلي ابنِ بِلالٍ جَوْبَي البيدَ والدُّجَى ... بزيّافَةٍ إنْ تَسمعِ الزَجرَ تَغضبِ

 إذا غَضِبتْ أنْ يُزجَرَ العِيسُ خَلفَهَا ... تُنَاطحُ مِنْ مِسمارٍ ساجٍ مُضبَّبِ

 مُحنَّبةُ الرجلَينِ حَرفٌ كأنَّها ... قطاةٌ متَى يُتْمِمْ لها الخِمسُ تَقْرُبِ

 إذا استودَعَتْ فَرْخينِ بَيْدَاءَ قَلَّصتْ ... سماويَّةَ المُمسَى نجاةَ التَقَلُّبِ

 فَجاءَتْ مَعَ الإشراقِ كدراءِ رادةً ... فحَامَتْ قليلاً في مَعانٍ ومَشربِ

 فلمَّا استقَتْ طارَتْ وَقَدْ تَلَعَ الضُّحَا ... بِشِرْبِ قَرَتْهُ في زُهيدٍ مُحَبَّبِ

 فكرَّتْ فأمَّتْ حيثُ جاءَتْ كأنَّها ... دَلاءٌ هوَتْ مِنْ كفِّ ساقٍ ومُكْرِبِ

 إذا استقبَلَتْها الريحُ صدَّتْ بخطمِها ... قليلاً وحثَّتْ مِنْ نَجاءٍ مُنحَّبِ

قال

 عُقْبَة بن سابِق

 وَخرْقٍ سَبسَبٍ يَجْرِي ... عَلَيهِ مورَة؟ٌ؟ جَدْبِ

 تعسَّفْتُ على وَجْنا ... ءَ حَرْفٍ حَرَجٍ رَهْبِ

 طَليحٍ كالفَنِيقِِ القَط ... مِ المُستَكْبِرِ الصَعبِ

 تَهادَى بالرُّدَافَا و ... تَشَكَّى وَجَعَ النَكْبِ

 وعَنْسٍ قد برَاهَا لَذَّةُ المَوكِبِ والشَّرْبِ

 رفَعْنَاهَا ذَمِيلاً في مُعَالاً مُعمَلٍ لَحْبِ

 وقد أغْدو بطِرِفٍ هَيكلٍ ذي خُصَلٍ سَكبِ

 آسيلٍ سَلْجَمِ المُقبلِ لا شَخْتٍ ولا جأُبِ

 مِسَحٍّ لا يُواري العَيرَ مِنهُ عَصُرُ اللِهْبِ

 لهُ ساقَا ظَليمٍ خا ... ضِبٍ فُوجئَ بالرُّعبِ

 وقُصرَا شنِجٍ الأنسَا ... ءِ نبّاحٍ من الشُعبِ

 وَمتْنانِ خظَاتَانِ ... كزُحْلُوفٍ من الهَضبِ

 تَرَى فاهُ إذا أقبلَ مِثلَ السَلَقِِ الجَدبِ

 لهُ بينَ حَوَاميه ِنُسُورٌ كنَوَى القَسْبِ

 حديدُ الطَرْفِ والمنْكبِ والعُرقُوبِ والكَعْبِ

 جوادُ الشدِّ والتَّقريبِ والإحضارِ والعَقبِ

 يَخُدُّ الأرضَ خدّاً بِصُمُلٍّ سَلِطٍ وَأبِ

 يدِينُ البيتَ مَربُوطاً ويَشفي قَرَمَ الرَكبِ

 ويُردي الخاضٍبَ الآخْرَ ... جَ في ذي عَمَدٍ صُهبِ

 وفَحلَ العَانةِ الجُونِ الخِماصِ النُحُضِ الُحقْبِ

 يهُزُّ العُنُقَ الأجرَ ... دَ في مُستأمَنِ الشَعْبِ

قال

 أسْماءُ بن خارجَة الفزاري

 إنّي لَسائِلُ كُلِّ ذي طِبِّ ... ماذا دواءُ صَبابةِ الصبِّ

 ودواءُ عاذِلَةٍ تُباكِرُني ... جَعَلتْ عتِابي أوجَبَ النَحْبِ

 أوَ ليسَ مِنْ عَجبٍ أُسائِلُكم ... ما خطبُ عاذِلَتي ومَا خَطبِي

 أَبِهَا ذَهَابُ العَقلِ أم عَتَبَتْ ... فأُزِيدَهَا عتباً علىعتبِ

 أوَلم يُجرِبْني العَواذِلُ أوْ ... لمْ أبلُ من أمثالِهَا حَسبِي

 ما ضرَّهَا ألا تُذَكرَني ... عيشَ الخِيامِ ليالي الخِبِّ

 ما أصبحَتْ بشرٌ بأحسنَ في ... ما بينَ شَرقِ الأرضِ والغَرْبِ

 عَرَفَ الحِسَانُ بها جُوَيرِيةً ... تَسْعَى معَ الأترَابِ في إتْبِ



بِنتَ الذينَ نبيَّهُمْ نَصَرُوا ... والحقُّ عندَ مواطنِ الكَربِ

 والحيُّ من غَطفانَ قد نزَلُوا ... مِنْ غزةٍ في شامخٍ صَعْبِ

 بدَلُوا لكلِّ عِمارةٍ كَفرَتْ ... سُوقَينِ مَنْ طعنٍ ومن ضَرْبِ

 حتَّى تحصَّنَ مِنهمُ من دُونَهُ ... ما شاءَ مِنْ بحرٍ ومن دَرْبِ

 بلْ رُبَّ خَرْقٍ لا أنيسَ به ... نابِي الصُوى مُتماحلٍ شَهْبِ

 ينَسَى الدليلُ به هِدَايتَهُ ... مِنْ هَوْلِ ما يَلْقَى منَ الرَعْبِ

 ويَكادُ يَهلِكُ في تَنائِفِه ... شأوُ الفريغِ وعَقبُ ذِي عَقبِ

 وبهِ الصدَى والعزفُ تحسِبُهُ ... صَدْحَ القيانِ عَزَفْنَ لِلشَرْبِ

 كابَدْتُهُ بالَّليل أعسِفُهُ ... في ظُلمَةٍ بسَواهِمٍ حُدْبِ

 ولقَدْ ألمَّ بنا لنَقْريَهُ ... بادِي الشقاءِ مُحَارَفُ الكَسْبِ

 يدعُو الغِنَا إنْ نالَ عُلْقتَهُ ... مِنْ مطْعمٍ غِبَّا إلي غِبِّ

 فطَوى ثَمِيلتَهُ فألحَقَها ... بالصُّلبِ بعدَ لُدُونةِ الصُلْبِ

 فأضلَّ سعيُكَ ما صنَعْتَ بِما ... جمَّعتَ من شُبٍّ إلى دُبِّ

 فجَعلتَ صالِحَ ما أخترشتَ ومَا ... جمَّعْتَ من نَهْبٍ إلى نَهْبِ

 وأظنُّهُ سَغِباً تَذِلُّ بهِ ... فلقدْ مُنيتَ بِغايَةِ السغْبِ

 إذْ ليسَ غيرَ مناصِلٍ يُعصا بهَا ... ورِحالِنا ورَكائِبِ الرَكبِ

 فأعمِدْ إلى أهلِ الوقيرِ فإنَّمَا ... يخشَى شذاكَ مرابِضُ الزَرْبِ

 أحسِبتنِا ممَّنْ تُطيفُ بهِ ... فاخترتَنَا للأمنِ والخِصبِ

 وبغيرِ معْرِفةٍ ولا نَسبٍ ... أنَّي وشعْبُكَ ليسَ من شَعْبِي

 لمَّا رأى أنْ ليسَ نافعَهُ ... جدٌّ تهاوَنَ صادِقَ الإربِ

 وألحَّ إلحاحاً بِحاجَتِهِ ... شكوَى الضريرِ ومَزْجَرَ الكَلبِ

 ولدُ التكَلُّحِ يشتَكي سَغَباً ... وأنا ابنُ قاتلِ شِدَّةِ السَغْبِ

 فرأيتُ أنْ قد نلتُهُ بأذى ... مِنْ عُدمِ مَثلبَةٍ ومن سَبِّ

 ورأيتُ حقاً أنْ أضيِّفَهُ ... إذْ رامَ سِلْمِى وأتَّقى حَرْبي

 فوقفْتُ مُعتاماً أُزاوِلُها ... بمُهندٍ ذي رَونقٍٍ عَضْبِ

 فعرَضتُهُ في ساقِ أسمَنِها ... فأختارَ بينَ الحاذِ والكعْبِ

 فتَرَكتُهَا لعيالِهِ جزرَاً ... عمداً وعلَّقَ رحلَهَا صَحْبِى

قال

 دُرَيْدُ بن الصِمَّة

 يَا راكباً إمَّا عَرَضْتَ فبلِّغنْ ... أبا غالبٍ أنْ قَدْ ثأَرْنَا بِغالِبِ

 وأبلِغْ نُميراً أنْ عرضْتَ بدارِها ... على نأَيهَا فأيُّ مَوْلاً وطالبِ

 قَتلْتُ بعْبدِ الله خيرَ لِدَاتهِ ... ذُؤَابَ بْنَ أسماءَ بْنِ زَيدِ بنِ قاربِ

 فَلِليَوْمِ سُمِّيتُمْ فَزارةَ فاصبِرُوا ... لِوَقْعِ القنا تَنْزُونَ نَزْوَ الجَنَادِبِ

 تَكُرُّ عَليهِمْ رجْلَتي وفَوارسِي ... وَأكْرِهُ فِيهِمْ صَعْدَتي غَيْرَ ناكِبِ

 فإنْ تُدْبِرُوا يأُخُذْنَكُمْ في ظُهُورِكُمْوإنْ تُقْبِلُوا يأُخُذْنكُمْ في التَرائِبِ

 وإنْ تُسْهِلُوا للخيلِ تُسهِلْ عليكُمُ ... بطعْنٍ كإيزاعِ المَخاضِ الضواربِ

 إذا أحزَنُوا تَغشَى الجِبالَ رجالُنَا ... كمَا استوفَزَتْ فُدْرُ الوُعُولِ القَراهِبِ

 ومرَّةَ قَدْ أخرَجْنَهُمْ فتَرَكنهُمْ ... يَروغُونَ بالصَلعاءِ روغَ الثَعالِبِ

 وأشجَعَ قَدْ أدركنَهُمْ فترَكنَهُمْ ... يَخافُونَ خَطْفَ الطَيْرِ مِنْ كُلِّ جانِبِ

 وثَعْلَبَةَ الخُنْثَى ترَكْنَا شَرِيدَهُمْ ... تَعِلَّةَ لاهٍ في البِلادِ ولاعبِ



ولولا جنانُ الليلِ أدركَ ركْضُنَا ... بذي الرمثِ والأرطي عياضَ بنَ ناشبِ

 فليتَ قبوراً بالمخاضةِ أخبرَتْ ... فتُخبرُ عنَّا الخُضرَ خُضرَ مُحاربِ

 رَدَسناهُمُ بالخيلِ حتَّى تملأّتْ ... عوافي الضِباعِ والذِئابِ السَواغبِ

 ذَرِيني أُطوُّفْ في البلادِ لعلَّني ... أُلاقي باثْرٍ ثُلّةً مِنْ مُحاربِ

 وأنتَ أمرؤٌ جَعدُ القفَا متعكِسٌ ... مِنْ الأقِطِِ الحوليِّ شبعانُ كانِبِ

قال

 أبو النَشْناش النَهْشَليّ اللِصُّ

 وسائلةٍ أينَ الرحيلُ وسائِلٍ ... ومِنْ يسألُ الصُعْلُوكَ أينَ مَذاهِبُهْ

 وداويَّةٍٍ يَهماءَ يُخشَى بهَا الرَدَى ... سَرَتْ بأبي النَشْناشِ فِيها ركائِبُهْ

 ليُدركَ ثأراً أو ليُدركَ مغنماً ... جزيلاً وهذَا الدهرُ جَمَّ عجائِبُهْ

 إذَا المرءُ لم يَسْرَحْ سَواماً ولم يُرِحْ ... سواماً ولم تَعْطِفْ عليهِ أقاربُهْ

 فللموتُ خيرٌ للفتى من قُعودهِ ... فقيراً ومِن مولى يدبُّ عقاربُهْ

 ولم أََر مثلَ الهمِّ ضاجعَهُ الفتَى ... ولا كسوادِ الليلِ أخفقَ طالبُهْ

 فمُتْ مُعدِماً أوعشْ كريماً فإنَّني ... أرى الموتَ لاينجُو من الموتِ هاربُهْ

 ولوْ كانَ شيءٌ ناجياً من مَنَّيةٍ ... لكانَ أثيرٌ يومَ جاءَتْ كتائبُهْ

قال

 أُمْرُؤُ القَيسِ

 ألا يا لهفَ هندٍ من أُناسٍ ... هُمُ كانُوا الشِفاءَ فلمْ يُصابُوا

 وقاهُمْ جدُّهم ببني أبيهِمْ ... وبالأشقيْنَ ما كانَ العِقابُ

 وأفلتَهُنَ علباءٌ جَريضاً ... ولو أدرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطابُ

قال

 كَعْبُ بن سَعْد الغنويّ

 أخي ما أخي لا فاحِشٌ عندَ بيتِهِ ... ولا ورِعٌ عندَ اللقاءِ هَيُوبُ

 هو العسلُ الماذيُّ حِلْماً ونائلاً ... وليثٌ إذا يَلقَي العدوَّ غَضُوبُ

 لقدْ كان أمَّا حِلمُهُ فَمُرَوَّحٌ ... علينَا وأمَا جهلُهُ فعَريبُ

 حليمٌ إذَا مَا سورةَ الجهلِ أطلقَتْ ... حُبَا الشيْبِ للنفسِ المَجُوجِ غَلُوبُ

 هوتْ أمُّهُ ما يبعثُ الصبحَ غادِياً ... ومَا ذَا يُؤدي الليلَ حينَ يَؤُوبُ

 كعاليةِ الرمحِ الرُدينيّ لمْ يكُنْ ... إذَا ابتدَرَ الخيلَ الرجالُ يخِيبُ

 أخو شتَواتٍ يعلَمُ الضيفُ أَنَّهُ ... سيَكثُرُ ما في قدرهِ ويطيبُ

 إذَا حلَّ لمْ يُقصِ المحلَّةَ بينَهُ ... ولكنَّهُ الأدنَى بحيثُ يَثُوبُ

 حبيبٌ إلى الجُنَاءِ غَشيانُ بَيتِهِ ... جميلُ المُحيَّا شبَّ وهوَ أديبُ

 يَبيتُ الندَى يا أمَّ عمروٍ ضجيعَهُ ... إذَا لَمْ يكنْ في المُنقِياتِ حَلُوبُ

 إذَا نزَلَ الأضيافُ أو غِبتَ عنهُمُ ... كَفَا ذاكَ وضَّاحُ الجبينِ أريبُ

 وداعٍ دَعَايَا مَنْ يُجيبُ إلى النَدَى ... فلَمْ يستَجِبْهُ عندَ ذاكَ مُجِيبُ

 فقُلتُ ادعُ أُخرَى وأرفعِ الصوتَ دعْوَةً ... لعلَّ أبَا المِغوارِ مِنْكَ قريبُ

 يُحبكَ كمَا قدْ كانَ يَفْعَلُ إنَّهُ ... بَأمثالِها رَحبُ الذِراعِ أرِيبُ

 كأنَّ أبَا المِغوارِ لمْ يُوفِ مَرقَباً ... إذَا رَبَأ القومَ الغزاةَ رقيبُ

 ولمْ يَدعُ فتياناً كِراماً لِميسرٍ ... إذَا اشتدَّ مِنْ ريحِ الشتاءِ هُبوبُ

 فإنِّي لباكِيهِ وإِنِّي لصادقٌ ... عليهِ وبعضُ الباكياتِ كذُوبُ

 فتىً أريحيٌّ كانَ يهتزُّ بالندَى ... كمَا اهتَزَّ مِنْ ماءِ الحديدِ قضِيبُ



وحدَّثتُماني أنَّما الموتُ في القُرَى ... فكيفَ وهَاتَا هضبَةٌ وقلِيبُ

 وماءُ سماءٍ كانَ غيرَ مجمَّدٍ ... ببريَّةٍ تَجري عليْهِ جنوبُ

 تَرى عَرَصاتِ الحيِّ تُمسي كأنَّها ... إذَا غابَ لَمْ يَحْلُلْ بِهِنَّ عريبُ

 لَيَبْكِكَ سَمحٌ لمْ يجِدْ مَنْ يُعينُهُ ... وطَاوي الحَشَا ناءي المَزَار غَرِيبُ

 تُرَوِّحُ تَزْهَاهُ صَباً مستطيفَةٌ ... بكلِّ ذُرى والمُستَرَادُ جَدِيبُ

قال

 عريقة بن مُسافع العبسي

 تقولُ سُليمَى مَا لِجسمِكَ شاحِباً ... كأنَّكَ يَحميكَ الشرابَ طبيبُ

 فقلتُ ولمْ أَعي الجوابَ ولمْ أُلِحْ ... ولِلدَهرِ في صُمِّ السلامِ نصيبُ

 تَتَابُعُ أحداثٍ تَخَرَّمْنَ إِخوَتي ... وشيَّبْنَ رأَسي والخُطُوبُ تُشيبُ

 أََتى دونَ حُلوِ العيشِ حتَّى أمَرَّهُ ... نُكُوبٌ على آثارِهنَّ نُكُوبُ

 لَعَمْري لَئِنْ كانتْ أصابَتْ مُصيبةٌ ... أَخي والمَنَايَا للرجالِ شَعُوبُ

 أَخي كانَ يَكفيْني وكانَ يُعينُني ... على نائِباتِ الدهرِ حينَ تَنُوبُ

 هَوَتْ أَمُّلهُ مَاذَا تَضمَّنَ قَبْرُهُ ... مِنَ الجُودِ والمعْروفِ حينَ يَنُوبُ

 جَمُوعُ خلالِ الخيرِ مِنْ كُلِّ جانبٍ ... إذَا جاءَ جيّاءٌ بهنَّ ذَهُوبُ

 مُفيدٌ مُلَقَّى الفائداتِ مُعوَّذٌ ... لِفعلِ النَدَى للمُعدَماتِ كَسُوبُ

 فتىً لا يُبالي أنْ يكونَ بجِسمهِ ... إذَا نالَ خلَّلاتِ الكرامِ شُحُوبُ

 غَنِينَا بخيرٍ حِقبةً ثمَّ جَلَّحَتْ ... علينَا التي كُلَّ الرجالِ تُصِيبُ

 فأبقَتْ قليلاً ذَاهباً وتَجَهَّزتْ ... لآخرَ والراجِي الحياةَ كَذُوبُ

 وأَعلمُ أنَّ الباقي الحيَّ مِنهُمَا ... إلى أجلٍ أقْصَى مَدَاهُ قَريبُ

 فلوْ كانَ مَيتٌ يُفتدي لَفَدَيتُهُ ... بمَا لمْ تكُنْ عنْهُ النفوسُ تَطِيبُ

 بعينيَّ أو يُمنَى يَدي وقيِلَ لي ... هوَ الغانمُ الجذلانُ حينَ يَؤوبُ

 فإنْ تكُنِ الأيامُ أحسنَّ مرةً ... إلي فقَدْ عادَتْ لهُنَّ ذَنُوبُ

 كثيرُ رَمادِ القِدرِ رَحبٌ فنَاؤُهُ ... إلى سندٍ لَمْ تَحتَجِبهُ غُيُوبُ

 قريبٌ تراهُ لا ينالُ عدوُّهُ ... لهُ نبَطاً عِندَ الهَوانِ قَطوبُ

 لقدْ أفسدَ الموتُ الحياةَ وقدْ أَتَى ... على يومِهِ عِلْقٌٌ إليَّ حَبيبُ

 حَليمٌ إذَا مَا الحِلمُ زيَّن أَهلَهُ ... معَ الحلمِ في عينِ العدوِّ مَهِيبُ

 إذَا مَا تَرَاآهُ الرجالُ تحفَّظُوا ... فلمْ تُنطَقِ العوراءُ وهوََقرِيبُ

قال

 ضابئُ بن الحارِث بن أرطاةَ البُرجُميّ

 فمنْ يكُ أمسَى بالمدينةِ رحلُهُ ... فإنِّي وقيَّاراً بهَا لغرِيبُ

 فلا تَجزعَنْ قيّارُ من حبسِ ليلةٍ ... قضيَّةُ ما يُقضَى لنَا فَتؤُبُ

 ومَا عاجلاتُ الطيرِ تُدنى مِنَ الفَتى ... رَشاداً ولا عَنْ ريثِهنَّ مَخِيبُ

 ورُبَّ أمُورٍ لا تضِيرُكَ ضيرَةً ... وللقلبِ مِنْ مخشَاتِهِنَّ وَجيبُ

 فلا خيرَ فيمنْ لا يُوطِّنُ نفسَهُ ... على نائباتِ الدهرِ حينَ تَنُوبُ

 وفي الشكِّ تفرِيطٌ وفي الحزمِ قوةٌ ... ويُخطىءُ في الحدسِ الفَتى ويُصيبُ

 ولستُ بمستبقٍٍ صدِيقاً ولا أَخَاً ... إذَا لمْ يَعُدَّ الشيءَ وهوَ يَريبُ

قال

 خُفافُ بنُ نُدْبَة

 طرَقَتْ أُسيماءُ الرحالَ ودُوننَا ... مِنْ فَيدِ غَيقَةَ ساعِدٌ وَكَثِيبُ

 فالطودُ فالملكاتُ أصبحَ دونَها ... ففِراغُ قُدسَ فعمقُها فَخَشُوبُ



فلئِنْ صرمْتِ الحبلَ يا ابنةَ مالكٍ ... والرأيُ فيهِ مُخطئٌ ومُصيبُ

 فتَعلَّمي أَنّي امرؤٌ ذُو مرَّةٍ ... فيمَا ألمَّ مِنَ الخُطوبِ صَليبُ

 أدعُ الدناءَةَ لا أُلابِسُ أَهلَها ... ولديَّ مِنْ كيسِ الزمانِ نَصيبُ

 ومعبدٍ بيضُ القَطَا بجنُونهِ ... ومِنَ النواعجِ رِمَّةٌ وصَليبُ

 نفّرْتُ آمِنَ طَيْرهِ وسباعهِ ... ببُغامِ مجذَامِ الرَوَاحِ جَنُوبِ

 أُجُدٍ كانَ الرَحلَ فوقَ مُقلِّصٍ ... عاري النواهِقِِ لاحَهُ التَقريبُ

 عَدَلَ النُهاقُ لِسانَهُ فكأنَّهُ ... لمَّا تخمَّطَ للشُّحَاجِ نَقيبُ

 وَلقدْ هبطْتُ الغيثَ يرفعُ منكبِي ... طرفٌ كسَافِلَةِ القناةِ ذَنُوبُ

 نَمِلٌ إذَا ضُفِزَ اللِجامَ كأنَّهُ ... رجُلٌ يُنوِّهُ باليدَينِ سَليبُ

 حامٍ على دُبْرِ الشياهِ كأنَّهُ ... لوْ جدَّ يَسحَلُ تُربَهُ مَصُبوبُ

 بردٌ تقَحَّمَهُ الدَبورُ مَرَاتباً ... مُلقَى ضَوَاحي بينهُنَّ لُهُوبُ

 مُتطلِّعٌ بالكفِّ ينهضُ مُقدِماً ... مُتَتابِعٌ في جَريِهِ يَعبُوبُ

 ربذُ الجنابِ إذَا تلأبَ رجلُهُ ... في وقعِهَا ولحاقِها تَجْنِيبُ

قال

 دُرَيْد بن الصِمَّة

 ومُردٍ عَلَى جُردٍ شَهِدْتُ طِرادَها ... قُبيلَ طُلُوعِ أو حينَ ذَرَّتِ

 صَبحْتُهُمُ بيضاءَ يَبرُقُ بَيضُها ... إذَا نظرَتْ فِيها العيونُ ازمَهرَّتِ

 ولمَّا رأيتُ الخيلَ رَهواً كأنَّها ... جَداوِلُ زرعٍ أُرسلَتْ فأسبَطرَّتِ

 فجَاشَتْ على النفسُ أولَ وهلةٍ ... وَرُدَّتْ علَى مكرُوهِها فاستقرَّتِ

 علامَ تقولُ الرُمحُ يُثقلُ عاتِقِي ... إذَا أنَا لمْ أطعُنْ إذ الخيلُ ولَّتِ

 عقرْتُ جوادَ ابنْي دُريدٍ كليهِما ... ومَا أخَذَتْني في الخُتُونِة عِزَّتي

 لَحَا اللُه جَرماً كلَّمَا ذَرَّ شارقٌ ... وجوهُ كلابٍ هارَرَتْ فازبَأرَّتِ

 ظَلِلْتُ كأنَّي للرماحِ دريَّةٌ ... أُقاتِلُ عَنْ أبناءِ جَرْمٍ وفرَّتِ

 فلمْ تُغنِ جرْمٌ نهْدَهَا إذْ تَلاقيَا ... ولكنَّ جَرماً في اللقاءِ ابذعرَّتِ

 فلوْ أنَّ قومِي أنطقتِني رمَاحُهُمْ ... نطقتُ ولكِنَّ الرِماحَ أجرَّتِ

قال

 عِلْبَاءُ بنُ أرِيم بن عَوْف

من بني بكر بن وايل

 حلَّتْ تُماضرُ غَرْبَةً فاحتلَّتِ ... فَلجاً وأهلُكِ باللِوَى فالحِلَّةِ

 وكأنَّمَا في العينِ حَبَّ قَرَنْفُلٍ ... أو سُنبُلاً كُحِلتْ بهِ فانهلَّتِ

 زعَمَتْ تُماضِرُ أنَّني اِمَّا أمُتْ ... يَسْدُدْ اُبَيْنُوهَا الأصاغِرُ خَلَّتي

 تَرَِبتْ يداكِ وهلْ رأيْتِ لقومِهِ ... مِثلي على يُسري وحينَ تعِلَّتي

 يوماً إذَا مَا النائباتُ طرقنَنَا ... أكفي بمُعضِلةٍ وإنْ هي جَلَّتِ

 ومُناخَ نازِلَةٍ كَفَيتُ وفارسٍ ... نَهِلَت قَناتي مِن مَطاهُ وَعَلَّتِ

 وإذَا العَذَارَى بالدُخانِ تقنَّعتْ ... واستعجَلَتْ نَصْبَ القُدُورِ فَمَلَّتِ

 درَّتْ بأرزاقِ العيالِ مغالِقٌ ... بيَدَيَّ مِنْ قَمَعِ العِشارِ الجِلَّةِ

 ولقدْ رَأيْتُ ثَأي العشيرةِ بينَها ... وكفيْتُ جانِيَهَا اللَّتيَّا والَّتي

 وصفحْتُ عنْ ذي جهلِها ورفدْتُهُ ... نُصحِي ولم يُصِبِ العشيرةَ زَلَّتي

 وكفَيْتُ مَولايَ الأحَمَّ جريرَتي ... وحبَسْتُ سائِمَتي عَلى ذِي الخَلَّةِ

قال

 عبْدُ الله بن جِنْح النُكْرِي

 زعمَ الغَوانِي إنْ أردْنَ صريمَتي ... أنْ قدْ كبِرْتُ وأدبَرَتْ حاجَاتي



وضحِكْنَ مِنِّي ساعةً وسألنَني ... مُذْ كمْ كذَا سنةً أخذْتُ قَناتِي

 ما شبْتُ مِنْ كبرٍ ولكِنّي أمرؤٌ ... أغشَى الحروبَ ومَا تشِيبُ لِدَاتي

 أحْمِي أُناسِي أنْ يُبَاحَ حريمُهُمْ ... وهمُ كذاكَ إذَا عُنِيتُ حُماتي

 مِنْ معشرٍ يَأبَى الهوانَ أخوهُمُ ... شُمُّ الأنوفِ جَحَاجِحٌ ساداتِي

 عَزُّوا وعزَّ بِعزِّهِمْ مِنْ جاوَروا ... وهُمُ الذُرَى وغَلاصِمُ الهاماتِ

 إنْ يُطلَبُوا بجريرَةٍ يَنأَونَها ... أوْ يُطلبُوا لا يُدرَكُوا بِتِراتِ

قال

 ابْنُ نَجاء التَيْمي

 أنعتُهَا انِّي مِنْ نُعَّاتِها ... مُندَحَّةُ السَّراةِ رادِ فاتِها

 مَكفُوَفةُ الأحفافِ مُحمرَّاتِها ... سابِغةُ الأذنابِ ذبّالاتِها

 طوَتْ ليومِ الخِمسِ أسقياتِها ... غابِرَ مَا فيهَا على بُلاّتِها

 كأنَّمَا نِيطَتْ إلى ضَرّاتِها ... مِنْ نَخرِ الطِلحِ مُجَوَّفاتِها

 وأتَّقتِ الشَمسَ بجُمْجُمَاتِها ... تَمشي إلى رِوَاءِ عاطِنَاتِها

 تَمشِّي العانِسِ في رَيْطاتِها

قال

 شُعْبَةُ بن الغَرِيض اليهوديّ

 ألا إنّي بَكَيتُ وقدْ بَقِيتُ ... وإنِّي لَنْ أعُودَ كمَا غَنِيتُ

 فإنْ أودَي الشبابُ فلمْ أُضِعهُ ... ولمْ اتكَلْ عَلى أنِّي عَزِيتُ

 إذَا مَا يَهتَدي حِلمي كَفانِي ... وأسئَلُ ذَا البيانِ إذَا عَيِيتُ

 ولا الحي علَى الحَدَثانِ قوْمِي ... عَلى الحَدَثانِ ما تُبْنَى البُيُوتُ

 أُيَاسِرُ معشري في كل امر ... بايسرِ ما رأيتُ وما أُريتُ

 ودَارِي في مَحَلِّهِمِ ونَصرِي ... إذَا نزَلَ الألَدُّ المُستَمِيتُ

 وأجتَنِبُ المَقارعِ حيثُ كانَتْ ... وأنزِلُ مَا هَوَيْتُ لمَا خَشِيتُ

قال

 السمَوأَل

 أخو شُعْبَة

 نُطفَةً ما مُنيتُ يومَ مُنيتُ ... أُمِرَتْ أمرَها وفيْهَا رُبيتُ

 كَنَّهَا اللهُ في مَكانٍ خفيٍّ ... وخفِيّ مَكَانُها لوْ خَفيتُ

 أنَا مَيتٌ في ذاكَ ثُمَّتَ حيٌّ ... ثُمَّ بعدَ الحياةِ للبعثِ مَيتُ

 إنَّ حِلمِي إذَا تغيَّبَ عَنِّي ... فاعْلَمي أنَّني كبيرٌ رُزِيتُ

 فأجعلنْ رِزقَي الحلالَ منْ الكس ... بِ وبرَّاً سريَرتي مَا حَيِيتُ

 ضِّيقُ الصدرِ بالخيانةِ لاينقُ ... صُ فَقري أَمانَتي ما بَقيتُ

 رُبَّ شتمٍ سمعتُهُ فتصَامَم ... تُ وغَيٍّ تركتُهُ فكفِيتُ

 ليتَ شعرِي وأشعرَنَّ إذا مَا ... قِيلَ أقرأ عُنوَانَهَا وقَرِيِتُ

 أليْ الفضلُ أمْ عليَّ إذَا حُو ... سِبتُ إنِّي عَلى الحسابِ مُقيتُ

 مَيتَ دهرٍ قدْ كنتُ ثُمَّ حَييتُ ... وحيَاتِي رهنٌ بأنْ سأمُوتُ

 وأتَتني الأنباءُ أنِّي إذَا مَا ... مُتُّ أوْ رمَّ أعظُمِي مبعوثُ

 هلْ أقُولَنْ إذَا تدارَكَ حِلمِي ... وتَدَاعَى عَلىَّ أنَّي دَهِيتُ

 أبِفَضلٍ مِنَ المليكِ ونُعمَى ... أمْ بذنبٍ قَدَّّمْتُهُ فجُزِيتُ

 ينفَعُ الطِيِّبُ القليلُ مِن الرِزْ ... قِ ولا ينفَعُ الكثيرُ الخَبِيثُ

 وأتتنِي الأنباءُ عَنْ مُلكِ داوو ... دَ فَقَرَّتْ عينِي بِهِ ورَضيتُ

 ليسَ يُعطي القَويُّ فضلاً مِنَ الرِزْ ... قِ ولا يُحرَمُ الضعيفُ الخَتِيتُ

 بلْ لكُلٍّ مِنْ رِزقهِ مَا قَضَى اللهُ ولوْ حكَّ أنفَهُ المُستميتُ

قال

 دَوْسَر بن ذُهَيْل القُريْعيّ

 وقائلةٍ مَا بالُ دوسرَ بعدَنا ... صحَا قلبُهُ مِنْ آلِ ليلَى ومنْ هِنْدِ



فإنْ تكُ أثوابي تمزَّقنَ لِلبِلى ... فإنِّي كَنصلِ السيفِ في خَلَقِ الغِمدِ

 وإنْ يكُ شيبٌ قدْ عَلاني فربَّمَا ... أرَاني في ريعِ الشبابِ معَ المُردِ

 طويلُ عُرَي السربالِ أغيدُ للصِّبا ... أكُفُّ على ذِفرَاي ذَا خُصلٍ جَعدِ

 وحَنَّتْ قلُوصي منْ عَدانَ إلى نَجدٍ ... ولمْ يُنسِها أوطانَها قِدَمُ العَهدِ

 وإنَّ الذي لاقيتُ في القَلبِ مثلُهُ ... إلى آلِ نجدٍ مِنْ غليلٍ ومنْ وَجدِ

 إذَا شِئتُ لاقيتُ القِلاصَ ولا أَرَى ... لقومِي أبدالاً فيألَفُهمْ ودِّي

 وأرمِي الذي يرمُونَ عنْ قَوسِ بغضةٍ ... وليسَ عَلى مَولاي جِدِّي ولا عَهدِي

 إذَا مَا أمرؤٌ ولَّى عليَّ بِودِّهِ ... وأدبر لم يصدر بإدباره ودّي

 ولم أتعذر من خلال تسوءه ... لما كان بأبى متلهف على عمد

 وذي نخواتٍ طامجِ الرأسِ جاذبَتْ ... حبالى فرخَّي من علابيِّهِ مَدِّي

قال

 أُحَيْحةُ بن الجُلاح

 إذَا مَا جئتُها قدْ بِعْتَ عَذقاً ... تُعانِقُ أوْ تُقبِّلُ أو تُفدِّي

 أهنْتُ المالَ في الشهواتِ حتَّى ... أصارَتْني أسِيفاً عبدَ عبدِ

 فمنْ نالَ الغنَى فليَصْطَنِعهُ ... صَنيعتَهُ ويجهدْ كلَّ جهدِ

 أُعلمُكُمْ وقدْ أرديْتُ نفسِي ... فمنْ أهدي سبيلَ الرُشدِ بَعدي

قال

 عَوْف بن عَطِيَّة التيمي

 سخِرَتْ فُطيمةُ إذْ رَأَتْني عارياً ... جِرزي إذَا لمْ تُخفهِ ما أرتَدي

 بَصُرَتْ بفتيانٍ كانَّ صنيعَهُمْ ... جرذانُ رابيةٍ خلَتْ لمْ تصطَدِ

 إمَا تَريني قدْ كَبِرْتُ وشفَّني ... وجعٌ يُقرِّبُ في المجالِسِ عُوًّدي

 فلقدْ زجرتُ القِدّحَ إذْ هبَّتْ صَباً ... خرقاءُ تَقذِفُ بالحِصارِ المُسنَدِ

 في الزاهِقاتِ وفي الحُمُولِ وفي الّتي ... أَبقت سناماً كالغَرِيّ المُجْسَدِ

 فإذا قَمَرتُ اللَحمَ لم أنظر به ... نِيَّاً كَمَا هوَ ماءهُ شِرَقَ الغَدِ

 وجرَى بأعراضِ البيوتِ وأهلِها ... وإلى مقامَةِ ذِي الغِنَى والمَحتِدِ

 شَرَفٌ بهِ ماءُ السديفِ فأنْ يكُنْ ... لا شحمَ فيهِ فمَا استطعْنَا نَحشِدِ

 وإذَا هوازِنُ جُمِّعُوا فتناشَدوا ... جنباتهم ألفيتني لَمْ أُنشَدِ

قال

 دُرَيْد بن الصِمّة

 َأَرَثَّ جَديدُ الحَبْلِ مِنْ أُمِّ معبدِ ... بعاقِبَةٍ وأخْلفَتْ كلَّ موْعِدِ

 وبانَتْ ولَمْ أَحْمَدْ إليْكَ جِوارَنا ... ولَمْ تُرْجَ فينا رِدَّةُ اليَوْمِ أوْ غَدِ

 أعاذِلَ إنَّ الُرزءَ في مثلِ خالدٍ ... ولا رُزءَ فيمَا أَهلكَ المرءُ عَنْ يدِ

 وقلتُ لعارضٍ وأصحابِ عارضٍ ... ورهطِ بني السوداءِ والقومُ شُهَّدي

 علانِيةً ظُنُّوا بألفَي مُدَجَّجٍ ... سراتهُمُ في الفارسيّ المُسرَّدِ

 أمرتُهُمُ أمري بُمنعرجِ اللِوَى ... فلَمْ يستبينُوا الرُشدَ إلا ضُحى الغدِ

 فلمَّا عصَوني كنْتُ منهُمْ وقد أرَى ... غوايتَهُمْ وأنَّني غيرُ مُهتَدِ

 ومَا أنَا إلا من غَزِيَّةَ إنْ غوَتْ ... غويْتُ وإنْ تَرشُدْ غزَّيَةُ أرشُدِ

 وإنْ تُعقِبِ الأيامُ والدهرُ تعلمُوا ... بني قاربٍ أنَّا غِضابٌ لِمعبَدِ

 تَنادَوا فقالُوا أردَتِ الخيلُ فارساً ... فقُلتُ أَعبدُ اللهِ ذلكمُ الرَدي

 وإنْ يكُ عبدُ اللهِ خلَّى مَكانَهُ ... فمَا كانَ وَقافاً ولا طائشَ اليدِ

 ولا برماً إذَا الرياحُ تناوحَتْ ... بِرطبِ العِضاةِ والضريعِ المُعَضَّدِ

 كميشُ الإزارِ خارجٌ نصفُ ساقِهِ ... صبورٌ علَى العزَّاءِ طلاَّعُ أنجُدِ



رئيسُ حروبٍ لايزالُ ربيئَةً ... مُشيحاً عَلى مُحقَوقَفِ الصُلبِ مُلْبِدِ

 صُبورٌ على رُزءِ المصايبِ حافِظٌ ... من اليومِ إدبار الأحَاديثِ في غدِ

 صَبا ما صَبا حتَّى عَلا الشيبُ رأسَهُ ... فلمَّا علاهُ قالَ للباطلِ أبْعَدِ

 وهوَّنَ وجدي أنَّني لمْ أقُلْ لّهُ ... كذبتَ ولمْ أبخَلْ بمَا ملكَتْ يَدي

 وكنْتُ كأَني واثقٌ بمُصَدَّرٍ ... يُمشِّي بأكنافِ الجُبيب فَمَحْتِدِ

 غداةَ دعَاني والرماحُ ينُشنَهُ ... كوقعِ الصياصِي في النسيجِ المُمدَّدِ

 وكنْتُ كذاتِ البَوِّ ريعَتْ فاقبلَتْ ... إلى جِذَمٍ من مَسكِ سقبٍ مُجلَّدِ

 فطاعَنْتُ عنهُ الخَيلَ حتَّى تبدَّدَتْ ... وحتَّى عَلاني حالِكُ اللونِ أسوَدُ

 طعانَ إمريءٍ آسَى أخاهُ بنفسِهِ ... وأعلَمُ أنَّ المرءَ غيرُ مُخلَّدِ

 وهَوَّنَ وجدِي انَّمَا هوْ فارِطٌ ... أمَامي وأنَّي واردُ اليومِ أو غدِ

 وغارةِ بينَ اليومِ والليلِ فلتةٍ ... تداركتُهَا ركضاً بسيدٍ عَمَرَّدِ

 سليمِ الشظَاعَبِلِ الشوَى َشنجِ النَسَا ... طويلِ القرَا نهدٍ آسِيلِ المُقلَّدِ

 ويُخرِجُ مِنهُ صرةُ القومِ مِصدَقاً ... وطوُلُ السُرَى دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ

قال

 خُفاف بنُ نُدْبَة

 يا هِندُ يا أختَ بَني الصاردِ ... مَا أنَا بالباقِي وَلا الخالِدِ

 إنْ اُمسِ لا أملكُ شيئاً فقدْ ... أملكُ أمرَ المِنسرِ الحاردِ

 بالضَابعِ الضابطِ تقريبَهُ ... إذْ وَنَتِ الخيلُ وذِي الشاهدِ

 عّبْلِ الذراعينِ سليمِ الشَّظَا ... كالسيدِ تحتَ القِرَّةِ الصارِدِ

 يِطعنُ في المِسحَلِ حتَّى إذَا ... مَا بَلَغَ الفارسُ بالسّاعِدِ

 حدَّ سبُوحاً غيرَ ذِي سقطةٍ ... مُستفرغٍ ميعتَهُ واعِدِ

 يُصيدُكَ العيرَ بِرَفِّ النَّدا ... يَحفرُ في مُبتكِرِ الراعِدِِ

 يُعقدُ في الجيدِ عليهِ الرُّقى منْ خيفَةِ الأنفُسِ والحاسِدِ

قال

 مالِك بن نُوَيْرَة

 إلا أكُنْ لاقيْتُ يومَ مُخطِّطٍ ... فقَدْ خبَّرَ الرُكبانُ مَا أتوَدَّدُ

 أتانِي بنَقرِ الخُبرِ مَا قدْ لقيتُهُ ... رزينٌ وركبٌ حولَهُ مُتَصعِّدُ

 يُهِلُّونَ عُمّاراً إذَا مَا تغوَّروا ... ولاقَوا قُرِيْشاً خبَّرُوهَا فأنجَدُوا

 بأبناءِ حيّ مِنْ قبائِلِ مالكٍ ... وعمرِو بنِ يَربُوعٍ أقامُوا فاخلَدُوا

 وردَّ عليِهمْ سرحَهُمْ حولَ دارهِمْ ... ضِناكاً ولمْ يستأنِفِ المُتَوَحِدُ

 حُلُولٌ بفردوسِ الأيادِ واقبلَتْ ... سراةُ بني البَرشاءِ لمَّا تأَيَّدُوا

 بالفينِ أو زادَ الخميسُ عليِهما ... ليَنتَزِعُوا عِرقاتِنا ثُمَّ يُرِعِدُوا

 ثلثَ ليالٍ منْ سنامٍ كأنَّهمْ ... بريدٌ ولمْ يَثوُوا ولمْ يتزوَّدُوا

 وكانَ لهُمْ في أهلهِمْ ونسائِهِمْ ... مبيتٌ ولمْ يدرُوا بِمَا يجدُلُ الغَدُ

 فلمَّا رأوْا أدْنَى السِهامِ مُعَزَّباً ... نهاهُمْ فلمْ يلوُوا على النهْي أسودُ

 وقالَ الرئيسُ الحوفزَانُ تلبَّبُوا ... بَني الحِصنِ إذْ شارَفتُمُ ثمَّ جدِّدوا

 فما فتِئُوا حتَّى روانَا كأنَّنَا ... مِنْ الصُبحِ آذىٌ من البحرِ مزبِدُ

 بملومةٍ شهباءَ يبرقُ خالُهَا ... ترى الشمسَ فيهَا حينَ ذرَّتْ تَوَقَّدُ

 فَمَا برِحُوا حتَّى علتْهُمْ كتائبٌ ... إذَا لقيَتْ أقرانَهَا لا تُعرِّدُ



ضمَمْنَا عليهِمْ طاقتيهِمْ بصائبٍ ... مِنْ الطعنِ حتَّى استأسَرُوا وتبدَّدوا

 بسمرٍ كأشطانِ الجَرُورِ نواهِلٍ ... يجودُ بِها زَوُّ المنايَا ويقصِدُ

 ترَى كلُّ صدقٍ زاعبيٍّ سِنانُهُ ... إذا بَلَّهُ الأنداءُ لا يتأوَّدُ

 يقعنَ مَعاً فيهِمْ بأيدِي كُماتِنا ... كأنَّ المُنونَ للأسنَّةِ مَوعِدُ

 تُدرُّ العُرُوقَ الآنياتِ ظُباتُها ... وقدْ سنَّها طَرّ ووقعٌ ومبرَدُ

 فأقررتُ عينِي حينَ ظلُّوا كأنَّهُمْ ... ببطنِ الأيادِ خشْبُ آثلٍ مُسنَّدُ

 صريعٌ عليهِ الطيرُ تنتِخُ عينَهُُ ... وآخرُ مكبولٌ يميلُ مُقيَّدُ

 لَدُنْ غُدوةً حتَّى أتَى الليلُ دونهُمْ ... ولا تنتَهي عنْ مِلئِهَا مِنْهُمُ يدُ

 فأصبحَ منهُمْ يومَ غِبِّ لقائِهِمْ ... بقيقاءَةِ البُردينِ فلٌّ مُطرَّدُ

 إذا مَا أستبالُوا الخيلَ كانَتْ أكُفُّهُمْ ... وقائِعَ للأبوالِ والماءُ أبرَدُ

 كأنَّهُمُ إذْ يعصرونَ فُظُوظَهَا ... بدجلَةَ أو فيضِ الخُريبةِ مورِدُ

 وقدْ كانَ لأبنَي حوفزانَ كليهِمَا ... سُويدٍ وبِسطامٍ عَنْ الشرِّ مَقعَدُ

قال

 المُرَقِّشُ الأصغَرُ

 ألزِّقُّ مُلكٌ لمنْ كانَ لَهُ ... والملكُ منهُ طويلٌ وقصيرْ

 مِنْها الصبوحُ الَّذي يترُكُنِي ... ليثَ عفرينَ والمالُ كثيرْ

 فأوَّلَ الليلِ ليثٌ خادرٌ ... وأخرَ الليلِ ضبعانٌ عثُورْ

 قاتلكَ اللهُ مِنْ مشرُوبَةٍ ... لوْ أنَّ ذا مِرَّةٍ عنكَ صَبُورْ

قال

 ابنُ مَهديّ

 قدْ كادَ يقتلُني أصمُّ مُرَقّشٌ ... من حُبِّ كلثمَ والخُطوبُ كثيرْ

 حتَّى أصدَّ اللهُ عَنِّي رَأسَهُ ... واللهُ بالمرءِ المُضافِ بَصيرْ

 خُلقتْ لَهازِمُهُ عرينَ ورأسُهُ ... كالقُرصِ فُلطحَ منْ طحينِ شَعيرْ

 وكأنَّ شِدقَيهِ إذَا مَا أَقبَلا ... شِدقَا عجُوزٍ مضمَضَتْ لِطُهُورْ

 ويُديرُ عَيناً لِلوِقاعِ كَأنَّها ... سمراءُ طاحتْ منْ نَفيضِ بريرْ

قال

 أبو دُواد الإيادي

 ودارٍ يقولُ لَهَا الرائدُو ... نَ ويلُ أمِّ دارِ الحُذاقيّ دارا

 فلمَّا وضعْنَا بهَا بيتَنَا ... نتَجْنَا حُواراً وصِدْنَا حِمارا

 وباتَ الظليمُ مكانَ المجَ ... نِّ تسمَعُ بالليلِ منْهُ عَرارا

 وراحَ علينَا رِعاءُ لنَا ... فقالُوا رأينَا بهَجلٍ صِوارا

 فبِتنَا عُراةً لدَي مُهرِنا ... نُنزِّعُ مِنْ شفتَيِهِ الصِفارا

 وبِتنَا نُغرِّثُهُ باللجامِ ... نُريدُ بهِ قنصاً أو غِوارا

 فلمَّا أضاءَتْ لنَا سُدفَةٌ ... ولاحَ منَ الصُبحِ خيرٌ أنارا

 غدَونَا بهِ كسوارِ المُلو ... كِ مُضطِمراً حالِبَاهُ اضطِمارا

 مَرُوحاً يجاذبُنَا في القيادِ ... تخالُ منْ القودِ فيهِ اقوِرارا

 ضَرُوحَ الحماتَينِ سامي التَليلِ ... وثُوباً إذَا مَا انتَحَاهُ الحُبارَى

 فلمَّا عَلا متْنَتيِهِ الغُلامُ ... وسكَّنَ مِنْ آلِهِ أنْ يُطارا

 وَسُرِّحَ كالأجدَلِ الفارس ... يّ في إثرِ سربٍ أجدَّ النِفارا

 فصادَ لنَا أكحَلَ المقلتي ... نِ فَحلاً وأُخرَى مهاةً نَوارا

 وعادَى ثلاثاً فَخَرَّ السِنا ... نُ إمَّا نُضُولاً وإمَّا انكِسارا

 أكُلَّ امرئٍ تحسبينَ امرءًا ... ونارٍ تُوقَّدُ بالليلِ نارا

 قال مَقّاس العائِذِيّ لامرئ القيس الكلبي



أَوْلى فَأَولى يا امرءَ القيسِ بعدَ مَا ... خَصَفْنَ بآثارِ المطيِّ الحَوَافِرا

 فإنْ كنْتُ قدْ نجِيتَ مِنْ غمرَاتِهَا ... فلا تأتِيَنَّا بعدَها اليومَ سادِرا

 تذكَّرْتِ الخيلُ الشعيرَ عشيَّةً ... وكُنَّا أُناساً يُعلِفُونَ الأيَاصِرا

 فوَاللهُ لوْ أنَّ امرَءَ القيسِ لمْ يكُنْ ... بفلجٍ عَلى أنْ يسبِقَ الخيلَ قادِرا

 لقاظَ أسيراً أوْ لعالَجَ طعنَةً ... تَرَى خلفَهُ منهَا رََشَاشَاً وقَاطِرا

 فِدًى لأناسٍ ذكَّرُوهُمْ معيشَةً ... تَرَى للثَّريدِ الوَردِ فيهَا بَواخِرا

 أجِئْتُمْ إلينَا في بقيَّةِ مالِنَا ... تُزَجُّونَ مِنْ جهلٍ إلينَا المَناكِرا

قال

 عُرْوَةُ بن الوَرْد

 أقِلِّي عَلَي اللومَ يَا ابنَةَ مُنذرٍ ... ونَامِي فإِنْ لمْ تشتَهِي النومَ فاسهَرِي

 ذَرِينِي ونفسِي أُمَّ حَسَّانَ إنَّنِي ... بهَا قَبلَ ألا أمِلكَ البيعَ مُشتَرِي

 أحاديثَ تبقَى وَالفَتَى غيرُ خالِدٍ ... إذَا هُوَ أمسَى هامَةً تَحتَ صَيِّرِ

 تُجاوبُ أحجارَ الكِناسِ وتشتكِي ... إلَى كُلِّ مَعرُوفٍ تَرَاهُ ومُنكَرِ

 ذَرِيني أُطَوِّفْ في البلادِ لعلَّنِي ... أُخَلِّيكِ أو أُغْنيكِ عَنْ سُوء مَحضَرِي

 فإنْ فاز سهمٌ للمنيَّة لم أكن ... جزوعاً وهل من ذاك من مُتأخرِ

 وإنْ فازَ سهمٌى كفَّكُمْ عَنْ مَقاعدٍ ... لَكُمْ خَلْفَ أدبارِ البُيوتِ ومَنْظَرِ

 تقُولُ لكَ الويلاتُ هلْ أنتَ تارِكٌ ... ضُبُوءًا بِرَجلٍ تارةً وبِمنسرِ

 ومُستَثبِتٌ في مالِكَ العامَ إنَّني ... أراكَ على أقتادِ صَرماءَ مُذْكِرِ

 فجُوعٍ بهَا للصَّالحينَ مَزِلِّةٌ ... مَخُوفٍ ردَاهَا أنْ يُصيبكَ فاحذَرِ

 أبَى الخفضَ مِنْ يَغْشاكِ مِنْ ذِي قرابَةٍ ... ومِنْ كُلِّ سوداءِ المعاصِمِ تَعتَرِي

 ومُستهنِئٌ زيدٌ أبُوهُ فَلا أرَى ... لَهُ مَدْفَعاً فاقنَيْ حياءكِ واصبرِي

 لحَا اللهُ صُعلُوكاً إذَا جنَّ ليلُةُ ... مُصَافي المُشَاشِ آلفاً كُلَّ مَجزَرِ

 يعُدُّ الغِنَى مِنْ دهرِهِ كُلَّ ليلَةٍ ... أصابَ قِراهَا مِنْ صدِيقٍٍ مُيسَّرِ

 قَليلَ الِتماسِ المالِ إلاّ لِنفسِهِ ... إذَا هوَ أضحَى كالعريشِ المُجَوَّرِ

 ينَامُ عِشاءً ثمَّ يُصبِحُ قاعِداً ... يحُتُّ الحَصَى عَنْ جنبِهِ المُتَعفِّرِ

 يُعينُ نساءَ الحيِّ مَا يستعِنَّهُ ... فيُضْحي طليحاً كالبعيرِ المُحَسَّرِ

 وللهِ صُعلُوكٌ صفيحَةُ وجهِهِ ... كضوءِ شهابِ القابِسِ المُتَنوِّرِ

 مُطلاًّ عَلى أَعْدَائِهِ يَزجُرُونَهُ ... بساحتِهِمْ زجرَ المنيحِ المُشَهَّرِ

 وإنْ بَعُدُوا لا يَأمَنُونَ اقترابَهُ ... تَشَوُّفَ أهلِ الغائِبِ المُنْتَظَّرِ

 فذلكَ إنْ يَلقَ المنيةَ يلقَها ... حَميداً وإنْ يستغْنِ يوماً فَأَجْدِرِ

 أَيَهلِكُ مُعتَمٌّ وزيدٌ ولمْ أقُمْ ... عَلَى نَدَبٍ يوماً ولي نَفسُ مُخْطِرِ

 سيُفْزِعُ بعدَ البأسِ مَنْ لاَيَخافُنَا ... كواسِعُ في أُخرَى السَّوَامِ المُنفَّرِ

 نُطاعِنُ عَنْها أوَّلَ القومِ بالقَنَا ... وبيضٍ خِفافٍ وَقعُهُنَّ مُشَهَّرُ

 ويوماً عَلَى غاراتِ نَجدٍ وأهِلِهَا ... ويَوماً بأرضٍ ذاتِ شثٍّ وعَرْعَرِ

 يُنَاقِلنَ بالشُمطِ الكِرامِ إلى النُهَى ... نقابَ الحجازِ في السَريحِ المُسيَّرِ

 يُريحُ علَى الَّليلُ أضيافَ ماجِدٍ ... كريِمٍ ومَالي سَارِحاً مالُ مُقْتِرِ

قال

 المُنَخَّلُ بن عامر

 بن ربيعة بن عمرو اليَشْكُرِيّ

 إنْ كُنْتِ عاذِلَتِي فَسيرِي ... نَحوَ العراقِ وَلا تَحُورِي

 لا تَسأَلِي عن جُلِّ مَا ... لي وأنظُري حَسبِي وَخِيرِي

 وإذَا الرياحُ تكمَّشَتْ ... بجوانِبِ البيتِ الكبيرِ

 ألفيتَنِي هشَّ النَدَى ... تشريحَ قِدحِي أوْ شَجِيْرِي

 وفوارسٍ كَأَوَارِ ... حَرِّ النَّارِ أحلاسِ الذُكُورِ

 شدُّوا دوابرَ بَيضِهِمْ ... في كُلِّ مُحكَمَةِ القتيرِ

 وأستلأموا وتلبَّبُوا ... إنَّ التلبٌّبَ للمغيرِ

 وعَلَى الجيادِ المُسبَغَا ... تِ فوارسٌ مِثلُ الصُقُورِ

 يخرجْنَ من خلَلِ الغُبا ... رِ يَجِفْنَ بالنَعَمِ الكَثيرِ

 أقررْتُ عينِي مِنْ أُلا ... ئِكَ والكواعِبِ بالعَبِيرِ

 يرفُلْنَ في المِسكِ الذك ... يِّ وصائِكٍ كَدَمِ النَحِيرِ

 يعكُفْنَ مِثلَ أساوِدِ ... التَّنُّومِ لمْ تُعكَفْ لِزُورِ

 ولقَدْ دخلْتُ عَلَى الفَتَا ... ة الخِدرَ في اليومِ المَطِيرِ

 ألكاعِبِ الحسناءِ تَر ... فُلُ في الدمَقْسِ وفي الحريرِ

 فدفعْتُهَا فتَدَافَعَتْ ... مَشي القطاةِ إلَى الغَديرِ

 وعطَفْتُها فتَعَطَّفَتْ ... كتعطُّفِ الظَبي البهيرِ

 فَدَنَتْ وقالتْ يَا مُنَ ... خِّلُ مَا بِجسمِكَ مِنْ حَرورِ

 ما شَفَّ جِسْمي غيرُ حُ ... بِّكِ فإهدَئِي عَنِّي وَسيرِي

 وأُحبُّهَا وتُحبُّنِي ... ويُحبُّ ناقَتَها بَعِيرِي

 يا رُبِّ يومٍ للمُن ... خَّلِ قَدْ لَهَا فيهِ قَصيرِ

 فإذَا أنتشيتُ فإنَّنِي ... رَبُّ الخورنقِ والسَديرِ

 وإذَا صحوْتُ فإنَّني ... رَبُّ الشُويهةِ والبَعيرِ

 ولقَدْ شربْتُ مِنْ المُدَا ... مَةِِ بالقليلِ وبالكثيرِ

 يا هِندُ من لِمُتيَّمٍ ... يا هندُ لِلعاني الأسيرِ

قال

 مُهلهِل بنُ َربيعَة

 أليلَتَنَا بذِي حُسُمٍ أَنِيِري ... إذَا أنتِ أنقَضَيتِ فلا تَجُورِي

 فإنْ يكُ بالذنائِبِ طالَ ليلِي ... فقدْ يُبكِي مِنَ اللَيْلِ القصيرِ

 فلوْ نبشَ المقابِرُ عَنْ كُليبٍ ... فخُبِّرَ بالذنائِبِ أيُّ زِيِرِ

 بيومِ الشعْثَمينِ لقرَّ عيناً ... وكيفَ لقاءُ مَنْ تحتَ القُبُورِ

 فإنِّي قدْ تركْتُ بِوارداتٍ ... بُجيراً في دمٍ مثل ِ العبيرِ

 وهمَّامِ بنَ مُرَّةَ قدْ تَركنَا ... عليهِ القشعَمانُ مِنَ النُسُورِ

 وصبَّحنَا الوُخُوم بيومِ سوءٍ ... يُدافعنَ الأسِنَّةَ بالنُجُورِ

 كانَّا غُدوَةً وبنِي أبِينَا ... بجَوفٍ عُنيزةٍ رَحَيا مُديرِ

 فلَوْلا الريحُ أسمعَ أهلُ حِجرٍ ... صَليلَ البيضِ تُقْرَعُ بالذُكورِ

قال

 أَعْشَى باهِلَة

واسمه عامر بن الحارث أحد بني وايل

 وجَاشتِ النفسُ لمَّا جاءَ جمْعُهُمُ ... وراكبٌ جاءَ مَنْ تَثليثَ مُعتَمِرُ

 يأبَى عَلَى الناسِ لا يَلوِي عَلَى أَحدٍ ... حتَّى ألتقيْنَا وكانَتْ دُونَنَا مُضَرُ

 إنَّ الَّذي جئْتَ مِنْ تثليثَ تطلبُهُ ... منهُ السَماحُ ومنْهُ النهيُ والغِيَرُ

 نُعيتُ مَنْ لا يَغِبُّ الحيُّ جفنَتَهُ ... إذَا الكواكِبُ أخطَأ نوءَها المطرُ

 وَرَاحَتِ الشولُ مُغبرَّاً مبَاءَتَهَا ... شُعثاً تغيَّرَ منْهَا النيُّ والوَبَرُ

 وأجحَرَ الكلبَ موضوعُ الصقيعِ بِهِ ... وألجَأَ الحيَّ من تَنفاحِهِِ الحُجَرُ

عليهِ أوَّلُ زادِ القومِ إنْ نزَلُوا ... ثُمَّ المطيُّ إذا مَا أرمَلُوا جُزُرُ

 لا تَأَمَنُ البازِلُ الكوماءُ ضَرْبتُهُ ... بالمشرَفيِّ إذَا مَا اخرَوَّطَ السفرُ

 وتفزَعُ الشَولُ منهُ حينَ يفجَؤُهَا ... حتَّى تقطَّعَ في أعناقِها الجِرَرُ

 لمْ ترَ أرضَ ولمْ يسمَعْ بهَا أَحَدٌ ... إلا بهَا مِنْ بَوَادي وَقعِهِ أَثَرُ

 وليسَ فيهِ إذَا استنظرْتَهُ عَجَلٌ ... وليسَ فيهِ إذَا ياسَرْتَهُ عَسَرُ

 إمَا يُصِبْكَ عَدُوٌّ في مُناوءةٍ ... يوماً فَقَدْ كنْتَ تَستَعلِي وتَنْتَصرُ

 مَنْ ليسَ في خيرِهِ شرٌّ يُكْدِرُهُ ... عَلَى الصديقِ ولا في صَفوهِ كَدرُ

 أخُو حُرُوبٍ ومَكسَابٌ إذَا عدِمُوا ... وفي المحافلِ منهُ الجدُّ والحذرُ

 أَخُو رغائبَ يُعطيهَا ويُسألُهَا ... يأبَى الظُلامةَ منهُ النوفَلُ الزُفَرُ

 لايَغمزُ الساقُ منْ أينَ ومنْ وَصَبٍ ... ولا يعَضُّ عَلَى شُرسُوفِةِ الصَفَرُ

 لا يتَأَرَى لِمَا في القِدرِ يرقُبُهُ ... ولا يزالُ أمامَ القومِ يَقتَفِرُ

 طاوِى المصيرِ عَلَى العزَّاءِ مُنصلِتٌ ... بالقومِ ليلَةَ لا مَاءٌ ولا شجرُ

 مُهفهَفٌ أهضمُ الكشحينِ مُنخَرِقٌ ... عنهُ القميصُ لسيرِ الليلِ مُحتَقِرُ

 لا يُصعِبُ الأمرَ إلا ريَثَ يَركَبُهُ ... وكُلَّ أَمرٍ سِوَى الفحشاءِ يأتَمِرُ

 لا يَأَمَنُ الناسُ مُمسَاهُ ومُصبَحَهُ ... مِنْ كُلِّ فجٍّ إذَا لمْ يَغْزُ يُنتَظَرُ

 تكفِيهِ حُزَّةُ فِلذٍ إنْ ألَمَّ بهَا ... مِنَ الشِواءِ ويُروِي شُربَهُ الغُمَرُ

 كأنَّهُ بَعدَ صِدقِ القومِ أنفُسَهُمْ ... باليأسِ يلمَعُ مِنْ قُدّامِهِ البُشُرُ

 لا يُعجِلُ القومَ أنْ تَغلي مَراجِلُهُمْ ... ويُدلُجِ الليلَ حتَّى يفسَحَ البصرُ

 عِشنَا بذَلِكَ دهراً ثُمَّ فارَقَنا ... كذلكَ الرمحُ ذُو النَصليْنِ يَنكسِرُ

 فإنْ جزِعنَا فقَدْ هدَّتْ مُصيبَتُنَا ... وإنْ صبَرْنَا فإنَّا معشَرٌ صُبُرُ

قال أعشى باهلة أيضا

 ً

 أَصبتَ في حَرَمٍٍ منَّا أخَا ثِقَةِ ... هِنْدُ بنَ اسماءَ لا يَهنِىءُ لكَ الظَفَرُ

 أَمَا سلَكْتَ سبيلاً كُنْتَ سالِكَها ... فاذهَبْ فَلا يُبعدَنْكَ اللهُ مُنَتشِرُ

 لوْ لمْ تخُنْهُ نُفيلٌ وهي خائِنًةٌ ... ألَمَّ بالقومِ وردٌ مِنْهُ أو صَدَرُ

 وَرَّادُ حَربٍ شهابٌ يُستَضاءُ بهِ ... كَمَا يُضيءُ سوادَ الطَخيَةِ القَمَرُ

قال

 أبُو الفَضْل الكِناني

 ومُستلحِمٍ يَخشَى اللحاقَ وقدْ تَلَى ... بهِ مُبطيءٌ قدْ منَّهُ الجريُ فاتِرُ

 ضَعيفُ القُوَى رَخوُ العِظامِ كأنَّهَا ... حِبالٌ نَضَتْهُ مُبْطئَاتٌ مَحامِرُ

 فنَهنَهَتْ عنهُ القومَ حتَّى كأنَّمَا ... حَبا دُونَهُ ليثٌ بخَفَّانَ خادرُ

 شتيمٌ أبُو شبلينِ أخضلَ متنَهُ ... مِنَ الدَجنِ يومٌ ذُوَ اهَاضيبَ ماطِرُ

 يظَلُّ تُغَنِّيهِ الغرانيقُ فوقَهُ ... أباءٌ وغِيلٌ فَوقَهُ مُتَآصِرُ

 مُحِبٌّ كأحبابِ السقيمِ ومَا بِهِ ... سِوى أسفٍ أَّلا يَرَى مَنْ يُشاورُ

قال

 تأبَّط شرَّاً

 وشِعبٍ كشلِّ الثوبِ شكسٍ طريقُهُ ... مُجامِعُ صَوحيْهِ نطاقٌ مُحاصِرُ

 بِهِ مِنْ سيُولِ الصيفِ بيضٌ أقرَّهَا ... جُبارٌ لِصُمِّ الصَخرِ فيهِ قَراقِرُ

 تبطَّنتُهُ بالقومِ لمْ يَهدِني لَهُ ... دليلٌ ولمْ يُثبِتْ لي النعتَ خابِرُ

 بهِ سمَلاتٌ مِنْ مياهٍ قديمةٍ ... موَارِدُهَا مَا إنْ لهُنَّ مَصادرُ

قال



العَبّاس بن مِرْداس

 لأسماءَ رَسمٌ أصبحَ اليومَ دارِسا ... وأقفرَ مِنهَا رحرَحانَ فَراكِسا

 فَجَنْبَي عَسيبٍ لا أرَى غيرَ ماثلٍ ... خلاءً منَ الآثارِ إَّلا الرَوامِسَا

 لَيَالِي سَلمَى لا أرَى مِثلَ دَلِّها ... دَلالاً وَأُنسًا يُهبِطُ العُصمَ آنِسا

 وأحسنَ عَهداً للمُلمِ ببيتِها ... ولا مَجلِساً فيهِ لِمِنْ كانَ جالِسا

 تضوَّعَ منهَا المِسكُ حتَّى كأنَّما ... تُرجِّلُ بالرَيْحَانِ رَطباً ويَابساً

 فدَعْها ولكِنْ قدْ أتَاهَا مُقادُنَا ... لأعدائِنَا نُزجِي الثِقالَ الكَوادِسا

 بجَمْعٍ يريدُ ابنَىْ صحارٍ كلَيهمَا ... وآلَ زُبيدٍ مُخطِئاً ومُلامِساً

 على قُلُصٍ نَعلُو بِهَا كُلَّ سَبْسَبٍ ... تَخالُ بِهِ الحرباءَ أشمَطَ جالِسا

 سمَوْنا لَهُمْ سَبْعاً وعشرينَ ليلةً ... نَجُوبُ من الأعراضِ قَفْراً بَسابِسا

 فبتنَا قُعُوداً في الحديدِ وأصبحُوا ... عَلَى الرُكباتِ يجْرُدُونَ الأيابِسا

 فلَمْ أرَ مثلَ الحيِّ حيّاً مُصَبِّحاً ... ولا مِثلَنا لمَّا التقينَا فَوارِسا

 أكرَّ أحمَى للحقيقَةِ مِنهُمُ ... وأضرَبَ منَّا بالسُيُوفِ القوانِسا

 إذَا مَا شدَدْنَا شدَّةً نصَبُوا لهَا ... صُدُورَ المذَاكِي والرِماحَ المَداعِسَا

 إذَا الخيلُ جالَتْ عن صرِيعٍ بكَرِّهَا ... عليهِمْ فمَا يَرْجِعنَ إلا عَوِابِسا

 نُطَاعِنُ عَنْ أحسابِنَا برِمَاحِنا ... ونضرِبُهُمْ ضَرْبَ المُذيِدِ الخَوامِسا

 وكنْتُ أمامَ القومِ أوَّلَ ضاربٍ ... وطاعَنْتُ إذْ كانَ الطِعانُ تَخالُسا

 فكانَ شُهُودِي مَعبدٌ ومُخَارقٌ ... وبشرٌ ومَا استشْهَدَتُ إلا الأكائِسا

 مَعي ابنَا صرِيمٍ دارعانِ كلاهُمَا ... وعُروةُ لولاهُمْ لقيتُ الدَهَارِسا

 ومَارَسَ زيدٌ ثمَّّ أقصَرَ مُهرُهُ ... وحُقَّ لَهُ في مِثلِهَا أنْ يُمارِسا

 وقُرَّةُ يحميِهمْ إذا مَا تبدَّدُوا ... ويَطعَنُهُمْ شَزراً فأَبْرحْتَ فَارِسا

 ولوْ ماتَ منهُمْ من جَرَحْنَا لأصبحَتْ ... ضباعٌ بأكنافِ الأراكِ عَرَاِئسا

 ولكنَّهُمْ في الفارسيِّ فلا يُرَى ... مِنَ القومِ إلا في المُضَاعَفِ لابِسا

 فإنْ يقتُلُوا مِنَّا كريماً فإنَّنَا ... أبأنَا بهِ قتلاُ يُذِلُّ المعَاطِسا

 قتَلْنَا بهِ في مُلتَقى الخيلِ خَمْسةً ... وقَاتِلَهُ زدنَا معَ الليلِ سادِسا

 وكُنَّا إذَا مَا الحربُ شَّبتْ نَشُبُّهَا ... ونَضرِبُ فيهَا الأبلَخَ المُتَقَاعِسا

 فأُبنَا وأَبْقَى طَعْنُنَا مِنْ رماحِنا ... مَطارِدَ خطِّيٍٍّ وحُمراً مَداعِسا

 وجُرداً كأنَّ الأُسدَ فوقَ مُتُونِها ... مِنَ القَومِ مرءُوساً وآخَرَ رَائِسا

قال

 عَمْرُو بن مَعدِيكَرِب

 أعدَدْتُ للحربِ فَضْفاضَةً ... دِلاصاً تَثَنَّى عَلَى الراهِشِ

 وأجرَدَ مُطَّرِداً كالرِشَاءِ ... وسيفَ سلامَةَ ذِي فائِشِ

 وذاتَ عِدادٍ لَهَا أزمَلٌ ... بَرَتْهَا رُماةُ بَني وابِشِ

 وكُلَّ نحيضٍ فتيقِ الغِرارِ ... عَزُوفٍ عَلَى ظُفُرِ الرائِشِ

 وأجرَدَ ساطٍ كشاةِ الإرَا ... نِ ريعَ فعَنَّ عَلَى الناجِشِ

 وآوَى إلَى فرعِ جُرثُومةٍ ... وعزَّ يَفُوتُ يَدَ الناهِشِ

 تمتَّعتُ ذاكَ وكُنتُ امرءًا ... أصُدُّ عَنِ الخَلَقِ الفاحِشِ

قال

 حُرْثان بن السَمَوأل

 وهو ذو الإْصَبع العَدْواني

 عَذِيرَ الحيّ مِنْ عَدْوا ... نَ كانُوا حَيَّةَ الأرضِ

 بَغَى بعضُهُمْ بَعضاً ... فلَمْ يُرعُوا عَلَى بَعضِ



ومنهُمْ كانَتِ السادَا ... تُ والمُوفُونَ بالقَرْضِ

 ومِنهُمْ حَكَمٌ يَقضِي ... فَلا يَنقُضُ مَا يَقضي

 ومنِهُمْ حامِلُ الناسِ ... علَى السُنَّةِ والفَرضِ

قال

 مالِك بن حَريم الهَمْداني

 جَزِعْتَ ولمْ تَجْزَعْ مِنَ الشَيْبِ مَجْزَعاً ... وقدْ فاتَ رِبْعيُّ الشَبابِ فَوَدَّعا

 ولاح بياضٌ في سوادٍ كَأنهُ ... صِوارٌ بجوٍّ كانَ جدْباً فأمْرَعَا

 وأقْبَلَ إخوانُ الصَفاءِ فأَوْضَعُوا ... إلى كلِّ أَحْوَى في المَقامةِ أفرَعا

 تذكَّرْتُ سلْمى والرِكابُ كأنَّها ... قطاً واردٌ بيْنَ اللِفاظِ ولَعْلَعا

 فَحدَّثْتُ نَفْسِي أَنَّها أو خيالَها ... أَتَانَا عِشاءً حينَ قُمْنَا لنْهَجَعا

 فقُلْتُ لَهَا بِيتِي لديْنا وَعَرِّسي ... ومَا طَرَقَتْ بعْدَ الرُقادِ لتَنْفَعا

 مُنعَّمةٌ لمْ تلْقَ في العيْشِ تَرْحَةً ... ولَمْ تلْق بُؤْساً عنْدَ ذاكَ فتَجْزَعا

 أهُمُّ بِهَا لمْ أقْضِ منْها لُبانَةً ... وكنْتُ بِها في سالف ِالدَهْرِ مُوزَعا

 كأنَّ جنَا الكافورِ والمِسكِ خالصاً ... وبَرْدَ النَدَى الُأقْحُوَانَ المُنزَّعا

 وقَلْتاً قَرَتْ فيهِ السحابَةُ ماءَها ... بأنْيابها والفارسيُّ المُشعشَعا

 وإِنِّي لأسْتَحْيِ منَ المشْيِ أبْتَغي ... إلى غيْرِ ذي المَجْدِ المُوثَّلِ مطْمَعا

 وَأكْزِِمُ نَفْسي عنْ أمورٍ كثيرةٍ ... حفاظاً وأَنْهى شُحَّها أنْ تطَلَّعا

 وآخُذُ للْمَوْلى إذا ضيمَ حقَّهُ ... منَ الأَعْيَطِ الآبي إذا مَا تمَنَّعا

 فإنْ يكُ شابَ الرأْسُ منِّي فإنَّني ... أتيْتُ علَى نَفْسي مناقِبَ أرْبَعا

 فَواحِدةٌ ألاَّ أبيتَ بِغِرَّةٍ ... إِذا مَا سوَامُ الحيِّ حوْلي تصَوَّعا

 وثانيةٌ ألاَّ أُصمِّتَ كلْبَنَا ... إذا نَزَلَ الاضْيافُ حِرْصاً لنودِعا

 وثالِثَةٌ ألاَّ تُقَذِّعَ جارَتي ... إذا كانَ جارُ القومِ فيهم مُقذَّعا

 ورابعةٌ ألاَّ أُخِجِّلَ قِدْرَنا ... على لَحْمِها حينَ الشتاءِ لِنشْبِعا

 وأنِّي لاُعْدي الخيلَ تقْرَعَُ بِالقَنَا ... حِفاظاً على المَوْلَى الجَديرِ ليُمْنَعا

قال مالك بن حريم أيضا

 ً

 ويَلْقَى سَقيطاً منْ نِعالٍ كثيرةٍ ... إذا خَدَمُ الأَرْساغِ يوماً تقطَّعا

 إذا ما بَعيرٌ قامَ عُلِّقَ رَحْلُهُ ... وإنْ هوَ أبْقَى الخَطْوَ صارَ مُقطَّعا

 نريدُ بَني الخَفْيانِ إنَّ دماءَهُمْ ... شِفاءٌ ومَا والَى زُبيْدٌ وجمَّعا

 يَقُودُ بأرْسانِ الجِيادِ سراتُنا ... ليَنْقَمْنَ وِتْراً أو ليَدْفَعْنَ مَدْفَعا

 ترى المُهْرةَ الرَوْعاءَ تنفُضُ رَأْسها ... كَلالاً وأيْناً والكُمَيْتَ المُقرَّعا

 وتخْلَعُ نَعْلَ العبْدِ منْ سوءِ قَوْدِهِ ... لكَيْما يكونَ العبْدُ للسهْلِ أَضْرَعا

 وقدْ وعدوهُ عُقْبَةً فمَشى لها ... فما نالَهَا حتَّى رأى الصُبْحُ أدْرَعا

 وأوْسَعْنَ عَقْيبْهِ دماءً فأصْبَحتْ ... أصابعُ رِجْليه رواعِفَ دُمَّعا

 طلَعْنَ هضاباً ثمَّ عالَيْنَ قُبَّةً ... وجاوَزْنَ خيفاً ثم أسهَلْنَ بَلْقعا

 ويَهْدي بي الخيْلَ المُغيرةَ نهدةٌ ... إذا ضرَبَتْ صابَتْ قوائِمَها معا

 إذَا وقعَتْ إحدَى يدَيْهَا بثبرَةٍ ... تجاوَبَ أثناءُ الثلاثِ بِدَعْدَعا

 فأصبحْنَ لَمْ يتركُنَ وِتْراً عَلِمنَهُ ... لِهمدانَ في سَعدٍ وأصبَحْنَ ظُلَّعا

 مُقرِّبَةً آذيْتُهَا وأفتلَيتُهَا ... لِتَشهَدَ غُنْماً أو لِتَدفَعَ مَدْفَعَا



تشكَّيْنَ مِنْ أعضادِها حِينَ مَشيِهَا ... أمِ القَضُّ مِنْ تَحْتِ الدَوابِرِ أَوْجَعَا

 ومنَّا رئيسٌ يُسْتضاءُ بنورِهِ ... سناءً وحِلْماً فيهِ فاجتَمَعا معَا

 وسارَعَ أقْوامٌ لمجْدٍ فقَصَّرُوا ... وقارَبَهَا زيدُ بنُ قيْسٍ فأسْرَعا

 ولا يَسْأَلُ الضَيْفُ الغَريبُ إذا شَتَا ... بمَا زَجَرَتْ قِدْرِي لَهُ حينَ ودَّعا

 فَإنْ يكُ غَثَّاً أوسَميناً فإننَّي ... سأجْعلُ عيْنَيْهِ لنَفْسهِ مَقْنَعا

 إذا حلَّ قومي كنتُ أوْسطَ دارِهمْ ... وَِلا أبْتَغي عندَ الثنيَّةِ مطْلَعا

قال

 يَزيْدُ بن الصَعِق

 وأنتمْ بتَمْرينِ السياطِ وأنتُمُ ... يشَنُّ عليكُمْ بالفَنَا كُلُّ مَرْبَعِ

 بَني أسدٍ ما تأْمُرُونَ بأمْرِكمْ ... إذا لَحقَتْ خيلٌ تثوبُ وتدَّعي

 فأجابَهُ الأسديُّ

 أعِبْتَ عَلَيْنا أنْ نُمرّنَ قِدَّنا ... وَمَنْ لايُمَرِّنْ قِدَّهُ يَتَقَطَّعِ

 فلا يُبْعِدِ الُله اليَمينَ الَّتي بِهَا ... بِرَأْسِكَ سيمَا الدَهْرِ مَا لَمْ تقنَّعِ

قال

 الَأجْدَعُ بن مالك الهَمْدانِي

 أسَأَلْتِني بِرَكاَئبٍ وَرِحَالِها ... ونَسيتِ قَتْلَ فَوارِسِ الأرْباعِ

 والحارِثَ بنَ يزيدَ ويْحَكِ أعْولي ... حُلْواً شمَائلهُ رحيبَ الباعِ

 ولَوَ أنَّني فوديتُهُ لَفَدَيتُهُ ... بأنامِلِي وأجَنَّهُ أضْلاعي

 تلكَ الرَزيَّةُ لا رَكَائبُ أُسْلِمَتْ ... برِحالِها مشْدَودةِِ الَأنْساعِ

 أبْلِغْ لديْكَ ابَا عُمَيْرٍ مُرْسلاً ... فلقدْ أنخْتَ بمَنْزلٍ جعجاعِ

 ولقد قتلْنَا منْ بَنيكَ ثلْثَةً ... فلْتنْزِعنَّ وأنْتَ غيرُ مُطاعِ

 تقْفو الجيادَ منَ البيوتِ ومنْ يَبِعْ ... فرساً فليْسَ جوادُنا بمباعِ

 إن الفوارِسَ قدْ علمتْ مكانَهُمْ ... فأنعَقْ بشَاتِكَ نَحْوَ أَهْلِ رِدَاعِ

 حيّانِ منْ قوْمي ومِنْ أعدائِهِمْ ... خفَضوا أسنَّتَهُم فكلُّ ناعِ

 والخيلُ تنْزو في الأعِنَّةِ بيْنَهُمْ ... نَزْوَ الظِباءِ تُحُوِّشَتْ بِالقاعِِ

قالت

 سُعدَى بنت الشَمَردَل الجهنية

 أمنَ الحوادِثِ والمَنونِ أروَّعُ ... وأبيتُ ليْلي كلَّهُ لاأهجَعُ

 وأبيتُ مُخْليَةً أُبكّي أسعداً ... ولِمثْلِهِ تبْكي العيونُ وتهْمعُ

 وتبيَّنُ العيْنُ الطليحةُ أنَّهَا ... تبْكي من الجزَعِ الدخيلِ وتدمَعُ

 ولَقَدْ بدا لي قبلُ فيما قدْ مضى ... وعلمْتُ ذاكَ لوَ أنَّ علْماً ينفعُ

 أنَّ الحوادثَ والمَنونَ كليهِما ... لا يُعْتِبانِ ولوْ بَكى منْ يجزَعُ

 ولقدْ علمْتُ بأنَّ كلَّ مؤَخَّرٍ ... يوماً سبيلَ الأَوَّلينَ سيتْبَعُ

 ولقدْ علمتُ لوَ أنَّ علْماً نافعٌ ... أنْ كُلُّ حيٍّ ذاهبٌ فمودِّعُ

 أفليْسَ فيمنْ قدْ مضى لي عِبْرةٌ ... هلَكوا وقدْ أيقَنْتُ أنْ لَنْ يرجعُوا

 ويْلُ أمِّ قتْلي بالرِصافِ لوَ أنَّهم ... بلَغُوا الرَجاءَ لِقَوْمِهمْ أوْ مُتِّعوا

 كمْ منْ جميعِ الشمْلِ ملْتَئِمِ الهَوى ... كانوا كذلكَ قبلَهمْ فتصدَّعُوا

 فلْتَبْكِ أَسْعَدَ فتْيةٌ بسَباسبٍ ... أقْوَوْا وأصبحَ زادهُمْ يتمرَّعُ

 جادَ أبنُ مجْدعةَ الكميُّ بنفسِهِ ... ولقدْ يرَى أنَّ المَكَرَّ لأشْنَعُ

 وَيْلُمِّهِ رجلاً يليذُ بظهرهِ ... إبلاً ونسَّألُ الفَيافي أرْوَعُ

 يردُ المياهَ حضيرَةً ونفيضَةً ... ورْدَ القَطاةِ إذا أسْمَأَلَّ التُبَّعُ



وبهِ إلى أخرى الصحابِ تلفُّتٌ ... وبهِ إلى المكروبِ جرْيٌ زَعْزَعُ

 ويكبِّرُ القِدْحَ العنودَ ويَعْتَلي ... بأُلَي الصحابِ إذا أصابَ الوعْوعُ

 سبَّاقُ عاديَةٍ وهادي سُرْبَةٍ ... ومقاتلٌ بطلٌ ودَاعٍ مِسْقَعُ

 ذهبَتْ بهِ بَهْزٌ فأصبحَ جدُّها ... يعْلو وأصْبحَ جدُّ قومِي يخْشَعُ

 أجعَلْتَ أسْعَدَ للرماحِ دريَّةً ... هبِلَتْكَ أمُّكَ أيَّ جرْدٍ ترْقَعُ

 يا مُطعمَ الركْبِ الجياعِ إذا همُ ... حثُّوا المطيَّ إلى العلَى وتسرَّعوا

 وتجاهَدُوا سيْراً فبعْضُ مطِيِّهمْ ... حسْرى مخَلِّفةٌ وبعْضٌ ظُلَّعُ

 جوّابُ أوديةٍ بغيرِ صحابةٍ ... كشَّافُ داريِّ الظلامِ مشيَّعُ

 هذا على إثْرِ الَّذي هوّ قبْلهُ ... وهوَ المنايَا والسبيلُ المهْيَعُ

 هذا اليقينُ فكيفَ أنسَى فقدَهُ ... إنْ رابَ دهرٌ أوْ نَبا بِيَ مضجعُ

 إنْ تأتِهِ بعدَ الهُدوِّ لحاجةٍ ... تدعو يُجبْكَ لها نجيبٌ أرْوَعُ

 متحلِّبُ الكفَّيْنِ أمْيثُ بارِعٌ ... أنقٌ طُوالُ الساعديْنِ سميْدَعُ

 سمْحٌ إذا ما الشَوْلُ حارَدَ رسْلُها ... واسْتَرْوحَ المرَقَ النساءُ الجوَّعُ

 منْ بعدَ أسعدَ إذْ فُجِعْتُ بيَوْمِهِ ... والموتُ ممَّا قد يريبُ و يفْجعُ

 فوَددْتُ لوْ قُبِلَتْ بأسْعدَ فديةٌ ... ممَّا يضنُّ بهِ المُصابُ الموجَعُ

 غادرتْهُ يومَ الرصافِ مجدَّلاً ... خبَرٌ لعمْرُكَ يومَ ذلكْ أشْنَعُ

قال  مُشَعَّث

وهو رجل من بني عامر

 باصْرٍ يتَّرِكْني الحيُّ يوْماً ... رهينَةَ دراهمْ وهُمُ سِراعُ

 تمَتَّعْ يا مُشَعَّثُ إنَّ شيئاً ... سبَقْتَ بهِ الوفاةَ هوَ المَتاعُ

 وجاءَتْ جيأَلٌ وأبُو أَبيها ... أحمُّ المأْقيَيْنِ بهِ خُماعُ

 فظلاّا ينْشِبانِ التُرْبَ عَنِّي ... وما أنَا ويْبِ غيْرِكَ والسَماعُ







أهلا وسهلا

رحـلات وجـولات ورسائل لا تنـتهى للعقـل والـروح وأحـيانا للجـسـد عــبر نـوافــذ الادراك المعـروفـة والمجهولة تتـخطـى المكان والـزمان تـخـوض بحـار العـلم و تـكشـف أسـرار المـعرفة حربـا علـى الظــلام والتحاقا بالنـور بحـثا عـن الخيــر والجـمـال ووصــولا الى الـحـق